تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ..
﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ۚ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾
[ سورة لقمان: 12]
معنى و تفسير الآية 12 من سورة لقمان : ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله .
تفسير الجلالين | التفسير الميسر | تفسير السعدي |
تفسير البغوي | التفسير الوسيط | تفسير ابن كثير |
تفسير الطبري | تفسير القرطبي | إعراب الآية |
تفسير السعدي : ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله
يخبر تعالى عن امتنانه على عبده الفاضل لقمان، بالحكمة، وهي العلم [بالحق] على وجهه وحكمته، فهي العلم بالأحكام، ومعرفة ما فيها من الأسرار والإحكام، فقد يكون الإنسان عالما، ولا يكون حكيما.وأما الحكمة، فهي مستلزمة للعلم، بل وللعمل، ولهذا فسرت الحكمة بالعلم النافع، والعمل الصالح.ولما أعطاه اللّه هذه المنة العظيمة، أمره أن يشكره على ما أعطاه، ليبارك له فيه، وليزيده من فضله، وأخبره أن شكر الشاكرين، يعود نفعه عليهم، وأن من كفر فلم يشكر اللّه، عاد وبال ذلك عليه.
والله غني [عنه] حميد فيما يقدره ويقضيه، على من خالف أمره، فغناه تعالى، من لوازم ذاته، وكونه حميدا في صفات كماله، حميدا في جميل صنعه، من لوازم ذاته، وكل واحد من الوصفين، صفة كمال، واجتماع أحدهما إلى الآخر، زيادة كمال إلى كمال.واختلف المفسرون، هل كان لقمان نبيا، أو عبدا صالحا؟ واللّه تعالى لم يذكر عنه إلا أنه آتاه الحكمة، وذكر بعض ما يدل على حكمته في وعظه لابنه، فذكر أصول الحكمة وقواعدها الكبار.
تفسير البغوي : مضمون الآية 12 من سورة لقمان
قوله تعالى : ( ولقد آتينا لقمان الحكمة ) يعني : العقل والعلم والعمل به والإصابة في الأمور . قال محمد بن إسحاق : وهو لقمان بن ناعور بن ناحور بن تارخ وهو آزر . وقال وهب : كان ابن أخت أيوب ، وقال مقاتل : ذكر أنه كان ابن خالة أيوب . قال الواقدي : كان قاضيا في بني إسرائيل .واتفق العلماء على أنه كان حكيما ، ولم يكن نبيا ، إلا عكرمة فإنه قال : كان لقمان نبيا . وتفرد بهذا القول . وقال بعضهم : خير لقمان بين النبوة والحكمة فاختار الحكمة . وروي أنه كان نائما نصف النهار فنودي : يا لقمان ، هل لك أن يجعلك الله خليفة في الأرض لتحكم بين الناس بالحق ؟ فأجاب الصوت فقال : إن خيرني ربي قبلت العافية ، ولم أقبل البلاء ، وإن عزم علي فسمعا وطاعة ، فإني أعلم إن فعل بي ذلك أعانني وعصمني ، فقالت الملائكة بصوت لا يراهم : لم يا لقمان ؟ قال : لأن الحاكم بأشد المنازل وأكدرها ، يغشاها الظلم من كل مكان أن يعدل فبالحري أن ينجو ، وإن أخطأ أخطأ طريق الجنة ، ومن يكن في الدنيا ذليلا خير من أن يكون شريفا ، ومن يختر الدنيا على الآخرة تفتنه الدنيا ولا يصيب الآخرة . فعجبت الملائكة من حسن منطقه ، فنام نومة فأعطي الحكمة ، فانتبه وهو يتكلم بها ، ثم نودي داود بعده فقبلها ولم يشترط ما اشترط لقمان ، فهوى في الخطيئة غير مرة ، كل ذلك يعفو الله عنه ، وكان لقمان يؤازره بحكمته . وعن خالد الربعي قال : كان لقمان عبدا حبشيا نجارا . وقال سعيد بن المسيب : كان خياطا . وقيل: كان راعي غنم . فروي أنه لقيه رجل وهو يتكلم بالحكمة فقال : ألست فلانا الراعي فبم بلغت ما بلغت ؟ قال : بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وترك ما لا يعنيني . وقال مجاهد : كان عبدا أسود عظيم الشفتين ومشقق القدمين . قوله - عز وجل - : ( أن اشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد )
التفسير الوسيط : ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله
قال ابن كثير- رحمه الله-: اختلف السلف في لقمان، هل كان نبيا أو عبدا صالحا من غير نبوة؟ والأكثرون على أنه لم يكن نبيا.وعن ابن عباس وغيره: كان لقمان عبدا حبشيا نجارا..قال له مولاه: اذبح لنا شاة وجئني بأخبث ما فيها؟ فذبحها وجاءه بلسانها وقلبها. ثم قال له مرة ثانية: اذبح لنا شاة وجئني بأحسن ما فيها؟ فذبحها وجاءه- أيضا- بقلبها ولسانها، فقال له مولاه ما هذا؟ فقال لقمان: إنه ليس من شيء أطيب منهما إذا طابا، وليس من شيء أخبث منهما إذا خبثا.وقال له رجل: ألست عبد فلان؟ فما الذي بلغ بك ما أرى من الحكمة؟ فقال لقمان: قدر الله وأداء الأمانة، وصدق الحديث، وتركي ما لا يعنيني .ومن أقواله لابنه: يا بنى اتخذ تقوى الله لك تجارة، يأتك الربح من غير بضاعة.يا بنى، لا تكن أعجز من هذا الديك الذي يصوت بالأسحار، وأنت نائم على فراشك.يا بنى، اعتزل الشر كما يعتزلك، فإن الشر للشر خلق.يا بنى، عليك بمجالس العلماء، وبسماع كلام الحكماء، فإن الله-تبارك وتعالى- يحيى القلب الميت بنور الحكمة.يا بنى، إنك منذ نزلت الدنيا استدبرتها، واستقبلت الآخرة، ودار أنت إليها تسير، أقرب من دار أنت عنها ترتحل.. .وقال الآلوسى ما ملخصه: ولقمان: اسم أعجمى لا عربي وهو ابن باعوراء. قيل: كان في زمان داود- عليه السلام- وقيل: كان زمانه بين عيسى وبين محمد- عليهما الصلاة والسلام-.ثم قال الآلوسى: وإنى أختار أنه كان رجلا صالحا حكيما، ولم يكن نبيا .وقوله- سبحانه -: وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ ... كلام مستأنف مسوق لإبطال الإشراك بالله-تبارك وتعالى- عن طريق النقل، بعد بيان إبطاله عن طريق العقل، في قوله- سبحانه - قبل ذلك: هذا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي ماذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ....والحكمة: اكتساب العلم النافع والعمل به. أو هي: العقل والفهم. أو هي الإصابة في القول والعمل.والمعنى: والله لقد أعطينا- بفضلنا وإحساننا- عبدنا لقمان العلم النافع والعمل به.وقوله- سبحانه - أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ بيان لما يقتضيه إعطاء الحكمة. أى: آتيناه الحكمة وقلنا له أن اشكر لله على ما أعطاك من نعم لكي يزيدك منها.قال الشوكانى: قوله: أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ أن هي المفسرة: لأن في إيتاء الحكمة معنى القول. وقيل التقدير: قلنا له أن اشكر لي.. وقيل: بأن اشكر لي فشكر، فكان حكيما بشكره.والشكر لله: الثناء عليه في مقابلة النعمة- واستعمالها فيما خلقت له-، وطاعته فيما أمر به .ثم بين- سبحانه - حسن عاقبة الشكر وسوء عاقبة الجحود فقال: وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ.أى: ومن يشكر الله-تبارك وتعالى- على نعمه، فإن نفع شكره إنما يعود إليه، ومن جحد نعم الله-تبارك وتعالى- واستحب الكفر على الإيمان، فالله-تبارك وتعالى- غنى عنه وعن غيره، حقيق بالحمد من سائر خلقه لإنعامه عليهم بالنعم التي لا تعد ولا تحصى: فحميد بمعنى محمود.فالجملة الكريمة المقصود بها، بيان غنى الله-تبارك وتعالى- عن خلقه، وعدم انتفاعه بطاعتهم، لأن منفعتها راجعة إليهم، وعدم تضرره بمعصيتهم. وإنما ضرر ذلك يعود عليهم.وعبر- سبحانه - في جانب الشكر بالفعل المضارع، للإشارة إلى أن من شأن الشاكرين أنهم دائما على تذكر لنعم الله-تبارك وتعالى-، وإذا ما غفلوا عن ذلك لفترة من الوقت، عادوا إلى طاعته- سبحانه - وشكره.وعبر في جانب الكفر بالفعل الماضي، للإشعار بأنه لا يصح ولا ينبغي من أى عاقل، بل كل عاقل عليه أن يهجر ذلك هجرا تاما، وأن يجعله في خبر كان.وجواب الشرط محذوف، وقد قام مقامه قوله-تبارك وتعالى-: فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ والتقدير: ومن كفر فضرر كفره راجع إليه. لأن الله-تبارك وتعالى- غنى حميد.
تفسير ابن كثير : شرح الآية 12 من سورة لقمان
اختلف السلف في لقمان ، عليه السلام : هل كان نبيا ، أو عبدا صالحا من غير نبوة ؟ على قولين ، الأكثرون على الثاني .
وقال سفيان الثوري ، عن الأشعث ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : كان لقمان عبدا حبشيا نجارا .
وقال قتادة ، عن عبد الله بن الزبير ، قلت لجابر بن عبد الله : ما انتهى إليكم من شأن لقمان ؟ قال : كان قصيرا أفطس من النوبة .
وقال يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن سعيد بن المسيب قال : كان لقمان من سودان مصر ، ذا مشافر ، أعطاه الله الحكمة ومنعه النبوة .
وقال الأوزاعي : رحمه الله ، حدثني عبد الرحمن بن حرملة قال : جاء رجل أسود إلى سعيد بن المسيب يسأله ، فقال له سعيد بن المسيب : لا تحزن من أجل أنك أسود ، فإنه كان من أخير الناس ثلاثة من السودان : بلال ، ومهجع مولى عمر بن الخطاب ، ولقمان الحكيم ، كان أسود نوبيا ذا مشافر .
وقال ابن جرير : حدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن أبي الأشهب ، عن خالد الربعي قال : كان لقمان عبدا حبشيا نجارا ، فقال له مولاه : اذبح لنا هذه الشاة . فذبحها ، فقال : أخرج أطيب مضغتين فيها . فأخرج اللسان والقلب ، فمكث ما شاء الله ثم قال : اذبح لنا هذه الشاة . فذبحها ، فقال : أخرج أخبث مضغتين فيها . فأخرج اللسان والقلب ، فقال له مولاه : أمرتك أن تخرج أطيب مضغتين فيها فأخرجتهما ، وأمرتك أن تخرج أخبث مضغتين فيها فأخرجتهما . فقال لقمان : إنه ليس من شيء أطيب منهما إذا طابا ، ولا أخبث منهما إذا خبثا .
وقال شعبة ، عن الحكم ، عن مجاهد : كان لقمان عبدا صالحا ، ولم يكن نبيا .
وقال الأعمش : قال مجاهد : كان لقمان عبدا أسود عظيم الشفتين ، مشقق القدمين .
وقال حكام بن سلم ، عن سعيد الزبيدي ، عن مجاهد : كان لقمان الحكيم عبدا حبشيا غليظ الشفتين ، مصفح القدمين ، قاضيا على بني إسرائيل .
وذكر غيره : أنه كان قاضيا على بني إسرائيل في زمن داود ، عليه السلام .
وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا الحكم حدثنا عمرو بن قيس قال : كان لقمان ، عليه السلام ، عبدا أسود غليظ الشفتين ، مصفح القدمين ، فأتاه رجل وهو في مجلس أناس يحدثهم ، فقال له : ألست الذي كنت ترعى معي الغنم في مكان كذا وكذا ، قال : نعم . فقال : فما بلغ بك ما أرى ؟ قال : صدق الحديث ، والصمت عما لا يعنيني .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا صفوان ، حدثنا الوليد ، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد عن جابر قال : إن الله رفع لقمان الحكيم بحكمته ، فرآه رجل كان يعرفه قبل ذلك ، فقال له : ألست عبد بني فلان الذي كنت ترعى بالأمس ؟ قال : بلى . قال : فما بلغ بك ما أرى ؟ قال : قدر الله ، وأداء الأمانة ، وصدق الحديث ، وتركي ما لا يعنيني .
فهذه الآثار منها ما هو مصرح فيه بنفي كونه نبيا ، ومنها ما هو مشعر بذلك; لأن كونه عبدا قد مسه الرق ينافي كونه نبيا; لأن الرسل كانت تبعث في أحساب قومها; ولهذا كان جمهور السلف على أنه لم يكن نبيا ، وإنما ينقل كونه نبيا عن عكرمة - إن صح السند إليه ، فإنه رواه ابن جرير ، وابن أبي حاتم من حديث وكيع عن إسرائيل ، عن جابر ، عن عكرمة فقال : كان لقمان نبيا . وجابر هذا هو ابن يزيد الجعفي ، وهو ضعيف ، والله أعلم .
وقال عبد الله بن وهب : أخبرني عبد الله بن عياش القتباني ، عن عمر مولى غفرة قال : وقف رجل على لقمان الحكيم فقال : أنت لقمان ، أنت عبد بني الحسحاس ؟ قال : نعم . قال : أنت راعي الغنم ؟ قال : نعم . قال : أنت الأسود ؟ قال : أما سوادي فظاهر ، فما الذي يعجبك من أمري ؟ قال : وطء الناس بساطك ، وغشيهم بابك ، ورضاهم بقولك . قال : يا بن أخي إن صغيت إلى ما أقول لك كنت كذلك . قال لقمان : غضي بصري ، وكفي لساني ، وعفة طعمتي ، وحفظي فرجي ، وقولي بصدق ، ووفائي بعهدي ، وتكرمتي ضيفي ، وحفظي جاري ، وتركي ما لا يعنيني ، فذاك الذي صيرني إلى ما ترى .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا ابن نفيل ، حدثنا عمرو بن واقد ، عن عبدة بن رباح ، عن ربيعة ، عن أبي الدرداء ، رضي الله عنه ، أنه قال يوما - وذكر لقمان الحكيم - فقال : ما أوتي ما أوتي عن أهل ولا مال ، ولا حسب ولا خصال ، ولكنه كان رجلا صمصامة سكيتا ، طويل التفكر ، عميق النظر ، لم ينم نهارا قط ، ولم يره أحد قط يبزق ولا يتنخع ، ولا يبول ولا يتغوط ، ولا يغتسل ، ولا يعبث ولا يضحك ، وكان لا يعيد منطقا نطقه إلا أن يقول حكمة يستعيدها إياه أحد ، وكان قد تزوج وولد له أولاد ، فماتوا فلم يبك عليهم . وكان يغشى السلطان ، ويأتي الحكام ، لينظر ويتفكر ويعتبر ، فبذلك أوتي ما أوتي .
وقد ورد أثر غريب عن قتادة ، رواه ابن أبي حاتم ، فقال :
حدثنا أبي ، حدثنا العباس بن الوليد ، حدثنا زيد بن يحيى بن عبيد الخزاعي ، حدثنا سعيد بن بشير ، عن قتادة قال : خير الله لقمان الحكيم بين النبوة والحكمة ، فاختار الحكمة على النبوة . قال : فأتاه جبريل وهو نائم فذر عليه الحكمة - أو : رش عليه الحكمة - قال : فأصبح ينطق بها .
قال سعيد : فسمعت عن قتادة يقول : قيل للقمان : كيف اخترت الحكمة على النبوة وقد خيرك ربك ؟ فقال : إنه لو أرسل إلي بالنبوة عزمة لرجوت فيه الفوز منه ، ولكنت أرجو أن أقوم بها ، ولكنه خيرني فخفت أن أضعف عن النبوة ، فكانت الحكمة أحب إلي .
فهذا من رواية سعيد بن بشير ، وفيه ضعف قد تكلموا فيه بسببه ، فالله أعلم .
والذي رواه سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، في قوله تعالى : { ولقد آتينا لقمان الحكمة } أي: الفقه في الإسلام ، ولم يكن نبيا ، ولم يوح إليه .
وقوله : { ولقد آتينا لقمان الحكمة } أي: الفهم والعلم والتعبير ، { أن اشكر لله } أي: أمرناه أن يشكر الله ، عز وجل ، على ما أتاه الله ومنحه ووهبه من الفضل ، الذي خصه به عمن سواه من أبناء جنسه وأهل زمانه .
ثم قال تعالى : { ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه } أي: إنما يعود نفع ذلك وثوابه على الشاكرين لقوله تعالى : { ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون } [ الروم : 44 ] .
وقوله : { ومن كفر فإن الله غني حميد } أي: غني عن العباد ، لا يتضرر بذلك ، ولو كفر أهل الأرض كلهم جميعا ، فإنه الغني عمن سواه; فلا إله إلا الله ، ولا نعبد إلا إياه .
تفسير الطبري : معنى الآية 12 من سورة لقمان
القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ( 12 )يقول تعالى ذكره: ولقد آتينا لقمان الفقه في الدين والعقل والإصابة في القول.وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: ( وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمان الحِكْمَةَ ) قال: الفقه والعقل والإصابة في القول من غير نبوّة.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة قوله: ( وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الحِكْمَةَ ) أي الفقه في الإسلام، قال قَتادة: ولم يكن نبيا، ولم يوح إليه.حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا يونس، عن مجاهد في قوله: ( وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الحِكْمَةَ ) قال: الحكمة: الصواب، وقال غير أبي بشر: الصواب في غير النبوّة.حدثنا ابن المثنى، ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد &; 20-135 &; أنه قال: كان لقمان رجلا صالحا، ولم يكن نبيا.حدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي وابن حميد، قالا ثنا حكام، عن سعيد الزبيدي، عن مجاهد قال: كان لقمان الحكيم عبدا حبشيا، غليظ الشفتين، مصفح القدمين، قاضيا على بني إسرائيل.حدثني عيسى بن عثمان بن عيسى الرملي، قال: ثنا يحيى بن عيسى، عن الأعمش، عن مجاهد، قال: كان لقمان عبدا أسود، عظيم الشفتين، مشقَّق القدمين.حدثني عباس بن محمد، قال: ثنا خالد بن مخلد، قال: ثنا سليمان بن بلال، قال: ثني يحيى بن سعيد، قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: كان لقمان الحكيم أسود من سودان مصر.حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن أشعث، عن عكرِمة، عن ابن عباس قال: كان لقمان عبدا حبشيا.حدثنا العباس بن الوليد، قال: أخبرنا أبي، قال: ثنا الأوزاعي، قال: ثنا عبد الرحمن بن حرملة، قال: جاء أسود إلى سعيد بن المسيب يسأل، فقال له سعيد: لا تحزن من أجل أنك أسود، فإنه كان من خير الناس ثلاثة من السودان: بِلال، ومهجِّع مولى عمر بن الخطاب، ولقمان الحكيم كان أسود نوبيا ذا مشافر.حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن أبي الأشهب، عن خالد الربعي، قال: كان لقمان عبدا حبشيا نجارا، فقال له مولاه: اذبح لنا هذه الشاة، فذبحها، قال: أخرج أطيب مضغتين فيها، فأخرج اللسان والقلب، ثم مكث ما شاء الله، ثم قال: اذبح لنا هذه الشاة، فذبحها، فقال: أخرج أخبث مضغتين فيها، فأخرج اللسان والقلب، فقال له مولاه: أمرتك أن تخرج أطيب مضغتين فيها فأخرجتهما، وأمرتك أن تخرج أخبث مضغتين فيها فأخرجتهما، فقال له لقمان: إنه ليس من شيء أطيب منهما إذا طابا، ولا أخبث منهما إذا خبثا.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا الحكم، قال: ثنا عمرو بن قيس، قال: كان لقمان عبدا أسود، غليظ الشفتين، مصفح القدمين، فأتاه رجل، وهو في مجلس أناس يحدّثهم، فقال له: ألست الذي كنت ترعى معي الغنم في مكان كذا وكذا؟ قال: نعم، قال: فما بلغ بك ما أرى؟ قال: صدق الحديث، والصمت عما لا يعنيني.حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن رجل، عن مجاهد ( وَلَقَدْ آتَيْنا لُقمانَ الحِكْمَةَ ) قال: القرآن.قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: الحكمة: الأمانة.وقال آخرون: كان نبيا.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن وكيع، قال: ثني أبي، عن إسرائيل، عن جابر، عن عكرِمة، قال: كان لقمان نبيا.وقوله: ( أنِ اشْكُرْ لِلهِ ) يقول تعالى ذكره: ( ولقد آتينا لقمان الحكمة )، أن احمد الله على ما آتاك من فضله، وجعل قوله: ( أنِ اشكُرْ ) ترجمة عن الحكمة؛ لأن من الحكمة التي كان أوتيها، كان شكره الله على ما آتَاهُ، وقوله: ( وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ) يقول: ومن يشكر الله على نعمه عنده فإنما يشكر لنفسه، لأن الله يجزل له على شكره إياه الثواب، وينقذه به من الهلكة ( وَمَن كَفَرَ فإنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ) يقول: ومن كفر نعمة الله عليه إلى نفسه أساء؛ لأن الله معاقبه على كفرانه إياه، والله غنيّ عن شكره إياه على نعمه، لا حاجة به إليه، لأن شكره إياه لا يزيد في سلطانه، ولا ينقص كفرانه إياه من ملكه. ويعني بقوله: ( حَمِيدٌ ) محمود على كلّ حال، له الحمد على نعمه، كفر العبد نعمته أو شكره عليها، وهو مصروف من مفعول إلى فعيل.
تفسير آيات من القرآن الكريم
- تفسير: للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم
- تفسير: لا جرم أنما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة وأن مردنا
- تفسير: يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينـزل من السماء وما يعرج فيها
- تفسير: فما لنا من شافعين
- تفسير: والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم
- تفسير: ثم إنكم بعد ذلك لميتون
- تفسير: تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا
- تفسير: لست عليهم بمصيطر
- تفسير: إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون
- تفسير: وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين
تحميل سورة لقمان mp3 :
سورة لقمان mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة لقمان
ماهر المعيقلي
سعد الغامدي
عبد الباسط
أحمد العجمي
المنشاوي
الحصري
مشاري العفاسي
ناصر القطامي
فارس عباد
ياسر الدوسري
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب