خروج النبي ﷺ مع عمه إلى الشام - الأحاديث الصحيحة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الكتب الستة

خروج النبي ﷺ مع عمه إلى الشام

عن أبي موسى الأشعري قال: خرج أبو طالب إلى الشام وخرج معه النبي ﷺ في أشياخ من قريش، فلما أشرفوا على الراهب هبطوا فحلوا رحالهم، فخرج إليهم الراهب وكانوا قبل ذلك يمرون به فلا يخرج إليهم ولا يلتفت. قال: فهم يحلون رحالهم، فجعل يتخللهم الراهب حتى جاء فأخذ بيد رسول الله ﷺ فقال: هذا سيد العالمين، هذا رسول رب العالمين، يبعثه الله رحمة للعالمين، فقال له أشياخ من قريش: ما علمك؟ فقال: إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق شجر ولا حجر إلا خرّ ساجدًا ولا يسجدان إلا لنبي، وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة، ثم رجع فصنع لهم طعامًا، فلما أتاهم به وكان هو في رعية الإبل، فقال: أرسلوا إليه، فأقبل وعليه غمامة تظله، فلما دنا من القوم وجدهم قد سبقوه إلى فيء
الشجرة، فلما جلس مال فيء الشجرة عليه، فقال: انظروا إلى فيء الشجرة مال عليه، قال: فبينما هو قائم عليهم وهو يناشدهم أن لا يذهبوا به إلى الروم، فإن الروم إن رأوه عرفوه بالصفة فيقتلونه، فالتفت فإذا بسبعة قد أقبلوا من الروم فاستقبلهم، فقال: ما جاء بكم؟ قالوا: جئنا، إن هذا النبي خارج في هذا الشهر، فلم يبق طريق إلا بُعث إليه بأناس وإنا قد أخبرنا خبره فبعثنا إلى طريقك هذا، فقال: هل خلفكم أحد هو خير منكم؟ قالوا: إنما أخبرنا خبره بطريقك هذا. قال: أفرأيتم أمرًا أراد الله أن يقضيه هل يستطيع أحد من الناس رده؟ قالوا: لا. قال: فبايعوه وأقاموا معه قال: أنشدكم بالله أيكم وليه؟ قالوا: أبو طالب، فلم يزل يناشده حتى رده أبو طالب وبعث معه أبو بكر بلالًا وزوّده الراهب من الكعك والزيت.

حسن: رواه الترمذي (٣٦٢٠) عن الفضل بن سهل أبي العباس الأعرج البغدادي قال: حدثنا عبد الرحمن بن غزوان، قال: أخبرنا يونس بن أبي إسحاق، عن أبي بكر بن أبي موسى الأشعري، عن أبيه فذكره.
وعبد الرحمن بن غزوان هو أبو نوح المعروف بقراد، ثقة من رجال البخاري.
ومن طريقه رواه الحاكم (٢/ ٦١٥ - ٦١٦) وعنه البيهقي في دلائله (٢/ ٤٢) والخطيب في تاريخ بغداد (١٠/ ٢٥٢) في ترجمة عبد الرحمن بن غزوان. وابن عساكر في تاريخ دمشق (٣/ ٤) وقال أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، قال العباس بن محمد الدوري: ليس في الدنيا مخلوق يحدث به غير قُراد أبي نوح. وسمع هذا الحديث أحمد بن حنبل ويحيى بن معين من قُراد وقالا: وإنما سمعناه من قراد لأنه من الغرائب والأفراد التي نقر بروايتها عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن أبيه انتهى. ذكره الخطيب وابن عساكر.
وقال الترمذي: «هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه».
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين.
فتعقبه الذهبي فقال: «أظنه موضوعا، فبعضه باطل» كذا قال. لعله لوجود ذكر أبي بكر وبلال في الحديث وهذا القدر من الحديث منكر لا شك فيه.
ولكن أصل القصة وهي ذهابه ﷺ إلى الشام مع عمه لم ينكر عليه أحد فيما أعلم.
وقد جزم به الحافظ ابن القيم فقال في زاده (١/ ٧٦ - ٧٨): فلما بلغ ثنتي عشرة سنة خرج به عمه إلى الشام. وقيل: كانت سنه تسع سنين، وفي هذه الخرجة رآه بحيرى الراهب، وأمر عمه ألا يقدم به إلى الشام خوفًا عليه من اليهود، فبعثه عمه جمع بعض غلمانه إلى مكة».
ثم قال: ووقع في كتاب الترمذي وغيره أنه بعث معه بلالًا، وهو من الغلط الواضح، فإن بلالًا
إذ ذاك لعله لم يكن موجودًا. وإن كان فلم يكن مع عمه. ولا مع أبي بكر. وذكر البزار في مسنده هذا الحديث ولم يقل: أرسل معه عمه بلالًا، ولكن قال: رجلًا» انتهى.
وقد ذكر هذه القصة محمد بن إسحاق في سيرته وليس فيها ذكر أبي بكر وبلال.
قال ابن إسحاق: ثم إن أبا طالب خرج في ركب تاجرًا إلى الشام، فلما تهيّأ للرحيل، وأجمع السير، صب له رسول الله ﷺ فيما يزعمون - فرقّ له أبو طالب، وقال: والله! لأخرجن به معي، ولا أفارقه، ولا يفارقني أبدًا. أو كما قال، فخرج به معه، فلما نزل الركب بصرى من أرض الشام، وبها راهب يقال له: بحيرى. في صومعة له، وكان إليه علم أهل النصرانية، ولم يزل في تلك الصومعة منذ قط راهب، إليه يصير علمهم عن كتاب - فيما يزعمون - يتوارثونه كابرًا عن كابر، فلما نزلوا ذلك العام ببحيرى، وكانوا كثيرًا ما يمرون به قبل ذلك، فلا يكلمهم، ولا يعرض لهم، حتى كان ذلك العام، فلما نزلوا قريبًا من صومعته، صنع لهم طعامًا كثيرًا، وذلك - فيما يزعمون - عن شيء رآه، وهو من صومعته، يزعمون أنه رأى رسول الله ﷺ في الركب، حين أقبلوا، وغمامة تظله من بين القوم، ثم أقبلوا، فنزلوا في ظل شجرة قريبًا منه، فنظر إلى الغمامة حين أظلت الشجرة، وتهصرت أغصان الشجرة على رسول الله ﷺ، حتى استظل تحتها، فلما رأى ذلك بحيرى، نزل من صومعته، وقد أمر بطعام فصنع، ثم أرسل إليهم، فقال: إني قد صنعت لكم طعامًا يا معشر قريش! فأنا أحب أن تحضروا كلكم، صغيركم وكبيركم، وعبدكم وحركم. فقال له رجل منهم: والله! يا بحيرى! إن لك لشأنًا اليوم! ما كنت تصنع هذا بنا، وقد كنا نمرّ بك كثيرًا، فما شأنك اليوم؟ قال له بحيرى: صدقت، قد كان ما تقول، ولكنكم ضيف، وقد أحببت أن أكرمكم، وأصنع لكم طعامًا، فتأكلوا منه كلكم. فاجتمعوا إليه، وتخلف رسول الله ﷺ، من بين القوم لحداثة سنه، في رحال القوم، تحت الشجرة، فلما نظر بحيرى في القوم، لم ير الصفة التي يعرف ويجد عنده، فقال: يا معشر قريش! لا يتخلفن أحد منكم عن طعامي. قالوا: يا بحيرى! ما تخلف أحد ينبغي له أن يأتيك إلا غلام، وهو أحدثنا سنًا، فتخلف في رحالنا. قال: لا تفعلوا! ادعوه فليحضر هذا الطعام معكم. قال: فقال رجل من قريش مع القوم: واللات والعزى، إن كان للؤمًا بنا، أن يتخلف محمد بن عبد الله بن عبد المطلب عن طعام من بيننا. ثم قام إليه، فاحتضنه، وأجلسه مع القوم، فلما رآه بحيرى، جعل يلحظه لحظًا شديدًا، وينظر إلى أشياء من جسده، قد كان يجدها عنده من صفته، حتى إذا فرغ القوم من طعامهم وتفرقوا، قام إليه بحيرى، وقال له: يا غلام! أسألك بحق اللات والعزى، إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه. وإنما قال له بحيرى ذلك، لأنه سمع قومه يحلفون بهما. فزعموا أن رسوك الله ﷺ قال له: لا تسألني باللات والعزى، فوالله ما أبغضت شيئا قط بغضهما، فقال له بحيرى: فبالله إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه. فقال له: سلني عما بدا لك. فجعل يسأله عن أشياء من حاله، من نومه، وهيئته، وأموره، فجعل رسول الله ﷺ يخبره، فيوافق ذلك ما عند بحيرى من صفته، ثم نظر إلى ظهره، فرأى خاتم النبوة بين كتفيه،
على موضعه من صفته التي عنده، فلما فرغ أقبل على عمه أبي طالب، فقال: ما هذا الغلام منك؟ قال: ابني. قال بحيرى: ما هو بابنك، وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيًّا. قال: فإنه ابن أخي. قال: فما فعل أبوه؟ قال: مات وأمه حبلى به. قال: صدقت، ارجع بابن أخيك إلى بلده، واحذر عليه يهود، فوالله! لئن رأوه، وعرفوا منه ما عرفت، ليبغنّه شرًّا، فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم، فأسرع به إلى بلاده. فخرج به عمه أبو طالب سريعًا، حتى أقدمه مكة، حين فرغ من تجارته بالشام». انتهى.
سيرة ابن إسحاق (٥٣ وما بعده) وسيرة ابن هشام (١/ ١٨٠ - ١٨٣).
وقُراد أبو نوح عبد الرحمن بن غزوان ثقة حافظ لم أجد من جرّحه.
قال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي ذكر أبا نوح فقال: كان عاقلًا من الرجال.
وذكر الخطيب في تاريخه قول مجاهد بن موسى ويحيى بن معين وغيرهما في توثيق عبد الرحمن بن غزوان.
فلا يضر تفرده وقد قال الحافظ ابن حجر في «الإصابة» «رجاله ثقات» وذكر أبي بكر وبلال خطأ من أحد الرواة، أو منه، لأن كبار الأئمة لم يسلموا من الخطأ والسهو. فلا يستطيع أحد أن يُسقط أصل القصة من السيرة النبوية.
فلا ينبغي الإنكار على هذه القصة من أصلها خوفًا من أن بعض المستشرقين اتخذوها ذريعة للطعن في نبوة النبي ﷺ وقالوا: إنه أخذ شرائع الإسلام من هذا الراهب، بل منهم من قال: إنه أخذ القرآن بكامله منه. وهو قول يدل على إفلاس قائله وجهله.

أبواب الكتاب (عرض 50 باباً حول الباب الحالي)

الباب الحالي في المركز 21 من أصل 659 باباً

معلومات عن حديث: خروج النبي ﷺ مع عمه إلى الشام

  • 📜 حديث عن خروج النبي ﷺ مع عمه إلى الشام

    أحاديث نبوية شريفة تتعلق بـ خروج النبي ﷺ مع عمه إلى الشام من مصادر موثوقة.

  • 🔍 صحة حديث خروج النبي ﷺ مع عمه إلى الشام

    تحقق من درجة أحاديث خروج النبي ﷺ مع عمه إلى الشام (صحيح، حسن، ضعيف).

  • 📖 تخريج حديث خروج النبي ﷺ مع عمه إلى الشام

    تخريج علمي لأسانيد أحاديث خروج النبي ﷺ مع عمه إلى الشام ومصادرها.

  • 📚 أحاديث عن خروج النبي ﷺ مع عمه إلى الشام

    مجموعة شاملة من الأحاديث النبوية في موضوع خروج النبي ﷺ مع عمه إلى الشام.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Friday, August 22, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب