تفسير القرآن | باقة من أهم تفاسير القرآن الكريم المختصرة و الموجزة التي تعطي الوصف الشامل لمعنى الآيات الكريمات : سبعة تفاسير معتبرة لكل آية من كتاب الله تعالى , [ الطلاق: 4] .
﴿ وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ۚ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾
﴿ وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ۚ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾
[ سورة الطلاق: 4]
القول في تفسير قوله تعالى : واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي ..
تفسير الجلالين | التفسير الميسر | تفسير السعدي |
تفسير البغوي | التفسير الوسيط | تفسير ابن كثير |
تفسير الطبري | تفسير القرطبي | إعراب الآية |
التفسير الميسر : واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم
والنساء المطلقات اللاتي انقطع عنهنَّ دم الحيض؛ لكبر سنهنَّ، إن شككتم فلم تدروا ما الحكم فيهنَّ؟ فعدَّتهنَّ ثلاثة أشهر، والصغيرات اللاتي لم يحضن، فعدتهن ثلاثة أشهر كذلك. وذوات الحَمْل من النساء عدتهن أن يضعن حَمْلهن. ومن يَخَفِ الله، فينفذ أحكامه، يجعل له من أمره يسرًا في الدنيا والآخرة.
المختصر في التفسير : شرح المعنى باختصار
والمطلقات اللائي يئسن من أن يحضن لكبر سنّهن، إن شككتم في كيفية عِدَّتهن فعِدَّتهن ثلاثة أشهر، واللائي لم يبلغن سنّ الحيض لصغرهن فعِدَّتهن ثلاثة أشهر كذلك، والحوامل من النساء نهاية عِدَّتهن من طلاق أو وفاة: إذا وضعن حملهنّ، ومن يتّق الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، يُيَسِّر الله له أموره، ويسهّل له كل عسير.
تفسير الجلالين : معنى و تأويل الآية 4
(واللائي) بهمزة وياء وبلا ياء في الموضعين (يئسن من المحيض) بمعنى الحيض (من نسائكم إن ارتبتم) شككتم في عدتهن (فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن) لصغرهن فعدتهن ثلاثة أشهر والمسألتان في غير المتوفي عنهن أزواجهن أما هن فعدتهن ما في آية "" يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا "" (وأولات الأحمال أجلهن) انقضاء عدتهن مطلقات أو متوفى عنهن أزواجهن (أن يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا) في الدنيا والآخرة.
تفسير السعدي : واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم
لما ذكر تعالى أن الطلاق المأمور به يكون لعدة النساء، ذكر تعالى العدة، فقال:{ وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْْ } بأن كن يحضن، ثم ارتفع حيضهن، لكبر أو غيره، ولم يرج رجوعه، فإن عدتها ثلاثة أشهر، جعل لكل شهر، مقابلة حيضة.{ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ }- أي: الصغار، اللائي لم يأتهن الحيض بعد، و البالغات اللاتي لم يأتهن حيض بالكلية، فإنهن كالآيسات، عدتهن ثلاثة أشهر، وأما اللائي يحضن، فذكر الله عدتهن في قوله: { وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ } [وقوله:] { وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ }- أي: عدتهن { أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ }- أي: جميع ما في بطونهن، من واحد، ومتعدد، ولا عبرة حينئذ، بالأشهر ولا غيرها، { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا }- أي: من اتقى الله تعالى، يسر له الأمور، وسهل عليه كل عسير.
تفسير البغوي : مضمون الآية 4 من سورة الطلاق
قوله - عز وجل - ( واللائي يئسن من المحيض من نسائكم ) فلا ترجون أن يحضن ( إن ارتبتم ) أي شككتم فلم تدروا ما عدتهن ( فعدتهن ثلاثة أشهر )قال مقاتل : لما نزلت : " والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء " ( البقرة - 228 ) قال خلاد بن النعمان بن قيس الأنصاري : يا رسول الله فما عدة من لا تحيض والتي لم تحض وعدة الحبلى ؟ فأنزل الله : " واللائي يئسن من المحيض من نسائكم " يعني القواعد اللائي قعدن عن الحيض " إن ارتبتم " شككتم في حكمها " فعدتهن ثلاثة أشهر " .( واللائي لم يحضن ) يعني الصغار اللائي لم يحضن فعدتهن أيضا ثلاثة أشهر . أما الشابة التي كانت تحيض فارتفع حيضها قبل بلوغها سن الآيسات : فذهب أكثر أهل العلم إلى أن عدتها لا تنقضي حتى يعاودها الدم فتعتد بثلاثة أقراء أو تبلغ سن الآيسات فتعتد بثلاثة أشهر . وهو قول عثمان وعلي وزيد بن ثابت وعبد الله بن مسعود وبه قال عطاء وإليه ذهب الشافعي وأصحاب الرأي .وحكي عن عمر : أنها تتربص تسعة أشهر فإن لم تحض تعتد بثلاثة أشهر [ وهو قول مالك .وقال الحسن : تتربص سنة فإن لم تحض تعتد بثلاثة أشهر ] . وهذا كله في عدة الطلاق .أما المتوفى عنها زوجها فعدتها أربعة أشهر وعشرا سواء كانت ممن تحيض أو لا تحيض .أما الحامل فعدتها بوضع الحمل سواء طلقها زوجها أو مات عنها لقوله تعالى : ( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن )أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب ، أخبرنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، أخبرنا أبو العباس الأصم ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا سفيان عن الزهري عن عبيد الله [ بن عبد الله ] عن أبيه : أن سبيعة بنت الحارث وضعت بعد وفاة زوجها بليال فمر بها أبو السنابل بن بعكك [ فقال ] قد تصنعت للأزواج إنها أربعة أشهر وعشر فذكرت ذلك سبيعة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " كذب أبو السنابل - أو : ليس كما قال أبو السنابل - قد حللت فتزوجي " .( ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا ) يسهل عليه أمر الدنيا والآخرة .
التفسير الوسيط : ويستفاد من هذه الآية
قال القرطبي: قوله-تبارك وتعالى-: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ لما بين- سبحانه - أمر الطلاق والرجعة في التي تحيض، وكانوا قد عرفوا عدة ذوات الأقراء، عرفهم- سبحانه - في هذه السورة عدة التي لا ترى الدم.وقال أبو عثمان عمر بن سالم: لما نزلت عدة النساء في سورة «البقرة» في المطلقة والمتوفى عنها زوجها، قال أبى بن كعب: يا رسول الله، إن ناسا يقولون قد بقي من النساء من لم يذكر فيهن شيء، الصغار وذوات الحمل، فنزلت هذه الآية.وقال مقاتل: لما ذكر- سبحانه - قوله: وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ....قال خلاد بن النعمان: يا رسول الله فما عدة التي لم تحض، وما عدة التي انقطع حيضها، وعدة الحبلى، فنزلت هذه الآية.. .وجملة: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ ... معطوفة على قوله-تبارك وتعالى- قبل ذلك:فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ... لبيان أحكام أخرى تتعلق بعدة نوع آخر من النساء بعد بيان عدة النساء ذوات الأقراء.والمراد باللائى يئسن من المحيض: النساء اللائي تقدمن في السن، وانقطع عنهن دم الحيض.وقوله: يَئِسْنَ من اليأس، وهو فقدان الأمل من الحصول على الشيء.والمراد بالمحيض: دم الحيض الذي يلفظه رحم المرأة في وقت معين، وفي حال معينة ...وقوله: إِنِ ارْتَبْتُمْ من الريبة بمعنى الشك.قوله: وَاللَّائِي اسم موصول مبتدأ، وقوله يَئِسْنَ صلته، وجملة الشرط والجزاء وهي قوله: إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ خبره.والمعنى: لقد بينت لكم- أيها المؤمنون- عدة النساء المعتدات بالمحيض، أما النساء المتقدمات في السن واللائي فقدن الأمل في رؤية دم الحيض، فعليكم إن ارتبتم، وشككتم في عدتهن أو جهلتموها، أن تقدروها بثلاثة أشهر.هذا، وقد قدر بعضهم سن اليأس بالنسبة للمرأة بستين سنة، وبعضهم قدره بخمس وخمسين سنة.وبعضهم لم يحدده بسن معينة، بل قال: إن هذا السن يختلف باختلاف الذوات والإفطار والبيئات.. كاختلاف سن ابتداء الحيض.وقوله-تبارك وتعالى-: وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ معطوف على قوله: وَاللَّائِي يَئِسْنَ وهو مبتدأ وخبره محذوف لدلالة ما قبله عليه.والتقدير: واللائي يئسن من المحيض من نسائكم، إن ارتبتم في عدتهن، فعدتهن ثلاثة أشهر، واللاتي لم يحضن بعد لصغرهن، وعدم بلوغهن سن المحيض.. فعدتهن- أيضا- ثلاثة أشهر.ثم انتقلت السورة الكريمة إلى بيان عدة المرأة ذات الحمل، فقال-تبارك وتعالى-: وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ....وقوله: وَأُولاتُ: اسم جمع للفظ ذات. بمعنى صاحبه، لأنه لا مفرد لكلمة أُولاتُ من لفظها، كما أنه لا مفرد من لفظها لكلمة «أولو» التي هي بمعنى أصحاب، وإنما مفردها «ذو» .والأحمال: جمع حمل- بفتح الحاء- كصحب وأصحاب، والمراد به: الجنين الذي يكون في بطن المرأة.والأجل: انتهاء المدة المقدرة للشيء.وقوله: وَأُولاتُ ... مبتدأ، وأَجَلُهُنَّ مبتدأ ثان، وقوله: أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ خبر المبتدأ الثاني، والمبتدأ الثاني وخبره، خبر الأول.والمعنى: والنساء ذوات الأحمال أَجَلُهُنَّ أى: نهاية عدتهن، أن يضعن ما في بطونهن من حمل، فمتى وضعت المرأة ما في بطنها، فقد انقضت عدتها، لأنه ليس هناك ما هو أدل على براءة الرحم، من وضع الحمل.وهذا الحكم عام في كل ذوات الأحمال، سواء أكن مطلقات، أم كن قد توفى عنهن أزواجهن.وقد ساق الإمام ابن كثير جملة من الأحاديث التي تؤيد ذلك، ومن تلك الأحاديث ما رواه الشيخان، من أن سبيعة الأسلمية وضعت بعد موت زوجها بأربعين ليلة، فخطبت فأنكحها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد أصحابه.وعن أبى بن كعب قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ: للمطلقة ثلاثا وللمتوفى عنها زوجها، فقال: هي للمطلقة ثلاثا وللمتوفى عنها.. .قالوا: ولا تعارض بين هذه الآية، وبين قوله-تبارك وتعالى- في سورة البقرة وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ... لأن آية سورة البقرة، خاصة بالنساء اللائي توفى عنهن أزوجهن ولم يكن هؤلاء النساء من ذوات الأحمال.وفي هذه المسألة أقوال أخرى مبسوطة في مظانها ....ثم كرر- سبحانه - الأمر بتقواه، وبشر المتقين بالخير العميم فقال: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ-تبارك وتعالى- فينفذ ما كلف به. ويبتعد عما نهى عنه.يَجْعَلْ لَهُ سبحانه مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً أى: يجعل له من الأمر العسير أمرا ميسورا.ويحول له الأمر الصعب إلى أمر سهل، لأنه- سبحانه - له الخلق والأمر..
واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم: تفسير ابن كثير
يقول تعالى مبينا لعدة الآيسة - وهي التي قد انقطع عنها الحيض لكبرها - : أنها ثلاثة أشهر ، عوضا عن الثلاثة قروء في حق من تحيض ، كما دلت على ذلك آية " البقرة " وكذا الصغار اللائي لم يبلغن سن الحيض أن عدتهن كعدة الآيسة ثلاثة أشهر ; ولهذا قال : { واللائي لم يحضن }
وقوله : { إن ارتبتم } فيه قولان :
أحدهما - وهو قول طائفة من السلف كمجاهد ، والزهري ، وابن زيد - : أي إن رأين دما وشككتم في كونه حيضا ، أو استحاضة ، وارتبتم فيه .
والقول الثاني : إن ارتبتم في حكم عدتهن ، ولم تعرفوه فهو ثلاث أشهر . وهذا مروي ، عن سعيد بن جبير . وهو اختيار ابن جرير وهو أظهر في المعنى ، واحتج عليه بما رواه عن أبي كريب ، وأبي السائب قالا : حدثنا ابن إدريس ، أخبرنا مطرف ، عن عمرو بن سالم قال : قال أبي بن كعب : يا رسول الله ، إن عددا من عدد النساء لم تذكر في الكتاب : الصغار ، والكبار ، وأولات الأحمال ، قال : فأنزل الله عز وجل : { واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن }
ورواه ابن أبي حاتم بأبسط من هذا السياق فقال : حدثنا أبي ، حدثنا يحيى بن المغيرة ، أخبرنا جرير ، عن مطرف ، عن عمر بن سالم ، عن أبي بن كعب ، قال : قلت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن ناسا من أهل المدينة لما أنزلت هذه الآية التي في " البقرة " في عدة النساء قالوا : لقد بقي من عدة النساء عدد لم يذكرن في القرآن : الصغار ، والكبار اللائي قد انقطع عنهن الحيض ، وذوات الحمل . قال : فأنزلت التي في النساء القصرى : { واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن }
وقوله : { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } يقول تعالى : ومن كانت حاملا فعدتها بوضعه ، ولو كان بعد الطلاق أو الموت بفواق ناقة في قول جمهور العلماء من السلف والخلف ، كما هو نص هذه الآية الكريمة ، وكما وردت به السنة النبوية . وقد روي عن علي ، وابن عباس رضي الله عنهم أنهما ذهبا في المتوفى عنها زوجها أنها تعتد بأبعد الأجلين من الوضع أو الأشهر ، عملا بهذه الآية الكريمة ، والتي في سورة " البقرة " . وقد قال البخاري :
حدثنا سعد بن حفص ، حدثنا شيبان ، عن يحيى ، قال : أخبرني أبو سلمة قال : جاء رجل إلى ابن عباس ، - وأبو هريرة جالس - فقال : أفتني في امرأة ولدت بعد زوجها بأربعين ليلة . فقال : ابن عباس آخر الأجلين . قلت أنا : { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } قال أبو هريرة : أنا مع ابن أخي - يعني أبا سلمة - فأرسل ابن عباس غلامه كريبا إلى أم سلمة يسألها ، فقالت : قتل زوج سبيعة الأسلمية وهي حبلى ، فوضعت بعد موته بأربعين ليلة ، فخطبت ، فأنكحها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان أبو السنابل فيمن خطبها
هكذا أورد البخاري هذا الحديث ها هنا مختصرا . وقد رواه هو ، ومسلم ، وأصحاب الكتب مطولا من وجوه أخر ، وقال الإمام أحمد :
حدثنا حماد بن أسامة ، أخبرنا هشام ، عن أبيه ، عن المسور بن مخرمة ; أن سبيعة الأسلمية توفي عنها زوجها وهي حامل ، فلم تمكث إلا ليالي حتى وضعت ، فلما تعلت من نفاسها خطبت ، فاستأذنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النكاح ، فأذن لها أن تنكح فنكحت .
ورواه البخاري في صحيحه ، ومسلم ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه من طرق عنها كما قال مسلم بن الحجاج :
حدثني أبو الطاهر ، أخبرنا ابن وهب ، حدثني يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة : أن أباه كتب إلى عمر بن عبد الله بن الأرقم الزهري يأمره أن يدخل على سبيعة بنت الحارث الأسلمية فيسألها عن حديثها ، وعما قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين استفتته . فكتب عمر بن عبد الله يخبره أن سبيعة أخبرته أنها كانت تحت سعد بن خولة - وكان ممن شهد بدرا - فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل ، فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته ، فلما تعلت من نفاسها تجملت للخطاب ، فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك فقال لها : مالي أراك متجملة ؟ لعلك ترجين النكاح ، إنك والله ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر . قالت سبيعة : فلما قال لي ذلك جمعت علي ثيابي حين أمسيت فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألته عن ذلك ، فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي ، وأمرني بالتزويج إن بدا لي .
هذا لفظ مسلم . ورواه البخاري مختصرا ، ثم قال البخاري بعد ذلك ، أي: بعد رواية الحديث الأول عند هذه الآية :
وقال سليمان بن حرب ، وأبو النعمان : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن محمد - هو ابن سيرين - قال : كنت في حلقة فيها عبد الرحمن بن أبي ليلى رحمه الله ، وكان أصحابه يعظمونه ، فذكر آخر الأجلين ، فحدثت بحديث سبيعة بنت الحارث ، عن عبد الله بن عتبة قال : فضمزلي بعض أصحابه ، وقال محمد : ففطنت له فقلت : له إني لجريء أن أكذب على عبد الله وهو في ناحية الكوفة . قال : فاستحيا وقال : لكن عمه لم يقل ذلك . فلقيت أبا عطية مالك بن عامر فسألته ، فذهب يحدثني بحديث سبيعة فقلت : هل سمعت عن عبد الله شيئا ؟ فقال : كنا عند عبد الله ، فقال : أتجعلون عليها التغليظ ، ولا تجعلون عليها الرخصة ؟ نزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى : { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن }
ورواه ابن جرير من طريق سفيان بن عيينة وإسماعيل بن علية ، عن أيوب به مختصرا ، ورواه النسائي في التفسير عن محمد بن عبد الأعلى ، عن خالد بن الحارث ، عن ابن عون ، عن محمد بن سيرين فذكره
وقال ابن جرير : حدثني زكريا بن يحيى بن أبان المصري ، حدثنا سعيد بن أبي مريم ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثني ابن شبرمة الكوفي ، عن إبراهيم ، عن علقمة بن قيس أن عبد الله بن مسعود ، قال : من شاء لاعنته ، ما نزلت : { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } إلا بعد آية المتوفى عنها زوجها . قال : وإذا وضعت المتوفى عنها زوجها فقد حلت . يريد بآية المتوفى عنها زوجها { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا } [ البقرة : 234 ]
وقد رواه النسائي من حديث سعيد بن أبي مريم به ، ثم قال ابن جرير :
حدثنا أحمد بن منيع ، حدثنا محمد بن عبيد ، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي ، قال : ذكر عند ابن مسعود آخر الأجلين ، فقال : من شاء قاسمته بالله إن هذه الآية التي في النساء القصرى نزلت بعد الأربعة الأشهر والعشر ، ثم قال : أجل الحامل أن تضع ما في بطنها .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان الواسطي ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، قال : بلغ ابن مسعود أن عليا رضي الله عنه ، يقول : آخر الأجلين . فقال : من شاء لاعنته ، إن التي في النساء القصرى نزلت بعد البقرة : { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن }
ورواه أبو داود ، وابن ماجه من حديث أبي معاوية ، عن الأعمش
وقال عبد الله بن الإمام أحمد : حدثني محمد بن أبي بكر المقدمي ، أخبرنا عبد الوهاب الثقفي ، حدثنا المثنى ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو ، عن أبي بن كعب قال : قلت للنبي - صلى الله عليه وسلم - : { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } المطلقة ثلاثا أو المتوفى عنها ؟ فقال : " هي المطلقة ثلاثا والمتوفى عنها "
هذا حديث غريب جدا ، بل منكر ; لأن في إسناده المثنى بن الصباح وهو متروك الحديث بمرة ، ولكن رواه ابن أبي حاتم بسند آخر ، فقال :
حدثنا محمد بن داود السمناني ، حدثنا عمرو بن خالد - يعني : الحراني - حدثنا ابن لهيعة ، عن عمرو بن شعيب ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي بن كعب أنه لما نزلت هذه الآية قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا أدري أمشتركة أم مبهمة ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أية آية ؟ " . قال : { أجلهن أن يضعن حملهن } المتوفى عنها والمطلقة ؟ قال : " نعم " .
وكذا رواه ابن جرير ، عن أبي كريب ، عن موسى بن داود ، عن ابن لهيعة به . ثم رواه عن أبي كريب أيضا ، عن مالك بن إسماعيل ، عن ابن عيينة ، عن عبد الكريم بن أبي المخارق أنه حدث عن أبي بن كعب ، قال : سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن : { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } قال : " أجل كل حامل أن تضع ما في بطنها "
عبد الكريم هذا ضعيف ، ولم يدرك أبيا .
وقوله : { ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا } أي: يسهل له أمره ، وييسره عليه ، ويجعل له فرجا قريبا ومخرجا عاجلا .
تفسير القرطبي : معنى الآية 4 من سورة الطلاق
قوله تعالى : واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر فيه سبع مسائل :الأولى : قوله تعالى : واللائي يئسن من المحيض من نسائكم لما بين أمر الطلاق والرجعة في التي تحيض ، وكانوا قد عرفوا عدة ذوات الأقراء ، عرفهم في هذه السورة عدة التي لا ترى الدم . وقال أبو عثمان عمر بن سالم : لما نزلت عدة النساء في سورة " البقرة " في المطلقة والمتوفى عنها زوجها قال أبي بن كعب : يا رسول الله ، إن ناسا يقولون قد بقي من النساء من لم يذكر فيهن شيء : الصغار وذوات الحمل ، فنزلت : واللائي يئسن . . الآية . وقال مقاتل : لما ذكر قوله تعالى : والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء قال خلاد بن النعمان : يا رسول الله ، فما عدة التي لم تحض ، وعدة التي انقطع حيضها ، وعدة الحبلى ؟ فنزلت : واللائي يئسن من المحيض من نسائكم يعني قعدن عن المحيض . وقيل : إن معاذ بن جبل سأل عن عدة الكبيرة التي يئست ; فنزلت الآية . والله أعلم . وقال مجاهد : الآية واردة في المستحاضة لا تدري دم حيض هو أو دم علة .الثانية : قوله تعالى : إن ارتبتم أي شككتم ، وقيل تيقنتم . وهو من الأضداد ; يكون شكا ويقينا كالظن . واختيار الطبري أن يكون المعنى : إن شككتم فلم تدروا ما الحكم فيهن . وقال الزجاج : إن ارتبتم في حيضها وقد انقطع عنها الحيض وكانت ممن يحيض مثلها . القشيري : وفي هذا نظر ; لأنا إذا شككنا هل بلغت سن اليأس لم نقل عدتها ثلاثة أشهر . والمعتبر في سن اليأس في قول : أقصى عادة امرأة في العالم . وفي قول : غالب نساء عشيرة المرأة . وقال مجاهد : قوله إن ارتبتم للمخاطبين ; يعني إن لم تعلموا كم عدة اليائسة والتي لم تحض فالعدة هذه . وقيل : المعنى إن ارتبتم أن الدم الذي يظهر منها من أجل كبر أو من الحيض المعهود أو من الاستحاضة فالعدة ثلاثة أشهر . وقال عكرمة وقتادة : من الريبة المرأة المستحاضة التي لا يستقيم لها الحيض ; تحيض في أول الشهر مرارا وفي الأشهر مرة . وقيل : إنه متصل بأول السورة . والمعنى : لا تخرجوهن من بيوتهن إن ارتبتم في انقضاء العدة . وهو أصح ما قيل فيه .الثالثة : المرتابة في عدتها لا تنكح حتى تستبرئ نفسها من ريبتها ، ولا تخرج من العدة إلا بارتفاع الريبة . وقد قيل في المرتابة التي ترفعها حيضتها وهي لا تدري ما ترفعها : إنها تنتظر سنة من يوم طلقها زوجها ; منها تسعة أشهر استبراء ، وثلاثة عدة . فإن طلقها فحاضت حيضة أو حيضتين ثم ارتفع عنها بغير يأس منها انتظرت تسعة أشهر ، ثم ثلاثة من يوم طهرت من حيضتها ثم حلت للأزواج . وهذا قاله الشافعي بالعراق . فعلى قياس هذا القول تقيم الحرة المتوفى عنها زوجها المستبرأة بعد التسعة أشهر أربعة أشهر وعشرا ، والأمة شهرين وخمس ليال بعد التسعة الأشهر . وروي عن الشافعي أيضا أن أقراءها على ما كانت حتى تبلغ سن اليائسات . وهو قول النخعي والثوري وغيرهما ، وحكاه أبو عبيد عن أهل العراق . فإن كانت المرأة شابة وهي :المسألة الرابعة : استؤني بها هل هي حامل أم لا ; فإن استبان حملها فإن أجلها وضعه . وإن لم يستبن فقال مالك : عدة التي ارتفع حيضها وهي شابة سنة . وبه قال أحمد وإسحاق ورووه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وغيره . وأهل العراق يرون أن عدتها ثلاث حيض بعدما كانت حاضت مرة واحدة في عمرها ، وإن مكثت عشرين سنة ، إلا أن تبلغ من الكبر مبلغا تيأس فيه من الحيض فتكون عدتها بعد الإياس ثلاثة أشهر . قال الثعلبي : وهذا الأصح من مذهب الشافعي وعليه جمهور العلماء . وروي ذلك عن ابن مسعود وأصحابه . قال الكيا : وهو الحق ; لأن الله تعالى جعل عدة الآيسة ثلاثة أشهر ; والمرتابة ليست آيسة .الخامسة : وأما من تأخر حيضها لمرض ; فقال مالك وابن القاسم وعبد الله بن أصبغ : تعتد تسعة أشهر ثم ثلاثة . وقال أشهب : هي كالمرضع بعد الفطام بالحيض أو بالسنة . وقد طلق حبان بن منقذ امرأته وهي ترضع ; فمكثت سنة لا تحيض لأجل الرضاع ، ثم مرض حبان فخاف أن ترثه فخاصمها إلى عثمان وعنده علي وزيد ، فقالا : نرى أن ترثه ; لأنها ليست من القواعد ولا من الصغار ; فمات حبان فورثته واعتدت عدة الوفاة .السادسة : ولو تأخر الحيض لغير مرض ولا رضاع فإنها تنتظر سنة لا حيض فيها ، تسعة أشهر ثم ثلاثة ; على ما ذكرناه . فتحل ما لم ترتب بحمل ; فإن ارتابت بحمل أقامت أربعة أعوام ، أو خمسة ، أو سبعة ; على اختلاف الروايات عن علمائنا . ومشهورها خمسة أعوام ; فإن تجاوزتها حلت . وقال أشهب : لا تحل أبدا حتى تنقطع عنها الريبة . قال ابن العربي : وهو الصحيح ; لأنه إذا جاز أن يبقى الولد في بطنها خمسة أعوام جاز أن يبقى عشرة وأكثر من ذلك . وقد روي عن مالك مثله .السابعة : وأما التي جهل حيضها بالاستحاضة ففيها ثلاثة أقوال : قال ابن المسيب : تعتد سنة . وهو قول الليث . قال الليث : عدة المطلقة وعدة المتوفى عنها زوجها إذا كانت مستحاضة سنة . وهو مشهور قول علمائنا ; سواء علمت دم حيضها من دم استحاضتها ، وميزت ذلك أو لم تميزه ، عدتها في ذلك كله عند مالك في تحصيل مذهبه سنة ; منها تسعة أشهر استبراء وثلاثة عدة . وقال الشافعي في أحد أقواله : عدتها ثلاثة أشهر . وهو قول جماعة من التابعين والمتأخرين من القرويين . ابن العربي : وهو الصحيح عندي . وقال أبو عمر : المستحاضة إذا كان دمها ينفصل فعلمت إقبال حيضتها أو إدبارها اعتدت ثلاثة قروء . وهذا أصح في النظر ، وأثبت في القياس والأثر .قوله تعالى : واللائي لم يحضن يعني الصغيرة فعدتهن ثلاثة أشهر ; فأضمر الخبر . وإنما كانت عدتها بالأشهر لعدم الأقراء فيها عادة ، والأحكام إنما أجراها الله تعالى على العادات ; فهي تعتد بالأشهر . فإذا رأت الدم في زمن احتماله عند النساء انتقلت إلى الدم لوجود الأصل ، وإذا وجد الأصل لم يبق للبدل حكم ; كما أن المسنة إذا اعتدت بالدم ثم ارتفع عادت إلى الأشهر . وهذا إجماع .قوله تعالى : وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن فيه مسألتان :الأولى : قوله تعالى : وأولات الأحمال أجلهن وضع الحمل ، وإن كان ظاهرا في المطلقة لأنه عليها عطف وإليها رجع عقب الكلام ; فإنه في المتوفى عنها زوجها كذلك ; لعموم الآية وحديث سبيعة . وقد مضى في " البقرة " القول فيه مستوفى .الثانية : إذا وضعت المرأة ما وضعت من علقة أو مضغة حلت . وقال الشافعي وأبو حنيفة : لا تحل إلا بما يكون ولدا . وقد مضى القول فيه في سورة " البقرة " وسورة " الرعد " والحمد لله .قوله تعالى : ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا قال الضحاك : أي من يتقه في طلاق السنة يجعل له من أمره يسرا في الرجعة . مقاتل : ومن يتق الله في اجتناب معاصيه يجعل له من أمره يسرا في توفيقه للطاعة .
English | Türkçe | Indonesia |
Русский | Français | فارسی |
تفسير | انجليزي | اعراب |
تفسير آيات من القرآن الكريم
- تفسير: واجعلني من ورثة جنة النعيم
- تفسير: الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق
- تفسير: وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين
- تفسير: إن الإنسان لربه لكنود
- تفسير: وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم
- تفسير: أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات
- تفسير: حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا
- تفسير: فعميت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون
- تفسير: ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا
- تفسير: والليل إذا يغشاها
تحميل سورة الطلاق mp3 :
سورة الطلاق mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الطلاق
ماهر المعيقلي
سعد الغامدي
عبد الباسط
أحمد العجمي
المنشاوي
الحصري
مشاري العفاسي
ناصر القطامي
فارس عباد
ياسر الدوسري
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب