سورة الحجر | للقراءة من المصحف بخط كبير واضح
استماع mp3 | الجلالين&الميسر | تفسير الشوكاني |
إعراب الصفحة | تفسير ابن كثير | تفسير القرطبي |
التفسير المختصر | تفسير الطبري | تفسير السعدي |
تفسير الطبري تفسير الصفحة 266 من المصحف
تفسير الطبري - صفحة القرآن رقم 266
267
265
الآية : 71-73
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {قَالَ هَؤُلاَءِ بَنَاتِي إِن كُنْتُمْ فَاعِلِينَ * لَعَمْرُكَ إِنّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ * فَأَخَذَتْهُمُ الصّيْحَةُ مُشْرِقِينَ }.
يقول تعالـى ذكره: قال لوط لقومه: تزوّجوا النساء فأتوهنّ, ولا تفعلوا ما قد حرم الله علـيكم من إتـيان الرجال, إن كنتـم فـاعلـين ما آمركم به ومنهين إلـى أمري كما:
16051ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: قالَ هَولاءِ بنَاتِـي إنْ كُنْتُـمْ فـاعِلِـينَ: أمرهم نبـيّ الله لوط أن يتزوّجوا النساء, وأراد أن يَقِـيَ أضيافه ببناته.
وقوله: لَعَمْرُكَ يقول تعالـى لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: وحياتك يا مـحمد, إن قومك من قريش لَفِـي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ يقول: لفـي ضلالتهم وجهلهم يتردّدون.
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
16052ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا مسلـم بن إبراهيـم, قال: حدثنا سعيد بن زيد, قال: حدثنا عمرو بن مالك, عن أبـي الـجوّزاء, عن ابن عبـاس, قال: ما خـلق الله وما ذرأ وما نفسا أكرم علـى الله من مـحمد صلى الله عليه وسلم, وما سمعت الله أقسم بحياة أحد غيره, قال الله تعالـى ذكره: لَعَمْرُكَ إنّهُمْ لَفِـي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا يعقوب بن إسحاق الـحضْرمي, قال: حدثنا الـحسين بن أبـي جعفر, قال: حدثنا عمرو بن مالك, عن أبـي الـجوزاء, عن ابن عبـاس, فـي قول الله: لَعَمْرُكَ إنّهُمْ لَفِـي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ قال: ما حلف الله تعالـى بحياة أحد إلا بحياة مـحمد صلى الله عليه وسلم, قال: وحياتك يا مـحمد وعمرك وبقائك فـي الدنـيا إنّهُمْ لَفِـي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ.
16053ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: لَعَمْرُكَ إنّهُمْ لَفِـي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ وهي كلـمة من كلام العرب لفـي سكرتهم: أي فـي ضلالتهم, يعمهون: أي يـلعبون.
16054ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن سفـيان, قال: سألت الأعمش, عن قوله: لَعَمْرُكَ إنّهُمْ لَفِـي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ قال: لفـي غفلتهم يتردّدون.
حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: فِـي سَكْرَتِهِمْ قال: فـي ضلالتهم. يَعْمَهُونَ قال: يـلعبون.
16055ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, قال: قال مـجاهد: يَعْمَهُونَ قال: يتردّدون.
16056ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـي, عن ابن عبـاس, قوله: لَعَمْرُكَ يقول: لعيْشُك. إنّهُمْ لَفِـي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ قال: يتـمادَوْنَ.
16057ـ حدثنـي أبو السائب, قال: حدثنا معاوية, عن الأعمش, عن إبراهيـم, قال: كانوا يكرهون أن يقول الرجل: لعمري, يرونه كقوله: وَحَيَاتِـي.
وقوله: فَأَخَذَتْهُمْ الصّيْحَةُ مُشْرِقِـينَ يقول تعالـى ذكره: فأخذتهم صاعقة العذاب, وهي الصيحة مشرقـين: يقول: إذ أشرقوا, ومعناه: إذ أشرقت الشمس. ونصب «مشرقـين» و «مصبحين» علـى الـحال بـمعنى: إذ أصبحوا, وإذ أشرقوا, يقال منه: صِيح بهم, إذا أهلكوا.
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
16058ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج: فَأخَذَتْهُمُ الصّيْحَةُ مُشْرِقِـينَ قال: حين أشرقت الشمس ذلك مشرقـين.
الآية : 74-75
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مّن سِجّيلٍ * إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لِلْمُتَوَسّمِينَ }.
يقول تعالـى ذكره: فجعلنا عالـي أرضهم سافلَها, وأمطرنا علـيهم حِجارة من سجّيـل. كما:
16059ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, عن عكرمة: وَأمْطَرْنا عَلَـيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجّيـلٍ أي من طين.
وقوله: إنّ فـي ذلكَ لاَياتٍ للْـمُتَوَسّمِينَ يقول: إن فـي الذي فعلنا بقوم لوط من إهلاكهم وأحللنا بهم من العذاب لَعَلامات ودلالات للـمتفرّسين الـمعتبرين بعلامات الله, وعبره علـى عواقب أمور أهل معاصيه والكفر به. وإنـما يعنـي تعالـى ذكره بذلك قوم نبـي الله صلى الله عليه وسلم من قريش يقول: فلِقومك يا مـحمد فـي قوم لوط, وما حلّ بهم من عذاب الله حين كذّبوا رسولهم وتـمادوا فـي غيهم وضلالهم, مُعْتَبَرٌ.
وبنـحو الذي قلنا فـي معنى قوله: للْـمُتَوَسّمِينَ قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
16060ـ حدثنـي عبد الأعلـى بن واصل قال: حدثنا يعلـى بن عبـيد, قال: حدثنا عبد الـملك بن أبـي سلـيـمان, عن قـيس, عن مـجاهد, فـي قوله: إنّ فـي ذلكَ لاَياتٍ للْـمُتَوَسّمِينَ قال: للـمتفرّسين.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن فضيـل, عن عبد الـملك وحدثنا الـحسن الزعفرانـي, قال: ثنـي مـحمد بن عبـيد, قال: ثنـي عبد الـملك, عن قـيس, عن مـجاهد: إنّ فـي ذلكَ لاَياتٍ للْـمُتَوَسّمِينَ قال للـمتفرّسين.
حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء وحدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا شبـابة, قال: حدثنا ورقاء وحدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو حُذيفة, قال: حدثنا شبل وحدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبو أسامة, قال: حدثنا شبل جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, مثله.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد, قال: الـمتوسمين: الـمتفرسين. قال: توسّمت فـيك الـخير نافلة.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن سفـيان, عن عبد الـملك بن أبـي سلـيـمان, عن قـيس, عن مـجاهد: إنّ فـي ذلكَ لاَياتٍ للْـمُتَوَسّمِينَ قال: الـمتفرّسين.
16061ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس: إنّ فـي ذلكَ لاَياتٍ للْـمُتَوَسّمِينَ يقول: للناظرين.
16062ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا مـحمد بن يزيد, عن جويبر, عن الضحاك: للْـمُتَوَسّمِينَ قال للناظرين.
16063ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: إنّ فـي ذلكَ لاَياتٍ للْـمُتَوَسّمِينَ: أي للـمعتبرين.
حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة, قوله: للـمُتَوَسّمينَ قال: للـمعتبرين.
16064ـ حدثنـي مـحمد بن عُمارة, قال: ثنـي حسن بن مالك, قال: حدثنا مـحمد بن كثـير, عن عمرو بن قـيس, عن عطية, عن أبـي سعيد, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتّقُوا فِرَاسَةَ الـمُومِنِ فإنّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللّهِ». ثم قال النبـيّ صلى الله عليه وسلم: «إنّ فـي ذلكَ لاَياتٍ للْـمُتَوَسّمِينَ».
حدثنا أحمد بن مـحمد الطّوسى, قال: حدثنا مـحمد بن كثـير مولـى بنـي هاشم, قال: حدثنا عمرو بن قـيس الـمَلاَئي, عن عطية, عن أبـي سعيد, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, بـمثله.
16065ـ حدثنـي أحمد بن مـحمدالطوسى, قال: حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا الفُرات بن السائب, قال: حدثنا ميـمون بن مهران, عن ابن عمر, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتّقُوا فِرَاسَةَ الـمُوءْمِنِ فإنّ الـمُوءْمِنَ يَنْظُرُ بِنُورِ اللّهِ».
16066ـ حدثنا عبد الأعلـى بن واصل, قال: ثنـي سعيد بن مـحمد الـجَرْميّ, قال: حدثنا عبد الواحد بن واصل, قال: حدثنا أبو بشر الـمزلق, عن ثابت البُنَانـيّ, عن أنس, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنّ لله عِبـادا يَعْرفُونَ النّاسَ بـالتّوَسّمِ».
16067ـ حدثنـي يونس بن عبد الأعلـى, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: إنّ فـي ذلكَ لاَياتٍ للْـمُتَوَسّمِينَ قال: الـمتفكرون والـمعتبرون الذين يتوسمون الأشياء, ويتفكرون فـيها ويعتبرون..
حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ يقول: حدثنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: للْـمُتَوَسّمِينَ يقول: للناظرين.
16068ـ حدثنـي أبو شرحبـيـل الـحِمْصِيّ, قال: حدثنا سلـيـمان بن سلـمة, قال: حدثنا الـمؤمل بن سعيد بن يوسف الرحبـيّ, قال: حدثنا أبو الـمعلّـى أسد بن وداعة الطائي, قال: حدثنا وهب بن منبه, عن طاوس بن كيسان, عن ثوبـان, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احْذَرُوا فِرَاسَةَ الـمُوءْمِنِ فإنّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللّهِ وَيَنْطِقُ بِتَوْفِـيقِ اللّهِ».
الآية : 76-77
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَإِنّهَا لَبِسَبِيلٍ مّقِيمٍ * إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ }.
يقول تعالـى ذكره: وإن هذه الـمدينة, مدينة سَدُوم, لبطريق واضح مقـيـم يراها الـمـجتاز بها لا خفـاء بها, ولا يبرح مكانها, فـيجهل ذو لبّ أمرها, وغبّ معصية الله, والكفر به.
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: 16069ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن نـمير, عن ورقاء وحدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا شبـابة, قال: حدثنا ورقاء وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء وحدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الله, عن ورقاء, وحدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, جميعا عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: وَإنّها لَبِسَبِـيـلِ مُقِـيـمٍ قال: لبطريق معلـم.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد, مثله.
16070ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: وَإنّها لَبِسَبِـيـلِ مُقِـيـمٍ يقول: بطريق واضح.
16071ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد فـي قوله: وَإنّها لَبِسَبِـيـلِ مُقِـيـمٍ قال: طريق السبـيـل: الطريق.
16072ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ يقول: حدثنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: لَبِسَبِـيـلِ مُقِـيـمٍ يقول: بطريق معلـم.
وقوله: إنّ فِـي ذلكَ لاَيَةً للْـمُوءْمِنِـينَ يقول تعالـى ذكره: إن فـي صنـيعنا بقوم لوط ما صنعنا بهم, لعلامة ودلالة بـينة لـمن آمن بـالله علـى انتقامه من أهل الكفر به, وإنقاذه من عذابه, إذا نزل بقوم أهل الإيـمان به منهم. كما:
16073ـ حدثنا مـحمد بن بشار, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا سفـيان, عن سماك, عن سعيد بن جبـير, فـي قوله: إنّ فِـي ذلكَ لاَيَةً قال: هو كالرجل يقول لأهله: علامة ما بـينـي وبـينكم أن أرسل إلـيكم خاتـمي, أو آية كذا وكذا.
16074ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبو أسامة, عن سفـيان, عن سماك, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس: إنّ فِـي ذلكَ لاَيَةً قال: أما ترى الرجل يرسل بخاتـمه إلـى أهله فـيقول: هاتوا كذا وكذا, فإذا رأوه علـموا أنه حقّ.
الآية : 78-79
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الأيْكَةِ لَظَالِمِينَ * فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنّهُمَا لَبِإِمَامٍ مّبِينٍ }.
يقول تعالـى ذكره: وقد كان أصحاب الغَيْضة ظالـمين, يقول: كانوا بـالله كافرين. والأيكة: الشجر الـملتفّ الـمـجتـمع, كما قال أمية:
كَبُكا الـحَمامِ عَلـى فَرُوعِ الأيْكِ فـي الغُصْنِ الـجَوَانِـحْ
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
16075ـ حدثنا إسحاق بن إبراهيـم بن حبـيب بن الشهيد, قال: حدثنا عتاب بن بشير, عن خصيف, قال, قوله: أصحَابُ الأيْكَةِ قال: الشجر, وكانوا يأكلون فـي الصيف الفـاكهة الرطبة, وفـي الشتاء الـيابسة.
16076ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَإنْ كانَ أصحَابُ الأَيْكَةِ لَظالِـمِينَ ذكر لنا أنهم كانوا أهل غيضة. وكان عامّة شجرهم هذا الدّوْم. وكان رسولهم فـيـما بلغنا شُعَيب صلى الله عليه وسلم, أرسل إلـيهم وإلـى أهل مدين, أرسل إلـى أمتـين من الناس, وعُذّبتا بعذابـين شتـى. أما أهل مدين, فأخذتهم الصيحة وأما أصحاب الأيكة, فكانوا أهل شجر متكاوس ذُكر لنا أنه سلّط علـيهم الـحرّ سبعة أيام, لا يظلهم منه ظلّ ولا يـمنعهم منه شيء, فبعث الله علـيهم سحابة, فحَلّوا تـحتها يـلتـمسون الرّوْح فـيها, فجعلها الله علـيهم عذابـا, بعث علـيهم نارا فـاضطرمت علـيهم فأكلتهم. فذلك عذاب يوم الظلّة, إنه كان عذاب يوم عظيـم.
16077ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبـي حماد, قال: حدثنا عمرو بن ثابت, عن أبـيه عن سعيد بن جبـير, قال: أصحاب الأيكة: أصحاب غَيْضَة.
16078ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, قال: قال ابن جريج, قوله: وَإنْ كانَ أصحَابُ الأَيْكَةِ لَظالِـمِينَ قال: قوم شعيب. قال ابن عبـاس: الأيكة ذات آجام وشجر كانوا فـيها.
16079ـ حدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ يقول: حدثنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول: فـي قوله: أصحَابُ الأَيْكَةِ قال: هم قوم شعيب, والأيكة: الغيضة.
16080ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرنا عمرو بن الـحارث, عن سعيد بن أبـي هلال, عن عمرو بن عبد الله, عن قتادة, أنه قال: إن أصحاب الأيكة, والأيكة: الشجر الـملتفّ.
وقوله: فـانْتَقَمْنا مِنْهُمْ وإنّهُما لَبِإمامٍ مُبِـينٍ يقول: تعالـى ذكره: فـانتقمنا من ظلـمة أصحاب الأيكة. وقوله: وإنّهُما لَبِإمامٍ مُبِـينٍ يقول: وإن مدينة أصحاب الأيكة ومدينة قوم لوط. والهاء والـميـم فـي قوله: وإنّهما من ذكر الـمدينتـين. لَبِإمامٍ يقول: لبطريق يأتـمون به فـي سفرهم ويهتدون به. مُبِـينٍ يقول: يبـين لـمن ائتـمّ به استقامته. وإنـما جعل الطريق إماما لأنه يوءَم ويُتّبع.
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
16081ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عبد الله بن صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ بن أبـي طلـحة, عن ابن عبـاس, قوله: وإنّهُما لَبِإمامٍ مُبِـينٍ يقول: علـى الطريق.
حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: فـانْتَقَمْنا مِنْهُمْ وإنّهُما لَبِإمامٍ مُبِـينٍ يقول: طريق ظاهر.
16082ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الله, عن ورقاء وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء وحدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا شبـابة, قال: حدثنا ورقاء, وحدثنـي الـمثنى. قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قوله: وإنّهُما لَبِإمامٍ مُبِـينٍ قال: بطريق معلـم.
16083ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: وإنّهُما لَبِإمامٍ مُبِـينٍ قال: طريق واضح.
حُدثت عن الـحسين قال: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: لَبِإمامٍ مُبِـينٍ بطريق مستبـين.
الآية : 80-81
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَلَقَدْ كَذّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ * وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ }.
يقول تعالـى ذكره: ولقد كذب سكان الـحجر, وجعلوا لسكناهم فـيها ومقامهم بها أصحابها, كما قال تعالـى ذكره: وَنادَى أصحَابُ الـجَنّةِ أصحَابَ النّارِ أنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبّنا حَقّا فجعلهم أصحابها لسُكناهم فـيها ومقامهم بها. والـحجر: مدينة ثمود.
وكان قتادة يقول فـي معنى الـحجر, ما:
16084ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر عن قتادة: أصحاب الـحجر: قال: أصحاب الوادي.
16085ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرنـي يونس, عن ابن شهاب, وهو يذكر الـحِجْر مساكن ثمود قال: قال سالـم بن عبد الله: إن عبد الله بن عمر قال: مررنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم علـى الـحجر, فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تَدْخُـلُوا مَساكِنَ الّذِينَ ظَلَـمُوا أنفسَهُمْ إلاّ أَنْ تَكُونُوا بـاكِينَ حَذَرا أنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أصَابَهُمْ» ثم زجر فأسرع حتـى خـلّفها.
16086ـ حدثنا زكريا بن يحيى بن أبـان الـمصريّ, قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن إسحاق بن أبـي عبـاد الـمكيّ, قال: حدثنا داود بن عبد الرحمن, عن عبد الله بن عثمان بن خثـيـم, عن ابن سابط, عن جابر بن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو بـالـحجر: «هَولاءِ قَوْمُ صَالِـحٍ أهْلَكَهُمْ اللّهُ إلاّ رَجُلاً كانَ فِـي حَرَمِ اللّهِ مَنَعَهُ حَرَمُ اللّهِ مِنْ عَذَابِ اللّهِ» قـيـل: يا رسول الله من هو؟ قال: «أبُو رِغالٍ».
وقوله: وآتَـيْنَاهُمْ آياتِنا فَكانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ يقول: وأريناهم أدلتنا وحججنا علـى حقـيقة ما بعثنا به إلـيهم رسولنا صالـحا, فكانوا عن آياتنا التـي آتـيناهم معرضين لا يعتبرون بها ولا يتعظون.
الآية : 82-84
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً آمِنِينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الصّيْحَةُ مُصْبِحِينَ * فَمَآ أَغْنَىَ عَنْهُمْ مّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: وكان أصحاب الـحجر, وهم ثمود قوم صالـح, ينـحِتون مِنَ الـجبـالِ بُـيُوتا آمِنِـينَ من عذاب الله, وقـيـل: آمنـين من الـخراب أن تـخرب بـيوتهم التـي نـحتوها من الـجبـال, وقـيـل: آمنـين من الـموت. وقوله: فَأَخَذَتْهُمُ الصّيْحَةُ مُصْبِحِينَ يقول: فأخذتهم صيحة الهلاك حين أصبحوا من الـيوم الرابع من الـيوم الذي وُعدوا العذاب, وقـيـل لهم: تَـمتّعوا فـي داركم ثلاثة أيام. وقوله: فَمَا أغْنَى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ يقول: فما دفع عنهم عذاب الله ما كانوا يجترحون من الأعمال الـخبـيثة قبل ذلك.
الآية : 85-86
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَمَا خَلَقْنَا السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاّ بِالْحَقّ وَإِنّ السّاعَةَ لاَتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصّفْحَ الْجَمِيلَ * إِنّ رَبّكَ هُوَ الْخَلاّقُ الْعَلِيمُ }.
يقول تعالـى ذكره: وما خـلقنا الـخلائق كلها, سماءها وأرضَها, ما فـيهما وما بَـيْنَهُما يعنـي بقوله: وَما بَـيْنَهُما مـما فـي أطبـاق ذلك. إلاّ بـالـحَقّ يقول: إلا بـالعدل والإنصاف, لا بـالظلـم والـجَور. وإنـما يعنـي تعالـى ذكره بذلك أنه لـم يظلـم أحدا من الأمـم التـي اقتصّ قَصَصَها فـي هذه السورة وقصص إهلاكه إياها بـما فعل به من تعجيـل النقمة له علـى كفره به, فـيعذّبه ويهلكه بغير استـحقاق لأنه لـم يخـلق السموات والأرض وما بـينهما بـالظلـم والـجور, ولكنه خالق ذلك بـالـحقّ والعدل. وقوله: وإنّ السّاعَةَ لاَتِـيَةٌ فـاصْفَحِ الصّفْحِ الـجَمِيـلَ يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: وإن الساعة, وهي الساعة التـي تقوم فـيها القـيامة لـجائية, فـارض بها لـمشركي قومك الذين كذّبوك وردّوا علـيك ما جئتهم به من الـحقّ. فـاصْفَحِ الصّفْحِ الـجَمِيـلَ يقول: فأعرض عنهم إعراضا جميلاً, واعف عنهم عفوا حسنا. وقوله: إنّ رَبّكَ هُوَ الـخَلاّقُ العَلِـيـمُ يقول تعالـى ذكره: إن ربك هو الذي خـلقهم وخـلق كلّ شيء, وهو عالـم بهم وبتدبـيرهم وما يأتون من الأفعال. وكان جماعة من أهل التأويـل تقول: هذه الاَية منسوخة. ذكر من قال ذلك:
16087ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: فـاصْفَحِ الصّفْحِ الـجَمِيـلَ ثم نسخ ذلك بعد, فأمره الله تعالـى ذكره بقتالهم حتـى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن مـحمدا عبده ورسوله, لا يقبل منهم غيره.
16088ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا سويد بن نصر, قال: أخبرنا ابن الـمبـارك, عن جويبر, عن الضحاك, فـي قوله: فـاصْفَحِ الصّفْحِ الـجَمِيـلَ فـاصفَحْ عَنْهُمُ, وقُلْ سَلامٌ, فَسَوْفَ يَعْلَـمُونَ وأعْرِضْ عَنِ الـمُشْرِكِينَ و قُلْ للذين آمنوا يغفروا للّذِينَ لاَ يَرجُونَ أيّامَ الله وهذا النـحوُ كله فـي القرآن أمر الله به نبـيه صلى الله عليه وسلم أن يكون ذلك منه, حتـى أمره بـالقتال, فنسخ ذلك كله فقال: خُذُوهُمْ واحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلّ مَرْصَدٍ.
16089ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن إسرائيـل, عن جابر, عن مـجاهد: فـاصْفَحِ الصّفْحِ الـجَمِيـلَ قال: هذا قبل القتال.
16090ـ حدثنـي الـمثنى, قال: أخبرنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الله بن الزبـير, عن سفـيان بن عيـينة, فـي قوله: فـاصْفَحِ الصّفْحِ الـجَمِيـلَ. وقوله: وأعْرِضْ عَنِ الـمُشْرِكِينَ قال: كان هذا قبل أن ينزل الـجهاد, فلـما أمر بـالـجهاد قاتلهم فقال: «أنا نَبِـيّ الرّحْمَةِ ونَبِـيّ الـمَلْـحَمَةِ, وبُعِثْتُ بـالـحَصَادِ ولَـمْ أُبْعَثْ بـالزّرَاعَةِ».
الآية : 87
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ }.
اختلف أهل التأويـل فـي معنى السبع الذي أتـى الله نبـيه صلى الله عليه وسلم من الـمثانـي فقال بعضهم عنـي بـالسبع: السبع السور من أوّل القرآن اللواتـي يُعْرفن بـالطول. وقائلو هذه الـمقالة مختلفون فـي الـمثانـي, فكان بعضهم يقول: الـمثانـي هذه السبع, وإنـما سمين بذلك لأنهن ثُنّـيَ فـيهنّ الأمثالُ والـخبرُ والعِبَر. ذكر من قال ذلك:
16091ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن يـمان, عن سفـيان, عن يونس, عن ابن سيرين, عن ابن مسعود فـي قوله: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: السبع الطّولَ.
16092ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن يـمان, عن سفـيان, عن سعيد الـجريريّ, عن رجل, عن ابن عمر قال: السبع الطّوَل.
16093ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن يـمَان, عن سفـيان, عن منصور, عن مـجاهد, عن ابن عبـاس, فـي قوله: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: السبع الطّوَل.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن سفـيان, عن منصور, عن مـجاهد, عن ابن عبـاس, مثله.
16094ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عمرو بن عون, قال: أخبرنا هشيـم, عن الـحجاج, عن الولـيد بن العيزار, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, قال: هنّ السبع الطّوَل, ولـم يُعطَهن أحد إلا النبـيّ صلى الله عليه وسلم, وأُعطيَ موسى منهنّ اثنتـين.
16095ـ حدثنا ابن وكيع, وابن حميد, قالا: حدثنا جرير, عن الأعمش, عن مسلـم البَطين, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, قال: أوتـي النبـيّ صلى الله عليه وسلم سبعا من الـمثانـي الطّوَل, وأوتـي موسى ستّا, فلـما ألقـى الألواح رُفعت اثنتان وبقـيت أربع.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا علـيّ بن عبد الله بن جعفر, قال: حدثنا جرير, عن الأعمش, عن مسلـم البطين, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, مثله.
16096ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا يحيى بن آدم, عن إسرائيـل, عن أبـي إسحاق, عن مسلـم البطين, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, فـي قوله: سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: البقرة, وآل عمران, والنساء, والـمائدة, والأنعام, والأعراف. قال إسرائيـل: وذكر السابعة فنسيتها.
16097ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم, قال: حدثنا هشيـم, عن أبـي بشر, عن سعيد بن جبـير, فـي قوله: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: هي الطّوَل: البقرة, وآل عمران, والنساء, والـمائدة, والأنعام, والأعراف, ويونس.
حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا مـحمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن أبـي بشر, عن سعيد بن جبـير فـي هذه الاَية: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي والقُرآنَ العَظِيـمَ قال: البقرة, وآل عمران, والنساء والـمائدة والأنعام, والأعراف, ويونس, فـيهنّ الفرائض والـحدود.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن شعبة, عن أبـي بشر, عن سعيد بن جبـير, بنـحوه.
16098ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن ابن أبـي خالد, عن خوّات, عن سعيد بن جبـير, قال: السبع الطّوَل.
16099ـ حدثنـي يعقوب, قال: حدثنا هشيـم, قال أبو بشر: أخبرنا عن سعيد بن جبـير, قال: هنّ السبع الطّوَل. قال: وقال مـجاهد: هن السبع الطّول. قال: ويقال: هنّ القرآن العظيـم.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا شبـابة, قال: حدثنا سعيد, عن جعفر, عن سعيد, فـي قوله: سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: البقرة, وآل عمران, والنساء, والـمائدة, والأنعام, والأعراف, ويونس, تُثْنى فـيها الأحكام والفرائض.
حدثنا الـحسن بن مـحمد بن الصبـاح, قال: حدثنا هشيـم, عن أبـي بشر, عن سعيد بن جبـير, قال: هن السبع الطّوَل.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا سعيد بن منصور, قال: حدثنا هشيـم, قال: أخبرنا أبو بشر, عن سعيد بن جبـير, فـي قوله: سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: البقرة, وآل عمران, والنساء, والـمائدة, والأنعام, والأعراف, يونس. قال: قلت: ما الـمثانـي؟ قال: يثنى فـيهنّ القضاء والقَصص.
حدثنا أحمد بن إسحاق, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا إسرائيـل, عن أبـي إسحاق, عن مسلـم البطين, عن سعيد بن جبـير: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: البقرة, وآل عمران, والنساء, والـمائدة, والأنعام, والأعراف, ويونس.
حدثنا أحمد, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا سفـيان عن عبد الله بن عثمان بن خثـيـم, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, قال: السبع الطّوَل.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا أبو خالد القرشي, قال: حدثنا سفـيان, عن عبد الله بن عثمان بن خثـيـم عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, مثله.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا أبو خالد, عن سفـيان, عن أبـي إسحاق, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, مثله.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا سفـيان, عن الأعمش, عن مسلـم البطين, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, مثله.
16100ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن إدريس, قال: سمعت لـيثا, عن مـجاهد, قال: هي السبع الطّوَل.
حدثنا الـحسن بن مـحمد بن عبـيد الله, قال: حدثنا عبد الـملك, عن قـيس, عن مـجاهد, فـي قوله: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: هي السبع الطّوَل.
16101ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قول الله تعالـى: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي والقُرآنَ العَظِيـمَ قال: من القرآن السبع الطّوَل السبع الأُوَل.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا شبـابة, قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, مثله.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن فضيـل وابن نـمير, عن عبد الـملك, عن قـيس, عن مـجاهد, قال: هنّ السبع الطّوَل.
حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قال: السبع الطّوَل.
16102ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن نـمير, عن سفـيان, عن عبد الله بن عثمان بن خُثَـيـم, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, قال: هي الأمثال وَالـخَبر والعِبَر.
16103ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن نـمير, عن إسماعيـل, عن خوّات, عن سعيد بن جبـير, قال: هي السبع الطّوَل, أعطِيَ موسى ستّا, وأُعطِيَ مـحمد صلى الله عليه وسلم سبعا.
16104ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ, يقول: حدثنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول, فـي قوله: سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي يعنـي السبع الطّوَل.
وقال آخرون: عنـي بذلك: سبع آيات وقالوا: هن آيات فـاتـحة الكتاب, لأنهنّ سبع إيات. وهم أيضا مختلفون فـي معنى الـمثانـي, فقال بعضهم: إنـما سمين مثانـي لأنهن يثنـين فـي كلّ ركعة من الصلاة. ذكر من قال ذلك:
16105ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم, قال: أخبرنا ابن علـية, عن سعيد الـجريري, عن أبـي نضرة, قال: قال رجل منا يقال له جابر أو جويبر: طلبت إلـى عمر حاجة فـي خلافته, فقدمت, الـمدينة لـيلاً, فمثلت بـين أن أتـخذ منزلاً وبـين الـمسجد, فـاخترت الـمسجد منزلاً. فأرقت نشوا من آخر اللـيـل, فإذا إلـى جنبـي رجل يصلـي يقرأ بأمّ الكتاب ثم يسبح قدر السورة ثم يركع ولا يقرأ, فلـم أعرفه حتـى جَهَر, فإذا هو عُمر, فكانت فـي نفسي, فغدوت علـيه فقلت: يا أمير الـمؤمنـين حاجة مع حاجة قال: هات حاجتك قلت إنـي قدِمت لـيلاً فمثلت بـين أن أتـخذ منزلاً وبـين الـمسجد, فـاخترت الـمسجد, فأرقت نَشْوا من آخر اللـيـل, فإذا إلـى جنبـي رجل يقرأ بأمّ الكتاب ثم يسبح قدر السورة ثم يركع ولا يقرأ, فلـم أعرفه حتـى جَهَر, فإذا هو أنت, ولـيس كذلك نفعل قِبَلَنا. قال: وكيف تفعلون؟ قال: يقرأ أحدنا أمّ الكتاب, ثم يفتتـح السورة فـيقرؤها. قال: ما لهم يعلَـمُون ولا يعمَلُون؟ ما لهم يعلَـمُون لا يعمَلُون؟ ما لهم يعلَـمُون ولا يعمَلُون؟ وما تبغي عن السبع الـمثانـي وعن التسبـيح صلاة الـخـلق.
حدثنـي طُلَـيق بن مـحمد الواسطيّ, قال: أخبرنا يزيد, عن الـجريري, عن أبـي نضرة, عن جابر أو جويبر, عن عُمَر بنـحوه, إلا أنه قال: فقال يقرأ القرآن ما تـيسر أحيانا, ويسبح أحيانا, ما لهم رغبة عن فـاتـحة الكتاب, وما يبتغي بعد الـمثانـي وصلاة الـخـلق التسبـيح.
16106ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا يحيى, قال: حدثنا سفـيان, عن السديّ, عن عبد خير, عن علـيّ, قال: السبع الـمثانـي: فـاتـحة الكتاب.
حدثنا نصر بن عبد الرحمن, قال: حدثنا حفص بن عمر, عن الـحسن بن صالـح وسفـيان, عن السديّ, عن عبد خير, عن علـيّ مثله.
حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن يـمان, عن سفـيان, عن السديّ, عن عبد خير, عن علـيّ مثله.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي وحدثنا أحمد بن إسحاق, قال: حدثنا أبو أحمد جميعا, عن سفـيان, عن السديّ, عن عبد خير, عن علـيّ, مثله.
16107ـ حدثنا أبو كريب وابن وكيع, قالا: حدثنا ابن إدريس, قال: حدثنا هشام, عن ابن سيرين, قال: سئل ابن مسعود عن سبع من الـمثانـي, قال: فـاتـحة الكتاب. قال: وقال ابن سيرين عن ابن مسعود: هي فـاتـحة الكتاب.
16108ـ حدثنـي يعقوب, قال: حدثنا ابن عُلَـية, قال: أخبرنا يونس, عن الـحسن, فـي قوله: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: فـاتـحة الكتاب.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عمرو بن عون, قال: أخبرنا هشيـم, عن يونس, عن ابن سيرين, عن ابن مسعود: سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: فـاتـحة الكتاب.
16109ـ حدثنـي سعيد بن يحيى الأُمَويّ, قال: ثنـي أبـي, قال: حدثنا ابن جريج, قال: أخبرنا أبـي, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, أنه قال فـي قول الله تعالـى: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: هي فـاتـحة الكتاب. فقرأها علـيّ ستّا, ثم قال: بسم الله الرحمن الرحيـم الاَية السابعة. قال سعيد: وقرأها ابن عبـاس علـيّ كما قرأها علـيك, ثم قال الاَية السابعة: بسم الله الرحمن الرحيـم, فقال ابن عبـاس: قد أخرجها الله لكم وما أخرجها لأحد قبلكم.
16110ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرنـي ابن جريج, أن أبـاه حدّثه, عن سعيد بن جبـير, قال: قال لـي ابن عبـاس: فـاستفتـح ببسم الله الرحمن الرحيـم ثم قرأ فـاتـحة الكتاب, ثم قال: تدري ما هذا؟ وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي.
16111ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي يقول: السبع: الـحمد لله رب العالـمين, والقرآن العظيـم. ويقال: هنّ السبع الطول, وهن الـمئون.
16112ـ حدثنا أحمد, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا سفـيان, عن ابن جريج, عن أبـيه, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, قال: فـاتـحة الكتاب.
16113ـ حدثنـي عمران بن موسى القزاز, قال: حدثنا عبد الوارث, قال: حدثنا إسحاق, بن سويد, عن يحيى بن يعمر وعن أبـي فـاختة فـي هذه الاَية: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي والقُرآن العَظِيـمَ قالا: هي أمّ الكتاب.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا وهب بن جرير, قال: حدثنا شعبة, عن السدي عمن سمع علـيّا يقول: الـحمد لله ربّ العالـمين, هي السبع الـمثانـي.
16114ـ حدثنا أبو الـمثنى, قال: حدثنا مـحمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, قال: سمعت العلاء بن عبد الرحمن, يحدّث عن أبـيه, عن أبـيّ بن كعب, أنه قال: السبع الـمثانـي: الـحمد لله رب العالـمين.
16115ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن يـمان, عن أبـي جعفر الرازي, عن الربـيع, عن أبـي العالـية, فـي قول الله تعالـى: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: فـاتـحة الكتاب سبع آيات. قلت للربـيع: إنهم يقولون: السبع الطول. فقال: لقد أنزلت هذه وما أنزل من الطّول شيء.
16116ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن أبـي جعفر الرازيّ, عن الربـيع بن أنس, عن أبـي العالـية, قال: فـاتـحة الكتاب. قال: وإنـما سميت الـمثانـي لأنه يثنى بها كلـما قرأ القرآن قرأها. فقـيـل لأبـي العالـية: إن الضحاك بن مزاحم يقول: هي السبع الطّوَل. فقال: لقد نزلت هذه السورة سبعا من الـمثانـي وما أنزل شيء من الطّوَل.
16117ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن يـمان, قال: حدثنا سفـيان, عن أبـيه, عن سعيد بن جبـير, قال: فـاتـحة الكتاب.
حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن يـمان وحدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي جميعا, عن سفـيان, عن الـحسن بن عبـيد الله, عن إبراهيـم, قال: فـاتـحة الكتاب.
حدثنا أحمد بن إسحاق, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا سفـيان, عن الـحسن بن عبـيد الله, عن إبراهيـم مثله.
16118ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن يـمان وحدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي وحدثنا أحمد بن إسحاق, قال: حدثنا أبو أحمد جميعا, عن هارون بن أبـي إبراهيـم البربري, عن عبد الله بن عبـيد بن عمير, قال: السبع من الـمثانـي: فـاتـحة الكتاب.
16119ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن يـمان, عن ابن جريج, عن أبـي ملـيكة: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: فـاتـحة الكتاب. قال: وذكر فـاتـحة الكتاب لنبـيكم صلى الله عليه وسلم لـم تذكر لنبـيّ قبله.
16120ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن إدريس, عن لـيث, عن شهر بن حوشب, فـي قوله: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: فـاتـحة الكتاب.
16121ـ حدثنـي مـحمد بن أبـي خداش, قال: حدثنا مـحمد بن عبـيد, قال: حدثنا هارون البربري, عن عبد الله بن عبـيد بن عمير اللـيثـي فـي قول الله تعالـى: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: هي الـحمد لله ربّ العالـمين.
16122ـ حدثنـي يعقوب, قال: حدثنا ابن علـية, عن أبـي رجاء, قال: سألت الـحسن, عن قوله تعالـى: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي والقُرآنَ العَظيـمَ قال: هي فـاتـحة الكتاب. ثم سئل عنها وأنا أسمع, فقرأها: الـحمد لله ربّ العالـمين, حتـى أتـى علـى آخرها, فقال: تثنى فـي كلّ قراءة.
16123ـ حدثنا أحمد, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا إسرائيـل, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قال: فـاتـحة الكتاب.
حدثنا أحمد, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا شريك, عن لـيث, عن مـجاهد, قال: فـاتـحة الكتاب.
16124ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي والقُرآن العَظِيـمَ ذكر لنا أنهنّ فـاتـحة الكتاب, وأنهن يثنـين فـي كلّ قراءة.
حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: فـاتـحة الكتاب تُثْنَى فـي كلّ ركعة مكتوبة وتطوّع.
16125ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: حدثنا حماد بن زيد وحجاج, عن ابن جريج, قال: أخبرنـي أبـي عن سعيد بن جبـير, أنه أخبره أنه سأل ابن عبـاس عن السبع الـمثانـي, فقال: أمّ القرآن. قال: سعيد: ثم قرأها, وقرأ منها: بسم الله الرحمن الرحيـم. قال: أبـي: قرأها سعيد كما قرأها ابن عبـاس, وقرأ فـيها بسم الله الرحمن الرحيـم. قال سعيد: قلت لابن عبـاس: فما الـمثانـي؟ قال: هي أم القرآن, استثناها الله لـمـحمد صلى الله عليه وسلم, فرفعها فـي أمّ الكتاب, فذخرها لهم حتـى خرجها لهم, ولـم يعطها لأحد قبله. قال: قلت: لأبـي: أخبرك سعيد أن ابن عبـاس قال له: «بسم الله الرحمن الرحيـم» آية من القرآن؟ قال: نعم. قال ابن جريج: قال عطاء: فـاتـحة الكتاب, وهي سبع بسم الله الرحمن الرحيـم, والـمثانـي: القرآن.
16126ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبـي نـجيح, عن عطاء, أنه قال: السبع الـمثانـي: أمّ القرآن.
16127ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا يحيى بن واضح, قال: حدثنا عبد الله العتكي, عن خالد الـحنفـي قاضي مرو فـي قوله: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: فـاتـحة الكتاب.
وقال آخرون: عُنـي بـالسبع الـمثانـي معانـي القرآن. ذكر من قال ذلك:
16128ـ حدثنـي إسحاق بن إبراهيـم بن حبـيب الشهيد الشهيديّ, قال: حدثنا عتاب بن بشير, عن خصيف, عن زياد بن أبـي مريـم, فـي قوله: سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: أعطيتك سبعة أجزاء: مُرْ, وانْهَ, وبَشّرْ, وانذِرْ, واضرب الأمثال, واعدُدِ النعم, وآتـيتك نبأ القرآن.
وقال آخرون من الذين قالوا عُنِـي بـالسبع الـمثانـي فـاتـحة الكتاب: الـمثانـي هو القرآن العظيـم. ذكر من قال ذلك:
16129ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عمران بن عيـينة, عن حصين, عن أبـي مالك, قال: القرآن كله مثانـي.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن سفـيان, عن حصين, عن أبـي مالك, قال: القرآن كُلّه مثانـي.
16130ـ حدثنا أحمد بن إسحاق, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا عبـيد أبو زيد, عن حصين, عن أبـي مالك, قال: القرآن مثانـي. وعدّ البقرة, وآل عمران, والنساء, والـمائدة, والأنعام, والأعراف, وبراءة.
16131ـ حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن ابن جريج, عن مـجاهد, وعن ابن طاوس, عن أبـيه, قال: القرآن كله يُثْنَى.
16132ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قال: الـمثانـي: ما ثنى من القرآن, ألـم تسمع لقول الله تعالـى ذكره: الله نَزّلَ أحْسَنَ الـحَدِيثِ كِتابـا مُتَشابِها مَثانـي؟.
16133ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ يقول: حدثنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول: الـمثانـي: القرآن, يذكر الله القصة الواحدة مرارا, وهو قوله: نَزّلَ أحْسَنَ الـحَدِيثِ كِتابـا مُتَشابِها مَثانِـيَ.
وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب, قول من قال: عُنـي بـالسبع الـمثانـي السبع اللواتـي هنّ آيات أم الكتاب, لصحة الـخبر بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي:
16134ـ حدّثنـيه يزيد بن مخـلد بن خِدَاش الواسطي, قال: حدثنا خالد بن عبد الله, عن عبد الرحمن بن إسحاق, عن العلاء, عن أبـيه, عن أبـي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمّ القُرآنِ السّبْعُ الـمَثانِـي الّتِـي أُعْطِيتُها».
16135ـ حدثنـي أحمد بن الـمقدام العجلـي, قال: حدثنا يزيد بن زريع, قال: حدثنا روح بن القاسم, عن أبـيه, عن أبـي هريرة, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأُبـيّ: «إنّـي أُحِبّ أنْ أعُلّـمَكَ سُورةً لَـمْ يَنْزِلْ فِـي التّوْرَاةِ وَلا فِـي الإنْـجِيـلِ وَلا فِـي الزّبُورِ وَلا فِـي الفُرْقانِ مِثْلُها». قال: نعم يا رسول الله, قال: «إنّى لاَءَرْجُو أنْ لا تـخْرُج مِنْ هَذَا البـابِ حتـى تَعْلَـمَها». ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بـيدي يحدثنـي, فجعلت أتبـاطأ مخافة أن يبلغ البـابَ قبل أن ينقضي الـحديث فلـما دنوت قلت: يا رسول الله ما السورة التـي وعدتنـي؟ قال: «ما تَقرأُ فـي الصّلاةِ؟» فقرأت علـيه أمّ القرآن, فقال: «والّذِي نَفْسِي بِـيَدِهِ ما أُنْزِل فـي التّوْراةِ ولا فـي الإنْـجِيـلِ ولا فـي الزّبُورِ ولا فـي الفُرْقانِ مِثْلُها, إنّها السّبْعُ مِن الـمَثانـي والقُرآنِ العَظِيـمِ الّذِي أُعْطِيتُهُ».
16136ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا زيد بن حبـاب العكلـي, قال: حدثنا مالك بن أنـيس, قال: أخبرنـي العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب مولـى لعروة, عن أبـي سعيد مولـى عامر بن فلان, أو ابن فلان, عن أبـيّ بن كعب, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: «إذا افْتَتَـحْت الصّلاةَ بِـم تَفْتَتِـحُ؟» قال: الـحمد لله ربّ العالـمين, حتـى ختـمها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هِي السّبْعُ الـمَثانـي والقُرآنُ العَظِيـمُ الّذِي أُعْطِيتُ».
حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا أبو أسامة, عن عبد الـحميد بن جعفر, عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب, عن أبـيه, عن أبـي هريرة, عن أبـيّ, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أُعَلّـمُك سُورةً ما أُنْزِل فـي التّوْراةِ ولا فـي الإنْـجِيـلِ وَلاَ فـي الزّبُورِ ولا فـي الفُرْقانِ مِثْلُها؟» قلت: بلـى. قال: «إنّى لاَءَرْجُو أنْ لا تَـخْرُجَ مِنْ ذَلِكَ البـابِ حتـى تَعْلَـمُها». فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقمت معه, فجعل يحدثنـي ويده فـي يدي, فجعلت أتبـاطأ كراهية أن يخرج قبل أن يخبرنـي بها فلـما قرب من البـاب قلت: يا رسول الله السورة التـي وعدتنـي قال: «كَيْفَ تَقْرأُ إذَا افْتَتَـحْتَ الصّلاةَ؟» قال: فقرأ فـاتـحة الكتاب. قال: «هِيَ هِيَ, وَهِيَ السّبْعُ الـمَثانِـي الّتِـي قالَ اللّهُ تَعالـى: وَلَقَدْ آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي والقُرآنَ العَظِيـمَ الّذِي أُوتِـيتُ».
16137ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا الـمـحاربـيّ, عن إبراهيـم بن الفضل الـمدنـيّ, عن سعيد الـمقبري, عن أبـي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الرّكْعَتانِ اللّتانِ لا يُقْرأُ فِـيهِما كالـخِدَاجِ لَـمْ يَتِـمّا». قال رجل: أرأيت إن لـم يكن معي إلاّ أمّ القرآن؟ قال: «هي حسبك هِيَ أُمّ القُرآنِ, هِيَ السّبْعُ الـمَثانِـي».
حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن نـمير, عن إبراهيـم بن الفضل, عن الـمقبري, عن أبـي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الرّكْعةُ الّتِـي لا يُقْرأُ فِـيها كالـخِدَاجِ» قلت لأبـي هريرة: فإن لـم يكن معي إلاّ أمّ القرآن؟ قال: هي حسبك, هي أمّ الكتاب, وأمّ القرآن, والسبع الـمثانـي.
16138ـ حدثنـي أبو كريب, قال: حدثنا خالد بن مخـلد, عن مـحمد بن جعفر, عن العلاء بن عبد الرحمن, عن أبـيه, عن أبـي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَالّذِي نَفْسِي بِـيَدِهِ, ما أنْزَلَ اللّهُ فِـي التّوْرَاةِ وَلا فِـي الإنْـجِيـلِ وَلا فِـي الزّبُورِ وَلا فِـي الفُرْقانِ مِثْلَها» يعنـي أمّ القرآن «وإنّها لَهِيَ السّبْعُ الـمَثانِـي الّتِـي آتانِـي اللّهُ تَعالـى».
حدثنـي يونس بن عبد الأعلـى, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرنـي ابن أبـي ذئب, عن سعيد الـمقبري, عن أبـي هريرة, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال: «هِيَ أُمّ القُرآنِ, وهِي فـاتـحَةُ الكِتابِ, وهِي السّبْعُ الـمَثانـي».
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا يزيد بن هارون وشبـابة, قالا: أخبرنا ابن أبـي ذئب, عن الـمقبريّ, عن أبـي هريرة, عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم فـي فـاتـحة الكتاب قال: «هِي فـاتِـحَةُ الكِتابِ وهِي السّبْعُ الـمَثانـي والقُرآنُ العَظِيـمُ».
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا عفـان, قال: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيـم, قال: حدثنا العلاء, عن أبـيه, عن أبـي هريرة, قال: مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم علـى أبـيّ بن كعب فقال: «أتُـحِبّ أنْ أُعَلّـمَكَ سُورةً لَـمْ يَنْزِلْ فـي التّوْراةِ ولا فـي الإنْـجِيـلِ ولا فـي الزّبُورِ ولا فـي الفُرْقانِ مِثْلُها؟» قلت: نعم يا رسول الله, قال: «فَكَيْف تَقْرأُ فـي الصّلاةِ؟» فقرأت علـيه أمّ الكتاب, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والّذِي نَفْسِي بِـيَدِهِ ما أُنْزِلَتْ سُورةٌ فِـي التّوْرَاةِ وَلا فِـي الإنْـجِيـلِ وَلا فِـي الزّبُورِ وَلا فِـي الفُرْقانِ مِثْلُها, وإنّها السّبْعُ الـمَثانِـي والقُرآنُ العَظِيـمُ».
16139ـ حدثنا ابن الـمثنى, قال: حدثنا وهب بن جرير, قال: حدثنا سعيد بن حبـيب, عن حفص بن عاصم, عن أبـي سعيد بن الـمعلـى, أن النبـيّ صلى الله عليه وسلم دعاه وهو يصلـي, فصلـى, ثم أتاه فقال: «ما مَنَعَكَ أنْ تُـجِيبَنِـي؟» قال: إنـي كنت أصلـي, قال: «ألَـمْ يَقُلِ اللّهُ: يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا اسْتَـجِيبُوا لِلّهِ وللرّسُولِ إذَا دَعاكُمْ لِـمَا يُحْيِـيكُمْ؟» قال: ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لاَعَلّـمَنّكَ أعْظَمَ سُورَةٍ فِـي القُرآنِ» فكأنه بـينها أو نسي. فقلت: يا رسول الله الذي قلت؟ قال: «الـحَمْدُ لِلّهِ رَبّ العالَـمِينَ هِيَ السّبْعُ الـمَثانِـي والقرآنُ العَظِيـمُ الّذِي أُوتِـيتُهُ».
فإذ كان الصحيح من التأويـل فـي ذلك ما قلنا للذي به استشهدنا, فـالواجب أن تكون الـمثانـي مرادا بها القرآن كله, فـيكون معنى الكلام: ولقد آتـيناك سبع آيات مـما يَثْنـيِ بعض آيه بعضا. وإذا كان ذلك كذلك كانت الـمثانـي: جمع مَثْناة, وتكون آي القرآن موصوفة بذلك, لأن بعضها يَثْنِـي بعضا وبعضها يتلو بعضا بفصول تفصل بـينها, فـيعرف انقضاء الاَية وابتداء التـي تلـيها كما وصفها به تعالـى ذكره فقال: اللّهُ نَزّلَ أحْسَنَ الـحَدِيثِ كِتَابـا مُتَشابِها مَثانِـيَ تَقْشَعِرّ مِنْهُ جُلُودُ الّذِينَ يَخْشَوْن رَبّهُمْ. وقد يجوز أن يكون معناها كما قال ابن عبـاس والضحاك ومن قال ذلك إن القرآن إنـما قـيـل له مَثَانى لأن القصص والأخبـار كرّرت فـيه مرّة بعد أخرى. وقد ذكرنا قول الـحسن البصريّ أنها إنـما سميت مَثانى لأنها تُثْنَى فـي كلّ قراءة, وقول ابن عبـاس إنها إنـما سميت مثانى, لأن الله تعالـى ذكره استثناها لـمـحمد صلى الله عليه وسلم دون سائر الأنبـياء غيره فـادّخرها له.
وكان بعض أهل العربـية يزعم أنها سمت مَثَانِـيَ لأن فـيها الرحمن الرحيـم مرّتـين, وأنها تُثْنَى فـي كلّ سورة, يعنـي: بسم الله الرحمن الرحيـم.
وأما القول الذي اخترناه فـي تأويـل ذلك, فهو أحد أقوال ابن عبـاس, وهو قول طاوس ومـجاهد وأبـي مالك, وقد ذكرنا ذلك قبل.
وأما قوله: والقُرآنَ العَظِيـمَ فإن القرآن معطوف علـى السبع, بـمعنى: ولقد آتـيناك سبع آيات من القرآن وغير ذلك من سائر القرآن. كما:
16140ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قوله: والقُرآنَ العَظِيـمَ قال: سائره: يعنـي سائر القرآن مع السبع من الـمثانـي.
16141ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ يقول: حدثنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: والقُرآنَ العَظِيـمَ يعنـي: الكتاب كله.
الآية : 88
القول فـي تأويـل قوله تعالـى {لاَ تَمُدّنّ عَيْنَيْكَ إِلَىَ مَا مَتّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ }.
يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: لا تتـمنـينّ يا مـحمد ما جعلنا من زينة هذه الدنـيا متاعا للأغنـياء من قومك الذين لا يؤمنون بـالله والـيوم الاَخر, يتـمتعون فـيها, فإن مِنْ ورائهم عذابـا غلـيظا. وَلا تَـحْزَنْ عَلَـيْهِمْ يقول: ولا تـحزن علـى ما مُتّعوا به فعجّل لهم, فإن لك فـي الاَخرة ما هو خير منه, مع الذي قد عَجّلنا لك فـي الدنـيا من الكرامة بإعطائنا السبع الـمثانـي والقرآن العظيـم يقال منه: مَدّ فلانٌ عينه إلـى مال فلان: إذا اشتهاه وتـمناه وأراده.
وذُكر عن ابن عيـينة أنه كان يتأوّل هذه الاَية قولَ النبـيّ صلى الله عليه وسلم: «لَـيْسَ مِنّا مَنْ لَـمْ يَتَغَنّ بـالقُرآنِ»: أي من لـم يستغن به, ويقول: ألا تَرَاهُ يَقُولُ: وَلَقَدْ آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي والقُرآنَ العَظِيـمَ لا تَـمُدّنّ عَيْنَـيْكَ إلـى ما مَتّعْنا بِهِ أزْوَاجا مِنْهُمْ؟ فأمره بـالاستغناء بـالقرآن عن الـمال. قال: ومنه قول الاَخر: من أوتـي القرآن فرأى أن أحدا أعطي أفضل مـما أعطي فقد عظّم صغيرا وصغّر عظيـما.
وبنـحو الذي قلنا فـي قوله: أزْوَاجا قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
16142ـ حدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال حدثنا ورقاء وحدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: لا تَـمُدّنّ عَيْنَـيْكَ إلـى ما مَتّعْنا بِهِ أزْوَاجا مِنْهُمْ: الأغنـياء, الأمثال, الأشبـاه.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد, مثله.
16143ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس قوله: لا تَـمُدّنّ عَيْنَـيْكَ إلـى ما مَتّعْنا بِهِ أزْوَاجا مِنْهُمْ قال: نُهِيَ الرجل أن يتـمنى مال صاحبه.
وقوله: وَاخْفِضْ جَناحَكَ للْـمُؤْمِنِـينَ يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: وألِن لـمن أمن بك واتبعك واتبع كلامك, وقرّبهم منك, ولا تَـجْفُ بهم, ولا تَغْلُظ علـيهم. يأمره تعالـى ذكره بـالرفق بـالـمؤمنـين. والـجناحان من بنـي آدم: جنبـاه, والـجناحان: الناحيتان, ومنه قول الله تعالـى ذكره: وَاضْمُـمْ يَدَكَ إلـى جنَاحِكَ قـيـل: معناه: إلـى ناحيتك وجنبك.
الآية : 89-91
القول فـي تأويـل قوله تعالـى {وَقُلْ إِنّيَ أَنَا النّذِيرُ الْمُبِينُ * كَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ * الّذِينَ جَعَلُواْ الْقُرْآنَ عِضِينَ }.
يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: وقل يا مـحمد للـمشركين إنـي أنا النذير الذي قد أبـان إنذاره لكم من البلاء والعقاب أن ينزل بكم من الله علـى تـماديكم فـي غيكم كما أَنْزَلْنَا علـى الـمُقْتَسِمِينَ يقول: مثل الذي أنزل الله تعالـى من البلاء والعقاب علـى الذين اقتسموا القرآن, فجعلوه عِضِين.
ثم اختلف أهل التأويـل فـي الذين عُنُوا بقوله: الـمُقْتَسِمِينَ, فقال بعضهم: عنـي به. الـيهود والنصارى, وقال: كان اقتسامهم أنهم اقتسموا القرآن وعضّوه, فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه. ذكر من قال ذلك:
16144ـ حدثنـي عيسى بن عثمان الرملـي, قال: حدثنا يحيى بن عيسى, عن الأعمش, عن أبـي ظَبْـيان, عن ابن عبـاس, فـي قوله الله: كمَا أنْزَلْنا علـى الـمُقْتَسِمِينَ الّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ قال: هم الـيهود والنصارى, آمنوا ببعض وكفروا ببعض.
حدثنا أبو كريب ويعقوب بن إبراهيـم, قالا: حدثنا هشيـم, قال: أخبرنا أبو بشر, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, فـي قوله: كمَا أنْزَلْنا علـى الـمُقْتَسِمينَ الّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ قال: هم أهل الكتاب, جزّءوه فجعلوه أعضاء أعضاء, فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه.
حدثنا مـحمد بن بشار, قال: حدثنا مؤمل, قال: حدثنا سفـيان, عن الأعمش, عن أبـي ظبـيان, عن ابن عبـاس, فـي قوله: كمَا أنْزَلْنا علـى الـمُقْتَسِمِينَ الّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ قال: الذين آمنوا ببعض, وكفروا ببعض.
حدثنا ابن الـمثنى, قال: حدثنا ابن أبـي عديّ, عن شعبة, عن سلـيـمان, عن أبـي ظبـيان, عن ابن عبـاس, قال: الـمُقْتَسِمِينَ أهل الكتاب. الّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ قال: يؤمنون ببعض, ويكفرون ببعض.
16145ـ حدثنـي مطر بن مـحمد الضّبّـيّ, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا شعبة, قال: حدثنا أبو بشر, عن سعيد بن جبـير, أنه قال فـي قوله: كمَا أنْزَلْنا علـى الـمُقْتَسِمِينَ قال: هم أهل الكتاب.
16146ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا مـحمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن أبـي بشر, عن سعيد بن جبـير أنه قال فـي هذه الاَية: كمَا أنْزَلْنا علـى الـمُقْتَسِمِينَ الّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ قال: هم أهل الكتاب, آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عمرو بن عون, قال: حدثنا هشيـم, قال: أخبرنا أبو بشر, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, فـي قوله: الّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ قال: هم أهل الكتاب جزّءوه فجعلوه أعضاء, فأمنوا ببعضه وكفروا ببعضه.
16147ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عمرو بن عون, قال: أخبرنا هشيـم, عن جويبر, عن الضحاك, عن ابن عبـاس, قال: جزّءوه فجعلوه أعضاء كأعضاء الـجزور.
16148ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عمرو بن عون, قال: أخبرنا هشيـم, عن منصور, عن الـحسن, قال: هم أهل الكتاب.
حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: كمَا أنْزَلْنا علـى الـمُقْتَسِمِينَ قال: هم الـيهود والنصارى من أهل الكتاب, قسموا الكتاب فجعلوه أعضاء, يقول: أحزابـا, فآمنوا ببعض وكفروا ببعض.
16149ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, قال: قال ابن عبـاس: الـمُقْتَسِمِينَ آمنوا ببعض, وكفروا ببعض, وفرقوا الكتاب.
وقال آخرون: الـمُقْتَسِمِينَ أهل الكتاب, ولكنهم سموا الـمقتسمين, لأن بعضهم قال استهزاء بـالقرآن: هذه السورة لـي, وقال بعضهم: هذه لـي. ذكر من قال ذلك:
16150ـ حدثنا مـحمد بن الـمثنى, قال: حدثنا مـحمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن سماك, عن عكرمة أنه قال فـي هذه الاَية: الّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ قال: كانوا يستهزءون, يقول هذا: لـي سورة البقرة, ويقول هذا: لـي سورة آل عمران.
وقال آخرون: هم أهل الكتاب, ولكنهم قـيـل لهم: الـمقتسمون لاقتسامهم كتبهم وتفريقهم ذلك بإيـمان بعضهم ببعضها وكفره ببعض, وكفر آخرين بـما آمن به غيرهم وإيـمانهم بـما كفر به الاَخرون. ذكر من قال ذلك:
16151ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا جرير, عن عبد الـملك, عن قـيس, عن مـجاهد: كمَا أنْزَلْنا علـى الـمُقْتَسِمِينَ الّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ قال: هم الـيهود والنصارى, قسموا كتابهم ففرّقوه وجعلوه أعضاء.
16152ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: ثنـي الـحسن قال: حدثنا ورقاء وحدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو حُذيفة, قال: حدثنا شبل جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: كمَا أنْزَلْنا علـى الـمُقْتَسِمِينَ قال: أهل الكتاب فرقوه وبدّلوه.
16153ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد: كمَا أنْزَلْنا علـى الـمُقْتَسِمِينَ قال: أهل الكتاب.
وقال آخرون: عُنِـي بذلك رهط من كفـار قريش بأعيانهم.
16154ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: كمَا أنْزَلْنا عَلَـى الـمُقْتَسِمِينَ الّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ رهط خمسة من قريش, عَضّهُوا كتاب الله.
وقال آخرون: عُنِـيَ بذلك رهط من قوم صالـح الذين تقاسموا علـى تبـيـيت صالـح وأهله. ذكر من قال ذلك:
16155ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: كمَا أنْزَلْنا علـى الـمُقْتَسِمِينَ قال: الذين تقاسموا بصالـح. وقرأ قول الله تعالـى: وكانَ فِـي الـمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِـي الأرْضِ وَلا يُصْلِـحُونَ قال: تقاسموا بـالله حتـى بلغ الاَية.
وقال بعضهم: هم قوم اقتسموا طرق مكة أيام قدوم الـحاجّ علـيهم, كان أهلها بعثوهم فـي عقابها, وتقدموا إلـى بعضهم أن يشيع فـي الناحية التـي توجه إلـيها لـمن سأله عن نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم من القادمين علـيهم, أن يقول: هو مـجنون, وإلـى آخر: إنه شاعر, وإلـى بعضهم: إنه ساحر.
والصواب من
القول فـي ذلك عندي أن يقال: إن الله تعالـى أمر نبـيه صلى الله عليه وسلم أن يُعلـم قومه الذين عضّوا القرآن ففرقوه, أنه نذير لهم من سخط الله تعالـى وعقوبته أن يَحُلّ بهم علـى كفرهم ربهم وتكذيبهم نبـيهم ما حلّ بـالـمقتسمين من قبلهم ومنهم. وجائز أن يكون عنـي بـالـمقتسمين: أهل الكتابـين التوراة والإنـجيـل, لأنهم اقتسموا كتاب الله, فأقرّت الـيهود ببعض التوراة وكذبت ببعضها وكذبت بـالإنـجيـل والفرقان, وأقرّت النصارى ببعض الإنـجيـل وكذّبت ببعضه وبـالفرقان. وجائز أن يكون عُنِـي بذلك: الـمشركون من قريش, لأنهم اقتسموا القرآن, فسماه بعضهم شعرا وبعض كهانة وبعض أساطير الأوّلـين. وجائز أن يكون عُنِـي به الفريقان. ومـمكن أن يكون عُنِـيَ به الـمقتسمون علـى صالـح من قومه.
فإذ لـم يكن فـي التنزيـل دلالة علـى أنه عُنـي به أحد الفرق الثلاثة دون الاَخرين, ولا فـي خبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم, ولا فـي فطرة عقل, وكان ظاهر الاَية مـحتـملاً ما وصفت, وجب أن يكون مقتضيّا بأن كلّ من اقتسم كتابـا لله بتكذيب بعض وتصديق بعض, واقتسم علـى معصية الله مـمن حلّ به عاجل نقمة الله فـي الدار الدنـيا قبل نزول هذه الاَية, فداخـل فـي ذلك لأنهم لأشكالهم من أهل الكفر بـالله كانوا عبرة وللـمتعظين بهم منهم عظَة.
واختلفت أهل التأويـل فـي معنى قوله: الّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ فقال بعضهم: معناه: الذين جعلوا القرآن فِرَقا مفترقة. ذكر من قال ذلك:
16156ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عبد الله, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: الّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ قال: فرقا.
16157ـ حدثنا أبو كريب ويعقوب بن إبراهيـم, قالا: حدثنا هشيـم, قال: أخبرنا أبو بشر, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, قال: جزّءوه فجعلوه أعضاء, فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عمرو بن عون, قال: أخبرنا هشيـم, عن جويبر, عن الضحاك, عن ابن عبـاس, قال: جزّءوه فجعلوه أعضاء كأعضاء الـجزور.
16158ـ حدثنا أحمد بن إسحاق, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا طلـحة, عن عطاء: الّذِينَ جَعَلُوا القُرآنِ عِضِينَ قال: الـمشركون من قريش, عَضّوُا القرآن فجعلوه أجزاء, فقال بعضهم: ساحر, وقال بعضهم: شاعر, وقال بعضهم: مـجنون فذلك العِضُون.
16159ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول: فـي قوله: جَعَلُوا القُرآنَ عَضِينَ: جعلوا كتابهم أعضاء كأعضاء الـجزور, وذلك أنهم تقطعوه زبرا, كل حزب بـما لديهم فرحون, وهو قوله: فَرّقُوا دِينَهُمْ وكانُوا شِيَعا.
16160ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: الّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ عضهوا كتاب الله زعم بعضهم أنه سِحْر, وزعم بعضهم أنه شِعْر, وزعم بعضهم أنه كاهن قال أبو جعفر: هكذا قال كاهن, وإنـما هو كهانة وزعم بعضهم أنه أساطير الأوّلـين.
حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا جرير, عن الأعمش, عن أبـي ظبـيان, عن ابن عبـاس: الّذِينَ جَعَلُوا الْقُرآنَ عِضِينَ قال: آمنوا ببعض, وكفروا ببعض.
16161ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنـي ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: الّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ قال: جعلوه أعضاء كما تُعَضّى الشاة. قال بعضهم: كهَانة, وقال بعضهم: هو سحر, وقال بعضهم: شعر, وقال بعضهم أساطِيرُ الأوّلِـينَ اكْتَتَبَها... الاَية. جعلوه أعضاء كما تُعَضّى الشاة.
فوجه قائلو هذه الـمقالة قوله: عِضِينَ إلـى أن واحدها: عُضْو, وأن عِضِينَ جمعه, وأنه مأخوذ من قولهم عَضّيت الشيء تعضية: إذا فرقته, كما قال رُؤْبة:
(ولـيس دينُ اللّهِ بـالـمُعَضّى )
يعنـي بـالـمفرّق. وكما قال الاَخر:
وعَضّى بَنِـي عَوْفٍ فأمّا عَدُوّهُمْفأرْضَى وأمّا الْعِزّ منهُمُ فغَيّرَا
يعنـي بقوله: «وعَضّى»: سَبّـاهُمْ, وقَطّعاهُمْ بألسنتهما.
وقال آخرون: بل هي جمع عِضَة, جمعت عِضِين كما جمعت البُرَة بُرِين, والعِزِة عِزِين. فإذَا وُجّه ذلك إلـى هذا التأويـل كان أصل الكلام عِضَهَة, ذهبت هاؤها الأصلـية, كما نقصوا الهاء من الشّفَة وأصلها شَفَهَة, ومن الشاة وأصلها شاهة. يدلّ علـى أن ذلك الأصل تصغيرهم الشفة: شُفَـيْهة, والشاة: شُوَيْهة, فـيردّون الهاءَ التـي تسقط فـي غير حال التصغير إلـيها فـي حال التصغير, يقال منه: عَضَهْتُ الرجل أعضَهُه عَضْها: إذا بَهَتّه وقذفته ببُهتان. وكأن تأويـل من تأويـل ذلك كذلك: الذين عَضَهوا القرآن, فقالوا: هو سحْر, أو هو شعر, نـحو القول الذي ذكرناه عن قتادة.
وقد قال جماعة من أهل التأويـل: إنه إنـما عَنَى بـالعَضْه فـي هذا الـموضع, نسبتهم إياه إلـى أنه سِحْر خاصة دون غيره من معانـي الذمّ, كما قال الشاعر:
للـماءِ مِنْ عِضَاتهنّ زَمْزَمهْ
يعنـي: من سِحْرهنّ. ذكر من قال ذلك:
16162ـ حدثنا أحمد بن إسحاق, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا ابن عيـينة, عن عمرو, عن عكرمة: الّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ قال: سحرا.
16163ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: عِضِينَ قال: عَضَهوه وبَهَتُوه.
16164ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة, قال: كان عكرمة يقول: العَضْه: السحر بلسان قريش, تقول للساحرة: إنها العاضهة.
16165ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء وحدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل وحدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الله, عن ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ قال: سِحْرا أعضاء الكتب كلها وقريش, فرقوا القرآن قالوا: هو سحر.
والصواب من القول فـي ذلك أن يقال: إن الله تعالـى ذكره أمر نبـيه صلى الله عليه وسلم أن يُعْلِـم قوما عَضَهُوا القرآن أنه لهم نذير من عقوبة تنزل بهم بِعْضِهِهمْ إياه مثل ما أنزل بـالـمقتسمين, وكان عَضْهُهُم إياه: قذفهموه بـالبـاطل, وقـيـلهم إنه شعر وسحر, وما أشبه ذلك.
وإنـما قلنا إن ذلك أولـى التأويلات به لدلالة ما قبله من ابتداء السورة وما بعده, وذلك قوله: إنّا كَفَـيْناكَ الـمُسْتَهْزِئِينَ علـى صحة ما قلنا, وإنه إنـما عُنِـيَ بقوله: الّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ مشركي قومه. وإذ كان ذلك كذلك, فمعلوم أنه لـم يكن فـي مشركي قومه من يؤمن ببعض القرآن ويكفر ببعض, بل إنـما كان قومه فـي أمره علـى أحد معنـيـين: إما مؤمن بجميعه, وإما كافر بجميعه. وإذ كان ذلك كذلك, فـالصحيح من القول فـي معنى قوله: الّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ قول الذين زعموا أنهم عَضَهوه, فقال بعضهم: هو سحر, وقال بعضهم: هو شعر, وقال بعضهم: هو كهانة وأما أشبه ذلك من القول, أو عَضّوْه ففرقوه, بنـحو ذلك من القول. وإذا كان ذلك معناه احتـمل قوله «عِضِين», أن يكون جمع: عِضة, واحتـمل أن يكون جمع عُضْو, لأن معنى التعضية: التفريق, كما تُعَضى الـجَزُرزِ والشاة, فتفرق أعضاء. والعَضْه: البَهْت ورميه بـالبـاطل من القول فهما متقاربـان فـي الـمعنى
267
265
الآية : 71-73
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {قَالَ هَؤُلاَءِ بَنَاتِي إِن كُنْتُمْ فَاعِلِينَ * لَعَمْرُكَ إِنّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ * فَأَخَذَتْهُمُ الصّيْحَةُ مُشْرِقِينَ }.
يقول تعالـى ذكره: قال لوط لقومه: تزوّجوا النساء فأتوهنّ, ولا تفعلوا ما قد حرم الله علـيكم من إتـيان الرجال, إن كنتـم فـاعلـين ما آمركم به ومنهين إلـى أمري كما:
16051ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: قالَ هَولاءِ بنَاتِـي إنْ كُنْتُـمْ فـاعِلِـينَ: أمرهم نبـيّ الله لوط أن يتزوّجوا النساء, وأراد أن يَقِـيَ أضيافه ببناته.
وقوله: لَعَمْرُكَ يقول تعالـى لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: وحياتك يا مـحمد, إن قومك من قريش لَفِـي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ يقول: لفـي ضلالتهم وجهلهم يتردّدون.
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
16052ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا مسلـم بن إبراهيـم, قال: حدثنا سعيد بن زيد, قال: حدثنا عمرو بن مالك, عن أبـي الـجوّزاء, عن ابن عبـاس, قال: ما خـلق الله وما ذرأ وما نفسا أكرم علـى الله من مـحمد صلى الله عليه وسلم, وما سمعت الله أقسم بحياة أحد غيره, قال الله تعالـى ذكره: لَعَمْرُكَ إنّهُمْ لَفِـي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا يعقوب بن إسحاق الـحضْرمي, قال: حدثنا الـحسين بن أبـي جعفر, قال: حدثنا عمرو بن مالك, عن أبـي الـجوزاء, عن ابن عبـاس, فـي قول الله: لَعَمْرُكَ إنّهُمْ لَفِـي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ قال: ما حلف الله تعالـى بحياة أحد إلا بحياة مـحمد صلى الله عليه وسلم, قال: وحياتك يا مـحمد وعمرك وبقائك فـي الدنـيا إنّهُمْ لَفِـي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ.
16053ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: لَعَمْرُكَ إنّهُمْ لَفِـي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ وهي كلـمة من كلام العرب لفـي سكرتهم: أي فـي ضلالتهم, يعمهون: أي يـلعبون.
16054ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن سفـيان, قال: سألت الأعمش, عن قوله: لَعَمْرُكَ إنّهُمْ لَفِـي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ قال: لفـي غفلتهم يتردّدون.
حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: فِـي سَكْرَتِهِمْ قال: فـي ضلالتهم. يَعْمَهُونَ قال: يـلعبون.
16055ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, قال: قال مـجاهد: يَعْمَهُونَ قال: يتردّدون.
16056ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـي, عن ابن عبـاس, قوله: لَعَمْرُكَ يقول: لعيْشُك. إنّهُمْ لَفِـي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ قال: يتـمادَوْنَ.
16057ـ حدثنـي أبو السائب, قال: حدثنا معاوية, عن الأعمش, عن إبراهيـم, قال: كانوا يكرهون أن يقول الرجل: لعمري, يرونه كقوله: وَحَيَاتِـي.
وقوله: فَأَخَذَتْهُمْ الصّيْحَةُ مُشْرِقِـينَ يقول تعالـى ذكره: فأخذتهم صاعقة العذاب, وهي الصيحة مشرقـين: يقول: إذ أشرقوا, ومعناه: إذ أشرقت الشمس. ونصب «مشرقـين» و «مصبحين» علـى الـحال بـمعنى: إذ أصبحوا, وإذ أشرقوا, يقال منه: صِيح بهم, إذا أهلكوا.
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
16058ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج: فَأخَذَتْهُمُ الصّيْحَةُ مُشْرِقِـينَ قال: حين أشرقت الشمس ذلك مشرقـين.
الآية : 74-75
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مّن سِجّيلٍ * إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لِلْمُتَوَسّمِينَ }.
يقول تعالـى ذكره: فجعلنا عالـي أرضهم سافلَها, وأمطرنا علـيهم حِجارة من سجّيـل. كما:
16059ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, عن عكرمة: وَأمْطَرْنا عَلَـيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجّيـلٍ أي من طين.
وقوله: إنّ فـي ذلكَ لاَياتٍ للْـمُتَوَسّمِينَ يقول: إن فـي الذي فعلنا بقوم لوط من إهلاكهم وأحللنا بهم من العذاب لَعَلامات ودلالات للـمتفرّسين الـمعتبرين بعلامات الله, وعبره علـى عواقب أمور أهل معاصيه والكفر به. وإنـما يعنـي تعالـى ذكره بذلك قوم نبـي الله صلى الله عليه وسلم من قريش يقول: فلِقومك يا مـحمد فـي قوم لوط, وما حلّ بهم من عذاب الله حين كذّبوا رسولهم وتـمادوا فـي غيهم وضلالهم, مُعْتَبَرٌ.
وبنـحو الذي قلنا فـي معنى قوله: للْـمُتَوَسّمِينَ قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
16060ـ حدثنـي عبد الأعلـى بن واصل قال: حدثنا يعلـى بن عبـيد, قال: حدثنا عبد الـملك بن أبـي سلـيـمان, عن قـيس, عن مـجاهد, فـي قوله: إنّ فـي ذلكَ لاَياتٍ للْـمُتَوَسّمِينَ قال: للـمتفرّسين.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن فضيـل, عن عبد الـملك وحدثنا الـحسن الزعفرانـي, قال: ثنـي مـحمد بن عبـيد, قال: ثنـي عبد الـملك, عن قـيس, عن مـجاهد: إنّ فـي ذلكَ لاَياتٍ للْـمُتَوَسّمِينَ قال للـمتفرّسين.
حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء وحدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا شبـابة, قال: حدثنا ورقاء وحدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو حُذيفة, قال: حدثنا شبل وحدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبو أسامة, قال: حدثنا شبل جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, مثله.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد, قال: الـمتوسمين: الـمتفرسين. قال: توسّمت فـيك الـخير نافلة.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن سفـيان, عن عبد الـملك بن أبـي سلـيـمان, عن قـيس, عن مـجاهد: إنّ فـي ذلكَ لاَياتٍ للْـمُتَوَسّمِينَ قال: الـمتفرّسين.
16061ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس: إنّ فـي ذلكَ لاَياتٍ للْـمُتَوَسّمِينَ يقول: للناظرين.
16062ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا مـحمد بن يزيد, عن جويبر, عن الضحاك: للْـمُتَوَسّمِينَ قال للناظرين.
16063ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: إنّ فـي ذلكَ لاَياتٍ للْـمُتَوَسّمِينَ: أي للـمعتبرين.
حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة, قوله: للـمُتَوَسّمينَ قال: للـمعتبرين.
16064ـ حدثنـي مـحمد بن عُمارة, قال: ثنـي حسن بن مالك, قال: حدثنا مـحمد بن كثـير, عن عمرو بن قـيس, عن عطية, عن أبـي سعيد, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتّقُوا فِرَاسَةَ الـمُومِنِ فإنّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللّهِ». ثم قال النبـيّ صلى الله عليه وسلم: «إنّ فـي ذلكَ لاَياتٍ للْـمُتَوَسّمِينَ».
حدثنا أحمد بن مـحمد الطّوسى, قال: حدثنا مـحمد بن كثـير مولـى بنـي هاشم, قال: حدثنا عمرو بن قـيس الـمَلاَئي, عن عطية, عن أبـي سعيد, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, بـمثله.
16065ـ حدثنـي أحمد بن مـحمدالطوسى, قال: حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا الفُرات بن السائب, قال: حدثنا ميـمون بن مهران, عن ابن عمر, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتّقُوا فِرَاسَةَ الـمُوءْمِنِ فإنّ الـمُوءْمِنَ يَنْظُرُ بِنُورِ اللّهِ».
16066ـ حدثنا عبد الأعلـى بن واصل, قال: ثنـي سعيد بن مـحمد الـجَرْميّ, قال: حدثنا عبد الواحد بن واصل, قال: حدثنا أبو بشر الـمزلق, عن ثابت البُنَانـيّ, عن أنس, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنّ لله عِبـادا يَعْرفُونَ النّاسَ بـالتّوَسّمِ».
16067ـ حدثنـي يونس بن عبد الأعلـى, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: إنّ فـي ذلكَ لاَياتٍ للْـمُتَوَسّمِينَ قال: الـمتفكرون والـمعتبرون الذين يتوسمون الأشياء, ويتفكرون فـيها ويعتبرون..
حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ يقول: حدثنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: للْـمُتَوَسّمِينَ يقول: للناظرين.
16068ـ حدثنـي أبو شرحبـيـل الـحِمْصِيّ, قال: حدثنا سلـيـمان بن سلـمة, قال: حدثنا الـمؤمل بن سعيد بن يوسف الرحبـيّ, قال: حدثنا أبو الـمعلّـى أسد بن وداعة الطائي, قال: حدثنا وهب بن منبه, عن طاوس بن كيسان, عن ثوبـان, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احْذَرُوا فِرَاسَةَ الـمُوءْمِنِ فإنّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللّهِ وَيَنْطِقُ بِتَوْفِـيقِ اللّهِ».
الآية : 76-77
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَإِنّهَا لَبِسَبِيلٍ مّقِيمٍ * إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ }.
يقول تعالـى ذكره: وإن هذه الـمدينة, مدينة سَدُوم, لبطريق واضح مقـيـم يراها الـمـجتاز بها لا خفـاء بها, ولا يبرح مكانها, فـيجهل ذو لبّ أمرها, وغبّ معصية الله, والكفر به.
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: 16069ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن نـمير, عن ورقاء وحدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا شبـابة, قال: حدثنا ورقاء وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء وحدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الله, عن ورقاء, وحدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, جميعا عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: وَإنّها لَبِسَبِـيـلِ مُقِـيـمٍ قال: لبطريق معلـم.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد, مثله.
16070ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: وَإنّها لَبِسَبِـيـلِ مُقِـيـمٍ يقول: بطريق واضح.
16071ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد فـي قوله: وَإنّها لَبِسَبِـيـلِ مُقِـيـمٍ قال: طريق السبـيـل: الطريق.
16072ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ يقول: حدثنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: لَبِسَبِـيـلِ مُقِـيـمٍ يقول: بطريق معلـم.
وقوله: إنّ فِـي ذلكَ لاَيَةً للْـمُوءْمِنِـينَ يقول تعالـى ذكره: إن فـي صنـيعنا بقوم لوط ما صنعنا بهم, لعلامة ودلالة بـينة لـمن آمن بـالله علـى انتقامه من أهل الكفر به, وإنقاذه من عذابه, إذا نزل بقوم أهل الإيـمان به منهم. كما:
16073ـ حدثنا مـحمد بن بشار, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا سفـيان, عن سماك, عن سعيد بن جبـير, فـي قوله: إنّ فِـي ذلكَ لاَيَةً قال: هو كالرجل يقول لأهله: علامة ما بـينـي وبـينكم أن أرسل إلـيكم خاتـمي, أو آية كذا وكذا.
16074ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبو أسامة, عن سفـيان, عن سماك, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس: إنّ فِـي ذلكَ لاَيَةً قال: أما ترى الرجل يرسل بخاتـمه إلـى أهله فـيقول: هاتوا كذا وكذا, فإذا رأوه علـموا أنه حقّ.
الآية : 78-79
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الأيْكَةِ لَظَالِمِينَ * فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنّهُمَا لَبِإِمَامٍ مّبِينٍ }.
يقول تعالـى ذكره: وقد كان أصحاب الغَيْضة ظالـمين, يقول: كانوا بـالله كافرين. والأيكة: الشجر الـملتفّ الـمـجتـمع, كما قال أمية:
كَبُكا الـحَمامِ عَلـى فَرُوعِ الأيْكِ فـي الغُصْنِ الـجَوَانِـحْ
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
16075ـ حدثنا إسحاق بن إبراهيـم بن حبـيب بن الشهيد, قال: حدثنا عتاب بن بشير, عن خصيف, قال, قوله: أصحَابُ الأيْكَةِ قال: الشجر, وكانوا يأكلون فـي الصيف الفـاكهة الرطبة, وفـي الشتاء الـيابسة.
16076ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَإنْ كانَ أصحَابُ الأَيْكَةِ لَظالِـمِينَ ذكر لنا أنهم كانوا أهل غيضة. وكان عامّة شجرهم هذا الدّوْم. وكان رسولهم فـيـما بلغنا شُعَيب صلى الله عليه وسلم, أرسل إلـيهم وإلـى أهل مدين, أرسل إلـى أمتـين من الناس, وعُذّبتا بعذابـين شتـى. أما أهل مدين, فأخذتهم الصيحة وأما أصحاب الأيكة, فكانوا أهل شجر متكاوس ذُكر لنا أنه سلّط علـيهم الـحرّ سبعة أيام, لا يظلهم منه ظلّ ولا يـمنعهم منه شيء, فبعث الله علـيهم سحابة, فحَلّوا تـحتها يـلتـمسون الرّوْح فـيها, فجعلها الله علـيهم عذابـا, بعث علـيهم نارا فـاضطرمت علـيهم فأكلتهم. فذلك عذاب يوم الظلّة, إنه كان عذاب يوم عظيـم.
16077ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبـي حماد, قال: حدثنا عمرو بن ثابت, عن أبـيه عن سعيد بن جبـير, قال: أصحاب الأيكة: أصحاب غَيْضَة.
16078ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, قال: قال ابن جريج, قوله: وَإنْ كانَ أصحَابُ الأَيْكَةِ لَظالِـمِينَ قال: قوم شعيب. قال ابن عبـاس: الأيكة ذات آجام وشجر كانوا فـيها.
16079ـ حدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ يقول: حدثنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول: فـي قوله: أصحَابُ الأَيْكَةِ قال: هم قوم شعيب, والأيكة: الغيضة.
16080ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرنا عمرو بن الـحارث, عن سعيد بن أبـي هلال, عن عمرو بن عبد الله, عن قتادة, أنه قال: إن أصحاب الأيكة, والأيكة: الشجر الـملتفّ.
وقوله: فـانْتَقَمْنا مِنْهُمْ وإنّهُما لَبِإمامٍ مُبِـينٍ يقول: تعالـى ذكره: فـانتقمنا من ظلـمة أصحاب الأيكة. وقوله: وإنّهُما لَبِإمامٍ مُبِـينٍ يقول: وإن مدينة أصحاب الأيكة ومدينة قوم لوط. والهاء والـميـم فـي قوله: وإنّهما من ذكر الـمدينتـين. لَبِإمامٍ يقول: لبطريق يأتـمون به فـي سفرهم ويهتدون به. مُبِـينٍ يقول: يبـين لـمن ائتـمّ به استقامته. وإنـما جعل الطريق إماما لأنه يوءَم ويُتّبع.
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
16081ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عبد الله بن صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ بن أبـي طلـحة, عن ابن عبـاس, قوله: وإنّهُما لَبِإمامٍ مُبِـينٍ يقول: علـى الطريق.
حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: فـانْتَقَمْنا مِنْهُمْ وإنّهُما لَبِإمامٍ مُبِـينٍ يقول: طريق ظاهر.
16082ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الله, عن ورقاء وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء وحدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا شبـابة, قال: حدثنا ورقاء, وحدثنـي الـمثنى. قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قوله: وإنّهُما لَبِإمامٍ مُبِـينٍ قال: بطريق معلـم.
16083ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: وإنّهُما لَبِإمامٍ مُبِـينٍ قال: طريق واضح.
حُدثت عن الـحسين قال: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: لَبِإمامٍ مُبِـينٍ بطريق مستبـين.
الآية : 80-81
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَلَقَدْ كَذّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ * وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ }.
يقول تعالـى ذكره: ولقد كذب سكان الـحجر, وجعلوا لسكناهم فـيها ومقامهم بها أصحابها, كما قال تعالـى ذكره: وَنادَى أصحَابُ الـجَنّةِ أصحَابَ النّارِ أنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبّنا حَقّا فجعلهم أصحابها لسُكناهم فـيها ومقامهم بها. والـحجر: مدينة ثمود.
وكان قتادة يقول فـي معنى الـحجر, ما:
16084ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر عن قتادة: أصحاب الـحجر: قال: أصحاب الوادي.
16085ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرنـي يونس, عن ابن شهاب, وهو يذكر الـحِجْر مساكن ثمود قال: قال سالـم بن عبد الله: إن عبد الله بن عمر قال: مررنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم علـى الـحجر, فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تَدْخُـلُوا مَساكِنَ الّذِينَ ظَلَـمُوا أنفسَهُمْ إلاّ أَنْ تَكُونُوا بـاكِينَ حَذَرا أنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أصَابَهُمْ» ثم زجر فأسرع حتـى خـلّفها.
16086ـ حدثنا زكريا بن يحيى بن أبـان الـمصريّ, قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن إسحاق بن أبـي عبـاد الـمكيّ, قال: حدثنا داود بن عبد الرحمن, عن عبد الله بن عثمان بن خثـيـم, عن ابن سابط, عن جابر بن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو بـالـحجر: «هَولاءِ قَوْمُ صَالِـحٍ أهْلَكَهُمْ اللّهُ إلاّ رَجُلاً كانَ فِـي حَرَمِ اللّهِ مَنَعَهُ حَرَمُ اللّهِ مِنْ عَذَابِ اللّهِ» قـيـل: يا رسول الله من هو؟ قال: «أبُو رِغالٍ».
وقوله: وآتَـيْنَاهُمْ آياتِنا فَكانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ يقول: وأريناهم أدلتنا وحججنا علـى حقـيقة ما بعثنا به إلـيهم رسولنا صالـحا, فكانوا عن آياتنا التـي آتـيناهم معرضين لا يعتبرون بها ولا يتعظون.
الآية : 82-84
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً آمِنِينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الصّيْحَةُ مُصْبِحِينَ * فَمَآ أَغْنَىَ عَنْهُمْ مّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: وكان أصحاب الـحجر, وهم ثمود قوم صالـح, ينـحِتون مِنَ الـجبـالِ بُـيُوتا آمِنِـينَ من عذاب الله, وقـيـل: آمنـين من الـخراب أن تـخرب بـيوتهم التـي نـحتوها من الـجبـال, وقـيـل: آمنـين من الـموت. وقوله: فَأَخَذَتْهُمُ الصّيْحَةُ مُصْبِحِينَ يقول: فأخذتهم صيحة الهلاك حين أصبحوا من الـيوم الرابع من الـيوم الذي وُعدوا العذاب, وقـيـل لهم: تَـمتّعوا فـي داركم ثلاثة أيام. وقوله: فَمَا أغْنَى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ يقول: فما دفع عنهم عذاب الله ما كانوا يجترحون من الأعمال الـخبـيثة قبل ذلك.
الآية : 85-86
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَمَا خَلَقْنَا السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاّ بِالْحَقّ وَإِنّ السّاعَةَ لاَتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصّفْحَ الْجَمِيلَ * إِنّ رَبّكَ هُوَ الْخَلاّقُ الْعَلِيمُ }.
يقول تعالـى ذكره: وما خـلقنا الـخلائق كلها, سماءها وأرضَها, ما فـيهما وما بَـيْنَهُما يعنـي بقوله: وَما بَـيْنَهُما مـما فـي أطبـاق ذلك. إلاّ بـالـحَقّ يقول: إلا بـالعدل والإنصاف, لا بـالظلـم والـجَور. وإنـما يعنـي تعالـى ذكره بذلك أنه لـم يظلـم أحدا من الأمـم التـي اقتصّ قَصَصَها فـي هذه السورة وقصص إهلاكه إياها بـما فعل به من تعجيـل النقمة له علـى كفره به, فـيعذّبه ويهلكه بغير استـحقاق لأنه لـم يخـلق السموات والأرض وما بـينهما بـالظلـم والـجور, ولكنه خالق ذلك بـالـحقّ والعدل. وقوله: وإنّ السّاعَةَ لاَتِـيَةٌ فـاصْفَحِ الصّفْحِ الـجَمِيـلَ يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: وإن الساعة, وهي الساعة التـي تقوم فـيها القـيامة لـجائية, فـارض بها لـمشركي قومك الذين كذّبوك وردّوا علـيك ما جئتهم به من الـحقّ. فـاصْفَحِ الصّفْحِ الـجَمِيـلَ يقول: فأعرض عنهم إعراضا جميلاً, واعف عنهم عفوا حسنا. وقوله: إنّ رَبّكَ هُوَ الـخَلاّقُ العَلِـيـمُ يقول تعالـى ذكره: إن ربك هو الذي خـلقهم وخـلق كلّ شيء, وهو عالـم بهم وبتدبـيرهم وما يأتون من الأفعال. وكان جماعة من أهل التأويـل تقول: هذه الاَية منسوخة. ذكر من قال ذلك:
16087ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: فـاصْفَحِ الصّفْحِ الـجَمِيـلَ ثم نسخ ذلك بعد, فأمره الله تعالـى ذكره بقتالهم حتـى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن مـحمدا عبده ورسوله, لا يقبل منهم غيره.
16088ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا سويد بن نصر, قال: أخبرنا ابن الـمبـارك, عن جويبر, عن الضحاك, فـي قوله: فـاصْفَحِ الصّفْحِ الـجَمِيـلَ فـاصفَحْ عَنْهُمُ, وقُلْ سَلامٌ, فَسَوْفَ يَعْلَـمُونَ وأعْرِضْ عَنِ الـمُشْرِكِينَ و قُلْ للذين آمنوا يغفروا للّذِينَ لاَ يَرجُونَ أيّامَ الله وهذا النـحوُ كله فـي القرآن أمر الله به نبـيه صلى الله عليه وسلم أن يكون ذلك منه, حتـى أمره بـالقتال, فنسخ ذلك كله فقال: خُذُوهُمْ واحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلّ مَرْصَدٍ.
16089ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن إسرائيـل, عن جابر, عن مـجاهد: فـاصْفَحِ الصّفْحِ الـجَمِيـلَ قال: هذا قبل القتال.
16090ـ حدثنـي الـمثنى, قال: أخبرنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الله بن الزبـير, عن سفـيان بن عيـينة, فـي قوله: فـاصْفَحِ الصّفْحِ الـجَمِيـلَ. وقوله: وأعْرِضْ عَنِ الـمُشْرِكِينَ قال: كان هذا قبل أن ينزل الـجهاد, فلـما أمر بـالـجهاد قاتلهم فقال: «أنا نَبِـيّ الرّحْمَةِ ونَبِـيّ الـمَلْـحَمَةِ, وبُعِثْتُ بـالـحَصَادِ ولَـمْ أُبْعَثْ بـالزّرَاعَةِ».
الآية : 87
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ }.
اختلف أهل التأويـل فـي معنى السبع الذي أتـى الله نبـيه صلى الله عليه وسلم من الـمثانـي فقال بعضهم عنـي بـالسبع: السبع السور من أوّل القرآن اللواتـي يُعْرفن بـالطول. وقائلو هذه الـمقالة مختلفون فـي الـمثانـي, فكان بعضهم يقول: الـمثانـي هذه السبع, وإنـما سمين بذلك لأنهن ثُنّـيَ فـيهنّ الأمثالُ والـخبرُ والعِبَر. ذكر من قال ذلك:
16091ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن يـمان, عن سفـيان, عن يونس, عن ابن سيرين, عن ابن مسعود فـي قوله: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: السبع الطّولَ.
16092ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن يـمان, عن سفـيان, عن سعيد الـجريريّ, عن رجل, عن ابن عمر قال: السبع الطّوَل.
16093ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن يـمَان, عن سفـيان, عن منصور, عن مـجاهد, عن ابن عبـاس, فـي قوله: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: السبع الطّوَل.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن سفـيان, عن منصور, عن مـجاهد, عن ابن عبـاس, مثله.
16094ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عمرو بن عون, قال: أخبرنا هشيـم, عن الـحجاج, عن الولـيد بن العيزار, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, قال: هنّ السبع الطّوَل, ولـم يُعطَهن أحد إلا النبـيّ صلى الله عليه وسلم, وأُعطيَ موسى منهنّ اثنتـين.
16095ـ حدثنا ابن وكيع, وابن حميد, قالا: حدثنا جرير, عن الأعمش, عن مسلـم البَطين, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, قال: أوتـي النبـيّ صلى الله عليه وسلم سبعا من الـمثانـي الطّوَل, وأوتـي موسى ستّا, فلـما ألقـى الألواح رُفعت اثنتان وبقـيت أربع.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا علـيّ بن عبد الله بن جعفر, قال: حدثنا جرير, عن الأعمش, عن مسلـم البطين, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, مثله.
16096ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا يحيى بن آدم, عن إسرائيـل, عن أبـي إسحاق, عن مسلـم البطين, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, فـي قوله: سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: البقرة, وآل عمران, والنساء, والـمائدة, والأنعام, والأعراف. قال إسرائيـل: وذكر السابعة فنسيتها.
16097ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم, قال: حدثنا هشيـم, عن أبـي بشر, عن سعيد بن جبـير, فـي قوله: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: هي الطّوَل: البقرة, وآل عمران, والنساء, والـمائدة, والأنعام, والأعراف, ويونس.
حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا مـحمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن أبـي بشر, عن سعيد بن جبـير فـي هذه الاَية: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي والقُرآنَ العَظِيـمَ قال: البقرة, وآل عمران, والنساء والـمائدة والأنعام, والأعراف, ويونس, فـيهنّ الفرائض والـحدود.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن شعبة, عن أبـي بشر, عن سعيد بن جبـير, بنـحوه.
16098ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن ابن أبـي خالد, عن خوّات, عن سعيد بن جبـير, قال: السبع الطّوَل.
16099ـ حدثنـي يعقوب, قال: حدثنا هشيـم, قال أبو بشر: أخبرنا عن سعيد بن جبـير, قال: هنّ السبع الطّوَل. قال: وقال مـجاهد: هن السبع الطّول. قال: ويقال: هنّ القرآن العظيـم.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا شبـابة, قال: حدثنا سعيد, عن جعفر, عن سعيد, فـي قوله: سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: البقرة, وآل عمران, والنساء, والـمائدة, والأنعام, والأعراف, ويونس, تُثْنى فـيها الأحكام والفرائض.
حدثنا الـحسن بن مـحمد بن الصبـاح, قال: حدثنا هشيـم, عن أبـي بشر, عن سعيد بن جبـير, قال: هن السبع الطّوَل.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا سعيد بن منصور, قال: حدثنا هشيـم, قال: أخبرنا أبو بشر, عن سعيد بن جبـير, فـي قوله: سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: البقرة, وآل عمران, والنساء, والـمائدة, والأنعام, والأعراف, يونس. قال: قلت: ما الـمثانـي؟ قال: يثنى فـيهنّ القضاء والقَصص.
حدثنا أحمد بن إسحاق, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا إسرائيـل, عن أبـي إسحاق, عن مسلـم البطين, عن سعيد بن جبـير: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: البقرة, وآل عمران, والنساء, والـمائدة, والأنعام, والأعراف, ويونس.
حدثنا أحمد, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا سفـيان عن عبد الله بن عثمان بن خثـيـم, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, قال: السبع الطّوَل.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا أبو خالد القرشي, قال: حدثنا سفـيان, عن عبد الله بن عثمان بن خثـيـم عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, مثله.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا أبو خالد, عن سفـيان, عن أبـي إسحاق, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, مثله.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا سفـيان, عن الأعمش, عن مسلـم البطين, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, مثله.
16100ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن إدريس, قال: سمعت لـيثا, عن مـجاهد, قال: هي السبع الطّوَل.
حدثنا الـحسن بن مـحمد بن عبـيد الله, قال: حدثنا عبد الـملك, عن قـيس, عن مـجاهد, فـي قوله: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: هي السبع الطّوَل.
16101ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قول الله تعالـى: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي والقُرآنَ العَظِيـمَ قال: من القرآن السبع الطّوَل السبع الأُوَل.
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا شبـابة, قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, مثله.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن فضيـل وابن نـمير, عن عبد الـملك, عن قـيس, عن مـجاهد, قال: هنّ السبع الطّوَل.
حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قال: السبع الطّوَل.
16102ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن نـمير, عن سفـيان, عن عبد الله بن عثمان بن خُثَـيـم, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, قال: هي الأمثال وَالـخَبر والعِبَر.
16103ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن نـمير, عن إسماعيـل, عن خوّات, عن سعيد بن جبـير, قال: هي السبع الطّوَل, أعطِيَ موسى ستّا, وأُعطِيَ مـحمد صلى الله عليه وسلم سبعا.
16104ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ, يقول: حدثنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول, فـي قوله: سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي يعنـي السبع الطّوَل.
وقال آخرون: عنـي بذلك: سبع آيات وقالوا: هن آيات فـاتـحة الكتاب, لأنهنّ سبع إيات. وهم أيضا مختلفون فـي معنى الـمثانـي, فقال بعضهم: إنـما سمين مثانـي لأنهن يثنـين فـي كلّ ركعة من الصلاة. ذكر من قال ذلك:
16105ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم, قال: أخبرنا ابن علـية, عن سعيد الـجريري, عن أبـي نضرة, قال: قال رجل منا يقال له جابر أو جويبر: طلبت إلـى عمر حاجة فـي خلافته, فقدمت, الـمدينة لـيلاً, فمثلت بـين أن أتـخذ منزلاً وبـين الـمسجد, فـاخترت الـمسجد منزلاً. فأرقت نشوا من آخر اللـيـل, فإذا إلـى جنبـي رجل يصلـي يقرأ بأمّ الكتاب ثم يسبح قدر السورة ثم يركع ولا يقرأ, فلـم أعرفه حتـى جَهَر, فإذا هو عُمر, فكانت فـي نفسي, فغدوت علـيه فقلت: يا أمير الـمؤمنـين حاجة مع حاجة قال: هات حاجتك قلت إنـي قدِمت لـيلاً فمثلت بـين أن أتـخذ منزلاً وبـين الـمسجد, فـاخترت الـمسجد, فأرقت نَشْوا من آخر اللـيـل, فإذا إلـى جنبـي رجل يقرأ بأمّ الكتاب ثم يسبح قدر السورة ثم يركع ولا يقرأ, فلـم أعرفه حتـى جَهَر, فإذا هو أنت, ولـيس كذلك نفعل قِبَلَنا. قال: وكيف تفعلون؟ قال: يقرأ أحدنا أمّ الكتاب, ثم يفتتـح السورة فـيقرؤها. قال: ما لهم يعلَـمُون ولا يعمَلُون؟ ما لهم يعلَـمُون لا يعمَلُون؟ ما لهم يعلَـمُون ولا يعمَلُون؟ وما تبغي عن السبع الـمثانـي وعن التسبـيح صلاة الـخـلق.
حدثنـي طُلَـيق بن مـحمد الواسطيّ, قال: أخبرنا يزيد, عن الـجريري, عن أبـي نضرة, عن جابر أو جويبر, عن عُمَر بنـحوه, إلا أنه قال: فقال يقرأ القرآن ما تـيسر أحيانا, ويسبح أحيانا, ما لهم رغبة عن فـاتـحة الكتاب, وما يبتغي بعد الـمثانـي وصلاة الـخـلق التسبـيح.
16106ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا يحيى, قال: حدثنا سفـيان, عن السديّ, عن عبد خير, عن علـيّ, قال: السبع الـمثانـي: فـاتـحة الكتاب.
حدثنا نصر بن عبد الرحمن, قال: حدثنا حفص بن عمر, عن الـحسن بن صالـح وسفـيان, عن السديّ, عن عبد خير, عن علـيّ مثله.
حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن يـمان, عن سفـيان, عن السديّ, عن عبد خير, عن علـيّ مثله.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي وحدثنا أحمد بن إسحاق, قال: حدثنا أبو أحمد جميعا, عن سفـيان, عن السديّ, عن عبد خير, عن علـيّ, مثله.
16107ـ حدثنا أبو كريب وابن وكيع, قالا: حدثنا ابن إدريس, قال: حدثنا هشام, عن ابن سيرين, قال: سئل ابن مسعود عن سبع من الـمثانـي, قال: فـاتـحة الكتاب. قال: وقال ابن سيرين عن ابن مسعود: هي فـاتـحة الكتاب.
16108ـ حدثنـي يعقوب, قال: حدثنا ابن عُلَـية, قال: أخبرنا يونس, عن الـحسن, فـي قوله: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: فـاتـحة الكتاب.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عمرو بن عون, قال: أخبرنا هشيـم, عن يونس, عن ابن سيرين, عن ابن مسعود: سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: فـاتـحة الكتاب.
16109ـ حدثنـي سعيد بن يحيى الأُمَويّ, قال: ثنـي أبـي, قال: حدثنا ابن جريج, قال: أخبرنا أبـي, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, أنه قال فـي قول الله تعالـى: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: هي فـاتـحة الكتاب. فقرأها علـيّ ستّا, ثم قال: بسم الله الرحمن الرحيـم الاَية السابعة. قال سعيد: وقرأها ابن عبـاس علـيّ كما قرأها علـيك, ثم قال الاَية السابعة: بسم الله الرحمن الرحيـم, فقال ابن عبـاس: قد أخرجها الله لكم وما أخرجها لأحد قبلكم.
16110ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرنـي ابن جريج, أن أبـاه حدّثه, عن سعيد بن جبـير, قال: قال لـي ابن عبـاس: فـاستفتـح ببسم الله الرحمن الرحيـم ثم قرأ فـاتـحة الكتاب, ثم قال: تدري ما هذا؟ وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي.
16111ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي يقول: السبع: الـحمد لله رب العالـمين, والقرآن العظيـم. ويقال: هنّ السبع الطول, وهن الـمئون.
16112ـ حدثنا أحمد, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا سفـيان, عن ابن جريج, عن أبـيه, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, قال: فـاتـحة الكتاب.
16113ـ حدثنـي عمران بن موسى القزاز, قال: حدثنا عبد الوارث, قال: حدثنا إسحاق, بن سويد, عن يحيى بن يعمر وعن أبـي فـاختة فـي هذه الاَية: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي والقُرآن العَظِيـمَ قالا: هي أمّ الكتاب.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا وهب بن جرير, قال: حدثنا شعبة, عن السدي عمن سمع علـيّا يقول: الـحمد لله ربّ العالـمين, هي السبع الـمثانـي.
16114ـ حدثنا أبو الـمثنى, قال: حدثنا مـحمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, قال: سمعت العلاء بن عبد الرحمن, يحدّث عن أبـيه, عن أبـيّ بن كعب, أنه قال: السبع الـمثانـي: الـحمد لله رب العالـمين.
16115ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن يـمان, عن أبـي جعفر الرازي, عن الربـيع, عن أبـي العالـية, فـي قول الله تعالـى: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: فـاتـحة الكتاب سبع آيات. قلت للربـيع: إنهم يقولون: السبع الطول. فقال: لقد أنزلت هذه وما أنزل من الطّول شيء.
16116ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن أبـي جعفر الرازيّ, عن الربـيع بن أنس, عن أبـي العالـية, قال: فـاتـحة الكتاب. قال: وإنـما سميت الـمثانـي لأنه يثنى بها كلـما قرأ القرآن قرأها. فقـيـل لأبـي العالـية: إن الضحاك بن مزاحم يقول: هي السبع الطّوَل. فقال: لقد نزلت هذه السورة سبعا من الـمثانـي وما أنزل شيء من الطّوَل.
16117ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن يـمان, قال: حدثنا سفـيان, عن أبـيه, عن سعيد بن جبـير, قال: فـاتـحة الكتاب.
حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن يـمان وحدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي جميعا, عن سفـيان, عن الـحسن بن عبـيد الله, عن إبراهيـم, قال: فـاتـحة الكتاب.
حدثنا أحمد بن إسحاق, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا سفـيان, عن الـحسن بن عبـيد الله, عن إبراهيـم مثله.
16118ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن يـمان وحدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي وحدثنا أحمد بن إسحاق, قال: حدثنا أبو أحمد جميعا, عن هارون بن أبـي إبراهيـم البربري, عن عبد الله بن عبـيد بن عمير, قال: السبع من الـمثانـي: فـاتـحة الكتاب.
16119ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن يـمان, عن ابن جريج, عن أبـي ملـيكة: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: فـاتـحة الكتاب. قال: وذكر فـاتـحة الكتاب لنبـيكم صلى الله عليه وسلم لـم تذكر لنبـيّ قبله.
16120ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن إدريس, عن لـيث, عن شهر بن حوشب, فـي قوله: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: فـاتـحة الكتاب.
16121ـ حدثنـي مـحمد بن أبـي خداش, قال: حدثنا مـحمد بن عبـيد, قال: حدثنا هارون البربري, عن عبد الله بن عبـيد بن عمير اللـيثـي فـي قول الله تعالـى: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: هي الـحمد لله ربّ العالـمين.
16122ـ حدثنـي يعقوب, قال: حدثنا ابن علـية, عن أبـي رجاء, قال: سألت الـحسن, عن قوله تعالـى: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي والقُرآنَ العَظيـمَ قال: هي فـاتـحة الكتاب. ثم سئل عنها وأنا أسمع, فقرأها: الـحمد لله ربّ العالـمين, حتـى أتـى علـى آخرها, فقال: تثنى فـي كلّ قراءة.
16123ـ حدثنا أحمد, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا إسرائيـل, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قال: فـاتـحة الكتاب.
حدثنا أحمد, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا شريك, عن لـيث, عن مـجاهد, قال: فـاتـحة الكتاب.
16124ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي والقُرآن العَظِيـمَ ذكر لنا أنهنّ فـاتـحة الكتاب, وأنهن يثنـين فـي كلّ قراءة.
حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: فـاتـحة الكتاب تُثْنَى فـي كلّ ركعة مكتوبة وتطوّع.
16125ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: حدثنا حماد بن زيد وحجاج, عن ابن جريج, قال: أخبرنـي أبـي عن سعيد بن جبـير, أنه أخبره أنه سأل ابن عبـاس عن السبع الـمثانـي, فقال: أمّ القرآن. قال: سعيد: ثم قرأها, وقرأ منها: بسم الله الرحمن الرحيـم. قال: أبـي: قرأها سعيد كما قرأها ابن عبـاس, وقرأ فـيها بسم الله الرحمن الرحيـم. قال سعيد: قلت لابن عبـاس: فما الـمثانـي؟ قال: هي أم القرآن, استثناها الله لـمـحمد صلى الله عليه وسلم, فرفعها فـي أمّ الكتاب, فذخرها لهم حتـى خرجها لهم, ولـم يعطها لأحد قبله. قال: قلت: لأبـي: أخبرك سعيد أن ابن عبـاس قال له: «بسم الله الرحمن الرحيـم» آية من القرآن؟ قال: نعم. قال ابن جريج: قال عطاء: فـاتـحة الكتاب, وهي سبع بسم الله الرحمن الرحيـم, والـمثانـي: القرآن.
16126ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبـي نـجيح, عن عطاء, أنه قال: السبع الـمثانـي: أمّ القرآن.
16127ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا يحيى بن واضح, قال: حدثنا عبد الله العتكي, عن خالد الـحنفـي قاضي مرو فـي قوله: وَلَقَد آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: فـاتـحة الكتاب.
وقال آخرون: عُنـي بـالسبع الـمثانـي معانـي القرآن. ذكر من قال ذلك:
16128ـ حدثنـي إسحاق بن إبراهيـم بن حبـيب الشهيد الشهيديّ, قال: حدثنا عتاب بن بشير, عن خصيف, عن زياد بن أبـي مريـم, فـي قوله: سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي قال: أعطيتك سبعة أجزاء: مُرْ, وانْهَ, وبَشّرْ, وانذِرْ, واضرب الأمثال, واعدُدِ النعم, وآتـيتك نبأ القرآن.
وقال آخرون من الذين قالوا عُنِـي بـالسبع الـمثانـي فـاتـحة الكتاب: الـمثانـي هو القرآن العظيـم. ذكر من قال ذلك:
16129ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عمران بن عيـينة, عن حصين, عن أبـي مالك, قال: القرآن كله مثانـي.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن سفـيان, عن حصين, عن أبـي مالك, قال: القرآن كُلّه مثانـي.
16130ـ حدثنا أحمد بن إسحاق, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا عبـيد أبو زيد, عن حصين, عن أبـي مالك, قال: القرآن مثانـي. وعدّ البقرة, وآل عمران, والنساء, والـمائدة, والأنعام, والأعراف, وبراءة.
16131ـ حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن ابن جريج, عن مـجاهد, وعن ابن طاوس, عن أبـيه, قال: القرآن كله يُثْنَى.
16132ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قال: الـمثانـي: ما ثنى من القرآن, ألـم تسمع لقول الله تعالـى ذكره: الله نَزّلَ أحْسَنَ الـحَدِيثِ كِتابـا مُتَشابِها مَثانـي؟.
16133ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ يقول: حدثنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول: الـمثانـي: القرآن, يذكر الله القصة الواحدة مرارا, وهو قوله: نَزّلَ أحْسَنَ الـحَدِيثِ كِتابـا مُتَشابِها مَثانِـيَ.
وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب, قول من قال: عُنـي بـالسبع الـمثانـي السبع اللواتـي هنّ آيات أم الكتاب, لصحة الـخبر بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي:
16134ـ حدّثنـيه يزيد بن مخـلد بن خِدَاش الواسطي, قال: حدثنا خالد بن عبد الله, عن عبد الرحمن بن إسحاق, عن العلاء, عن أبـيه, عن أبـي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمّ القُرآنِ السّبْعُ الـمَثانِـي الّتِـي أُعْطِيتُها».
16135ـ حدثنـي أحمد بن الـمقدام العجلـي, قال: حدثنا يزيد بن زريع, قال: حدثنا روح بن القاسم, عن أبـيه, عن أبـي هريرة, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأُبـيّ: «إنّـي أُحِبّ أنْ أعُلّـمَكَ سُورةً لَـمْ يَنْزِلْ فِـي التّوْرَاةِ وَلا فِـي الإنْـجِيـلِ وَلا فِـي الزّبُورِ وَلا فِـي الفُرْقانِ مِثْلُها». قال: نعم يا رسول الله, قال: «إنّى لاَءَرْجُو أنْ لا تـخْرُج مِنْ هَذَا البـابِ حتـى تَعْلَـمَها». ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بـيدي يحدثنـي, فجعلت أتبـاطأ مخافة أن يبلغ البـابَ قبل أن ينقضي الـحديث فلـما دنوت قلت: يا رسول الله ما السورة التـي وعدتنـي؟ قال: «ما تَقرأُ فـي الصّلاةِ؟» فقرأت علـيه أمّ القرآن, فقال: «والّذِي نَفْسِي بِـيَدِهِ ما أُنْزِل فـي التّوْراةِ ولا فـي الإنْـجِيـلِ ولا فـي الزّبُورِ ولا فـي الفُرْقانِ مِثْلُها, إنّها السّبْعُ مِن الـمَثانـي والقُرآنِ العَظِيـمِ الّذِي أُعْطِيتُهُ».
16136ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا زيد بن حبـاب العكلـي, قال: حدثنا مالك بن أنـيس, قال: أخبرنـي العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب مولـى لعروة, عن أبـي سعيد مولـى عامر بن فلان, أو ابن فلان, عن أبـيّ بن كعب, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: «إذا افْتَتَـحْت الصّلاةَ بِـم تَفْتَتِـحُ؟» قال: الـحمد لله ربّ العالـمين, حتـى ختـمها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هِي السّبْعُ الـمَثانـي والقُرآنُ العَظِيـمُ الّذِي أُعْطِيتُ».
حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا أبو أسامة, عن عبد الـحميد بن جعفر, عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب, عن أبـيه, عن أبـي هريرة, عن أبـيّ, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أُعَلّـمُك سُورةً ما أُنْزِل فـي التّوْراةِ ولا فـي الإنْـجِيـلِ وَلاَ فـي الزّبُورِ ولا فـي الفُرْقانِ مِثْلُها؟» قلت: بلـى. قال: «إنّى لاَءَرْجُو أنْ لا تَـخْرُجَ مِنْ ذَلِكَ البـابِ حتـى تَعْلَـمُها». فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقمت معه, فجعل يحدثنـي ويده فـي يدي, فجعلت أتبـاطأ كراهية أن يخرج قبل أن يخبرنـي بها فلـما قرب من البـاب قلت: يا رسول الله السورة التـي وعدتنـي قال: «كَيْفَ تَقْرأُ إذَا افْتَتَـحْتَ الصّلاةَ؟» قال: فقرأ فـاتـحة الكتاب. قال: «هِيَ هِيَ, وَهِيَ السّبْعُ الـمَثانِـي الّتِـي قالَ اللّهُ تَعالـى: وَلَقَدْ آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي والقُرآنَ العَظِيـمَ الّذِي أُوتِـيتُ».
16137ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا الـمـحاربـيّ, عن إبراهيـم بن الفضل الـمدنـيّ, عن سعيد الـمقبري, عن أبـي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الرّكْعَتانِ اللّتانِ لا يُقْرأُ فِـيهِما كالـخِدَاجِ لَـمْ يَتِـمّا». قال رجل: أرأيت إن لـم يكن معي إلاّ أمّ القرآن؟ قال: «هي حسبك هِيَ أُمّ القُرآنِ, هِيَ السّبْعُ الـمَثانِـي».
حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن نـمير, عن إبراهيـم بن الفضل, عن الـمقبري, عن أبـي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الرّكْعةُ الّتِـي لا يُقْرأُ فِـيها كالـخِدَاجِ» قلت لأبـي هريرة: فإن لـم يكن معي إلاّ أمّ القرآن؟ قال: هي حسبك, هي أمّ الكتاب, وأمّ القرآن, والسبع الـمثانـي.
16138ـ حدثنـي أبو كريب, قال: حدثنا خالد بن مخـلد, عن مـحمد بن جعفر, عن العلاء بن عبد الرحمن, عن أبـيه, عن أبـي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَالّذِي نَفْسِي بِـيَدِهِ, ما أنْزَلَ اللّهُ فِـي التّوْرَاةِ وَلا فِـي الإنْـجِيـلِ وَلا فِـي الزّبُورِ وَلا فِـي الفُرْقانِ مِثْلَها» يعنـي أمّ القرآن «وإنّها لَهِيَ السّبْعُ الـمَثانِـي الّتِـي آتانِـي اللّهُ تَعالـى».
حدثنـي يونس بن عبد الأعلـى, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرنـي ابن أبـي ذئب, عن سعيد الـمقبري, عن أبـي هريرة, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال: «هِيَ أُمّ القُرآنِ, وهِي فـاتـحَةُ الكِتابِ, وهِي السّبْعُ الـمَثانـي».
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا يزيد بن هارون وشبـابة, قالا: أخبرنا ابن أبـي ذئب, عن الـمقبريّ, عن أبـي هريرة, عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم فـي فـاتـحة الكتاب قال: «هِي فـاتِـحَةُ الكِتابِ وهِي السّبْعُ الـمَثانـي والقُرآنُ العَظِيـمُ».
حدثنا الـحسن بن مـحمد, قال: حدثنا عفـان, قال: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيـم, قال: حدثنا العلاء, عن أبـيه, عن أبـي هريرة, قال: مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم علـى أبـيّ بن كعب فقال: «أتُـحِبّ أنْ أُعَلّـمَكَ سُورةً لَـمْ يَنْزِلْ فـي التّوْراةِ ولا فـي الإنْـجِيـلِ ولا فـي الزّبُورِ ولا فـي الفُرْقانِ مِثْلُها؟» قلت: نعم يا رسول الله, قال: «فَكَيْف تَقْرأُ فـي الصّلاةِ؟» فقرأت علـيه أمّ الكتاب, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والّذِي نَفْسِي بِـيَدِهِ ما أُنْزِلَتْ سُورةٌ فِـي التّوْرَاةِ وَلا فِـي الإنْـجِيـلِ وَلا فِـي الزّبُورِ وَلا فِـي الفُرْقانِ مِثْلُها, وإنّها السّبْعُ الـمَثانِـي والقُرآنُ العَظِيـمُ».
16139ـ حدثنا ابن الـمثنى, قال: حدثنا وهب بن جرير, قال: حدثنا سعيد بن حبـيب, عن حفص بن عاصم, عن أبـي سعيد بن الـمعلـى, أن النبـيّ صلى الله عليه وسلم دعاه وهو يصلـي, فصلـى, ثم أتاه فقال: «ما مَنَعَكَ أنْ تُـجِيبَنِـي؟» قال: إنـي كنت أصلـي, قال: «ألَـمْ يَقُلِ اللّهُ: يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا اسْتَـجِيبُوا لِلّهِ وللرّسُولِ إذَا دَعاكُمْ لِـمَا يُحْيِـيكُمْ؟» قال: ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لاَعَلّـمَنّكَ أعْظَمَ سُورَةٍ فِـي القُرآنِ» فكأنه بـينها أو نسي. فقلت: يا رسول الله الذي قلت؟ قال: «الـحَمْدُ لِلّهِ رَبّ العالَـمِينَ هِيَ السّبْعُ الـمَثانِـي والقرآنُ العَظِيـمُ الّذِي أُوتِـيتُهُ».
فإذ كان الصحيح من التأويـل فـي ذلك ما قلنا للذي به استشهدنا, فـالواجب أن تكون الـمثانـي مرادا بها القرآن كله, فـيكون معنى الكلام: ولقد آتـيناك سبع آيات مـما يَثْنـيِ بعض آيه بعضا. وإذا كان ذلك كذلك كانت الـمثانـي: جمع مَثْناة, وتكون آي القرآن موصوفة بذلك, لأن بعضها يَثْنِـي بعضا وبعضها يتلو بعضا بفصول تفصل بـينها, فـيعرف انقضاء الاَية وابتداء التـي تلـيها كما وصفها به تعالـى ذكره فقال: اللّهُ نَزّلَ أحْسَنَ الـحَدِيثِ كِتَابـا مُتَشابِها مَثانِـيَ تَقْشَعِرّ مِنْهُ جُلُودُ الّذِينَ يَخْشَوْن رَبّهُمْ. وقد يجوز أن يكون معناها كما قال ابن عبـاس والضحاك ومن قال ذلك إن القرآن إنـما قـيـل له مَثَانى لأن القصص والأخبـار كرّرت فـيه مرّة بعد أخرى. وقد ذكرنا قول الـحسن البصريّ أنها إنـما سميت مَثانى لأنها تُثْنَى فـي كلّ قراءة, وقول ابن عبـاس إنها إنـما سميت مثانى, لأن الله تعالـى ذكره استثناها لـمـحمد صلى الله عليه وسلم دون سائر الأنبـياء غيره فـادّخرها له.
وكان بعض أهل العربـية يزعم أنها سمت مَثَانِـيَ لأن فـيها الرحمن الرحيـم مرّتـين, وأنها تُثْنَى فـي كلّ سورة, يعنـي: بسم الله الرحمن الرحيـم.
وأما القول الذي اخترناه فـي تأويـل ذلك, فهو أحد أقوال ابن عبـاس, وهو قول طاوس ومـجاهد وأبـي مالك, وقد ذكرنا ذلك قبل.
وأما قوله: والقُرآنَ العَظِيـمَ فإن القرآن معطوف علـى السبع, بـمعنى: ولقد آتـيناك سبع آيات من القرآن وغير ذلك من سائر القرآن. كما:
16140ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قوله: والقُرآنَ العَظِيـمَ قال: سائره: يعنـي سائر القرآن مع السبع من الـمثانـي.
16141ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ يقول: حدثنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: والقُرآنَ العَظِيـمَ يعنـي: الكتاب كله.
الآية : 88
القول فـي تأويـل قوله تعالـى {لاَ تَمُدّنّ عَيْنَيْكَ إِلَىَ مَا مَتّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ }.
يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: لا تتـمنـينّ يا مـحمد ما جعلنا من زينة هذه الدنـيا متاعا للأغنـياء من قومك الذين لا يؤمنون بـالله والـيوم الاَخر, يتـمتعون فـيها, فإن مِنْ ورائهم عذابـا غلـيظا. وَلا تَـحْزَنْ عَلَـيْهِمْ يقول: ولا تـحزن علـى ما مُتّعوا به فعجّل لهم, فإن لك فـي الاَخرة ما هو خير منه, مع الذي قد عَجّلنا لك فـي الدنـيا من الكرامة بإعطائنا السبع الـمثانـي والقرآن العظيـم يقال منه: مَدّ فلانٌ عينه إلـى مال فلان: إذا اشتهاه وتـمناه وأراده.
وذُكر عن ابن عيـينة أنه كان يتأوّل هذه الاَية قولَ النبـيّ صلى الله عليه وسلم: «لَـيْسَ مِنّا مَنْ لَـمْ يَتَغَنّ بـالقُرآنِ»: أي من لـم يستغن به, ويقول: ألا تَرَاهُ يَقُولُ: وَلَقَدْ آتَـيْناكَ سَبْعا مِنَ الـمَثانِـي والقُرآنَ العَظِيـمَ لا تَـمُدّنّ عَيْنَـيْكَ إلـى ما مَتّعْنا بِهِ أزْوَاجا مِنْهُمْ؟ فأمره بـالاستغناء بـالقرآن عن الـمال. قال: ومنه قول الاَخر: من أوتـي القرآن فرأى أن أحدا أعطي أفضل مـما أعطي فقد عظّم صغيرا وصغّر عظيـما.
وبنـحو الذي قلنا فـي قوله: أزْوَاجا قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
16142ـ حدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال حدثنا ورقاء وحدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: لا تَـمُدّنّ عَيْنَـيْكَ إلـى ما مَتّعْنا بِهِ أزْوَاجا مِنْهُمْ: الأغنـياء, الأمثال, الأشبـاه.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد, مثله.
16143ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس قوله: لا تَـمُدّنّ عَيْنَـيْكَ إلـى ما مَتّعْنا بِهِ أزْوَاجا مِنْهُمْ قال: نُهِيَ الرجل أن يتـمنى مال صاحبه.
وقوله: وَاخْفِضْ جَناحَكَ للْـمُؤْمِنِـينَ يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: وألِن لـمن أمن بك واتبعك واتبع كلامك, وقرّبهم منك, ولا تَـجْفُ بهم, ولا تَغْلُظ علـيهم. يأمره تعالـى ذكره بـالرفق بـالـمؤمنـين. والـجناحان من بنـي آدم: جنبـاه, والـجناحان: الناحيتان, ومنه قول الله تعالـى ذكره: وَاضْمُـمْ يَدَكَ إلـى جنَاحِكَ قـيـل: معناه: إلـى ناحيتك وجنبك.
الآية : 89-91
القول فـي تأويـل قوله تعالـى {وَقُلْ إِنّيَ أَنَا النّذِيرُ الْمُبِينُ * كَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ * الّذِينَ جَعَلُواْ الْقُرْآنَ عِضِينَ }.
يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: وقل يا مـحمد للـمشركين إنـي أنا النذير الذي قد أبـان إنذاره لكم من البلاء والعقاب أن ينزل بكم من الله علـى تـماديكم فـي غيكم كما أَنْزَلْنَا علـى الـمُقْتَسِمِينَ يقول: مثل الذي أنزل الله تعالـى من البلاء والعقاب علـى الذين اقتسموا القرآن, فجعلوه عِضِين.
ثم اختلف أهل التأويـل فـي الذين عُنُوا بقوله: الـمُقْتَسِمِينَ, فقال بعضهم: عنـي به. الـيهود والنصارى, وقال: كان اقتسامهم أنهم اقتسموا القرآن وعضّوه, فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه. ذكر من قال ذلك:
16144ـ حدثنـي عيسى بن عثمان الرملـي, قال: حدثنا يحيى بن عيسى, عن الأعمش, عن أبـي ظَبْـيان, عن ابن عبـاس, فـي قوله الله: كمَا أنْزَلْنا علـى الـمُقْتَسِمِينَ الّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ قال: هم الـيهود والنصارى, آمنوا ببعض وكفروا ببعض.
حدثنا أبو كريب ويعقوب بن إبراهيـم, قالا: حدثنا هشيـم, قال: أخبرنا أبو بشر, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, فـي قوله: كمَا أنْزَلْنا علـى الـمُقْتَسِمينَ الّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ قال: هم أهل الكتاب, جزّءوه فجعلوه أعضاء أعضاء, فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه.
حدثنا مـحمد بن بشار, قال: حدثنا مؤمل, قال: حدثنا سفـيان, عن الأعمش, عن أبـي ظبـيان, عن ابن عبـاس, فـي قوله: كمَا أنْزَلْنا علـى الـمُقْتَسِمِينَ الّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ قال: الذين آمنوا ببعض, وكفروا ببعض.
حدثنا ابن الـمثنى, قال: حدثنا ابن أبـي عديّ, عن شعبة, عن سلـيـمان, عن أبـي ظبـيان, عن ابن عبـاس, قال: الـمُقْتَسِمِينَ أهل الكتاب. الّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ قال: يؤمنون ببعض, ويكفرون ببعض.
16145ـ حدثنـي مطر بن مـحمد الضّبّـيّ, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا شعبة, قال: حدثنا أبو بشر, عن سعيد بن جبـير, أنه قال فـي قوله: كمَا أنْزَلْنا علـى الـمُقْتَسِمِينَ قال: هم أهل الكتاب.
16146ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا مـحمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن أبـي بشر, عن سعيد بن جبـير أنه قال فـي هذه الاَية: كمَا أنْزَلْنا علـى الـمُقْتَسِمِينَ الّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ قال: هم أهل الكتاب, آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عمرو بن عون, قال: حدثنا هشيـم, قال: أخبرنا أبو بشر, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, فـي قوله: الّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ قال: هم أهل الكتاب جزّءوه فجعلوه أعضاء, فأمنوا ببعضه وكفروا ببعضه.
16147ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عمرو بن عون, قال: أخبرنا هشيـم, عن جويبر, عن الضحاك, عن ابن عبـاس, قال: جزّءوه فجعلوه أعضاء كأعضاء الـجزور.
16148ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عمرو بن عون, قال: أخبرنا هشيـم, عن منصور, عن الـحسن, قال: هم أهل الكتاب.
حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: كمَا أنْزَلْنا علـى الـمُقْتَسِمِينَ قال: هم الـيهود والنصارى من أهل الكتاب, قسموا الكتاب فجعلوه أعضاء, يقول: أحزابـا, فآمنوا ببعض وكفروا ببعض.
16149ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, قال: قال ابن عبـاس: الـمُقْتَسِمِينَ آمنوا ببعض, وكفروا ببعض, وفرقوا الكتاب.
وقال آخرون: الـمُقْتَسِمِينَ أهل الكتاب, ولكنهم سموا الـمقتسمين, لأن بعضهم قال استهزاء بـالقرآن: هذه السورة لـي, وقال بعضهم: هذه لـي. ذكر من قال ذلك:
16150ـ حدثنا مـحمد بن الـمثنى, قال: حدثنا مـحمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن سماك, عن عكرمة أنه قال فـي هذه الاَية: الّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ قال: كانوا يستهزءون, يقول هذا: لـي سورة البقرة, ويقول هذا: لـي سورة آل عمران.
وقال آخرون: هم أهل الكتاب, ولكنهم قـيـل لهم: الـمقتسمون لاقتسامهم كتبهم وتفريقهم ذلك بإيـمان بعضهم ببعضها وكفره ببعض, وكفر آخرين بـما آمن به غيرهم وإيـمانهم بـما كفر به الاَخرون. ذكر من قال ذلك:
16151ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا جرير, عن عبد الـملك, عن قـيس, عن مـجاهد: كمَا أنْزَلْنا علـى الـمُقْتَسِمِينَ الّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ قال: هم الـيهود والنصارى, قسموا كتابهم ففرّقوه وجعلوه أعضاء.
16152ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: ثنـي الـحسن قال: حدثنا ورقاء وحدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو حُذيفة, قال: حدثنا شبل جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: كمَا أنْزَلْنا علـى الـمُقْتَسِمِينَ قال: أهل الكتاب فرقوه وبدّلوه.
16153ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد: كمَا أنْزَلْنا علـى الـمُقْتَسِمِينَ قال: أهل الكتاب.
وقال آخرون: عُنِـي بذلك رهط من كفـار قريش بأعيانهم.
16154ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: كمَا أنْزَلْنا عَلَـى الـمُقْتَسِمِينَ الّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ رهط خمسة من قريش, عَضّهُوا كتاب الله.
وقال آخرون: عُنِـيَ بذلك رهط من قوم صالـح الذين تقاسموا علـى تبـيـيت صالـح وأهله. ذكر من قال ذلك:
16155ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: كمَا أنْزَلْنا علـى الـمُقْتَسِمِينَ قال: الذين تقاسموا بصالـح. وقرأ قول الله تعالـى: وكانَ فِـي الـمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِـي الأرْضِ وَلا يُصْلِـحُونَ قال: تقاسموا بـالله حتـى بلغ الاَية.
وقال بعضهم: هم قوم اقتسموا طرق مكة أيام قدوم الـحاجّ علـيهم, كان أهلها بعثوهم فـي عقابها, وتقدموا إلـى بعضهم أن يشيع فـي الناحية التـي توجه إلـيها لـمن سأله عن نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم من القادمين علـيهم, أن يقول: هو مـجنون, وإلـى آخر: إنه شاعر, وإلـى بعضهم: إنه ساحر.
والصواب من
القول فـي ذلك عندي أن يقال: إن الله تعالـى أمر نبـيه صلى الله عليه وسلم أن يُعلـم قومه الذين عضّوا القرآن ففرقوه, أنه نذير لهم من سخط الله تعالـى وعقوبته أن يَحُلّ بهم علـى كفرهم ربهم وتكذيبهم نبـيهم ما حلّ بـالـمقتسمين من قبلهم ومنهم. وجائز أن يكون عنـي بـالـمقتسمين: أهل الكتابـين التوراة والإنـجيـل, لأنهم اقتسموا كتاب الله, فأقرّت الـيهود ببعض التوراة وكذبت ببعضها وكذبت بـالإنـجيـل والفرقان, وأقرّت النصارى ببعض الإنـجيـل وكذّبت ببعضه وبـالفرقان. وجائز أن يكون عُنِـي بذلك: الـمشركون من قريش, لأنهم اقتسموا القرآن, فسماه بعضهم شعرا وبعض كهانة وبعض أساطير الأوّلـين. وجائز أن يكون عُنِـي به الفريقان. ومـمكن أن يكون عُنِـيَ به الـمقتسمون علـى صالـح من قومه.
فإذ لـم يكن فـي التنزيـل دلالة علـى أنه عُنـي به أحد الفرق الثلاثة دون الاَخرين, ولا فـي خبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم, ولا فـي فطرة عقل, وكان ظاهر الاَية مـحتـملاً ما وصفت, وجب أن يكون مقتضيّا بأن كلّ من اقتسم كتابـا لله بتكذيب بعض وتصديق بعض, واقتسم علـى معصية الله مـمن حلّ به عاجل نقمة الله فـي الدار الدنـيا قبل نزول هذه الاَية, فداخـل فـي ذلك لأنهم لأشكالهم من أهل الكفر بـالله كانوا عبرة وللـمتعظين بهم منهم عظَة.
واختلفت أهل التأويـل فـي معنى قوله: الّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ فقال بعضهم: معناه: الذين جعلوا القرآن فِرَقا مفترقة. ذكر من قال ذلك:
16156ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عبد الله, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: الّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ قال: فرقا.
16157ـ حدثنا أبو كريب ويعقوب بن إبراهيـم, قالا: حدثنا هشيـم, قال: أخبرنا أبو بشر, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, قال: جزّءوه فجعلوه أعضاء, فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عمرو بن عون, قال: أخبرنا هشيـم, عن جويبر, عن الضحاك, عن ابن عبـاس, قال: جزّءوه فجعلوه أعضاء كأعضاء الـجزور.
16158ـ حدثنا أحمد بن إسحاق, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا طلـحة, عن عطاء: الّذِينَ جَعَلُوا القُرآنِ عِضِينَ قال: الـمشركون من قريش, عَضّوُا القرآن فجعلوه أجزاء, فقال بعضهم: ساحر, وقال بعضهم: شاعر, وقال بعضهم: مـجنون فذلك العِضُون.
16159ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول: فـي قوله: جَعَلُوا القُرآنَ عَضِينَ: جعلوا كتابهم أعضاء كأعضاء الـجزور, وذلك أنهم تقطعوه زبرا, كل حزب بـما لديهم فرحون, وهو قوله: فَرّقُوا دِينَهُمْ وكانُوا شِيَعا.
16160ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: الّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ عضهوا كتاب الله زعم بعضهم أنه سِحْر, وزعم بعضهم أنه شِعْر, وزعم بعضهم أنه كاهن قال أبو جعفر: هكذا قال كاهن, وإنـما هو كهانة وزعم بعضهم أنه أساطير الأوّلـين.
حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا جرير, عن الأعمش, عن أبـي ظبـيان, عن ابن عبـاس: الّذِينَ جَعَلُوا الْقُرآنَ عِضِينَ قال: آمنوا ببعض, وكفروا ببعض.
16161ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنـي ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: الّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ قال: جعلوه أعضاء كما تُعَضّى الشاة. قال بعضهم: كهَانة, وقال بعضهم: هو سحر, وقال بعضهم: شعر, وقال بعضهم أساطِيرُ الأوّلِـينَ اكْتَتَبَها... الاَية. جعلوه أعضاء كما تُعَضّى الشاة.
فوجه قائلو هذه الـمقالة قوله: عِضِينَ إلـى أن واحدها: عُضْو, وأن عِضِينَ جمعه, وأنه مأخوذ من قولهم عَضّيت الشيء تعضية: إذا فرقته, كما قال رُؤْبة:
(ولـيس دينُ اللّهِ بـالـمُعَضّى )
يعنـي بـالـمفرّق. وكما قال الاَخر:
وعَضّى بَنِـي عَوْفٍ فأمّا عَدُوّهُمْفأرْضَى وأمّا الْعِزّ منهُمُ فغَيّرَا
يعنـي بقوله: «وعَضّى»: سَبّـاهُمْ, وقَطّعاهُمْ بألسنتهما.
وقال آخرون: بل هي جمع عِضَة, جمعت عِضِين كما جمعت البُرَة بُرِين, والعِزِة عِزِين. فإذَا وُجّه ذلك إلـى هذا التأويـل كان أصل الكلام عِضَهَة, ذهبت هاؤها الأصلـية, كما نقصوا الهاء من الشّفَة وأصلها شَفَهَة, ومن الشاة وأصلها شاهة. يدلّ علـى أن ذلك الأصل تصغيرهم الشفة: شُفَـيْهة, والشاة: شُوَيْهة, فـيردّون الهاءَ التـي تسقط فـي غير حال التصغير إلـيها فـي حال التصغير, يقال منه: عَضَهْتُ الرجل أعضَهُه عَضْها: إذا بَهَتّه وقذفته ببُهتان. وكأن تأويـل من تأويـل ذلك كذلك: الذين عَضَهوا القرآن, فقالوا: هو سحْر, أو هو شعر, نـحو القول الذي ذكرناه عن قتادة.
وقد قال جماعة من أهل التأويـل: إنه إنـما عَنَى بـالعَضْه فـي هذا الـموضع, نسبتهم إياه إلـى أنه سِحْر خاصة دون غيره من معانـي الذمّ, كما قال الشاعر:
للـماءِ مِنْ عِضَاتهنّ زَمْزَمهْ
يعنـي: من سِحْرهنّ. ذكر من قال ذلك:
16162ـ حدثنا أحمد بن إسحاق, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا ابن عيـينة, عن عمرو, عن عكرمة: الّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ قال: سحرا.
16163ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: عِضِينَ قال: عَضَهوه وبَهَتُوه.
16164ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة, قال: كان عكرمة يقول: العَضْه: السحر بلسان قريش, تقول للساحرة: إنها العاضهة.
16165ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء وحدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل وحدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الله, عن ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ قال: سِحْرا أعضاء الكتب كلها وقريش, فرقوا القرآن قالوا: هو سحر.
والصواب من القول فـي ذلك أن يقال: إن الله تعالـى ذكره أمر نبـيه صلى الله عليه وسلم أن يُعْلِـم قوما عَضَهُوا القرآن أنه لهم نذير من عقوبة تنزل بهم بِعْضِهِهمْ إياه مثل ما أنزل بـالـمقتسمين, وكان عَضْهُهُم إياه: قذفهموه بـالبـاطل, وقـيـلهم إنه شعر وسحر, وما أشبه ذلك.
وإنـما قلنا إن ذلك أولـى التأويلات به لدلالة ما قبله من ابتداء السورة وما بعده, وذلك قوله: إنّا كَفَـيْناكَ الـمُسْتَهْزِئِينَ علـى صحة ما قلنا, وإنه إنـما عُنِـيَ بقوله: الّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ مشركي قومه. وإذ كان ذلك كذلك, فمعلوم أنه لـم يكن فـي مشركي قومه من يؤمن ببعض القرآن ويكفر ببعض, بل إنـما كان قومه فـي أمره علـى أحد معنـيـين: إما مؤمن بجميعه, وإما كافر بجميعه. وإذ كان ذلك كذلك, فـالصحيح من القول فـي معنى قوله: الّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ قول الذين زعموا أنهم عَضَهوه, فقال بعضهم: هو سحر, وقال بعضهم: هو شعر, وقال بعضهم: هو كهانة وأما أشبه ذلك من القول, أو عَضّوْه ففرقوه, بنـحو ذلك من القول. وإذا كان ذلك معناه احتـمل قوله «عِضِين», أن يكون جمع: عِضة, واحتـمل أن يكون جمع عُضْو, لأن معنى التعضية: التفريق, كما تُعَضى الـجَزُرزِ والشاة, فتفرق أعضاء. والعَضْه: البَهْت ورميه بـالبـاطل من القول فهما متقاربـان فـي الـمعنى
الصفحة رقم 266 من المصحف تحميل و استماع mp3