تفسير الشنقيطي تفسير الصفحة 327 من المصحف


تفسير أضواء البيان - صفحة القرآن رقم 327


تفسير أضواء البيان - صفحة القرآن رقم 67

 {وَلَقَدْ ءَاتَيْنَآ إِبْرَٰهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَـٰلِمِينَ * إِذْ قَالَ لاًّبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَـٰذِهِ ٱلتَّمَـٰثِيلُ ٱلَّتِىۤ أَنتُمْ لَهَا عَـٰكِفُونَ * قَالُواْ وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا لَهَا عَـٰبِدِينَ * قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَءَابَآؤُكُمْ فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ * قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا بِٱلْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ ٱللَّـٰعِبِينَ * قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلاٌّرْضِ ٱلَّذِى فطَرَهُنَّ وَأَنَاْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ مِّنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ * وَتَٱللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَـٰمَكُمْ بَعْدَ أَن تُوَلُّواْ مُدْبِرِينَ * فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلاَّ كَبِيراً لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ * قَالُواْ مَن فَعَلَ هَـٰذَا بِأالِهَتِنَآ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ * قَالُواْ سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَٰهِيمُ * قَالُواْ فَأْتُواْ بِهِ عَلَىٰ أَعْيُنِ ٱلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ * قَالُوۤاْ ءَأَنْتَ فَعَلْتَ هَـٰذَا بِأالِهَتِنَا يٰإِبْرَٰهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَـٰذَا فَاسْألُوهُمْ إِن كَانُواْ يِنْطِقُونَ * فَرَجَعُوۤاْ إِلَىٰ أَنفُسِهِمْ فَقَالُوۤاْ إِنَّكُمْ أَنتُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ * ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَـٰؤُلاۤءِ يَنطِقُونَ * قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلاَ يَضُرُّكُمْ * أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ * قَالُواْ حَرِّقُوهُ وَٱنصُرُوۤاْ ءَالِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَـٰعِلِينَ * قُلْنَا يٰنَارُ كُونِى بَرْداً وَسَلَـٰمَا عَلَىٰ إِبْرَٰهِيمَ * وَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَـٰهُمُ ٱلاٌّخْسَرِينَ * وَنَجَّيْنَـٰهُ وَلُوطاً إِلَى ٱلاٌّرْضِ ٱلَّتِى بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَـٰلَمِينَ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَـٰقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلْنَا صَـٰلِحِينَ}
قوله تعالى: {وَلَقَدْ ءَاتَيْنَآ إِبْرَٰهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ}. قد قدمنا ما يوضح هذه الآيات إلى آخر القصة من القرآن في سورة «مريم» فأغنى ذلك عن إعادته هنا. قوله تعالى {قَالُواْ حَرِّقُوهُ وَٱنصُرُوۤاْ ءَالِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَـٰعِلِينَ}. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن نبيه إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام لما أفحم قومه الكفرة بالبراهين والحجج القاطعة، لجؤوا إلى استعمال القوة فقالوا: {حَرِّقُوهُ وَٱنصُرُوۤاْ ءَالِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَـٰعِلِينَ} أي اقتلوا عدوها إبراهيم شر قتلة، وهي الإحراق بالنار.
ولم يذكر هنا أنهم أرادوا قتله بغير التحريق: ولكنه تعالى ذكر في سورة «العنكبوت» أنهم {قَالُواْ ٱقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ} وذلك في قوله: {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ ٱقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ} .
وقد جرت العادة بأن المبطل إذا أفحم بالدليل لجأ إلى عنده من القوة ليستعملها ضد الحق.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {إِن كُنتُمْ فَـٰعِلِينَ} أي إن كنتم ناصرين آلهتكم نصراً مؤزّراً. فاختاره له أفظع قتلة، وهي الأحراق بالنار. وإلا فقد فرطتم في نصرها. قوله تعالى: {قُلْنَا يٰنَارُ كُونِى بَرْداً وَسَلَـٰمَا عَلَىٰ إِبْرَٰهِيم َوَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَـٰهُمُ ٱلاٌّخْسَرِينَ}.
في الكلام حذف دل المقام عليه، وتقديره: قالوا حرقوه فرموه في النار، فلما فعلوا ذلك {قُلْنَا يٰنَارُ كُونِى بَرْداً وَسَلَـٰمَ} وقد بين في «الصافات» أنهم لما أرادوا أن يلقوه في النار بنوا له بنياناً ليلقوه فيه.
وفي القصة: أنهم ألقوه من ذلك البنيان العالي بالمنجنيق بإشارة رجل من أعراب فارس (يعنون الأكراد)، وأن الله خسف به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة، قال تعالى: {قَالُواْ ٱبْنُواْ لَهُ بُنْيَـٰناً فَأَلْقُوهُ فِى ٱلْجَحِيمِ} . والمفسرون يذكرون من شدة هذه النار وارتفاع لهبها، وكثرة حطبها شيئاً عظيماً هائلاً. وذكروا عن نبي الله إبراهيم أنهم لما كتفوه مجرداً ورموه إلى النار، قال له جبريل: هل لك حاجة؟ قال: أما إليك فلا، وأما الله فنعمٰ قال: لم لا تسأله؟ قال: علمه بحالي كاف عن سؤالي.
وما ذكر الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة: من أنه أمر النار بأمره الكوني القدري أن تكون برداً وسلاماً على إبراهيم ـ يدل على أنه أنجاه من تلك النار. لأن قوله تعالى: {كُونِى بَرْد} يدل على سلامته من حرِّها. وقوله: {وَسَلَـٰم}. يدل على سلامته من شرِّ بردها الذي انقلبت الحرارة إليه. وانجاؤه إياه منها الذي دل عليه أمره الكوني القدري هنا جاء مصرحاً به في «العنكبوت» في قوله تعالى: {فَأَنْجَاهُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلنَّارِ} وأشار إلى ذلك هنا بقوله: {وَنَجَّيْنَـٰهُ وَلُوط} .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {وَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَـٰهُمُ ٱلاٌّخْسَرِينَ} يوضحه ما قبله. فالكيد الذي أرادوه به إحراقه بالنار نصراً منهم لآلهتهم في زعمهم، وجعله تعالى إياهم الأخسرين. أي الذين هم أكثر خسراناً لبطلان كيدهم وسلامته من نارهم.
وقد أشار تعالى إلى ذلك أيضاً في سورة «الصافات» في قوله: {فَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَـٰهُمُ ٱلاٌّسْفَلِينَ} وكونهم الأسفلين واضح لعلوه عليهم وسلامته من شرهم. وكونهم الأخسرين لأنهم خسروا الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين. وفي القصة: أن الله سلط عليهم خلقاً من أضعف خلقه فأهلكهم وهو البعوض. وفيها أيضاً: أن كل الدواب تطفىء عن إبراهيم النار، إلا الوزغ فإنه ينفخ النار عليه.
وقد قدمنا الأحاديث الواردة بالأمر بقتل الأوزاغ في سورة «الأنعام» وعن أبي العالية: لو لم يقل الله {وَسَلَـٰم} لكان بردها أشد عليه من حرها. ولو لم يقل على «إبْرَاهِيمَ» لكان بردها باقياً إلى الأبد. وعن علي وابن عباس رضي الله عنهم لو لم يقل «وسلاماً» لمات إِبَرَاهِيم من بردها. وعن السدي: لم تبق في ذلك اليوم نار إلا طفئت. وعن كعب وقتادة: لم تحرق النار من إبراهيم إلا وثاقه. وعن المنهال بن عمرو: قال إبراهيم ما كنت أياماً قط أنعم مني في الأيام التي كنت فيها في النار. وعن شعيب الحماني: أنه ألقي في النار وهو ابن ست عشر سنة. وعن ابن جريج: ألقي فيها وهو ابن ست وعشرين. وعن الكلبي بردت نيران الأرض جميعاً، فما أنضجت ذلك اليوم كراعاً. وذكروا في القصة: أن نمروذ أشرف على النار من الصرح فرأى إبراهيم جالساً على السرير يؤنسه ملك الظل، فقال: نعم الرب ربك، لأقرين له أربعة آلاف بقرة وكف عنه. وكل هذا من الإسرائيليات. والمفسرون يذكرون كثيراً منها في هذه القصة وغيرها من قصص الأنبياء.
وقال البخاري في صحيحه: حدثنا أحمد بن يونس، أُرَاهُ قال: حدثنا أبو بكر عن أبي حَصِين عن أبي الضُّحَى عن ابن عباس «حسبنا الله ونعم الوكيل» قالها إبراهيم عليه السلام حين أُلقي في النَّار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا: {ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَـٰناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ} حدثنا مالك بن إسماعيل، حدثنا إسرائيل عن أبي حَصِين عن أبي الضَّحَى عن ابن عباس قال: كان آخرهم قول إبراهيم حين أُلقي في النار: «حسبي الله ونعم الوكيل» ـ انتهى.
قوله تعالى: {وَنَجَّيْنَـٰهُ وَلُوطاً إِلَى ٱلاٌّرْضِ ٱلَّتِى بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَـٰلَمِينَ}.
الضمير في قوله: {وَنَجَّيْنَـٰهُ} عائد إلى إبراهيم. قال أبو حيان في البحر المحيط: وضمن قوله {وَنَجَّيْنَـٰهُ} معنى أخرجناه بنجاتنا إلى الأرض. ولذلك تعدى «نجَّيناه» بإلى. ويحتمل أن يكون «إلى» متعلقاً بمحذوف. أي منتهياً إلى الأرض، فيكون في موضع الحال. ولا تضمين في «ونجَّيناه» على هذا. والأرض التي خرجا منها: هي كوثى من أرض العراق، والأرض التي خرجا إليها: هي أرض الشام ا هـ منه. وهذه الآية الكريمة تشير إلى هجرة إبراهيم ومعه لوط من أرض العراق إلى الشام فراراً بدينهما.
وقد أشار تعالى إلى ذلك في غير هذا الموضع. كقوله في «العنكبوت» {فَأامَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّى مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّىۤ} ، وقوله في «الصافات:» {وَقَالَ إِنِّى ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّى سَيَهْدِينِ} على أظهر القولين. لأنه فار إلى ربه بدينه من الكفار. وقال القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ إِنِّى ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّى سَيَهْدِينِ}: هذه الآية أصل في الهجرة والعزلة، وأول من فعل ذلك إبراهيم عليه السلام، وذلك حين خلصه الله من النار قال: {إِنِّى ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّى} أي مهاجر من بلد قومي ومولدي، إلى حيث أتمكن من عبادة ربي {فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} فيما نويت إلى الصواب. وما أشار إليه جل وعلا من أنه بارك العالمين في الأرض المذكورة، التي هي الشام على قول الجمهور في هذه الآية بقوله: {إِلَى ٱلاٌّرْضِ ٱلَّتِى بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَـٰلَمِينَ} ـ بينه في غير الموضع. كقوله: {وَلِسُلَيْمَـٰنَ ٱلرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِى بِأَمْرِهِ إِلَى ٱلاٌّرْضِ ٱلَّتِى بَارَكْنَا فِيهَ} ، وقوله تعالى: {سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَىٰ ٱلْمَسْجِدِ ٱلاٌّقْصَى ٱلَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ} . ومعنى كونه (بارك فيها). هو ما جعل فيها من الخصب والأشجار والأنهار والثمار. كما قال تعالى: {لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَـٰتٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلاٌّرْضِ} ومن ذلك أنه بعث أكثر الأنبياء منها.
وقال بعض أهل العلم: ومن ذلك أن كل ماء عذب أصل منبعه من تحت الصخرة التي عند بيت المقدس. وجاء في ذلك حديث مرفوع، والظاهر أنه لا يصح. وفي قوله تعالى: {إِلَى ٱلاٌّرْضِ ٱلَّتِى بَارَكْنَا فِيهَ} أقوال أخر تركناها لضعفها في نظرنا.
وفي هذه الآية الكريمة دليل على أن الفرار بالدين من دار الكفر إلى بلد يتمكن فيه الفار بدينه من إقامته دينه ـ واجب. وهذا النوع من الهجرة وجوبه باق بلا خلاف بين العلماء في ذلك. قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَـٰقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلْنَا صَـٰلِحِينَ}. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة:
أنه وهب لإبراهيم ابنه إسحاق، وابن ابنه يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، وأنه جعل الجميع صالحين. وقد أوضح البشارة بهما في غير هذا الموضع، كقوله تعالى: {وَٱمْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَـٰهَا بِإِسْحَـٰقَ وَمِن وَرَآءِ إِسْحَـٰقَ يَعْقُوبَ} ، وقوله: {وَبَشَّرْنَـٰهُ بِإِسْحَـٰقَ نَبِيّاً مِّنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} . وقد أشار تعالى في سورة «مريم» إلى أنه لما هجر الوطن والأقارب عوضه الله من ذلك قرة العين بالذرية الصالحة، وذلك في قوله: {فَلَمَّا ٱعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَـٰقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنَا نَبِيّ} .
وقوله في هذه الآية الكريمة: {نَافِلَةً} قال فيه ابن كثير: قال عطاء ومجاهد: نافلة عطية. وقال ابن عباس وقتادة والحكم بن عتيبة: النافلة: ولد الولد، يعني أن يعقوب ولد إسحاق.
قال مقيده عفا لله عنه وغفر له: أصل النافلة في اللغة: الزيادة على الأصل، ومنه النوافل في العبادات، لأنها زيادات على الأصل الذي هو الفرض. وولد الولد زيادة على لأصل، الذي هو ولد الصلب، ومن ذلك قول أبي ذؤيب الهذلي:
فإن تك أنثى من معد كريمة علينا فقد أعطيت نافلة الفضل
أي أعطيت الفضل عليها والزيادة في الكرامة علينا، كما هو التحقيق في معنى بيت أبي ذؤيب هذا، وكما شرحه به أبو سعيد الحسن بن الحسين السكري في شرحه لأشعار الهذليين. وبه تعلم أن إيراد صاحب اللسان بيت أبي ذؤيب المذكور مستشهداً به لأن النافلة الغنيمة غير صواب، بل هو غلظ. مع أن الأنفال التي هي الغنائم راجعة في المعنى إلى معنى الزيادة، لأنها زيادة تكريم أكرم الله بها هذا النَّبي الكريم فأحلها له ولأمته. أو لأن الأموال المغنومة أموال أخذوها زيادة على أموالهم الأصلية بلا تمن.
وقوله: {نَافِلَةً} فيه وجهان من الإعراب، فعلى قول من قال: النافلة العطية ـ فهو ما ناب عن المطلق من «وَهَبْنَا» أي وهبنا له إسحاق ويعقوب هبة. وعليه النافلة مصدر جاء بصيغة اسم الفاعل كالعاقبة والعافية. وعلى أن النافلة بمعنى الزيادة فهو حال من «يَعْقُوبَ» أي وهبنا له يعقوب في حال كونه زيادة على إسحاق.