سورة الأعراف | للقراءة من المصحف بخط كبير واضح
استماع mp3 | الجلالين&الميسر | تفسير الشوكاني |
إعراب الصفحة | تفسير ابن كثير | تفسير القرطبي |
التفسير المختصر | تفسير الطبري | تفسير السعدي |
تفسير السعدي تفسير الصفحة 155 من المصحف
فقالت لهم الملائكة ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ أي: في جملة أمم قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ أي: مضوا على ما مضيتم عليه من الكفر والاستكبار، فاستحق الجميع الخزي والبوار، كلما دخلت أمة من الأمم العاتية النار لَعَنَتْ أُخْتَهَا كما قال تعالى: ويَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا أي: اجتمع في النار جميع أهلها، من الأولين والآخرين، والقادة والرؤساء والمقلدين الأتباع.
قَالَتْ أُخْرَاهُمْ أي: متأخروهم، المتبعون للرؤساء لأولاهُمْ أي: لرؤسائهم، شاكين إلى اللّه إضلالهم إياهم: رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ أي : عذبهم عذابا مضاعفا لأنهم أضلونا، وزينوا لنا الأعمال الخبيثة.
قَالَ اللّه لِكُلٍّ منكم ضِعْفٌ ونصيب من العذاب.
ومفهوم الآية أن أرواح المؤمنين المنقادين لأمر اللّه المصدقين بآياته، تفتح لها أبواب السماء حتى تعرج إلى اللّه، وتصل إلى حيث أراد اللّه من العالم العلوي، وتبتهج بالقرب من ربها والحظوة برضوانه.
وقوله عن أهل النار ( وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ ) وهو البعير المعروف ( فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ) أي: حتى يدخل البعير الذي هو من أكبر الحيوانات جسما، في خرق الإبرة، الذي هو من أضيق الأشياء، وهذا من باب تعليق الشيء بالمحال، أي: فكما أنه محال دخول الجمل في سم الخياط، فكذلك المكذبون بآيات اللّه محال دخولهم الجنة، قال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وقال هنا ( وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ ) أي: الذين كثر إجرامهم واشتد طغيانهم.
( لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ ) أي: فراش من تحتهم ( وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ ) أي: ظلل من العذاب، تغشاهم. ( وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ) لأنفسهم، جزاء وفاقا، وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ
( أُولَئِكَ ) أي: المتصفون بالإيمان والعمل الصالح ( أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) أي: لا يحولون عنها ولا يبغون بها بدلا لأنهم يرون فيها من أنواع اللذات وأصناف المشتهيات ما تقف عنده الغايات، ولا يطلب أعلى منه.
( وَنزعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ ) وهذا من كرمه وإحسانه على أهل الجنة، أن الغل الذي كان موجودا في قلوبهم، والتنافس الذي بينهم، أن اللّه يقلعه ويزيله حتى يكونوا إخوانا متحابين، وأخلاء متصافين.
قال تعالى: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ويخلق اللّه لهم من الكرامة ما به يحصل لكل واحد منهم الغبطة والسرور، ويرى أنه لا فوق ما هو فيه من النعيم نعيم. فبهذا يأمنون من التحاسد والتباغض، لأنه قد فقدت أسبابه.
وقوله: ( تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأنْهَارُ ) أي: يفجرونها تفجيرا، حيث شاءوا، وأين أرادوا، إن شاءوا في خلال القصور، أو في تلك الغرف العاليات، أو في رياض الجنات، من تحت تلك الحدائق الزاهرات.
أنهار تجري في غير أخدود، وخيرات ليس لها حد محدود ( وَ ) لهذا لما رأوا ما أنعم اللّه عليهم وأكرمهم به ( قَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا ) بأن من علينا وأوحى إلى قلوبنا، فآمنت به، وانقادت للأعمال الموصلة إلى هذه الدار، وحفظ اللّه علينا إيماننا وأعمالنا، حتى أوصلنا بها إلى هذه الدار، فنعم الرب الكريم، الذي ابتدأنا بالنعم، وأسدى من النعم الظاهرة والباطنة ما لا يحصيه المحصون، ولا يعده العادون، ( وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ) أي: ليس في نفوسنا قابلية للهدى، لولا أنه تعالى منَّ بهدايته واتباع رسله.
( لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ ) أي: حين كانوا يتمتعون بالنعيم الذي أخبرت به الرسل، وصار حق يقين لهم بعد أن كان علم يقين [ لهم ] ، قالوا لقد تحققنا، ورأينا ما وعدتنا به الرسل، وأن جميع ما جاءوا به حق اليقين، لا مرية فيه ولا إشكال، ( وَنُودُوا ) تهنئة لهم، وإكراما، وتحية واحتراما، ( أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا ) أي: كنتم الوارثين لها، وصارت إقطاعا لكم، إذ كان إقطاع الكفار النار، أورثتموها ( بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) .
قال بعض السلف: أهل الجنة نجوا من النار بعفو اللّه، وأدخلوا الجنة برحمة اللّه، واقتسموا المنازل وورثوها بالأعمال الصالحة وهي من رحمته، بل من أعلى أنواع رحمته.
قَالَتْ أُخْرَاهُمْ أي: متأخروهم، المتبعون للرؤساء لأولاهُمْ أي: لرؤسائهم، شاكين إلى اللّه إضلالهم إياهم: رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ أي : عذبهم عذابا مضاعفا لأنهم أضلونا، وزينوا لنا الأعمال الخبيثة.
قَالَ اللّه لِكُلٍّ منكم ضِعْفٌ ونصيب من العذاب.
وَقَالَتْ أُولاهُمْ لأُخْرَاهُمْ ( 39 ) .
أي: الرؤساء، قالوا لأتباعهم: ( فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ ) أي: قد اشتركنا جميعا في الغي والضلال، وفي فعل أسباب العذاب، فأيّ فضل لكم علينا؟ ( فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ ) ولكنه من المعلوم أن عذاب الرؤساء وأئمة الضلال أبلغ وأشنع من عذاب الأتباع، كما أن نعيم أئمة الهدى ورؤسائه أعظم من ثواب الأتباع، قال تعالى: الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ فهذه الآيات ونحوها، دلت على أن سائر أنواع المكذبين بآيات اللّه، مخلدون في العذاب، مشتركون فيه وفي أصله، وإن كانوا متفاوتين في مقداره، بحسب أعمالهم وعنادهم وظلمهم وافترائهم، وأن مودتهم التي كانت بينهم في الدنيا تنقلب يوم القيامة عداوة وملاعنة. إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ ( 40 ) لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ( 41 ) .
يخبر تعالى عن عقاب من كذب بآياته فلم يؤمن بها، مع أنها آيات بينات، واستكبر عنها فلم يَنْقَد لأحكامها، بل كذب وتولى، أنهم آيسون من كل خير، فلا تفتح أبواب السماء لأرواحهم إذا ماتوا وصعدت تريد العروج إلى اللّه، فتستأذن فلا يؤذن لها، كما لم تصعد في الدنيا إلى الإيمان باللّه ومعرفته ومحبته كذلك لا تصعد بعد الموت، فإن الجزاء من جنس العمل. ومفهوم الآية أن أرواح المؤمنين المنقادين لأمر اللّه المصدقين بآياته، تفتح لها أبواب السماء حتى تعرج إلى اللّه، وتصل إلى حيث أراد اللّه من العالم العلوي، وتبتهج بالقرب من ربها والحظوة برضوانه.
وقوله عن أهل النار ( وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ ) وهو البعير المعروف ( فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ) أي: حتى يدخل البعير الذي هو من أكبر الحيوانات جسما، في خرق الإبرة، الذي هو من أضيق الأشياء، وهذا من باب تعليق الشيء بالمحال، أي: فكما أنه محال دخول الجمل في سم الخياط، فكذلك المكذبون بآيات اللّه محال دخولهم الجنة، قال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وقال هنا ( وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ ) أي: الذين كثر إجرامهم واشتد طغيانهم.
( لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ ) أي: فراش من تحتهم ( وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ ) أي: ظلل من العذاب، تغشاهم. ( وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ) لأنفسهم، جزاء وفاقا، وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ( 42 ) وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ( 43 ) .
لما ذكر الله تعالى عقاب العاصين الظالمين، ذكر ثواب المطيعين فقال: ( وَالَّذِينَ آمَنُوا ) بقلوبهم ( وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) بجوارحهم، فجمعوا بين الإيمان والعمل، بين الأعمال الظاهرة والأعمال الباطنة، بين فعل الواجبات وترك المحرمات، ولما كان قوله: ( وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) لفظا عاما يشمل جميع الصالحات الواجبة والمستحبة، وقد يكون بعضها غير مقدور للعبد، قال تعالى: ( لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا ) أي: بمقدار ما تسعه طاقتها، ولا يعسر على قدرتها، فعليها في هذه الحال أن تتقي اللّه بحسب استطاعتها، وإذا عجزت عن بعض الواجبات التي يقدر عليها غيرها سقطت عنها كما قال تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا ، لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا ، وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ، فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ فلا واجب مع العجز، ولا محرم مع الضرورة. ( أُولَئِكَ ) أي: المتصفون بالإيمان والعمل الصالح ( أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) أي: لا يحولون عنها ولا يبغون بها بدلا لأنهم يرون فيها من أنواع اللذات وأصناف المشتهيات ما تقف عنده الغايات، ولا يطلب أعلى منه.
( وَنزعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ ) وهذا من كرمه وإحسانه على أهل الجنة، أن الغل الذي كان موجودا في قلوبهم، والتنافس الذي بينهم، أن اللّه يقلعه ويزيله حتى يكونوا إخوانا متحابين، وأخلاء متصافين.
قال تعالى: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ويخلق اللّه لهم من الكرامة ما به يحصل لكل واحد منهم الغبطة والسرور، ويرى أنه لا فوق ما هو فيه من النعيم نعيم. فبهذا يأمنون من التحاسد والتباغض، لأنه قد فقدت أسبابه.
وقوله: ( تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأنْهَارُ ) أي: يفجرونها تفجيرا، حيث شاءوا، وأين أرادوا، إن شاءوا في خلال القصور، أو في تلك الغرف العاليات، أو في رياض الجنات، من تحت تلك الحدائق الزاهرات.
أنهار تجري في غير أخدود، وخيرات ليس لها حد محدود ( وَ ) لهذا لما رأوا ما أنعم اللّه عليهم وأكرمهم به ( قَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا ) بأن من علينا وأوحى إلى قلوبنا، فآمنت به، وانقادت للأعمال الموصلة إلى هذه الدار، وحفظ اللّه علينا إيماننا وأعمالنا، حتى أوصلنا بها إلى هذه الدار، فنعم الرب الكريم، الذي ابتدأنا بالنعم، وأسدى من النعم الظاهرة والباطنة ما لا يحصيه المحصون، ولا يعده العادون، ( وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ) أي: ليس في نفوسنا قابلية للهدى، لولا أنه تعالى منَّ بهدايته واتباع رسله.
( لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ ) أي: حين كانوا يتمتعون بالنعيم الذي أخبرت به الرسل، وصار حق يقين لهم بعد أن كان علم يقين [ لهم ] ، قالوا لقد تحققنا، ورأينا ما وعدتنا به الرسل، وأن جميع ما جاءوا به حق اليقين، لا مرية فيه ولا إشكال، ( وَنُودُوا ) تهنئة لهم، وإكراما، وتحية واحتراما، ( أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا ) أي: كنتم الوارثين لها، وصارت إقطاعا لكم، إذ كان إقطاع الكفار النار، أورثتموها ( بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) .
قال بعض السلف: أهل الجنة نجوا من النار بعفو اللّه، وأدخلوا الجنة برحمة اللّه، واقتسموا المنازل وورثوها بالأعمال الصالحة وهي من رحمته، بل من أعلى أنواع رحمته.
الصفحة رقم 155 من المصحف تحميل و استماع mp3