شرح حديث
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
اللهُ عزَّ وجلَّ هو خالِقُ كلِّ شيءٍ ومُقدِّرُه، وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: "إنَّ
اللهَ خلَقَ كلَّ صانعٍ وصَنْعتَه"؛ فهو خالِقٌ للفِعلِ وللفاعلِ، ولِقُدرةِ الفاعلِ وقُوَّتِه التي حصَلَت الصَّنعةُ بها، فلا يستطيعُ الصانعُ أنْ يَصنَعَ شيئًا إلَّا إذا أرادَ
اللهُ عزَّ وجلَّ إيجادَ هذا الشيءِ؛ فالمرادُ بالصَّنعةِ هنا: العمَلُ الذي يعملُهُ العبدُ، حركاتُه وسكونُه، سواء كانَ عمَلًا جَسديًّا أو كانَ عمَلًا قلبيًّا، كما قال تعالى:
{ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } [
الصافات: 96 ]، وقال أيضًا:
{ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ } [
الزمر: 62 ]، ف
اللهُ سُبحانه وتَعالى مُنزَّهٌ عن الظُّلمِ، ومُتَّصِفٌ بالعدْلِ؛ فقدْ جعَلَ للإنسانِ إرادةً، وقُدرةً، واختِيارًا، ومَشيئةً، وهَبَها
اللهُ له لِتَكونَ أفعالُه منه حَقيقةً، ثمَّ إنَّ الإنسانَ فعَلَ الأفعالَ المتنوِّعةَ: مِن طاعةٍ ومَعصيةٍ، بقُدْرتِه وإرادتِه اللَّتينِ خلَقَهما
اللهُ فيه.
والحاصلُ: أنَّ العمَلَ يكونُ مُسنَدًا إلى العبْدِ مِن حيث إنَّ له قُدرةً عليه، وهو المسمَّى بالكسْبِ، ويكونُ العمَلُ مُسنَدًا إلى
اللهِ تعالى مِن حيث إنَّ وُجودَهُ واقعٌ بخلْقِ
اللهِ له وإرادتِه؛ فله جِهتانِ بإحداهما يُنْفى الجبْرُ، وبالأخرى يُنْفى القدَرُ، وإسنادُه إلى
اللهِ حَقيقةٌ، وإلى العبْدِ عادةٌ، وهي صِفةٌ يَترتَّبُ عليها الأمْرُ والنَّهيُ، والفِعلُ والتَّركُ؛ فكلُّ ما أُسنِدَ مِن أفعالِ العِبادِ إلى
اللهِ تعالى فهو بالنَّظرِ إلى تأْثيرِ القُدرةِ، ويُقال له: الخلْقُ، وما أُسنِدَ إلى العبْدِ إنَّما يَحصُلُ بتَقديرِ
اللهِ تعالى، ويُقالُ له: الكسْبُ، وعليه يقَعُ المدْحُ والذَّمُّ، كما يُذَمُّ المشوَّهُ الوجْهِ، ويُحمَدُ الجَميلُ الصُّورةِ، وأمَّا الثَّوابُ أو العِقابُ فهو عَلامةٌ، والعبْدُ إنَّما هو مِلكٌ للهِ يَفعَلُ فيه ما يَشاءُ.
وعقيدةُ أهلِ السُّنَّةِ في ذلك أنَّ
اللهَ قدَّرَ جميعَ أفعالِ العِبادِ؛ خَيرِها وشَرِّها، وعَلِمَ ما هم صائرونَ إليه، وكتَب كلَّ ذلك في اللَّوحِ المحفوظِ .
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم