تفسير الشوكاني تفسير الصفحة 141 من المصحف



فتح القدير - صفحة القرآن رقم 141

140

والإشارة بقوله: 102- "ذلكم" إلى الأوصاف السابقة، وهو في موضع رفع على الابتداء وما بعده خبره، وهو الاسم الشريف، و "الله ربكم" بدلاً من اسم الإشارة، وكذلك "لا إله إلا هو خالق كل شيء" خبر المبتدأ، ويجوز ارتفاع خالق على إضمار مبتدأ، وأجاز الكسائي والفراء النصب فيه "فاعبدوه" أي من كانت هذه صفاته، فهو الحقيق بالعبادة فاعبدوه ولا تعبدوا غيره ممن ليس له من هذه الصفات العظيمة شيء.
قوله: 103- "لا تدركه الأبصار" الأبصار: جمع بصر، وهو الحاسة، وإدراك الشيء عبارة عن الإحاطة به. قال الزجاج: أي لا تبلغ كنه حقيقته، فالمنفي هو هذا الإدراك لا مجرد الرؤية. فقد ثبتت بالأحاديث المتواترة تواتراً لا شك فيه ولا شبهة، ولا يجهله إلا من يجهل السنة المطهرة جهلاً عظيماً، وأيضاً قد تقرر في علم البيان والميزان أن رفع الإيجاب الكلي سلب جزئي، فالمعنى لا تدركه بعض الأبصار وهي أبصار الكفار، هذا على تسليم أن نفي الإدراك يستلزم نفي الرؤية، فالمراد به هذه الرؤية الخاصة، والآية من سلب العموم لا من عموم السلب، والأول تخلفه الجزئية، والتقدير: لا تدركه كل الأبصار بل بعضها، وهي أبصار المؤمنين. والمصير إلى أحد الوجهين متعين لما عرفناك من تواتر الرؤية في الآخرة، واعتضادها بقوله تعالى: "وجوه يومئذ ناضرة" الآية. قوله: "وهو يدرك الأبصار" أي يحيط بها ويبلغ كنهها لا تخفى عليه منها خافية، وخص الأبصار ليجانس ما قبله. وقال الزجاج: في هذا دليل على أن الخلق لا يدركون الأبصار: أي لا يعرفون كيفية حقيقة البصر وما الشيء الذي صار به الإنسان يبصر من عينيه دون أن يبصر من غيرهما من سائر أعضائه انتهى "وهو اللطيف" أي الرفيق بعباده: يقال لطف فلان بفلان: أي رفق به، واللطف في العمل الرفق فيه، واللطف من الله التوفيق والعصمة، وألطفه بكذا: إذا أبره: والملاطفة: المبارة، هكذا قال الجوهري وابن فارس، و "الخبير" المختبر بكل شيء بحيث لا يخفى عليه شيء. وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم" قال: والله خلقهم "وخرقوا له بنين وبنات بغير علم" قال: تخرصوا. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله: "وخرقوا" قال: جعلوا. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: كذبوا. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم والعقيلي وابن عدي وأبو الشيخ وابن مردويه بسند ضعيف عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: "لا تدركه الأبصار" قال: لو أن الإنس والجن والملائكة والشياطين منذ خلقوا إلى أن فنوا صفوا صفاً واحداً ما أحاطوا بالله أبداً. قال الذهبي: هذا حديث منكر انتهى. وفي إسناده عطية العوفي وهو ضعيف. وأخرج الترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس قال: رأى محمد ربه. قال عكرمة: فقلت له أليس الله يقول: "لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار" قال: لا أم لك ذاك نوره إذا تجلى بنوره لا يدركه شيء، وفي لفظ: إنما ذلك إذا تجلى بكيفيته لم يقم له بصر. وأخرج ابن جرير عنه قال: لا يحيط بصر أحد بالله. وأخرج أبو الشيخ والبيهقي في كتاب الرؤية عن الحسن في قوله: "لا تدركه الأبصار" قال: في الدنيا. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن إسماعيل بن علية مثله.
البصائر: جمع بصيرة، وهي في الأصل: نور القلب، والمراد بها هنا الحجة البينة والبرهان الواضح، وهذا الكلام وارد على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال في آخره: 104- "وما أنا عليكم بحفيظ" ووصف البصائر بالمجيء تفخيماً لشأنها وجعلها بمنزلة الغائب المتوقع مجيئه كما يقال: جاءت العافية، وانصرف المرض، وأقبلت السعود، وأدبرت النحوس "فمن أبصر فلنفسه" أي فمن تعقل الحجة وعرفها وأذعن لها فنفع ذلك لنفسه لأنه ينجو بهذا الإبصار من عذاب النار "ومن عمي" عن الحجة ولم يتعقلها ولا أذعن لها، فضرر ذلك على نفسه لأنه يتعرض لغضب الله في الدنيا ويكون مصيره النار "وما أنا عليكم بحفيظ" برقيب أحصي عليكم أعمالكم، وإنما أنا رسول أبلغكم رسالات ربي وهو الحفيظ عليكم. قال الزجاج: نزل هذا قبل فرض القتال ثم أمر أن يمنعهم بالسيف من عبادة الأوثان.
105- "وكذلك نصرف الآيات" أي مثل ذلك التصريف البديع نصرفها في الوعد والوعيد والوعظ والتنبيه. قوله: "وليقولوا درست" العطف على محذوف: أي نصرف الآيات لتقوم الحجة وليقولوا درست، أو علة لفعل محذوف يقدر متأخراً: أي وليقولوا درست صرفناها، وعلى هذا تكون اللام للعاقبة أو للصيرورة. والمعنى: ومثل ذلك التصريف نصرف الآيات وليقولوا درست، فإنه لا احتفال بقولهم: ولا اعتداد بهم فيكون معناه الوعيد والتهديد لهم وعدم الاكتراث بقولهم. وقد أشار إلى مثل هذا الزجاج. وقال النحاس: وفي المعنى قول آخر حسن، وهو أن يكون معنى "نصرف الآيات" نأتي بها آية بعد آية "ليقولوا درست" علينا فيذكرون الأول بالأخر، فهذا حقيقته، والذي قاله أبو إسحاق: يعني الزجاج مجاز، وفي "درست" قراءات، قرأ أبو عمرو وابن كثير دارست بألف بين الدال والراء كفاعلت، وهي قراءة علي وابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة وأهل مكة. وقرأ ابن عامر "درست" بفتح السين وإسكان التاء من غير ألف كخرجت، ويه قراءة الحسن. وقرأ الباقون "درست" كضربت، فعلى القراءة الأولى المعنى: دارست أهل الكتاب ودارسوك: أي ذاكرتهم وذاكروك، ويدل على هذا ما وقع في الكتاب العزيز من إخبار الله عنهم بقوله: " وأعانه عليه قوم آخرون " أي أعان اليهود النبي صلى الله عليه وسلم على القرآن، ومثله قولهم: "أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلاً"، وقولهم: "إنما يعلمه بشر". والمعنى على القراءة الثانية قدمت هذه الآيات وعفت وانقطعت وهو كقولهم " أساطير الأولين " والمعنى على القراءة الثالثة مثل المعنى على القراءة الأولى. قال الأخفش: هي بمعنى دارست إلا أنه أبلغ. وحكي عن المبرد أنه قرأ "وليقولوا" بإسكان اللام فيكون فيه معنى التهديد: أي وليقولوا ما شاءوا فإن الحق بين، وفي هذا اللفظ أصله درس يدرس دراسة فهو من الدرس وهو القراءة، وقيل: من درسته: أي ذللته بكثرة القراءة، وأصله درس الطعام: أي داسه. والدياس: الدراس بلغة أهل الشام، وقيل: أصله من درست الثوب أدرسه درساً: أي أخلقته، ودرست المرأة درساً: أي حاضت، ويقال: إن فرج المرأة يكنى أبا دراس وهو من الحيض، والدرس أيضاً: الطريق الخفي. وحكى الأصمعي: بعير لم يدرس: أي لم يركب. وروي عن ابن عباس وأصحابه وأبي وابن مسعود والأعمش أنهم قرأوا درس أي درس محمد الآيات، وقرئ درست وبه قرأ زيد بن ثابت: أي الآيات على البناء للمفعول، ودارست أي دارست اليهود محمداً، واللام في "لنبينه" لام كي: أي نصرف الآيات لكي نبينه لقوم يعلمون، والضمير راجع إلى الآيات لأنها في معنى القرآن، أو إلى القرآن وإن لم يجر له ذكر، لأنه معلوم من السياق أو إلى التبيين المدلول عليه بالفعل.
قوله: 106- "اتبع ما أوحي إليك من ربك" أمره الله باتباع ما أوحي إليه وأن لا يشغل خاطره بهم، بل يشتغل باتباع ما أمره الله، وجملة "لا إله إلا هو" معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه لقصد تأكيد إيجاب الاتباع "وأعرض" معطوف على "اتبع" أمره الله بالإعراض عن المشركين بعدما أمره باتباع ما أوحي إليه، وهذا قبل نزول آية السيف.
107- "ولو شاء الله ما أشركوا" أي لو شاء الله عدم إشراكهم ما أشركوا، وفيه أن الشرك بمشيئة الله سبحانه، والكلام في تقرير هذا على الوجه الذي يتعارف به أهل علم الكلام والميزان معروف فلا نطيل بإيراده "وما جعلناك عليهم حفيظا" أي رقيباً "وما أنت عليهم بوكيل" أي قيم بما فيه نفعهم فتجلبه إليهم، ليس عليك غلا إبلاغ الرسالة.
قوله: 108- "ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم" الموصول عبارة عن الآلهة التي كانت تعبدها الكفار. والمعنى: لا تسب يا محمد آلهة هؤلاء الكفار التي يدعونها من دون الله، فيتسبب عن ذلك سبهم لله عدواناً وتجاوزاً عن الحق وجهلاً منهم. وفي هذه الآية دليل على أن الداعي إلى الحق والناهي عن الباطل إذا خشي أن يتسبب عن ذلك ما هو أشد منه من انتهاك حرم، ومخالفة حق، ووقوع في باطل أشد كان الترك أولى به، بل كان واجباً عليه، وما أنفع هذه الآية وأجل فائدتها لمن كان من الحاملين لحجج الله المتصدين لبيانها للناس إذا كان بين قوم من الصم البكم الذين إذا أمرهم بمعروف تركوه وتركوا غيره من المعروف، وإذا نهاهم عن منكر فعلوه وفعلوا غيره من المنكرات عناداً للحق وبغضاً لاتباع المحقين وجراءة على الله سبحانه سبحانه، فإن هؤلاء لا يؤثر فيهم إلا السيف، وهو الحكم العدل لمن عاند الشريعة المطهرة وجعل المخالفة لها والتجرؤ على أهلها ديدنه وهجيراه، كما يشاهد ذلك في أهل البدع الذين إذا دعوا إلى حق وقعوا في كثير من الباطل، وإذا أرشدوا إلى السنة قابلوها بما لديهم من البدعة، فهؤلاء هم المتلاعبون بالدين المتهاونون بالشرائع، وهم شر من الزنادقة، لأنهم يحتجون بالباطل وينتمون إلى البدع ويتظهرون بذلك غير خائفين ولا وجلين، والزنادقة قد ألجمتهم سيوف الإسلام وتحاماهم أهله، وقد ينفق كيدهم ويتم باطلهم وكفرهم نادراً على ضعيف من ضعفاء المسلمين مع تكتم وتحرز وخيفة ووجل، وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن هذه الآية محكمة ثابتة غير منسوخة، وهي أصل أصيل في سد الذرائع وقطع التطرق إلى الشبه. وقرأ أهل مكة عدواً بضم العين والدال وتشديد الواو، وهي قراءة الحسن وأبي رجاء وقتادة. وقرأ من عداهم بفتح العين وإسكان الدال وتخفيف الواو، ومعنى القراءتين واحداً: أي ظلماً وعدواناً، وهو منتصب على الحال، أو على المصدر أو على أنه مفعول له "كذلك زينا لكل أمة عملهم" أي مثل ذلك التزيين زينا لكل أمة من أمم الكفار عملهم من الخير والشر "يضل من يشاء ويهدي من يشاء" "ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون" في الدنيا من المعاصي التي لم ينتهوا عنها ولا قبلوا من المرسلين ما أرسلهم الله به إليهم وما تضمنته كتبه المنزلة عليهم. وقد أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: "قد جاءكم بصائر" أي بينة "فمن أبصر فلنفسه" أي فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه "ومن عمي" أي من ضل "فعليها". وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس أنه كان يقرأ درست وقال: قرأت. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عنه "درست" قال: قرأت وتعلمت. وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عنه أيضاً قال دارست خاصمت جادلت تلوت. وأخرج أبو الشيخ عن السدي "وأعرض عن المشركين" قال: كف عنهم، وهذا منسوخ نسخه القتال "فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم". وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله: "ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله" قال: قالوا: يا محمد لتنتهين عن سبك آلهتنا أو لنهجون ربك، فنهاهم الله أن يسبوا أوثانهم "فيسبوا الله عدواً بغير علم". وقد ثبت في الصحيح "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:ملعون من سب والديه، قالوا يا رسول الله: وكيف يسب الرجل والديه؟ قال:يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه".
قوله: 109- "وأقسموا بالله" أي الكفار مطلقاً، أو كفار قريش، وجهد الأيمان أشدها: أي أقسموا بالله أشد أيمانهم التي بلغتها قدرتهم، وقد كانوا يعتقدون أن الله هو الإله الأعظم، فلهذا أقسموا به، وانتصاب جهد على المصدرية وهو بفتح الجيم المشقة، وبضمها الطاقة، ومن أهل اللغة من يجعلهما لمعنى واحد، والمعنى: أنهم اقترحوا على النبي صلى الله عليه وسلم آية من الآيات التي كانوا يقترحونها وأقسموا لئن جاءتهم هذه الآية التي اقترحوها "ليؤمنن بها" وليس غرضهم الإيمان، بل معظم قصدهم التحكم على رسول الله صلى الله عليه وسلم والتلاعب بآيات الله، فأمره الله سبحانه أن يجيب عليهم بقوله: "إنما الآيات عند الله" هذه الآية التي يقترحونها وغيرها وليس عندي من ذلك شيء، فهو سبحانه إن أراد إنزالها أنزلها، وإن أراد أن لا ينزلها لم ينزلها. قوله: "وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون". قرأ أبو عمرو وابن كثير بكسر الهمزة من أنها وهي قراءة مجاهد، ويؤيد هذه القراءة قراءة ابن مسعود (وما يشعركم إذا جاءت لا يؤمنون) قال مجاهد وابن زيد: المخاطب بهذا: المشركون: أي وما يدريكم، ثم حكم عليهم بقوله: "أنها إذا جاءت لا يؤمنون". وقال الفراء وغيره: الخطاب للمؤمنين، لأن المؤمنين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله لو نزلت الآية لعلهم يؤمنون، فقال الله تعالى: "وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون". وقرأ أهل المدينة والأعمش وحمزة والكسائي وعاصم وابن عامر "أنها إذا جاءت" بفتح الهمزة، قال الخليل: أنها بمعنى لعلها، وفي التنزيل "وما يدريك لعله يزكى" أي أنه يزكى، وحكي عن العرب ائت السوق أنك تشتري لنا شيئاً: أي لعلك، ومنه قول عدي بن زيد: أعاذل ما يدريك أن منيتي إلى ساعة في اليوم أو في ضحى الغد أي لعل منيتي، ومنه قول دريد بن الصمة: أريني جواداً مات هزلاً لأنني أرى ما ترين أو بخيلاً مخلدا أي لعلني، وقول أبي النجم: قلت لشيبان ادن من لقائه أني بعد اليوم من سوائه أي لعلي، وقول جرير: هل أنتم عائجون بنا لأن نرى العرصات أو أثر الخيام أي لعلنا اهـ. وقد وردت في كلام العرب كثيراً بمعنى لعله. وحكى الكسائي أنها كذلك في مصحف أبي بن كعب. وقال الكسائي أيضاً والفراء: إن لا زائدة، والمعنى: وما يشعركم أنها: أي الآيات، إذا جاءت يؤمنون فزيدت كما زيدت في قوله تعالى: "وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون" في قوله: " ما منعك أن لا تسجد " وضعف الزجاج والنحاس وغيرهما زيادة لا وقالوا: هو غلط وخطأ. وذكر النحاس وغيره أن في الكلام حذفاً والتقدير: أنها إذا جاءت لا يؤمنون أو يؤمنون، ثم حذف هذا المقدر لعلم السامع.
قوله: 110- "ونقلب أفئدتهم وأبصارهم" معطوف على "لا يؤمنون" قيل والمعنى: تقليب أفئدتهم وأبصارهم يوم القيامة على لهب النار وحر الجمر "كما لم يؤمنوا" في الدنيا "ونذرهم" في الدنيا: أي نمهلهم ولا نعاقبهم فعلى هذا بعض الآية في الآخرة. وبعضها في الدنيا، وقيل المعنى: ونقلب أفئدتهم وأبصارهم في الدنيا: أي نحول بينهم وبين الإيمان لو جاءتهم تلك الآية كما حلنا بينهم وبين ما دعوتهم إليه أول مرة عند ظهور المعجزة، وقيل: في الكلام تقدير وتأخير، والتقدير: أنها إذا جاءت لا يؤمنون كما لم يؤمنوا، ونقلب أفئدتهم وأبصارهم ونذرهم في طغيانهم يعمهون: أي يتحيرون، والكاف في "كما لم يؤمنوا" نعت مصدر محذوف، وما مصدرية، و "يعمهون" في محل نصب على الحال.