﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ۖ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾
[ الأحزاب: 33]

سورة : الأحزاب - Al-Ahzab  - الجزء : ( 22 )  -  الصفحة: ( 422 )

And stay in your houses, and do not display yourselves like that of the times of ignorance, and perform As-Salat (IqamatasSalat), and give Zakat and obey Allah and His Messenger. Allah wishes only to remove ArRijs (evil deeds and sins, etc.) from you, O members of the family (of the Prophet SAW), and to purify you with a thorough purification.


قَرْنَ في بيوتكنّ : الزمنَ بيوتكنّ و كذا جميع النّساء
لا تبرّجن : لا تُبدين الزّينة الواجب سترُها
الجاهليّة الأولى : ما كان قبل الإسلام من الجهالات
الرّجس : الذنب. أو الإثم أو النّقص

والْزَمْنَ بيوتكن، ولا تخرجن منها إلا لحاجة، ولا تُظهرن محاسنكن، كما كان يفعل نساء الجاهلية الأولى في الأزمنة السابقة على الإسلام، وهو خطاب للنساء المؤمنات في كل عصر. وأدِّين - يا نساء النبي- الصلاة كاملة في أوقاتها، وأعطين الزكاة كما شرع الله، وأطعن الله ورسوله في أمرهما ونهيهما، إنما أوصاكن الله بهذا؛ ليزكيكنَّ، ويبعد عنكنَّ الأذى والسوء والشر يا أهل بيت النبي -ومنهم زوجاته وذريته عليه الصلاة والسلام-، ويطهِّر نفوسكم غاية الطهارة.

وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة - تفسير السعدي

{ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ }- أي: اقررن فيها، لأنه أسلم وأحفظ لَكُنَّ، { وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى }- أي: لا تكثرن الخروج متجملات أو متطيبات، كعادة أهل الجاهلية الأولى، الذين لا علم عندهم ولا دين، فكل هذا دفع للشر وأسبابه.ولما أمرهن بالتقوى عمومًا، وبجزئيات من التقوى، نص عليها [لحاجة] النساء إليها، كذلك أمرهن بالطاعة، خصوصًا الصلاة والزكاة، اللتان يحتاجهما، ويضطر إليهما كل أحد، وهما أكبر العبادات، وأجل الطاعات، وفي الصلاة، الإخلاص للمعبود، وفي الزكاة، الإحسان إلى العبيد.ثم أمرهن بالطاعة عمومًا، فقال: { وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } يدخل في طاعة اللّه ورسوله، كل أمر، أُمِرَا به أمر إيجاب أو استحباب.{ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ } بأمركن بما أَمَرَكُنَّ به، ونهيكن بما نهاكُنَّ عنه، { لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ }- أي: الأذى، والشر، والخبث، يا { أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } حتى تكونوا طاهرين مطهرين.أي: فاحمدوا ربكم، واشكروه على هذه الأوامر والنواهي، التي أخبركم بمصلحتها، وأنها محض مصلحتكم، لم يرد اللّه أن يجعل عليكم بذلك حرجًا ولا مشقة، بل لتتزكى نفوسكم، ولتتطهر أخلاقكم، وتحسن أعمالكم، ويعظم بذلك أجركم.

تفسير الآية 33 - سورة الأحزاب

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية : الآية رقم 33 من سورة الأحزاب

 سورة الأحزاب الآية رقم 33

وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة - مكتوبة

الآية 33 من سورة الأحزاب بالرسم العثماني


﴿ وَقَرۡنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ ٱلۡأُولَىٰۖ وَأَقِمۡنَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتِينَ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِعۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِ وَيُطَهِّرَكُمۡ تَطۡهِيرٗا  ﴾ [ الأحزاب: 33]


﴿ وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ﴾ [ الأحزاب: 33]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة الأحزاب Al-Ahzab الآية رقم 33 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 33 من الأحزاب صوت mp3


تدبر الآية: وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة

إن في مُكث المرأة في بيتها وعدم خروجها لغير حاجة راحةً لنفسها، وانشراحًا لقلبها، واستقرارًا لها ولمجتمعها.
البيت حِصن المرأة الحَصان، ومكمن الاطمئنان والأمان، ومهد الجمال والسناء، ومعهد النقاء والعفة.
التبرُّج من مخلَّفات الجاهليَّة التي يرتفع عنها مَن ارتفعت تصوُّراته ومشاعره عن تصوُّرات الجاهليَّة ومشاعرها.
ما أوثقَ العَلاقةَ بين العبادة والخُلق الحسن! ألا ترى كيف كانت الأوامرُ بالطاعات لآل البيت الكرام خاتمةً للتوجيهات الأخلاقيَّة؟ نساء النبيِّ ﷺ من أهل بيته، وما دُعينَ إليه من أدب السماء يُناسب مقامهنَّ، ويتلاقى مع انتسابهنَّ إليه ﷺ.

ثم أمرهن- سبحانه - بعد ذلك بالاستقرار في بيوتهن، وعدم الخروج منها إلا لحاجة شرعية فقال وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ.
قال القرطبي ما ملخصه: قوله وَقَرْنَ قرأه الجمهور- بكسر القاف- من القرار تقول: قررت بالمكان- بفتح الراء- أقر- بكسر القاف- إذا نزلت فيه- والأصل:اقررن- بكسر الراء- فحذفت الراء الأولى تخفيفا.. ونقلوا حركاتها إلى القاف، واستغنى عن ألف الوصل لتحرك القاف.. فصارت الكلمة قَرْنَ- بكسر القاف-.
وقرأ عاصم ونافع وقرن- بفتح القاف- من قررت في المكان- بكسر الراء- إذا أقمت فيه.. والأصل اقررن- بفتح الراء- فحذفت الراء الأولى لثقل التضعيف،وألقيت حركتها على القاف.. فتقول: قَرْنَ- بالفتح للقاف-.
والمعنى: الزمن يا نساء النبي صلّى الله عليه وسلّم بيوتكن، ولا تخرجن منها إلا لحاجة مشروعة، ومثلهن في ذلك جميع النساء المسلمات، لأن الخطاب لهن في مثل هذه الأمور، هو خطاب لغيرهن من النساء المؤمنات من باب اولى، وإنما خاطب- سبحانه - أمهات المؤمنين على سبيل التشريف، واقتداء غيرهن بهن.
قال بعض العلماء: والحكمة في هذا الأمر: أن ينصرفن إلى رعاية شئون بيوتهن، وتوفير وسائل الحياة المنزلية التي هي من خصائصهن، ولا يحسنها الرجال، وإلى تربية الأولاد في عهد الطفولة وهي من شأنهن.
وقد جرت السنة الإلهية بأن أمر الزوجين قسمة بينهما، فللرجال أعمال من خصائصهم لا يحسنها النساء، وللنساء أعمال من خصائصهن لا يحسنها الرجال، فإذا تعدى أحد الفريقين عمله، اختل النظام في البيت والمعيشة .
وقال صاحب الظلال ما ملخصه: والبيت هو مثابة المرأة التي تجد فيها نفسها على حقيقتها كما أرادها الله-تبارك وتعالى- ولكي يهيئ الإسلام للبيت جوه السليم، ويهيئ للفراخ الناشئة فيه رعايتها، أوجب على الرجل النفقة، وجعلها فريضة، كي يتاح للأم من الجهد ومن الوقت ومن هدوء البال، ما تشرف به على هذه الفراخ الزغب، وما تهيء به للمثابة نظامها وعطرها وبشاشتها.
فالأم المكدودة بالعمل وبمقتضياته وبمواعيده.. لا يمكن أن تهيء للبيت جوه وعطره، ولا يمكن أن تهيء للطفولة النابتة فيه حقها ورعايتها.
إن خروج المرأة للعمل كارثة على البيت قد تبيحها الضرورة، أما أن يتطوع بها الناس وهم قادرون على اجتنابها، فتلك هي اللعنة التي تصيب الأرواح والضمائر والعقول، في عصور الانتكاس والشرور والضلال .
وهذه الجملة الكريمة ليس المقصود بها ملازمة البيوت فلا يبرحنها إطلاقا وإنما المقصود بها أن يكون البيت هو الأصل في حياتهن، ولا يخرجن إلا لحاجة مشروعة، كأداء الصلاة في المسجد، وكأداء فريضة الحج وكزيارة الوالدين والأقارب، وكقضاء مصالحهن التي لا تقضى إلا بهن.. بشرط أن يكون خروجهن مصحوبا بالتستر والاحتشام وعدم التبذل.
ولذا قال- سبحانه - بعد هذا الأمر، وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى.
وقوله: تَبَرَّجْنَ مأخوذ من البرج- بفتح الباء والراء- وهو سعة العين وحسنها، ومنه قولهم: سفينة برجاء، أى: متسعة ولا غطاء عليها.
والمراد به هنا: إظهار ما ينبغي ستره من جسد المرأة، مع التكلف والتصنع في ذلك.
والجاهلية الأولى، بمعنى المتقدمة، إذ يقال لكل متقدم ومتقدمة: أول وأولى.
أو المراد بها: الجاهلية الجهلاء التي كانت ترتكب فيها الفواحش بدون تحرج.
وقد فسروها بتفسيرات متعددة، منها: قول مجاهد: كانت المرأة تخرج فتمشى بين يدي الرجال، فذلك تبرج الجاهلية.
ومنها قول قتادة: كانت المرأة في الجاهلية تمشى مشية فيها تكسر.
ومنها قول مقاتل: والتبرج: أنها تلقى الخمار على رأسها، ولا تشده فيواري قلائدها وعنقها.
ويبدو لنا أن التبرج المنهي عنه في الآية الكريمة، يشمل كل ذلك، كما يشمل كل فعل تفعله المرأة، ويكون هذا الفعل متنافيا مع آداب الإسلام وتشريعاته.
والمعنى: الزمن يا نساء النبي بيوتكن، فلا تخرجن إلا لحاجة مشروعة، وإذا خرجتن فاخرجن في لباس الحشمة والوقار، ولا تبدى إحداكن شيئا أمرها الله-تبارك وتعالى- بستره وإخفائه، واحذرن التشبيه بنساء أهل الجاهلية الأولى، حيث كن يفعلن ما يثير شهوة الرجال، ويلفت أنظارهم إليهن.
ثم أتبع- سبحانه - هذا النهى بما يجعلهن على صلة طيبة بخالقهن- عز وجل - فقال:وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ أى: داومن على إقامتها في أوقاتها بخشوع وإخلاص.
وَآتِينَ الزَّكاةَ التي فرضها الله-تبارك وتعالى- عليكن.
وخص- سبحانه - هاتين الفريضتين بالذكر من بين سائر الفرائض، لأنهما أساس العبادات البدنية والمالية.
وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أى في كل ما تأتين وتتركن، لا سيما فيما أمرتن به، ونهيتن عنه.
وقوله: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً تعليل لما أمرن به من طاعات، ولما نهين عنه من سيئات.
والرجس في الأصل: يطلق على كل شيء مستقذر.
وأريد به هنا: الذنوب والآثام وما يشبه ذلك من النقائص والأدناس.
وقوله أَهْلَ الْبَيْتِ منصوب على النداء، أو على المدح.
ويدخل في أهل البيت هنا دخولا أوليا: نساؤه صلّى الله عليه وسلّم بقرينة سياق الآيات.
أى: إنما يريد الله-تبارك وتعالى- بتلك الأوامر التي أمركن بها، وبتلك النواهي التي نهاكن عنها، أن يذهب عنكن الآثام والذنوب والنقائص، وأن يطهركن من كل ذلك تطهيرا تاما كاملا.
قال الإمام ابن كثير ما ملخصه: قوله: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ...
هذا نص في دخول أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم في أهل البيت ها هنا، لأنهن سبب نزول هذه الآية..وقد وردت أحاديث تدل على أن المراد أعم من ذلك، فقد روى الإمام أحمد بسنده- عن أنس بن مالك قال: «إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يمر بباب فاطمة ستة أشهر إذا خرج إلى صلاة الفجر، يقول: الصلاة يا أهل البيت: ثم يتلو هذه الآية..» .
وقال بعض العلماء: والتحقيق- إن شاء الله- أنهن داخلات في الآية، بدليل السياق، وإن كانت الآية تتناول غيرهن من أهل البيت..ونظير ذلك من دخول الزوجات في اسم أهل البيت، قوله-تبارك وتعالى- في زوجة إبراهيم:قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ.
وأما الدليل على دخول غيرهن في الآية، فهو أحاديث جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال في على وفاطمة والحسن والحسين- رضى الله عنهم-: «إنهم أهل البيت» ودعا الله أن يذهب عنهم الرجس ويطهرهم تطهيرا.
وبما ذكرنا تعلم أن الصواب شمول الآية الكريمة لأزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم ولعلى وفاطمة والحسن والحسين.
فإن قيل: الضمير في قوله: لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ وفي قوله: وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ضمير الذكور، فلو كان المراد أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم لقيل ليذهب عنكن ويطهركن؟.
فالجواب: ما ذكرناه من أن الآية تشملهن وتشمل فاطمة وعلى والحسن والحسين، وقد أجمع أهل اللسان العربي على تغليب الذكور على الإناث في الجموع ونحوها..ومن أساليب اللغة العربية التي نزل بها القرآن، أن زوجة الرجل يطلق عليها أهل،وباعتبار لفظ الأهل تخاطب مخاطبة الجمع المذكر، ومنه قوله-تبارك وتعالى- في موسى فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا وقوله سَآتِيكُمْ والمخاطب امرأته كما قاله غير واحد..وقال بعض أهل العلم: إن أهل البيت في الآية هم من تحرم عليهم الصدقة .
قوله تعالى : وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا .
قوله تعالى : وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى فيه أربع مسائل :الأولى : قوله تعالى : ( وقرن ) قرأ الجمهور ( وقرن ) بكسر القاف .
وقرأ عاصم ونافع بفتحها .
فأما القراءة الأولى فتحتمل وجهين : أحدهما : أن يكون من الوقار ، تقول : وقر يقر وقارا أي سكن ، والأمر قر ، وللنساء قرن ، مثل عدن وزن .
والوجه الثاني : وهو قول المبرد ، أن يكون من القرار ، تقول : قررت بالمكان ( بفتح الراء ) أقر ، والأصل أقررن ، بكسر الراء ، فحذفت الراء الأولى تخفيفا ، كما قالوا في ظللت : ظلت ، ومسست : مست ، ونقلوا حركتها إلى القاف ، واستغني عن ألف الوصل لتحرك القاف .
قال أبو علي : بل على أن أبدلت الراء ياء كراهة التضعيف ، كما أبدلت في قيراط ودينار ، ويصير للياء حركة الحرف المبدل منه ، فالتقدير : إقيرن ، ثم تلقى حركة الياء على القاف كراهة تحرك الياء بالكسر ، فتسقط الياء لاجتماع الساكنين ، وتسقط همزة الوصل لتحرك ما بعدها فيصير ( قرن ) .
وأما قراءة أهل المدينة وعاصم ، فعلى لغة العرب : قررت في المكان إذا أقمت فيه ( بكسر الراء ) أقر ( بفتح القاف ) ، من باب حمد يحمد ، وهي لغة أهل الحجاز ذكرها أبو عبيد في ( الغريب المصنف ) عن الكسائي ، وهو من أجل مشايخه ، وذكرها الزجاج وغيره ، والأصل ( إقررن ) حذفت الراء الأولى لثقل التضعيف ، وألقيت حركتها على القاف فتقول : قرن .
قال الفراء : هو كما تقول : أحست صاحبك ؟ أي هل أحسست ؟ وقال أبو عثمان المازني : قررت به عينا ( بالكسر لا غير ) ، من قرة العين .
ولا يجوز قررت في المكان ( بالكسر ) وإنما هو قررت ( بفتح الراء ) ، وما أنكره من هذا لا يقدح في القراءة إذا ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فيستدل بما ثبت عنه من القراءة على صحة اللغة .
وذهب أبو حاتم أيضا أن قرن لا مذهب له في كلام العرب .
قال النحاس : وأما قول أبي حاتم : لا مذهب له فقد خولف فيه ، وفيه مذهبان : أحدهما ما حكاه الكسائي ، والآخر ما سمعت علي بن سليمان يقول ، قال : وهو من قررت به عينا أقر ، والمعنى : واقررن به عينا في بيوتكن .
وهو وجه حسن ، إلا أن الحديث يدل على أنه من الأول .
كما روي أن عمارا قال لعائشة رضي الله عنها : إن الله قد أمرك أن تقري في منزلك ، فقالت : يا أبا اليقظان ، ما زلت قوالا بالحق ! فقال : الحمد لله الذي جعلني كذلك على لسانك .
وقرأ ابن أبي عبلة ( واقررن ) بألف وصل وراءين ، الأولى مكسورة .
الثانية : معنى هذه الآية الأمر بلزوم البيت ، وإن كان الخطاب لنساء النبي صلى الله عليه وسلم فقد دخل غيرهن فيه بالمعنى .
هذا لو لم يرد دليل يخص جميع النساء ، كيف والشريعة طافحة بلزوم النساء بيوتهن ، والانكفاف عن الخروج منها إلا لضرورة ، على ما تقدم في غير موضع .
فأمر الله تعالى نساء النبي صلى الله عليه وسلم بملازمة بيوتهن ، وخاطبهن بذلك تشريفا لهن ، ونهاهن عن التبرج ، وأعلم أنه فعل الجاهلية الأولى فقال : ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى .
وقد تقدم معنى التبرج في ( النور ) .
وحقيقته إظهار ما ستره أحسن ، وهو مأخوذ من السعة ، يقال : في أسنانه برج إذا كانت متفرقة ، قاله المبرد .
واختلف الناس في الجاهلية الأولى فقيل : هي الزمن الذي ولد فيه إبراهيم عليه السلام ، كانت المرأة تلبس الدرع من اللؤلؤ ، فتمشي وسط الطريق تعرض نفسها على الرجال .
وقال الحكم بن عيينة : ما بين آدم ونوح ، وهي ثمانمائة سنة ، وحكيت لهم سير ذميمة .
وقال ابن عباس : ما بين نوح وإدريس .
الكلبي : ما بين نوح وإبراهيم .
قيل : إن المرأة كانت تلبس الدرع من اللؤلؤ غير مخيط الجانبين ، وتلبس الثياب الرقاق ولا تواري بدنها .
وقالت فرقة : ما بين موسى وعيسى .
الشعبي : ما بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم أبو العالية : هي زمان داود وسليمان ، كان فيه للمرأة قميص من الدر غير مخيط الجانبين .
وقال أبو العباس المبرد : والجاهلية الأولى كما تقول الجاهلية الجهلاء ، قال : وكان النساء في الجاهلية الجهلاء يظهرن ما يقبح إظهاره ، حتى كانت المرأة تجلس مع زوجها وخلها ، فينفرد خلها بما فوق الإزار إلى الأعلى ، وينفرد زوجها بما دون الإزار إلى الأسفل ، وربما سأل أحدهما صاحبه البدل .
وقال مجاهد : كان النساء يتمشين بين الرجال ، فذلك التبرج .
قال ابن عطية : والذي يظهر عندي أنه أشار للجاهلية التي لحقنها ، فأمرن بالنقلة عن سيرتهن فيها ، وهي ما كان قبل الشرع من سيرة الكفرة ، لأنهم كانوا لا غيرة عندهم وكان أمر النساء دون حجاب ، وجعلها أولى بالنسبة إلى ما كن عليه ، وليس المعنى أن ثم جاهلية أخرى وقد أوقع اسم الجاهلية على تلك المدة التي قبل الإسلام ، فقالوا : جاهلي في الشعراء وقال ابن عباس في البخاري : سمعت أبي في الجاهلية يقول ؛ إلى غير هذا .
قلت : وهذا قول حسن .
ويعترض بأن العرب كانت أهل قشف وضنك في الغالب ، وأن التنعم وإظهار الزينة إنما جرى في الأزمان السابقة ، وهي المراد بالجاهلية الأولى ، وأن المقصود من الآية مخالفة من قبلهن من المشية على تغنيج وتكسير وإظهار المحاسن للرجال ، إلى غير ذلك مما لا يجوز شرعا .
وذلك يشمل الأقوال كلها ويعمها فيلزمن البيوت ، فإن مست الحاجة إلى الخروج فليكن على تبذل وتستر تام .
والله الموفق .
الثالثة : ذكر الثعلبي وغيره : أن عائشة - رضي الله عنها - كانت إذا قرأت هذه الآية تبكي حتى تبل خمارها .
وذكر أن سودة قيل لها : لم لا تحجين ولا تعتمرين كما يفعل أخواتك ؟ فقالت : قد حججت واعتمرت ، وأمرني الله أن أقر في بيتي .
قال الراوي : فوالله ما خرجت من باب حجرتها حتى أخرجت جنازتها .
رضوان الله عليها قال ابن العربي : لقد دخلت نيفا على ألف قرية فما رأيت نساء أصون عيالا ولا أعف نساء من نساء نابلس ، التي رمي بها الخليل صلى الله عليه وسلم بالنار ، فإني أقمت فيها فما رأيت امرأة في طريق نهارا إلا يوم الجمعة فإنهن يخرجن إليها حتى يمتلئ المسجد منهن ، فإذا قضيت الصلاة وانقلبن إلى منازلهن لم تقع عيني على واحدة منهن إلى الجمعة الأخرى .
وقد رأيت بالمسجد الأقصى عفائف ما خرجن من معتكفهن حتى استشهدن فيه .
الرابعة : قال ابن عطية : بكاء عائشة رضي الله عنها إنما كان بسبب سفرها أيام الجمل ، وحينئذ قال لها عمار : إن الله قد أمرك أن تقري في بيتك .
قال ابن العربي : تعلق الرافضة - لعنهم الله - بهذه الآية على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها إذ قالوا : إنها خالفت أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرجت تقود الجيوش ، وتباشر الحروب ، وتقتحم مأزق الطعن والضرب فيما لم يفرض عليها ولا يجوز لها .
قالوا : ولقد حصر عثمان ، فلما رأت ذلك أمرت برواحلها فقربت لتخرج إلى مكة ، فقال لها مروان : أقيمي هنا يا أم المؤمنين ، وردي هؤلاء الرعاع ، فإن الإصلاح بين الناس خير من حجك .
قال ابن العربي : قال علماؤنا رحمة الله عليهم : إن عائشة رضي الله عنها ، نذرت الحج قبل الفتنة ، فلم تر التخلف عن نذرها ، ولو خرجت في تلك الثائرة لكان ذلك صوابا لها .
وأما خروجها إلى حرب الجمل فما خرجت لحرب ، ولكن تعلق الناس بها ، وشكوا إليها ما صاروا إليه من عظيم الفتنة وتهارج الناس ، ورجوا بركتها ، وطمعوا في الاستحياء منها إذا وقفت إلى الخلق ، وظنت هي ذلك فخرجت مقتدية بالله في قوله : لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ، وقوله : وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما والأمر بالإصلاح مخاطب به جميع الناس من ذكر وأنثى ; حر أو عبد فلم يرد الله تعالى بسابق قضائه ونافذ حكمه أن يقع إصلاح ، ولكن جرت مطاعنات وجراحات حتى كاد يفنى الفريقان ، فعمد بعضهم إلى الجمل فعرقبه ، فلما سقط الجمل لجنبه أدرك محمد بن أبي بكر عائشة رضي الله تعالى عنها ، فاحتملها إلى البصرة ، وخرجت في ثلاثين امرأة ، قرنهن علي بها حتى أوصلوها إلى المدينة برة تقية مجتهدة ، مصيبة مثابة فيما تأولت ، مأجورة فيما فعلت ؛ إذ كل مجتهد في الأحكام مصيب .
وقد تقدم في ( النحل ) اسم هذا الجمل ، وبه يعرف ذلك اليوم .
قوله تعالى : وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله أي فيما أمر ونهى إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا قال الزجاج : قيل يراد به نساء النبي صلى الله عليه وسلم .
وقيل : يراد به نساؤه وأهله الذين هم أهل بيته ، على ما يأتي بيانه بعد ، و ( أهل البيت ) نصب على المدح .
قال : وإن شئت على البدل .
قال : ويجوز الرفع والخفض .
قال النحاس : إن خفض على أنه بدل من الكاف والميم لم يجز عند أبي العباس محمد بن يزيد ، قال لا يبدل من المخاطبة ولا من المخاطب ، لأنهما لا يحتاجان إلى تبيين .
( ويطهركم تطهيرا ) مصدر فيه معنى التوكيد .


شرح المفردات و معاني الكلمات : وقرن , بيوتكن , تبرجن , تبرج , الجاهلية , الأولى , أقمن , الصلاة , وآتين , الزكاة , أطعن , الله , رسوله , يريد , الله , ليذهب , الرجس , أهل , البيت , ويطهركم , تطهيرا ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم


تحميل سورة الأحزاب mp3 :

سورة الأحزاب mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الأحزاب

سورة الأحزاب بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة الأحزاب بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة الأحزاب بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة الأحزاب بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة الأحزاب بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة الأحزاب بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة الأحزاب بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة الأحزاب بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة الأحزاب بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة الأحزاب بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Tuesday, December 3, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب