شرح حديث
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
لمَّا وقَعَتِ الفِتنةُ بيْن المسلمينَ بعدَ مَقتَلِ الخليفةِ الراشدِ عُثمانَ بنِ عفَّانَ رضِيَ اللهُ عنه، اجتهَدَ بعضُ كِبارِ الصحابةِ في شأْنِها، ورأى كلٌّ منهم الصوابَ في جِهَةٍ مُعيَّنةٍ، وأرادوا بذلك الإصلاحَ بيْن الطائفتينِ المُتنازعتَينِ، ومِن هؤلاء أُمُّ المؤمنينَ عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها؛ فيَرْوي التابعيُّ قَيسُ بنُ أبي حازمٍ البَجَليُّ: "لَمَّا أقبَلَتْ عائشةُ"، أي: خرَجَت مِن المدينةِ تُجاهَ علِيِّ بنِ أبي طالبٍ وجيشِه، وكان ذلك للخُروجِ إلى البصرةِ سَنةَ سِتٍّ وثَلاثينَ، "بلَغَتْ مِياهَ بني عامرٍ لَيلًا، نبَحَتِ الكِلابُ"، أي: صاحَتِ الكلابُ بأصواتِها المرتفعةِ، "قالت: أيُّ ماءٍ هذا؟ قالوا: ماءُ الحَوأَبِ" وهو بِئرُ ماءٍ بيْن مكَّةَ والبَصرةِ، "قالت: ما أظُنُّني إلَّا أنِّي راجعةٌ"، أي: راجعةٌ إلى المدينةِ، "فقال بعضُ القومِ مَن كان معها: بلْ تَقْدَمِينَ، فيَراكِ المسلِمون، فيُصلِحُ اللهُ عزَّ وجلَّ ذاتَ بيْنهم"، وهذا اجتِهادٌ منهم جميعًا، وظَنٌّ بأنَّ المسلِمين المتنازعينَ سَيَرجِعون إلى التَّوافُقِ إذا رأَوْا عائشةَ أمَّ المُؤمنِينَ رضِيَ اللهُ عنها، "قالتْ: إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّمَ قال لها ذاتَ يومٍ: كيف بإحداكُنَّ تَنبَحُ عليها كلابُ الحَوأَبِ؟" وهذا إخبارٌ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بذلك قبْلَ حُصولِه، وهو مِن مُعجِزاتِ النُّبوَّةِ، وكأنَّهٌ إنذارٌ لِمَا ستَجِدُ نفْسَها فيه؛ فحدَثَتْ مَوقعةُ الجَملِ، والتي كانتْ بيْن جيشِ علِيٍّ وجَيشِ عائِشةَ، وطَلحةَ بنِ عُبيدِ اللهِ، والزُّبَيرِ بنِ العوَّامِ -رضِيَ اللهُ عنهم جميعًا- على بابِ البَصرةِ، وقد نَدِمَتْ عائشةُ على ذلك، ولكنَّها ما فعَلَتْه إلَّا مُتَأوِّلةً، قاصِدةً لِلْخَيرِ، كما اجْتهَدَ طَلحةُ بنُ عُبَيدِ اللهِ، والزُّبَيرُ بنُ العَوَّامِ، وجماعةٌ مِنَ الكِبارِ، رضِيَ اللهُ عنِ الجَميعِ، وغفَرَ لهم .
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم