تفسير الطبري تفسير الصفحة 455 من المصحف

 تفسير الطبري - صفحة القرآن رقم 455
456
454
 الآية : 27-29
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَمَا خَلَقْنَا السّمَآءَ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنّ الّذِينَ كَفَرُواْ فَوَيْلٌ لّلّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ النّارِ * أَمْ نَجْعَلُ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتّقِينَ كَالْفُجّارِ * كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لّيَدّبّرُوَاْ آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكّرَ أُوْلُو الألْبَابِ }.
يقول تعالـى ذكره: وَما خَـلَقْنا السّماءَ والأرْضَ وَما بَـيْنَهُما عبثا ولهوا, ما خـلقناهما إلاّ لـيُعمل فـيهما بطاعتنا, ويُنتهى إلـى أمرنا ونهينا, ذلكَ ظَنّ الّذِينَ كَفَرُوا يقول: أي ظنّ أنا خـلقنا ذلك بـاطلاً ولعبـا, ظنّ الذين كفروا بـالله فلـم يوحّدوه, ولـم يعرفوا عظمته, وأنه لا ينبغي أن يَعْبَث, فـيتـيقنوا بذلك أنه لا يخـلق شيئا بـاطلاً فَوَيْـلٌ للّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النّارِ يعنـي: من نار جهنـم. وقوله: أمْ نَـجْعَلُ الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِـحاتِ كالـمُفْسِدِينَ فِـي الأرْضِ يقول: أنـجعل الذين صدّقوا الله ورسوله وعملوا بـما أمر الله به, وانتهوا عما نهاهم عنه كالـمُفْسِدينَ فِـي الأرْضِ يقول: كالذين يشركون بـالله ويعصُونه ويخالفون أمره ونهيه أمْ نَـجْعَلُ الـمُتّقِـينَ يقول: الذين اتقوا الله بطاعته وراقبوه, فحذروا معاصيه كالفُجّارِ يعنـي: كالكفـار الـمنتهكين حرمات الله. وقوله: كِتابٌ أنْزَلْناهُ إلَـيْكَ يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: وهذا القرآن كِتَابٌ أنْزَلْناهُ إلَـيْكَ يا مـحمد مُبَـارَكٌ لِـيَدّبّرُوا آياتِهِ يقول: لـيتدبّروا حُجَج الله التـي فـيه, وما شرع فـيه من شرائعه, فـيتعظوا ويعملوا به.
واختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك, فقرأته عامة القرّاء: لِـيَدّبّرُوا بـالـياء, يعنـي: لـيتدبّر هذا القرآن من أرسلناك إلـيه من قومك يا مـحمد. وقرأه أبو جعفر وعاصم «لِتَدّبّرُوا آياتِهِ» بـالتاء, بـمعنى: لتتدبره أنت يا مـحمد وأتبـاعك.
وأولـى القراءتـين عندنا بـالصواب فـي ذلك أن يقال: إنهما قراءتان مشهورتان صحيحتا الـمعنى, فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب وَلـيَتَذَكّرَ أُولُو الأَلْبَـابِ يقول: ولـيعتبر أولو العقول والـحِجَا ما فـي هذا الكتاب من الاَيات, فـيرتدعوا عما هم علـيه مقـيـمين من الضلالة, وينتهوا إلـى ما دلهم علـيه من الرشاد وسبـيـل الصواب. وبنـحو الذي قلنا فـي معنى قوله: أُولُوا الأَلْبـابِ قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
22941ـ حدثنا مـحمد, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّ أُولُوا الأَلْبـاب قال: أولو العقول من الناس.
وقد بـيّنا ذلك فـيـما مضى قبل بشواهده, بـما أغنى عن إعادته فـي هذا الـموضع.
الآية : 30-33
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنّهُ أَوّابٌ * إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيّ الصّافِنَاتُ الْجِيَادُ * فَقَالَ إِنّيَ أَحْبَبْتُ حُبّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبّي حَتّىَ تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ * رُدّوهَا عَلَيّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسّوقِ وَالأعْنَاقِ }.
يقول تعالـى ذكره وَوَهْبَنا لدَاوُدَ سُلَـيْـمانَ ابنه ولدا نَعْمَ العَبْدُ يقول: نعم العبد سلـيـمان إنّهُ أوّابٌ يقول: إنه رجاع إلـى طاعة الله توّاب إلـيه مـما يكرهه منه. وقـيـل: إنه عُنِـي به أنه كثـير الذكر لله والطاعة. ذكر من قال ذلك:
22942ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس نِعْمَ العَبْدُ إنّهُ أوّابٌ قال: الأوّاب: الـمسبّح.
22943ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة نَعْمَ العَبْدُ إنّهُ أوّابٌ قال: كان مطيعا لله كثـير الصلاة.
22944ـ حدثنا مـحمد, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّ, قوله: نَعْمَ العَبْدُ إنّهُ أوّابٌ قال: الـمسبّح.
والـمسبّح قد يكون فـي الصلاة والذكر. وقد بـيّنا معنى الأوّاب, وذكرنا اختلاف أهل التأويـل فـيه فـيـما مضى بـما أغنى عن إعادته هاهنا.
وقوله: إذْ عُرِضَ عَلَـيْهِ بـالعَشِيّ الصّافناتُ الـجِيادُ يقول تعالـى ذكره: إنه توّاب إلـى الله من خطيئته التـي أخطأها, إذ عرض علـيه بـالعشيّ الصافنات فإذ من صلة أوّاب, والصافنات: جمع الصافن من الـخيـل, والأنثى: صافنة, والصافن منها عند بعض العرب: الذي يجمع بـين يديه, ويثنـي طرف سُنْبك إحدى رجلـيه, وعند آخرين: الذي يجمع يديه. وزعم الفراء أن الصافن: هو القائم, يقال منه: صَفَنَتِ الـخيـلُ تَصْفِن صُفُونا. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
22945ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قول الله: الصّافِناتُ الـجِيادُ قال: صُفُون الفرس: رَفْعُ إحدى يديه حتـى يكون علـى طرف الـحافر.
حدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: صَفَنَ الفرسُ: رفع إحدى يديه حتـى يكون علـى طرف الـحافر.
22946ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة إذْ عُرِضَ عَلَـيْهِ بـالعَشِيّ الصّافِناتُ الـجِيادُ يعنـي: الـخيـل, وصُفونها: قـيامها وبَسْطها قوائمها.
22947ـ حدثنا مـحمد, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّ: الصافنات, قال: الـخيـل.
22948ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: الصّافِناتُ الـجِيادُ قال: الـخيـل أخرجها الشيطان لسلـيـمان, من مَرْج من مروج البحر. قال: الـخيـل والبغال والـحمير تَصْفِن, والصّفْن أن تقول علـى ثلاث, وترفع رجلاً واحدة حتـى يكون طرف الـحافر علـى الأرض.
22949ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد: الصافنات: الـخيـل, وكانت لها أجنـحة.
وأما الـجياد, فإنها السّراع, واحدها: جواد, كما:
22950ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: الـجياد: قال: السّراع.
وذُكر أنها كانت عشرين فرسا ذوات أجنـحة. ذكر من قال ذلك:
22951ـ حدثنا مـحمد بن بشار, قال: حدثنا مؤمل, قال: حدثنا سفـيان, عن أبـيه, عن إبراهيـم التـيـمي, فـي قوله: إذْ عُرِضَ عَلَـيْهِ بـالعَشِيّ الصّافِناتُ الـجِيادُ قال: كانت عشرين فرسا ذات أجنـحة.
وقوله: فَقالَ إنّـي أحْبَبْتُ حُبّ الـخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبّـي حتـى تَوَارَتْ بـالـحِجابِ وفـي هذا الكلام مـحذوف استغنـي بدلالة الظاهر علـيه من ذكره: فَلهِيَ عن الصلاة حتـى فـاتته, فقال: إنـي أحببت حبّ الـخير. ويعنـي بقوله: فَقالَ إنّـي أحْبَبْتُ حُبّ الـخَيْرِ: أي أحببت حبـا للـخير, ثم أضيف الـحبّ إلـى الـخير, وعنى بـالـخير فـي هذا الـموضع الـخيـل والعرب فـيـما بلغنـي تسمي الـخيـل الـخير, والـمال أيضا يسمونه الـخير. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
22952ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, فَقالَ إنّـي أحْبَبْتُ حُبّ الـخَيْرِ: أي الـمال والـخيـل, أو الـخير من الـمال.
22953ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا ابن يـمان, عن سفـيان, عن السُدّيّ قالَ إنّـي أحْبَبْتُ حُبّ الـخَيْرِ قال: الـخيـل.
22954ـ حدثنا مـحمد, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّ, قوله: إنّـي أحْبَبْتُ حُبّ الـخَيْرِ قال: الـمال.
وقوله: عَنْ ذِكْرِ رَبّـي يقول: إنـي أحببت حبّ الـخير حتـى سهوت عن ذكر ربـي وأداء فريضته. وقـيـل: إن ذلك كان صلاة العصر. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
22955ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة عَنْ ذِكْر رَبّـي عن صلاة العصر.
22956ـ حدثنا مـحمد, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّ عَنْ ذِكْرِ رَبّـي قال: صلاة العصر.
22957ـ حدثنا مـحمد بن عبد الله بن عبد الـحكم, قال: حدثنا أبو زرعة, قال: حدثنا حيوة بن شريح, قال: حدثنا أبو صخر, أنه سمع أبـا معاوية البجلـي من أهل الكوفة يقول: سمعت أبـا الصّهبـاء البكري يقول: سألت علـيّ ابن أبـي طالب, عن الصلاة الوسطى, فقال: هي العصر, وهي التـي فتن بها سلـيـمان بن داود.
وقوله: حتـى تَوَارَتْ بـالـحِجابِ يقول: حتـى توارت الشمس بـالـحجاب, يعنـي: تغيبت فـي مغيبها, كما:
22958ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, قال: حدثنا ميكائيـل, عن داود بن أبـي هند, قال: قال ابن مسعود, فـي قوله: إنّـي أحْبَبْتُ حُبّ الـخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبّـي حتـى تَوَارَتْ بـالـحِجابِ قال: توارت الشمس من وراء ياقوتة خضراء, فخُضرة السماء منها.
22959ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة حتـى تَوَارَتْ بـالـحجابِ حتـى دَلَكَتْ براح. قال قتادة: فوالله ما نازعته بنو إسرائيـل ولا كابروه, ولكن ولوه من ذلك ما ولاه الله.
22960ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين, قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّ حتـى تَوَارَتْ بـالـحجابِ حتـى غابت.
وقوله: رُدّوها عَلـيّ يقول: ردّوا علـيّ الـخيـل التـي عرضت علـيّ, فشغلتنـي عن الصلاة, فكّروها علـيّ, كما:
22961ـ حدثنـي مـحمد بن الـحسين, قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّ رُدّوها عَلـيّ قال: الـخيـل.
وقوله: فَطَفِقَ مَسْحا بـالسّوقِ والأعْناقِ يقول: فجعل يـمسح منها السوق, وهي جمع الساق, والأعناق.
واختلف أهل التأويـل فـي معنى مسح سلـيـمان بسوق هذه الـخيـل الـجياد وأعناقها, فقال بعضهم: معنى ذلك أنه عقرها وضرب أعناقها, من قولهم: مَسَحَ علاوته: إذا ضرب عنقه. ذكر من قال ذلك:
22962ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة فَطَفِقَ مَسْحا بـالسّوقِ والأعْناقِ قال: قال الـحسن: قال لا والله لا تشغلـينـي عن عبـادة ربـي آخر ما علـيك, قال قولهما فـيه, يعنـي قتادة والـحسن قال: فَكَسف عراقـيبها, وضرب أعناقها.
22963ـ حدثنا مـحمد, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّ فَطَفِقَ مَسْحا بـالسّوق والأعْناقِ فضرب سوقها وأعناقها.
22964ـ حدثنا مـحمد بن عبد الله بن بزيع, قال: حدثنا بشر بن الـمفضل, عن عوف, عن الـحسن, قال: أمر بها فعُقرت.
وقال آخرون: بل جعل يـمسح أعرافها وعراقـيبها بـيده حُبّـا لها. ذكر من قال ذلك:
22965ـ حدثنـي علـى, قال: حدثنا أبو صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـي, عن ابن عبـاس, قوله: فَطَفِقَ مَسْحا بـالسّوقِ والأعْناقِ يقول: جعل يـمسح أعراف الـخيـل وعراقـيبها: حبـا لها.
وهذا القول الذي ذكرناه عن ابن عبـاس أشبه بتأويـل الاَية, لأن نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم لـم يكن إن شاء الله لـيعذّب حيوانا بـالعرقبة, ويهلك مالاً من ماله بغير سبب, سوى أنه اشتغل عن صلاته بـالنظر إلـيها, ولا ذنب لها بـاشتغاله بـالنظر ألـيها.

الآية : 34 -35
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَلَقَدْ فَتَنّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَىَ كُرْسِيّهِ جَسَداً ثُمّ أَنَابَ * قَالَ رَبّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لاّ يَنبَغِي لأحَدٍ مّن بَعْدِيَ إِنّكَ أَنتَ الْوَهّابُ }.
يقول تعالـى ذكره: ولقد ابتَلـينا سلـيـمان وألقـينا علـى كرسيه جسدا شيطانا متـمثلاً بإنسان, ذكروا أن اسمه صخر. وقـيـل: إن اسمه آصَف. وقـيـل: إن اسمه آصر. وقـيـل: إن اسمه حبقـيق. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
22966ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا أبو صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: وألْقَـيْنا عَلـى كُرْسِيّهِ جَسَدا قال: هو صخر الـجنّـيّ تـمثّل علـى كرسيه جسدا.
22967ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: وَلَقَدْ فَتَنّا سُلَـيْـمانَ وألْقَـيْنا عَلـى كُرْسِيّهِ جَسَدا ثُمّ أنابَ قال: الـجسد: الشيطان الذي كان دفع إلـيه سلـيـمان خاتـمه, فقذفه فـي البحر, وكان مُلك سلـيـمان فـي خاتـمه, وكان اسم الـجنـيّ صخرا.
22968ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا أبو داود, قال: حدثنا مبـارك, عن الـحسن وألْقَـيْنا عَلـى كُرْسِيّهِ جَسَدا قال: شيطانا.
22969ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا أبو داود, قال: حدثنا شعبة, عن أبـي بشر, عن سعيد بن جُبَـير وألْقَـيْنا عَلـى كُرْسِيّهِ جَسَدا قال: شيطانا.
22970ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا أبو داود, قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد وألقَـيْنا عَلـى كُرْسِيّهِ جَسَدا قال: شيطانا يقال له آصر.
22971ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: عَلـى كُرْسِيّهِ جَسَدَا قال: شيطانا يقال له آصف, فقال له سلـيـمان: كيف تفتنون الناس؟ قال: أرنـي خاتـمك أخبرك. فلـما أعطاه إياه نبذه آصف فـي البحر, فساح سلـيـمان وذهب مُلكه, وقعد آصف علـى كرسيه, ومنعه الله نساء سلـيـمان, فلـم يقربهنّ, وأنكرنه قال: فكان سلـيـمان يستطعم فـيقول: أتعرفونـي أطعمونـي أنا سلـيـمان, فـيكذّبونه, حتـى أعطته امرأة يوما حوتا يطيب بطنه, فوجد خاتـمه فـي بطنه, فرجع إلـيه مُلكه, وفرّ آصف فدخـل البحر فـارّا.
حدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد بنـحوه, غير أنه قال فـي حديثه: فـيقول: لو تعرفونـي أطعمتـمونـي.
22972ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَلَقَدْ فَتَنّا سُلَـيْـمانَ وألْقَـيْنا عَلـى كُرْسِيّهِ جَسَداف ثُمّ أنابَ قال: حدثنا قتادة أن سلـمان أمر ببناء بـيت الـمقدس, فقـيـل له: ابنه ولا يسمع فـيه صوت حديد, قال: فطلب ذلك فلـم يقدر علـيه, فقـيـل له: إن شيطانا فـي البحر يقال له صخر شبه الـمارد, قال: فطلبه, وكانت عين فـي البحر يردها فـي كلّ سبعة أيام مرّة, فنزح ماؤها وجعل فـيها خمر, فجاء يوم وروده فإذا هو بـالـخمر, فقال: إنك لشراب طيب, إلا أنك تصبـين الـحلـيـم, وتزيدين الـجاهل جهلاً, قال: ثم رجع حتـى عطش عطشا شديدا, ثم أتاها فقال: إنك لشراب طيب, إلا أنك تصبـين الـحلـيـم, وتزيدين الـجاهل جهلاً قال: ثم شربها حتـى غلبت علـى عقله, قال: فأري الـخاتـم أو ختـم به بـين كتفـيه, فذلّ, قال: فكان مُلكه فـي خاتـمه, فأتـى به سلـيـمان, فقال: إنا قد أمرنا ببناء هذا البـيت. وقـيـل لنا: لا يسمعنّ فـيه صوت حديد, قال: فأتـى ببـيض الهدهد, فجعل علـيه زجاجة, فجاء الهدهد, فدار حولها, فجعل يرى بـيضه ولا يقدر علـيه, فذهب فجاء بـالـماس, فوضعه علـيه, فقطعها به حتـى أفضى إلـى بـيضه, فأخذ الـماس, فجعلوا يقطعون به الـحجارة, فكان سلـيـمان إذا أراد أن يدخـل الـخلاء أو الـحمام لـم يدخـلها بخاتـمه فـانطلق يوما إلـى الـحمام, وذلك الشيطان صخر معه, وذلك عند مقارفة ذنب قارف فـيه بعض نسائه, قال: فدخـل الـحمام, وأعطى الشيطان خاتـمه, فألقاه فـي البحر, فـالتقمته سمكة, ونُزع مُلك سلـيـمان منه, وألقـي علـى الشيطان شبه سلـيـمان قال: فجاء فقعد علـى كرسيه وسريره, وسلّط علـى مُلك سلـيـمان كله غير نسائه قال: فجعل يقضي بـينهم, وجعلوا ينكرون منه أشياء حتـى قالوا: لقد فُتِن نبـيّ الله وكان فـيهم رجل يشبهونه بعمر بن الـخطّاب فـي القوّة, فقال: والله لأجربنه قال: فقال له: يا نبـيّ الله, وهو لا يرى إلا أنه نبـيّ الله, أحدنا تصيبه الـجَنابة فـي اللـيـلة البـاردة, فـيدع الغُسْل عمدا حتـى تطلع الشمس, أترى علـيه بأسا؟ قال: لا, قال: فبـينا هو كذلك أربعين لـيـلة حتـى وجد نبـيّ الله خاتـمه فـي بطن سمكة, فأقبل فجعل لا يستقبله جنـيّ ولا طير إلا سجد له, حتـى انتهى إلـيهم وأَلْقَـيْنا عَلـى كُرْسِيّهِ جَسَدا قال: هو الشيطان صخر.
22973ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّ, فـي قوله: وَلَقَدْ فَتَنّا سُلَـيْـمانَ قال: لقد ابتلـينا وألْقَـيْنا عَلـى كُرْسِيّهِ جَسَدا قال: الشيطان حين جلس علـى كرسيه أربعين يوما قال: كان لسلـيـمان مِئة امرأة, وكانت امرأة منهنّ يقال لها جرادة, وهي آثر نسائه عنده, وآمنهنّ عنده, وكان إذا أجنب أو أتـى حاجة نزع خاتـمه, ولـم يأتـمن علـيه أحدا من الناس غيرها فجاءته يوما من الأيام, فقالت: إن أخي بـينه وبـين فلان خصومة, وأنا أحبّ أن تَقضي له إذا جاءك, فقال لها: نعم, ولـم يفعل, فـابتُلـي وأعطاها خاتـمه, ودخـل الـمخرج, فخرج الشيطان فـي صورته, فقال لها: هاتـي الـخاتـم, فأعطته, فجاء حتـى جلس علـى مـجلس سلـيـمان, وخرج سلـيـمان بعد, فسألها أن تعطيه خاتـمه, فقالت: ألـم تأخذه قبل؟ قال: لا, وخرج مكانه تائها قال: ومكث الشيطان يحكم بـين الناس أربعين يوما. قال: فأنكر الناس أحكامه, فـاجتـمع قرّاء بنـي إسرائيـل وعلـماؤهم, فجاؤوا حتـى دخـلوا علـى نسائه, فقالوا: إنا قد أنكرنا هذا, فإن كان سلـيـمان فقد ذهب عقله, وأنكرنا أحكامه. قال: فبكى النساء عند ذلك, قال: فأقبلوا يـمشون حتـى أتوه, فأحدقوا به, ثم نشروا التوراة, فقرؤوا قال: فطار من بـين أيديهم حتـى وقع علـى شرفة والـخاتـم معه, ثم طار حتـى ذهب إلـى البحر, فوقع الـخاتـم منه فـي البحر, فـابتلعه حوت من حيتان البحر. قال: وأقبل سلـيـمان فـي حاله التـي كان فـيها حتـى انتهى إلـى صياد من صيادي البحر وهو جائع, وقد اشتدّ جوعه, فـاستطعمهم من صيدهم, قال: إنـي أنا سلـيـمان, فقام إلـيه بعضهم فضربه بعصا فشجّه, فجعل يغسل دمه وهو علـى شاطىء البحر, فلام الصيادون صاحبهم الذي ضربه, فقالوا: بئس ما صنعت حيث ضربته, قال: إنه زعم أنه سلـيـمان, قال: فأعطوه سمكتـين مـما قد مَذِر عندهم, ولـم يشغله ما كان به من الضرر, حتـى قام إلـى شطّ البحر, فشقّ بطونهما, فجعل يغسل..., فوجد خاتـمه فـي بطن إحداهما, فأخذه فلبسه, فردّ الله علـيه بهاءه ومُلكه, وجاءت الطير حتـى حامت علـيه, فعرف القوم أنه سلـيـمان, فقام القوم يعتذرون مـما صنعوا, فقال: ما أحمدكم علـى عذركم, ولا ألومكم علـى ما كان منكم, كان هذا الأمر لا بدّ منه, قال: فجاء حتـى أتـى مُلكه, فأرسل إلـى الشيطان فجيء به, وسخّر له الريح والشياطين يومئذٍ, ولـم تكن سخرت له قبل ذلك, وهو قوله: وَهَبْ لـي مُلْكا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إنّك أنْتَ الوَهّابُ قال: وبعث إلـى الشيطان, فأُتـي به, فأمر به فجعل فـي صندوق من حديد, ثم أطبق علـيه فأقـفل علـيه بقـفل, وختـم علـيه بخاتـمه, ثم أمر به, فألقـي فـي البحر, فهو فـيه حتـى تقوم الساعة, وكان اسمه حبقـيق.
وقوله: ثُمّ أنابَ سلـيـمان, فرجع إلـى مُلكه من بعد ما زال عنه مُلكه فذهب. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
22974ـ حُدثت عن الـمـحاربـي, عن عبد الرحمن, عن جُوَيبر, عن الضحاك, فـي قوله: ثُمّ أنابَ قال: دخـل سلـيـمان علـى امرأة تبـيع السمك, فـاشترى منها سمكة, فشقّ بطنها, فوجد خاتـمه, فجعل لا يـمرّ علـى شجر ولا حجر ولا شيء إلا سجد له, حتـى أتـى مُلكه وأهله, فذلك قوله ثُمّ أنابَ يقول: ثم رجع.
22975ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قا: حدثنا سعيد, عن قتادة ثُمّ أنابَ وأقبل, يعنـي سلـيـمان.
قوله: قالَ رَبّ اغفرْ لـي وَهَبْ لـي مُلْكا لا يَنْبَغِي لأَحدٍ مِنْ بَعْدي يقول تعالـى ذكره: قال سلـيـمان راغبـا إلـى ربه: ربّ استر علـيّ ذنبـي الذي أذنبت بـينـي وبـينك, فلا تعاقبنـي به وَهَبْ لـي مُلكا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي لا يسلبنـيه أحدكما سلبنـيه قبل هذه الشيطان. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
22976ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة قالَ رَبّ اغْفِرْ لـي وَهَبْ لـي مُلْكا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي يقول: ملكا لا أسلَبه كما سُلبتُه.
وكان بعض أهل العربـية يوجه معنى قوله: لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدي إلـى: أن لا يكون لأحد من بعدي, كما قال ابن أحمر:
ما أُمّ غُفْرٍ علـى دعْجاءَ ذِي عَلَقٍ يَنْفـي القَراميدَ عنها الأعْصَمُ الوَقِلُ
فِـي رأْسِ حَلْقاءَ مِن عَنقاءَ مُشْرِفة لا يَنْبَغِي دُوَنها سَهْلٌ وَلا جَبَلُ
بـمعنى: لا يكون فوقها سهل ولا جبل أحصن منها.
وقوله: إنّكَ أنْتَ الوَهّابُ يقول: إنك وهاب ما تشاء لـمن تشاء بـيدك خزائن كلّ شيء تفتـح من ذلك ما أردت لـمن أردت.

الآية : 36-40
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {فَسَخّرْنَا لَهُ الرّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَآءً حَيْثُ أَصَابَ * وَالشّيَاطِينَ كُلّ بَنّآءٍ وَغَوّاصٍ * وَآخَرِينَ مُقَرّنِينَ فِي الأصْفَادِ * هَـَذَا عَطَآؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ * وَإِنّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىَ وَحُسْنَ مَآبٍ }.
يقول تعالـى ذكره: فـاستـجبنا له دعاءه, فأعطيناه مُلكا لا ينبغي لأحد من بعده فَسَخّرَنَا لَهُ الرّيحَ مكان الـخيـل التـي شغلته عن الصلاة تَـجْرِي بأمْرِهِ رُخاءً يعنـي: رخوة لـينة, وهي من الرخاوة, كما:
22977ـ حدثنا مـحمد بن عبد الله بن بزيع, قال: حدثنا بشر بن الـمفضل, قال: حدثنا عوف, عن الـحسن, أن نبـيّ الله سلـيـمان صلى الله عليه وسلم لـما عرضت علـيه الـخيـل, فشغله النظر إلـيها عن صلاة العصر حتـى تَوَارَتْ بـالـحِجابِ فغضب لله, فأمر بها فعُقرت, فأبد له الله مكانها أسرع منها, سخر الريح تـجري بأمره رُخاء حيث شاء, فكان يغدو من إيـلـياء, ويقـيـل بقَزْوين, ثم يروح من قزوين ويبـيت بكابُل.
22978ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: وَهَبْ لـي مُلْكا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدي فإنه دعا يوم دعا ولـم يكن فـي مُلكه الريح, وكلّ بنّاء وغوّاص من الشياطين, فدعا ربه عند توبته واستغفـاره, فوهب الله له ما سأل, فتـمّ مُلكه.
واختلف أهل التأويـل فـي معنى الرخاء, فقال فـيه بعضهم: نـحو الذي قلنا فـيه. ذكر من قال ذلك:
22979ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قوله: تَـجْرِي بأَمْرِهِ رُخاءً قال: طَيّبة.
حدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد بنـحوه.
22980ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة فَسَخّرْنا لَهُ الرّيحَ تَـجْرِي بأمْره رُخاءً حَيْثُ أصَابَ قال: سريعة طيبة, قال: لـيست بعاصفة ولا بطيئة.
22981ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: رُخاءً قال: الرخاء اللـينة.
22982ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا أبو عامر, قال: حدثنا قرة, عن الـحسن, فـي قوله: رُخاءً حَيْثُ أصَابَ قال: لـيست بعاصفة, ولا الهَيّنة بـين ذلك رُخاء.
وقال آخرون: معنى ذلك: مطيعة لسلـيـمان. ذكر من قال ذلك:
22983ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا أبو صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: رُخاءً يقول: مُطيعة له.
حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس تَـجْرِي بأَمْرِهِ رُخاءً قال: يعنـي بـالرّخاء: الـمطيعة.
22984ـ حدثنا ابن الـمثنى, قال: حدثنا أبو النعمان الـحكم بن عبد الله, قال: حدثنا شعبة, عن أبـي رجاء, عن الـحسن, فـي قوله: تَـجْرِي بأمْرِهِ رُخاءً قال: مطيعة.
22985ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: رُخاءً يقول: مطيعة.
22986ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّ, قوله: رُخاءً قال: طوعا.
وقوله: حَيْثُ أصَابَ يقول: حيث أراد, من قولهم: أصاب الله بك خيرا: أي أراد الله بك خيرا. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
22987ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا أبو صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ عن ابن عبـاس, قوله: حَيْثُ أصَابَ يقول: حيث أراد.
حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: حَيْثُ أصَابَ يقول: حيث أراد, انتهى علـيها.
22988ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: حَيْثُ أصَابَ قال: حيث شاء.
22989ـ حدثنا ابن الـمثنى, قال: حدثنا أبو النعمان الـحكم بن عبد الله, قال: حدثنا شعبة, عن أبـي رجاء, عن الـحسن, فـي قوله: حَيْثُ أصَابَ قال: حيث أراد.
22990ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة حَيْثُ أصَابَ قال: إلـى حيث أراد.
22991ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: حَيْثُ أصَابَ قال: حيث أراد.
22992ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق, عن بعض أهل العلـم, عن وهب بن منبه حَيْثُ أصَابَ: أي حيث أراد.
22993ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين, قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّ حَيْثُ أصَابَ قال: حيث أراد.
22994ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: حَيْثُ أصَابَ قال: حيث أراد.
وقوله: والشّياطِينَ كُلّ بَنّاءٍ وغَوّاصٍ يقول تعالـى ذكره: وسخرنا له الشياطين فسلطناه علـيها مكان ما ابتلـيناه بـالذي ألقـينا علـى كرسيّه منها يستعملها فـيـما يشاء من أعماله من بنّاء وغوّاص فـالبُناة منها يصنعون مـحاريب وتـماثـيـل, والغاصَة يستـخرجون له الـحُلِـيّ من البحار, وآخرون ينـحتون له جفـانا وقدورا, والـمَرَدة فـي الأغلال مُقَرّنون, كما:
22995ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة والشّياطِينَ كُلّ بَنّاءٍ وغَوّاصٍ قال: يعملون له ما يشاء من مـحاريب وتـماثـيـل, وغوّاص يستـخرجون الـحلـيّ من البحر وآخَرينَ مُقَرّنـينَ فِـي الأَصْفـادِ قال: مردة الشياطين فـي الأغلال.
22996ـ حُدثت عن الـمـحاربـيّ, عن جُوَيبر, عن الضحاك وَالشّياطِينَ كُلّ بَنّاءٍ وَغَوّاصٍ قال: لـم يكن هذا فـي مُلك داود, أعطاه الله مُلك داود وزاده الريح والشّياطِينَ كُلّ بَنّاءٍ وغَوّاصٍ وآخَرِينَ مُقَرّنِـينَ فِـي الأَصْفـادِ يقول: فـي السلاسل.
22997ـ حدثنا مـحمد, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسبـاط, عن السدي, قوله: الأصْفـادِ قال: تـجمع الـيدين إلـى عنقه, والأصفـاد: جمع صَفَد وهي الأغلال.
وقوله: هَذَا عَطاؤُنا فـامْنُنْ أوْ أمْسِكْ بِغَيْرٍ حِسابٍ. اختلف أهل التأويـل فـي الـمشار إلـيه بقوله: هَذَا من العطاء, وأيّ عطاء أريد بقوله: عَطاؤنا, فقال بعضهم: عُنـي به الـملك الذي أعطاه الله. ذكر من قال ذلك:
22998ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, فـي قوله: هَذَا عَطاؤُنَا فـامْنُنْ أوْ أمْسِك بغَيرِ حِسابٍ قال: قال الـحسن: الـملك الذي أعطيناك فأعط ما شئت وامنع ما شئت.
22999ـ حُدثت عن الـمـحاربـيّ, عن جُوَيبر, عن الضحاك هَذَا عَطاؤُنا: هذا ملكنا.
وقال آخرون: بل عُنـي بذلك تسخيره له الشياطين, وقالوا: ومعنى الكلام: هذا الذي أعطيناك من كلّ بناء وغوّاص من الشياطين, وغيرهم عطاؤنا. ذكر من قال ذلك:
23000ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة هَذَا عَطاؤُنا فـامْنُنْ أوْ أَمْسِكْ بغَيرٍ حِسابٍ قال: هؤلاء الشياطين احبس من شئت منهم فـي وثاقك وفـي عذابك أو سرّح من شئت منهم تتـخذ عنده يدا, اصنع ما شئت.
وقال آخرون: بل ذلك ما كان أوتـي من القوّة علـى الـجماع. ذكر من قال ذلك:
23001ـ حُدثت عن أبـي يوسف, عن سعيد بن طريف, عن عكرمة, عن ابن عبـاس, قال: كان سلـيـمان فـي ظهره ماءُ مِئَة رجل, وكان له ثلاث مئة امرأة وتسع مِئَة سُرّيّة هَذَا عَطاؤُنَا فَـامْنُنْ أوْ أمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ.
وأولـى الأقوال فـي ذلك عندي بـالصواب القولُ الذي ذكرناه عن الـحسن والضحاك من أنه عُنـي بـالعطاء ما أعطاه من الـملك تعالـى ذكره, وذلك أنه جلّ ثناؤه ذكر ذلك عُقَـيب خبره عن مسألة نبـيه سلـيـمان صلوات الله وسلامه علـيه إياه مُلكا لا ينبغي لأحد من بعده, فأخبر أنه سخر له ما لـم يُسَخّر لأحد من بنـي آدم, وذلك تسخيره له الريح والشياطين علـى ما وصفت, ثم قال له عزّ ذكره: هذا الذي أعطيناك من الـمُلك, وتسخيرنا ما سخرنا لك عطاؤنا, ووهبنا لك ما سألْتنا أن نهبه لك من الـملك الذي لا ينبغي لأحد من بعدك فـامْنُنْ أو أَمْسِكْ بغَيْرِ حِسابٍ.
واختلف أهل التأويـل فـي تأويـل قوله فـامْنُنْ أوْ أَمْسِكْ بغَيْرِ حِسابٍ فقال بعضهم: عَنَى ذلك: فأعط من شئت ما شئت من الـمُلك الذي آتـيناك, وامنع من شئت منه ما شئت, لا حساب علـيك فـي ذلك. ذكر من قال ذلك:
23002ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قال: قال الـحسن فـامْنُنْ أوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ الـمُلك الذي أعطيناك, فأعط ما شئت وامنع ما شئت, فلـيس علـيك تَبِعة ولا حساب.
23003ـ حُدثت عن الـمـحاربـيّ, عن جُوَيبر, عن الضحاك فَـامْنُنْ أوْ أمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ سأل مُلكا هنـيئا لا يُحاسب به يوم القـيامة, فقال: ما أعْطَيْت, وما أمْسَكت, فلا حرج علـيك.
23004ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن سفـيان, عن أبـيه, عن عكرمة فـامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيرِ حِسابٍ قال: أعط أو أمسك, فلا حساب علـيك.
23005ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد فـامْنُنْ قال: أعط أو أمسك بغير حساب.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أَعْتِق من هؤلاء الشياطين الذين سخرناهم لك من الـخدمة, أو من الوَثاق مـمن كان منهم مُقَرّنا فـي الأصفـاد مَن شئت واحبس مَنْ شئت فلا حرج علـيك فـي ذلك. ذكر من قال ذلك:
23006ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة فـامْنُنْ أوْ أَمْسِكْ بغَيرِ حِسابٍ يقول: هؤلاء الشياطين احبس من شئت منهم فـي وَثاقك وفـي عذابك, وسرّح من شئت منهم تتـخذ عنده يدا, اصنع ما شئت لا حساب علـيك فـي ذلك.
23007ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس فـامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بغَيرِ حِسابٍ يقول: أعتق من الـجنّ من شئت, وأمسك من شئت.
23008ـ حدثنا مـحمد, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّ, قوله: فـامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بغَيرِ حِسابِ قال: تَـمُنّ علـى من تشاء منهم فتُعْتِقُهُ, وتـمُسِك من شئت فتستـخدمه لـيس علـيك فـي ذلك حساب.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: هذا الذي أعطيناك من القوّة علـى الـجماع عطاؤنا, فجامع من شئت من نسائك وجواريك ما شئت بغير حساب, واترك جماع من شئت منهنّ.
وقال آخرون: بل ذلك من الـمقدّم والـمؤخر. ومعنى الكلام: هذا عطاؤنا بغير حساب, فـامُننْ أو أمسك. وذُكر أن ذلك فـي قراءة عبد الله: «هذا فـامْنُنْ أوْ أمْسِكْ عَطاؤُنا بِغَيرِ حِسابٍ».
وكان بعض أهل العلـم بكلام العرب من البصريـين يقول فـي قوله: بغَيرِ حِسابٍ وجهان أحدهما: بغير جزاء ولا ثواب, والاَخر: مِنّةٍ ولا قِلّةٍ.
والصواب من القول فـي ذلك ما ذكرته عن أهل التأويـل من أن معناه: لا يحاسب علـى ما أعطى من ذلك الـمُلك والسلطان. وإنـما قلنا ذلك هو الصواب لإجماع الـحجة من أهل التأويـل علـيه.
وقوله: وَإنّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفَـى وَحُسْنَ مآبٍ يقول: وإن لسلـيـمان عندنا لقُرْبةً بإنابته إلـينا وتوبته وطاعته لنا, وحُسْنَ مآب: يقول: وحسن مرجع ومصير فـي الاَخرة, كما:
23009ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة وَإنّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفَـى وَحُسْنَ مآبٍ: أي مصير.
إن قال لنا قائل: وما وجه رغبة سلـيـمان إلـى ربه فـي الـملك, وهو نبـيّ من الأنبـياء, وإنـما يرغب فـي الـملك أهل الدنـيا الـمؤثِرون لها علـى الاَخرة؟ أم ما وجه مسألته إياه, إذ سأله ذلك مُلكا لا ينبغي لأحد من بعده, وما كان يضرّه أن يكون كلّ من بعده يُؤْتـيَ مثلَ الذي أوتـي من ذلك؟ أكان به بخـل بذلك, فلـم يكن من مُلكه, يُعطي ذلك من يُعطاه, أم حسد للناس, كما ذُكر عن الـحجاج بن يوسف فإنه ذكر أنه قرأ قوله: وَهَبْ لـي مُلْكا لا يَنْبَغي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي فقال: إن كان لـحسودا, فإن ذلك لـيس من أخلاق الأنبـياء قـيـل: أما رغبته إلـى ربه فـيـما يرغب إلـيه من الـمُلك, فلـم تكن إن شاء الله به رغبةٌ فـي الدنـيا, ولكن إرادةٌ منه أن يعلـم منزلته من الله فـي إجابته فـيـما رغب إلـيه فـيه, وقبوله توبته, وإجابته دعاءَه.
وأما مسألته ربه مُلكا لا ينبغي لأحد من بعده, فإنا قد ذكرنا فـيـما مضى قبلُ قولَ من قال: إن معنى ذلك: هب لـي مُلكا لا أُسلبه كما سْلِبتُه قبل. وإنـما معناه عند هؤلاء: هب لـي مُلكا لا ينبغي لأحد من بعدي أن يَسلُبنـيه. وقد يتـجه ذلك أن يكون بـمعنى: لا ينبغي لأحد سواي من أهل زمانـي, فـيكون حجة وعَلَـما لـي علـى نبوّتـي وأنـي رسولك إلـيهم مبعوث, إذ كانت الرسل لا بدّ لها من أعلام تفـارق بها سائر الناس سواهم. ويتـجه أيضا لأن يكون معناه: وهب لـي مُلكا تَـخُصّنِـي به, لا تعطيه أحدا غيري تشريفـا منك لـي بذلك, وتكرمة, لتبـين منزلتـي منك به من منازل من سواي, ولـيس فـي وجه من هذه الوجوه مـما ظنه الـحجاج فـي معنى ذلك شيء.
الآية : 41-42
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَآ أَيّوبَ إِذْ نَادَىَ رَبّهُ أَنّي مَسّنِيَ الشّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَـَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ }.
يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: وَاذْكُرْ أيضا يا مـحمد عَبْدَنا أيّوبَ إذْ نادَى رَبّهُ مستغيثا به فـيـما نزل به من البلاء: يا ربّ إنّـي مَسّنِـيَ الشّيْطانُ بِنُصْبٍ فـاختلفت القرّاء فـي قراءة قوله: بنُصْبٍ فقرأته عامة قرّاء الأمصار خلا أبـي جعفر القارىء: بِنُصْبٍ بضم النون وسكون الصاد, وقرأ ذلك أبو جعفر: بضم النون والصاد كلـيهما, وقد حُكي عنه بفتـح النون والصاد والنّصْب والنّصَب بـمنزلة الـحُزْن والـحَزَن, والعُدم والعَدَم, والرّشْد والرّشَد, والصّلْب والصّلَب. وكان الفرّاء يقول: إذا ضُمّ أوّله لـم يثقل, لأنهم جعلوهما علـى سِمَتـين: إذا فتـحوا أوّله ثقّلوا, وإذا ضموا أوّله خفّفوا. قال: وأنشدنـي بعض العرب:
لَئِنْ بَعَثَتْ أُمّ الـحُمَيْدَيْنِ مائِرالَقَدْ غَنَـيَتْ فـي غَيرِ بُؤْسٍ ولا جُحدِ
من قولهم: جَحِد عيشه: إذا ضاق واشتدّ قال: فلـما قال جُحْد خَفّف. وقال بعض أهل العلـم بكلام العرب من البصريـين: النّصُب من العذاب. وقال: العرب تقول: أنصبنـي: عذّبنـي وبرّح بـي. قال: وبعضهم يقول: نَصَبَنـي, واستشهد لقـيـله ذلك بقول بشر بن أبـي خازم:
تَعَنّاكَ نَصْبٌ مِن أُمَيْـمَةَ مُنْصِبُكَذِي الشّجْوِ لَـمّا يَسْلُه وسيَذْهَبُ
وقال: يعنـي بـالنّصْب: البلاء والشرّ ومنه قول نابغة بنـي ذُبـيان:
كِلِـينِـي لِهَمّ يا أمَيْـمَةَ ناصِبِوَلَـيْـلٍ أُقاسِيهِ بَطِيءِ الكَوَاكِبِ
قال: والنّصَب إذا فُتـحت وحُرّكت حروفها كانت من الإعياء. والنّصْب إذا فُتـح أوله وسكن ثانـيه: واحد أنصاب الـحرم, وكلّ ما نصب علـما وكأن معنى النّصب فـي هذا الـموضع: العلة التـي نالته فـي جسده والعناء الذي لاقـى فـيه, والعذاب فـي ذهاب ماله.
والصواب من القراءة فـي ذلك عندنا ما علـيه قرّاء الأمصار, وذلك الضمّ فـي النون والسكون فـي الصاد.
وأما التأويـل فبنـحو الذي قلنا فـيه قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
23010ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيّوبَ حتـى بلغ: بِنُصْبٍ وَعَذابٍ: ذهاب الـمال والأهل, والضرّ الذي أصابه فـي جسده, قال: ابتُلِـي سبع سنـين وأشهرا مُلقـى علـى كُناسة لبنـي إسرائيـل تـختلف الدوابّ فـي جسده, ففرّج الله عنه, وعظّم له الأجر, وأحسن علـيه الثناء.
23011ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين, قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّ, قوله: مَسّنِـيَ الشّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ قال: نصب فـي جسدي, وعذاب فـي مالـي.
23012ـ حُدثت عن الـمـحاربـيّ, عن جُوَيبر, عن الضحاك: أنّـي مَسّنِـيَ الشّيْطانُ بنُصْبٍ يعنـي: البلاء فـي الـجسد وَعَذابٍ قوله: وَما أصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِـما كَسَبَتْ أيْدِيكُمْ.
وقوله: ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ومعنى الكلام: إذ نادى ربه مستغيثا به, أنـي مسنـي الشيطان ببلاء فـي جسدي, وعذاب بذهاب مالـي وولدي, فـاستـجبنا له, وقلنا له: اركض برجلك الأرض: أي حرّكها وادفعها برجلك, والركض: حركة الرجل, يقال منه: ركضت الدابة, ولا تركض ثوبك برجلك.
وقـيـل: إن الأرض التـي أُمر أيوب أن يركضها برجله: الـجابـية. ذكر من قال ذلك:
23013ـ حدثنا بشر, قلا: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة ارْكُضْ بِرِجْلِكَ... الاَية, قال: ضرب برجله الأرض, أرضا يقال لها الـجابـية.
وقوله: هَذَا مُغْتَسَلٌ بـارِدٌ وَشَرَابٌ ذُكر أنه نبعت له حين ضرب برجله الأرض عينان, فشرب من إحداهما, واغتسل من الأخرى. ذكر من قال ذلك:
23014ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قال: ضرب برجله الأرض, فإذا عينان تنبعان, فشرب من إحداهما, واغتسل من الأخرى.
23015ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق, عن بعض أهل العلـم, عن وهب بن منبه ارْكُضْ برِجْلكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بـارِدٌ وَشَرابٌ قال: فركض برجله, فـانفجرت له عين, فدخـل فـيها واغتسل, فأذهب الله عنه كلّ ما كان من البلاء.
23016ـ حدثنـي بشر بن آدم, قال: حدثنا أبو قُتـيبة, قال: حدثنا أبو هلال, قال: سمعت الـحسن, فـي قول الله: ارْكُضْ بِرِجْلِكَ فركض برجله, فنبعت عين فـاغتسل منها, ثم مشى نـحوا من أربَعين ذراعا, ثم ركض برجله, فنبعت عين, فشرب منها, فذلك قوله: ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذا مُغْتَسَلٌ بـارِدٌ وَشَرابٌ.
وعنى بقوله: مُغْتَسَلٌ: ما يُغْتَسل به من الـماء, يقال منه: هذا مُغْتَسل, وغَسُول للذي يُغتسل به من الـماء. وقوله: وَشَرابٌ يعنـي: ويشرب منه, والـموضع الذي يغتسل فـيه يسمى مغتسلاً