تفسير الطبري تفسير الصفحة 254 من المصحف

 تفسير الطبري - صفحة القرآن رقم 254
255
253
 الآية : 35
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {مّثَلُ الْجَنّةِ الّتِي وُعِدَ الْمُتّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلّهَا تِلْكَ عُقْبَىَ الّذِينَ اتّقَواْ وّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النّارُ }.
اختلف أهل العلـم بكلام العرب فـي رافع «الـمثل», فقال بعض نـحويّى الكُوفـيـين الرافع للـمثل قوله: تَـجْرِي مِنْ تَـحْتها الأنْهارُ فـي الـمعنى, وقال: هو كما تقول حِلْـية فلان أسْمَرُ كذا وكذا, فلـيس الأسمر بـمرفوع بـالـحلـية, إنـما هو ابتداء أي هو أسمر هو كذا. قال: ولو دخـل أنّ فـي مثل هذا كان صوابـا. قال: ومثله فـي الكلام مثَلك أنك كذا وأنك كذا. وقوله: فَلْـيَنْظُرِ الإنْسانُ إلـى طَعامِهِ أنّا مَنْ وجّهَ: مَثَلُ الـجَنّةِ الّتِـي وُعِدَ الـمُتّقُونَ فِـيهَا ومن قال: أَنّا صَبَبْنا الـمَاءَ أظهر الاسم, لأنه مردود علـى الطعام بـالـخفض, ومستأنف, أي: طعامه أنا صببنا ثم فعلنا. وقال: معنى قوله: مَثَلُ الـجَنّةِ: صفـات الـجنة. وقال بعض نـحويّـي البصريـين: معنى ذلك: صفة الـجنة, قال: ومنه قول الله تعالـى: وَلَهُ الـمَثَلُ الأعْلَـى معناه: ولله الصفة العُلـيا. قال: فمعنى الكلام فـي قوله: مَثَلُ الـجَنّةِ التـي وُعِدَ الـمُتّقُونَ تَـجْرِي مِنْ تَـحْتِها الأنهارُ أو فـيها أنهار, كأنه قال: وَصْف الـجنة صفة تـجري من تـحتها الأنهار, أو صفة فـيها أنهار والله أعلـم. قال: ووجه آخر كأنه إذا قـيـل: مثل الـجنة قـيـل: الـجنة التـي وعد الـمتقون. قال: وكذلك قوله: وَإنّهُ بسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيـمِ كأنه قال: بـالله الرحمن الرحيـم, والله أعلـم. قال: وقوله: عَلـى ما فَرّطْتُ فِـي جَنْبِ اللّهِ فـي ذات الله, كأنه عندنا قـيـل: فـي الله. قال: وكذلك قوله: لَـيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ إنـما الـمعنى: لـيس كشيء, ولـيس مثله شيء, لأنه لا مثل له. قال: ولـيس هذا كقولك للرجل: لـيس كمثلك أحد, لأنه يجوز أن يكون له مِثْل, والله لا يجوز ذلك علـيه. قال: ومثله قول لبـيد:
إلـى الـحَوْلِ ثُمّ اسْمُ السّلامِ عَلَـيْكُما
قال: وفسّر لنا أنه أراد: السلام علـيكما قال أوس بن حَجَر:
وَقْتِلـي كِرَامٍ كمِثْلِ الـجُذُوعِتَغَشّاهُمْ سَبَلٌ مُنْهَمِرْ
قال: والـمعنى عندنا: كالـجذوع, لأنه لـم يزد أن يجعل للـجذوع مثلاً ثم يُشبه القتلـى به. قال: ومثله قول أُميّة:
زُحَلٌ وثَوْرٌ تَـحْتَ رِجْلِ يَـمِينِهِوالنّسْرُ للأُخْرَى وَلَـيْثٌ مُرْصَدُ
قال: فقال تـحت رجل يـمينه, كأنه قال: تـحت رجله أو تـحت رجله الـيـمنى قال: وقول لبـيد:
أضَلّ صِوَارَهُ وتَضَيّفَتْهُنَطوفٌ أمْرُها بِـيَده الشّمالِ
كأنه قال: أمرها بـالشّمال وإلـى الشّمال وقول لبـيد أيضا:
حتـى إذا ألْقَتْ يَدا فـي كافِرٍ
فكأنه قال: حتـى وقعت فـي كافر. وقال آخر منهم: هو الـمكفوف عن خبره, قال: والعرب تفعل ذلك. قال: وله معنى آخر: للذينَ استـجابُوا لِربّهِمُ الـحُسنَى مَثَلُ الـجنة موصول صفة لها علـى الكلام الأوّل.
قال أبو جعفر: وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب: أن يقال ذكر الـمثل, فقال مَثَل الـجنة, والـمراد الـجنة, ثم وصفت الـجنة بصفتها, وذلك أن مثلها إنـما هو صفتها ولـيست صفتها شيئا غيرها. وإذا كان ذلك كذلك, ثم ذكر الـمثل, فقـيـل: مثل الـجنة, ومثلها صفتها وصفة الـجنة, فكان وصفها كوصف الـمثل, وكان كأن الكلام جرى بذكر الـجنة, فقـيـل: الـجنة تـجري من تـحتها الأنهار, كما قال الشاعر:
أرَى مَرّ السّنِـينَ أخَذْنَ مِنّـيكمَا أخَذَ السّرارُ مِنَ الهِلالِ
فذكر الـمرّ, ورجع فـي الـخبر إلـى السنـين.
وقوله: أُكُلُها دائمٌ وظِلّها يعنـي: ما يؤكل فـيها. يقول: هو دائم لأهلها, لا ينقطع عنهم, ولا يزول ولا يبـيد, ولكنه ثابت إلـى غير نهاية. وظلها: يقول: وظلها أيضا دائم, لأنه لا شمس فـيها. تِلكَ عُقْبَى الّذِينَ اتّقَوْا يقول: هذه الـجنة التـي وصف جلّ ثناؤه عاقبة الذين اتقوا الله, فـاجتنبوا معاصيه وأدّوا فرائضه.
وقوله: وَعُقْبَى الكافِرِينَ النّارُ يقول: وعاقبة الكافرين بـالله النار.
الآية : 36
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَالّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الأحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللّهَ وَلآ أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ }.
يقول تعالـى ذكره: والذي أنزلنا إلـيهم الكتاب مـمن آمن بك واتبعك يا مـحمد يَفْرَحُونَ بِـما أُنْزِلَ إلَـيْكَ منه. وَمِنَ الأحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ يقول: ومن أهل الـملل الـمتـحزّبـين علـيك, وهم أهل أديان شتـى, من يُنكر بعض ما أنزل إلـيك, فقل لهم: إنّـمَا أُمِرْتُ أيها القول أنْ أعْبُدَ اللّهَ وحده دون ما سواه وَلا أُشْرِكَ بِهِ فأجعل له شريكا فـي عبـادتـي, فأعبد معه الاَلهة والأصنام, بل أخـلص له الدين حنـيفـا مسلـما. إلَـيْهِ أدْعُو يقول: إلـى طاعته, وإخلاص العبـادة له أدعو الناس. وَإلَـيْهِ مآبِ يقول: وإلـيه مصيري, وهو مفعل من قول القائل: آب يَئُوب أَوْبـا وَمآبـا.
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
15560ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَالّذِينَ آتَـيْناهُمُ الكِتابَ يَفْرَحُونَ بِـمَا أُنْزِلَ إلَـيْكَ أولئك أصحاب مـحمد صلى الله عليه وسلم, فرحوا بكتاب الله وبرسوله وصدّقوا به قوله: وَمِنَ الأحْزَابِ مَنْ يُنُكِرُ بَعْضَهُ يعنـي الـيهود والنصارى.
15561ـ حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا شبـابة, قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: وَمِنَ الأَحْزَابِ مَنْ يُنْكرُ بَعْضَهُ قال: من أهل الكتاب.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الله, عن ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد مثله.
15562ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسن, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد, قوله: وَالّذِينَ آتَـيْناهُمُ الكِتابَ يَفْرَحُونَ بِـما أُنْزِلَ إلَـيْكَ وَمِنَ الأحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ من أهل الكتاب والأحزاب أهل الكُتب, تفريقهم لـحزبهم. قوله: وَإنْ يَأْتِ الأحْزَابُ قال: لتـحزّبهم علـى النبـيّ صلى الله عليه وسلم, قال ابن جريج, وقال عن مـجاهد: يُنْكِرُ بَعضَهُ قال: بعض القرآن.
15563ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحميد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: وَإلَـيْهِ مآبِ: وإلـيه مصير كلّ عبد.
15564ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: وَالّذِينَ آتَـيْناهُمُ الكِتابَ يَفْرَحُونَ بِـمَا أُنْزِلَ إلَـيْكَ قال: هذا من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب فـيفرحون بذلك. وقرأ: وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ. وفـي قوله: وَمنَ الأحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قال: الأحزاب: الأمـم الـيهود والنصارى والـمـجوس منهم من آمن به, ومنهم من أنكره.
الآية : 37
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً وَلَئِنِ اتّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ مَا جَآءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيّ وَلاَ وَاقٍ }.
يقول تعالـى ذكره: وكما أنزلنا علـيك الكتاب يا مـحمد, فأنكره بعض الأحزاب, كذلك أيضا أنزلنا الـحكم والدين حكما عربـيا وجعل ذلك عربـيا, ووصفه به لأنه أنزل علـى مـحمد صلى الله عليه وسلم وهو عربـيّ, فنسب الدين إلـيه إذ كان علـيه أُنزل, فكذّب به الأحزاب. ثم نهاه جلّ ثناؤه عن ترك ما أنزل إلـيه واتبـاع الأحزاب, وتهدده علـى ذلك إن فعله, فقال: ولئن اتبعت يا مـحمد أهواءهم, أهواء هؤلاء الأحزاب ورضاهم ومـحبتهم, وانتقلت من دينك إلـى دينهم, ما لك من يقـيك من عذاب الله إن عذّبك علـى اتبـاعك أهواءهم, وما لك من ناصر ينصرك فـيستنقذك من الله إن هو عاقبك, يقول: فـاحذر أن تتبع أهواءهم.
الآية : 38
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرّيّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللّهِ لِكُلّ أَجَلٍ كِتَابٌ }.
يقول تعالـى ذكره: وَلَقَدْ أرْسَلْنا يا مـحمد رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ إلـى أمـم قد خـلَت من قبل أمتك فجعلناهم بشرا مثلك, لهم أزواج ينكحون, وذرّية أنسلوهم, ولـم نـجعلهم ملائكة لا يأكلون ولا يشربون ولا ينكحون, فنـجعل الرسول إلـى قومك من الـملائكة مثلهم, ولكن أرسلنا إلـيهم بشرا مثلهم, كما أرسلنا إلـى مَن قبلهم من سائر الأمـم بشرا مثلهم. وَما كانَ لِرَسُولٍ أنْ يَأْتِـيَ بآيَةٍ إلاّ بإذْنِ اللّهِ: يقول تعالـى ذكره: وما يقدر رسول أرسله الله إلـى خـلقه أن يأتـي أمته بآية وعلامة من تسيـير الـجبـال ونقل بلدة من مكان إلـى مكان آخر وإحياء الـموتـى ونـحوها من الاَيات إلاّ بإذن الله, يقول: إلاّ بأمر الله الـجبـال بـالسير والأرض بـالانتقال, والـميتَ بأن يحيا. لِكُلّ أجَلٍ كِتابٌ يقول: لكلّ أجَل أَمْرٍ قضاه الله كتاب قد كتبه, فهو عنده. وقد قـيـل: معناه: لكل كتاب أنزله الله من السماء أجل. ذكر من قال ذلك:
15565ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا إسحاق بن يوسف, عن جويبر, عن الضحاك, فـي قوله: لِكُلّ أجَلٍ كِتابٌ يقول: لكلّ كتاب ينزل من السماء أجل, فـيـمـحو الله من ذلك ما يشاء ويثبت, وعنده أم الكتاب.
قال أبو جعفر: وهذا علـى هذا القول نظير قول الله: وجاءَتْ سَكْرَةُ الـمَوْتِ بـالـحَقّ, وكان أبو بكر رضي الله عنه يقرأها: «وجاءت سكرة الـحقّ بـالـموت», وذلك أن سكرة الـموت تأتـي بـالـحقّ والـحقّ يأتـي بها, فكذلك الأجل به كتاب وللكتاب أجل.
الآية : 39
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمّ الْكِتَابِ }.
اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك, فقال بعضهم: يـمـحو الله ما يشاء من أمور عبـاده, فـيغيرّه, إلاّ الشقاء والسعادة فإنهما لا يغيران. ذكر من قال ذلك:
15566ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا بحر بن عيسى, عن ابن أبـي لـيـلـى, عن الـمنهال, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, فـي قوله: يَـمْـحُو اللّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمّ الكِتابِ قال: يدبر الله أمر العبـاد فـيـمـحو ما يشاء, إلاّ الشقاءَ والسعادة والـموت.
حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا ابن أبـي لـيـلـى, عن الـمنهال بن عمرو, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, فـي قوله: يَـمْـحُو اللّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمّ الكِتابِ قال: كلّ شيء غير السعادة والشقاء, فإنهما قد فُرِغ منهما.
حدثنـي علـيّ بن سهل, قال: حدثنا يزيد, وحدثنا أحمد, قال حدثنا أبو أحمد, عن سفـيان, عن ابن أبـي لـيـلـى عن الـمنهال, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس يقول:يَـمْـحُو اللّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمّ الكِتابِ قال: إلاّ الشقاء والسعادة, والـموت والـحياة.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو نعيـم الفضل بن دكين وقبـيصة قالا: حدثنا سفـيان, عن ابن أبـي لـيـلـى, عن الـمنهال بن عمرو, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, مثله.
حدثنا عمرو بن علـيّ, قال: حدثنا وكيع, قال: حدثنا ابن أبـي لـيـلـى, عن الـمنهال بن عمرو, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, قوله: يَـمْـحُو اللّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمّ الكِتابِ قال: قال ابن عبـاس: إلاّ الـحياة والـموت, والشقاء والسعادة.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عمرو بن عون, قال: أخبرنا هشيـم, عن ابن أبـي لـيـلـى, عن الـمنهال بن عمرو, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, فـي قوله: يَـمْـحُو اللّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمّ الكِتابِ قال: يقدر الله أمر السنة فـي لـيـلة القدر, إلاّ الشقاء والسعادة والـموت والـحياة.
15567ـ حدثنا عمرو بن علـيّ, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا سفـيان, عن منصور, عن مـجاهد, فـي قوله: يَـمْـحُو اللّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ قال: إلاّ الـحياة والـموت والسعادة والشقاوة فإنهما لا يتغيران.
حدثنا عمرو قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا معاذ بن عقبة, عن منصور, عن مـجاهد, مثله.
حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا سفـيان, عن منصور, عن مـجاهد, مثله.
15568ـ قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا سفـيان, عن منصور, قال: قلت لـمـجاهد: إن كنتَ كتبتنـي سعيدا فأثبتنـي, وإن كنتَ كتبتنـي شقـيّا فـامـحنـي قال: الشقاء والسعادة قد فُرغ منهما.
15569ـ حدثنا أحمد, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا سفـيان, عن منصور, عن مـجاهد قال: حدثنا سعيد بن سلـيـمان, قال: حدثنا شريك, عن منصور, عن مـجاهد: يَـمْـحُو اللّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ قال: ينزل الله كلّ شيء فـي السنة فـي لـيـلة القدر, فـيـمـحو ما يشاء من الاَجال والأرزاق والـمقادير, إلاّ الشقاء والسعادة, فإنهما ثابتان.
15570ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا جرير, عن منصور, قال: سألت مـجاهدا فقلت أرأيت دعاء أحدنا يقول: اللهمّ إن كان اسمي فـي السعداء فأثبته فـيهم, وإن كان فـي الأشقـياء فـامـحُه واجعله فـي السعداء؟ فقال: حسن. ثم أتـيته بعد ذلك بحول أو أكثر من ذلك, فسألته عن ذلك, فقال: إنّا أنْزَلْناهُ فِـي لَـيْـلَةٍ مُبـارَكَةٍ إنّا كُنّا مُنْذِرِينَ فِـيها يُفْرَقُ كُلّ أمْرٍ حَكِيـمٍ قال: يُقْضَى فـي لـيـلة القدر ما يكون فـي السنة من رزق أو مصيبة, ثم يقدّم ما يشاء ويؤخّر ما يشاء. فأما كتاب الشقاء والسعادة فهو ثابت لا يغير.
وقال آخرون: معنى ذلك: أن الله يـمـحو ما يشاء ويُثبت من كتاب سوى أمّ الكتاب الذي لا يغير منه شيء. ذكر من قال ذلك:
15571ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا الـحجاج, قال: حدثنا حماد, عن سلـيـمان التـيـمي, عن عكرمة, عن ابن عبـاس أنه قال فـي هذه الآية: يَـمْـحُو اللّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمّ الكِتابِ قال: كتابـان: كتاب يـمـحو منه ما يشاء ويثبت, وعنده أمّ الكتاب.
15572ـ حدثنا عمرو بن علـيّ, قال: حدثنا سهل بن يوسف, قال: حدثنا سلـيـمان التـيـمي, عن عكرمة, فـي قوله: يَـمْـحُو اللّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمّ الكِتابِ قال: الكتاب كتابـان, كتاب يـمـحو الله منه ما يشاء ويثبت, وعنده أمّ الكتاب.
قال: حدثنا أبو عامر, قال: حدثنا حماد بن سلـمة, عن سلـيـمان التـيـميّ, عن عكرمة, عن ابن عبـاس بـمثله.
حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا الـمعتـمر بن سلـيـمان, عن أبـيه, عن عكرمة, قال: الكتاب كتابـان يَـمْـحُو اللّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمّ الكِتابِ.
وقال آخرون: بل معنى ذلك أنه يـمـحو كلّ ما يشاء, ويثبت كلّ ما أراد. ذكر من قال ذلك:
15573ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا عثّام, عن الأعمش, عن شقـيق أنه كان يقول: اللهمّ إن كنت كتبتنا أشقـياء, فـامـحنا واكتبنا سعداء, وإن كنتَ كتبتنا سعداء فأثبتنا, فإنك تـمـحو ما تشاء وتثبت وعندك أمّ الكتاب.
15574ـ حدثنا عمرو, قال: حدثنا وكيع, قال: حدثنا الأعمش, عن أبـي وائل, قال: كان مـما يكثر أن يدعو بهؤلاء الكلـمات: اللهمّ إن كنت كتبتنا أشقـياء فـامـحنا واكتبنا سعداء, وإن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا, فإنك تـمـحو ما تشاء وتثبت وعندك أمّ الكتاب.
15575ـ قال: حدثنا معاذ بن هشام, قال: حدثنا أبـي, عن أبـي حكيـمة, عن أبـي عثمان النهديّ, أن عمر بن الـخطاب قال وهو يطوف بـالبـيت ويبكي: اللهمّ إن كنتَ كتبتَ علـيّ شِقوة أو ذنبـا فـامـحه, فإنك تـمـحو ما تشاء وتثبت. وعندك أمّ الكتاب, فـاجعله سعادة ومغفرة.
قال: حدثنا معتـمر, عن أبـيه, عن أبـي حكيـمة, عن أبـي عثمان, قال: وأحسبنـي قد سمعته من أبـي عثمان, مثله.
قال: حدثنا أبو عامر, قال: حدثنا قرة بن خالد, عن عِصْمة أبـي حكيـمة, عن أبـي عثمان النهديّ, عن عمر رضي الله عنه, مثله.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا الـحجاج, قال: حدثنا حماد, قال: حدثنا أبو حكيـمة, قال: سمعت أبـا عثمان النهدي, قال: سمعت عمر بن الـخطّاب رضي الله عنه يقول وهو يطوف بـالكعبة: اللهمّ إن كنتَ كتبتنـي فـي أهل السعادة فأثبتنـي فـيها, وإن كنت كتبت علـيّ الذنب والشقوة فـامـحنـي وأثبتنـي فـي أهل السعادة, فإنك تـمـحو ما تشاء وتثبت, وعندك أمّ الكتاب.
15576ـ قال: حدثنا الـحجاج بن الـمنهال, قال: حدثنا حماد, عن خالد الـحذّاء, عن أبـي قِلابة, عن ابن مسعود, أنه كان يقول: اللهمّ إن كنت كتبتنـي فـي أهل الشقاء فـامـحنـي وأثبتنـي فـي أهل السعادة.
15577ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: يَـمْـحُو اللّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمّ الكِتابِ يقول: وهو الرجل يعمل الزمان بطاعة الله, ثم يعود لـمعصية الله فـيـموت علـى ضلاله, فهو الذي يـمـحو. والذي يثبت: الرجل يعمل بـمعصية الله, وقد كان سبق له خير حتـى يـموت, وهو فـي طاعة الله, فهو الذي يثبت.
15578ـ حدثنا أحمد, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا شريك, عن هلال بن حميد, عن عبد الله بن عُكَيْـم, عن عبد الله, أنه كان يقول: اللهمّ إن كنتَ كتبتنـي فـي السعداء فأثبتنـي فـي السعداء, فإنك تـمـحو ما تشاء وتثبت, وعندك أُم الكِتابِ.
15579ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا الـحجاج, قال: حدثنا حماد, عن أبـي حمزة, عن إبراهيـم, أن كعبـا قال لعمر رضي الله عنه: يا أمير الـمؤمنـين, لولا آية فـي كتاب الله لأنبأتك ما هو كائن إلـى يوم القـيامة, قال: وما هي؟ قال: قول الله: يَـمْـحُو اللّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُم الكِتابِ.
15580ـ حُدثت من الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ يقول: حدثنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: لِكُلّ أجَلِ كِتاب... الآية, يقول: يَـمْـحُو اللّهُ ما يَشاءُ يقول: أنسخ ما شئتُ, وأصنع من الأفعال ما شئت, إن شئت زدت فـيها, وإن شئتُ نقصتُ.
15581ـ حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا عفـان, قال: حدثنا همام, قال: حدثنا الكلبـي, قال: يَـمْـحُو اللّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ قال: يـمـحو من الرزق ويزيد فـيه, ويـمـحي من الأجل ويزيد فـيه. قلت: من حدّثك؟ قال: أبو صالـح, عن جابر بن عبد الله بن رئاب الأنصاري, عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم. فقدم الكلبـيّ بعد, فسئُل عن هذه الآية: يَـمْـحُو اللّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ قال: يكتب القول كله, حتـى إذا كان يوم الـخميس طرح منه كلّ شيء لـيس فـيه ثواب ولا علـيه عقاب, مثل قولك: أكلت, شربت, دخـلت, خرجت, ونـحو ذلك من الكلام, وهو صادق, ويُثبت ما كان فـيه الثواب وعلـيه العقاب.
15582ـ حدثنا الـحسن, قال: حدثنا عبد الوهاب, قال: سمعت الكلبـي, عن أبـي صالـح نـحوه, ولـم يجاوز أبـا صالـح. وقال آخرون: بل معنى ذلك: بل معنى ذلك: أن الله ينسخ ما يشاء من أحكام كتابه, ويثبت ما يشاء منها فلا ينسخه. ذكر من قال ذلك:
15583ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عبد الله بن صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس: يَـمْـحُو اللّهُ ما يَشاءُ قال: من القرآن. يقول: يبدّل الله ما يشاء فـينسخه, ويُثبت ما يشاء فلا يبدّله. وَعِنْدَهُ أُمّ الكِتابِ يقول: وجملة ذلك عنده فـي أمّ الكتاب: الناسخ والـمنسوخ, وما يُبدل, وما يثبت, كل ذلك فـي كتاب.
15584ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: يَـمْـحُو اللّهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ هي مثل قوله: ما نَنْسَخْ منْ آيَةٍ أوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أوْ مِثْلِها, وقوله: وَعِنْدَهُ أُمّ الكِتابِ: أي جملة الكتاب وأصله.
15585ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: يَـمْـحُو اللّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ ما يشاء, وهو الـحكيـم. وَعِنْدَهُ أُمّ الكِتابِ وأصله.
15586ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: يَـمْـحُو اللّهُ ما يَشاءُ بـما ينزل علـى الأنبـياء, وَيُثْبِتُ ما يشاء مـما ينزل علـى الأنبـياء. قال: وَعِنْدَهُ أُمّ الكِتابِ لا يغير ولا يبدّل.
15587ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, قال: قال ابن جريج: يَـمْـحُو اللّهُ ما يَشاءُ قال: ينسخ. قال: وَعِنْدَهُ أُمّ الكِتابِ قال: الذكر.
وقال آخرون: معنى ذلك أنه يـمـحو من قد حان أجله, ويثبت من لـم يجىءْ أجله إلـى أجله. ذكر من قال ذلك:
15588ـ حدثنا مـحمد بن بشار, قال: حدثنا ابن أبِـي عديّ, عن عوف, عن الـحسن, فـي قوله: يَـمْـحُو اللّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمّ الكِتابِ يقول: يـمـحو من جاء أجله فذهب, والـمثبت الذي هو حيّ يجري إلـى أجله.
حدثنا عمرو بن علـيّ, قال: حدثنا يحيى, قال: حدثنا عوف, قال: سمعت الـحسن: يَـمْـحُو اللّهُ ما يَشاءُ قال: من جاء أجله. وَيُثْبتُ قال: من لـم يجىء أجله إلـى أجله.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا هوذة, قال: حدثنا عوف, عن الـحسن, نـحو حديث ابن بشّار.
قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء, قال: أخبرنا سعيد, عن قتادة, عن الـحسن, فـي قوله: لِكُلّ أجَلٍ كِتابٌ قال: آجال بنـي آدم فـي كتاب. يَـمْـحُو اللّهُ ما يَشاءُ من أجله وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمّ الكِتابِ.
15589ـ قال: حدثنا شبـابة, قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قول الله: يَـمْـحُو اللّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ قالت قريش حين أُنزل: وَما كانَ لِرَسُولٍ أنْ يَأتِـيَ بآيَةٍ إلاّ بإذْنِ اللّهِ ما نراك يا مـحمد تـملك من شيء, ولقد فرغ من الأمر. فأنزلت هذه الآية تـخويفـا ووعيدا لهم: إنا إن شئنا أحدثنا له من أمرنا ما شئنا, ونـحدث فـي كلّ رمضان, فنـمـحو ونُثبت ما نشاء من أرزاق الناس ومصائبهم, وما نعطيهم, وما نقسم لهم.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الله, عن ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد نـحوه.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد, نـحوه.
وقال آخرون: معنى ذلك: ويغفر ما يشاء من ذنوب عبـاده, ويترك ما يشاء فلا يغفر. ذكر من قال ذلك:
15590ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا حكام, عن عمرو, عن عطاء, عن سعيد, فـي قوله يَـمْـحُو اللّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ قال: يثبت فـي البطن الشقاء والسعادة وكلّ شيء, فـيغفر منه ما يشاء ويؤخر ما يشاء.
وأولـى الأقوال التـي ذكرت فـي ذلك بتأويـل الآية, وأشبهها بـالصواب, القول الذي ذكرناه عن الـحسن ومـجاهد وذلك أن الله تعالـى ذكره توعد الـمشركين الذين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الاَيات بـالعقوبة وتهدّدهم بها وقال لهم: وَما كانَ لرَسُولٍ أنْ يَأْتِـيَ بآيَةٍ إلاّ بإذْنِ اللّهِ لكُلّ أجَلٍ كتابٌ يعلـمهم بذلك أن لقضائه فـيهم أجلاً مثبتا فـي كتاب هم مؤخرون إلـى وقت مـجيء ذلك الأجل, ثم قال لهم: فإذا جاء ذلك الأجل يجيء الله بـما شاء مـمن قد دنا أجله وانقطع رزقه أو حان هلاكه أو اتضاعه, من رفعة أو هلاك مال, فـيقضي ذلك فـي خـلقه, فذلك مـحوه. ويُثبت ما شاء مـمن بقـي أجله ورزقه وأُكْله, فـيتركه علـى ما هو علـيه فلا يـمـحوه. وبهذا الـمعنى جاء الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك ما:
15591ـ حدثنـي مـحمد بن سهل بن عسكر, قال: حدثنا ابن أبـي مريـم, قال: حدثنا اللـيث بن سعد, عن زيادة بن مـحمد, عن مـحمد بن كعب القرظي, عن فضالة بن عبـيد, عن أبـي الدرداء, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ اللّهَ يَفْتَـحُ الذّكْرَ فِـي ثَلاثِ ساعاتٍ يَبْقـينَ منَ اللّـيْـلِ, فِـي السّاعَةِ الأُولـى منْهُنّ يَنْظُرُ فِـي الكتابِ الّذِي لا يَنْظُرُ فـيهِ أحَدٌ غيرُهُ, فَـيَـمْـحُو ما يَشاءُ ويُثْبتُ» ثم ذكر ما فـي الساعتـين الاَخرتـين.
حدثنا موسى بن سهل الرملـي, قال: حدثنا آدم, قال: حدثنا اللـيث, قال: حدثنا زيادة بن مـحمد, عن مـحمد بن كعب القرظي, عن فضالة بن عبـيد, عن أبـي الدرداء, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ اللّهَ يَنْزِلُ فِـي ثَلاثِ ساعاتٍ يَبْقـيْنَ منَ اللّـيْـلِ, يَفْتَـحُ الذّكْرَ فِـي السّاعَةِ الأُولـى الّذِي لَـمْ يَرَهُ أحَدٌ غيرُهُ, يَـمْـحُو ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ ما يَشاءُ».
15592ـ حدثنـي مـحمد بن سهل بن عسكر, قال: حدثنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا ابن جريج, عن عطاء, عن ابن عبـاس, قال: إن لله لوحا مـحفوظا مسيرة خمس مئة عام, من ذرّة بـيضاء لها دفتان من ياقوت, والدفتان لوحان لله, كل يوم ثلاث مئة وستون لـحظة, يـمـحو ما يشاء ويثبت وعنده أمّ الكتاب.
15593ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, قال: حدثنا الـمعتـمر بن سلـيـمان, عن أبـيه, قال: ثنـي رجل, عن أبـيه, عن قـيس بن عبـاد, أنه قال: العاشر من رجب هو يوم يـمـحو الله فـيه ما يشاء.

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: «وَعِنْدَهُ أُمّ الكتابِ».
اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل قوله: وَعِنْدَهُ أُمّ الكِتابِ فقال بعضهم: معناه: وعنده الـحلال والـحرام. ذكر من قال ذلك:
15594ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا مسلـم بن إبراهيـم, قال: حدثنا مـحمد بن عقبة, قال: حدثنا مالك بن دينار, قال: سألت الـحسن: قلت: أُمّ الكِتابِ؟ قال: الـحلال والـحرام, قال: قلت: فما الـحمد لله رب العالـمين؟ قال: هذه أمّ القرآن.
وقال آخرون: معناه: وعنده جملة الكتاب وأصله. ذكر من قال ذلك:
15595ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَعِنْدَهُ أُمّ الكِتابِ قال: جملة الكتاب وأصله.
حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة, مثله.
15596ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ يقول: حدثنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: وَعِنْدَهُ أُمّ الكِتابِ قال: كتاب عند ربّ العالـمين.
15597ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا إسحاق بن يوسف, عن جويبر, عن الضحاك: وَعِنْدَهُ أُمّ الكِتابِ قال: جملة الكتاب وعلـمه يعنـي بذلك ما ينسخ منه وما يثبت.
15598ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس: وَعِنْدَهُ أُمّ الكِتابِ يقول: وجملة ذلك عنده فـي أمّ الكتاب: الناسخ والـمنسوخ, وما يبدل, وما يثبت, كلّ ذلك فـي كتاب.
وقال آخرون فـي ذلك, ما:
15599ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: حدثنا معتـمر بن سلـيـمان, عن أبـيه, عن شيبـان, عن ابن عبـاس, أنه سأل كعبـا عن أمّ الكتاب, قال: علـم الله ما هو خالق وما خـلقه عاملون, فقال لعلـمه: كن كتابـا فكان كتابـا.
وقال آخرون: هو الذّكْرُ. ذكر من قال ذلك:
15600ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج قال أبو جعفر: لا أدري فـيه ابن جريج أم لا قال: قال ابن عبـاس: وَعِنْدَهُ أُمّ الكِتابِ قال: الذكر.
وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب قول من قال: وعنده أصل الكتاب وجملته وذلك أنه تعالـى ذكره أخبر أنه يـمـحو ما يشاء ويثبت ما يشاء, ثم عقب ذلك بقوله: وَعِنْدَهُ أُمّ الكِتابِ فكان بـيّنا أن معناه: وعنده أصل الـمثبَت منه والـمـمـحو, وجملته فـي كتاب لديه.
واختلفت القرّاء فـي قراءة قوله: وَيُثْبِتُ فقرأ ذلك عامة قرّاء الـمدينة والكوفة: «ويُثَبّتُ» بتشديد البـاء بـمعنى: ويتركه ويقره علـى حاله, فلا يـمـحوه. وقرأه بعض الـمكيـين وبعض البصريـين وبعض الكوفـيـين: ويُثْبِتُ بـالتـخفـيف, بـمعنى: يكتب, وقد بـيّنا قبل أن معنى ذلك عندنا: إقراره مكتوبـا وترك مـحوه علـى ما قد بـيّنا, فإذا كان ذلك كذلك فـالتثبـيت به أولـى, والتشديد أصوب من التـخفـيف, وإن كان التـخفـيف قد يحتـمل توجيهه فـي الـمعنى إلـى التشديد والتشديد إلـى التـخفـيف, لتقارب معنـيـيهما.
وأما الـمـحْو, فإن للعرب فـيه لغتـين: فأما مضر فإنها تقول: مـحوت الكتاب أمـحوه مـحوا, وبه التنزيـل, ومـحوته أمـحاه مـحوا. وذُكر عن بعض قبـائل ربـيعة: أنها تقول: مـحيت أَمْـحَى.
الآية : 40
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَإِن مّا نُرِيَنّكَ بَعْضَ الّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفّيَنّكَ فَإِنّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ }.
يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: وإما نرينك يا مـحمد فـي حياتك بعض الذي نعد هؤلاء الـمشركين بـالله من العقاب علـى كفرهم, أو نتوفـيّنك قبل أن نريك ذلك, فإنـما علـيك أن تنتهي إلـى طاعة ربك فـيـما أمرك به من تبلـيغهم رسالته, لا طلب صلاحهم ولا فسادهم, وعلـينا مـحاسبتهم فمـجازاتهم بأعمالهم, إن خيرا فخير وإن شرّا فشرّ.
الآية : 41
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنّا نَأْتِي الأرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ }.
اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك, فقال بعضهم: معناه: أو لـم ير هؤلاء الـمشركون من أهل مكة الذين يسألون مـحمدا الاَيات, أنا نأتـي الأرض فنفتـحها له أرضا بعد أرض حوالـي أرضهم, أفلا يخافون أن نفتـح له أرضهم كما فتـحنا له غيرها. ذكر من قال ذلك:
15601ـ حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا مـحمد بن الصبـاح, قال: حدثنا هشيـم, عن حصين, عن عكرمة, عن ابن عبـاس, فـي قوله: أنّا نَأْتِـي الأرْضَ نَنْقُصُها منْ أطْرَافها قال: أو لـم يروا أنا نفتـح لـمـحمد الأرض بعد الأرض.
حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس قوله: أو لَـمْ يَرَوْا أنّا نَأْتِـي الأرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أطْرَافِها يعنـي بذلك: ما فتـح الله علـى مـحمد, يقول: فذلك نقصانها.
15602ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن سلـمة بن نبـيط, عن الضحاك, قال: ما تغلبت علـيه من أرض العدوّ.
15603ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, قال: كان الـحسن يقول فـي قوله: أو لـمْ يَرَوْا أنّا نَأْتِـي الأرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أطْرَافِها فهو ظهور الـمسلـمين علـى الـمشركين.
15604ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ, قال: حدثنا عبـيد بن سلـيـمان, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: أو لَـمْ يَرَوْا أنّا نَأْتِـي الأرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أطْرَافِها يعنـي أن نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم كان ينتقص له ما حوله من الأرضين, ينظرون إلـى ذلك فلا يعتبرون, قال الله فـي سورة الأنبـياء: نَأْتِـي الأرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أطْرَافِها أفَهُمُ الغالِبُونَ بل نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه هم الغالبون.
وقال آخرون: بل معناه: أو لـم يروا أنا نأتـي الأرض فنـخرّبها, أو لا يخافون أن نفعل بهم وبأرضهم مثل ذلك فنهلكهم ونـخرب أرضهم. ذكر من قال ذلك:
15605ـ حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا علـيّ بن عاصم, عن حصين بن عبد الرحمن, عن عكرمة, عن ابن عبـاس, فـي قوله: أنّا نَأْتِـي الأرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أطْرَافِها قال: أو لَـمْ يَرَوْا إلـى القرية تـخرب حتـى يكون العمران فـي ناحية.
15606ـ قال: حدثنا حجاج بن مـحمد, عن ابن جريج, عن الأعرج, أنه سمع مـجاهدا يقول: نَأْتِـي الأرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أطْرَافِها قال: خرابها.
15607ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن الأعرج, عن مـجاهد, مثله. قال: وقال ابن جريج: خرابها وهلاك الناس.
15608ـ حدثنا أحمد, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا إسرائيـل, عن أبـي جعفر الفراء, عن عكرمة, قوله: أو لَـمْ يَرَوْا أنّا نَأْتِـي الأرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أطْرَافِها قال: نـخرّب من أطرافها.
وقال آخرون: بل معناه: ننقص من بركتها وثمرتها وأهلها بـالـموت. ذكر من قال ذلك:
15609ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عبد الله, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: ننْقُصُها منْ أطْرَافها يقول: نقصان أهلها وبركتها.
15610ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا جرير, عن لـيث, عن مـجاهد, فـي قوله: نَنْقُصها منْ أطْرَافها قال: فـي الأنفس وفـي الثمرات, وفـي خراب الأرض.
15611ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن طلـحة القناد, عمن سمع الشعبـي, قال: لو كانت الأرض تنقص لضاق علـيك حُشّك, ولكن تنقص الأنفس والثمرات.
وقال آخرون: معناه: أنا نأتـي الأرض ننقصها من أهلها, فنتطرّفهم بأخذهم بـالـموت. ذكر من قال ذلك:
15612ـ حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا شبـابة, قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: نَنْقُصُها منْ أطْرافها قال: موت أهلها.
حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا يحيى, عن سفـيان, عن منصور, عن مـجاهد: ألَـمْ يَرَوْا أنّا نَأْتِـي الأرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أطْرَافِها قال: الـموت.
15613ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا مسلـم بن إبراهيـم, قال: حدثنا هارون النـحوي, قال: حدثنا الزبـير بن الـحرث عن عكرمة, فـي قوله: نَنْقُصُها مِنْ أطْرَافِها قال: هو الـموت. ثم قال: لو كانت الأرض تنقص لـم نـجد مكانا نـجلس فـيه.
15614ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: نَأْتِـي الأرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أطْرَافِها قال: كان عكرمة يقول: هو قبض الناس.
حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قال: سئل عكرمة عن نقص الأرض, قال: قبض الناس.
15615ـ حدثنـي الـحارث, قال: حدثنا عبد العزيز, قال: حدثنا جرير بن حازم, عن يعلـى بن حكيـم, عن عكرمة, فـي قوله: أو لَـمْ يَرَوْا أنّا نَأْتِـي الأرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أطْرَافِها قال: لو كان كما يقولون لـما وجد أحدكم جبّـا يخرأ فـيه.
15616ـ حدثنا الفضل بن الصبـاح, قال: حدثنا إسماعيـل بن علـية, عن أبـي رجاء, قال: سئل عكرمة وأنا أسمع عن هذه الآية: أو لَـمْ يَرَوْا أنّا نَأْتِـي الأرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أطْرَافِها قال: الـموت.
وقال آخرون: ننقصها من أطرافها بذهاب فقهائها وخيارها. ذكر من قال ذلك:
15617ـ حدثنا أحمد بن إسحاق, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا طلـحة بن عمرو, عن عطاء, عن ابن عبـاس, قال: ذهاب علـمائها وفقهائها وخيار أهلها.
قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا عبد الوهاب, عن مـجاهد, قال: موت العلـماء.
وأولـى الأقوال فـي تأويـل ذلك بـالصواب, قول من قال: أو لَـمْ يَرَوْا أنّا نَأْتِـي الأرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أطْرَافِها بظهور الـمسلـمين من أصحاب مـحمد صلى الله عليه وسلم علـيها وقهرهم أهلها, أفلا يعتبرون بذلك فـيخافون ظهورهم علـى أرضهم وقهرهم إياهم؟ وذلك أن الله توعد الذين سألوا رسوله الاَيات من مُشركي قومه بقوله: وإمّا نُرِيَنّكَ بَعْضَ الّذِيَ نَعِدُهُمْ أوْ نَتَوَفّـيَنّكَ فإنّـما عَلَـيْكَ البَلاغُ وَعَلَـيْنا الـحسابُ. ثم وبخهم تعالـى ذكره بسوء اعتبـارهم ما يعاينون من فعل الله بضربـائهم من الكفـار, وهم مع ذلك يسألون الاَيات, فقال: أو لَـمْ يَرَوْا أنّا نَأْتِـي الأرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أطْرَافِها بقهر أهلها, والغلبة علـيها من أطرافها وجوانبها, وهم لا يعتبرون بـما يرون من ذلك.
وأما قوله: واللّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقّبَ لِـحُكْمِهِ يقول: والله هو الذي يحكم فـينفذ حكمه, ويقضي فـيـمضي قضاؤه, وإذا جاء هؤلاء الـمشركين بـالله من أهل مكة حكم الله وقضاؤه لـم يستطيعوا ردّه. ويعنـي بقوله: لا مُعَقّبَ لِـحُكْمِهِ: لا رادّ لـحكمه, والـمعقّب فـي كلام العرب: هو الذي يَكُرّ علـى الشيء, وقوله: وَهُوَ سَرِيعُ الـحِسابِ يقول: والله سريع الـحساب يحصي أعمال هؤلاء الـمشركين لا يخفـي علـيه شيء ومن وراء جزائهم علـيها.
الآية : 42
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَقَدْ مَكَرَ الّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلِلّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدّارِ }.
يقول تعالـى ذكره: قد مكر الذين من قبل هؤلاء الـمشركين من قريش من الأمـم التـي سلفت بأنبـياء الله ورسله فللّه الـمَكْرُ جَمِيعا يقول: فللّه أسبـاب الـمكر جميعا, وبـيده وإلـيه, لا يضرّ مكر من مكر منهم أحدا إلاّ من أراد ضرّه به, يقول: فلـم يضرّ الـماكرون بـمكرهم إلاّ من شاء الله أن يضرّه ذلك, وإنـما ضرّوا به أنفسهم لأنهم أسخطوا ربهم بذلك علـى أنفسهم حتـى أهلكهم, ونـجى رسله: يقول: فكذلك هؤلاء الـمشركون من قريش يـمكرون بك يا مـحمد, والله منـجيك من مكرهم, ومُلـحق ضرّ مكرهم بهم دونك. وقوله: يَعْلَـمُ ما تَكْسِبُ كُلّ نَفْسٍ يقول: يعلـم ربك يا مـحمد ما يعمل هؤلاء الـمشركون من قومك وما يَسْعون فـيه من الـمكر بك, ويعلـم جميع أعمال الـخـلق كلهم, لا يخفـى علـيه شيء منها. وَسَيَعْلَـمُ الكُفّـارُ لـمَنْ عُقْبَى الدّارِ يقول: وسيعلـمون إذا قدموا علـى ربهم يوم القـيامة لـمن عاقبة الدار الاَخرة حين يدخـلون النار, ويدخـل الـمؤمنون بـالله ورسوله الـجنة.
واختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك, فقرأته قرّاء الـمدينة وبعض أهل البصرة: «وَسَيَعْلَـمُ الكافِرُ» علـى التوحيد. وأما قرّاء الكوفة فإنهم قرءوه: وَسَيَعْلَـمُ الكُفّـارُ علـى الـجمع.
والصواب من القراءة فـي ذلك القراءة علـى الـجمع: وسَيَعْلَـمُ الكُفّـارُ لأن الـخبر جرى قبل ذلك عن جماعتهم, وأتبع بعده الـخبر عنهم, وذلك قوله: وإمّا نُرِيَنّكَ بَعْضَ الّذِي نَعِدُهُمْ أوْ نَتَوَفّـيَنّكَ وبعده قوله: وَيَقولُ الّذِينَ كَفَروا لَسْتَ مُرْسَلاً. وقد ذكر أنها فـي قراءة ابن مسعود: «وَسَيَعْلَـمَ الكافِرُون», وفـي قراءة أبـيّ: «وَسَيَعْلَـمُ الّذِينَ كَفَرُوا» وذلك كله دلـيـل علـى صحة ما اخترنا من القراءة فـي ذلك