الآية 28 من سورة غافر مكتوبة بالتشكيل

﴿ وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ ۖ وَإِن يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ ۖ وَإِن يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ﴾
[ غافر: 28]

سورة : غافر - Ghafir  - الجزء : ( 24 )  -  الصفحة: ( 470 )

And a believing man of Fir'aun's (Pharaoh) family, who hid his faith said: "Would you kill a man because he says: My Lord is Allah, and he has come to you with clear signs (proofs) from your Lord? And if he is a liar, upon him will be (the sin of) his lie; but if he is telling the truth, then some of that (calamity) wherewith he threatens you will befall on you." Verily, Allah guides not one who is a Musrif (a polytheist, or a murderer who shed blood without a right, or those who commit great sins, oppressor, transgressor), a liar!


وقال رجل مؤمن بالله من آل فرعون، يكتم إيمانه منكرًا على قومه: كيف تستحلون قَتْلَ رجل لا جرم له عندكم إلا أن يقول ربي الله، وقد جاءكم بالبراهين القاطعة مِن ربكم على صِدْق ما يقول؟ فإن يك موسى كاذبًا فإنَّ وبالَ كذبه عائد عليه وحده، وإن يك صادقًا لحقكم بعض الذي يتوعَّدكم به، إن الله لا يوفق للحق مَن هو متجاوز للحد، بترك الحق والإقبال على الباطل، كذَّاب بنسبته ما أسرف فيه إلى الله.

وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول - تفسير السعدي

فقال ذلك الرجل المؤمن الموفق العاقل الحازم، مقبحًا فعل قومه، وشناعة ما عزموا عليه: { أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ }- أي: كيف تستحلون قتله، وهذا ذنبه وجرمه، أنه يقول ربي الله، ولم يكن أيضا قولاً مجردًا عن البينات، ولهذا قال: { وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ } لأن بينته اشتهرت عندهم اشتهارًا علم به الصغير والكبير،- أي: فهذا لا يوجب قتله.فهلا أبطلتم قبل ذلك ما جاء به من الحق، وقابلتم البرهان ببرهان يرده، ثم بعد ذلك نظرتم: هل يحل قتله إذا ظهرتم عليه بالحجة أم لا؟ فأما وقد ظهرت حجته، واستعلى برهانه، فبينكم وبين حل قتله مفاوز تنقطع بها أعناق المطي.ثم قال لهم مقالة عقلية تقنع كل عاقل، بأي حالة قدرت، فقال: { وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ }أي: موسى بين أمرين، إما كاذب في دعواه أو صادق فيها، فإن كان كاذبًا فكذبه عليه، وضرره مختص به، وليس عليكم في ذلك ضرر حيث امتنعتم من إجابته وتصديقه، وإن كان صادقًا وقد جاءكم بالبينات، وأخبركم أنكم إن لم تجيبوه عذبكم الله عذابًا في الدنيا وعذابًا في الآخرة، فإنه لا بد أن يصيبكم بعض الذي يعدكم، وهو عذاب الدنيا.وهذا من حسن عقله، ولطف دفعه عن موسى، حيث أتى بهذا الجواب الذي لا تشويش فيه عليهم، وجعل الأمر دائرًا بين تينك الحالتين، وعلى كل تقدير فقتله سفه وجهل منكم.ثم انتقل رضي الله عنه وأرضاه وغفر له ورحمه - إلى أمر أعلى من ذلك، وبيان قرب موسى من الحق فقال: { إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ }- أي: متجاوز الحد بترك الحق والإقبال على الباطل.
{ كَذَّابٌ } بنسبته ما أسرف فيه إلى الله، فهذا لا يهديه الله إلى طريق الصواب، لا في مدلوله ولا في دليله، ولا يوفق للصراط المستقيم،- أي: وقد رأيتم ما دعا موسى إليه من الحق، وما هداه الله إلى بيانه من البراهين العقلية والخوارق السماوية، فالذي اهتدى هذا الهدى لا يمكن أن يكون مسرفًا ولا كاذبًا، وهذا دليل على كمال علمه وعقله ومعرفته بربه.

تفسير الآية 28 - سورة غافر

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم : الآية رقم 28 من سورة غافر

 سورة غافر الآية رقم 28

وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول - مكتوبة

الآية 28 من سورة غافر بالرسم العثماني


﴿ وَقَالَ رَجُلٞ مُّؤۡمِنٞ مِّنۡ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ يَكۡتُمُ إِيمَٰنَهُۥٓ أَتَقۡتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ ٱللَّهُ وَقَدۡ جَآءَكُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ مِن رَّبِّكُمۡۖ وَإِن يَكُ كَٰذِبٗا فَعَلَيۡهِ كَذِبُهُۥۖ وَإِن يَكُ صَادِقٗا يُصِبۡكُم بَعۡضُ ٱلَّذِي يَعِدُكُمۡۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي مَنۡ هُوَ مُسۡرِفٞ كَذَّابٞ  ﴾ [ غافر: 28]


﴿ وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب ﴾ [ غافر: 28]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة غافر Ghafir الآية رقم 28 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 28 من غافر صوت mp3


تدبر الآية: وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول

لمَّا أخلص موسى في التوكُّل على ربِّه، مستعيذًا بقوَّته وحَوله، قيَّض الله له مَن ينصرُه ويذبُّ عنه، فهنيئًا للمتوكِّلين المخلصين.
في فعل مؤمن آل فرعون درسٌ عمليٌّ لما ينبغي أن يكونَ عليه المسلم من فِطنةٍ وكِياسة، وحُنكةٍ وسياسة، بالنصح الصادق مع التحرُّز من العواقب.
كيف يهدي الله تعالى مَن تمادى في الضَّلالات، وأسرف على نفسه بالمنكرات، واجترح قبيحَ الجنايات، وكذَّب بالحُجَج البيِّنات؟

قال الإمام الرازي: اعلم أنه-تبارك وتعالى- لما حكى عن موسى- عليه السلام- أنه ما زاد في دفع مكر فرعون وشره على الاستعاذة بالله، بين أنه-تبارك وتعالى- قيض إنسانا أجنبيا غير موسى حتى ذب عنه على أحسن الوجوه، وبالغ في تسكين تلك الفتنة، واجتهد في إزالة ذلك الشر.
ثم قال- رحمه الله-: يقول مصنف هذا الكتاب: ولقد جربت في أحوال نفسي أنه كلما قصدني شرير بشر ولم أتعرض له، وأكتفى بتفويض ذلك الأمر إلى الله، فإنه- سبحانه - يقيض أقواما لا أعرفهم ألبتة.
يبالغون في دفع ذلك الشر.. .
وظاهر الآية الكريمة يفيد أن هذا الرجل المؤمن كان من حاشية فرعون بدليل قوله-تبارك وتعالى-: مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ ولم يكن من بنى إسرائيل.
وقد رجح ابن جرير- رحمه الله- ذلك فقال: وأولى القولين في ذلك بالصواب عندي:القول الذي قاله السدى من أن الرجل المؤمن كان من آل فرعون، ولذا فقد أصغى لكلامه واستمع منه ما قاله، وتوقف عن قتل موسى عند نهيه عن قتله.. ولو كان إسرائيليا لكان حريا أن يعاجل هذا القائل له ولملئه بالعقوبة على قوله، لأنه لم يكن يستنصح بنى إسرائيل لاعتداده إياهم أعداء له.. ولكنه لما كان من ملأ قومه، استمع إليه، وكف فرعون عما كان قد هم به من قتل موسى.. .
قالوا: وهذا الرجل المؤمن هو الذي نصح موسى- عليه السلام- بقوله: إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ، فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ.
وكان اسمه «حزقيل» أو «حبيب» .
أى: وقال رجل مؤمن من آل فرعون وحاشيته، وكان يكتم إيمانه عنهم، حتى لا يصيبه أذى منهم، فعند ما سمع فرعون يقول: ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى.
قال لهم: أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ، وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ.
أى: أتقتلون رجلا لأنه يقول ربي الله وحده، وقد جاءكم بالحجج البينات، وبالمعجزات الواضحة من عند ربكم، كدليل على صدقه فيما يبلغه عنه.
فقوله: أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ في موضع المفعول لأجله.
أى: أتقتلونه من أجل قوله هذا.
وجملة وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ حالية من فاعل يقول وهو موسى- عليه السلام-.
والمقصود بهذا الاستفهام: الإنكار عليهم والتبكيت لهم، حيث قصدوا قتل رجل كل ذنبه أنه عبد الله-تبارك وتعالى- وحده وقد جاءهم بالمعجزات الواضحات الدالة على صحة فعله وقوله.
قال الإمام ابن كثير: وقد كان هذا الرجل يكتم إيمانه عن قومه القبط، فلم يظهر إلا هذا اليوم حين قال فرعون ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى فأخذت الرجل غضبة لله-تبارك وتعالى- و «أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر» اللهم إلا ما رواه البخاري في صحيحه حيث قال:حدثنا على بن عبد الله، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعى، حدثني عروة بن الزبير قال: قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص: أخبرنى بأشد شيء صنعه المشركون برسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: بينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم بفناء الكعبة، إذ أقبل عقبة بن أبى معيط فأخذ بمنكب رسول الله صلّى الله عليه وسلم ولوى ثوبه في عنقه، فخنقه خنقا شديدا.
فأقبل أبو بكر- رضى الله عنه- فأخذ بمنكبه ودفع عن النبي صلّى الله عليه وسلم ثم قال: أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم .
وقال القرطبي: وعن على- رضى الله عنه- قال: اجتمعت قريش بعد وفاة أبى طالب بثلاث: فأرادوا قتل رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأقبل هذا يجؤه- أى يضربه-، وهذا يتلتله- أى: يحركه تحريكا شديدا- فلم يغثه أحد إلا أبو بكر وله ضفيرتان، فأقبل يجأ هذا ويتلتل ذا، ويقول بأعلى صوته: ويلكم.. أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله، والله إنه لرسول الله، فقطعت إحدى ضفيرتى أبى بكر يومئذ .
ثم يحكى القرآن الكريم أن ذلك الرجل المؤمن، لم يكتف بالإنكار على قومه قصدهم موسى بالقتل بل أخذ في محاولة إقناعهم بالعدول عن هذا القصد بشتى الأساليب والحجج فقال: وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ، وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ ...
أى: أنه قال لهم: إن كان موسى- على سبيل الفرض- كاذبا فيما يقوله ويفعله فعليه وحده يقع ضرر كذبه، وليس عليكم منه شيء، وإن كان صادقا فيما يقوله ويفعله، فلا أقل من أن يصيبكم بعض الذي يعدكم به من سوء عاقبة مخالفة ما أتاكم به من عند ربه..فأنت ترى أن الرجل كان في نهاية الحكمة والإنصاف وحسن المنطق، في مخاطبته لقومه، حيث بين لهم أن الأمر لا يخرج عن فرضين، وكلاهما لا يوجب قصد موسى- عليه السلام- بالقتل.
ورحم الله صاحب الكشاف.
فقد أجاد عند تفسيره لهذه الآية فقال ما ملخصه: وقوله:أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ ...
هذا إنكار عظيم منه، وتبكيت شديد لهم، كأنه قال: أترتكبون الفعلة الشنعاء التي هي قتل نفس محرمة، وما لكم علة قط في ارتكابها إلا كلمة الحق التي نطق بها وهي قوله رَبِّيَ اللَّهُ..ثم أخذ في الاحتجاج عليهم على طريقة التقسيم فقال: لا يخلو من أن يكون كاذبا أو صادقا، فإن يك كاذبا فعليه يعود كذبه ولا يتخطاه ضرره، وإن يك صادقا يصبكم بعض ما يعدكم به إن تعرضتم له.
فإن قلت: لم قال: بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ وهو- أى موسى- نبي صادق، لا بد لما يعدهم أن يصيبهم كله لا بعضه؟قلت: لأنه احتجاج في مقاولة خصوم موسى ومنا كريه، إلى أن يلاوصهم- أى يحايلهم- ويداريهم، ويسلك معهم طريق الإنصاف في القول ويأتيهم من جهة المناصحة، فجاء بما علم أنه أقرب إلى تسليمهم لقوله، وأدخل في تصديقهم له وقبولهم منه، فقال وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ وهو كلام المصنف في مقاله، غير المشتط فيه، ليسمعوا منه ولا يردوا عليه، وذلك أنه حين فرضه صادقا، فقد أثبت أنه صادق في جميع ما يعد، ولكنه أردفه بقوله: يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ ليهضمه بعض حقه في ظاهر الكلام، فيريهم أنه ليس بكلام من أعطاه حقه وافيا، فضلا عن أن يتعصب له، وتقديم الكاذب على الصادق أيضا من هذا القبيل.. .
ثم أرشد الرجل المؤمن الحصيف قومه إلى سنة من سنن الله التي لا تتغير فقال: إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ.
أى: إن سنة الله-تبارك وتعالى- قد اقتضت أنه- سبحانه - لا يهدى الى الحق والصواب، من كان مسرفا في أموره، متجاوزا الحدود التي شرعها الله-تبارك وتعالى- ومن كان كذابا في إخباره عن الله-تبارك وتعالى-، ولو كان موسى مسرفا أو كذابا، لما أيده الله-تبارك وتعالى- بالمعجزات الباهرة.
وبالحجج الساطعة الدالة على صدقه.
فالجملة الكريمة إرشاد لهم عن طريق خفى إلى صدق موسى فيما يبلغه عن ربه، وتعريض بما عليه فرعون من ظلم وكذب.
قال الجمل في حاشيته: فالجملة الكريمة كلام ذو وجهين نظرا لموسى وفرعون.
الوجه الأول: أن هذا إشارة الى الرمز والتعريض بعلو شأن موسى، والمعنى: إن الله هدى موسى إلى الإتيان بالمعجزات الباهرة، ومن هداه الله إلى ذلك لا يكون مسرفا ولا كذابا.
الوجه الثاني: أن يكون المراد أن فرعون مسرف في عزمه على قتل موسى.
وكاذب في ادعائه الألوهية، والله لا يهدى من كان كذلك.. .
قوله تعالى : وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب .
فيه أربع مسائل : الأولى : قوله تعالى : وقال رجل مؤمن ذكر بعض المفسرين : أن اسم هذا الرجل حبيب .
وقيل : شمعان بالشين المعجمة .
قال السهيلي : وهو أصح ما قيل فيه .
وفي تاريخ الطبري رحمه الله : اسمه خبرك .
وقيل : حزقيل : ذكره الثعلبي عن ابن عباس وأكثر العلماء .
الزمخشري : واسمه سمعان أو حبيب .
وقيل : خربيل أو حزبيل .
واختلف هل كان إسرائيليا أو قبطيا فقال الحسن وغيره : كان قبطيا .
ويقال : إنه كان ابن عم فرعون ، قاله السدي .
قال : وهو الذي نجا مع موسى عليه السلام ، ولهذا قال : من آل فرعون وهذا الرجل هو المراد بقوله تعالى : وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال يا موسى الآية .
وهذا قول مقاتل .
وقال ابن عباس : لم يكن من آل فرعون مؤمن غيره وغير امرأة فرعون وغير المؤمن الذي أنذر موسى فقال : إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : الصديقون حبيب النجار مؤمن آل يس ومؤمن آل فرعون الذي قال أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله والثالث أبو بكر الصديق ، وهو أفضلهم وفي هذا تسلية للنبي - صلى الله عليه وسلم - أي : لا تعجب من مشركي قومك .
وكان هذا الرجل له وجاهة عند فرعون ، فلهذا لم يتعرض له بسوء .
وقيل : كان هذا الرجل من بني إسرائيل يكتم إيمانه من آل فرعون ، عن السدي أيضا .
ففي الكلام على هذا تقديم وتأخير ، والتقدير : وقال رجل مؤمن يكتم إيمانه من آل فرعون .
فمن جعل الرجل قبطيا ف " من " عنده متعلقة بمحذوف صفة الرجل ، التقدير : وقال رجل مؤمن منسوب من آل فرعون ، أي : من أهله وأقاربه .
ومن جعله إسرائيليا ف " من " متعلقة ب " يكتم " في موضع المفعول الثاني ل " يكتم " .
القشيري : ومن جعله إسرائيليا ففيه بعد ; لأنه يقال كتمه أمر كذا ولا يقال كتم منه .
قال الله تعالى : ولا يكتمون الله حديثا وأيضا ما كان فرعون يحتمل من بني إسرائيل مثل هذا القول .
الثانية : قوله تعالى : أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله أي لأن يقول ومن أجل أن يقول ربي الله ، ف " أن " في موضع نصب بنزع الخافض .
وقد جاءكم بالبينات يعني الآيات التسع " من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه " ولم يكن ذلك لشك منه في رسالته وصدقه ، ولكن تلطفا في الاستكفاف واستنزالا عن الأذى .
ولو كان و " إن يكن " بالنون جاز ، ولكن حذفت النون لكثرة الاستعمال على قول سيبويه ، ولأنها نون الإعراب على قول أبي العباس .
وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم أي إن لم يصبكم إلا بعض الذي يعدكم به هلكتم .
ومذهب أبي عبيدة أن معنى " بعض الذي يعدكم " كل الذي يعدكم ، وأنشد قول لبيد :تراك أمكنة إذا لم أرضها أو يرتبط بعض النفوس حمامها( فبعض ) بمعنى : كل ; لأن البعض إذا أصابهم أصابهم الكل لا محالة لدخوله في الوعيد ، وهذا ترقيق الكلام في الوعظ .
وذكر الماوردي : أن البعض قد يستعمل في موضع الكل تلطفا في الخطاب وتوسعا في الكلام ، كما قال الشاعر : [ عمر القطامي ] .
قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزللوقيل أيضا : قال ذلك لأنه حذرهم أنواعا من العذاب ، كل نوع منها مهلك ، فكأنه حذرهم أن يصيبهم بعض تلك الأنواع .
وقيل : وعدهم موسى بعذاب الدنيا أو بعذاب الآخرة إن كفروا ، فالمعنى يصبكم أحد العذابين .
وقيل : أي : يصبكم هذا العذاب الذي يقوله في الدنيا وهو بعض الوعيد ، ثم يترادف العذاب في الآخرة أيضا .
وقيل : وعدهم العذاب إن كفروا والثواب إن آمنوا ، فإذا كفروا يصيبهم بعض ما وعدوا .
إن الله لا يهدي من هو مسرف على نفسه .
كذاب على ربه ، إشارة إلى موسى ويكون هذا من قول المؤمن .
وقيل : مسرف في عناده كذاب في ادعائه ، إشارة إلى فرعون ، ويكون هذا من قول الله تعالى .
الثالثة : قوله تعالى : يكتم إيمانه قال القاضي أبو بكر بن العربي : ظن بعضهم أن المكلف إذا كتم إيمانه ، ولم يتلفظ به بلسانه لا يكون مؤمنا باعتقاده ، وقد قال مالك : إن الرجل إذا نوى بقلبه طلاق زوجته أنه يلزمه ، كما يكون مؤمنا بقلبه وكافرا بقلبه .
فجعل مدار الإيمان على القلب وأنه كذلك ، لكن ليس على الإطلاق ، وقد بيناه في أصول الفقه ، بما لبابه أن المكلف إذ نوى الكفر بقلبه كان كافرا وإن لم يتلفظ بلسانه ، وأما إذا نوى الإيمان بقلبه فلا يكون مؤمنا بحال حتى يتلفظ بلسانه ، ولا تمنعه التقية والخوف من أن يتلفظ بلسانه فيما بينه وبين الله تعالى ، إنما تمنعه التقية من أن يسمعه غيره ، وليس من شرط الإيمان أن يسمعه الغير في صحته من التكليف ، وإنما يشترط سماع الغير له ليكف عن نفسه وماله .
الرابعة : روى البخاري ومسلم عن عروة بن الزبير قال : قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص : أخبرني بأشد ما صنعه المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بفناء الكعبة ، إذ أقبل عقبة بن أبي معيط ، فأخذ بمنكب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولوى ثوبه في عنقه فخنقه به خنقا شديدا ، فأقبل أبو بكر فأخذ بمنكبه ودفع عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقال : أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم لفظ البخاري .
خرجه الترمذي الحكيم في نوادر الأصول من حديث جعفر بن محمد عن أبيه عن علي - رضي الله عنه - قال : اجتمعت قريش بعد وفاة أبي طالب بثلاث فأرادوا قتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأقبل هذا يجؤه وهذا يتلتله ، فاستغاث النبي - صلى الله عليه وسلم - يومئذ فلم يغثه أحد إلا أبو بكر وله ضفيرتان ، فأقبل يجأ ذا ويتلتل ذا ويقول بأعلى صوته : ويلكم : أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ، والله إنه لرسول الله ، فقطعت إحدى ضفيرتي أبي بكر يومئذ .
فقال علي : والله ليوم أبي بكر خير من مؤمن آل فرعون ، إن ذلك رجل كتم إيمانه ، فأثنى الله عليه في كتابه ، وهذا أبو بكر أظهر إيمانه وبذل ماله ودمه لله عز وجل .
قلت : قول علي - رضي الله عنه - إن ذلك رجل كتم إيمانه ، يريد في أول أمره بخلاف الصديق فإنه أظهر إيمانه ولم يكتمه ، وإلا فالقرآن مصرح بأن مؤمن آل فرعون أظهر إيمانه لما أرادوا قتل موسى - عليه السلام - على ما يأتي بيانه .
في نوادر الأصول أيضا عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالوا لها : ما أشد شيء رأيت المشركين بلغوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالت : كان المشركون قعودا في المسجد ، ويتذاكرون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يقول في آلهتهم ، فبينا هم كذلك إذ دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقاموا إليه بأجمعهم ، وكانوا إذا سألوه عن شيء صدقهم ، فقالوا : ألست تقول كذا في آلهتنا ؟ قال : ( بلى ) فتشبثوا فيه بأجمعهم فأتى الصريخ إلى أبي بكر فقال له : أدرك صاحبك .
فخرج من عندنا وإن له غدائر ، فدخل المسجد وهو يقول : ويلكم أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم ، فلهوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأقبلوا على أبي بكر ، فرجع إلينا أبو بكر فجعل لا يمس شيئا من غدائره إلا جاء معه ، وهو يقول : تباركت يا ذا الجلال والإكرام ، إكرام إكرام .


شرح المفردات و معاني الكلمات : وقال , رجل , مؤمن , آل , فرعون , يكتم , إيمانه , أتقتلون , رجلا , يقول , ربي , الله , جاءكم , البينات , ربكم , يك , كاذبا , فعليه , كذبه , يك , صادقا , يصبكم , بعض , يعدكم , الله , يهدي , مسرف , كذاب ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم

  1. ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر
  2. ولله ما في السموات وما في الأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله غفور
  3. إذ انبعث أشقاها
  4. قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنة
  5. فالتاليات ذكرا
  6. إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم
  7. ورفعنا لك ذكرك
  8. لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ومن يتول فإن
  9. وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله
  10. أم لهم إله غير الله سبحان الله عما يشركون

تحميل سورة غافر mp3 :

سورة غافر mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة غافر

سورة غافر بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة غافر بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة غافر بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة غافر بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة غافر بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة غافر بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة غافر بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة غافر بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة غافر بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة غافر بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, November 17, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب