تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا ..
﴿ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي ۖ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ ۖ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ ۚ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾
[ سورة الأعراف: 150]
معنى و تفسير الآية 150 من سورة الأعراف : ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا .
تفسير الجلالين | التفسير الميسر | تفسير السعدي |
تفسير البغوي | التفسير الوسيط | تفسير ابن كثير |
تفسير الطبري | تفسير القرطبي | إعراب الآية |
تفسير السعدي : ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا
وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا- أي: ممتلئا غضبا وغيظا عليهم، لتمام غيرته عليه الصلاة السلام، وكمال نصحه وشفقته، قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي- أي: بئس الحالة التي خلفتموني بها من بعد ذهابي عنكم، فإنها حالة تفضي إلى الهلاك الأبدي، والشقاء السرمدي.
أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ حيث وعدكم بإنـزال الكتاب.
فبادرتم - برأيكم الفاسد - إلى هذه الخصلة القبيحة وَأَلْقَى الألْوَاحَ- أي: رماها من الغضب وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ هارون ولحيته يَجُرُّهُ إِلَيْهِ وقال له: مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا * أن لا تَتَّبِعَن أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي لك بقولي: اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ فـ قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي و قَالَ هنا ابْنَ أُمَّ هذا ترقيق لأخيه، بذكر الأم وحدها، وإلا فهو شقيقه لأمه وأبيه: إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي- أي: احتقروني حين قلت لهم: يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي- أي: فلا تظن بي تقصيرا فَلا تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاءَ بنهرك لي، ومسك إياي بسوء، فإن الأعداء حريصون على أن يجدوا عليَّ عثرة، أو يطلعوا لي على زلة وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ فتعاملني معاملتهم.
تفسير البغوي : مضمون الآية 150 من سورة الأعراف
قوله - عز وجل - : ( ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا ) قال أبو الدرداء : الأسف شديد الغضب . وقال ابن عباس والسدي : أسفا أي حزينا . والأسف أشد الحزن ، ( قال بئسما خلفتموني من بعدي ) أي : بئس ما عملتم بعد ذهابي ، يقال : خلفه بخير أو بشر إذا أولاه في أهله بعد شخوصه عنهم خيرا أو شرا ، ( أعجلتم ) أسبقتم ( أمر ربكم ) قال الحسن : وعد ربكم الذي وعدكم من الأربعين ليلة . وقال الكلبي : أعجلتم بعبادة العجل قبل أن يأتيكم أمر ربكم . ( وألقى الألواح ) التي فيها التوراة وكان حاملا لها ، فألقاها على الأرض من شدة الغضب .قالت الرواة : كانت التوراة سبعة أسباع ، فلما ألقى الألواح تكسرت فرفعت ستة أسباعها وبقي سبع ، فرفع ما كان من أخبار الغيب ، وبقي ما فيه الموعظة والأحكام والحلال والحرام ، ( وأخذ برأس أخيه ) بذوائبه ولحيته ( يجره إليه ) وكان هارون أكبر من موسى بثلاث سنين وأحب إلى بني إسرائيل من موسى ، لأنه كان لين الغضب . ( قال ) هارون عند ذلك ( ابن أم ) قرأ أهل الكوفة والشام هاهنا وفي طه بكسر الميم ، يريد يا ابن أمي ، فحذف ياء الإضافة وأبقيت الكسرة لتدل على الإضافة كقوله : " يا عباد " وقرأ أهل الحجاز والبصرة وحفص : بفتح الميم على معنى يا ابن أماه .وقيل: جعله اسما واحدا وبناه على الفتح ، كقولهم : حضرموت ، وخمسة عشر ، ونحوهما ، وإنما قال ابن أم وكان هارون أخاه لأبيه وأمه ليرققه ويستعطفه .وقيل: كان أخاه لأمه دون أبيه ، ( إن القوم استضعفوني ) يعني عبدة العجل ، ( وكادوا يقتلونني ) هموا وقاربوا أن يقتلوني ، ( فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني ) في مؤاخذتك علي ( مع القوم الظالمين ) يعني عبدة العجل .
التفسير الوسيط : ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا
وقوله تعالى: وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً بيان للحالة التي كان عليها موسى- عليه السلام- عند رجوعه من الطور، ومشاهدته للعجل الذي عبده قومه، فهو كان غاضبا عليهم لعبادتهم غير الله-تبارك وتعالى- وحزينا لفتنتهم بعبادتهم عجلا جسدا له خوار.قال الإمام الرازي: في الأسف قولان:الأول: أن الأسف الشديد: الغضب، وهو قول أبى الدرداء وعطاء عن ابن عباس، واحتجوا له بقوله تعالى: فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ أى: أغضبونا:والثاني: أن الأسف هو الحزن، وهو قول الحسن والسدى وغيرهما، واحتجوا له بحديث عائشة أنها قالت: «إن أبا بكر رجل أسيف أى حزين» .قال الواحدي: والقولان متقاربان لأن الغضب من الحزن، والحزن من الغضب، فإذا جاءك ما تكره ممن هو دونك غضبت. وإذا جاءك ممن هو فوقك حزنت، فتسمى إحدى هاتين الحالتين حزنا والأخرى غضبا»وقوله غَضْبانَ أَسِفاً منصوبان على الحال من موسى عند من يجيز تعدد الحال. وعند من لا يجيزه يجعل أسفا حالا من الضمير المستكن في غضبان فتكون حالا متداخلة.وقول موسى لقومه: بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي ذم منه لهم، والمعنى: بئس خلافة خلفتمونيها من بعد ذهابي عنكم إلى مناجاة ربي، وبئس الفعل فعلكم بعد فراقي إياكم. حيث عبدتم العجل، وأشربت قلوبكم محبته، ولم تعيروا التفاتا لما عهدت به إليكم، من توحيد الله، وإخلاص العبادة، والسير على سنتي وشريعتي.قال الجمل: و «بئس» فعل ماض لإنشاء الذم، وفعله مستتر تقديره هو، و «ما» تمييز بمعنى خلافة، وجملة خلفتموني صفة لما. والرابط محذوف، والمخصوص بالذم محذوف، والتقدير بئس خلافة خلفتمونيها من بعدي خلافتكم .وقوله مِنْ بَعْدِي معناه: من بعد ما رأيتم منى توحيد الله، ونفى الشركاء عنه، وإخلاص العبادة له، أو من بعد ما كنت احمل بنى إسرائيل على التوحيد واكفهم عما طمحت نحوه أبصارهم من عبادة البقر حين قالوا اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ. ومن حق الخلفاء أن يسيروا بسيرة المستخلف من بعده ولا يخالفوه.وقوله تعالى أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ معناه أسبقتم بعبادة العجل ما أمركم به ربكم وهو انتظاري حافظين لعهدي، وما أوصيتكم به من التوحيد وإخلاص العبادة لله حتى آتيكم بكتاب الله، فغيرتم وعبدتم العجل قيل: كانوا قد استبطئوا نزوله من الجبل، فخدعهم السامري وصنع لهم العجل فعبدوه، وجعلوا يغنون ويرقصون حوله ويقولون: هذا هو الإله الحق الذي أنقذنا من الظلم، قال صاحب الكشاف: يقال عجل عن الأمر إذا تركه غير تام. ويضمن معنى سبق فعدى تعديته فقال: عجلت الأمر. والمعنى: أعجلتم عن أمر ربكم وهو انتظار موسى حافظين لعهده وما وصاكم به، فبينتم الأمر على أن الميعاد قد بلغ آخره ولم أرجع إليكم، فحدثتم أنفسكم بموتى فغيرتم كما غيرت الأمم بعد أنبيائهم.وروى أن السامري قال لهم حين أخرج لهم العجل: هذا إلهكم وإله موسى، وأن موسى لن يرجع وأنه قد مات.وروى أنهم عدوا عشرين يوما بلياليها فجعلوها أربعين ثم أحدثوا ما أحدثوا .ثم بين- سبحانه - أن غضب موسى ترتب عليه أمران يدلان على شدة الانفعال:أولهما: قوله تعالى: وَأَلْقَى الْأَلْواحَ أى طرحها من يديه لما اعتراه من فرط الدهش، وشدة الضجر، حين أشرف على قومه وهم عاكفون على عبادة العجل، فإلقاؤه الألواح لم يكن إلا غضبا لله، وحمية لدينه، وسخطا على قومه الذين عبدوا ما يضرب به المثل في البلادة.قال الآلوسى: قوله-تبارك وتعالى- وَأَلْقَى الْأَلْواحَ حاصله أن موسى لما رأى من قومه ما رأى.غضب غضبا شديدا حمية لدينه فعجل في وضع الألواح لتفرغ يده فيأخذ برأس أخيه فعبر عن ذلك الوضع بالإلقاء تفظيعا لفعل قومه حيث كانت معاينته سببا لذلك وداعيا إليه، وليس فيه ما يتوهم منه الإهانة لكتاب الله بوجه من الوجوه. وانكسار بعض الألواح حصل من فعل مأذون فيه ولم يكن غرض موسى ولا مر بباله ولا ظن ترتيبه على ما فعل. وليس هناك إلا العجلة في الوضع الناشئة من الغيرة لله. وقد أنكر بعض العلماء أن يكون شيء منها قد تكسر، لأن ظاهر القرآن خلافه. نعم أخرج أحمد وغيره عن ابن عباس قال. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «يرحم الله موسى، ليس المعاين كالمخبر أخبره ربه أن قومه فتنوا بعده فلم يلق الألواح فلما رآهم وعاينهم ألقى الألواح فتكسر منها» .وثانيهما: قوله تعالى: وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ أى. أخذ موسى بشعر رأس أخيه هارون يجره إليه غضبا منه، لظنه أنه قد قصر في نصحهم وزجرهم عن عبادة العجل. ولكن هارون- عليه السلام- أخذ يستجيش في نفس موسى عاطفة الأخوة الرحيمة، ليسكن من غضبه الشديد. وليكشف له عن طبيعة الموقف، وليبرئ ساحته من مغبة التقصير، فقال له:ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ. أى: قال هارون لموسى مستعطفا: يا ابن أمى- بهذا النداء الرقيق وبتلك الوشيجة الرحيمة- لا تعجل بلومي وتعنيفى، فإنى ما آليت جهدا في الإنكار عليهم،وما قصرت في نصيحتهم ولكنهم لم يستمعوا إلى، بل قهروني واستضعفوني، وأوشكوا أن يقتلوني عند ما بذلت أقصى طاقتي لأخفف هياجهم واندفاعهم نحو العجل، فلا تفعل بي ما هو أمنيتهم ومحل شماتتهم، من الاستهانة بي والإساءة إلى، فإن من شأن الأخوة التي بيننا أن تكون ناصرة معينة حين يكون هناك أعداء، ولا تجعلني في زمرة القوم الظالمين، فإنى برىء منهم، ولقد نصحتهم ولكنهم قوم لا يحبون الناصحين.
تفسير ابن كثير : شرح الآية 150 من سورة الأعراف
يخبر تعالى أن موسى ، عليه السلام ، رجع إلى قومه من مناجاة ربه تعالى وهو غضبان أسف .
قال أبو الدرداء " الأسف " : أشد الغضب .
{ 151 } { قال بئسما خلفتموني من بعدي } يقول : بئس ما صنعتم في عبادتكم العجل بعد أن ذهبت وتركتكم .
وقوله : { أعجلتم أمر ربكم } ؟ يقول : استعجلتم مجيئي إليكم ، وهو مقدر من الله تعالى .
وقوله : { وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه } قيل : كانت الألواح من زمرد . وقيل : من ياقوت . وقيل : من برد وفي هذا دلالة على ما جاء في الحديث : " ليس الخبر كالمعاينة "
ثم ظاهر السياق أنه إنما ألقى الألواح غضبا على قومه ، وهذا قول جمهور العلماء سلفا وخلفا . وروى ابن جرير عن قتادة في هذا قولا غريبا ، لا يصح إسناده إلى حكاية قتادة ، وقد رده ابن عطية وغير واحد من العلماء ، وهو جدير بالرد ، وكأنه تلقاه قتادة عن بعض أهل الكتاب ، وفيهم كذابون ووضاعون وأفاكون وزنادقة .
وقوله : { وأخذ برأس أخيه يجره إليه } خوفا أن يكون قد قصر في نهيهم ، كما قال في الآية الأخرى : { قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن أفعصيت أمري . قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي } [ طه : 92 - 94 ] وقال هاهنا : { ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين } أي: لا تسقني مساقهم ، ولا تخلطني معهم . وإنما قال : { ابن أم } ; لتكون أرأف وأنجع عنده ، وإلا فهو شقيقه لأبيه وأمه . فلما تحقق موسى ، عليه السلام ، براءة ساحة هارون عليه السلام كما قال تعالى : { ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري } [ طه : 90 ]
تفسير الطبري : معنى الآية 150 من سورة الأعراف
القول في تأويل قوله : وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْقال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولما رجع موسى إلى قومه من بني إسرائيل, رجع غضبان أسفًا, لأن الله كان قد أخبره أنه قد فتن قومه, وأن السامري قد أضلّهم, فكان رجوعه غضبان أسفًا لذلك.* * *و " الأسف " شدة الغضب، والتغيظ به على من أغضبه، كما:-15124- حدثني عمران بن بكار الكلاعي قال، حدثنا عبد السلام بن محمد الحضرمي قال، حدثني شريح بن يزيد قال، سمعت نصر بن علقمة يقول: قال أبو الدرداء: قول الله: " غضبان أسفًا "، قال: " الأسف "، منزلة وراء الغضب، أشدُّ من ذلك, وتفسير ذلك في كتاب الله: ذهب إلى قومه غضبان, وذهب أسفًا. ( 1 )* * *وقال آخرون في ذلك ما:-15125- حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " أسفًا "، قال: حزينًا.15126- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه , عن ابن عباس: " ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفًا "، يقول: " أسفًا "، " حزينًا "، وقال في " الزخرف ": فَلَمَّا آسَفُونَا [ سورة الزخرف: 55 ]، يقول: أغضبونا= و " الأسف "، على وجهين: الغضب، والحزن.15127- حدثنا نصر بن علي قال، حدثنا سليمان بن سليمان قال، حدثنا مالك بن دينار قال، سمعت الحسن يقول في قوله: " ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفًا "، قال: غضبان حزينًا.* * *وقوله: " قال بئسما خلفتموني من بعدي "، يقول: بئس الفعل فعلتم بعد فراقي إياكم وأوليتموني فيمن خلفت ورائي من قومي فيكم، وديني الذي أمركم به ربكم. يقال منه: " خلفه بخير "، و " خلفه بشر "، إذا أولاه في أهله أو قومه ومن كان منه بسبيل من بعد شخوصه عنهم، خيرًا أو شرًّا. ( 2 )* * *وقوله: " أعجلتم أمر ربكم "، يقول: أسبقتم أمر ربكم في نفوسكم, وذهبتم عنه؟* * *يقال منه: " عجل فلان هذا الأمر "، إذا سبقه = و " عجل فلانٌ فلانًا "، إذا سبقه = " ولا تَعْجَلْني يا فلان "، لا تذهب عني وتدعني= و " أعجلته ": استحثثته.* * *القول في تأويل قوله : وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الأَعْدَاءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ( 150 )قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وألقى موسى الألواح.* * *ثم اختلف أهل العلم في سبب إلقائه إياها.فقال بعضهم: ألقاها غضبًا على قومه الذين عبدوا العجل.* ذكر من قال ذلك:15128- حدثنا تميم بن المنتصر قال، أخبرنا يزيد قال، أخبرنا الأصبغ بن زيد, عن القاسم بن أبي أيوب قال، حدثني سعيد بن جبير قال، قال ابن عباس: لما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفًا، فأخذ برأس أخيه يجرّه إليه, وألقى الألواح من الغضب.15129- وحدثني عبد الكريم قال، حدثنا إبراهيم بن بشار قال، حدثنا ابن عيينة قال، قال أبو سعد, عن عكرمة, عن ابن عباس قال: لما رجع موسى إلى قومه, وكان قريبًا منهم, سمع أصواتهم، فقال: إني لأسمع أصواتَ قومٍ لاهين: فلما عاينهم وقد عكفوا على العجل، ألقى الألواح فكسرها, وأخذ برأس أخيه يجره إليه.15130- حدثنا موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي قال: أخذ موسى الألواح، ثم رجع موسى إلى قومه غضبان أسفًا, فقال: يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا ، إلى قوله: فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ [ سورة طه: 86-87 ]، فألقى موسى الألواح، وأخذ برأس أخيه يجره إليه= قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي [ سورة طه: 94 ].15131- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق قال: لما انتهى موسى إلى قومه فرأى ما هم عليه من عبادة العجل, ألقى الألواح من يده, ثم أخذ برأس أخيه ولحيته، ويقول: مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا * أَلا تَتَّبِعَنِي أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي [ سورة طه: 92، 93 ].* * *وقال آخرون: إنما ألقى موسى الألواح لفضائل أصابها فيها لغير قومه, فاشتدّ ذلك عليه.* ذكر من قال ذلك:15132- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة , قوله: أَخَذَ الأَلْوَاحَ ، قال: رب، إني أجد في الألواح أمةً خيرَ أمة أخرجت للناس, يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر, فاجعلهم أمتي! قال: تلك أمة أحمد! قال: رب إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون= أي آخرون في الخلق= السابقون في دخول الجنة، ( 3 ) رب اجعلهم أمتي! قال: تلك أمة أحمد! قال: رب إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدورهم يقرأونها,= وكان من قبلهم يقرأون كتابهم نظرًا، حتى إذا رفعوها لم يحفظوا شيئًا، ولم يعرفوه. قال قتادة: وإن الله أعطاكم أيتها الأمة من الحفظ شيئًا لم يعطه أحدًا من الأمم = قال: ربِّ اجعلهم أمتي! قال: تلك أمة أحمد! قال: رب إني أجد في الألواح أمة يؤمنون بالكتاب الأول وبالكتاب الآخر, ويقاتلون فضول الضلالة، حتى يقاتلوا الأعور الكذاب, فاجعلهم أمتي! قال: تلك أمة أحمد! قال: رب إني أجد في الألواح أمة صدقاتهم يأكلونها في بطونهم، ثم يؤجرون عليها= وكان من قبلهم من الأمم إذا تصدق بصدقة فقبلت منه, بعث الله عليها نارًا فأكلتها, وإن ردَّت عليه تركت تأكلها الطير والسباع. قال: وإن الله أخذ صدقاتكم من غنيكم لفقيركم= قال: رب اجعلهم أمتي! قال: تلك أمة أحمد! قال: رب إني أجد في الألواح أمة إذا همّ أحدهم بحسنة ثم لم يعملها كتبت له حسنة, فإن عملها كتبت له عشر أمثالها إلى سبعمائة, رب اجعلهم أمتي! قال: تلك أمة أحمد! قال: رب إني أجد في الألواح أمة إذا همّ أحدهم بسيئة لم تكتب عليه حتى يعملها, فإذا عملها كتبت عليه سيئة واحدة, فاجعلهم أمتي! قال: تلك أمة أحمد! قال: رب إني أجد في الألواح أمة هم المستجيبون والمستجاب لهم، فاجعلهم أمتي! قال: تلك أمة أحمد، قال: رب إني أجد في الألواح أمة هم المشفَّعون والمشفوع لهم, فاجعلهم أمتي! قال: تلك أمة أحمد! قال: وذكر لنا أن نبي الله موسى عليه السلام نبذ الألواح وقال: اللهم اجعلني من أمة أحمد! قال: فأعطي نبي الله موسى عليه السلام ثنتين لم يعطهما نبيٌّ، قال الله: يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي ، [ سورة الأعراف: 144 ]. قال: فرضي نبي الله. ثم أعطي الثانية: وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ [ سورة الأعراف: 159 ]، قال: فرضي نبي الله صلى الله عليه وسلم كل الرضى.15133- حدثني محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة قال: لما أخذ موسى الألواح قال: يا رب، إني أجد في الألواح أمة هم خير الأمم, يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر, فاجعلهم أمتي! قال: تلك أمة أحمد! قال: يا رب، إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون السابقون يوم القيامة, فاجعلهم أمتي! قال: تلك أمة أحمد, ثم ذكر نحو حديث بشر بن معاذ= إلا أنه قال في حديثه: فألقى موسى عليه السلام الألواح، وقال: اللهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليهما.* * *قال أبو جعفر: والذي هو أولى بالصواب من القول في ذلك، أن يكون سبب إلقاء موسى الألواح كان من أجل غضبه على قومه لعبادتهم العجل، لأن الله جل ثناؤه بذلك أخبر في كتابه فقال: " ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفًا قال بئسما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربكم وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه ".* * *وذكر أن الله لما كتب لموسى عليه السلام في الألواح التوراة, ( 4 ) أدناه منه حتى سمع صريف القلم.* ذكر من قال ذلك:15134- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا إسرائيل, عن السدي, عن أبي عمارة, عن علي عليه السلام قال: كتب الله الألواح لموسى عليه السلام، ( 5 ) وهو يسمع صريف الأقلام في الألواح.15135- . .. . قال حدثنا إسرائيل, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جبير قال: أدناه حتى سمع صريف الأقلام. ( 6 )* * *وقيل: إن التوراة كانت سبعة أسباع، فلما ألقى موسى الألواح تكسرت, فرفع منها ستة أسباعها, وكان فيما رفع " تفصيل كل شيء "، الذي قال الله: وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلا لِكُلِّ شَيْءٍ وبقي الهدى والرحمة في السبع الباقي، وهو الذي قال الله: أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ ، [ سورة الأعراف: 154 ].* * *وكانت التوراة فيما ذكر سبعين وَقْر بعير، يقرأ منها الجزء في سنة، كما:-15136- حدثني المثنى قال، حدثنا محمد بن خالد المكفوف قال، حدثنا عبد الرحمن, عن أبي جعفر, عن الربيع بن أنس قال: أنزلت التوراة وهي سبعون وَقْر بعير, يقرأ منها الجزء في سنة, لم يقرأها إلا أربعة نفر: موسى بن عمران, وعيسى, وعزير, ويوشع بن نون، صلوات الله عليهم.* * *واختلفوا في " الألواح ".فقال بعضهم: كانت من زُمرد أخضر.* * *وقال بعضهم: كانت من ياقوت.* * *وقال بعضهم: كانت من بَرَد.* * ** ذكر الرواية بما ذكرنا من ذلك.15137- حدثني أحمد بن إبراهيم الدَّورقي قال، حدثنا حجاج بن محمد, عن ابن جريج قال، أخبرني يعلى بن مسلم, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس قال: ألقى موسى الألواح فتكسرت, فرفعت إلا سدسها= قال ابن جريج: وأخبرني أن الألواح من زبرجد وزمرد من الجنة.15138- وحدثني موسى بن سهل الرملي، وعلي بن داود، وعبد الله بن أحمد بن شبويه، وأحمد بن الحسن الترمذي قالوا، أخبرنا آدم العسقلاني قال، حدثنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية قال: كانت ألواح موسى عليه السلام من بَرَد. ( 7 )15139- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام, عن أبي الجنيد, عن جعفر بن أبي المغيرة قال: سألت سعيد بن جبير عن الألواح، من أي شيء كانت؟ قال: كانت من ياقوتة، كتابة الذهب، كتبها الرحمن بيده, فسمع أهل السموات صريف القلم وهو يكتبها.15140- حدثني الحارث قال، حدثنا القاسم قال، حدثنا عبد الرحمن, عن محمد بن أبي الوضاح, عن خصيف, عن مجاهد أو سعيد بن جبير قال: كانت الألواح زمردًا, فلما ألقى موسى الألواح بقي الهدى والرحمة, وذهب التفصيل.15141- قال، حدثنا القاسم قال، حدثنا الأشجعي, عن محمد بن مسلم , عن خصيف, عن مجاهد قال: كانت الألواح من زمرد أخضر.* * *وزعم بعضهم: أن الألواح كانت لوحين. فإن كان الذي قال كما قال, فإنه قيل: وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ ، وهما لوحان, كما قيل: فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ [ سورة النساء: 11 ]، وهما أخوان. ( 8 )* * *أما قوله: " وأخذ برأس أخيه يجره إليه "، فإن ذلك من فعل نبي الله صلى الله عليه وسلم كان، لموجدته على أخيه هارون في تركه أتباعه، وإقامته مع بني إسرائيل في الموضع الذي تركهم فيه, كما قال جل ثناؤه مخبرًا عن قيل موسى عليه السلام له: مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا * أَلا تَتَّبِعَنِي أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي ؟ [ سورة طه: 92، 93 ]، حين أخبره هارون بعذره فقبل عذره, وذلك قيله لموسى: لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ، [ سورة طه: 94 ]، وقال: " يا ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء "، الآية:* * *واختلفت القرأة في قراءة قوله: " يا ابن أم ".فقرأ ذلك عامة قرأة المدينة وبعض أهل البصرة: ( يَا ابْنَ أُمَّ ) بفتح " الميم " من " الأم ".* * *وقرأ ذلك عامة قرأة أهل الكوفة: ( يَا ابْنَ أُمِّ ) بكسر " الميم " من الأم.* * *واختلف أهل العربية في فتح ذلك وكسره, مع إجماع جميعهم على أنهما لغتان مستعملتان في العرب.فقال بعض نحويي البصرة: قيل ذلك بالفتح، على أنهما اسمان جعلا اسمًا واحدًا, كما قيل: " يا ابن عمَّ ", وقال: هذا شاذ لا يقاس عليه.وقال: من قرأ ذلك: " يا ابن أمِّ ", فهو على لغة الذين يقولون: " هذا غلامِ قد جاء؟ ", جعله اسمًا واحدًا آخره مكسور, مثل قوله: " خازِ باز ". ( 9 )* * *وقال بعض نحويي الكوفة: قيل: " يا ابن أمَّ " و " يا ابن عمَّ ", فنصب كما ينصب المعرب في بعض الحالات, فيقال: " يا حسرتا ", " يا ويلتا ". قال: فكأنهم قالوا: " يا أماه "، و " يا عماه "، ولم يقولوا ذلك في " أخ ", ولو قيل ذلك لكان صوابًا. قال: والذين خفضوا ذلك، فإنه كثر في كلامهم حتى حذفوا الياء. قال: ولا تكاد العرب تحذف " الياء " إلا من الاسم المنادَى يضيفه المنادِي إلى نفسه, إلا قولهم: " يا ابن أمِّ " و " يا ابن عمِّ "، وذلك أنهما يكثر استعمالهما في كلامهم, فإذا جاء ما لا يستعمل أثبتوا " الياء " فقالوا: " يا ابن أبي " و " يا ابن أختي، وأخي "، و " يا ابن خالتي ", و " يا ابن خالي ". ( 10 )* * *قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إذا فتحت " الميم " من " ابن أم ", فمرادٌ به الندبة: يا ابن أماه, وكذلك من " ابن عم ". فإذا كسرت فمرادٌ به الإضافة, ثم حذفت " الياء " التي هي كناية اسم المخبر عن نفسه. وكأن بعض من أنكر تشبيه كسر ذلك إذا كسر ككسر الزاي من " خاز باز "، ( 11 ) لأن " خاز باز " لا يعرف الثاني إلا بالأول، ولا الأول إلا بالثاني, فصار كالأصوات.وحكي عن يونس الجرمي تأنيث " أم " وتأنيث " عم ", ( 12 ) وقال: لا يجعل اسمًا واحدًا إلا مع " ابن " المذكر. قالوا: وأما اللغة الجيدة والقياسُ الصحيح، فلغة من قال: " يا ابن أمي " بإثبات " الياء ", كما قال أبو زبيد:يَا ابْنَ أُمِّي, وَيَا شُقَيِّقَ نَفْسِيأَنْتَ خَلَّفْتَني لِدَهْرٍ شَدِيدِ ( 13 )وكما قال الآخر: ( 14 )يَا ابْنَ أُمِّي! وَلَوْ شَهِدْتُكَ إِذْ تَدْعُو تَمِيمًا وَأَنْتَ غَيْرُ مُجَابِ ( 15 )وإنما أثبت هؤلاء الياء في " الأم "، لأنها غير مناداة, وإنما المنادى هو " الابن " دونها. وإنما تسقط العرب " الياء " من المنادى إذا أضافته إلى نفسها, لا إذا أضافته إلى غير نفسها, كما قد بينا. ( 16 )* * *وقيل: إن هارون إنما قال لموسى عليه السلام: " يا ابن أم ", ولم يقل: " يا ابن أبي " , وهما لأب واحد وأم واحدة, استعطافا له على نفسه برحم الأم. ( 17 )* * *وقوله: " إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني "، يعني بالقوم، الذين عكفوا على عبادة العجل وقالوا: " هذا إلهنا وإله موسى ", وخالفوا هارون. وكان استضعافهم إياه: تركهم طاعته واتباع أمره= ( 18 ) = " وكادوا يقتلونني "، يقول: قاربوا ولم يفعلوا. ( 19 )* * *واختلفت القرأة في قراءة قوله: " فلا تشمت ".فقرأ قرأة الأمصار ذلك: ( فَلا تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاءَ )، بضم " التاء " من " تشمت " وكسر " الميم " منها, من قولهم: " أشمت فلان فلانًا بفلان ", إذا سره فيه بما يكرهه المشمت به.* * *وروي عن مجاهد أنه قرأ ذلك: ( فَلا تَشْمِتْ بِيَ الأعْدَاءَ ).15142- حدثني بذلك عبد الكريم قال، حدثنا إبراهيم بن بشار قال، حدثنا سفيان قال، قال حميد بن قيس: قرأ مجاهد: ( فَلا تَشْمِتْ بِيَ الأعَدَاءُ ).15143- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن الزبير, عن ابن عيينة, عن حميد قال: قرأ مجاهد: ( فَلا تَشْمِتْ بِيَ الأعَدَاءُ ).15144- حدثت عن يحيى بن زياد الفراء قال، حدثنا سفيان بن عيينة, عن رجل, عن مجاهد، أنه قال: ( لا تُشْمِتْ ). ( 20 )* * *وقال الفراء: قال الكسائي: ما أدرى, فلعلهم أرادوا: فلا تشمت بي الأعداءُ، فإن تكن صحيحة فلها نظائر. العرب تقول: " فَرِغت وفَرَغت ", فمن قال: " فَرغت "، قال: " أنا أفرُغ ", ومن قال: " فرِغت "، قال: " أنا أفرَغُ ", وكذلك: " ركِنت " " وركَنت "، و " شمِلهم أمرٌ " ( 21 ) " وشمَلهم ", ( 22 ) في كثير من الكلام. قال: " والأعداء " رفع، لأن الفعل لهم، لمن قال: " تشمَت " أو " تشمِت ". ( 23 )* * *قال أبو جعفر: والقراءة التي لا أستجيز القراءة إلا بها، قراءةُ من قرأ: ( فَلا تُشْمِتْ ): بضم " التاء " الأولى، وكسر " الميم " من: " أشمتُّ به عدوه أشمته به ", ونصبِ " الأعداء "، لإجماع الحجة من قرأة الأمصار عليها، وشذوذ ما خالفها من القراءة, وكفى بذلك شاهدا على ما خالفها. هذا مع إنكار معرفة عامة أهل العلم بكلام العرب: " شمت فلان فلانًا بفلان ", و " شمت فلان بفلان يشمِت به ", وإنما المعروف من كلامهم إذا أخبروا عن شماتة الرجل بعدوِّه: " شمِت به " بكسر " الميم ": " يشمَت به "، بفتحها في الاستقبال.* * *وأما قوله: " ولا تجعلني مع القوم الظالمين "، فإنه قولُ هارون لأخيه موسى. يقول: لا تجعلني في موجدتك عليَّ وعقوبتك لي ولم أخالف أمرك، محلَّ من عصاك فخالف أمرك، وعبد العجل بعدك، فظلم نفسه، وعبد غيرَ من له العبادة, ولم أشايعهم على شيء من ذلك، كما:-15145- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " ولا تجعلني مع القوم الظالمين "،) قال: أصحاب العجل.15146- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد، بمثله.-
الهوامش :( 1 ) الأثر : 15124 - ( ( عبد السلام بن محمد الحضرمى )) ، يعرف ب ( ( سليم )) ، مترجم في التهذيب ، وقال: ( ( وقد ذكره البخاري فلم يذكر فيه جرحاً )) ، وابن أبي حاتم 3 / 1 / 48 ، وذكره ابن حبان في الثقات . و ( ( شريح بن يزيد الحضرمى )) ، ( ( أبو حيوة )) ، لم يذكر فيه البخاري جرحاً ، ووثقه ابن حبان . ممترجم في التهذيب ، والكبير 2/2/231 .و ( ( نصر بن علقمة الحضرمى )) ، ( ( أبو علقمة )) ، وثقه دحيم وابن حبان ، ولم يذكر فيه البخاري جرحاً . مترجم في التهذيب ، والكبير 4/2/102 ، وابن أبي حاتم 4 / 1 / 469 ، وروايته عن أبي الدرداء مرسلة .( 2 ) ( 1 ) انظر تفسير( ( خلف )) فيما سلف ص : 88 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .( 3 ) ( 1 ) في المطبوعة : ( ( الآخرون السابقون = أي : آخرون في الخلق ، سابقون في دخول الجنة )) ، وأثبت ما في المخطوطة .( 4 ) ( 1 ) في المطبوعة : ( ( وذلك أن الله لما كتب )) ، والصواب في المخطوطة .( 5 ) ( 2 ) في المطبوعة : ( ( لما كتب الله الألواح )) ، والصواب حذف ( ( لما )) كما في المخطوطة .( 6 ) ( 1 ) الأثر : 15135 - وضعت النقط في هذا الخبر ، للدلالة على أن هذا الإسناد ملحق بالإسناد السالف ، وصدره هكذا : ( ( حدثني الحارث قال ، حثنا عبد العزيز قال ، حدثنا إسرائيل . .. . )) .( 7 ) ( 1 ) الأثر 15138 - انظر الأثر رقم 914 ، والتعليق عليه .( 8 ) ( 2 ) انظر ما قال في الجمع ، والمراد به اثنان فيما سلف 8 : 41 - 44 ، ومعاني القرآن للفراء 1 : 394 .( 9 ) ( 1 ) ( ( الخازباز )) ، هو ضرب من الذبان ، و ( ( خاز )) و ( ( باز )) صوتان من صوت الذباب ، فجعلا واحداً ، وبنيا على الكسر ، لا يتغير في الرفع والنصب والجر .( 10 ) ( 1 ) هذه كلها مقالة الفراء في معاني القرآن 1 : 394 .( 11 ) ( 2 ) في المطبوعة والمخطوطة : ( ( من أنكر نسبته كسر ذلك . .. )) ، وصواب قراءته ما أثبته ( ( تشبيه )) .( 12 ) ( 3 ) ( ( يونس الجرمى )) ، هكذا جاء هنا أيضاً ، وانظر ما سلف 10 : 120 ، تعليق : 1 ، ثم 11 : 544 ، تعليق : 3 ، وما سيأتي ص : 138 .( 13 ) ( 4 ) أمالي اليزيدي 9 ، جمهرة أشعار العرب : 139 واللسان ( شقق ) ، وشواهد العينى ( هامش خزانة الأدب ) : 4 : 222 ، وغيرها . من قصيدة مختارة ، يرثى ابن أخته اللجلاج ، ويقال : يرثى أخاه اللجلاج ، ويروى البيت: يَا ابْنَ خَنْسَاء ، شِقَّ نَفْسِيَ يَا لَجْلاجُ ، خَلَّيْتَنِى لِدَهْرٍ شَدِيدِ وأما هذه الرواية ، فهي رواية النحاة جميعًا في كتبهم في باب النداء. يقول فيها:كُلَّ مَيْتٍ قَدِ اغْتَفَرْتُ ، فلا أُوجع مِنْ وَالِدٍ وَلا مَوْلُودِغَيْرَ أَنَّ اللَّجْلاجَ هَدَّ جَنَاحِييَوْمَ فَارَقْتُهُ بِأَعْلَى الصَّعِيدِفِي ضَرٍيحٍ عَلَيْهِ عِبْءٌ ثَقِيلٌمِنْ تُرَابٍ وجَنْدَلٍ مَنْضُودِعَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ عِنْدَ صَدٍحَرَّ انَ يَدْعُو بِاللَّيْلِ غَيْرَ مَعُودِصَادِيًا يَسْتَغِيثُ غَيْرَ مُغَاثٍوَلَقَدْ كَانَ عُصْرة المَنْجُودِوقوله : ( ( شقيق )) تصغير ( ( شقيق )) ، وهو الأخ .( 14 ) ( 1 ) هو غلفاء بن الحارث ، وهو معد يكرب بن الحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار الكندى ، وهو عم امرئ القيس بن حجر إمام الشعراء . وسمى ( ( غلفاء )) ، لأنه كان يغلف رأسه بالمسك . ويقال: هو أول من فعل ذلك .( 15 ) ( 2 ) النقائض : 457 ، 1077 ، الوحشيات رقم : 213 ، الأغاني : 12 : 213 ، من قصيدة يرثي بها أخاه شرحبيل بن الحارث ، قتيل يوم الكلاب الول ( انظر خبر ذلك في النقائض ، والأغاني ) ، يقول قبله ، وهو أول الشعر :إِنَّ جَنْبِي عَنِ الفِرَاشِ لَنَابِيكَتَاجَافِي الأسَرِّ فَوْقَ الظِّرَابِمِنْ حَدِيثٍ نَمَى إلَيّ فَلا تَرْقَأُ عَيْنِي، وَلا أُسِيغُ شَرَابِيمُرَّةٌ كَالذِّعَافِ أكْتُمُهَا النَّاسَ، عَلَى حَرِّ مَلَّةٍ كالشِّهَابِمِنْ شُرْحَبِيلَ إِذْ تَعَاوَرُه الأرْمَاحُ فِي حَالِ لَذَّةٍ وشَبَابِ. . . . . . . . . . . . . . . . . . .يَا ابْنَ أُمِّي. .. .. .. .. .. .. .. .لَتَرَكْتُ الحُسَامَ تَجْرِي ظُبَاهُمِنْ دِمَاءِ الأعْدَاءِ يَوْمَ الكُلابِثُمَّ طَاعَنْتُ مِنْ وَرَائِكَ حَتَّىتَبْلُغَ الرُّحْبَ، أو تُبَزَّ ثيَابيوقوله : ( ( الأسر )) ، هو البعير تخرج في كركرته قرحة لا يقدر معها أن يبرك إلا على مستو من الأرض . وفي ( ( الظراب )) : جمع ( ( ظرب )) ( بفتح ثم كسر ) ، وهو من الحجارة ما كان ناتئاً في جبل أو أرض خربة ، وكان طرفه الناتئ محدداً . و( ( الملة )) ( بفتح الميم ) : الرماد الحار.( 16 ) ( 1 ) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 394 .( 17 ) ( 1 ) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 394 .( 18 ) ( 2 ) انظر تفسير ( ( استضعف )) فيما سلف ص : 76 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .( 19 ) ( 3 ) انظر تفسير ( ( كاد )) فيما سلف 2 : 218 .( 20 ) ( 1 ) الأثر : 15144 - رواه الفراء في معاني القرآن 1 : 394 ، وقال عند قوله : ( ( عن رجل )) : ( ( أظنه الأعرج )) ، يعني : ( ( حميد بن قيس المكى )) المذكور في الإسنادين السالفين .( 21 ) ( 2 ) في المطبوعة والمخطوطة : ( ( ركبت وركبت )) ، والصواب في معاني القرآن للفراء .( 22 ) ( 3 ) في معاني القرآن : ( ( وشملهم شر )) .( 23 ) ( 4 ) معاني القرآن للفراء 1 : 394 .
ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال بئسما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربكم وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه قال ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين
تفسير آيات من القرآن الكريم
- تفسير: وكذب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل
- تفسير: لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلا لولوا إليه وهم يجمحون
- تفسير: ياأيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع
- تفسير: هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن
- تفسير: ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا
- تفسير: نـزاعة للشوى
- تفسير: ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم
- تفسير: ولا يحض على طعام المسكين
- تفسير: في رق منشور
- تفسير: قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون
تحميل سورة الأعراف mp3 :
سورة الأعراف mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الأعراف
ماهر المعيقلي
سعد الغامدي
عبد الباسط
أحمد العجمي
المنشاوي
الحصري
مشاري العفاسي
ناصر القطامي
فارس عباد
ياسر الدوسري
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب