تفسير القرطبي الجامع لأحكام القرآن تفسير الصفحة 188 من المصحف



تفسير القرطبي - صفحة القرآن رقم 188

188- تفسير الصفحة رقم188 من المصحف
الآية: 7 {كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين}
قوله تعالى: "كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام" كيف هنا للتعجب، كما تقول: كيف يسبقني فلان أي لا ينبغي أن يسبقني. و"عهد" اسم يكون. وفي الآية إضمار، أي كيف يكون للمشركين عهد مع إضمار الغدر، كما قال:
وخبرتماني إنما الموت بالقرى فكيف وهاتا هضبة وكثيب
التقدير: فكيف مات، عن الزجاج. وقيل: المعنى كيف يكون للمشركين عهد عند الله يأمنون به عذابه غدا، وكيف يكون لهم عند رسوله عهد يأمنون به عذاب الدنيا. ثم استثنى فقال: "إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام". قال محمد بن إسحاق: هم بنو بكر، أي ليس العهد إلا لهؤلاء الذين لم ينقضوا ولم ينكثوا. "فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين
أي فما أقاموا على الوفاء بعهدكم فأقيموا لهم على مثل ذلك ابن زيد: فلم يستقيموا فضرب لهم أجلا أربعة أشهر فأما من لا عهد له فقاتلوه حيث وجدتموه إلا أن يتوب.
الآية: 8 {كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون}
قوله تعالى: "كيف وإن يظهروا عليكم" أعاد التعجب من أن يكون لهم عهد مع خبث أعمالهم، أي كيف يكون لهم عهد وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة. يقال: ظهرت على فلان أي غلبته، وظهرت البيت علوته، ومنه "فما استطاعوا أن يظهروه" [الكهف: 97] أي يعلوا عليه.
قوله تعالى: "لا يرقبوا فيكم" "يرقبوا" يحافظوا. والرقيب الحافظ. وقد تقدم. "إلا" عهدا، عن مجاهد وابن زيد. وعن مجاهد أيضا: هو اسم من أسماء الله عز وجل. ابن عباس والضحاك: قرابة. الحسن: جوارا. قتادة: حلفا، و"ذمة" عهدا. أبو عبيدة: يمينا. وعنه أيضا: إلا العهد، والذمة التذمم. الأزهري: اسم الله بالعبرانية، وأصله من الأليل وهو البريق، يقال أل لونه يؤل ألا، أي صفا ولمع. وقيل: أصله من الحدة، ومنه الألة للحربة، ومنه أذن مؤللة أي محددة. ومنه قول طرفة بن العبد يصف أذني ناقته بالحدة والانتصاب.
مؤللتان تعرف العتق فيهما كسامعتي شاة بحومل مفرد
فإذا قيل للعهد والجوار والقرابة "إل" فمعناه أن الأذن تصرف إلى تلك الجهة، أي تحدد لها. والعهد يسمى "إلا" لصفائه وظهوره. ويجمع في القلة آلال. وفي الكثرة إلال. وقال الجوهري وغيره: الإل بالكسر هو الله عز وجل، والإل أيضا العهد والقرابة. قال حسان:
لعمرك إن إلك من قريش كإل السقب من رأل النعام
قوله تعالى: "ولا ذمة" أي عهدا. وهي كل حرمة يلزمك إذا ضيعتها ذنب. قال ابن عباس والضحاك وابن زيد: الذمة العهد. ومن جعل الإل العهد فالتكرير لاختلاف اللفظين. وقال أبو عبيدة معمر: الذمة التذمم. وقال أبو عبيد: الذمة الأمان في قوله عليه السلام: (ويسعى بذمتهم أدناهم). وجمع ذمة ذمم. وبئر ذمة - بفتح الذال - قليلة الماء، وجمعها ذمام. قال ذو الرمة:
على حميريات كأن عيونها ذمام الركايا أنكزتها المواتح
أنكزتها أذهبت ماءها. وأهل الذمة أهل العقد.
قوله تعالى: "يرضونكم بأفواههم" أي يقولون بألسنتهم ما يرضي ظاهره. "وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون" أي ناقضون العهد. وكل كافر فاسق، ولكنه أراد ههنا المجاهرين بالقبائح ونقض العهد.
الآية: 9 {اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا فصدوا عن سبيله إنهم ساء ما كانوا يعملون}
يعني المشركين في نقضهم العهود بأكلة أطعمهم إياها أبو سفيان، قاله مجاهد. وقيل: إنهم استبدلوا بالقرآن متاع الدنيا. "فصدوا عن سبيله" أي أعرضوا، من الصدود أو منعوا عن سبيل الله، من الصد.
الآية: 10 {لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة وأولئك هم المعتدون}
قال النحاس: ليس هذا تكريرا، ولكن الأول لجميع المشركين والثاني لليهود خاصة. والدليل على هذا "اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا" يعني اليهود، باعوا حجج الله عز وجل وبيانه بطلب الرياسة وطمع في شيء. "وأولئك هم المعتدون" أي المجاوزون الحلال إلى الحرام بنقض العهد.
الآية: 11 {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ونفصل الآيات لقوم يعلمون}
قوله تعالى: "فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة" أي عن الشرك والتزموا أحكام الإسلام. "فإخوانكم" أي فهم إخوانكم "في الدين". قال ابن عباس: حرمت هذه دماء أهل القبلة. وقد تقدم هذا المعنى. وقال ابن زيد: افترض الله الصلاة والزكاة وأبى أن يفرق بينهما وأبى أن يقبل الصلاة إلا بالزكاة. وقال ابن مسعود: أمرتم بالصلاة والزكاة فمن لم يزك فلا صلاة له. وفي حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من فرق بين ثلاث فرق الله بينه وبين رحمته يوم القيامة من قال أطيع الله ولا أطيع الرسول والله تعالى يقولك "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول" [النساء: 59] ومن قال أقيم الصلاة ولا أوتي الزكاة والله تعالى يقول: "وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة" [البقرة: 43] ومن فرق بين شكر الله وشكر والديه والله عز وجل يقول: "أن اشكر لي ولوالديك" [لقمان: 14]).
قوله تعالى: "ونفصل الآيات" أي نبينها. "لقوم يعلمون" خصهم لأنهم هم المنتفعون بها. والله أعلم.
الآية: 12 {وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون}
قوله تعالى: "وإن نكثوا أيمانهم" النكث النقض، وأصله في كل ما قتل ثم حل. فهي في الأيمان والعهود مستعارة. قال:
وإن حلفت لا ينقض النأي عهدها فليس لمخضوب البنان يمين
أي عهد. "وطعنوا في دينكم" أي بالاستنقاض والحرب وغير ذلك مما يفعله المشرك. يقال: طعنه بالرمح وطعن بالقول السيء فيه يطعن، بضم العين فيهما. وقيل: يطعن بالرمح - بالضم - ويطعن بالقول - بالفتح - . وهي هنا استعارة، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم حين أمر أسامة: (إن تطعنوا في إمارته فقد طعنتم في إمارة أبيه من قبل وأيم الله إن كان لخليقا للإمارة). خرجه الصحيح.
استدل بعض العلماء بهذه الآية على وجوب قتل كل من طعن في الدين، إذ هو كافر. والطعن أن ينسب إليه ما لا يليق به، أو يعترض بالاستخفاف على ما هو من الدين، لما ثبت من الدليل القطعي على صحة أصوله واستقامة فروعه. وقال ابن المنذر: أجمع عامة أهل العلم على أن من سب النبي صلى الله عليه وسلم عليه القتل. وممن قال ذلك مالك والليث وأحمد وإسحاق، وهو مذهب الشافعي. وقد حكي عن النعمان أنه قال: لا يقتل من سب النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الذمة، على ما يأتي. وروي أن رجلا قال في مجلس علي: ما قتل كعب بن الأشرف إلا غدرا، فأمر علي بضرب عنقه. وقال آخر في مجلس معاوية فقام محمد بن مسلمة فقال: أيقال هذا في مجلسك وتسكت والله لا أساكنك تحت سقف أبدا، ولئن خلوت به لأقتلنه. قال علماؤنا: هذا يقتل ولا يستتاب إن نسب الغدر للنبي صلى الله عليه وسلم. وهو الذي فهمه علي ومحمد بن مسلمة رضوان الله عليهما من قائل ذلك، لأن ذلك زندقة. فأما إن نسبه للمباشرين لقتله بحيث يقول: إنهم أمنوه ثم غدروه لكانت هذه النسبة كذبا محضا، فإنه ليس في كلامهم معه ما يدل على أنهم أمنوه ولا صرحوا له بذلك، ولو فعلوا ذلك لما كان أمانا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما وجههم لقتله لا لتأمينه، وأذن لمحمد بن مسلمة في أن يقول. وعلى هذا فيكون في قتل من نسب ذلك لهم نظر وتردد. وسببه هل يلزم من نسبة الغدر لهم نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم، لأنه قد صوب فعلهم ورضي به فيلزم منه أنه قد رضي بالغدر ومن صرح بذلك قتل، أولا يلزم من نسبة الغدر لهم نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم فلا يقتل. وإذا قلنا لا يقتل، فلا بد من تنكيل ذلك القائل وعقوبته بالسجن، والضرب الشديد والإهانة العظيمة.
فأما الذمي إذا طعن في الدين انتقض عهده في المشهور من مذهب مالك، لقوله: "وإن نكثوا أيمانهم" الآية. فأمر بقتلهم وقتالهم. وهو مذهب الشافعي رحمه الله. وقال أبو حنيفة في هذا: إنه يستتاب، وإن مجرد الطعن لا ينقض به العهد إلا مع وجود النكث، لأن الله عز وجل إنما أمر بقتلهم بشرطين: أحدهما نقضهم العهد، والثاني طعنهم في الدين.
قلنا: إن عملوا بما يخالف العهد انتقض عهدهم، وذكر الأمرين لا يقتضي توقف قتاله على وجودهما، فإن النكث يبيح لهم ذلك بانفراده عقلا وشرعا. وتقدير الآية عندنا: فإن نكثوا عهدهم حل قتالهم، وإن لم ينكثوا بل طعنوا في الدين مع الوفاء بالعهد حل قتالهم. وقد روي أن عمر رفع إليه ذمي نخس دابة عليها امرأة مسلمة فرمحت فأسقطتها فانكشفت بعض عورتها، فأمر بصلبه في الموضع.
إذا حارب الذمي نقض عهده وكان ماله وولده فيئا معه. وقال محمد بن مسلمة: لا يؤاخذ ولده به، لأنه نقض وحده. وقال: أما ماله فيؤخذ. وهذا تعارض لا يشبه منصب محمد بن مسلمة، لأن عهده هو الذي حمى ماله وولده، فإذا ذهب عنه ماله ذهب عنه ولده. وقال أشهب: إذا نقض الذمي العهد فهو على عهده ولا يعود في الرق أبدا. وهذا من العجب، وكأنه رأى العهد معنى محسوسا. وإنما العهد حكم اقتضاه النظر، والتزمه المسلمون له، فإذا نقضه انتقض كسائر العقود.
أكثر العلماء على أن من سب النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الذمة أو عرض أو استخف بقدره أو وصفه بغير الوجه الذي كفر به فإنه يقتل، فإنا لم نعطه الذمة أو العهد على هذا. إلا أبا حنيفة والثوري وأتباعهما من أهل الكوفة فإنهم قالوا: لا يقتل، ما هو عليه من الشرك أعظم، ولكن يؤدب ويعزر. والحجة عليه قوله تعالى: "وإن نكثوا" الآية. واستدل عليه بعضهم بأمره صلى الله عليه وسلم بقتل كعب بن الأشرف وكان معاهدا. وتغيظ أبو بكر على رجل من أصحابه فقال أبو برزة: ألا أضرب عنقه فقال: ما كانت لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وروى الدارقطني عن ابن عباس: أن رجلا أعمى كانت له أم ولد، له منها ابنان مثل اللؤلؤتين، فكانت تشتم النبي صلى الله عليه وسلم وتقع فيه، فينهاها فلم تنته، ويزجرها فلم تنزجر، فلما كان ذات ليلة ذكرت النبي صلى الله عليه وسلم فما صبر سيدها أن قام إلى معول فوضعه في بطنها، ثم اتكأ عليها حتى أنفذه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا اشهدوا إن دمها هدر). وفي رواية عن ابن عباس: فقتلها، فلما أصبح قيل، ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقام الأعمى فقال: يا رسول الله، أنا صاحبها، كانت تشتمك وتقع فيك فأنهاها فلا تنتهي، وأزجرها فلا تنزجر، ولي منها ابنان مثل اللؤلؤتين، وكانت بي رفيقة فلما كان البارحة جعلت تشتمك وتقع فيك فقتلتها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا اشهدوا إن دمها هدر).
واختلفوا إذا سبه ثم أسلم تقية من القتل، فقيل يسقط إسلامه قتله، وهو المشهور من المذهب، لأن الإسلام يجب ما قبله. بخلاف المسلم إذا سبه ثم تاب قال الله عز وجل: "قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف" [الأنفال:38]. وقيل: لا يسقط الإسلام قتله، قاله في العتبية لأنه حق للنبي صلى الله عليه وسلم وجب لانتهاكه حرمته وقصده إلحاق النقيصة والمعرة به، فلم يكن رجوعه إلى الإسلام بالذي يسقطه، ولا يكون أحسن حالا من المسلم.
قوله تعالى: "فقاتلوا أئمة الكفر" "أئمة" جمع إمام، والمراد صناديد قريش - في قول بعض العلماء - كأبي جهل وعتبة وشيبة وأمية بن خلف. وهذا بعيد، فإن الآية في سورة "براءة" وحين نزلت وقرئت على الناس كان الله قد استأصل شأفة قريش فلم يبق إلا مسلم أو مسالم، فيحتمل أن يكون المراد "فقاتلوا أئمة الكفر". أي من أقدم على نكث العهد والطعن في الدين يكون أصلا ورأسا في الكفر، فهو من أئمة الكفر على هذا. ويحتمل أن يعنى به المتقدمون والرؤساء منهم، وأن قتالهم قتال لأتباعهم وأنهم لا حرمة لهم. والأصل أأممة كمثال وأمثلة، ثم أدغمت الميم في الميم وقلبت الحركة على الهمزة فاجتمعت همزتان، فأبدلت من الثانية ياء. وزعم الأخفش أنك تقول: هذا أيم من هذا، بالياء. وقال المازني: أوم من هذا، بالواو. وقرأ حمزة "أئمة". وأكثر النحويين يذهب إلى أن هذا لحن، لأنه جمع بين همزتين في كلمة واحدة. "إنهم لا أيمان لهم" أي لا عهود لهم، أي ليست عهودهم صادقة يوفون بها. وقرأ ابن عامر "لا إيمان لهم" بكسر الهمزة من الإيمان، أي لا إسلام لهم. ويحتمل أن يكون مصدر آمنته إيمانا، من الأمن الذي ضده الخوف، أي لا يؤمنون، من آمنته إيمانا أي أجرته، فلهذا قال: "فقاتلوا أئمة الكفر". "لعلهم ينتهون" أي عن الشرك. قال الكلبي: كان النبي صلى الله عليه وسلم وادع أهل مكة سنة وهو بالحديبية فحبسوه عن البيت، ثم صالحوه على أن يرجع فمكثوا ما شاء الله، ثم قاتل حلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم من خزاعة حلفاء بني أمية من كنانة، فأمدت بنو أمية حلفاءهم بالسلاح والطعام، فاستعانت خزاعة برسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعين حلفاءه كما سبق. وفى البخاري عن زيد بن وهب قال: كنا عند حذيفة فقال ما بقي من أصحاب هذه الآية - يعني "فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم" - إلا ثلاثة، ولا بقي من المنافقين إلا أربعة. فقال أعرابي: إنكم أصحاب محمد تخبرون أخبارا لا ندري ما هي تزعمون ألا منافق إلا أربعة، فما بال هؤلاء الذين يبقرون بيوتنا ويسرقون أعلافنا قال: أولئك الفساق أجل لم يبق منهم إلا أربعة، أحدهم شيخ كبير لو شرب الماء البارد لما وجد برده. "لعلهم ينتهون" أي عن كفرهم وباطلهم وأذيتهم للمسلمين. وذلك يقتضي أن يكون الغرض من قتالهم دفع ضررهم لينتهوا عن مقاتلتنا ويدخلوا في ديننا.
الآية: 13 {ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدؤوكم أول مرة أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين}
قوله تعالى: "ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم" توبيخ وفيه معنى التحضيض نزلت في كفار مكة كما ذكرنا آنفا. "وهموا بإخراج الرسول" أي كان منهم سبب الخروج، فأضيف الإخراج إليهم. وقيل: أخرجوا الرسول عليه السلام من المدينة لقتال أهل مكة للنكث الذي كان منهم: عن الحسن. "وهم بدؤوكم" بالقتال. "أول مرة" أي نقضوا العهد وأعانوا بني بكر على خزاعة. وقيل: بدؤوكم بالقتال يوم بدر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم خرج للعير ولما أحرزوا عيرهم كان يمكنهم الانصراف، فأبوا إلا الوصول إلى بدر وشرب الخمر بها؛ كما تقدم. "فالله أحق أن تخشوه" أي تخافوا عقابه في ترك قتالهم من أن تخافوا أن ينالكم في قتالهم مكروه. وقيل: إخراجهم الرسول منعهم إياه من الحج والعمرة والطواف، وهو ابتداؤهم. والله أعلم.