﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا﴾
[ الطلاق: 1]

سورة : الطلاق - At-Talaq  - الجزء : ( 28 )  -  الصفحة: ( 558 )

O Prophet (SAW)! When you divorce women, divorce them at their 'Iddah (prescribed periods), and count (accurately) their 'Iddah (periods). And fear Allah your Lord (O Muslims), and turn them not out of their (husband's) homes, nor shall they (themselves) leave, except in case they are guilty of some open illegal sexual intercourse. And those are the set limits of Allah. And whosoever transgresses the set limits of Allah, then indeed he has wronged himself. You (the one who divorces his wife) know not, it may be that Allah will afterward bring some new thing to pass (i.e. to return her back to you if that was the first or second divorce).


فطلّـقوهن لعدتهنّ : مُستقـبلاتٍ لعدتهنّ (الــّطهْر)
أحصوا العدّة : اضبطوها و أكمِلوها ثلاثة قروء
بفاحشة مبَيّـنة : بمعصيةٍ كبيرةٍ ظاهرة

يا أيها النبي إذا أردتم- أنت والمؤمنون- أن تطلِّقوا نساءكم فطلقوهن مستقبلات لعدتهن -أي في طهر لم يقع فيه جماع، أو في حَمْل ظاهر- واحفظوا العدة؛ لتعلموا وقت الرجعة إن أردتم أن تراجعوهن، وخافوا الله ربكم، لا تخرجوا المطلقات من البيوت التي يسكنَّ فيها إلى أن تنقضي عدتهن، وهي ثلاث حيضات لغير الصغيرة والآيسة والحامل، ولا يجوز لهن الخروج منها بأنفسهن، إلا إذا فعلن فعلة منكرة ظاهرة كالزنى، وتلك أحكام الله التي شرعها لعباده، ومن يتجاوز أحكام الله فقد ظلم نفسه، وأوردها مورد الهلاك. لا تدري- أيها المطلِّق-: لعل الله يحدث بعد ذلك الطلاق أمرًا لا تتوقعه فتراجعها.

ياأيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم - تفسير السعدي

يقول تعالى مخاطبًا لنبيه صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين:{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ }- أي: أردتم طلاقهن { فـ } التمسوا لطلاقهن الأمر المشروع، ولا تبادروا بالطلاق من حين يوجد سببه، من غير مراعاة لأمر الله.بل { طَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ }- أي: لأجل عدتهن، بأن يطلقها زوجها وهي طاهر، في طهر لم يجامعها فيه، فهذا الطلاق هو الذي تكون العدة فيه واضحة بينة، بخلاف ما لو طلقها وهي حائض، فإنها لا تحتسب تلك الحيضة، التي وقع فيها الطلاق، وتطول عليها العدة بسبب ذلك، وكذلك لو طلقها في طهر وطئ فيه، فإنه لا يؤمن حملها، فلا يتبين و [لا] يتضح بأي عدة تعتد، وأمر تعالى بإحصاء العدة،- أي: ضبطها بالحيض إن كانت تحيض، أو بالأشهر إن لم تكن تحيض، وليست حاملاً، فإن في إحصائها أداء لحق الله، وحق الزوج المطلق، وحق من سيتزوجها بعد، [وحقها في النفقة ونحوها] فإذا ضبطت عدتها، علمت حالها على بصيرة، وعلم ما يترتب عليها من الحقوق، وما لها منها، وهذا الأمر بإحصاء العدة، يتوجه [للزوج] وللمرأة، إن كانت مكلفة، وإلا فلوليها، وقوله: { وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ }- أي: في جميع أموركم، وخافوه في حق الزوجات المطلقات، فـ { لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ } مدة العدة، بل يلزمن بيوتهن الذي طلقها زوجها وهي فيها.{ وَلَا يَخْرُجْنَ }- أي: لا يجوز لهن الخروج منها، أما النهي عن إخراجها، فلأن المسكن، يجب على الزوج للزوجة ، لتكمل فيه عدتها التي هي حق من حقوقه.وأما النهي عن خروجها، فلما في خروجها، من إضاعة حق الزوج وعدم صونه.ويستمر هذا النهي عن الخروج من البيوت، والإخراج إلى تمام العدة.{ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ }- أي: بأمر قبيح واضح، موجب لإخراجها، بحيث يدخل على أهل البيت الضرر من عدم إخراجها، كالأذى بالأقوال والأفعال الفاحشة، ففي هذه الحال يجوز لهم إخراجها، لأنها هي التي تسببت لإخراج نفسها، والإسكان فيه جبر لخاطرها، ورفق بها، فهي التي أدخلت الضرر على نفسها ، وهذا في المعتدة الرجعية، وأما البائن، فليس لها سكنى واجبة، لأن السكن تبع للنفقة، والنفقة تجب للرجعية دون البائن، { وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ } [أي:] التي حددها لعباده وشرعها لهم، وأمرهم بلزومها، والوقوف معها، { وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ } بأن لم يقف معها، بل تجاوزها، أو قصر عنها، { فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ }- أي: بخسها حظها، وأضاع نصيبه من اتباع حدود الله التي هي الصلاح في الدنيا والآخرة.
{ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا }- أي: شرع الله العدة، وحدد الطلاق بها، لحكم عظيمة: فمنها: أنه لعل الله يحدث في قلب المطلق الرحمة والمودة، فيراجع من طلقها، ويستأنف عشرتها، فيتمكن من ذلك مدة العدة، أولعله يطلقها لسبب منها، فيزول ذلك السبب في مدة العدة، فيراجعها لانتفاء سبب الطلاق.ومن الحكم: أنها مدة التربص، يعلم براءة رحمها من زوجها.

تفسير الآية 1 - سورة الطلاق

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

ياأيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن : الآية رقم 1 من سورة الطلاق

 سورة الطلاق الآية رقم 1

ياأيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم - مكتوبة

الآية 1 من سورة الطلاق بالرسم العثماني


﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحۡصُواْ ٱلۡعِدَّةَۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ رَبَّكُمۡۖ لَا تُخۡرِجُوهُنَّ مِنۢ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخۡرُجۡنَ إِلَّآ أَن يَأۡتِينَ بِفَٰحِشَةٖ مُّبَيِّنَةٖۚ وَتِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَقَدۡ ظَلَمَ نَفۡسَهُۥۚ لَا تَدۡرِي لَعَلَّ ٱللَّهَ يُحۡدِثُ بَعۡدَ ذَٰلِكَ أَمۡرٗا  ﴾ [ الطلاق: 1]


﴿ ياأيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ﴾ [ الطلاق: 1]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة الطلاق At-Talaq الآية رقم 1 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 1 من الطلاق صوت mp3


تدبر الآية: ياأيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم

يتجلَّى في هذه السورة وما فيها من أحكام حرصُ الإسلام على المرأة وحفظِ حقوقها، ورعاية فطرتها وحاجاتها، على نحوٍ لم تعرفه شريعةٌ أخرى ولا قانون! لا ينبغي أن يكونَ الطلاق عن نَزوة أو غَضبة أو تعجُّل، ولكنَّه قرارٌ خطير لمصير أسرة يجب التأنِّي فيه، واتخاذُه عن تدبُّر وتعقُّل.
ظُلم الرجل لزوجته إنما هو ظلمٌ لنفسه؛ لأنه تعدٍّ على حدود الله تعالى، والظلمُ ظلماتٌ يوم القيامة، فإيَّاك وإياه.
لا تتعجَّل أيها المسلمُ في قطع حبالك مع الآخرين، فلعلَّ الله يُحدث بعد الخلاف أمرًا من تقليب القلوب من بُغض إلى محبَّة، ومن غضب إلى رضًا.
قد تستغرق النفسُ البشرية اللحظةَ الحاضرة بآلامها وأحزانها، فتعيشُ في سجن الحاضر وكأنه قضاءُ الأبد الدائم، وما هذا إلا وهمٌ يجب التحرُّر من قيوده.

مقدمة وتمهيد 1- سورة «الطلاق» من السور المدنية الخالصة، وقد سماها عبد الله بن مسعود بسورة النساء القصرى، أما سورة النساء الكبرى فهي التي بعد سورة آل عمران.
وكان نزولها بعد سورة «الإنسان» وقبل سورة «البينة» ، وترتيبها بالنسبة للنزول:السادسة والتسعون، أما ترتيبها بالنسبة لترتيب المصحف، فهي السورة الخامسة والستون.
2- وعدد آياتها إحدى عشرة آية في المصحف البصري، وفيما عداه اثنتا عشرة آية.
3- ومعظم آياتها يدور حول تحديد أحكام الطلاق، وما يترتب عليه من أحكام العدة، والإرضاع، والإنفاق، والسكن، والإشهاد على الطلاق، وعلى المراجعة.
وخلال ذلك تحدثت السورة الكريمة حديثا جامعا عن وجوب تقوى الله-تبارك وتعالى- وعن مظاهر قدرته، وعن حسن عاقبة التوكل عليه، وعن يسره في تشريعاته، وعن رحمته بهذه الأمة حيث أرسل فيها رسوله صلى الله عليه وسلم ليتلو على الناس آيات الله-تبارك وتعالى- ويخرجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان بإذنه- سبحانه - وقد افتتحت بقوله-تبارك وتعالى-.
افتتح الله - تعالى - السورة الكريمة بتوجيه النداء إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فقال : { ياأيها النبي إِذَا طَلَّقْتُمُ النسآء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُواْ العدة } .
وأحكام الطلاق التى وردت فى هذه الآية ، تشمل النبى - صلى الله عليه وسلم - كما تشمل جميع المكلفين من أمته - صلى الله عليه وسلم - .
وإنما كان النداء له - صلى الله عليه وسلم - وكان الخطاب بالحكم عاما له ولأمته ، تشريفا وتكريما له - صلى الله عليه وسلم - لأنه هو المبلغ للناس ، وهو إمامهم وقدوتهم لأحكام الله - تعالى - فيهم .
قال صاحب الكشاف : خُصَّ النبى - صلى الله عليه وسلم - بالنداء ، وعُمًّ بالخطاب ، لأن النبى - صلى الله عليه وسلم - إمام أمته وقدوتهم ، كما يقال لرئيس القوم وكبيرهم : يا فلان : افعلوا كيت وكيت ، وإظهارا لتقدمه ، واعتبارا لترؤسه ، وأنه مِدْرة قومه ولسانهم - والمدرة : القرية .
أى : أنه بمنزلة القرية لقومه ، وأنه الذى يصدرون عن رأيه ، ولا يستبدون بأمر دونه ، فكان هو وحده فى حكم كلهم ، وساد مسد جميعهم .
وهذا التفسير الذى اقتصر عليه صاحب الكشاف ، هو المعول عليه ، وهو الذى يناسب بلاغة القرآن وفصاحته ، ويناسب مقام النبى - صلى الله عليه وسلم - .
وقيل : الخطاب له ولأمته : والتقدير : يأيها النبى وأمته إذا طلقتم ، فحذف المعطوف لدلالة ما بعده عليه .
وقيل : هو خطاب لأمته فقط ، بعد ندائه - عليه السلام - وهو من تلوين الخطاب ، خاطب أمته بعد أن خاطبه .
وقيل : إن الكلام على إضمار قول ، أى : يأيها النبى قل لأمتك إذا طلقتم .
والحق أن الذى يتدبر القرآن الكريم ، يرى أن الخطاب والأحكام المترتبة عليه ، تارة تكون خاصة به - صلى الله عليه وسلم - كما فى قوله - تعالى - : { ياأيها الرسول بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ } وتارة يكون شاملا له - صلى الله عليه وسلم - ولأمته كما فى هذه الآية التى معنا ، وكما فى قوله - تعالى - : { ياأيها النبي جَاهِدِ الكفار والمنافقين واغلظ عَلَيْهِمْ } وتارة يكون - صلى الله عليه وسلم - خارجا عنه كما فى قوله - تعالى - : { إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الكبر أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً واخفض لَهُمَا جَنَاحَ الذل مِنَ الرحمة وَقُل رَّبِّ ارحمهما كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً } فصيغة الخطاب هنا وإن كانت موجهة إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - إلا إنه ليس داخلا فيها ، لأن والديه لم يكونا موجودين عند نزول هاتين الآيتين .
والمراد بقوله : { إِذَا طَلَّقْتُمُ النسآء } أى : إذا أردتم تطليقهن ، لأن طلاق المطلقة من باب تحصيل الحاصل .
وهذا الأسلوب يرد كثيرا فى القرآن الكريم ، ومنه قوله - تعالى - : { يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصلاة فاغسلوا وُجُوهَكُمْ .. } أى : إذا أردتم القيام للصلاة فاغسلوا .
والمراد بالنساء هنا : الزوجات المدخول بهن ، لأن غير المدخول بهن خرجن بقوله - تعالى - : { ياأيها الذين آمنوا إِذَا نَكَحْتُمُ المؤمنات ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا } واللام فى قوله - سبحانه - : فطلقوهن لعدتهن ، هى التى تسمى بلام التوقيت ، وهى بمعنى عند ، أو بمعنى فى ، كما يقول القائل : كتبت هذا الكتاب لعشر مضين من شهر كذا .
ومنه قوله - تعالى - : { أَقِمِ الصلاة لِدُلُوكِ الشمس .. } أى عند أو فى وقت دلوكها .
وقوله : { وَأَحْصُواْ العدة } من الإحصاء بمعنى العد والضبط ، وهو مشتق من الحصى ، وهى من صغار الحجارة ، لأن العرب كانوا إذا كثر عدد الشىء ، جعلوا لكل واحد من المعدود حصاة ، ثم عدوا مجموع ذلك الحصى .
والمراد به هنا : شدة الضبط ، والعناية بشأن العد ، حتى لا يحصل خطأ فى وقت العدة .
والمعنى : يأيها النبى ، أخبر المؤمنين ومرهم ، إذا أرادوا تطليق نسائهم المدخول بهن ، من المعتدات بالحيض ، فعليهم أن يطلقوهن فى وقت عدتهن .
وعليهم كذلك أن يضبطوا أيام العدة ضبطا تاما حتى لا يقع فى شأنها خطأ أو لبس .
قال الإمام ابن كثير ما ملخصه : خوطب النبى - صلى الله عليه وسلم - أولا تشريفا وتكريما ، ثم خاطب الأمة تبعا ، فقال : { ياأيها النبي إِذَا طَلَّقْتُمُ النسآء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُواْ العدة .. } .
روى ابن أبى حاتم عن أنس قال : طلق النبى - صلى الله عليه وسلم - حفصة ، فأتت أهلها ، فأنزل الله - تعالى - هذه الآية .
وقيل له : راجعها فإنها صوامة قوامة ، وهى من أزواجك فى الجنة .
وروى البخارى أن عبد الله بن عمر ، طلق امرأة له وهى حائض ، فذكر عمر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك ، فتغيظ - صلى الله عليه وسلم - ثم قال : فليراجعها ، ثم يمسكها حتى تطهر ، ثم تحيض فتطهر ، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا قبل أن يمسها ، فتلك العدى التى أمر الله - تعالى - .
ثم قال - رحمه الله - : ومن ها هنا أخذ الفقهاء أحكام الطلاق ، وقسموه إلى طلاق سنة ، وطلاق بدعة .
فطلاق السنة : أن يطلقها طاهرا من غير جماع ، أو حاملا قد استبان حملها .
والبدعى : هو أن يطلقها فى حال الحيض ، - وما يشبهه كالنفاس - ، أو فى طهر قد جامعها فيه ، ولا يدرى أحملت أم لا؟ .
وتعليق { طَلَّقْتُمُ } بإذا الشرطية ، يشعر بأن الطلاق خلاف الأصل ، إذ الأصل فى الحياة الزوجية أن تقوم على المودة والرحمة ، وعلى الدوام والاستقرار .
قال - تعالى - : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لتسكنوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ... } قال القرطبى : روى الثعلبى من حديث ابن عمر قال : قال رسول - صلى الله عليه وسلم - " إن من أبغض الحلال إلى الله الطلاق " .
وعن أبى موسى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تطلقوا النساء إلا من ريبة فإن الله - عز وجل - لا يحب الذواقين ولا الذواقات " .
وعن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما حلف بالطلاق ، ولا استحلف به إلا منافق " .
والمراد بالأمر فى قوله - تعالى - : { فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } إرشاد المؤمنين إلى ما يجب عليهم اتباعه إذا ما أرادوا مفارقة أزواجهم ، ونهيهم عن إيقاع الطلاق فى حال الحيض أو ما يشبهها كالنفاس ، لأن ذلك يكون طلاقا بديعا محرما ، إذ يؤدى إلى تطويل عدة المرأة لأن بقية أيام الحيض لا تحسب من العدة ، ويؤدى - أيضا - إلى عدم الوفاء لها ، حيث طلقها فى وقت رغبته فيها فاترة .
ولكن الطلاق مع ذلك يعتبر واقعا ونافذا عند جمهور العلماء .
قال القرطبى : من طلق فى طهر لم يجامع فيه ، نفذ طلاقه وأصاب السنة ، وإن طلقها وهى حائض نفذ طلاقه وأخطأ السنة .
وقال سعيد بن المسبب : لا يقع الطلاق فى الحيض لأنه خلاف السنة ، وإليه ذهبت الشيعة .
وفى الصحيحين عن عبد الله بن عمر قال : " طلقت امرأتى وهى حائض ، فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتغيظ وقال : فليراجعها ثم فليمسكها حتى تحيض حيضة مستقبلة سوى حيضتها التى طلقها فيها " .
وكان عبد الله بن عمر قد طلقها تطليقة ، فحسبت من طلاقها ، وراجعها عبد الله بن عمر كما أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وفى رواية أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال له : " هى واحدة " وهذا نص .
وهو يرد على الشيعة قولهم .
وقد بسط الفقهاء وبعض المفسرين الكلام فى هذه المسألة فليرجع إليها من شاء .
والمخاطب بقوله { وَأَحْصُواْ العدة } الأزواج على سبيل الأصالة ، لأنهم هم المخاطبون بقوله { طَلَّقْتُمُ } وبقوله { فَطَلِّقُوهُنَّ } ، ويدخل معهم الزوجات على سبيل التبع ، وكذلك كل من له صلة بهذا الحكم ، وهو إحصاء العدة .
ثم أمر - سبحانه - بتقواه فقال : { واتقوا الله رَبَّكُمْ } أى ، واتقوا الله ربكم ، بأن تصونوا أنفسم عن معصيته ، التى من مظاهرها إلحاق الضرر بأزواجكم ، بتطليقهن فى وقت حيضهن .
أو فى غير ذلك من الأوقات المنهى عن وقوع الطلاق فيها .
فالمقصود بهذه الجملة الكريمة : التحذير من التساهل فى أحكام الطلاق والعدة ، كما كان أهل الجاهلية يفعلون .
وجمع - سبحانه - بين لفظ الجلالة ، وبين الوصف بربكم ، لتأكيد الأمر بالتقوى ، وللمبالغة فى وجوب المحافظة على هذه الأحكام .
ثم بين - سبحانه - حكما آخر يتعلق بالأزواج والزوجات فقال : { لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ } .
والجملة الكريمة مستأنفة ، أو حال من ضمير { وَأَحْصُواْ العدة } أى : حالة كون العدة فى بيوتهن ، والخطاب للأزواج ، والزوجات ، والاستثناء مفرغ من أعم الأحوال والأساليب .
والفاحشة : الفعلة البالغة الغاية فى القبح والسوء ، وأكثر إطلاقها على الزنا .
وقوله : { مُّبَيِّنَةٍ } صفة للفاحشة ، وقراءة الجمهور - بكسر الياء - أى : بفاحشة توضح لمن تبلغه أنها فاحشة لشدة قبحها .
وقرأ ابن كثير { مُّبَيَّنَةٍ } بفتح الياء - أى : بفاحشة قامت الحجة على مرتكيبيها قياما لا مجال معه للمناقشة أو المجادلة .
أى : واتقوا الله ربكم - أيها المؤمنون - فيما تأتون وتذرون ، ومن مظاهر هذه التقوى ، أنكم لا تخرجون زوجاتكم المطلقات من مساكنهن إلى أن تنقضى عدتهن ، وهن - أيضا - لا يخرجن منها بأنفسهن فى حال من الأحوال ، إلا فى حال إتيانهن بفاحشة عظيمة ثبتت عليهن ثبوتا واضحا .
فالمقصود بالجملة الكريمة نهى الأزواج عن إخراج المطلقات المعتدات من مساكنهن عند الطلاق إلى أن تنتهى عدتهن ، ونهى المعتدات عن الخروج منها إلا عند اتركابهن الفاحشة الشديدة القبح .
وأضاف - سبحانه - البيوت إلى ضمير النساء فقال : { لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ } للإشعار بأن استحقاقهن للمكث فى بيوت أزواجهن مدة عدتهن كاستحقاق المالك لما يملكه ، ولتأكيد النهى عن الإخراج والخروج .
وقد أخذ العلماء من هذه الآية الكريمة ، أن المطلقة لا يصح إخراجها أو خروجها من بيت الزوجية ما دامت فى عدتها ، إلا لأمر ضرورى .
قال الألوسى ما ملخصه : وقوله : { لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ } أى : من مساكنهن عند الطلاق إلى أن تنقضى عدتهن ... وعدم العطف للإيذان باستقلاله بالطلب اعتناء به ، والنهى عن الإخراج يتناول بمنطوقة عدم إخراجهن غضبا عليهن ، أو كراهة لمساكنتهن ... ويتناول بإشارته عدم الإذن لهن بالخروج ، لأن خروجهن محرم ، لقوله - تعالى - : { وَلاَ يَخْرُجْنَ } فكأنه قيل : لا تخرجوهن ، ولا تأذنوا لهن فى الخروج إذا طلبن ذلك ، ولا يخرجن بأنفسهن إن أردن ، فهناك دلالة على أن سكونهن فى البيوت حق للشرع مؤكد ، فلا يسقط بالإذن ... وهذا رأى الأحناف .
ومذهب الشافعية أنهما لو اتفقا على الانتقال جاز .
إذ الحق لا يعدوهما ، فيكون المعنى : لا تخرجوهن ولا يخرجن باستبدادهن .
والاستثناء فى قوله : { إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ } يرى بعضهم أنه راجع إلى { وَلاَ يَخْرُجْنَ } فتكون الفاحشة المبينة هى نفس الخروج قبل انقضاء العدة ، أى : لا يطلق لهن فى الخروج ، إلا فى الخروج الذى هو فاحشة ، ومن المعلوم أنه لا يطلق لهن فيه ، فيكون ذلك منعا من الخروج على أبلغ وجه .. .
كما يقال لا تزن إلا أن تكون فاسقا ...وقال بعض العلماء : والذى تخلص لى أن حكمة السكنى للمطلقة ، أنها حفظ للأعراض ، فإن المطلقة يكثر التفات العيون لها ، وقد يتسرب سوء الظن إليها ، فيكثر الاختلاف عليها ، ولا تجد ذا عصمة يذب عنها ، فلذلك شرعت لها السكنى ، فلا تخرج إلا لحاجياتها الضرورية ...ومن الحكم - أيضا - فى ذلك أن المطلقة قد لا تجد مسكنا ، لأن غالب النساء لم تكن لهن أموال ، وإنما هن عيال على الرجال .
ويزاد فى المطلقة الرجعية ، قصد استبقاء الصلة بينها وبين مطلقها ، لعله يثوب إليه رشده فيراجعها .
فهذا مجموع علل ، فإذا تخلفت واحدة منها لم يتخلف الحكم ، لأن الحكم المعلل بعلتين فأكثر لا يبطله سقوط بعضها .
واسم الإشارة فى قوله : { وَتِلْكَ حُدُودُ الله } يعود إلى الأحكام التى سبق الحديث عنها ، والحدود : جمع حد ، وهو مالا يصح تجاوزه أو الخروج عنه .
أى : وتلك الأحكام التى بيناها لكم ، هى حدود الله - تعالى - التى لا يصح لم تعديها أو تجاوزها ، وإنما يجب عليكم الوقوف عندها ، وتنفيذ ما اشتملت عليه من آداب وهدايات .
ثم بين - سبحانه - سوء عاقبة من يتجاوز حدوده فقال : { وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ الله فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } أى : ومن يتجاوز حدود الله التى حدها لعباده ، بأن أخل بشىء منها ، فقد حمل نفسه وزرا ، وأكسبها إثما ، وعرضها للعقوبة والعذاب .
وقوله - تعالى - : { لاَ تَدْرِى لَعَلَّ الله يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً } ترغيب فى امتثال الأحكام السابقة ، بعد أن سلك فى شأنها مسلك الترهيب من مخالفتها ، ودعوة إلى فتح باب المصالحة بين الرجل وزوجه ، وعدم السير فى طريق المفارقة حتى النهاية ..والخطاب لكل من يصلح له ، أو هو للمتعدى بطريق الالتفات ، والجملة الكريمة مستأنفة ، مسوقة لتعليل مضمون ما قبلها ، وتفصيل لأحواله .
أى : اسلك - أيها المسلم - الطريق الذى أرشدناك إليه فى حياتك الزوجية ، وامتثل ما أمرناك به ، فلا تطلق امرأتك وهى حائض ، ولا تخرجها من بيتها قبل تمام عدتها ... ولا تقفل باب المصالحة بينك وبينها ، بل اجعل باب المصالح مفتوحا ، فإنك لا تدرى لعل الله - تعالى - يحدث بعد ذلك النزاع الذى نشب بينك وبين زوجك أمرا نافعا لك ولها ، بأن يحول البغض إلى حب ، والخصام إلى وفاق ، والغضب إلى رضا ...فالجملة الكريمة قد اشتملت على أسمى ألوان الإرشاد لحمل النفوس المتجهة نحو الطلاق ... إلى التريث والتعقل ، وفتح باب المواصلة بعد المقاطعة والتقارب بعد التباعد ، لأن تقليب القلوب بيد الله - عز وجل - وليس بعيدا عن قدرته - تعالى - تحويل القلوب إلى الحب بعد البغض .
قال القرطبى : الأمر الذى يحدثه الله أن يقلب قلبه من بغضها إلى محبتها ، ومن الرغبة عنها إلى الرغبة فيها ، ومن عزيمة الطلاق إلى الندم عليه ، فيراجعها .
وقال جميع المفسرين : أراد بالأمر هنا الرغبة فى الرجعة ..
سورة الطلاقمدنية في قول الجميعوهي إحدى عشرة آية ، أو اثنتا عشرة آيةبسم الله الرحمن الرحيمياأيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرافيه أربع عشرة مسألة :الأولى : قوله تعالى : يا أيها النبي إذا طلقتم النساء الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، خوطب بلفظ الجماعة تعظيما وتفخيما .
وفي سنن ابن ماجه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق حفصة رضي الله عنها ثم راجعها .
وروى قتادة عن أنس قال : طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة رضي الله عنها فأتت أهلها ، فأنزل الله تعالى عليه : يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن .
وقيل له : " راجعها فإنها قوامة صوامة ، وهي من أزواجك في الجنة " .
ذكره الماوردي والقشيري والثعلبي .
زاد القشيري : ونزل في خروجها إلى أهلها قوله تعالى : لا تخرجوهن من بيوتهن .
وقال الكلبي : سبب نزول هذه الآية غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم على حفصة ، لما أسر إليها حديثا فأظهرته لعائشة فطلقها تطليقة ، فنزلت الآية .
وقال السدي : نزلت في عبد الله بن عمر ، طلق امرأته حائضا تطليقة واحدة فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يراجعها ثم يمسكها حتى تطهر وتحيض ثم تطهر ، فإذا أراد أن يطلقها فليطلقها حين تطهر من قبل أن يجامعها .
فتلك العدة التي أمر الله تعالى أن يطلق لها النساء .
وقد قيل : إن رجالا فعلوا مثل ما فعل عبد الله بن عمر ، منهم عبد الله بن عمرو بن العاص ، وعمرو بن سعيد بن العاص ، وعتبة بن غزوان ، فنزلت الآية فيهم .
قال ابن العربي : وهذا كله وإن لم يكن صحيحا فالقول الأول أمثل .
والأصح فيه أنه بيان لشرع مبتدأ .
وقد قيل : إنه خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد أمته .
وغاير بين اللفظين من حاضر وغائب وذلك لغة فصيحة ، كما قال : حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة .
تقديره : يا أيها النبي قل لهم إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن .
وهذا هو قولهم : إن الخطاب له وحده والمعنى له وللمؤمنين .
وإذا أراد الله بالخطاب المؤمنين لاطفه بقوله : " يا أيها النبي " .
فإذا كان الخطاب باللفظ والمعنى جميعا له قال : يا أيها الرسول .
قلت : ويدل على صحة هذا القول نزول العدة في أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية .
ففي كتاب أبي داود عنها أنها طلقت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن للمطلقة عدة ، فأنزل الله تعالى حين طلقت أسماء بالعدة للطلاق ، فكانت أول من أنزل فيها العدة للطلاق .
وقيل : المراد به نداء النبي صلى الله عليه وسلم تعظيما ، ثم ابتدأ فقال : إذا طلقتم النساء ; كقوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام الآية .
فذكر المؤمنين على معنى تقديمهم وتكريمهم ; ثم افتتح فقال : إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام الآية .
الثانية : روى الثعلبي من حديث ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن من أبغض الحلال إلى الله تعالى الطلاق " .
وعن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تزوجوا ولا تطلقوا ؛ فإن الطلاق يهتز منه العرش " .
وعن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تطلقوا النساء إلا من ريبة ؛ فإن الله عز وجل لا يحب الذواقين ولا الذواقات " .
وعن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما حلف بالطلاق ولا استحلف به إلا منافق " .
أسند جميعه الثعلبي رحمه الله في كتابه .
وروى الدارقطني قال : حدثنا أبو العباس محمد بن موسى بن علي الدولابي ويعقوب بن إبراهيم قالا : حدثنا الحسن بن عرفة قال : حدثنا إسماعيل بن عياش عن حميد بن مالك اللخمي عن مكحول عن معاذ بن جبل قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا معاذ ، ما خلق الله شيئا على وجه الأرض أحب إليه من العتاق ، ولا خلق الله شيئا على وجه الأرض أبغض من الطلاق .
فإذا قال الرجل لمملوكه : أنت حر إن شاء الله ، فهو حر ولا استثناء له .
وإذا قال الرجل لامرأته : أنت طالق إن شاء الله فله استثناؤه ولا طلاق عليه " .
حدثنا محمد بن موسى بن علي قال : حدثنا حميد بن الربيع قال : حدثنا يزيد بن هارون حدثنا إسماعيل بن عياش بإسناده نحوه .
قال حميد : قال لي يزيد بن هارون : وأي حديث لو كان حميد بن مالك معروفا ؟ قلت : هو جدي .
قال يزيد : سررتني سررتني ! الآن صار حديثا .
حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن سنين حدثنا عمر بن إبراهيم بن خالد حدثنا حميد بن مالك اللخمي حدثنا مكحول عن مالك بن يخامر عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أحل الله شيئا أبغض إليه من الطلاق ، فمن طلق واستثنى فله ثنياه " .
قال ابن المنذر : اختلفوا في الاستثناء في الطلاق والعتق ; فقالت طائفة : ذلك جائز .
وروينا هذا القول عن طاوس .
وبه قال حماد الكوفي والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي .
ولا يجوز الاستثناء في الطلاق في قول مالك والأوزاعي .
وهذا قول قتادة في الطلاق خاصة .
قال ابن المنذر : وبالقول الأول أقول .
الثالثة : روى الدارقطني من حديث عبد الرزاق أخبرني عمي وهب بن نافع قال : سمعت عكرمة يحدث عن ابن عباس يقول : الطلاق على أربعة وجوه : وجهان حلالان ووجهان حرامان ; فأما الحلال فأن يطلقها طاهرا عن غير جماع وأن يطلقها حاملا مستبينا حملها .
وأما الحرام فأن يطلقها وهي حائض ، أو يطلقها حين يجامعها ، لا تدري اشتمل الرحم على ولد أم لا .
الرابعة : قوله تعالى : فطلقوهن لعدتهن في كتاب أبي داود عن أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية أنها طلقت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن للمطلقة عدة ، فأنزل الله سبحانه حين طلقت أسماء بالعدة للطلاق ; فكانت أول من أنزل فيها العدة للطلاق .
وقد تقدم .
الخامسة : قوله تعالى : " لعدتهن " يقتضي أنهن اللاتي دخل بهن من الأزواج ; لأن غير المدخول بهن خرجن بقوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها .
السادسة : من طلق في طهر لم يجامع فيه نفذ طلاقه وأصاب السنة .
وإن طلقها حائضا نفذ طلاقه وأخطأ السنة .
وقال سعيد بن المسيب في أخرى : لا يقع الطلاق في الحيض لأنه خلاف السنة .
وإليه ذهبت الشيعة .
وفي الصحيحين - واللفظ للدارقطني - عن عبد الله بن عمر قال : طلقت امرأتي وهي حائض ; فذكر ذلك عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ; فتغيظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " ليراجعها ثم ليمسكها حتى تحيض حيضة مستقبلة سوى حيضتها التي طلقها فيها ، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا من حيضتها قبل أن يمسها ، فذلك الطلاق للعدة كما أمر الله " .
وكان عبد الله بن عمر طلقها تطليقة ، فحسبت من طلاقها وراجعها عبد الله بن عمر كما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم .
في رواية عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : هي واحدة .
وهذا نص .
وهو يرد على الشيعة قولهم .
السابعة : عن عبد الله بن مسعود قال : طلاق السنة أن يطلقها في كل طهر تطليقة ; فإذا كان آخر ذلك فتلك العدة التي أمر الله تعالى بها .
رواه الدارقطني عن الأعمش عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله .
قال علماؤنا : طلاق السنة ما جمع شروطا سبعة : وهو أن يطلقها واحدة ، وهي ممن تحيض ، طاهرا ، لم يمسها في ذلك الطهر ، ولا تقدمه طلاق في حيض ، ولا تبعه طلاق في طهر يتلوه ، وخلا عن العوض .
وهذه الشروط السبعة من حديث ابن عمر المتقدم .
وقال الشافعي : طلاق السنة أن يطلقها في كل طهر خاصة ، ولو طلقها ثلاثا في طهر لم يكن بدعة .
وقال أبو حنيفة : طلاق السنة أن يطلقها في كل طهر طلقة .
وقال الشعبي : يجوز أن يطلقها في طهر جامعها فيه .
فعلماؤنا قالوا : يطلقها واحدة في طهر لم يمس فيه ، ولا تبعه طلاق في عدة ، ولا يكون الطهر تاليا لحيض وقع فيه الطلاق ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ، ثم إن شاء أمسك وإن شاء طلق .
فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء " .
وتعلق الإمام الشافعي بظاهر قوله تعالى : فطلقوهن لعدتهن وهذا عام في كل طلاق كان واحدة أو اثنتين أو أكثر .
وإنما راعى الله سبحانه الزمان في هذه الآية ولم يعتبر العدد .
وكذلك حديث ابن عمر لأن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الوقت لا العدد .
قال ابن العربي : وهذه غفلة عن الحديث الصحيح ; فإنه قال : " مره فليراجعها " وهذا يدفع الثلاث .
وفي الحديث أنه قال : " أرأيت لو طلقها ثلاثا ؟ قال : حرمت عليك وبانت منك بمعصية " .
وقال أبو حنيفة : ظاهر الآية يدل على أن الطلاق الثلاث والواحدة سواء .
وهو مذهب الشافعي لولا قوله بعد ذلك : لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا .
وهذا يبطل دخول الثلاث تحت الآية .
وكذلك قال أكثر العلماء ; وهو بديع لهم .
وأما مالك فلم يخف عليه إطلاق الآية كما قالوا ، ولكن الحديث فسرها كما قلنا .
وأما قول الشعبي : إنه يجوز طلاق في طهر جامعها فيه ، فيرده حديث ابن عمر بنصه ومعناه .
أما نصه فقد قدمناه ، وأما معناه فلأنه إذا منع من طلاق الحائض لعدم الاعتداد به ، فالطهر المجامع فيه أولى بالمنع ; لأنه يسقط الاعتداد به مخافة شغل الرحم وبالحيض التالي له .
قلت : وقد احتج الشافعي في طلاق الثلاث بكلمة واحدة بما رواه الدارقطني عن سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه أن عبد الرحمن بن عوف طلق امرأته تماضر بنت الأصبغ الكلبية وهي أم أبي سلمة ثلاث تطليقات في كلمة واحدة ; فلم يبلغنا أن أحدا من أصحابه عاب ذلك .
قال : وحدثنا سلمة بن أبي سلمة عن أبيه أن حفص بن المغيرة طلق امرأته فاطمة بنت قيس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث تطليقات في كلمة ; فأبانها منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم عاب ذلك عليه .
واحتج أيضا بحديث عويمر العجلاني لما لاعن قال : يا رسول الله ، هي طالق ثلاث .
فلم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم .
وقد انفصل علماؤنا عن هذا أحسن انفصال .
بيانه في غير هذا الموضع .
وقد ذكرناه في كتاب ( المقتبس من شرح موطأ مالك بن أنس ) .
وعن سعيد بن المسيب وجماعة من التابعين أن من خالف السنة في الطلاق فأوقعه في حيض أو ثلاث لم يقع ; فشبهوه بمن وكل بطلاق السنة فخالف .
الثامنة : قال الجرجاني : اللام في قوله تعالى : " لعدتهن " بمعنى في ; كقوله تعالى : هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر .
أي في أول الحشر .
فقوله : لعدتهن أي في عدتهن ; أي في الزمان الذي يصلح لعدتهن .
وحصل الإجماع على أن الطلاق في الحيض ممنوع وفي الطهر مأذون فيه .
ففيه دليل على أن القرء هو الطهر .
وقد مضى القول فيه في " البقرة " فإن قيل : معنى فطلقوهن لعدتهن أي في قبل عدتهن ، أو لقبل عدتهن .
وهي قراءة النبي صلى الله عليه وسلم ; كما قال ابن عمر في صحيح مسلم وغيره .
فقبل العدة آخر الطهر حتى يكون القرء الحيض ، قيل له : هذا هو الدليل الواضح لمالك ومن قال بقوله ; على أن الأقراء هي الأطهار .
ولو كان كما قال الحنفي ومن تبعه لوجب أن يقال : إن من طلق في أول الطهر لا يكون مطلقا لقبل الحيض ; لأن الحيض لم يقبل بعد .
وأيضا إقبال الحيض يكون بدخول الحيض ، وبانقضاء الطهر لا يتحقق إقبال الحيض .
ولو كان إقبال الشيء إدبار ضده لكان الصائم مفطرا قبل مغيب الشمس ; إذ الليل يكون مقبلا في إدبار النهار قبل انقضاء النهار .
ثم إذا طلق في آخر الطهر فبقية الطهر قرء ، ولأن بعض القرء يسمى قرءا لقوله تعالى : الحج أشهر معلومات يعني شوالا وذا القعدة وبعض ذي الحجة ; لقوله تعالى : فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه وهو ينفر في بعض اليوم الثاني .
وقد مضى هذا كله في " البقرة " مستوفى .
التاسعة : قوله تعالى : " وأحصوا العدة " يعني في المدخول بها ; لأن غير المدخول بها لا عدة عليها ، وله أن يراجعها فيما دون الثلاث قبل انقضاء العدة ، ويكون بعدها كأحد الخطاب .
ولا تحل له في الثلاث إلا بعد زوج .
العاشرة : قوله تعالى : وأحصوا العدة معناه احفظوها ; أي احفظوا الوقت الذي وقع فيه الطلاق ، حتى إذا انفصل المشروط منه وهو الثلاثة قروء في قوله تعالى : والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء حلت للأزواج .
وهذا يدل على أن العدة هي الأطهار وليست بالحيض .
ويؤكده ويفسره قراءة النبي صلى الله عليه وسلم " لقبل عدتهن " وقبل الشيء بعضه لغة وحقيقة ، بخلاف استقباله فإنه يكون غيره .
الحادية عشرة : من المخاطب بأمر الإحصاء ؟ وفيه ثلاث أقوال : أحدها : أنهم الأزواج .
الثاني : أنهم الزوجات .
الثالث : أنهم المسلمون .
ابن العربي : والصحيح أن المخاطب بهذا اللفظ الأزواج ; لأن الضمائر كلها من " طلقتم " و " أحصوا " و " لا تخرجوهن " على نظام واحد يرجع إلى الأزواج ، ولكن الزوجات داخلة فيه بالإلحاق بالزوج ; لأن الزوج يحصي ليراجع ، وينفق أو يقطع ، وليسكن أو يخرج وليلحق نسبه أو يقطع .
وهذه كلها أمور مشتركة بينه وبين المرأة ، وتنفرد المرأة دونه بغير ذلك .
وكذلك الحاكم يفتقر إلى الإحصاء للعدة للفتوى عليها ، وفصل الخصومة عند المنازعة فيها .
وهذه فوائد الإحصاء المأمور به .
الثانية عشرة : قوله تعالى : واتقوا الله ربكم أي لا تعصوه .
لا تخرجوهن من بيوتهن أي ليس للزوج أن يخرجها من مسكن النكاح ما دامت في العدة ، ولا يجوز لها الخروج أيضا لحق الزوج إلا لضرورة ظاهرة ، فإن خرجت أثمت ولا تنقطع العدة .
والرجعية والمبتوتة في هذا سواء .
وهذا لصيانة ماء الرجل .
وهذا معنى إضافة البيوت إليهن ; كقوله تعالى : واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة ، وقوله تعالى : وقرن في بيوتكن فهو إضافة إسكان وليس إضافة تمليك .
وقوله : لا تخرجوهن يقتضي أن يكون حقا في الأزواج .
ويقتضي قوله : " ولا يخرجن " أنه حق على الزوجات .
وفي صحيح الحديث عن جابر بن عبد الله قال : طلقت خالتي فأرادت أن تجد نخلها فزجرها رجل أن تخرج ; فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " بلى فجدي نخلك ، فإنك عسى أن تصدقي أو تفعلي معروفا " .
خرجه مسلم .
ففي هذا الحديث دليل لمالك والشافعي وابن حنبل والليث على قولهم : إن المعتدة تخرج بالنهار في حوائجها ، وإنما تلزم منزلها بالليل .
وسواء عند مالك كانت رجعية أو بائنة .
وقال الشافعي في الرجعية : لا تخرج ليلا ولا نهارا ، وإنما تخرج نهارا المبتوتة .
وقال أبو حنيفة : ذلك في المتوفى عنها زوجها ، وأما المطلقة فلا تخرج لا ليلا ولا نهارا .
والحديث يرد عليه .
وفي الصحيحين أن أبا حفص بن عمرو خرج مع علي بن أبي طالب إلى اليمن ، فأرسل إلى امرأته فاطمة بنت قيس بتطليقة كانت بقيت من طلاقها ، وأمر لها الحارث بن هشام وعياش بن أبي ربيعة بنفقة ; فقالا لها : والله ما لك من نفقة إلا أن تكوني حاملا .
فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له قولهما .
فقال : " لا نفقة لك " فاستأذنته في الانتقال فأذن لها ; فقالت : أين يا رسول الله ؟ فقال : " إلى ابن أم مكتوم " ، وكان أعمى تضع ثيابها عنده ولا يراها .
فلما مضت عدتها أنكحها النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد .
فأرسل إليها مروان قبيصة بن ذؤيب يسألها عن الحديث ، فحدثته .
فقال مروان : لم نسمع هذا الحديث إلا من امرأة ، سنأخذ بالعصمة التي وجدنا الناس عليها .
فقالت فاطمة حين بلغها قول مروان : فبيني وبينكم القرآن ، قال الله عز وجل : لا تخرجوهن من بيوتهن الآية ، قالت : هذا لمن كانت له رجعة ; فأي أمر يحدث بعد الثلاث ؟ فكيف تقولون : لا نفقة لها إذا لم تكن حاملا ، فعلام تحبسونها ؟ لفظ مسلم .
فبين أن الآية في تحريم الإخراج والخروج إنما هو في الرجعية .
وكذلك استدلت فاطمة بأن الآية التي تليها إنما تضمنت النهي عن خروج المطلقة الرجعية ; لأنها بصدد أن يحدث لمطلقها رأي في ارتجاعها ما دامت في عدتها ; فكأنها تحت تصرف الزوج في كل وقت .
وأما البائن فليس له شيء من ذلك ; فيجوز لها أن تخرج إذا دعتها إلى ذلك حاجة ، أو خافت عورة منزلها ; كما أباح لها النبي صلى الله عليه وسلم ذلك .
وفي مسلم : قالت فاطمة : يا رسول الله ، زوجي طلقني ثلاثا وأخاف أن يقتحم علي .
قال : فأمرها فتحولت .
وفي البخاري عن عائشة أنها كانت في مكان وحش فخيف على ناحيتها ; فلذلك أرخص النبي صلى الله عليه وسلم لها .
وهذا كله يرد على الكوفي قوله .
وفي حديث فاطمة : أن زوجها أرسل إليها بتطليقة كانت بقيت من طلاقها ; فهو حجة لمالك وحجة على الشافعي .
وهو أصح من حديث سلمة بن أبي سلمة عن أبيه أن حفص بن المغيرة طلق امرأته ثلاث تطليقات في كلمة ; على ما تقدم .
الثالثة عشرة : قوله تعالى : إلا أن يأتين بفاحشة مبينة قال ابن عباس وابن عمر والحسن والشعبي ومجاهد : هو الزنى ; فتخرج ويقام عليها الحد .
وعن ابن عباس أيضا والشافعي : أنه البذاء على أحمائها ; فيحل لهم إخراجها .
وروي عن سعيد بن المسيب أنه قال في فاطمة : تلك امرأة استطالت على أحمائها بلسانها فأمرها عليه السلام أن تنتقل .
وفي كتاب أبي داود قال سعيد : تلك امرأة فتنت الناس ، إنها كانت لسنة فوضعت على يدي ابن أم مكتوم الأعمى .
قال عكرمة : في مصحف أبي " إلا أن يفحشن عليكم " .
ويقوي هذا أن محمد بن إبراهيم بن الحارث روى أن عائشة قالت لفاطمة بنت قيس : اتقي الله فإنك تعلمين لم أخرجت ؟ وعن ابن عباس أيضا : الفاحشة كل معصية كالزنى والسرقة والبذاء على الأهل .
وهو اختيار الطبري .
وعن ابن عمر أيضا والسدي : الفاحشة خروجها من بيتها في العدة .
وتقدير الآية : إلا أن يأتين بفاحشة مبينة بخروجهن من بيوتهن بغير حق ; أي لو خرجت كانت عاصية .
وقال قتادة : الفاحشة النشوز ، وذلك أن يطلقها على النشوز فتتحول عن بيته .
قال ابن العربي : أما من قال : إنه الخروج للزنى ; فلا وجه له ; لأن ذلك الخروج هو خروج القتل والإعدام : وليس ذلك بمستثنى في حلال ولا حرام .
وأما من قال : إنه البذاء ; فهو مفسر في حديث فاطمة بنت قيس .
وأما من قال : إنه كل معصية ; فوهم لأن الغيبة ونحوها من المعاصي لا تبيح الإخراج ولا الخروج .
وأما من قال : إنه الخروج بغير حق ; فهو صحيح .
وتقدير الكلام : لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن شرعا إلا أن يخرجن تعديا .
الرابعة عشرة : قوله تعالى : وتلك حدود الله أي هذه الأحكام التي بينها أحكام الله على العباد ، وقد منع التجاوز عنها ، فمن تجاوز فقد ظلم نفسه وأوردها مورد الهلاك .
لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا الأمر الذي يحدثه الله أن يقلب قلبه من بغضها إلى محبتها ، ومن الرغبة عنها إلى الرغبة فيها ، ومن عزيمة الطلاق إلى الندم عليه ; فيراجعها .
وقال جميع المفسرين : أراد بالأمر هنا الرغبة في الرجعة .
ومعنى القول : التحريض على طلاق الواحدة والنهي عن الثلاث ; فإنه إذا طلق أضر بنفسه عند الندم على الفراق والرغبة في الارتجاع ، فلا يجد عند الرجعة سبيلا .
وقال مقاتل : بعد ذلك أي بعد طلقة أو طلقتين أمرا أي المراجعة من غير خلاف .


شرح المفردات و معاني الكلمات : النبي , طلقتم , النساء , فطلقوهن , لعدتهن , أحصوا , العدة , اتقوا , الله , ربكم , تخرجوهن , بيوتهن , يخرجن , يأتين , بفاحشة , مبينة , وتلك , حدود , الله , يتعد , حدود , الله , ظلم , نفسه , تدري , لعل , الله , يحدث , أمرا ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم

  1. تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير
  2. وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين
  3. وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم
  4. وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين
  5. ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين
  6. أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم
  7. ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون
  8. وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون
  9. وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون
  10. إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى

تحميل سورة الطلاق mp3 :

سورة الطلاق mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الطلاق

سورة الطلاق بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة الطلاق بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة الطلاق بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة الطلاق بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة الطلاق بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة الطلاق بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة الطلاق بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة الطلاق بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة الطلاق بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة الطلاق بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Saturday, December 21, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب