﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ ۖ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾
[ الممتحنة: 4]

سورة : الممتحنة - Al-Mumtaḥanah  - الجزء : ( 28 )  -  الصفحة: ( 549 )

Indeed there has been an excellent example for you in Ibrahim (Abraham) and those with him, when they said to their people: "Verily, we are free from you and whatever you worship besides Allah, we have rejected you, and there has started between us and you, hostility and hatred for ever, until you believe in Allah Alone," except the saying of Ibrahim (Abraham) to his father: "Verily, I will ask for forgiveness (from Allah) for you, but I have no power to do anything for you before Allah." Our Lord! In You (Alone) we put our trust, and to You (Alone) we turn in repentance, and to You (Alone) is (our) final Return,


أسوة حسنة : قدوة حميدة في التـَّـبَـرّي من الضالين
بُرَآءُ منكم : أبرياء منكم
إليك أنـَــبْنا : إليك رَجَعْنا تائبين

قد كانت لكم-أيها المؤمنون- قدوة حسنة في إبراهيم عليه السلام والذين معه من المؤمنين، حين قالوا لقومهم الكافرين بالله: إنا بريئون منكم وممَّا تعبدون من دون الله من الآلهة والأنداد، كفرنا بكم، وأنكرنا ما أنتم عليه من الكفر، وظهر بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدًا ما دمتم على كفركم، حتى تؤمنوا بالله وحده، لكن لا يدخل في الاقتداء استغفار إبراهيم لأبيه؛ فإن ذلك إنما كان قبل أن يتبين لإبراهيم أن أباه عدو لله، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه، ربنا عليك اعتمدنا، وإليك رجعنا بالتوبة، وإليك المرجع يوم القيامة.

قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم - تفسير السعدي

قد كان لكم يا معشر المؤمنين { أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ }- أي: قدوة صالحة وائتمام ينفعكم، { فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ } من المؤمنين، لأنكم قد أمرتم أن تتبعوا ملة إبراهيم حنيفا، { إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ }- أي: إذ تبرأ إبراهيم عليه السلام ومن معه من المؤمنين، من قومهم المشركين ومما يعبدون من دون الله.ثم صرحوا بعداوتهم غاية التصريح، فقالوا: { كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا }- أي: ظهر وبان { بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ }- أي: البغض بالقلوب، وزوال مودتها، والعداوة بالأبدان، وليس لتلك العداوة والبغضاء وقت ولا حد، بل ذلك { أَبَدًا } ما دمتم مستمرين على كفركم { حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ }- أي: فإذا آمنتم بالله وحده، زالت العداوة والبغضاء، وانقلبت مودة وولاية، فلكم أيها المؤمنون أسوة [حسنة] في إبراهيم ومن معه في القيام بالإيمان والتوحيد، والقيام بلوازم ذلك ومقتضياته، وفي كل شيء تعبدوا به لله وحده، { إِلَّا } في خصلة واحدة وهي { قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ } آزر المشرك، الكافر، المعاند، حين دعاه إلى الإيمان والتوحيد، فامتنع، فقال إبراهيم : { لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ و } الحال أني لا { أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ } لكني أدعو ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقيا، فليس لكم أن تقتدوا بإبراهيم في هذه الحالة التي دعا بها للمشرك، فليس لكم أن تدعوا للمشركين، وتقولوا: إنا في ذلك متبعون لملة إبراهيم، فإن الله ذكر عذر إبراهيم في ذلك بقوله: { وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إن إبراهيم لأواه حليم }ولكم أسوة حسنة في إبراهيم ومن معه، حين دعوا الله وتوكلوا عليه وأنابوا إليه، واعترفوا بالعجز والتقصير، فقالوا: { رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا }- أي: اعتمدنا عليك في جلب ما ينفعنا ودفع ما يضرنا، ووثقنا بك يا ربنا في ذلك.{ وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا }- أي: رجعنا إلى طاعتك ومرضاتك وجميع ما يقرب إليك، فنحن في ذلك ساعون، وبفعل الخيرات مجتهدون، ونعلم أنا إليك نصير، فسنستعد للقدوم عليك، ونعمل ما يقربنا الزلفى إليك

تفسير الآية 4 - سورة الممتحنة

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم : الآية رقم 4 من سورة الممتحنة

 سورة الممتحنة الآية رقم 4

قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم - مكتوبة

الآية 4 من سورة الممتحنة بالرسم العثماني


﴿ قَدۡ كَانَتۡ لَكُمۡ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ فِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ إِذۡ قَالُواْ لِقَوۡمِهِمۡ إِنَّا بُرَءَٰٓؤُاْ مِنكُمۡ وَمِمَّا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ كَفَرۡنَا بِكُمۡ وَبَدَا بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمُ ٱلۡعَدَٰوَةُ وَٱلۡبَغۡضَآءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَحۡدَهُۥٓ إِلَّا قَوۡلَ إِبۡرَٰهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسۡتَغۡفِرَنَّ لَكَ وَمَآ أَمۡلِكُ لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن شَيۡءٖۖ رَّبَّنَا عَلَيۡكَ تَوَكَّلۡنَا وَإِلَيۡكَ أَنَبۡنَا وَإِلَيۡكَ ٱلۡمَصِيرُ  ﴾ [ الممتحنة: 4]


﴿ قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير ﴾ [ الممتحنة: 4]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة الممتحنة Al-Mumtaḥanah الآية رقم 4 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 4 من الممتحنة صوت mp3


تدبر الآية: قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم

التأسِّي بالصالحين المخلصين؛ في الدنيا طُمأنينةٌ وفَلاح، وفي الآخرة علوٌّ ونجاح.
تنال من محبَّة الله بقَدر براءتك من أعدائه، وإقبالك على طاعته، فقد اتخذ الله إبراهيم خليلًا وجعله أسوةً حسنة للمتَّقين؛ لإعلانه العداوةَ الظاهرة للكافرين.
أوثق عُرا الإيمان الموالاةُ في الله والمعاداةُ في الله، والحبُّ في الله والبغضُ في الله، فإيَّاك ونقضَ هذه العُروة.
ألا ما أقسى الابتلاءَ بانحراف فِلذة الكبد أو شقيق الفؤاد، وتنكُّبهم جادَّةَ الدين القويم، وما أعظمَ الصبرَ على ذلك، بمفارقة باطلهِم، والبراءة من ضلالهِم! الولاء والبراء في الله تعالى يحتاجان إلى قوَّة إيمان وصدق يقين وتجلُّد وحزم، مع التوكُّل على الله، واستمداد العون منه وحدَه.

والأسوة كالقدوة، وهي اتباع الغير على الحالة التي يكون عليها، قال-تبارك وتعالى-:لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ.
قال الآلوسى: قوله-تبارك وتعالى-: قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ تأكيد لأمر الإنكار عليهم، والتخطئة في موالاة الكفار، بقصة إبراهيم- عليه السلام- ومن معه، ليعلم أن الحب في الله-تبارك وتعالى- والبغض فيه- سبحانه - من أوثق عرا الإيمان، فلا ينبغي أن يغفل عنها.
والأسوة- بضم الهمزة وكسرها- بمعنى الائتساء والاقتداء، وتطلق على الخصلة التي من حقها أن يؤتسى ويقتدى بها، وعلى نفس الشخص المؤتسى بهوالمعنى: قد كان لكم- أيها المؤمنون- أسوة حسنة، وخصلة حميدة، ومنقبة كريمة، في قصة أبيكم إبراهيم- عليه السلام-، وفي قصة الذين آمنوا معه.
وافتتح- سبحانه - الكلام بقوله: قَدْ كانَتْ لتأكيد الخبر، فإن هذا الأسلوب المشتمل على قد وفعل الكون، يفيد التأكيد بموجب الخبر، والتعريض بغفلة من يخالفه.
ووصف- سبحانه - الأسوة بالحسن، على سبيل المدح لها والتحريض على الاقتداء بصاحبها.
وعطف- سبحانه - على إبراهيم الذين آمنوا معه، ليتم التمثيل لحال المسلمين مع رسولهم صلى الله عليه وسلم أى: كونوا- أيها المؤمنون- متأسين ومقتدين برسولكم صلى الله عليه وسلم ومطيعين له، ومستجيبين لتوجيهاته، كما كان أتباع أبيكم إبراهيم كذلك.
ثم بين- سبحانه - ما يجب عليهم الاقتداء به من حال إبراهيم- عليه السلام- والمؤمنين معه، فقال: إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ، وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، كَفَرْنا بِكُمْ، وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً، حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وإِذْ ظرف زمان بمعنى وقت وحين، وهو بدل اشتمال من إبراهيم والذين معه.
أو خبر لكان.
وبُرَآؤُا جمع برىء.
يقال: برئ فلان من كذا يبرأ براء وبراءة.
إذا ابتعد عنه، لكراهته له.
أى: قد كان لكم- أيها المؤمنون- أسوة حسنة في إبراهيم- عليه السلام- وفي الذين آمنوا معه، وقت أن قالوا لقومهم الكافرين، بشجاعة وقوة: إنا برآء منكم، ومن آلهتكم التي تعبدونها من دون الله- عز وجل - وإننا قد كفرنا بكم وبمعبوداتكم وَبَدا أى:وظهر بيننا وبينكم العداوة والبغض على سبيل التأييد والاستمرار، ولن نتخلى عن ذلك معكم، حتى تؤمنوا بالله-تبارك وتعالى- وحده، وتتركوا عبادتكم لغيره-تبارك وتعالى-.
فأنت ترى أن إبراهيم- عليه السلام- والمؤمنين معه، قد أعلنوا بكل شجاعة وشدة، إيمانهم الكامل بالحق، وبراءتهم وكراهيتهم واحتقارهم، لكل من أشرك مع الله-تبارك وتعالى- في العبادة آلهة أخرى.
وأنهم لم يكتفوا بالتغيير القلبي للمنكر، بل جاهروا بعداوتهم له، وبالتنزه عن اقترابهم منه.
وبتجافيهم عنه ...
ولعل هذا هو أقصى ما كانوا يملكونه بالنسبة لتغيير هذا المنكر في ذلك الوقت.
وقد أخبرنا القرآن الكريم أن إبراهيم- عليه السلام- لم يكتف بذلك، بل حطم الأصنام التي كان يعبدها قومه وقال لهم: أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ.
قال صاحب الكشاف: أى: كان فيهم- أى: في إبراهيم ومن آمن معه- مذهب حسن مرضى، جدير بأن يؤتسى به، ويتبع أثره، وهو قولهم لكفار قومهم ما قالوا، حيث كاشفوهم بالعداوة، وقشروا لهم العصا، وأظهروا لهم البغضاء والمقت، وصرحوا بأن سبب عداوتهم وبغضائهم، ليس إلا كفرهم بالله.
وما دام هذا السبب قائما، كانت العداوة قائمة، حتى إن أزالوه وآمنوا بالله وحده،انقلبت العداوة موالاة، والبغضاء مودة، والمقت محبة- فأفصحوا عن محض الإخلاص.. .
وقوله-تبارك وتعالى-: إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ، لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ.. كلام معترض بين الأقوال التي حكاها- سبحانه - عن إبراهيم- عليه السلام-.
والاستثناء يترجح أنه منقطع، لأن هذا القول من إبراهيم لأبيه، ليس من جنس الكلام السابق، الذي تبرأ فيه هو ومن معه مما عليه أقوامهم الكافرون.
والمعنى: اقتدوا- أيها المؤمنون- بأبيكم إبراهيم- عليه السلام- وبالذين آمنوا معه، في براءتهم من الشرك والمشركين.. ولكن لا تقتدوا به في استغفاره لأبيه الكافر، لأن استغفاره له كان عن موعدة وعدها إياه، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه.
قال الإمام الشوكانى ما ملخصه: قوله: إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ.. هو استثناء متصل من قوله: فِي إِبْراهِيمَ بتقدير مضاف.. أى: قد كانت لكم أسوة حسنة في مقالات إبراهيم، إلا في قوله لأبيه: لأستغفرن لك.
ويصح أن يكون استثناء متصلا من قوله: أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ وصح ذلك لأن القول من جملة الأسوة، فكأنه قيل: قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم في جميع أقواله وأفعاله، إلا في قوله لأبيه لأستغفرن لك.
أو هو استثناء منقطع، أى: اقتدوا بإبراهيم في كل أقواله وأحواله، لكن لا تقتدوا به في قوله لأبيه المشرك: لأستغفرن لك، بأن تستغفروا لآبائكم المشركين، لأن استغفار إبراهيم لأبيه المشرك كان عن موعدة وعدها إياه، أو أنه ظن أن أباه قد أسلم.. .
وقوله- سبحانه - وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ حكاية لبقية كلام إبراهيم لأبيه، وليس الاستثناء متوجها إليه، لأن هذه الجملة بيان لما تحلى به إبراهيم- عليه السلام- من آداب مع ربه-تبارك وتعالى- حيث فوض الأمر إليه- سبحانه -.
أى: وعد إبراهيم أباه بالاستغفار له، أملا في هدايته، وقال له: يا أبت إنى لا أملك لك من أمر قبول الاستغفار شيئا، بل الأمر كله لله، إن شاء عذبك وإن شاء عفا عنك، والجملة الكريمة في محل نصب على الحال من فاعل لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ أى: لأستغفرن لك حالة كوني لا أملك من أمر المغفرة أو غيرها شيئا، وإنما الذي يملك ذلك هو الله- عز وجل -.
ثم حكى- سبحانه - بعد ذلك جانبا مما تضرع به إبراهيم- عليه السلام- إلى خالقه فقال: رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَإِلَيْكَ أَنَبْنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.
أى: يا ربنا عليك وحدك فوضنا أمورنا، وإليك وحدك قبول توبتنا، وإليك لا إلى أحد سواك مرجعنا ومصيرنا.
قوله تعالى : قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصيرقوله تعالى : قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم لما نهى عز وجل عن موالاة الكفار ذكر قصة إبراهيم عليه السلام ، وأن من سيرته التبرؤ من الكفار ; أي فاقتدوا به وأتموا ; إلا في استغفاره لأبيه .
والإسوة والأسوة ما يتأسى به ، مثل القدوة والقدوة .
ويقال : هو إسوتك ; أي مثلك وأنت مثله .
وقرأ عاصم أسوة بضم الهمزة لغتان .
والذين معه يعني أصحاب إبراهيم من المؤمنين .
وقال ابن زيد : هم الأنبياءإذ قالوا لقومهم الكفار .
إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله أي الأصنام .
وبرآء جمع بريء ; مثل شريك وشركاء ، وظريف وظرفاء .
وقراءة العامة على وزن فعلاء .
وقرأ عيسى بن عمر وابن أبي إسحاق " براء " بكسر الباء على وزن فعال ; مثل قصير وقصار ، وطويل وطوال ، وظريف وظراف .
ويجوز ترك الهمزة حتى تقول : برا ; وتنون .
وقرئ " براء " على الوصف بالمصدر .
وقرئ " براء " على إبدال الضم من الكسر ; كرخال ورباب .
والآية نص في الأمر بالاقتداء بإبراهيم عليه السلام في فعله .
وذلك يصحح أن شرع من قبلنا شرع لنا فيما أخبر الله ورسوله .
" كفرنا بكم " أي بما آمنتم به من الأوثان .
وقيل : أي بأفعالكم وكذبناها وأنكرنا أن تكونوا على حق .
وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا أي هذا دأبنا معكم ما دمتم على كفركم .
حتى تؤمنوا بالله وحده فحينئذ تنقلب المعاداة موالاة .
إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك فلا تتأسوا به في الاستغفار فتستغفرون للمشركين ; فإنه كان عن موعدة منه له ; قاله قتادة ومجاهد وغيرهما .
وقيل : معنى الاستثناء أن إبراهيم هجر قومه وباعدهم إلا في الاستغفار لأبيه ، ثم بين عذره في سورة " التوبة " .
وفي هذا دلالة على تفضيل نبينا عليه الصلاة والسلام على سائر الأنبياء ; لأنا حين أمرنا بالاقتداء به أمرنا أمرا مطلقا في قوله تعالى : وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وحين أمرنا بالاقتداء بإبراهيم عليه السلام استثنى بعض أفعاله .
وقيل : هو استثناء منقطع ; أي لكن قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك ، إنما جرى لأنه ظن أنه أسلم ، فلما بان له أنه لم يسلم تبرأ منه .
وعلى هذا يجوز الاستغفار لمن يظن أنه أسلم ; وأنتم لم تجدوا مثل هذا الظن ، فلم توالوهم .
وما أملك لك من الله من شيء هذا من قول إبراهيم عليه السلام لأبيه ; أي ما أدفع عنك من عذاب الله شيئا إن أشركت به .
" ربنا عليك توكلنا " هذا من دعاء إبراهيم عليه السلام وأصحابه .
وقيل : علم المؤمنين أن يقولوا هذا .
أي تبرءوا من الكفار وتوكلوا على الله وقولوا : ربنا عليك توكلنا ؛ أي اعتمدنا .
وإليك أنبنا ؛ أي رجعنا .
" وإليك المصير " لك الرجوع في الآخرة .


شرح المفردات و معاني الكلمات : أسوة , حسنة , إبراهيم , لقومهم , برآء , تعبدون , دون , الله , كفرنا , بدا , بينكم , العداوة , البغضاء , أبدا , تؤمنوا , الله , وحده , قول , إبراهيم , لأبيه , لأستغفرن , أملك , الله , شيء , ربنا , توكلناأنبناالمصير ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم

  1. إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى
  2. قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون
  3. ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي
  4. ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم
  5. قال ياقوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين
  6. وقال الذين كفروا أئذا كنا ترابا وآباؤنا أئنا لمخرجون
  7. ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين
  8. وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا
  9. فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا
  10. فقدرنا فنعم القادرون

تحميل سورة الممتحنة mp3 :

سورة الممتحنة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الممتحنة

سورة الممتحنة بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة الممتحنة بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة الممتحنة بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة الممتحنة بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة الممتحنة بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة الممتحنة بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة الممتحنة بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة الممتحنة بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة الممتحنة بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة الممتحنة بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, April 18, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب