شرح حديث
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
لقد أخبَرَ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ بأحداثِ آخِرِ الزَّمانِ قَبلَ قِيامِ السَّاعَةِ، وبيَّنَ للأمَّةِ الفِتنَ العظيمةَ التي ستُحدِقُ بالنَّاسِ، وكيف يَفعَلون في هذه المِحَنِ وأرشدَهم إلى كَيفيةِ الحِماية منها.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: "يُبايَعُ لرَجُلٍ"،
أي: يُبايَعُ له بالخِلافَةِ، وقيل: إنَّ هذا الرَّجُلَ هو المَهديُّ الذي سيَخرُجُ في آخِرِ الزَّمانِ، "بين الرُّكنِ والمَقامِ"، والرُّكنُ هو الحَجَرُ الأسوَدُ، والمَقامُ هو مَقامُ إبراهيمَ عليه السَّلامُ، "ولن يَستَحِلَّ البَيتَ إلَّا أهْلُه"،
أي: لمَّا يُبايَعُ لهذا الرَّجُلِ بالخِلافَةِ، فإنَّ المُسلِميَن سوف يَبعَثون إليه جَيشًا؛ لقِتالِه هو ومَن معه؛ فيكونوا بذلك قد استَحَلُّوا البَيتَ، "فإذا استَحَلُّوه، فلا تَسأَلْ عن هَلَكةِ العَرَبِ" عِقابًا لهم على استِحلالِهم لِحُرمَةِ البَيتِ، ولعلَّ هذا العِقابَ هو الذي ورَدَ في الحديثِ الذي خرَّجَه البُخاريُّ عن عائشةَ رضِيَ
اللهُ عنها، قالت: قال رسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: «
يَغزو جَيشٌ الكَعبَةَ، فإذا كانوا ببَيْداءَ من الأرضِ، يُخسَفُ بأوَّلِهم وآخِرِهم»؛ فيكونُ هذا الخَسْفُ هو الهَلَاكُ الذي ذُكِرَ في الحَديثِ، أو يكونُ هلاكٌ سيَحدُثُ لهم على أيدي غَيرِهم من الأُمَمِ، وهو ما ذُكِرَ بعدَ ذلك في قَولِ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: "ثم تَأتي الحَبَشةُ فيُخرِّبونه"،
أي: البَيتَ، "خَرابًا لا يَعمُرُ بعدَه أبدًا"، وهذا الخَرابُ سوف يكونُ على يَدِ رَجُلٍ يُدعى ذو السُّوَيقتَينِ، كما جاءَ في الحَديثِ الذي خرَّجَه البُخاريُّ عن أبي هُرَيرَةَ رضِيَ
اللهُ عنه، عن النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "يُخرِّبُ الكَعبَةَ ذو السُّوَيقتَينِ من الحَبَشةِ"، ويكونُ ذلك في آخِرِ الزَّمانِ عندَ قُربِ السَّاعَةِ، "وهم"،
أي: الحَبَشةُ "الذين يَستَخرِجونَ كَنزَه"، وكَنزُ الكَعبَةِ هو كَنزٌ مَدفونٌ تحتَ الكَعبَةِ، قيل: إنَّه كَنزٌ مَخلوقٌ فيها، وقيل: بل هو ما يَجمَعُه أهلُ السَّدانَةِ من الهَدايا؛ فكانوا يَجعَلونَه تحتَ الكَعبَةِ.
ولا يُعارِضُ هذا قَولَه تَعالى:
{ أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا } [
القصص: 57 ]؛ لأنَّ مَعناهُ آمِنًا إلى قُربِ القِيامَةِ وخَرابِ الدُّنيا، وقيل: يُخصُّ منه قِصَّةُ ذي السُّوَيقتَينِ، أو أنَّه تَعالى جعَلَه حَرَمًا آمِنًا باعتِبارِ غالبِ الأحْوالِ، كما يَدُلُّ عليه قَضيَّةُ ابنِ الزُّبَيرِ، وقِصَّةُ القَرامطَةِ ونحوُها، والمُرادُ بجَعْلِه حَرَمًا آمِنًا أنَّه حُكمٌ أنَّ على المُسلِمينَ أنْ يُؤمِّنوا النَّاسَ، ولا يَتَعرَّضوا لأحَدٍ فيه، وقيل: إنَّ ذلك لا يتعارَضُ معَ قَولِه تَعالى:
{ حَرَمًا آمِنًا }؛ لأنَّ خرابَ البَيتِ يكونُ في وَقتٍ ليسَ به مُسلِمٌ واحدٌ على وَجهِ الأرضِ.
وفي الحديثِ: بيانُ بَعضِ دَلائلِ نُبوَّتِه الشَّريفةِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ
( ).
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم