﴿ ۞ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا﴾
[ الإسراء: 23]

سورة : الإسراء - Al-Isra  - الجزء : ( 15 )  -  الصفحة: ( 284 )

And your Lord has decreed that you worship none but Him. And that you be dutiful to your parents. If one of them or both of them attain old age in your life, say not to them a word of disrespect, nor shout at them but address them in terms of honour.


قضى ربّك : أمر و ألزم و حَكَم
أفّ : كلمة تضجُّر و كراهيّة و تبرّم
لا تنهرهما : لا تزجرهما عمّا لا يعجبك
قولا كريما : حسنا جميلا ليّنا

وأَمَر ربك -أيها الإنسان- وألزم وأوجب أن يفرد سبحانه وتعالى وحده بالعبادة، وأمر بالإحسان إلى الأب والأم، وبخاصة حالةُ الشيخوخة، فلا تضجر ولا تستثقل شيئًا تراه من أحدهما أو منهما، ولا تسمعهما قولا سيئًا، حتى ولا التأفيف الذي هو أدنى مراتب القول السيئ، ولا يصدر منك إليهما فعل قبيح، ولكن ارفق بهما، وقل لهما -دائما- قولا لينًا لطيفًا.

وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر - تفسير السعدي

لما نهى تعالى عن الشرك به أمر بالتوحيد فقال: { وَقَضَى رَبُّكَ } قضاء دينيا وأمر أمرا شرعيا { أَنْ لَا تَعْبُدُوا } أحدا من أهل الأرض والسماوات الأحياء والأموات.{ إِلَّا إِيَّاهُ } لأنه الواحد الأحد الفرد الصمد الذي له كل صفة كمال، وله من تلك الصفة أعظمها على وجه لا يشبهه أحد من خلقه، وهو المنعم بالنعم الظاهرة والباطنة الدافع لجميع النقم الخالق الرازق المدبر لجميع الأمور فهو المتفرد بذلك كله وغيره ليس له من ذلك شيء.ثم ذكر بعد حقه القيام بحق الوالدين فقال: { وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا }- أي: أحسنوا إليهما بجميع وجوه الإحسان القولي والفعلي لأنهما سبب وجود العبد ولهما من المحبة للولد والإحسان إليه والقرب ما يقتضي تأكد الحق ووجوب البر.{ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا }- أي: إذا وصلا إلى هذا السن الذي تضعف فيه قواهما ويحتاجان من اللطف والإحسان ما هو معروف.
{ فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ } وهذا أدنى مراتب الأذى نبه به على ما سواه، والمعنى لا تؤذهما أدنى أذية.{ وَلَا تَنْهَرْهُمَا }- أي: تزجرهما وتتكلم لهما كلاما خشنا، { وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا } بلفظ يحبانه وتأدب وتلطف بكلام لين حسن يلذ على قلوبهما وتطمئن به نفوسهما، وذلك يختلف باختلاف الأحوال والعوائد والأزمان.

تفسير الآية 23 - سورة الإسراء

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين : الآية رقم 23 من سورة الإسراء

 سورة الإسراء الآية رقم 23

وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر - مكتوبة

الآية 23 من سورة الإسراء بالرسم العثماني


﴿ ۞ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنًاۚ إِمَّا يَبۡلُغَنَّ عِندَكَ ٱلۡكِبَرَ أَحَدُهُمَآ أَوۡ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفّٖ وَلَا تَنۡهَرۡهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوۡلٗا كَرِيمٗا  ﴾ [ الإسراء: 23]


﴿ وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما ﴾ [ الإسراء: 23]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة الإسراء Al-Isra الآية رقم 23 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 23 من الإسراء صوت mp3


تدبر الآية: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر

أوَّل ما يُؤمَر به العبدُ هو إخلاص العبادة لله، فذاك الإخلاصُ في المعتقد هو أصلُ إصلاح العمل.
إذا أردتَّ أن تعرفَ عظمةَ الوالدين فانظُر كيف قرَن الله حقَّه بحقِّهما، فالله أنعمَ عليك بنعمة الإيجاد، ووالداك أنعما عليك بنعمة التربية والإيلاد.
لا تقُل لوالديك أدنى كلمةٍ يمكن أن تغضبَهما، ولا تسكُت بين أيديهما إن كان سكوتُك لا يُرضيهما.
قال ابنُ عَقيل: ( من أحسَنِ ظنِّي بربِّي أنه بلغَ من لطفه أن وصَّى بي ولدِي إذا كبِرتُ، فقال: ﴿فلا تقُل لهما أُفٍّ﴾ ).
كم كنتَ ضعيفًا حتى قويتَ في كنَف والدَيك! أفتدعُهما وهما بأمسِّ الحاجة إليك؟

ثم أتبع- سبحانه - الأمر بوحدانيته، بالأمر بالإحسان إلى الوالدين فقال:وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً.
أى: وقضى- أيضا- بأن تحسنوا- أيها المخاطبون- إلى الوالدين إحسانا كاملا لا يشوبه سوء أو مكروه.
وقرأ ابن كثير وابن عامر بالفتح دون تنوين، والباقون بالكسر بدون تنوين.. .
وقوله وَلا تَنْهَرْهُما من النهر بمعنى الزجر، يقال نهر فلان فلانا إذا زجره بغلظة.
والمعنى: كن- أيها المخاطب- محسنا إحسانا تاما بأبويك.
فإذا ما بلغ عِنْدَكَ أى: في رعايتك وكفالتك أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما سن الكبر والضعف فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ أى: قولا يدل على التضجر منهما والاستثقال لأى تصرف من تصرفاتهما.
قال البيضاوي: والنهى عن ذلك يدل على المنع من سائر أنواع الإيذاء قياسا بطريق الأولى، وقيل عرفا كقولك: فلان لا يملك النقير والقطمير- فإن هذا القول يدل على أنه لا يملك شيئا قليلا أو كثيرا .
وقوله وَلا تَنْهَرْهُما أى: ولا تزجرهما عما يتعاطيانه من الأفعال التي لا تعجبك.
فالمراد من النهى الأول: المنع من إظهار التضجر منهما مطلقا.
والمراد من النهى الثاني: المنع من إظهار المخالفة لهما على سبيل الرد والتكذيب والتغليظ في القول.
والتعبير بقوله: عِنْدَكَ يشير إلى أن الوالدين قد صارا في كنف الابن وتحت رعايته، بعد أن بلغ أشده واستوى، وبعد أن أصبح مسئولا عنهما، بعد أن كانا هما مسئولين عنه.
قال صاحب الكشاف: فإن قلت: ما معنى عِنْدَكَ قلت هو أن يكبرا ويعجزا، وكانا كلّا على ولدهما لا كافل لهما غيره، فهما عنده في بيته وكنفه، وذلك أشق عليه وأشد احتمالا وصبرا، وربما تولى منهما ما كانا يتوليانه منه في حالة الطفولة، فهو مأمور بأن يستعمل معهما وطاءة الخلق، ولين الجانب، حتى لا يقول لهما إذا أضجره ما يستقذر منهما، أو يستثقل من مؤنهما: أف، فضلا عما يزيد عليه .
والتقييد بحالة الكبر في قوله-تبارك وتعالى-: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ جرى مجرى الغالب، إذ أنهما يحتاجان إلى الرعاية في حالة الكبر، أكثر من احتياجهما إلى ذلك في حالة قوتهما وشبابهما، وإلا فالإحسان إليهما، والعناية بشأنهما.
واجب على الأبناء سواء كان الآباء في سن الكبر أم في سن الشباب أم في غيرهما.
وقوله- سبحانه -: وَقُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيماً أمر بالكلام الطيب معهما.
بعد النهى عن الكلام الذي يدل على الضجر والقلق من فعلهما.
أى: وقل لهما بدل التأفيف والزجر، قولا كريما حسنا، يقتضيه حسن الأدب معهما، والاحترام لهما والعطف عليهما.
قوله تعالى : وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريمافيه ثلاث عشرة مسألة :الأولى : وقضى أي أمر وألزم وأوجب .
قال ابن عباس والحسن وقتادة : وليس هذا قضاء حكم بل هو قضاء أمر .
وفي مصحف ابن مسعود " ووصى " وهي قراءة أصحابه وقراءة ابن عباس أيضا وعلي وغيرهما ، وكذلك عند أبي بن كعب .
قال ابن عباس : إنما هو " ووصى ربك " فالتصقت إحدى الواوين فقرئت وقضى ربك إذ لو كان على القضاء ما عصى الله أحد .
وقال الضحاك : تصحفت على قوم " وصى بقضى " حين اختلطت الواو بالصاد وقت كتب المصحف .
وذكر أبو حاتم عن ابن عباس مثل قول الضحاك .
وقال عن ميمون بن مهران أنه قال : إن على قول ابن عباس لنورا ; قال الله - تعالى - : شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك ثم أبى أبو حاتم أن يكون ابن عباس قال ذلك .
وقال : لو قلنا هذا لطعن الزنادقة في مصحفنا ، ثم قال علماؤنا المتكلمون وغيرهم : القضاء يستعمل في اللغة على وجوه : فالقضاء بمعنى الأمر ; كقوله - تعالى - : وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه معناه أمر .
والقضاء بمعنى الخلق ; كقوله : فقضاهن سبع سماوات في يومين يعني خلقهن .
والقضاء بمعنى الحكم ; كقوله - تعالى - : فاقض ما أنت قاض يعني احكم ما أنت تحكم .
والقضاء بمعنى الفراغ ; كقوله : قضي الأمر الذي فيه تستفتيان أي فرغ منه ; ومنه قوله - تعالى - فإذا قضيتم مناسككم .
وقوله - تعالى - : فإذا قضيت الصلاة .
والقضاء بمعنى الإرادة ; كقوله - تعالى - : إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون .
والقضاء بمعنى العهد ; كقوله - تعالى - : وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر .
فإذا كان القضاء يحتمل هذه المعاني فلا يجوز إطلاق القول بأن المعاصي بقضاء الله ; لأنه إن أريد به الأمر فلا خلاف أنه لا يجوز ذلك ، لأن الله - تعالى - لم يأمر بها ، فإنه لا يأمر بالفحشاء .
وقال زكريا بن سلام : جاء رجل إلى الحسن فقال إنه طلق امرأته ثلاثا .
فقال : إنك قد عصيت ربك وبانت منك .
فقال الرجل : قضى الله ذلك علي فقال الحسن وكان فصيحا : ما قضى الله ذلك أي ما أمر الله به ، وقرأ هذه الآية : وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه .
الثانية : أمر الله سبحانه بعبادته وتوحيده ، وجعل بر الوالدين مقرونا بذلك ، كما قرن شكرهما بشكره فقال : وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا .
وقال : أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير .
وفي صحيح البخاري عن عبد الله قال : سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - أي العمل أحب إلى الله - عز وجل - ؟ قال : الصلاة على وقتها قال : ثم أي ؟ قال : ثم بر الوالدين قال ثم أي ؟ قال : الجهاد في سبيل الله فأخبر - صلى الله عليه وسلم - أن بر الوالدين أفضل الأعمال بعد الصلاة التي هي أعظم دعائم الإسلام .
ورتب ذلك ( بثم ) التي تعطي الترتيب والمهلة .
الثالثة : من البر بهما والإحسان إليهما ألا يتعرض لسبهما ولا يعقهما ; فإن ذلك من الكبائر بلا خلاف ، وبذلك وردت السنة الثابتة ; ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إن من الكبائر شتم الرجل والديه قالوا : يا رسول الله ، وهل يشتم الرجل والديه ؟ قال نعم .
يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه .
الرابعة : عقوق الوالدين مخالفتهما في أغراضهما الجائزة لهما ; كما أن برهما موافقتهما على أغراضهما .
وعلى هذا إذا أمرا أو أحدهما ولدهما بأمر وجبت طاعتهما فيه ، إذا لم يكن ذلك الأمر معصية ، وإن كان ذلك المأمور به من قبيل المباح في أصله ، وكذلك إذا كان من قبيل المندوب .
وقد ذهب بعض الناس إلى أن أمرهما بالمباح يصيره في حق الولد مندوبا إليه وأمرهما بالمندوب يزيده تأكيدا في ندبيته .
الخامسة : روى الترمذي عن ابن عمر قال : كانت تحتي امرأة أحبها ، وكان أبي يكرهها فأمرني أن أطلقها فأبيت ، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا عبد الله بن عمر طلق امرأتك .
قال هذا حديث حسن صحيح .
السادسة : روى الصحيح عن أبي هريرة قال : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : أمك قال : ثم من ؟ قال : ثم أمك قال : ثم من ؟ قال : ثم أمك قال : ثم من ؟ قال : ثم أبوك .
فهذا الحديث يدل على أن محبة الأم والشفقة عليها ينبغي أن تكون ثلاثة أمثال محبة الأب ; لذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - الأم ثلاث مرات وذكر الأب في الرابعة فقط .
وإذا توصل هذا المعنى شهد له العيان .
وذلك أن صعوبة الحمل وصعوبة الوضع وصعوبة الرضاع والتربية تنفرد بها الأم دون الأب ; فهذه ثلاث منازل يخلو منها الأب .
وروي عن مالك أن رجلا قال له : إن أبي في بلد السودان ، وقد كتب إلي أن أقدم عليه ، وأمي تمنعني من ذلك ; فقال : أطع أباك ، ولا تعص أمك .
فدل قول مالك هذا أن برهما متساو عنده .
وقد سئل الليث عن هذه المسألة فأمره بطاعة الأم ; وزعم أن لها ثلثي البر .
وحديث أبي هريرة يدل على أن لها ثلاثة أرباع البر ; وهو الحجة على من خالف .
وقد زعم المحاسبي في ( كتاب الرعاية ) له أنه لا خلاف بين العلماء أن للأم ثلاثة أرباع البر وللأب الربع ; على مقتضى حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - .
والله أعلم .
السابعة : لا يختص بر الوالدين بأن يكونا مسلمين ، بل إن كانا كافرين يبرهما ويحسن إليهما إذا كان لهما عهد ; قال الله - تعالى - : لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم .
وفي صحيح البخاري عن أسماء قالت : قدمت أمي وهي مشركة في عهد قريش ومدتهم إذ عاهدوا النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أبيها ، فاستفتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت : إن أمي قدمت وهي راغبة أفأصلها ؟ قال : نعم صلي أمك .
وروي أيضا عن أسماء قالت : أتتني أمي راغبة في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - أأصلها ؟ قال : نعم .
قال ابن عيينة : فأنزل الله - عز وجل - فيها : لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين الأول معلق والثاني مسند .
الثامنة : من الإحسان إليهما والبر بهما إذا لم يتعين الجهاد ألا يجاهد إلا بإذنهما .
روى الصحيح عن عبد الله بن عمرو قال : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستأذنه في الجهاد فقال : أحي والداك ؟ قال نعم .
قال : ففيهما فجاهد .
لفظ مسلم .
في غير الصحيح قال : نعم ; وتركتهما يبكيان .
قال : اذهب فأضحكهما كما أبكيتهما .
وفي خبر آخر أنه قال : نومك مع أبويك على فراشهما يضاحكانك ويلاعبانك أفضل لك من الجهاد معي .
ذكره ابن خويز منداد .
ولفظ البخاري في كتاب بر الوالدين : أخبرنا أبو نعيم أخبرنا سفيان عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يبايعه على الهجرة ، وترك أبويه يبكيان فقال : ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما .
قال ابن المنذر : في هذا الحديث النهي عن الخروج بغير إذن الأبوين ما لم يقع النفير ; فإذا وقع وجب الخروج على الجميع .
وذلك بين في حديث أبي قتادة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث جيش الأمراء ... ; فذكر قصة زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وابن رواحة وأن منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نادى بعد ذلك : أن الصلاة جامعة ; فاجتمع الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس ، اخرجوا فأمدوا إخوانكم ولا يتخلفن أحد فخرج الناس مشاة وركبانا في حر شديد .
فدل قوله : اخرجوا فأمدوا إخوانكم أن العذر في التخلف عن الجهاد إنما هو ما لم يقع النفير ; مع قوله - عليه السلام - : فإذا استنفرتم فانفروا .
قلت : وفي هذه الأحاديث دليل على أن المفروض أو المندوبات متى اجتمعت قدم الأهم منها .
وقد استوفى هذا المعنى المحاسبي في كتاب الرعاية .
التاسعة : واختلفوا في الوالدين المشركين هل يخرج بإذنهما إذا كان الجهاد من فروض الكفاية ; فكان الثوري يقول : لا يغزو إلا بإذنهما .
وقال الشافعي : له أن يغزو بغير إذنهما .
قال ابن المنذر : والأجداد آباء ، والجدات أمهات فلا يغزو المرء إلا بإذنهم ، ولا أعلم دلالة توجب ذلك لغيرهم من الأخوة وسائر القرابات .
وكان طاوس يرى السعي على الأخوات أفضل من الجهاد في سبيل الله - عز وجل - .
العاشرة : من تمام برهما صلة أهل ودهما ; ففي الصحيح عن ابن عمر قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إن من أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي .
وروى أبو أسيد وكان بدريا قال : كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - جالسا فجاءه رجل من الأنصار فقال : يا رسول الله ، هل بقي من بر والدي من بعد موتهما شيء أبرهما به ؟ قال : نعم .
الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما بعدهما وإكرام صديقهما وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما فهذا الذي بقي عليك .
وكان - صلى الله عليه وسلم - يهدي لصدائق خديجة برا بها ووفاء لها وهي زوجته ، فما ظنك بالوالدين .
الحادية عشرة : قوله تعالى : إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما خص حالة الكبر لأنها الحالة التي يحتاجان فيها إلى بره لتغير الحال عليهما بالضعف والكبر ; فألزم في هذه الحالة من مراعاة أحوالهما أكثر مما ألزمه من قبل ، لأنهما في هذه الحالة قد صارا كلا عليه ، فيحتاجان أن يلي منهما في الكبر ما كان يحتاج في صغره أن يليا منه ; فلذلك خص هذه الحالة بالذكر .
وأيضا فطول المكث للمرء يوجب الاستثقال للمرء عادة ويحصل الملل ويكثر الضجر فيظهر غضبه على أبويه وتنتفخ لهما أوداجه ، ويستطيل عليهما بدالة البنوة وقلة الديانة ، وأقل المكروه ما يظهره بتنفسه المتردد من الضجر .
وقد أمر أن يقابلهما بالقول الموصوف بالكرامة ، وهو السالم عن كل عيب فقال : فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما .
روى مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : رغم أنفه رغم أنفه رغم أنفه قيل : من يا رسول الله ؟ قال : من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة .
وقال البخاري في كتاب الوالدين : حدثنا مسدد حدثنا بشر بن المفضل حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق عن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي .
رغم أنف رجل أدرك أبويه عند الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة .
ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له .
حدثنا ابن أبي أويس حدثني أخي عن سليمان بن بلال عن محمد بن هلال عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة السالمي عن أبيه - رضي الله عنه - قال : إن كعب بن عجرة - رضي الله عنه - قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : أحضروا المنبر فلما خرج رقي إلى المنبر ، فرقي في أول درجة منه قال آمين ثم رقي في الثانية فقال آمين ثم لما رقي في الثالثة قال آمين ، فلما فرغ ونزل من المنبر قلنا : يا رسول الله ، لقد سمعنا منك اليوم شيئا ما كنا نسمعه منك ؟ قال : وسمعتموه ؟ قلنا نعم .
قال : إن جبريل - عليه السلام - اعترض قال : بعد من أدرك رمضان فلم يغفر له فقلت آمين فلما رقيت في الثانية قال بعد من ذكرت عنده فلم يصل عليك فقلت آمين فلما رقيت في الثالثة قال بعد من أدرك عنده أبواه الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة قلت آمين .
حدثنا أبو نعيم حدثنا سلمة بن وردان سمعت أنسا - رضي الله عنه - يقول : ارتقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر درجة فقال آمين ثم ارتقى درجة فقال آمين ثم ارتقى الدرجة الثالثة فقال آمين ، ثم استوى وجلس فقال أصحابه : يا رسول الله ، علام أمنت ؟ قال : أتاني جبريل - عليه السلام - فقال رغم أنف من ذكرت عنده فلم يصل عليك فقلت آمين ورغم أنف من أدرك أبويه أو أحدهما فلم يدخل الجنة فقلت آمين الحديث .
فالسعيد الذي يبادر اغتنام فرصة برهما لئلا تفوته بموتهما فيندم على ذلك .
والشقي من عقهما ، لا سيما من بلغه الأمر ببرهما .
الثانية عشرة : قوله تعالى : فلا تقل لهما أف أي لا تقل لهما ما يكون فيه أدنى تبرم .
وعن أبي رجاء العطاردي قال : الأف الكلام القذع الرديء الخفي .
وقال مجاهد : معناه إذا رأيت منهما في حال الشيخ الغائط والبول الذي رأياه منك في الصغر فلا تقذرهما وتقول أف .
والآية أعم من هذا .
والأف والتف وسخ الأظفار .
ويقال لكل ما يضجر ويستثقل : أف له .
قال الأزهري : والتف أيضا الشيء الحقير .
وقرئ أف منون مخفوض ; كما تخفض الأصوات وتنون ، تقول : صه ومه .
وفيه عشر لغات : أف ، وأف ، وأف ، وأفا وأف ، وأف وأفه ، وإف لك ( بكسر الهمزة ) ، وأف ( بضم الهمزة وتسكين الفاء ) ، وأفا ( مخففة الفاء ) .
وفي الحديث : فألقى طرف ثوبه على أنفه ثم قال أف أف .
قال أبو بكر : معناه استقذار لما شم .
وقال بعضهم : معنى أف الاحتقار والاستقلال ; أخذ من الأفف وهو القليل .
وقال القتبي : أصله نفخك الشيء يسقط عليك من رماد وتراب وغير ذلك ، وللمكان تريد إماطة شيء لتقعد فيه ; فقيلت هذه الكلمة لكل مستثقل .
وقال أبو عمرو بن العلاء : الأف وسخ بين الأظفار ، والتف قلامتها .
وقال الزجاج : معنى أف النتن .
وقال الأصمعي : الأف وسخ الأذن ، والتف وسخ الأظفار ; فكثر استعماله حتى ذكر في كل ما يتأذى به .
وروي من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لو علم الله من العقوق شيئا أردأ من أف لذكره فليعمل البار ما شاء أن يعمل فلن يدخل النار .
وليعمل العاق ما شاء أن يعمل فلن يدخل الجنة .
قال علماؤنا : وإنما صارت قولة أف للأبوين أردأ شيء لأنه رفضهما رفض كفر النعمة ، وجحد التربية ورد الوصية التي أوصاه في التنزيل .
وأف كلمة مقولة لكل شيء مرفوض ; ولذلك قال إبراهيم لقومه : أف لكم ولما تعبدون من دون الله أي رفض لكم ولهذه الأصنام معكم .
الثالثة عشرة : قوله تعالى : ولا تنهرهما النهر : الزجر والغلظة .
وقل لهما قولا كريما أي لينا لطيفا ، مثل : يا أبتاه ويا أماه ، من غير أن يسميهما ويكنيهما ; قال عطاء .
وقال ابن البداح التجيبي : قلت لسعيد بن المسيب كل ما في القرآن من بر الوالدين قد عرفته إلا قوله : وقل لهما قولا كريما ما هذا القول الكريم ؟ قال ابن المسيب : قول العبد المذنب للسيد الفظ الغليظ .


شرح المفردات و معاني الكلمات : وقضى , ربك , تعبدوا , إياه , الوالدين , إحسانا , إما , يبلغن , الكبر , أحدهما , كلاهما , تقل , لهما , تنهرهما , لهما , قولا , كريما ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم

  1. جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب
  2. أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون
  3. قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ولكن أكثر
  4. قال أو لو جئتك بشيء مبين
  5. ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء
  6. فيعذبه الله العذاب الأكبر
  7. وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض
  8. لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا
  9. إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان لن يضروا الله شيئا ولهم عذاب أليم
  10. المص

تحميل سورة الإسراء mp3 :

سورة الإسراء mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الإسراء

سورة الإسراء بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة الإسراء بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة الإسراء بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة الإسراء بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة الإسراء بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة الإسراء بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة الإسراء بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة الإسراء بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة الإسراء بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة الإسراء بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 21, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب