1. التفسير الميسر
  2. تفسير الجلالين
  3. تفسير السعدي
  4. تفسير البغوي
  5. التفسير الوسيط
تفسير القرآن | باقة من أهم تفاسير القرآن الكريم المختصرة و الموجزة التي تعطي الوصف الشامل لمعنى الآيات الكريمات : سبعة تفاسير معتبرة لكل آية من كتاب الله تعالى , [ مريم: 59] .

  
   

﴿ ۞ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ۖ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾
[ سورة مريم: 59]

القول في تفسير قوله تعالى : فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا ..


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

التفسير الميسر : فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات


فأتى مِن بعد هؤلاء المنعَم عليهم أتباع سَوْء تركوا الصلاة كلها، أو فوتوا وقتها، أو تركوا أركانها وواجباتها، واتبعوا ما يوافق شهواتهم ويلائمها، فسوف يلقون شرًا وضلالا وخيبة في جهنم.

المختصر في التفسير : شرح المعنى باختصار


فجاء من بعد هؤلاء الأنبياء المصطفين أتباع سوء وضلال، ضيّعوا الصلاة، فلم يأتوا بها على الوجه المطلوب، وارتكبوا ما تشتهيه أنفسهم من المعاصي كالزنى، فسوف يلقون شرًّا في جهنم وخيبة.

تفسير الجلالين : معنى و تأويل الآية 59


«فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة» بتركها كاليهود والنصارى «واتبعوا الشهوات» من المعاصي «فسوف يلقون غيّا» هو واد في جهنم، أي يقعون فيه.

تفسير السعدي : فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات


لما ذكر تعالى هؤلاء الأنبياء المخلصون المتبعون لمراضي ربهم، المنيبون إليه، ذكر من أتى بعدهم، وبدلوا ما أمروا به، وأنه خلف من بعدهم خلف، رجعوا إلى الخلف والوراء، فأضاعوا الصلاة التي أمروا بالمحافظة عليها وإقامتها، فتهاونوا بها وضيعوها، وإذا ضيعوا الصلاة التي هي عماد الدين، وميزان الإيمان والإخلاص لرب العالمين، التي هي آكد الأعمال، وأفضل الخصال، كانوا لما سواها من دينهم أضيع، وله أرفض، والسبب الداعي لذلك، أنهم اتبعوا شهوات أنفسهم وإراداتها فصارت هممهم منصرفة إليها، مقدمة لها على حقوق الله،.فنشأ من ذلك التضييع لحقوقه، والإقبال على شهوات أنفسهم، مهما لاحت لهم، حصلوها، وعلى- أي: وجه اتفقت تناولوها.{ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا }- أي: عذابا مضاعفا شديدا

تفسير البغوي : مضمون الآية 59 من سورة مريم


قوله عز وجل : ( فخلف من بعدهم خلف ) أي : من بعد النبيين المذكورين خلف وهم قوم سوء ، " والخلف " بالفتح الصالح ، وبالجزم الطالح .
قال السدي : أراد بهم اليهود ومن لحق بهم .
وقال مجاهد وقتادة : هم في هذه الأمة .
( أضاعوا الصلاة ) تركوا الصلاة المفروضة .
وقال ابن مسعود وإبراهيم : أخروها عن وقتها .
وقال سعيد بن المسيب : هو أن لا يصلي الظهر حتى يأتي العصر ، ولا العصر حتى تغرب الشمس .
( واتبعوا الشهوات ) أي : المعاصي وشرب الخمر ، يعني آثروا شهوات أنفسهم على طاعة الله .
وقال مجاهد : هؤلاء قوم يظهرون في آخر الزمان ينزو بعضهم على بعض في الأسواق والأزقة .
( فسوف يلقون غيا ) قال وهب : " الغي " نهر في جهنم بعيد قعره خبيث طعمه .
وقال ابن عباس : " الغي " واد في جهنم ، وإن أودية جهنم لتستعيذ من حره أعد للزاني المصر عليه ولشارب الخمر المدمن عليها ولآكل الربا الذي لا ينزع عنه ولأهل العقوق ولشاهد الزور .
وقال عطاء : " الغي " : واد في جهنم يسيل قيحا ودما .
وقال كعب : هو واد في جهنم أبعدها قعرا ، وأشدها حرا في بئر تسمى " الهيم " كلما خبت جهنم فتح الله تلك البئر فيسعر بها جهنم .
أخبرنا محمد بن عبد الله بن أبي توبة أخبرنا محمد بن أحمد الحارثي أخبرنا محمد بن يعقوب الكسائي أخبرنا عبد الله بن محمود أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الخلال وأخبرنا عبد الله بن المبارك عن هشيم بن بشير أخبرنا زكريا بن أبي مريم الخزاعي قال : سمعت أبا أمامة الباهلي يقول : " إن ما بين شفير جهنم إلى قعرها مسيرة سبعين خريفا من حجر يهوي ، أو قال صخرة تهوي ، عظمها كعشر عشروات عظام سمان فقال له مولى لعبد الرحمن بن خالد بن الوليد : هل تحت ذلك شيء يا أبا أمامة؟ قال : نعم غي وآثام " .
وقال الضحاك : غيا وخسرانا .
وقيل: هلاكا .
وقيل: عذابا .
وقوله : ( فسوف يلقون غيا ) ليس معناه يرون فقط ، بل معناه الاجتماع والملابسة مع الرؤية .

التفسير الوسيط : ويستفاد من هذه الآية


ثم بين- سبحانه - ما حدث من الذين جاءوا بعد هؤلاء المنعم عليهم فقال: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ، أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا.
ولفظ الخلف بسكون اللام- الأولاد، والواحد والجمع فيه سواء، وأكثر ما يطلق على الأشرار والطالحين، ومنه المثل السائر: «سكت ألفا ونطق خلفا» وقوله الشاعر:ذهب الذين نعيش في أكنافهم ...
وبقيت في خلف كجلد الأجربوالمراد بهذا اللفظ في الآية: اليهود والنصارى وغيرهم من المشركين الذين جاءوا بعد أنبيائهم، ولكنهم خالفوا شريعتهم، وأهملوا ما أمروهم به وما نهوهم عنه.
أما لفظ «الخلف» بفتح اللام- فيطلق على البدل ولدا كان أو غير ولد وأكثر استعمالاته في المدح، ومنه قوله صلّى الله عليه وسلّم: «يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله..» .
والمعنى: فخلف من بعد أولئك الأخيار الذين أنعم الله عليهم، خلف سوء وشر، ومن الأدلة على سوئهم وفجورهم أنهم أَضاعُوا الصَّلاةَ بأن تركوها، أو لم يؤدوها على وجهها المشروع وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ التي جعلتهم ينهمكون في المعاصي، ويسارعون في اقتراف المنكرات.
وقوله فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا بيان لسوء عاقبتهم، أى: فسوف يلقى هؤلاء المضيعون للصلاة، المتبعون للشهوات، خسرانا وشرا في دنياهم وآخرتهم، بسبب ضلالهم وتنكبهم الصراط المستقيم.
فالمراد بالغىّ: الخسران والضلال.
يقال: غوى فلان يغوى إذ ضل.
والاسم الغواية.
وقيل: المراد بالغيّ هنا: واد في جهنم تستعيذ من حره أوديتها.
وقيل: هو نهر في أسفل جهنم يسيل فيه صديد أهلها.

فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات: تفسير ابن كثير


لما ذكر تعالى حزب السعداء ، وهم الأنبياء ، عليهم السلام ، ومن اتبعهم ، من القائمين بحدود الله وأوامره ، المؤدين فرائض الله ، التاركين لزواجره - ذكر أنه { خلف من بعدهم خلف } أي: قرون أخر ، { أضاعوا الصلاة } - وإذا أضاعوها فهم لما سواها من الواجبات أضيع ; لأنها عماد الدين وقوامه ، وخير أعمال العباد - وأقبلوا على شهوات الدنيا وملاذها ، ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها ، فهؤلاء سيلقون غيا ، أي: خسارا يوم القيامة .
وقد اختلفوا في المراد بإضاعة الصلاة هاهنا ، فقال قائلون : المراد بإضاعتها تركها بالكلية ، قاله محمد بن كعب القرظي ، وابن زيد بن أسلم ، والسدي ، واختاره ابن جرير . ولهذا ذهب من ذهب من السلف والخلف والأئمة كما هو المشهور عن الإمام أحمد ، وقول عن الشافعي إلى تكفير تارك الصلاة ، للحديث : " بين العبد وبين الشرك ترك الصلاة " ، والحديث الآخر : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر " . وليس هذا محل بسط هذه المسألة .
وقال الأوزاعي ، عن موسى بن سليمان ، عن القاسم بن مخيمرة في قوله : { فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة } ، قال : إنما أضاعوا المواقيت ، ولو كان تركا كان كفرا .
وقال وكيع ، عن المسعودي ، عن القاسم بن عبد الرحمن ، والحسن بن سعد ، عن ابن مسعود أنه قيل له : إن الله يكثر ذكر الصلاة في القرآن : { الذين هم عن صلاتهم ساهون } و { على صلاتهم دائمون } و { على صلاتهم يحافظون } ؟ قال ابن مسعود : على مواقيتها . قالوا : ما كنا نرى ذلك إلا على الترك ؟ قال : ذاك الكفر .
وقال مسروق : لا يحافظ أحد على الصلوات الخمس ، فيكتب من الغافلين ، وفي إفراطهن الهلكة ، وإفراطهن : إضاعتهن عن وقتهن .
وقال الأوزاعي ، عن إبراهيم بن يزيد : أن عمر بن عبد العزيز قرأ : { فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا } ، ثم قال : لم تكن إضاعتهم تركها ، ولكن أضاعوا الوقت .
وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : { فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات } قال : عند قيام الساعة ، وذهاب صالحي أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، ينزو بعضهم على بعض في الأزقة ، وكذا روى ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .
وروى جابر الجعفي ، عن مجاهد ، وعكرمة ، وعطاء بن أبي رباح : أنهم من هذه الأمة ، يعنون في آخر الزمان .
وقال ابن جرير : حدثني الحارث ، حدثنا الحسن الأشيب ، حدثنا شريك ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن مجاهد : { فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات } ، قال : هم في هذه الأمة ، يتراكبون تراكب الأنعام والحمر في الطرق ، لا يخافون الله في السماء ، ولا يستحيون الناس في الأرض .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان الواسطي ، حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ ، حدثنا حيوة ، حدثنا بشير بن أبي عمرو الخولاني : أن الوليد بن قيس حدثه ، أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يكون خلف بعد ستين سنة ، أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات ، فسوف يلقون غيا . ثم يكون خلف يقرءون القرآن لا يعدو تراقيهم . ويقرأ القرآن ثلاثة : مؤمن ، ومنافق ، وفاجر " . قال بشير : قلت للوليد : ما هؤلاء الثلاثة ؟ قال : المؤمن مؤمن به ، والمنافق كافر به ، والفاجر يأكل به .
وهكذا رواه أحمد عن أبي عبد الرحمن ، المقرئ ، به
وقال ابن أبي حاتم أيضا : حدثني أبي ، حدثنا إبراهيم بن موسى ، أنبأنا عيسى بن يونس ، حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب ، عن مالك ، عن أبي الرجال ، أن عائشة كانت ترسل بالشيء صدقة لأهل الصفة ، وتقول : لا تعطوا منه بربريا ولا بربرية ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " هم الخلف الذين قال الله تعالى : { فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة } . هذا حديث غريب .
وقال أيضا : حدثني أبي ، حدثنا عبد الرحمن بن الضحاك ، حدثنا الوليد ، حدثنا حريز ، عن شيخ من أهل المدينة; أنه سمع محمد بن كعب القرظي يقول في قوله : { فخلف من بعدهم خلف } الآية ، قال : هم أهل الغرب ، يملكون وهم شر من ملك .
وقال كعب الأحبار : والله إني لأجد صفة المنافقين في كتاب الله عز وجل : شرابين للقهوات تراكين للصلوات ، لعابين بالكعبات ، رقادين عن العتمات ، مفرطين في الغدوات ، تراكين للجمعات قال : ثم تلا هذه الآية : { فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا } .
وقال الحسن البصري : عطلوا المساجد ، ولزموا الضيعات .
وقال أبو الأشهب العطاردي : أوحى الله - تعالى - إلى داود : يا داود ، حذر وأنذر أصحابك أكل الشهوات ; فإن القلوب المعلقة بشهوات الدنيا عقولها عني محجوبة ، وإن أهون ما أصنع بالعبد من عبيدي إذا آثر شهوة من شهواته علي أن أحرمه طاعتي .
وقال الإمام أحمد : حدثنا زيد بن الحباب حدثنا أبو السمح التميمي ، عن أبي قبيل ، أنه سمع عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني أخاف على أمتي اثنتين : القرآن واللبن ، أما اللبن فيتبعون الريف ، ويتبعون الشهوات ويتركون الصلوات ، وأما القرآن فيتعلمه المنافقون ، فيجادلون به المؤمنين " .
ورواه عن حسن بن موسى ، عن ابن لهيعة ، حدثنا أبو قبيل ، عن عقبة ، به مرفوعا بنحوه تفرد به .
وقوله : { فسوف يلقون غيا } قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : { فسوف يلقون غيا } أي: خسرانا . وقال قتادة : شرا .
وقال سفيان الثوري ، وشعبة ، ومحمد بن إسحاق ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله بن مسعود : { فسوف يلقون غيا } قال : واد في جهنم ، بعيد القعر ، خبيث الطعم .
وقال الأعمش ، عن زياد ، عن أبي عياض في قوله : { فسوف يلقون غيا } قال : واد في جهنم من قيح ودم .
وقال الإمام أبو جعفر بن جرير : حدثني عباس بن أبي طالب ، حدثنا محمد بن زياد بن زيان ، حدثنا شرقي بن قطامي ، عن لقمان بن عامر الخزاعي قال : جئت أبا أمامة صدي بن عجلان الباهلي فقلت : حدثنا حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فدعا بطعام ، ثم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو أن صخرة زنة عشر أواق قذف بها من شفير جهنم ، ما بلغت قعرها خمسين خريفا ، ثم تنتهي إلى غي وآثام " . قال : قلت : وما غي وآثام ؟ قال : " بئران في أسفل جهنم ، يسيل فيهما صديد أهل النار ، وهما اللتان ذكر الله في كتابه : { أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا } وقوله في الفرقان : { ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما } هذا حديث غريب ورفعه منكر .

تفسير القرطبي : معنى الآية 59 من سورة مريم


قوله تعالى : فخلف من بعدهم خلف أي أولاد سوء .
قال أبو عبيدة : حدثنا حجاج عن ابن جريج عن مجاهد قال : ذلك عند قيام الساعة ، وذهاب صالحي هذه الأمة أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ينزو بعضهم على بعض في الأزقة زنى .
وقد تقدم القول في ( خلف ) في ( الأعراف ) فلا معنى للإعادة .
الثانية : قوله تعالى : أضاعوا الصلاة وقرأ عبد الله والحسن ( أضاعوا الصلوات ) على الجمع .
وهو ذم ونص في أن إضاعة الصلاة من الكبائر التي يوبق بها صاحبها ولا خلاف في ذلك ، وقد قال عمر : ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع .
واختلفوا فيمن المراد بهذه الآية ؛ فقال مجاهد : النصارى خلفوا بعد اليهود .
وقال محمد بن كعب القرظي ومجاهد أيضا وعطاء : هم قوم من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - في آخر الزمان ؛ أي يكون في هذه الأمة من هذه صفته لا أنهم المراد بهذه الآية .
واختلفوا أيضا في معنى إضاعتها ؛ فقال القرظي : هي إضاعة كفر وجحد بها .
وقال القاسم بن مخيمرة ، وعبد الله بن مسعود : هي إضاعة أوقاتها ، وعدم القيام بحقوقها وهو الصحيح ، وأنها إذا صليت مخلى بها لا تصح ولا تجزئ ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - للرجل الذي صلى وجاء فسلم عليه ارجع فصل فإنك لم تصل ثلاث مرات خرجه مسلم ، وقال حذيفة لرجل يصلي فطفف : منذ كم تصلي هذه الصلاة ؟ قال منذ أربعين عاما .
قال : ما صليت ، ولو مت وأنت تصلي هذه الصلاة لمت على غير فطرة محمد - صلى الله عليه وسلم - .
ثم قال : إن الرجل ليخفف الصلاة ويتم ويحسن .
خرجه البخاري واللفظ للنسائي ، وفي الترمذي عن أبي مسعود الأنصاري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا تجزئ صلاة لا يقيم فيها الرجل يعني صلبه في الركوع والسجود ؛ قال : حديث حسن صحيح ؛ والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن بعدهم ؛ يرون أن يقيم الرجل صلبه في الركوع والسجود ؛ قال الشافعي وأحمد وإسحاق : من لم يقم صلبه في الركوع والسجود فصلاته فاسدة ؛ قال - صلى الله عليه وسلم - تلك الصلاة صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقرها أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا .
وهذا ذم لمن يفعل ذلك .
وقال فروة بن خالد بن سنان : استبطأ أصحاب الضحاك مرة أميرا في صلاة العصر حتى كادت الشمس تغرب ؛ فقرأ الضحاك هذه الآية ، ثم قال : والله لأن أدعها أحب إلي من أن أضيعها .
وجملة القول في هذا الباب أن من لم يحافظ على كمال وضوئها وركوعها وسجودها فليس بمحافظ عليها ، ومن لم يحافظ عليها فقد ضيعها ، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع ، كما أن من حافظ عليها حفظ الله عليه دينه ، ولا دين لمن لا صلاة له .
وقال الحسن : عطلوا المساجد ، واشتغلوا بالصنائع والأسباب .
واتبعوا الشهوات أي اللذات والمعاصي .
روى الترمذي وأبو داود عن أنس بن حكيم الضبي أنه أتى المدينة فلقي أبا هريرة فقال له : يا فتى ألا أحدثك حديثا لعل الله تعالى أن ينفعك به ؛ قلت : بلى .
قال : إن أول ما يحاسب به الناس يوم القيامة من أعمالهم الصلاة فيقول الله تبارك وتعالى لملائكته وهو أعلم انظروا في صلاة عبدي أتمها أو نقصها فإن كانت تامة كتبت له تامة وإن كان انتقص منها شيئا قال انظروا هل لعبدي من تطوع فإن كان له تطوع قال أكملوا لعبدي فريضته من تطوعه ثم تؤخذ الأعمال على ذلك .
قال يونس : وأحسبه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ لفظ أبي داود .
وقال : حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد حدثنا داود بن أبي هند عن زرارة بن أوفى عن تميم الداري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا المعنى .
قال : ثم الزكاة مثل ذلك ثم تؤخذ الأعمال على حسب ذلك .
وأخرجه النسائي عن همام عن الحسن عن حريث بن قبيصة عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة بصلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وخسر - قال همام : لا أدري هذا من كلام قتادة أو من الرواية - فإن انتقص من فريضته شيء قال انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل به ما نقص من الفريضة ثم يكون سائر عمله على نحو ذلك .
خالفه أبو العوام فرواه عن قتادة عن الحسن عن أبي رافع عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته فإن وجدت تامة كتبت تامة وإن كان انتقص منها شيء قال انظروا هل تجدون له من تطوع يكمل له ما ضيع من فريضته من تطوعه ثم سائر الأعمال تجري على حسب ذلكقال النسائي : أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا النضر بن شميل قال أنبأنا حماد بن سلمة عن الأزرق بن قيس عن يحيى بن يعمر عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته فإن كان أكملها وإلا قال الله - عز وجل - انظروا لعبدي من تطوع فإن وجد له تطوع قال أكملوا به الفريضة قال أبو عمر بن عبد البر في كتاب ( التمهيد ) : أما إكمال الفريضة من التطوع فإنما يكون والله أعلم فيمن سها عن فريضة فلم يأت بها ، أو لم يحسن ركوعها وسجودها ولم يدر قدر ذلك وأما من تركها ، أو نسي ثم ذكرها فلم يأت بها عامدا واشتغل بالتطوع عن أداء فرضها وهو ذاكر له فلا تكمل له فريضة من تطوعه والله أعلم وقد روي من حديث الشاميين في هذا الباب حديث منكر يرويه محمد بن حمير عن عمرو بن قيس السكوني عن عبد الله بن قرط عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال من صلى صلاة لم يكمل فيها ركوعه وسجوده زيد فيها من تسبيحاته حتى تتم قال أبو عمر وهذا لا يحفظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا من هذا الوجه وليس بالقوي وإن كان صح كان معناه أنه خرج من صلاة كان قد أتمها عند نفسه وليست في الحكم بتامة .
قلت : فينبغي للإنسان أن يحسن فرضه ونفله حتى يكون له نفل يجده زائدا على فرضه يقربه من ربه كما قال سبحانه وتعالى : وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه الحديث .
فأما إذا كان نفل يكمل به الفرض فحكمه في المعنى حكم الفرض ، ومن لا يحسن أن يصلي الفرض فأحرى وأولى ألا يحسن التنفل ، لا جرم تنفل الناس في أشد ما يكون من النقصان والخلل لخفته عندهم وتهاونهم به ، حتى كأنه غير معتد به ولعمر الله لقد يشاهد في الوجود من يشار إليه ويظن به العلم تنفله كذلك ، بل فرضه إذ ينقره نقر الديك لعدم معرفته بالحديث فكيف بالجهال الذين لا يعلمون ، وقد قال العلماء : ولا يجزئ ركوع ولا سجود ولا وقوف بعد الركوع ولا جلوس بين السجدتين حتى يعتدل راكعا وواقفا وساجدا وجالسا وهذا هو الصحيح في الأثر وعليه جمهور العلماء وأهل النظر ، وهذه رواية ابن وهب وأبي مصعب عن مالك وقد مضى هذا المعنى في ( البقرة ) وإذا كان هذا فكيف يكمل بذلك التنفل ما نقص من هذا الفرض على سبيل الجهل والسهو ؟ ! بل كل ذلك غير صحيح ولا مقبول لأنه وقع على غير المطلوب والله أعلم .
قوله تعالى : واتبعوا الشهوات وعن علي - رضي الله تعالى عنه - في قوله تعالى : واتبعوا الشهوات هو من بنى المشيد وركب المنظور ولبس المشهور .
قلت : الشهوات عبارة عما يوافق الإنسان ويشتهيه ويلائمه ولا يتقيه وفي الصحيح حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات وما ذكر عن علي - رضي الله عنه - جزء من هذا .
قوله تعالى : فسوف يلقون غيا قال ابن زيد شرا أو ضلالا أو خيبة قال :فمن يلق خيرا يحمد الناس أمره ومن يغو لا يعدم على الغي لائماوقال عبد الله بن مسعود : هو واد في جهنم والتقدير عند أهل اللغة فسوف يلقون هذا الغي ؛ كما قال جل ذكره : ومن يفعل ذلك يلق أثاما والأظهر أن الغي اسم للوادي سمي به لأن الغاوين يصيرون إليه .
قال كعب : يظهر في آخر الزمان قوم بأيديهم سياط كأذناب البقر ، ثم قرأ فسوف يلقون غيا أي هلاكا وضلالا في جهنم ، وعنه : غي واد في جهنم أبعدها قعرا ؛ وأشدها حرا ، فيه بئر يسمى البهيم ، كلما خبت جهنم فتح الله تعالى تلك البئر فتسعر بها جهنم ، وقال ابن عباس : غي واد في جهنم ، وأن أودية جهنم لتستعيذ من حره ، أعد الله تعالى ذلك الوادي للزاني المصر على الزنا ، ولشارب الخمر المدمن عليه ، ولآكل الربا الذي لا ينزع عنه ، ولأهل العقوق ، ولشاهد الزور ، ولامرأة أدخلت على زوجها ولدا ليس منه .

﴿ فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا ﴾ [ مريم: 59]

سورة : مريم - الأية : ( 59 )  - الجزء : ( 16 )  -  الصفحة: ( 309 )

English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

تفسير آيات من القرآن الكريم


تحميل سورة مريم mp3 :

سورة مريم mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة مريم

سورة مريم بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة مريم بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة مريم بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة مريم بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة مريم بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة مريم بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة مريم بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة مريم بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة مريم بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة مريم بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب