تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم ..
﴿ وَأَلْقَىٰ فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾
[ سورة النحل: 15]
معنى و تفسير الآية 15 من سورة النحل : وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم .
تفسير الجلالين | التفسير الميسر | تفسير السعدي |
تفسير البغوي | التفسير الوسيط | تفسير ابن كثير |
تفسير الطبري | تفسير القرطبي | إعراب الآية |
تفسير السعدي : وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم
تفسير الآيتين 15 و 16 :ـأي: { وَأَلْقَى } الله تعالى لأجل عباده { فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ } وهي: الجبال العظام لئلا تميد بهم وتضطرب بالخلق فيتمكنون من حرث الأرض والبناء والسير عليها، ومن رحمته تعالى أن جعل فيها أنهارا، يسوقها من أرض بعيدة إلى أرض مضطرة إليها لسقيهم وسقي مواشيهم وحروثهم، أنهارا على وجه الأرض، وأنهارا في بطنها يستخرجونها بحفرها، حتى يصلوا إليها فيستخرجونها بما سخر الله لهم من الدوالي والآلات ونحوها، ومن رحمته أن جعل في الأرض سبلا،- أي: طرقا توصل إلى الديار المتنائية { لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } السبيل إليها حتى إنك تجد أرضا مشتبكة بالجبال مسلسلة فيها وقد جعل الله فيما بينها منافذ ومسالك للسالكين.
تفسير البغوي : مضمون الآية 15 من سورة النحل
( وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم ) أي : [ لئلا تميد بكم ] أي تتحرك وتميل .والميد : هو الاضطراب والتكفؤ ، ومنه قيل للدوار الذي يعتري راكب البحر : ميد .قال وهب : لما خلق الله الأرض جعلت تمور فقالت الملائكة : إن هذه غير مقرة أحدا على ظهرها فأصبحت وقد أرسيت بالجبال فلم تدر الملائكة مم خلقت الجبال .( وأنهارا وسبلا ) أي : وجعل فيها أنهارا وطرقا مختلفة ، ( لعلكم تهتدون ) إلى ما تريدون فلا تضلون .
التفسير الوسيط : وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم
ولفظ: «رواسى» جمع راس من الرسو- بفتح الراء وسكون السين- بمعنى الثبات والتمكن في المكان، يقال رسا الشيء يرسو إذا ثبت. وهو صفة لموصوف محذوف. أى:جبالا رواسى.و «تميد» أى تضطرب وتميل. يقال: ماد الشيء يميد ميدا، إذا تحرك، ومادت الأغصان إذا تمايلت أى: وألقى- سبحانه - في الأرض جبالا ثوابت لكي تقر وتثبت ولا تضطرب.فقوله «أن تميد بكم» تعليل لإلقاء الجبال في الأرض.قال القرطبي: وروى الترمذي بسنده عن أنس بن مالك عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «لما خلق الله الأرض جعلت تميد وتضطرب، فخلق الجبال عليها فاستقرت، فعجبت الملائكة من شدة الجبال. قالوا يا رب هل من خلقك شيء أشد من الجبال؟ قال نعم، الحديد. قالوا يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الحديد؟ قال نعم النار. قالوا يا رب فهل من خلقك شيء أشد من النار؟ قال نعم الماء، قالوا يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الماء؟ قال نعم الريح.قالوا يا رب: فهل من خلقك شيء أشد من الريح؟ قال نعم، ابن آدم إذا تصدق بصدقة بيمينه يخفيها عن شماله» .هذا، ومن الآيات التي تشبه هذه الآية قوله-تبارك وتعالى-: خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها، وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ..» .وقوله-تبارك وتعالى-: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً. وَالْجِبالَ أَوْتاداً .ثم بين- سبحانه - نعما أخرى لما ألقاه في الأرض فقال: وَأَنْهاراً وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ. أى: وجعل في الأرض «أنهارا» تجرى من مكان إلى آخر، فهي تنبع في مواضع. وتصب في مواضع أخرى، وفيها نفع عظيم للجميع، إذ منها يشرب الناس والدواب والأنعام والنبات.وجعل فيها كذلك طرقا ممهدة، يسير فيها السائرون من مكان إلى آخر. «لعلكم تهتدون» بتلك السبل إلى المكان الذي تريدون الوصول إليه. بدون تحير أو ضلال.وقد كرر القرآن الكريم هذا المعنى في آيات كثيرة، منها قوله تعالى-: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً. لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلًا فِجاجاً .
تفسير ابن كثير : شرح الآية 15 من سورة النحل
ثم ذكر تعالى الأرض ، وما جعل فيها من الرواسي الشامخات والجبال الراسيات ، لتقر الأرض ولا تميد أي: تضطرب بما عليها من الحيوان فلا يهنأ لهم عيش بسبب ذلك ; ولهذا قال : { والجبال أرساها } [ النازعات : 32 ] .
وقال عبد الرزاق : أنبأنا معمر ، عن قتادة ، سمعت الحسن يقول : لما خلقت الأرض كانت تميد ، فقالوا ما هذه بمقرة على ظهرها أحدا فأصبحوا وقد خلقت الجبال ، لم تدر الملائكة مم خلقت الجبال .
وقال سعيد عن قتادة ، عن الحسن ، عن قيس بن عبادة : أن الله تعالى لما خلق الأرض ، جعلت تمور ، فقالت الملائكة : ما هذه بمقرة على ظهرها أحدا ، فأصبحت صبحا وفيها رواسيها .
وقال ابن جرير : حدثني المثنى ، حدثنا حجاج بن منهال ، حدثنا حماد ، عن عطاء بن السائب ، عن عبد الله بن حبيب ، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال : لما خلق الله الأرض قمصت وقالت : أي رب ، تجعل علي بني آدم يعملون علي الخطايا ويجعلون علي الخبث ؟ قال : فأرسى الله فيها من الجبال ما ترون وما لا ترون ، فكان إقرارها كاللحم يترجرج . .
وقوله : { وأنهارا وسبلا } أي: وجعل فيها أنهارا تجري من مكان إلى مكان آخر ، رزقا للعباد ، ينبع في موضع وهو رزق لأهل موضع آخر ، فيقطع البقاع والبراري والقفار ، ويخترق الجبال والآكام ، فيصل إلى البلد الذي سخر لأهله . وهي سائرة في الأرض يمنة ويسرة ، وجنوبا وشمالا وشرقا وغربا ، ما بين صغار وكبار ، وأودية تجري حينا وتنقطع في وقت ، وما بين نبع وجمع ، وقوي السير وبطيئه ، بحسب ما أراد وقدر ، وسخر ويسر فلا إله إلا هو ، ولا رب سواه .
وكذلك جعل فيها سبلا أي: طرقا يسلك فيها من بلاد إلى بلاد ، حتى إنه تعالى ليقطع الجبل حتى يكون ما بينهما ممرا ومسلكا ، كما قال تعالى : { وجعلنا فيها فجاجا سبلا } [ الأنبياء : 31 ] .
تفسير الطبري : معنى الآية 15 من سورة النحل
يقول تعالى ذكره: ومن نعمه عليكم أيها الناس أيضا، أن ألقى في الأرض رواسي، وهي جمع راسية، وهي الثوابت في الأرض من الجبال. وقوله ( أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ ) يعني: أن لا تميد بكم، وذلك كقوله يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا والمعنى: أن لا تضلوا. وذلك أنه جلّ ثناؤه أرسى الأرض بالجبال لئلا يميد خلقه الذي على ظهرها، بل وقد كانت مائدة قبل أن تُرْسَى بها.كما حدثنا بشر ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن قيس بن عباد: أن الله تبارك وتعالى لما خلق الأرض جعلت تمور ، قالت الملائكة. ما هذه بمقرّة على ظهرها أحدا ، فأصبحت صبحا وفيها رواسيها.حدثني المثنى، قال: ثنا الحجاج بن المنهال ، قال: ثنا حماد، عن عطاء بن السائب، عن عبد الله بن حبيب، عن عليّ بن أبي طالب، قال: لما خلق الله الأرض قمصت، وقالت: أي ربّ أتجعل عليّ بني آدم يعملون عليّ الخطايا ويجعلون عليّ الخبث ، قال: فأرسى الله عليها من الجبال ما ترون وما لا ترون، فكان قرارها كاللحم يترجرج ، والميد: هو الاضطراب والتكفؤ، يقال: مادت السفينة تميد ميدا: إذا تكفأت بأهلها ومالت، ومنه الميد الذي يعتري راكب البحر، وهو الدوار.وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ ) : أن تكفأ بكم.حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين. قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، عن الحسن، في قوله ( وَأَلْقَى فِي الأرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ ) قال: الجبال أن تميد بكم. قال قتادة: سمعت الحسن يقول: لما خلقت الأرض كادت تميد، فقالوا: ما هذه بمقرّة على ظهرها أحدا ، فأصبحوا وقد خُلقت الجبال، فلم تدر الملائكة مم خُلقت الجبال.وقوله ( وأنهَارًا ) يقول: وجعل فيها أنهارا، فعطف بالأنهار على الرواسي، وأعمل فيها ما أعمل في الرواسي، إذ كان مفهوما معنى الكلام والمراد منه ، وذلك نظير قول الراجز:تَسْمَعُ في أجْوَافِهِنَّ صَوْرَاوفي اليَدَيْنِ حَشَّةً وبَوْرا ( 1 )والحشة: اليُبس، فعطف بالحشة على الصوت، والحشة لا تسمع، إذ كان مفهوما المراد منه وأن معناه وترى في اليدين حَشَّةً.وقوله ( وَسُبُلا ) وهي جمع سبيل، كما الطرق: جمع طريق ، ومعنى الكلام: وجعل لكم أيها الناس في الأرض سُبلا وفجاجا تسلكونها ، وتسيرون فيها في حوائجكم ، وطلب معايشكم رحمة بكم ، ونعمة منه بذلك عليكم ولو عماها عليكم لهلكتم ضلالا وحيرة.وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( سُبُلا ) أي طرقا.حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة ( سُبُلا ) قال: طرقا.وقوله ( لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) يقول: لكي تهتدوا بهذه السبل التي جعلها لكم في الأرض إلى الأماكن التي تقصدون والمواضع التي تريدون، فلا تضلوا وتتحيروا.الهوامش:( 1 ) هذا من الرجز ، ولم أقف على قائله . والصور الصوت ( اللسان ) ، أو لعله محرف عن الضور بالضاد ، والمراد به : الصوت يشبه الأنين في الجوف من شدة الجوع ، قال في اللسان : الضور : شدة الجوع . والتضور ، التلوي والصياح ، من وجع الضرب أو الجوع . وتضور الذئب والكلب والأسد والثعلب : صاح عند الجوع . والحشة ، بتشديد الشين " اليبس ، يقال حشت اليد وأحشت وهو محش : يبست . وأكثر ذلك في الشلل . والبور بالفتح : مصدر بار ، بمعنى هلك وفسد . والبور أيضًا : الهالك الفاسد ، ولعله يريد وصف ناقته بأنه أضر بها الجوع فصاحت ، وأن في يديها يبسا أي شللا وفسادا . وقد بين الإمام الطبري موضع الشاهد في التفسير.
تفسير آيات من القرآن الكريم
- تفسير: أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم
- تفسير: آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين
- تفسير: وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم
- تفسير: والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وعد الله
- تفسير: ألم نخلقكم من ماء مهين
- تفسير: وعندهم قاصرات الطرف أتراب
- تفسير: فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح
- تفسير: وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا
- تفسير: وإذ قلتم ياموسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت
- تفسير: يتيما ذا مقربة
تحميل سورة النحل mp3 :
سورة النحل mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة النحل
ماهر المعيقلي
سعد الغامدي
عبد الباسط
أحمد العجمي
المنشاوي
الحصري
مشاري العفاسي
ناصر القطامي
فارس عباد
ياسر الدوسري
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب