تفسير الشنقيطي تفسير الصفحة 137 من المصحف


تفسير أضواء البيان - صفحة القرآن رقم 137

 {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ ٱلَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَـٰذَا رَبِّى فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لاۤ أُحِبُّ ٱلاٌّفِلِينَ * فَلَمَّآ رَأَى ٱلْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَـٰذَا رَبِّى فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِى رَبِّى لاّكُونَنَّ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلضَّآلِّينَ * فَلَماَّ رَأَى ٱلشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـٰذَا رَبِّى هَـٰذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّآ أَفَلَتْ قَالَ يٰقَوْمِ إِنِّى بَرِىۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّى وَجَّهْتُ وَجْهِىَ لِلَّذِى فَطَرَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلاٌّرْضَ حَنِيفاً وَمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ * وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّوۤنِّى فِى ٱللَّهِ وَقَدْ هَدَانِى وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَآءَ رَبِّى شَيْئاً وَسِعَ رَبِّى كُلَّ شَىْءٍ عِلْماً أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ * وَكَيْفَ أَخَافُ مَآ أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَـٰناً فَأَىُّ ٱلْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِٱلاٌّمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}
قوله تعالى: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ ٱلَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَـٰذَا رَبِّى} .
الآيات قوله: {هَـٰذَا رَبّى} في المواضع الثلاثة محتمل، لأنه كان يظن ذلك، كما روي عن ابن عباس وغيره ومحتمل، لأنه جازم بعدم ربوبية غير الله. ومراده هذا ربي في زعمكم الباطل، أو أنه حذف أداة استفهام الإنكار والقرآن يبين بطلان الأول، وصحة الثاني: أما بطلان الأول، فالله تعالى نفي كون الشرك الماضي عن إبراهيم في قوله: {وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ} في عدة آيات، ونفي الكون الماضي يستغرق جميع الزمن الماضي، فثبت أنه لم يتقدم عليه شرك يوماً ما.
وأما كونه جازماً موقناً بعدم ربوبية غير الله، فقد دل عليه ترتيب قوله تعالى: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ ٱلَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَـٰذَا رَبِّى} إلى آخره «بالفاء» على قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُرِىۤ إِبْرَٰهِيمَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلاٌّرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ ٱلْمُوقِنِينَ} فدل على أنه قال ذلك موقناً مناظراً ومحاجاً لهم، كما دل عليه قوله تعالى: {وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ} ، وقوله: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَآ ءَاتَيْنَـٰهَآ إِبْرَٰهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ} والعلم عند الله تعالى.