تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار ..

  1. تفسير السعدي
  2. تفسير البغوي
  3. التفسير الوسيط
  4. تفسير ابن كثير
  5. تفسير الطبري
الفسير الوسيط | التفسير الوسيط للقرآن الكريم للطنطاوي | تأليف شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي (المتوفى: 1431هـ) : ويعتبر هذا التفسير من التفاسير الحديثة و القيمة لطلاب العلم و الباحثين في تفسير القرآن العظيم بأسلوب منهجي سهل و عبارة مفهومة, تفسير الآية 117 من سورةالتوبة - التفسير الوسيط .
  
   

﴿ لَّقَد تَّابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾
[ سورة التوبة: 117]

معنى و تفسير الآية 117 من سورة التوبة : لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار .


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

تفسير السعدي : لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار


يخبر تعالى أنه من لطفه وإحسانه تَابَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ‏‏وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ‏‏ فغفر لهم الزلات، ووفر لهم الحسنات، ورقاهم إلى أعلى الدرجات، وذلك بسبب قيامهم بالأعمال الصعبة الشاقات، ولهذا قال‏:‏ ‏‏الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ‏‏ أي‏:‏ خرجوا معه لقتال الأعداء في وقعة ‏"‏تبوك‏"‏ وكانت في حر شديد، وضيق من الزاد والركوب، وكثرة عدو، مما يدعو إلى التخلف‏.
‏فاستعانوا اللّه تعالى، وقاموا بذلك ‏‏مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ‏‏ أي‏:‏ تنقلب قلوبهم، ويميلوا إلى الدعة والسكون، ولكن اللّه ثبتهم وأيدهم وقواهم‏.
‏ وزَيْغُ القلب هو انحرافه عن الصراط المستقيم، فإن كان الانحراف في أصل الدين، كان كفرا، وإن كان في شرائعه، كان بحسب تلك الشريعة، التي زاغ عنها، إما قصر عن فعلها، أو فعلها على غير الوجه الشرعي‏.
‏وقوله ‏‏ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ‏‏ أي‏:‏ قبل توبتهم ‏‏إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ‏‏ ومن رأفته ورحمته أن مَنَّ عليهم بالتوبة، وقبلها منهم وثبتهم عليها‏.

تفسير البغوي : مضمون الآية 117 من سورة التوبة


قوله عز وجل : ( لقد تاب الله على النبي ) الآية ، تاب الله أي : تجاوز وصفح .
ومعنى توبته على النبي صلى الله عليه وسلم بإذنه للمنافقين بالتخلف عنه .
وقيل: افتتح الكلام به لأنه كان سبب توبتهم ، فذكره معهم ، كقوله تعالى : " فأن لله خمسه وللرسول " ( الأنفال - 41 ) ، ونحوه .
( والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة ) أي : في وقت العسرة ، ولم يرد ساعة بعينها ، وكانت غزوة تبوك تسمى غزوة العسرة ، والجيش يسمى جيش العسرة .
والعسرة الشدة ، وكانت عليهم غزوة عسرة في الظهر والزاد والماء .
قال الحسن : كان العشرة منهم يخرجون على بعير واحد يعتقبونه ، يركب الرجل ساعة ، ثم ينزل فيركب صاحبه كذلك ، وكان زادهم التمر المسوس والشعير المتغير ، وكان النفر منهم يخرجون ، ما معهم إلا التمرات بينهم ، فإذا بلغ الجوع من أحدهما أخذ التمرة فلاكها حتى يجد طعمها ثم يعطيها صاحبه فيمصها ، ثم يشرب عليها جرعة من ماء كذلك حتى يأتي على آخرهم ، ولا يبقى من التمرة إلا النواة ، فمضوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك على صدقهم ويقينهم .
وقال عمر بن الخطاب : خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى تبوك في قيظ شديد فنزلنا منزلا أصابنا فيه عطش حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع ، وحتى إن كان الرجل ليذهب فيلتمس الماء فلا يرجع حتى نظن أن رقبته ستنقطع ، وحتى إن الرجل لينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه ويجعل ما بقي على كبده ، فقال أبو بكر الصديق : يا رسول الله إن الله قد عودك في الدعاء خيرا فادع الله لنا .
قال : " أتحب ذلك؟ " قال : نعم ، فرفع يديه فلم يرجعهما حتى قالت السماء فأظلت ثم سكبت ، فملئوا ما معهم ، ثم ذهبنا ننظر فلم نجدها جازت العسكر .
( من بعد ما كاد يزيغ ) قرأ حمزة وحفص : " يزيغ " بالياء لقوله : " كاد " ولم يقل : كادت .
وقرأ الآخرون بالتاء .
والزيغ : الميل ، أي : من بعد ما كاد تميل ، ( قلوب فريق منهم ) أي : قلوب بعضهم ، ولم يرد الميل عن الدين ، بل أراد الميل إلى التخلف والانصراف للشدة التي عليهم .
قال الكلبي : هم ناس بالتخلف ثم لحقوه .
( ثم تاب عليهم ) فإن قيل: كيف أعاد ذكر التوبة وقد قال في أول الآية : ( لقد تاب الله على النبي ) ؟قيل: ذكر التوبة في أول الآية قبل ذكر الذنب ، وهو محض الفضل من الله عز وجل ، فلما ذكر الذنب أعاد ذكر التوبة ، والمراد منه قبولها .
( إنه بهم رءوف رحيم ) قال ابن عباس : من تاب الله عليه لم يعذبه أبدا .
قوله عز وجل : ( وعلى الثلاثة الذين خلفوا ) أي خلفوا عن غزوة تبوك .
وقيل: خلفوا أي : أرجئ أمرهم ، عن توبة أبي لبابة وأصحابه ، وهؤلاء الثلاثة هم : كعب بن مالك الشاعر ، ومرارة بن الربيع ، وهلال بن أمية ، كلهم من الأنصار .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا الليث عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن عبد الله بن كعب بن مالك - وكان قائد كعب من بنيه حين عمي - قال : سمعت كعب بن مالك يحدث حين تخلف عن غزوة تبوك ، قال كعب : لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها قط إلا في غزوة تبوك ، غير أني كنت تخلفت عن غزوة بدر ، ولم يعاتب أحدا تخلف عنها ، إنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد عير قريش حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد ، ولقد شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة حين تواثقنا على الإسلام ، وما أحب أن لي بها مشهد بدر ، وإن كانت بدر أذكر في الناس منها ، وكان من خبري أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر حين تخلفت عنه في تلك الغزاة ، والله ما اجتمعت عندي قبله راحلتان قط ، حتى جمعتهما في تلك الغزوة ، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوة إلا ورى بغيرها ، حتى كانت تلك الغزوة ، غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد واستقبل سفرا بعيدا ومفازا وعدوا كثيرا ، فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم ، فأخبرهم بوجهه الذي يريد ، والمسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير ، ولا يجمعهم كتاب حافظ - يريد الديوان - قال كعب : فما رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أن ذلك سيخفى له ما لم ينزل فيه وحي من الله ، وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال ، فتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون .
معه فطفقت أغدو لكي أتجهز معهم ، فأرجع ولم أقض شيئا ، وأقول في نفسي : أنا قادر عليه إذا أردت ، فلم يزل يتمادى بي الأمر حتى اشتد بالناس الجد ، فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه ، ولم أقض من جهازي شيئا .
فقلت : أتجهز بعده بيوم أو يومين ثم ألحقهم ، فغدوت بعد أن فصلوا لأتجهز فرجعت ولم أقض شيئا ، ثم غدوت ثم رجعت ولم أقض شيئا فلم يزل يتمادى بي حتى أسرعوا ، وتفارط الغزو ، وهممت أن أرتحل فأدركهم ، وليتني فعلت ، فلم يقدر لي ذلك ، فكنت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم فطفت فيهم أحزنني أني لا أرى لي أسوة إلا رجلا مغموصا عليه في النفاق أو رجلا ممن عذر الله من الضعفاء ، ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك ، فقال وهو جالس في القوم بتبوك : " ما فعل كعب؟ " فقال رجل من بني سلمة : يا رسول الله حبسه برداه ونظره في عطفيه ، فقال معاذ بن جبل : بئس ما قلت ، والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرا .
فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال كعب بن مالك : فلما بلغني أنه توجه قافلا حضرني همي ، فطفقت أتذكر الكذب وأقول : بماذا أخرج من سخطه غدا؟ واستعنت على ذلك بكل ذي رأي من أهلي ، فلما قيل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أظل قادما زاح عني الباطل ، وعرفت أني لن أخرج منه أبدا بشيء فيه كذب ، فأجمعت صدقه ، وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قادما ، وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد ، فركع فيه ركعتين ، ثم جلس للناس ، فلما فعل ذلك جاءه المخلفون فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له ، وكانوا بضعة وثمانين رجلا فقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علانيتهم ، وبايعهم ، واستغفر لهم ، ووكل سرائرهم إلى الله ، فجئته فلما سلمت عليه تبسم تبسم المغضب ، ثم قال : تعال ، فجئت أمشي حتى جلست بين يديه ، فقال لي : " ما خلفك ألم تكن قد ابتعت ظهرك؟ " فقلت : بلى يا رسول الله ، إني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أني سأخرج من سخطه بعذر ، ولقد أعطيت جدلا ولكني والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عني ليوشكن الله أن يسخطك علي ، ولئن حدثتك حديث صدق تجد علي فيه ، إني لأرجو فيه عفو الله ، لا والله ما كان لي من عذر ، والله ما كنت أقوى قط ولا أيسر مني حين تخلفت عنك .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما هذا فقد صدق ، فقم حتى يقضي الله فيك .
فقمت وثار رجال من بني سلمة فاتبعوني فقالوا لي : والله ما علمناك كنت أذنبت ذنبا قبل هذا ، ولقد عجزت في أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر إليه المخلفون ، قد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوالله ما زالوا يؤنبونني حتى أردت أن أرجع وأكذب نفسي ، ثم قلت لهم : هل لقي هذا معي أحد؟ قالوا : نعم ، رجلان قالا مثل ما قلت ، فقيل لهما مثل ما قيل لك ، فقلت : من هما قالوا : مرارة بن الربيع العمري ، وهلال بن أمية الواقفي ، فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا فيهما أسوة ، فمضيت حين ذكروهما لي .
قال : ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه ، فاجتنبنا الناس وتغيروا لنا حتى تنكرت في نفسي الأرض ، فما هي بالأرض التي أعرف ، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة ، فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان ، وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم ، فكنت أخرج فأشهد الصلاة مع المسلمين ، وأطوف في الأسواق ، ولا يكلمني أحد ، وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة ، فأقول في نفسي : هل حرك شفتيه برد السلام علي أم لا؟ ثم أصلي قريبا منه وأسارقه النظر ، فإذا أقبلت على صلاتي أقبل إلي وإذا التفت نحوه أعرض عني ، حتى إذا طال علي ذلك من جفوة الناس مشيت حتى تسورت جدار حائط أبي قتادة ، وهو ابن عمي وأحب الناس إلي ، فسلمت عليه فوالله ما رد علي السلام ، فقلت له : يا أبا قتادة أنشدك بالله هل تعلمني أحب الله ورسوله؟ فسكت ، فعدت له فنشدته فسكت ، فعدت فنشدته فقال : الله ورسوله أعلم .
ففاضت عيناي ، وتوليت حتى تسورت الجدار .
قال : فبينا أنا أمشي بسوق المدينة إذا نبطي من أنباط الشام ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة يقول : من يدل على كعب بن مالك ، فطفق الناس يشيرون له نحوي ، حتى إذا جاءني دفع إلي كتابا من ملك غسان فقرأته فإذا فيه : أما بعد : فإنه قد بلغني أن صاحبك قد جفاك ، ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة ، فالحق بنا نواسك ، فقلت لما قرأته : وهذا أيضا من البلاء ، فتيممت به التنور فسجرته .
حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخمسين إذا رسول لرسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك ، فقلت : أطلقها أم ماذا أفعل؟ فقال : لا بل اعتزلها ولا تقربها ، وأرسل إلى صاحبي بمثل ذلك ، فقلت لامرأتي الحقي بأهلك وكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر .
قال كعب : فجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إن هلال بن أمية شيخ ضائع ليس له خادم فهل تكره أن أخدمه؟ قال : " لا ولكن لا يقربك " ، قالت : إنه والله ما به حركة إلى شيء ، والله ما زال يبكي منذ كان من أمره ما كان إلى يومه هذا .
قال كعب : فقال لي بعض أهلي : لو استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأتك كما أذن لامرأة هلال بن أمية أن تخدمه .
فقلت : والله لا أستأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما يدريني ما يقول لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استأذنته فيها وأنا رجل شاب ، فلبثت بعد ذلك عشر ليال حتى كملت لنا خمسون ليلة من حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلامنا ، فلما صليت الفجر صبح خمسين ليلة ، وأنا على ظهر بيت من بيوتنا ، فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله قد ضاقت علي نفسي وضاقت علي الأرض بما رحبت سمعت صوت صارخ أوفى على جبل سلع ، يقول بأعلى صوته : يا كعب بن مالك أبشر .
فخررت لله ساجدا وعرفت أنه قد جاء فرج ، وآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر فذهب الناس يبشروننا ، وذهب قبل صاحبي مبشرون ، وركض رجل إلي فرسا وسعى ساع من أسلم ، فأوفى على الجبل فكان الصوت أسرع من الفرس ، فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت له ثوبي فكسوته إياهما ببشراه ، ووالله ما أملك غيرهما يومئذ ، واستعرت ثوبين فلبستهما وانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتلقاني الناس فوجا فوجا يهنئونني بالتوبة ويقولون : ليهنك توبة الله عليك .
قال كعب : حتى دخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس حوله الناس ، فقام إلي طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني ، والله ما قام إلي رجل من المهاجرين غيره ، ولا أنساها لطلحة .
قال كعب : فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبرق وجهه من السرور : " أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك " ! قال قلت : أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله؟ قال : لا بل من عند الله ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر ، وكنا نعرف ذلك منه ، فلما جلست بين يديه قلت : يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك ، قلت : فإني أمسك سهمي الذي بخيبر .
فقلت : يا رسول الله إنما نجاني الله بالصدق ، وإن من توبتي ألا أحدث إلا صدقا ما بقيت ، فوالله ما أعلم أحدا من المسلمين أبلاه الله في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن مما أبلاني ، ما تعمدت منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا كذبا ، وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقيت .
وأنزل الله على رسوله : ( لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار ) إلى قوله : ( وكونوا مع الصادقين ) .
وروى إسحاق بن راشد عن الزهري بهذا الإسناد عن كعب ، قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلامي وكلام صاحبي ، فلبثت كذلك حتى طال علي الأمر ، وما من شيء أهم إلي من أن أموت ولا يصلي علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو يموت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكون من الناس بتلك المنزلة ، فلا يكلمني أحد منهم ولا يصلي علي! وأنزل الله توبتنا على نبيه صلى الله عليه وسلم حين بقي الثلث الأخير من الليل ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم عند أم سلمة وكانت أم سلمة محسنة في شأني ، معينة في أمري ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أم سلمة تيب على كعب " قالت : أفلا أرسل إليه فأبشره؟ قال : إذا يحطمكم الناس ، فيمنعونكم النوم سائر الليلة ، حتى إذا صلى صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر آذن بتوبة الله علينا .

التفسير الوسيط : لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار


قال الإمام الرازي: اعلم أنه-تبارك وتعالى- لما استقصى في شرح أحوال غزوة تبوك، وبين أحوال المتخلفين عنها، وأطال القول في ذلك على الترتيب الذي لخصناه فيما سبق، عاد في هذه الآية إلى شرح ما بقي من أحكامها، ومن بقية تلك الأحكام أنه قد صدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يجرى مجرى ترك الأولى، وصدر عن المؤمنين كذلك نوع زلة، فذكر- سبحانه - أنه تفضل عليهم، وتاب عليهم، في تلك الزلات، فقال-تبارك وتعالى-: لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ.. .
وللعلماء أقوال في المراد بالتوبة التي تابها الله على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى المهاجرين والأنصار: فمنهم من يرى أن المراد بها قبول توبتهم، وغفران ذنوبهم، والتجاوز عن زلاتهم التي حدثت منهم في تلك الغزوة أو في غيرها، وإلى هذا المعنى أشار القرطبي بقوله:قال ابن عباس: كانت التوبة على النبي صلى الله عليه وسلم لأجل أنه أذن للمنافقين في القعود، بدليل قوله- سبحانه - قبل ذلك: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ ...
وكانت توبته على المؤمنين من ميل قلوب بعضهم إلى التخلف عنه- أى: إلى التخلف عن الخروج معه إلى غزوة تبوك .
ومنهم من يرى أن المقصود بذكر التوبة هنا التنويه بفضلها، والحض على تجديدها، وإلى هذا المعنى اتجه صاحب الكشاف فقال: «تاب الله على النبي» كقوله: «ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر» وكقوله: «واستغفر لذنبك» .
وهو بعث للمؤمنين على التوبة، وأنه ما من مؤمن إلا وهو محتاج إلى التوبة والاستغفار، حتى النبي والمهاجرين والأنصار، وإبانة لفضل التوبة ومقدارها عند الله، وأن صفة التوابين الأوابين صفة الأنبياء كما وصفهم بالصالحين ليظهر فضيلة الصلاح..ومنهم من يرى أن المراد بالتوبة هنا: دوامها لا أصلها، وإلى هذا المعنى أشار بعضهم بقوله: لقد تاب الله على النبي..» أى: أدام توبته على النبي والمهاجرين والأنصار.
وهذا جواب عما يقال: من أن النبي معصوم من الذنب، وأن المهاجرين والأنصار لم يفعلوا ذنبا في هذه القضية، بل اتبعوه من غير تلعثم، قلنا: المراد بالتوبة في حق الجميع دوامها لا أصلها..» .
ومنهم من يرى أن ذكر النبي هنا إنما هو من باب التشريف، والمراد قبول توبة المهاجرين والأنصار فيما صدر عن بعضهم من زلات.
وقد وضح هذا المعنى الإمام الآلوسى فقال: قال أصحاب المعاني: المراد ذكر التوبة على المهاجرين والأنصار، إلا أنه جيء في ذلك بالنبي صلى الله عليه وسلم تشريفا لهم، وتعظيما لقدرهم، وهذا كما قالوا في ذكره-تبارك وتعالى- في قوله:فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ.. الآية أى: عفا- سبحانه - عن زلات صدرت منهم يوم أحد ويوم حنين ...
» .
ويبدو لنا أن الرأى الأول أقرب الآراء إلى الصواب، لأن الآية الكريمة مسوقة لبيان فضل الله-تبارك وتعالى- على رسوله وعلى المؤمنين، حيث غفر لهم ما فرط منهم من هفوات وقعت في هذه الغزوة وهذه الهفوات صدرت منهم بمقتضى الطبيعة البشرية، وبمقتضى الاجتهاد في أمور لم يبين الله-تبارك وتعالى- حكمه فيها، فهي لا تنقص من منزلة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا من منزلة أصحابه الصادقين في إيمانهم.
والمعنى، لقد تقبل الله-تبارك وتعالى- توبة النبي صلى الله عليه وسلم كما تقبل توبة أصحابه المهاجرين والأنصار، الذين اتبعوه عن طواعية واختيار وإخلاص في ساعة العسرة.
أى في وقت الشدة والضيق، وهو وقت غزوة تبوك، فالمراد بالساعة هنا مطلق الوقت.
وقد كانت غزوة تبوك تسمى غزوة العسرة، كما كان الجيش الذي اشترك فيها يسمى بجيش العسرة، وذلك لأن المؤمنين خرجوا إليها في سنة مجدبة، وحر شديد، وفقر في الزاد والماء والراحلة.
قال ابن كثير: قال مجاهد وغير واحد: نزلت هذه الآية في غزوة تبوك، وذلك أنهم خرجوا إليها في شدة من الأمر، في سنة مجدبة، وحر شديد، وعسر في الزاد والماء.
وقال قتادة: خرجوا إلى الشام عام تبوك في لهبان الحر- أى شدته- على ما يعلم الله من الجهد، أصابهم فيها تعب شديد، حتى لقد ذكر لنا أن الرجلين كانا يشقان التمرة بينهما .
وقال الحسن: كان العشرة منهم يعتقبون بعيرا واحدا، يركب الرجل منهم ساعة ثم ينزل فيركب صاحبه كذلك، وكان النفر منهم يخرجون وليس معهم إلا التمرات اليسيرة فإذا بلغ الجوع من أحدهم أخذ التمرة فلاكها حتى يجد طعمها، ثم يشرب عليها جرعة من الماء..ومضوا مع النبي صلى الله عليه وسلم على صدقهم ويقينهم- رضى الله عنهم .
وقوله: مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ بيان لتناهى الشدة، وبلوغها الغاية القصوى.
أى: تاب- سبحانه - على الذين اتبعوا رسوله من المهاجرين والأنصار، من بعد أن أشرف فريق منهم على الميل عن التخلف عن الخروج إلى غزوة تبوك، لما لابسها وصاحبها من عسر وشدة وتعب.
وفي ذكر «فريق منهم» إشارة إلى أن معظم المهاجرين والأنصار، مضوا معه صلى الله عليه وسلم إلى تبوك دون أن تؤثر هذه الشدائد في قوة إيمانهم وصدق يقينهم، ومضاء عزيمتهم، وشدة إخلاصهم.
قال الآلوسى ما ملخصه: وفي «كاد» ضمير الشأن و «قلوب» فاعل «يزيغ» والجملة في موضع الخبر لكاد.. وهذا على قراءة «يزيع» بالياء، وهي قراءة حمزة، وحفص، والأعمش.
وأما على قراءة «تزيغ» بالتاء، وهي قراءة الباقين.
فيحتمل أن يكون «قلوب» اسم كاد «وتزيغ» خبرها، وفيه ضمير يعود على اسمها» .
وقوله: ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ تذييل مؤكد لقبول التوبة ولعظيم فضل الله عليهم.
ولطفه بهم.
أى: ثم تاب عليهم- سبحانه - بعد أن كابدوا ما كابدوا من العسر والمشقة ومجاهدة النفس.
إنه بهم رءوف رحيم.
قال بعضهم: فإن قلت: قد ذكر التوبة أولا ثم ذكرها ثانيا فما فائدة التكرار؟قلت: إنه- سبحانه - ذكر التوبة أولا قبل ذكر الذنب تفضلا منه وتطييبا لقلوبهم، ثم ذكر الذنب بعد ذلك وأردفه بذكر التوبة مرة أخرى، تعظيما لشأنهم، وليعلموا أنه-تبارك وتعالى- قد قبل توبتهم، وعفا عنهم، ثم أتبعه بقوله- سبحانه - إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ تأكيدا لذلك.
والرأفة عبارة عن السعى في إزالة الضرر، والرحمة عبارة عن السعى في إيصال النفع، .
وقال القرطبي: قوله «ثم تاب عليهم» قيل: توبته عليهم أن تدارك قلوبهم حتى لم تزغ وتلك سنة الحق- سبحانه - مع أوليائه إذا أشرفوا على العطب ووطنوا أنفسهم على الهلاك، أمطر عليهم سحائب الجود فأحيا قلوبهم.
قال الشاعر:منك أرجو ولست أعرف ربا ...
يرتجى منه بعض ما منك أرجووإذا اشتدت الشدائد في الأر ...
ض على الخلق فاستغاثوا وعجواوابتليت العباد بالخوف والجو ...
ع، وصروا على الذنوب ولجوالم يكن لي سواك ربي ملاذ ...
فتيقنت أننى بك أنجووكما تقبل الله-تبارك وتعالى- توبة المهاجرين والأنصار الذين اتبعوا رسولهم صلى الله عليه وسلم في ساعة العسرة.. فقد تقبل توبة الثلاثة الذين تخلفوا عن الاشتراك في غزوة تبوك، فقال-تبارك وتعالى-:

تفسير ابن كثير : شرح الآية 117 من سورة التوبة


قال مجاهد وغير واحد : نزلت هذه الآية في غزوة تبوك ، وذلك أنهم خرجوا إليها في شدة من الأمر في سنة مجدبة وحر شديد ، وعسر من الزاد والماء .قال قتادة : خرجوا إلى الشام عام تبوك في لهبان الحر ، على ما يعلم الله من الجهد ، أصابهم فيها جهد شديد ، حتى لقد ذكر لنا أن الرجلين كانا يشقان التمرة بينهما ، وكان النفر يتداولون التمرة بينهم ، يمصها هذا ، ثم يشرب عليها ، ثم يمصها هذا ، ثم يشرب عليها ، [ ثم يمصها هذا ، ثم يشرب عليها ] فتاب الله عليهم وأقفلهم من غزوتهم .وقال ابن جرير : حدثني يونس بن عبد الأعلى ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن عتبة بن أبي عتبة ، عن نافع بن جبير بن مطعم ، عن عبد الله بن عباس ؛ أنه قيل لعمر بن الخطاب في شأن العسرة ، فقال عمر بن الخطاب : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك في قيظ شديد ، فنزلنا منزلا فأصابنا فيه عطش ، حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع [ حتى إن كان الرجل ليذهب يلتمس الماء ، فلا يرجع حتى يظن أن رقبته ستنقطع ] حتى إن الرجل لينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه ، ويجعل ما بقي على كبده ، فقال أبو بكر الصديق : يا رسول الله ، إن الله عز وجل ، قد عودك في الدعاء خيرا ، فادع لنا . قال : " تحب ذلك " . قال : نعم ! فرفع يديه فلم يرجعهما حتى مالت السماء فأظلت ثم سكبت ، فملؤوا ما معهم ، ثم ذهبنا ننظر فلم نجدها جاوزت العسكر .وقال ابن جرير في قوله : ( لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة ) أي : من النفقة والظهر والزاد والماء ، ( من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ) أي : عن الحق ويشك في دين رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرتاب ، بالذي نالهم من المشقة والشدة في سفره وغزوه ، ( ثم تاب عليهم ) يقول : ثم رزقهم الإنابة إلى ربهم ، والرجوع إلى الثبات على دينه ، ( إنه بهم رءوف رحيم ) .

تفسير الطبري : معنى الآية 117 من سورة التوبة


القول في تأويل قوله : لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: لقد رزق الله الإنابة إلى أمره وطاعته، نبيّه محمدًا صلى الله عليه وسلم, والمهاجرين ديارَهم وعشيرتَهم إلى دار الإسلام, وأنصار رسوله في الله (68) = الذين اتبعوا رَسول الله في ساعة العسرة منهم من النفقة والظهر والزاد والماء (69) =( من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم )، يقول: من بعد ما كاد يميل قلوب بعضهم عن الحق، ويشك في دينه ويرتاب، بالذي ناله من المشقة والشدّة في سفره وغزوه (70) =(ثم تاب عليهم )، يقول: ثم رزقهم جلّ ثناؤه الإنابة والرجوع إلى الثبات على دينه، وإبصار الحق الذي كان قد كاد يلتبس عليهم =(إنه بهم رءوف رحيم) ، يقول: إن ربكم بالذين خالط قلوبَهم ذلك لما نالهم في سفرهم من الشدة والمشقة رءوف بهم =(رحيم) ، أن يهلكهم, فينزع منهم الإيمان بعد ما قد أبلَوْا في الله ما أبلوا مع رسوله، وصبروا عليه من البأساء والضراء.
(71)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:17423- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: ( في ساعة العسرة) ، في غزوة تبوك.
17424- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن عبد الله بن محمد بن عقيل: ( في ساعة العسرة ) ، قال: خرجوا في غزوةٍ، (72) الرجلان والثلاثة على بعير.
وخرجوا في حرٍّ شديد, وأصابهم يومئذ عطش شديد, فجعلوا ينحرون إبلهم فيعصرون أكراشها، ويشربون ماءه, (73) وكان ذلك عسرة من الماء، وعسرة من الظهر، وعسرة من النفقة.
(74)17425- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد: ( ساعة العسرة ) ، قال: غزوة تبوك, قال: " العسرة "، أصابهم جَهْدٌ شديد، حتى إن الرجلين ليشقَّان التمرة بينهما، وأنهم ليمصُّون التمرة الواحدة، ويشربون عليها الماء.
17426- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن نمير, عن ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: ( الذين اتبعوه في ساعة العسرة ) ، قال: غزوة تبوك.
17427-.
.
.
.
.
.
قال، حدثنا زكريا بن عدي, عن ابن مبارك, عن معمر, عن عبد الله بن محمد بن عقيل, عن جابر: ( الذين اتبعوه في ساعة العسرة ) ، قال: عسرة الظهر, وعسرة الزاد, وعسرة الماء.
(75)17428- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: ( لقد تاب الله على النبيّ والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة ) ، الآية, الذين اتبعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك قِبَل الشأم في لهَبَانِ الحرّ على ما يعلم الله من الجهد، أصابهم فيها جهدٌ شديد, حتى لقد ذُكر لنا أن الرجلين كانا يشقّان التمرة بينهما, وكان النفر يتناولون التمرة بينهم، يمصُّها هذا ثم يشرب عليها، ثم يمصُّها هذا ثم يشرب عليها, فتاب الله عليهم وأقفلهم من غزوهم.
17429- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني عمرو بن الحارث, عن سعيد بن أبي هلال, عن عتبة بن أبي عتبة, عن نافع بن جبير بن مطعم, عن عبد الله بن عباس: أنه قيل لعمر بن الخطاب رحمة الله عليه في شأن العسرة, فقال عمر: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك في قيظ شديد, فنزلنا منزلا أصابنا فيه عطش, حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع, حتى إن كان الرجل ليذهب يلتمسُ الماء فلا يرجع حتى يظن أن رقبته ستنقطع, حتى إن الرجل لينحر بعيره، فيعصر فَرْثه فيشربه، (76) ويجعل ما بقي على كبده، فقال أبو بكر: يا رسول الله، إن الله قد عوّدك في الدعاء خيرًا, فادع لنا! قال: تحب ذلك؟ قال: نعم! فرفع يديه، فلم يَرْجِعهما حتى قالت السماء, فأظلّت، ثم سكبت, (77) فملئوا ما معهم, ثم ذهبنا ننظر فلم نجدها، (78) جاوزت العسكر.
(79)17430- حدثني إسحاق بن زيادة العطار قال، حدثنا يعقوب بن محمد قال، حدثنا عبد الله بن وهب قال، حدثنا عمرو بن الحارث, عن سعيد بن أبي هلال, عن نافع بن جبير, عن ابن عباس قال: قيل لعمر بن الخطاب رحمة الله عليه: حدِّثنا عن شأن جيش العسرة! فقال عمر: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم, ثم ذكر نحوه.
(80)------------------------الهوامش:(68) انظر تفسير " المهاجر " فيما سلف ص : 434 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .
(69) انظر تفسير " العسرة " فيما سلف 6 : 28 ، 29 .
(70) انظر تفسير " الزيغ " فيما سلف 6 : 183 ، 184 .
= وتفسير " فريق " فيما سلف 12 : 388 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
(71) انظر تفسير " رؤوف " و " رحيم " فيما سلف من فهارس اللغة ( رأف ) ، (رحم ) .
(72) في المطبوعة : " في غزوة تبوك " ، زاد من عنده ، وليست في المخطوطة ، وهي بلا شك غزوة تبوك .
(73) في المطبوعة : " ماءها " ، والذي في المخطوطة صواب أيضا .
(74) الأثر : 17424 - " عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب الهاشمي " ، منكر الحديث ليس بمتقن ، لا يحتجون بحديثه من جهة حفظه .
مضى برقم : 487 ، وانظر الخبر رقم : 17427 .
(75) الأثر : 17427 - " زكريا بن عدي بن زريق التميمي " ، ثقة ، مضى برقم : 1566 ، 15446 ، 16945 .
وكان في المطبوعة : " زكريا بن علي " ، والصواب ما في المخطوطة ، ولكن لم يحسن قراءته .
" عبد الله بن محمد بن عقيل " ، سلف برقم : 17424 .
(76) " الفرث " ، سرجين الكرش ما دام في الكرش .
(77) " قالت السماء " ، أي : أقبلت بالسحاب ، وكان في المطبوعة : "مالت " وأثبت ما في المخطوطة .
وهو مطابق لما في مجمع الزوائد ، وفي ابن كثير ، وغيره " سالت " وليست بشيء .
وهذا تعبير عزيز جيد .
وقوله : " فأظلت " ، أي : جاء السحاب بالظل ، وفي ابن كثير وغيره " فأهطلت " ، وليست بشيء .
وفي مجمع الزوائد : " فأطلت " ، وكأنه تصحيف .
(78) في المطبوعة : " ثم رجعنا ننظر فلم نجدها ، جاوزت العسكر " ، غير ما كان في المخطوطة ، وهو صواب مطابق لما في المراجع .
وقوله : " ذهبنا ننظر " ، العرب تضع " ذهب " في الكلام ظرفا للفعل ، انظر ما سلف 11 : 128 ، تعليق : 1 ، ثم ص : 250 ، في كلام أبي جعفر ، والتعليق : 1 ، ثم رقم : 16206 .
(79) الأثر : 17429 - " عمرو بن الحارث بن يعقوب الأنصاري المصري " .
ثقة متقن ، مضى مرارا ، آخرها رقم : 13570 ، 16732 .
و " سعيد بن أبي هلال الليثي المصري " ، ثقة ، مضى مرارا ، آخرها رقم : 13570 .
و " عتبة بن أبي عتبة " .
هو " عتبة بن مسلم التيمي " ، ثقة ، مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 3 / 1 / 374 .
و " نافع بن جبير بن مطعم " .
تابعي ثقة ، أحد الأئمة ، مترجم في التهذيب ، والكبير 4 / 2 / 82 ، وابن أبي حاتم 4 / 1 / 451 .
ورجال إسناد هذا الخبر ثقات .
وهذا الخبر خرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 6 : 194 ، 195 ، وقال : " رواه البزار ، والطبراني في الأوسط ، ورجال البزار ثقات " .
وخرجه السيوطي في الدر المنثور 3 : 286 ، ونسبه إلى ابن جرير ، وابن خزيمة ، وابن حبان ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، وأبي نعيم ، والبيهقي في الدلائل .
وهو في دلائل النبوة لأبي نعيم ص : 190 في باب " ذكر ما كان في غزوة تبوك " .
، بهذا الإسناد .
وذكره ابن كثير في تفسيره 4 : 257 ، 258 ، والبغوي بهامشه .
(80) الأثر : 17430 - " إسحاق بن زياد العطار " ، شيخ الطبري ، مضى برقم : 14146 ، ولم نجد له ذكرا ، وقد مضى هناك : " إسحاق بن زياد العطار النصري " بغير تاء في " زياد " في المطبوعة والمخطوطة .
وغير ممكن فصل القول في ذلك ، ما لم نجد له ترجمة تهدي إلى الصواب .

لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم

سورة : التوبة - الأية : ( 117 )  - الجزء : ( 11 )  -  الصفحة: ( 205 ) - عدد الأيات : ( 129 )

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين
  2. تفسير: ولو ترى إذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا
  3. تفسير: إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون
  4. تفسير: وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى
  5. تفسير: فلينظر الإنسان إلى طعامه
  6. تفسير: وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا
  7. تفسير: رب السموات والأرض وما بينهما العزيز الغفار
  8. تفسير: لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين
  9. تفسير: أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون
  10. تفسير: وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر

تحميل سورة التوبة mp3 :

سورة التوبة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة التوبة

سورة التوبة بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة التوبة بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة التوبة بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة التوبة بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة التوبة بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة التوبة بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة التوبة بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة التوبة بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة التوبة بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة التوبة بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب