﴿ إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾
[ التوبة: 40]

سورة : التوبة - At-Taubah  - الجزء : ( 10 )  -  الصفحة: ( 193 )

If you help him (Muhammad SAW) not (it does not matter), for Allah did indeed help him when the disbelievers drove him out, the second of two, when they (Muhammad SAW and Abu Bakr) were in the cave, and he (SAW) said to his companion (Abu Bakr): "Be not sad (or afraid), surely Allah is with us." Then Allah sent down His Sakinah (calmness, tranquillity, peace, etc.) upon him, and strengthened him with forces (angels) which you saw not, and made the word of those who disbelieved the lowermost, while it was the Word of Allah that became the uppermost, and Allah is All-Mighty, All-Wise.


في الغار : غار جبل ثور قرب مكّة
لصاحبه : إبي بكر الصّديق رضي الله عنه

يا معشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لا تنفروا معه أيها المؤمنون إذا استَنْفَركم، وإن لا تنصروه؛ فقد أيده الله ونصره يوم أخرجه الكفار من قريش من بلده (مكة)، وهو ثاني اثنين (هو وأبو بكر الصديق رضي الله عنه) وألجؤوهما إلى نقب في جبل ثور "بمكة"، فمكثا فيه ثلاث ليال، إذ يقول لصاحبه (أبي بكر) لما رأى منه الخوف عليه: لا تحزن إن الله معنا بنصره وتأييده، فأنزل الله الطمأنينة في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعانه بجنود لم يرها أحد من البشر وهم الملائكة، فأنجاه الله من عدوه وأذل الله أعداءه، وجعل كلمة الذين كفروا السفلى. وكلمةُ الله هي العليا،، ذلك بإعلاء شأن الإسلام. والله عزيز في ملكه، حكيم في تدبير شؤون عباده. وفي هذه الآية منقبة عظيمة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه.

إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ - تفسير السعدي

أي‏:‏ إلا تنصروا رسوله محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ فاللّه غني عنكم، لا تضرونه شيئا، فقد نصره في أقل ما يكون وأذلة ‏{‏إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا‏}‏ من مكة لما هموا بقتله، وسعوا في ذلك، وحرصوا أشد الحرص، فألجؤوه إلى أن يخرج‏.‏‏{‏ثَانِيَ اثْنَيْنِ‏}‏ أي‏:‏ هو وأبو بكر الصديق رضي اللّه عنه‏.‏ ‏{‏إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ‏}‏ أي‏:‏ لما هربا من مكة، لجآ إلى غار ثور في أسفل مكة، فمكثا فيه ليبرد عنهما الطلب‏.‏فهما في تلك الحالة الحرجة الشديدة المشقة، حين انتشر الأعداء من كل جانب يطلبونهما ليقتلوهما، فأنزل اللّه عليهما من نصره ما لا يخطر على البال‏.‏‏{‏إِذْ يَقُولُ‏}‏ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏{‏لِصَاحِبِهِ‏}‏ أبي بكر لما حزن واشتد قلقه، ‏{‏لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا‏}‏ بعونه ونصره وتأييده‏.‏‏{‏فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ‏}‏ أي‏:‏ الثبات والطمأنينة، والسكون المثبتة للفؤاد، ولهذا لما قلق صاحبه سكنه وقال ‏{‏لا تحزن إن اللّه معنا‏}‏‏{‏وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا‏}‏ وهي الملائكة الكرام، الذين جعلهم اللّه حرسا له، ‏{‏وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى‏}‏ أي‏:‏ الساقطة المخذولة، فإن الذين كفروا قد كانوا على حرد قادرين، في ظنهم على قتل الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وأخذه، حنقين عليه، فعملوا غاية مجهودهم في ذلك، فخذلهم اللّه ولم يتم لهم مقصودهم، بل ولا أدركوا شيئا منه‏.‏ونصر اللّه رسوله بدفعه عنه، وهذا هو النصر المذكور في هذا الموضع، فإن النصر على قسمين‏:‏ نصر المسلمين إذا طمعوا في عدوهم بأن يتم اللّه لهم ما طلبوا، وقصدوا، ويستولوا على عدوهم ويظهروا عليهم‏.‏والثاني نصر المستضعف الذي طمع فيه عدوه القادر، فنصر اللّه إياه، أن يرد عنه عدوه، ويدافع عنه، ولعل هذا النصر أنفع النصرين، ونصر اللّه رسوله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين من هذا النوع‏.‏وقوله ‏{‏وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا‏}‏ أي كلماته القدرية وكلماته الدينية، هي العالية على كلمة غيره، التي من جملتها قوله‏:‏ ‏{‏وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ‏}‏ ‏{‏إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ‏}‏ ‏{‏وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ‏}‏ فدين اللّه هو الظاهر العالي على سائر الأديان، بالحجج الواضحة، والآيات الباهرة والسلطان الناصر‏.‏‏{‏وَاللَّهُ عَزِيزٌ‏}‏ لا يغالبه مغالب، ولا يفوته هارب، ‏{‏حَكِيمٌ‏}‏ يضع الأشياء مواضعها، وقد يؤخر نصر حزبه إلى وقت آخر، اقتضته الحكمة الإلهية‏.‏وفي هذه الآية الكريمة فضيلة أبي بكر الصديق بخصيصة لم تكن لغيره من هذه الأمة، وهي الفوز بهذه المنقبة الجليلة، والصحبة الجميلة، وقد أجمع المسلمون على أنه هو المراد بهذه الآية الكريمة، ولهذا عدوا من أنكر صحبة أبي بكر للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كافرًا، لأنه منكر للقرآن الذي صرح بها‏.‏وفيها فضيلة السكينة، وأنها من تمام نعمة اللّه على العبد في أوقات الشدائد والمخاوف التي تطيش بها الأفئدة، وأنها تكون على حسب معرفة العبد بربه، وثقته بوعده الصادق، وبحسب إيمانه وشجاعته‏.‏وفيها‏:‏ أن الحزن قد يعرض لخواص عباد الله الصديقين، مع أن الأولى ـ إذا نزل بالعبد ـ أن يسعى في ذهابه عنه، فإنه مضعف للقلب، موهن للعزيمة‏.‏

تفسير الآية 40 - سورة التوبة

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه : الآية رقم 40 من سورة التوبة

 سورة التوبة الآية رقم 40

إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ - مكتوبة

الآية 40 من سورة التوبة بالرسم العثماني


﴿ إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدۡ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذۡ أَخۡرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ ٱثۡنَيۡنِ إِذۡ هُمَا فِي ٱلۡغَارِ إِذۡ يَقُولُ لِصَٰحِبِهِۦ لَا تَحۡزَنۡ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَاۖ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَيۡهِ وَأَيَّدَهُۥ بِجُنُودٖ لَّمۡ تَرَوۡهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفۡلَىٰۗ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِيَ ٱلۡعُلۡيَاۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ  ﴾ [ التوبة: 40]


﴿ إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنـزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم ﴾ [ التوبة: 40]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة التوبة At-Taubah الآية رقم 40 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 40 من التوبة صوت mp3


تدبر الآية: إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ

لا تخشَ على دين الله تعالى، فإن الله حافظُه وناصرُه، ولكن اخشَ على نفسك ألا تكونَ من أنصاره المشرَّفين بالدفاع عنه.
إن أوائلَ الطريق إلى النصر قد لا تؤذِن به، فهذه حالُ رسول الله ﷺ؛ من طلبِ النجاة في غارٍ موحش مع صاحبٍ وحيد، إلى فتح مكةَ بجيش عَتيد! من غار ثور انبثق درسٌ يعلِّم الناسَ تكاليفَ الدعوة الشاقَّة، فمع نصرة الله تعالى وملائكته لرسوله ﷺ يخرجه قومُه من أرضه، ويلجأ إلى غارٍ مهجور طلبًا للأمان.
هنيئًا لأبي بكر رضي الله عنه أن كان الثانيَ في الإسلام، وفي الصُّحبة إلى المدينة، وأن الله كان معه حين صاحبَ رسولَه ﷺ، وتلك منزلةٌ لم يرقَ إليها أحد.
في قمَّة الخوف الذي يدور حولهما، والطلبِ الشديد بحثًا عنهما؛ تُشرقُ شمسُ الثقة من فم الصادق الأمين، فتبدِّد ظلُماتِ المخاوف.
كيف يستسلم للحزن مَن كان الله معه، ذو العزَّة التي لا تُغلَب، والقدرةِ التي لا تُقهَر، والرحمةِ التي بها يقوم كلُّ شيء؟ السَّكينةُ في أوقاتِ الشدائد من تمام نعمة الله على عبده، وتكون بحسَب المعرفة بالله، والثقةِ بوعده الصادق، والإيمان به، ورَباطة الجأش.
لم تكن كلمةُ الله يومًا غيرَ عليا، بل هي العليا بدءًا وانتهاءً، دائمًا وأبدًا.
عزَّته تعالى تدعوك إلى الخضوع له؛ خوفًا من سلطانه، وحكمتُه تدفعك إلى أن تطيعَه، راغبًا في الخير الكامن فيما يأمرُك به.

ثم ذكرهم، سبحانه، بما يعرفونه من حال الرسول صلى الله عليه وسلم حيث نصره الله.
تعالى، على أعدائه بدون عون منهم، وأيده بجنود لم يروها فقال، إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ.
قال ابن جرير.
هذا إعلام من الله لأصحاب رسوله صلى الله عليه وسلم أنه المتوكل بنصر رسوله على أعداء دينه، وإظهاره عليهم دونهم، أعانوه أو لم يعينوه، وتذكير منه لهم بأنه فعل ذلك به، وهو من العدد في قلة، والعدو في كثرة فكيف به وهو من العدد في كثرة والعدو في قلة .
والمعنى: إنكم، أيها المؤمنون، إن آثرتم القعود والراحة على الجهاد وشدائده، ولم تنصروا رسولكم الذي استنفركم للخروج معه.
فاعلموا أن الله سينصره بقدرته النافذة، كما نصره، وأنتم تعلمون ذلك، وقت أن أخرجه الذين كفروا من مكة ثانِيَ اثْنَيْنِ أى: أحد اثنين.
والثاني: أبو بكر الصديق، رضى الله عنه.
يقال.
فلان ثالث ثلاثة، أو رابع أربعة.. أى: هو واحد من الثلاثة أو من الأربعة.
فإذا قيل: فلان رابع ثلاثة أو خامس أربعة، فمعناه أنه صير الثلاثة أربعة بإضافة ذاته إليهم، أو صير الأربعة خمسة.
وأسند سبحانه الإخراج إلى المشركين مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد خرج بنفسه بإذن من الله، تعالى، لأنهم السبب في هذا الخروج حيث اضطروه إلى ذلك، بعد أن تآمروا على قتله.
قيل: وجواب الشرط في قوله، إِلَّا تَنْصُرُوهُ محذوف وقوله فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ تعليل لهذا المحذوف.
والتقدير: إلا تنصروه ينصره الله في كل حال.
فَقَدْ نَصَرَهُ سبحانه وقت أن أخرجه الكافرون من بلده ولم يكن معه سوى رجل واحد.
وقال صاحب الكشاف: فإن قلت.
كيف يكون قوله فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ جوابا للشرط؟.
قلت «فيه وجهان» أحدهما: إلا تنصروه فسينصره من نصره حين لم يكن معه إلا رجل واحد.
ولا أقل من الواحد، فدل بقوله.
فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ على أنه ينصره في المستقبل كما نصره في ذلك الوقت.
والثاني.
أنه أوجب له النصرة وجعله منصورا في ذلك الوقت، فلن يخذل من بعده، .
وقوله: ثانِيَ اثْنَيْنِ حال من الهاء في قوله أَخْرَجَهُ أى أخرجه الذين كفروا حال كونه منفردا عن جميع الناس إلا أبا بكر الصديق- رضى الله عنه-.
وقوله: إِذْ هُما فِي الْغارِ بدل من قوله إِذْ أَخْرَجَهُ.
والغار: النقب العظيم يكون في الجبل.
والمراد به هنا: غار جبل ثور.
وهو جبل في الجهة الجنوبية لمكة، وقد مكثا فيه ثلاثة أيام.
وقوله: إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا بدل ثان من قوله إِذْ أَخْرَجَهُ.
أى.
إلا تنصروه فقد نصره الله وقت أن أخرجه الذين كفروا من مكة، ووقت أن كان هو وصاحبه أبو بكر في الغار، ووقت أن كان صلى الله عليه وسلم يقول لصاحبه الصديق: لا تحزن إن الله معنا بتأييده ونصره وحمايته.
وذلك أن أبا بكر وهو مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار، أحس بحركة المشركين من فوق الغار، فخاف خوفا شديدا لا على حياته هو، وإنما على حياة النبي صلى الله عليه وسلم فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم منه ذلك، أخذ في تسكين روعه وجزعه وجعل يقول له: لا تحزن إن الله معنا.
أخرج الشيخان عن أبى بكر قال.
نظرت إلى أقدام المشركين ونحن في الغار، وهم على رءوسنا، فقلت.
يا رسول الله، لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه، فقال:«يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما، لا تحزن إن الله معنا» .
وقوله: فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها.. بيان لما أحاط الله به نبيه- صلى الله عليه وسلم - من مظاهر الحفظ والرعاية.
والسكينة: من السكون، وهو ثبوت الشيء بعد التحرك.
أو من السكن- بالتحريك- وهو كل ما سكنت إليه نفسك، واطمأنت به من أهل وغيرهم.
والمراد بها هنا: الطمأنينة التي استقرت في قلب النبي صلى الله عليه وسلم فجعلته لا يبالى بجموع المشركين المحيطين بالغار، لأنه واثق بأنهم لن يصلوا إليه.
والمراد بالجنود المؤيدين له.
الملائكة الذين أرسلهم- سبحانه - لهذا الغرض: والضمير في قوله: عَلَيْهِ يعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
أى.
فأنزل الله سكينته وطمأنينته وأمنه على رسوله صلى الله عليه وسلم وأيده وقواه بجنود من الملائكة لم تروها أنتم، كان من وظيفتهم حراسته وصرف أبصار المشركين عنه.
ويرى بعضهم أن الضمير في قوله عَلَيْهِ يعود إلى أبى بكر الصديق، لأن الأصل في الضمير أن يعود إلى أقرب مذكور، وأقرب مذكور هنا هو الصاحب ولأن الرسول لم يكن في حاجة إلى السكينة.
وإنما الذي كان في حاجة إليها هو أبو بكر، بسبب ما اعتراه من فزع وخوف.
وقد رد أصحاب الرأى الأول على ذلك بأن قوله وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها الضمير فيه لا يصح إلا للنبي صلى الله عليه وسلم وهو معطوف على ما قبله فوجب أن يكون الضمير في قوله عَلَيْهِ عائدا إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى لا يحصل تفكك في الكلام.
أما نزول السكينة فلا يلزم منه أن يكون لدفع الفزع والخوف، بل يصح أن يكون لزيادة الاطمئنان، وللدلالة على علو شأنه صلى الله عليه وسلم.
قال ابن كثير قوله فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ أى.
تأييده ونصره عليه أى.
على الرسول صلى الله عليه وسلم في أشهر القولين.
وقيل.
على أبى بكر.
قالوا: لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم تزل معه سكينة.
وهذا لا ينافي تجدد سكينة خاصة بتلك الحال، ولهذا قال: وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها أى: الملائكة .
وقوله: وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا بيان لما ترتب على إنزال السكينة والتأييد بالملائكة.
والمراد بكلمة الذين كفروا.
كلمة الشرك، أو كلمتهم التي اجتمعوا عليها في دار الندوة وهي اتفاقهم على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والمراد بكلمة الله: دينه الذي ارتضاه لعباده، وهو دين الإسلام، وما يترتب على اتباع هذا الدين من نصر وحسن عاقبة، أى: كانت نتيجة إنزال السكينة والتأييد بالملائكة، أن جعل كلمة الشرك هي السفلى، أى.
المقهورة الذليلة.
وكلمة الحق والتوحيد المتمثلة في دين الإسلام هي العليا أى: هي الثابتة الغالبة النافذة.
وقراءة الجمهور برفع.
كَلِمَةَ على الابتداء.
وقوله هِيَ مبتدأ ثان: وقوله:الْعُلْيا خبرها، والجملة خبر المبتدأ الأول.
ويجوز أن يكون الضمير هِيَ ضمير فصل، وقوله الْعُلْيا هو الخبر وقرأ الأعمش ويعقوب وَكَلِمَةُ اللَّهِ بالنصب عطفا على مفعول جعل وهو كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا.
أى: وجعل كلمة الذين كفروا السفلى، وجعل كلمة الله هي العليا.
قالوا: وقراءة الرفع أبلغ وأوجه، لأن الجملة الاسمية تدل على الدوام والثبوت، ولأن الجعل لم يتطرق إلى الجملة الثانية وهي قوله: وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا لأنها في ذاتها عالية ثابتة، بدون جعلها كذلك في حادثة معينة.
بخلاف علو غيرها فهو غير ذاتى، وإنما هو علو مؤقت في حالة معينة، ثم مصيرها إلى الزوال والخذلان بعد ذلك.
وقوله: وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ تذييل مقرر لمضمون ما قبله.
أى: والله-تبارك وتعالى- عَزِيزٌ لا يغلبه غالب، ولا يقهره قاهر، ولا ينصر من عاقبه ناصر، حَكِيمٌ في تصريفه شأن خلقه، لا قصور في تدبيره، ولا نقص في أفعاله.
هذا، ومن الأحكام التي أخذها العلماء من هذه الآية: الدلالة على فضل أبى بكر الصديق- رضى الله عنه- وعلى علو منزلته، وقوة إيمانه، وشدة إخلاصه لله-تبارك وتعالى- ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
ومما يشهد لذلك، أن الرسول صلى الله عليه وسلم عند ما أذن الله له بالهجرة، لم يخبر أحدا غيره لصحبته في طريق هجرته إلى المدينة.
ولقد أظهر الصديق- رضى الله عنه- خلال مصاحبته للرسول صلى الله عليه وسلم الكثير من ألوان الوفاء والإخلاص وصدق العقيدة .
قال الآلوسى ما ملخصه: واستدل بالآية على فضل أبى بكر.. فإنها خرجت مخرج العتاب للمؤمنين ما عدا أبا بكر.. فعن الحسن قال: عاتب الله جميع أهل الأرض غير أبى بكر فقال:إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ الآية.
ولأن فيها النص على صحبته للرسول صلى الله عليه وسلم ولم يثبت ذلك لأحد من الصحابة: لأنه هو المراد بالصاحب في قوله إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ وهذا مما وقع عليه الإجماع.
ومن هنا قالوا: من أنكر صحبة أبى بكر فقد كفر، لإنكار كلام الله، وليس ذلك لسائر الصحابة .
وقد ساق الإمام الرازي، والشيخ رشيد رضا، عند تفسيرهما لهذه الآية اثنى عشر وجها في فضل أبى بكر الصديق- رضى الله عنه-، فارجع إليهما إن شئت .
قوله تعالى إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيمفيه إحدى عشرة مسألة :الأولى : قوله تعالى إلا تنصروه يقول : تعينوه بالنفر معه في غزوة تبوك .
عاتبهم الله بعد انصراف نبيه عليه السلام من تبوك .
قال النقاش : هذه أول آية نزلت من سورة ( براءة ) والمعنى : إن تركتم نصره فالله يتكفل به ، إذ قد نصره الله في مواطن القلة وأظهره على عدوه بالغلبة والعزة .
وقيل : فقد نصره الله بصاحبه في الغار بتأنيسه له وحمله على عنقه ، وبوفائه ووقايته له بنفسه ومواساته له بماله .
قال الليث بن سعد : ما صحب الأنبياء عليهم السلام مثل أبي بكر الصديق .
وقال سفيان بن عيينة .
خرج أبو بكر بهذه الآية من المعاتبة التي في قوله : إلا تنصروهالثانية : قوله تعالى إذ أخرجه الذين كفروا وهو خرج بنفسه فارا ، لكن بإلجائهم إلى ذلك حتى فعله ، فنسب الفعل إليهم ورتب الحكم فيه عليهم ، فلهذا يقتل المكره على القتل ويضمن المال المتلف بالإكراه ، لإلجائه القاتل والمتلف إلى القتل والإتلاف .
الثالثة : قوله تعالى ثاني اثنين أي أحد اثنين .
وهذا كثالث ثلاثة ورابع أربعة .
فإذا اختلف اللفظ فقلت : رابع ثلاثة وخامس أربعة ، فالمعنى صير الثلاثة أربعة بنفسه والأربعة خمسة .
وهو منصوب على الحال ، أي أخرجوه منفردا من جميع الناس إلا من أبي بكر .
والعامل فيها نصره الله أي نصره منفردا ونصره أحد اثنين .
وقال علي بن سليمان : التقدير فخرج ثاني اثنين ، مثل والله أنبتكم من الأرض نباتا .
وقرأ جمهور الناس ثاني بنصب الياء .
قال أبو حاتم : لا يعرف غير هذا .
وقرأت فرقة " ثاني " بسكون الياء .
قال ابن جني : حكاها أبو عمرو بن العلاء ووجهه أنه سكن الياء تشبيها لها بالألف .
قال ابن عطية : فهي كقراءة الحسن ما بقي من الربا وكقول جرير :هو الخليفة فارضوا ما رضي لكم ماضي العزيمة ما في حكمه جنفالرابعة : قوله تعالى إذ هما في الغار الغار : ثقب في الجبل ، يعني غار ثور .
ولما رأت قريش أن المسلمين قد صاروا إلى المدينة قالوا : هذا شر شاغل لا يطاق ، فأجمعوا أمرهم على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبيتوه ورصدوه على باب منزله طول ليلتهم ليقتلوه إذا خرج ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب أن ينام على فراشه ، ودعا الله أن يعمي عليهم أثره ، فطمس الله على أبصارهم فخرج وقد غشيهم النوم ، فوضع على رءوسهم ترابا ونهض فلما أصبحوا خرج عليهم علي رضي الله عنه وأخبرهم أن ليس في الدار أحد فعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فات ونجا وتواعد رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر الصديق للهجرة ، فدفعا راحلتيهما إلى عبد الله بن أرقط .
ويقال ابن أريقط ، وكان كافرا لكنهما وثقا به ، وكان دليلا بالطرق فاستأجراه ليدل بهما إلى المدينة ، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من خوخة في ظهر دار أبي بكر التي في بني جمح ونهضا نحو الغار في جبل ثور ، وأمر أبو بكر ابنه عبد الله أن يستمع ما يقول الناس ، وأمر مولاه عامر بن فهيرة أن يرعى غنمه ويريحها عليهما ليلا فيأخذ منها حاجتهما .
ثم نهضا فدخلا الغار .
وكانت أسماء بنت أبي بكر الصديق تأتيهما بالطعام ويأتيهما عبد الله بن أبي بكر بالأخبار ، ثم يتلوهما عامر بن فهيرة بالغنم فيعفي آثارهما .
فلما فقدته قريش جعلت تطلبه بقائف معروف بقفاء الأثر ، حتى وقف على الغار فقال : هنا انقطع الأثر .
فنظروا فإذا بالعنكبوت قد نسج على فم الغار من ساعته ، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتله ، فلما رأوا نسج العنكبوت أيقنوا أن لا أحد فيه فرجعوا وجعلوا في النبي صلى الله عليه وسلم مائة ناقة لمن رده عليهم ، الخبر مشهور ، وقصة سراقة بن مالك بن جعشم في ذلك مذكورة .
وقد روي من حديث أبي الدرداء وثوبان رضي الله عنهما : أن الله عز وجل أمر حمامة فباضت على نسج العنكبوت ، وجعلت ترقد على بيضها ، فلما نظر الكفار إليها ردهم ذلك عن الغار .
الخامسة : روى البخاري عن عائشة قالت : استأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلا من بني الديل هاديا خريتا وهو على دين كفار قريش فدفعا إليه راحلتيهما وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال فأتاهما براحلتيهما صبيحة ثلاث فارتحلا وارتحل معهما عامر بن فهيرة والدليل الديلي فأخذ بهم طريق الساحل .
‌‌‌‌ قال المهلب : فيه من الفقه ائتمان أهل الشرك على السر والمال إذا علم منهم وفاء ومروءة كما ائتمن النبي صلى الله عليه وسلم هذا المشرك على سره في الخروج من مكة وعلى الناقتين .
وقال ابن المنذر : فيه استئجار المسلمين الكفار على هداية الطريق .
وقال البخاري في ترجمته : [ باب استئجار المشركين عند الضرورة أو إذا لم يوجد أهل الإسلام ] قال ابن بطال : إنما قال البخاري في ترجمته [ أو إذا لم يوجد أهل الإسلام ] من أجل أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما عامل أهل خيبر على العمل في أرضها إذ لم يوجد من المسلمين من ينوب منابهم في عمل الأرض ، حتى قوي الإسلام واستغني عنهم أجلاهم عمر .
وعامة الفقهاء يجيزون استئجارهم عند الضرورة وغيرها .
وفيه : استئجار الرجلين الرجل الواحد على عمل واحد لهما .
وفيه : دليل على جواز الفرار بالدين خوفا من العدو ، والاستخفاء في الغيران وغيرها ألا يلقي الإنسان بيده إلى العدو توكلا على الله واستسلاما له .
ولو شاء ربكم لعصمه مع كونه معهم ولكنها سنة الله في الأنبياء وغيرهم ، ولن تجد لسنة الله تبديلا .
وهذا أدل دليل على فساد من منع ذلك وقال : من خاف مع الله سواه كان ذلك نقصا في توكله ، ولم يؤمن بالقدر .
وهذا كله في معنى الآية ، ولله الحمد والهدايةالسادسة : قوله تعالى إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا هذه الآية تضمنت فضائل الصديق رضي الله عنه .
روى أصبغ وأبو زيد عن ابن القاسم عن مالك ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا هو الصديق .
فحقق الله تعالى قوله له بكلامه ووصف الصحبة في كتابه .
قال بعض العلماء : من أنكر أن يكون عمر وعثمان أو أحد من الصحابة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كذاب مبتدع .
ومن أنكر أن يكون أبو بكر رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كافر ؛ لأنه رد نص القرآن .
ومعنى إن الله معنا أي بالنصر والرعاية والحفظ والكلاءة .
روى الترمذي والحارث بن أبي أسامة قالا : حدثنا عفان قال حدثنا همام قال أخبرنا ثابت عن أنس أن أبا بكر حدثه قال : قلت للنبي صلى الله عليه وسلم ونحن في الغار : لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه ، فقال : يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما .
قال المحاسبي : يعني معهما بالنصر والدفاع ، لا على معنى ما عم به الخلائق فقال : ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم .
فمعناه العموم أنه يسمع ويرى من الكفار والمؤمنين .
السابعة : قال ابن العربي : قالت الإمامية قبحها الله : حزن أبي بكر في الغار دليل على جهله ونقصه وضعف قلبه وخرقه .
وأجاب علماؤنا عن ذلك بأن إضافة الحزن إليه ليس بنقص ، كما لم ينقص إبراهيم حين قال عنه : نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف .
ولم ينقص موسى قوله : فأوجس في نفسه خيفة موسى .
قلنا لا تخف .
وفي لوط : ولا تحزن إنا منجوك وأهلك .
فهؤلاء العظماء صلوات الله عليهم قد وجدت عندهم التقية نصا ولم يكن ذلك طعنا عليهم ووصفا لهم بالنقص ، وكذلك في أبي بكر .
ثم هي عند الصديق احتمال ، فإنه قال : لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا .
جواب ثان : إن حزن الصديق إنما كان خوفا على النبي صلى الله عليه وسلم أن يصل إليه ضرر ، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت معصوما وإنما نزل عليه والله يعصمك من الناس بالمدينة .
الثامنة : قال ابن العربي : قال لنا أبو الفضائل العدل قال لنا جمال الإسلام أبو القاسم قال موسى صلى الله عليه وسلم : كلا إن معي ربي سيهدين وقال في محمد صلى الله عليه وسلم : لا تحزن إن الله معنا لا جرم لما كان الله مع موسى وحده ارتد أصحابه بعده ، فرجع من عند ربه ووجدهم يعبدون العجل .
ولما قال في محمد صلى الله عليه وسلم لا تحزن إن الله معنا بقي أبو بكر مهتديا موحدا عالما جازما قائما بالأمر ولم يتطرق إليه اختلال .
التاسعة : خرج الترمذي من حديث نبيط بن شريط عن سالم بن عبيد - له صحبة - قال : أغمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ، الحديث .
وفيه : واجتمع المهاجرون يتشاورون فقالوا : انطلقوا بنا إلى إخواننا من الأنصار ندخلهم معنا في هذا الأمر .
فقالت الأنصار : منا أمير ومنكم أمير .
فقال عمر رضي الله عنه : من له مثل هذه الثلاث ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا من هما ؟ قال : ثم بسط يده فبايعه وبايعه الناس بيعة حسنة جميلة .
قلت : ولهذا قال بعض العلماء : في قوله تعالى : ثاني اثنين إذ هما في الغار ما يدل على أن الخليفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق رضي الله عنه ؛ لأن الخليفة لا يكون أبدا إلا ثانيا .
وسمعت شيخنا الإمام أبا العباس أحمد بن عمر يقول : إنما استحق الصديق أن يقال له ثاني اثنين لقيامه بعد النبي صلى الله عليه وسلم بالأمر ، كقيام النبي صلى الله عليه وسلم به أولا .
وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما مات ارتدت العرب كلها ، ولم يبق الإسلام إلا بالمدينة ومكة وجواثا ، فقام أبو بكر يدعو الناس إلى الإسلام ويقاتلهم على الدخول في الدين كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، فاستحق من هذه الجهة أن يقال في حقه " ثاني اثنين " .
قلت : وقد جاء في السنة أحاديث صحيحة ، يدل ظاهرها على أنه الخليفة بعده ، وقد انعقد الإجماع على ذلك ولم يبق منهم مخالف .
والقادح في خلافته مقطوع بخطئه وتفسيقه .
وهل يكفر أم لا ، يختلف فيه ، والأظهر تكفيره .
وسيأتي لهذا المعنى مزيد بيان في سورة ( الفتح ) إن شاء الله .
والذي يقطع به من الكتاب والسنة وأقوال علماء الأمة ويجب أن تؤمن به القلوب والأفئدة فضل الصديق على جميع الصحابة .
ولا مبالاة بأقوال أهل الشيع ولا أهل البدع ، فإنهم بين مكفر تضرب رقبته ، وبين مبتدع مفسق لا تقبل كلمته .
ثم بعد الصديق ، عمر الفاروق ، ثم بعده عثمان .
روى البخاري عن ابن عمر قال : كنا نخير بين الناس في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فنخير أبا بكر ثم عمر ثم عثمان .
واختلف أئمة أهل السلف في عثمان وعلي ، فالجمهور منهم على تقديم عثمان .
وروي عن مالك أنه توقف في ذلك .
وروي عنه أيضا أنه رجع إلى ما عليه الجمهور .
وهو الأصح إن شاء الله .
العاشرة : قوله تعالى فأنزل الله سكينته عليه فيه قولان : أحدهما : على النبي صلى الله عليه وسلم .
والثاني : على أبي بكر .
ابن العربي : قال علماؤنا : وهو الأقوى ؛ لأنه خاف على النبي صلى الله عليه وسلم من القوم فأنزل الله سكينته عليه بتأمين النبي صلى الله عليه وسلم ، فسكن جأشه وذهب روعه وحصل الأمن وأنبت الله سبحانه ثمامة ، وألهم الوكر هناك حمامة وأرسل العنكبوت فنسجت بيتا عليه .
فما أضعف هذه الجنود في ظاهر الحس وما أقواها في باطن المعنى ولهذا المعنى قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر حين تغامر مع الصديق : هل أنتم تاركو لي صاحبي إن الناس كلهم قالوا كذبت وقال أبو بكر صدقت رواه أبو الدرداء .
الحادية عشرة : قوله تعالى وأيده بجنود لم تروها أي من الملائكة .
والكناية في قوله وأيده ترجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
والضميران يختلفان ، وهذا كثير في القرآن وفي كلام العرب .
وجعل كلمة الذين كفروا السفلى أي كلمة الشرك .
وكلمة الله هي العليا قيل : لا إله إلا الله .
وقيل : وعد النصر .
وقرأ الأعمش ويعقوب " وكلمة الله " بالنصب حملا على ( جعل ) والباقون بالرفع على الاستئناف .
وزعم الفراء أن قراءة النصب بعيدة ، قال : لأنك تقول أعتق فلان غلام أبيه ، ولا تقول غلام أبي فلان .
وقال أبو حاتم نحوا من هذا .
قال : كان يجب أن يقال وكلمته هي العليا .
قال النحاس : الذي ذكره الفراء لا يشبه الآية ، ولكن يشبهها ما أنشد سيبويه :لا أرى الموت يسبق الموت شيء نغص الموت ذا الغنى والفقيرافهذا حسن جيد لا إشكال فيه ، بل يقول النحويون الحذاق : في إعادة الذكر في مثل هذا فائدة وهي أن فيه معنى التعظيم ، قال الله تعالى : إذا زلزلت الأرض زلزالها .
وأخرجت الأرض أثقالها فهذا لا إشكال فيه .
وجمع الكلمة كلم .
وتميم تقول : هي كلمة بكسر الكاف .
وحكى الفراء فيها ثلاث لغات : كلمة وكلمة وكلمة مثل كبد وكبد وكبد ، وورق وورق وورق .
والكلمة أيضا القصيدة بطولها ، قاله الجوهري .


شرح المفردات و معاني الكلمات : تنصروه , نصره , الله , أخرجه , كفروا , ثاني , اثنين , هما , الغار , يقول , لصاحبه , تحزن , الله , معنا , فأنزل , الله , سكينته , أيده , بجنود , تروها , جعل , كلمة , كفروا , السفلى , كلمة , الله , العليا , الله , عزيز , حكيم ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم

  1. قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها
  2. ثم لتسألن يومئذ عن النعيم
  3. قل آمنا بالله وما أنـزل علينا وما أنـزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما
  4. فبأي آلاء ربكما تكذبان
  5. فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا
  6. الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف
  7. وأنه هو أغنى وأقنى
  8. والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح
  9. وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا
  10. ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون

تحميل سورة التوبة mp3 :

سورة التوبة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة التوبة

سورة التوبة بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة التوبة بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة التوبة بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة التوبة بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة التوبة بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة التوبة بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة التوبة بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة التوبة بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة التوبة بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة التوبة بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, March 28, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب