تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك ..

  1. تفسير السعدي
  2. تفسير البغوي
  3. التفسير الوسيط
  4. تفسير ابن كثير
  5. تفسير الطبري
الفسير الوسيط | التفسير الوسيط للقرآن الكريم للطنطاوي | تأليف شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي (المتوفى: 1431هـ) : ويعتبر هذا التفسير من التفاسير الحديثة و القيمة لطلاب العلم و الباحثين في تفسير القرآن العظيم بأسلوب منهجي سهل و عبارة مفهومة, تفسير الآية 18 من سورةالفتح - التفسير الوسيط .
  
   

﴿ ۞ لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾
[ سورة الفتح: 18]

معنى و تفسير الآية 18 من سورة الفتح : لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك .


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

تفسير السعدي : لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك


يخبر تعالى بفضله ورحمته، برضاه عن المؤمنين إذ يبايعون الرسول صلى الله عليه وسلم تلك المبايعة التي بيضت وجوههم، واكتسبوا بها سعادة الدنيا والآخرة، وكان سبب هذه البيعة -التي يقال لها "بيعة الرضوان" لرضا الله عن المؤمنين فيها، ويقال لها "بيعة أهل الشجرة" - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دار الكلام بينه وبين المشركين يوم الحديبية في شأن مجيئه، وأنه لم يجئ لقتال أحد، وإنما جاء زائرا هذا البيت، معظما له، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان لمكة في ذلك، فجاء خبر غير صادق، أن عثمان قتله المشركون، فجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم من معه من المؤمنين، وكانوا نحوا من ألف وخمسمائة، فبايعوه تحت شجرة على قتال المشركين، وأن لا يفروا حتى يموتوا، فأخبر تعالى أنه رضي عن المؤمنين في تلك الحال، التي هي من أكبر الطاعات وأجل القربات، فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ من الإيمان، فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ شكرا لهم على ما في قلوبهم، زادهم هدى، وعلم ما في قلوبهم من الجزع من تلك الشروط التي شرطها المشركون على رسوله، فأنزل عليهم السكينة تثبتهم، وتطمئن بها قلوبهم، وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا وهو: فتح خيبر، لم يحضره سوى أهل الحديبية، فاختصوا بخيبر وغنائمها، جزاءا لهم، وشكرا على ما فعلوه من طاعة الله تعالى والقيام بمرضاته.

تفسير البغوي : مضمون الآية 18 من سورة الفتح


( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك ) بالحديبية على أن يناجزوا قريشا ولا يفروا ) تحت الشجرة ) وكانت سمرة ، قال سعيد بن المسيب : حدثني أبي أنه كان فيمن بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت الشجرة ، قال : فلما خرجنا من العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها .
وروي أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - مر بذلك المكان بعد أن ذهبت الشجرة ، فقال : أين كانت ؟ فجعل بعضهم يقول : هاهنا ، وبعضهم : هاهنا ، فلما كثر اختلافهم قال : سيروا ، قد ذهبت الشجرة .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا سفيان قال عمرو : سمعت جابر بن عبد الله قال : قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية : " أنتم خير أهل الأرض " ، وكنا ألفا وأربعمائة ، ولو كنت أبصر اليوم لأريتكم مكان الشجرة .
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أخبرنا عبد الغافر بن محمد ، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، عن مسلم بن الحجاج ، حدثنا محمد بن حاتم ، حدثنا حجاج ، عن ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرا يسأل : كم كانوا يوم الحديبية ؟ قال : كنا أربع عشرة مائة فبايعناه ، وعمر آخذ بيده تحت الشجرة ، وهي سمرة ، فبايعناه غير جد بن قيس الأنصاري اختبأ تحت بطن بعيره .
وروى سالم عن جابر قال : كنا خمس عشرة مائة .
وقال عبد الله بن أبي أوفى : كان أصحاب الشجرة ألفا وثلاثمائة ، وكانت أسلم ثمن المهاجرين .
وكان سبب هذه البيعة - على ما ذكره محمد بن إسحاق عن أهل العلم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا خراش بن أبي أمية الخزاعي حين نزل الحديبية ، فبعثه إلى قريش بمكة وحمله على جمل له ، يقال له الثعلب ليبلغ أشرافهم عنه ما جاء له ، فعقروا به جمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأرادوا قتله فمنعته الأحابيش ، فخلوا سبيله حتى أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمر بن الخطاب ليبعثه إلى مكة ، فقال : يا رسول الله إني أخاف قريشا على نفسي ، وليس بمكة من بني عدي بن كعب أحد يمنعني ، وقد عرفت قريش عداوتي إياها وغلظتي عليها ، ولكن أدلك على رجل هو أعز بها مني : عثمان بن عفان ، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عثمان ، فبعثه إلى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت لحرب ، وإنما جاء زائرا لهذا البيت معظما لحرمته ، فخرج عثمان إلى مكة ، فلقيه أبان بن سعد بن العاص حين دخل مكة ، أو قبل أن يدخلها ، فنزل عن دابته وحمله بين يديه ، ثم أردفه وأجاره حتى بلغ رسالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال عظماء قريش لعثمان حين فرغ من رسالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن شئت أن تطوف بالبيت فطف به ، قال : ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فاحتبسته قريش عندها ، فبلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين أن عثمان قد قتل ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا نبرح حتى نناجز القوم " ، ودعا الناس إلى البيعة ، فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة .
وكان الناس يقولون : بايعهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الموت ، قال بكر بن الأشج : بايعوه على الموت ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " بل على ما استطعتم " .
وقال جابر بن عبد الله ومعقل بن يسار : لم نبايعه على الموت ولكن بايعناه على أن لا نفر ، فكان أول من بايع بيعة الرضوان من بني أسد يقال له أبو سنان بن وهب ، ولم يتخلف عنه أحد من المسلمين حضرها إلا جد بن قيس أخو بني سلمة ، قال جابر : لكأني أنظر إليه لاصقا بإبط ناقته مستترا بها من الناس ، ثم أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الذي ذكر من أمر عثمان باطل .
أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرني الحسين بن محمد بن فنجويه ، حدثنا علي بن أحمد بن نضرويه ، حدثنا أبو عمران موسى بن سهل بن عبد الحميد الجوني ، حدثنا محمد بن رمح ، حدثنا الليث بن سعد ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة " .
قوله - عز وجل - : ( فعلم ما في قلوبهم ) من الصدق والوفاء ( فأنزل السكينة ) الطمأنينة والرضا ( عليهم وأثابهم فتحا قريبا ) يعني فتح خيبر .

التفسير الوسيط : لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك


واللام في قوله-تبارك وتعالى-: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ...
هي الموطئة للقسم، وتسمى هذه البيعة بيعة الرضوان.
والشجرة: كانت بالحديبية، وقد جلس صلّى الله عليه وسلّم تحتها ليبايع أصحابه على الموت أو على عدم الفرار، فبايعوه على ذلك- ما عدا بعض المنافقين-، وقد كان الناس بعد ذلك يترددون على تلك الشجرة ويصلون تحتها، ويدعون الله-تبارك وتعالى-.. فأمر عمر- رضى الله عنه- قطعها خشية الافتتان بها.
أى: والله لقد رضى الله-تبارك وتعالى- عن المؤمنين الذين بايعوك- أيها الرسول الكريم- تحت الشجرة، على الموت من أجل إعلاء كلمة ربهم.
وفي هذه الجملة أسمى وأعلى ما يتمناه إنسان، وهو رضا الله-تبارك وتعالى- عنه ودخوله في زمرة العباد الذين ظفروا بمغفرته- سبحانه - ورحمته.
قال الآلوسى- رحمه الله-: والتعبير بالمضارع لاستحضار صورة هذه المبايعة.
وقوله- سبحانه -: تَحْتَ الشَّجَرَةِ متعلق بيبايعونك ...
وفي التقييد بذلك إشارة إلى مزيد وقع تلك المبايعة في النفوس.
ولذا استوجبت رضا الله-تبارك وتعالى- الذي لا يعادله شيء، ويستتبع مالا يكاد يخطر على البال.
ويكفى فيما ترتب على ذلك ما أخرجه أحمد عن جابر، ومسلم عن أم بشر، عنه، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة» ..وصح برواية الشيخين وغيرهما في أولئك المؤمنين من حديث جابر، أنه صلّى الله عليه وسلّم قال لهم «أنتم خير أهل الأرض..» .
وقوله-تبارك وتعالى-: فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ، وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً بشارة أخرى لهؤلاء المؤمنين الصادقين.
أى: لقد رضى- سبحانه - عن الذين بايعوك تحت الشجرة- أيها الرسول الكريم- حيث علم ما في قلوبهم من الصدق والإخلاص وإيثار الآخرة على الأولى، فأنزل السكينة والطمأنينة والأمان عليهم، وَأَثابَهُمْ أى: وأعطاهم ومنحهم فتحا قريبا، وهو فتح خيبر، الذي كان بعد صلح الحديبية بأقل من شهرين.
وقيل المراد به: فتح مكة، والأول أرجح، لأن فتح خيبر لم يكن فتح أقرب منه، ولأن المسلمين قد أصابوا من فتح خيبر غنائم كثيرة.

تفسير ابن كثير : شرح الآية 18 من سورة الفتح


يخبر تعالى عن رضاه عن المؤمنين الذين بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت الشجرة ، وقد تقدم ذكر عدتهم ، وأنهم كانوا ألفا وأربعمائة ، وأن الشجرة كانت سمرة بأرض الحديبية .قال البخاري : حدثنا محمود ، حدثنا عبيد الله ، عن إسرائيل ، عن طارق بن عبد الرحمن قال : انطلقت حاجا فمررت بقوم يصلون ، فقلت ما هذا المسجد ؟ قالوا : هذه الشجرة ، حيث بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيعة الرضوان ، فأتيت سعيد بن المسيب فأخبرته ، فقال سعيد : حدثني أبي أنه كان فيمن بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت الشجرة . قال : فلما خرجنا من العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها ، فقال سعيد : إن أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - لم يعلموها وعلمتموها أنتم ، فأنتم أعلم .وقوله : ( فعلم ما في قلوبهم ) أي : من الصدق والوفاء ، والسمع والطاعة ، ( فأنزل السكينة ) : وهي الطمأنينة ، ( عليهم وأثابهم فتحا قريبا ) : وهو ما أجرى الله على أيديهم من الصلح بينهم وبين أعدائهم ، وما حصل بذلك من الخير العام المستمر المتصل بفتح خيبر وفتح مكة ، ثم فتح سائر البلاد والأقاليم عليهم ، وما حصل لهم من العز والنصر والرفعة في الدنيا والآخرة ; ولهذا قال :

تفسير الطبري : معنى الآية 18 من سورة الفتح


القول في تأويل قوله تعالى : لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18)يقول تعالى ذكره: لقد رضي الله يا محمد عن المؤمنين ( إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ) يعني بيعة أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وسول الله بالحديبية حين بايعوه على مناجزة قريش الحرب, وعلى أن لا يفرّوا, ولا يولوهم الدبر تحت الشجرة, وكانت بيعتهم إياه هنالك فيما ذكر تحت شجرة.
وكان سبب هذه البيعة ما قيل: إن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كان أرسل عثمان بن عفان رضي الله عنه برسالته إلى الملإ من قريش, فأبطأ عثمان عليه بعض الإبطاء, فظنّ أنه قد قتل, فدعا أصحابه إلى تجديد البيعة على حربهم على ما وصفت, فبايعوه على ذلك, وهذه البيعة التي تسمى بيعة الرضوان, وكان الذين بايعوه هذه البيعة فيما ذُكر في قول بعضهم: ألفا وأربع مئة, وفي قول بعضهم: ألفا وخمس مئة, وفي قول بعضهم: ألفا وثلاث مئة.
ذكر الرواية بما وصفنا من سبب هذه البيعة:حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن محمد بن إسحاق, قال: ثني بعض أهل العلم أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم دعا خراش بن أمية الخزاعي, فبعثه إلى قريش بمكة, وحمله على جمل له يقال له الثعلب, ليبلغ أشرافهم عنه ما جاء له, وذلك حين نزل الحديبية, فعقروا به جمل رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, وأرادوا قتله, فمنعه الأحابيش فخلوا سبيله, حتى أتى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم .
قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, قال: فحدثني من لا أتهم, عن عكرِمة مولى ابن عباس: " أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم دعا عمر بن الخطاب ليبعثه إلى مكة, فيبلغ عنه أشراف قريش ما جاء له, فقال: يا رسول الله إني أخاف قريشا على نفسي, وليس بمكة من بني عديّ بن كعب أحد يمنعني, وقد عرفت قريش عداوتي إياها, وغلظتي عليهم, ولكني أدلك على رجل هو أعزّ بها مني عثمان بن عفان, فدعا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عثمان, فبعثه إلى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت لحرب, وإنما جاء زائرا لهذا البيت, معظما لحرمته, فخرج عثمان إلى مكة, فلقيه أبان بن سعيد بن العاص حين دخل مكة أو قبل أن يدخلها, فنزل عن دابته, فحمله بين يديه, ثم ردفه وأجاره حتى بلغ رسالة رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش, فبلغهم عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ما أرسله به, فقالوا لعثمان حين فرغ من رسالة رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: إن شئت أن تطوف بالبيت فطف به, قال: ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فاحتبسته قريش عندها, فبلغ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم والمسلمين أن عثمان قد قُتل " .
قال: ثنا سلمة, عن محمد بن إسحاق, قال: فحدثني عبد الله بن أبي بكر " أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حين بلغه أن عثمان قد قتل, قال: لا نَبْرَحُ حتى نُناجِزَ القَوْمَ, ودعا الناس إلى البيعة, فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة, فكان الناس يقولون: بايعهم رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على الموت فكان جابر بن عبد الله يقول: إن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لم يبايعنا على الموت, ولكنه بايعنا على أن لا نفر, فبايع رسول الله الناسُ, ولم يتخلف عنه أحد من المسلمين حضرها إلا الجد بن قيس أخو بني سلمة, كان جابر بن عبد الله يقول: لكأني أنظر إليه لاصقا بإبط ناقته, قد اختبأ إليها, يستتر بها من الناس, ثم أتى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أن الذي ذُكر من أمر عثمان باطل ".
حدثنا محمد بن عمارة الأسديّ, قال: ثنا عبيد الله بن موسى, قال: أخبرنا موسى بن عبيدة, عن إياس بن سلمة, قال: قال سلمة: " بينما نحن قائلون زمن الحديبية, نادى منادي رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: أيها الناس البيعة البيعة, نزل روح القدس صلوات الله عليه, قال: فثرنا إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, وهو تحت شجرة سمرة, قال: فبايعناه, وذلك قول الله ( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ).
جدثنا عبد الحميد بن بيان اليشكري, قال: ثنا محمد بن يزيد, عن إسماعيل, عن عامر, قال: كان أوّل من بايع بيعة الرضوان رجل من بني أسد يقال له أبو سنان بن وهب.
حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا يحيى بن حماد, قال: ثنا همام, عن قتادة, عن سعيد بن المسيب, قال: كان جدّي يقال له حَزْن, وكان ممن بايع تحت الشجرة, فأتيناها من قابل, فعُمِّيت علينا.
حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا يحيى بن حماد, قال: ثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني عمرو بن الحارث, عن بُكير بن الأشجّ " أنه بلغه أن الناس بايعوا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على الموت, فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: عَلَى ما اسْتَطَعْتُمْ .
والشجرة التي بُويع تحتها بفج نحو مكة, وزعموا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرّ بذلك المكان بعد أن ذهبت الشجرة, فقال: أين كانت, فجعل بعضهم يقول هنا, وبعضهم يقول: ههنا, فلما كثر اختلافهم قال: سيروا هذا التكلف فذهبت الشجرة وكانت سمرة إما ذهب بها سيل, وإما شيء سوى ذلك ".
* ذكر عدد الذين بايعوا هذه البيعة:وقد ذكرنا اختلاف المختلفين في عددهم, ونذكر الروايات عن قائلي المقالات التي ذكرناها إن شاء الله تعالى.
* ذكر من قال: عددهم ألف وأربع مئة:حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي, قال: ثنا أبي, عن أبيه, عن جده, عن الأعمش, عن أبي سفيان عن جابر, قال: " كنا يوم الحُديبية ألفا وأربع مئة, فبايعنا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على أن لا نفرّ, ولم نبايعه على الموت, قال: فبايعناه كلنا إلا الجدَّ بن قيس اختبأ تحت إبط ناقته ".
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, أخبرني القاسم بن عبد الله بن عمرو, عن محمد بن المنكدر, عن جابر بن عبد الله " أنهم كانوا يوم الحُديبية أربع عشرة مئة, فبايعنا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وعمر آخذ بيده تحت الشجرة, وهي سمرة, فبايعنا غير الجدّ بن قيس الأنصاريّ, اختبأ تحت إبط بعيره, قال جابر: بايعنا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على أن لا نفرّ ولم نبايعه على الموت ".
حدثنا يوسف بن موسى القطان, قال: ثنا هشام بن عبد الملك وسعيد بن شرحبيل المصري, قالا ثنا ليث بن سعد المصري قال: ثنا أبو الزبير, عن جابر, قال: " كنا يوم الحديبية ألفا وأربع مئة, فبايعناه وعمر آخذ بيده تحت الشجرة وهي سمرة, فبايعناه على أن لا نفرّ, ولم نبايعه على الموت, يعني النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
حدثنا ابن بشار وابن المثنى, قالا ثنا ابن أبي عديّ, عن سعيد, عن قتادة, عن سعيد بن المسيب, أنه قيل له: " إن جابر بن عبد الله يقول: إن أصحاب الشجرة كانوا ألفا وخمس مئة, قال سعيد: نسي جابر هو قال لي كانوا ألفا وأربع مئة ".
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, قال: ثني محمد بن إسحاق, عن الأعمش, عن أبي سفيان, عن جابر قال: كنا أصحاب الحُديبية أربع عشرة مئة.
* ذكر من قال: كان عدتهم ألفا وخمس مئة وخمسة وعشرين:حدثنا محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس ( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ) قال: كان أهل البيعة تحت الشجرة ألفا وخمس مئة وخمسة وعشرين.
حدثني بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قال: " الذين بايعوا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم تحت الشجرة, فجعلت لهم مغانم خيبر كانوا يومئذ خمس عشرة مئة, وبايعوا على أن لا يفرّوا عنه ".
* ذكر من قال: كانوا ألفا وثلاث مئة:حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا أبو داود, قال: ثنا شعبة, عن عمرو بن مرّة, قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى يقول: " كانوا يوم الشجرة ألفا وثلاث مئة, وكانت أسلم يومئذ من المهاجرين ".
وقوله ( فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ ) يقول تعالى ذكره: فعلم ربك يا محمد ما في قلوب المؤمنين من أصحابك إذ يبايعونك تحت الشجرة, من صدق النية, والوفاء بما يبايعونك عليه, والصبر معك ( فَأَنزلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ ) يقول: فأنزل الطمأنينة, والثبات على ما هم عليه من دينهم وحُسن بصيرتهم بالحقّ الذي هداهم الله له.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ ) : أي الصبر والوقار.
وقوله ( وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ) يقول: وعوّضهم في العاجل مما رجوا الظفر به من غنائم أهل مكة بقتالهم أهلها فتحا قريبا, وذلك فيما قيل: فتح خيبر.
* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن الحكم, عن ابن أبي ليلى ( وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ) قال: خيبر.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ) وهي خيبر.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, قوله ( وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ) قال: بلغني أنها خيبر.

لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنـزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا

سورة : الفتح - الأية : ( 18 )  - الجزء : ( 26 )  -  الصفحة: ( 513 ) - عدد الأيات : ( 29 )

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين
  2. تفسير: إلى فرعون وملئه فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد
  3. تفسير: وإن جهنم لموعدهم أجمعين
  4. تفسير: هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون
  5. تفسير: والقرآن الحكيم
  6. تفسير: وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها
  7. تفسير: فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا
  8. تفسير: ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون
  9. تفسير: ثم لقطعنا منه الوتين
  10. تفسير: شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا

تحميل سورة الفتح mp3 :

سورة الفتح mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الفتح

سورة الفتح بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة الفتح بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة الفتح بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة الفتح بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة الفتح بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة الفتح بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة الفتح بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة الفتح بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة الفتح بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة الفتح بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب