تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : هو الذي خلقكم من طين ثم قضى ..
﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَىٰ أَجَلًا ۖ وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ ۖ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ﴾
[ سورة الأنعام: 2]
معنى و تفسير الآية 2 من سورة الأنعام : هو الذي خلقكم من طين ثم قضى .
تفسير الجلالين | التفسير الميسر | تفسير السعدي |
تفسير البغوي | التفسير الوسيط | تفسير ابن كثير |
تفسير الطبري | تفسير القرطبي | إعراب الآية |
تفسير السعدي : هو الذي خلقكم من طين ثم قضى
{ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ } وذلك بخلق مادتكم وأبيكم آدم عليه السلام.
{ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا }- أي: ضرب لمدة إقامتكم في هذه الدار أجلا، تتمتعون به وتمتحنون، وتبتلون بما يرسل إليكم به رسله.
{ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا } ويعمركم ما يتذكر فيه من تذكر.
{ وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ } وهي: الدار الآخرة، التي ينتقل العباد إليها من هذه الدار، فيجازيهم بأعمالهم من خير وشر.
{ ثُمَّ } مع هذا البيان التام وقطع الحجة { أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ }- أي: تشكون في وعد الله ووعيده، ووقوع الجزاء يوم القيامة.
وذكر الله الظلمات بالجمع، لكثرة موادها وتنوع طرقها.
ووحد النور لكون الصراط الموصلة إلى الله واحدة لا تعدد فيها،، وهي: الصراط المتضمنة للعلم بالحق والعمل به، كما قال تعالى: { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ }
تفسير البغوي : مضمون الآية 2 من سورة الأنعام
قوله عز وجل : ( هو الذي خلقكم من طين ) يعني آدم عليه السلام ، خاطبهم به إذ كانوا من ولده . قال السدي : بعث الله تعالى جبريل عليه السلام إلى الأرض ليأتيه بطائفة منها ، فقالت الأرض إني أعوذ بالله منك أن تنقص مني ، فرجع جبريل ولم يأخذ وقال : يا رب إنها عاذت بك ، فبعث ميكائيل ، فاستعاذت فرجع ، فبعث ملك الموت فعاذت منه بالله ، فقال : وأنا أعوذ بالله أن أخالف أمره ، فأخذ من وجه الأرض فخلط الحمراء والسوداء والبيضاء ، فلذلك اختلفت ألوان بني آدم ، ثم عجنها بالماء العذب والملح والمر ، فلذا اختلفت أخلاقهم فقال الله تعالى لملك الموت : رحم جبريل وميكائيل الأرض ولم ترحمها ، لا جرم أجعل أرواح من أخلق من هذا الطين بيدك .وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " خلق الله آدم عليه السلام من تراب وجعله طينا ، ثم تركه حتى كان حمأ مسنونا ثم خلقه وصوره وتركه حتى كان صلصالا كالفخار ، ثم نفخ فيه روحه " .قوله عز وجل : ( ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده ) قال الحسن وقتادة والضحاك : الأجل الأول من الولادة إلى الموت ، والأجل الثاني من الموت إلى البعث ، وهو البرزخ ، وروي ذلك عن ابن عباس ، وقال : لكل أحد أجلان أجل إلى الموت وأجل من الموت إلى البعث ، فإن كان برا تقيا وصولا للرحم زيد له من أجل البعث في أجل العمر ، وإن كان فاجرا قاطعا للرحم نقص من أجل العمر وزيد في أجل البعث ، وقال مجاهد وسعيد بن جبير : الأجل الأول أجل الدنيا ، والأجل الثاني أجل الآخرة ، وقال عطية عن ابن عباس رضي الله عنهما ( ثم قضى أجلا ) يعني : النوم تقبض فيه الروح ثم ترجع عند اليقظة ، ( وأجل مسمى عنده ) يعني : أجل الموت ، وقيل: هما واحد معناه : [ ثم قضى أجلا ] يعني : جعل لأعماركم مدة تنتهون إليها ، " وأجل مسمى عنده " يعني : وهو أجل مسمى عنده ، لا يعلمه غيره ، ( ثم أنتم تمترون ) تشكون في البعث .
التفسير الوسيط : هو الذي خلقكم من طين ثم قضى
ثم ساق القرآن في الآية الثانية دليلا آخر على أن الله-تبارك وتعالى- هو المستحق للعبادة والحمد، وعلى أن يوم القيامة حق، فتحدث عن أصل خلق الإنسان، بعد أن تحدث في الآية الأولى عن خلق السموات والأرض فقال:هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ، ثُمَّ قَضى أَجَلًا، وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ، ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ.أى: هو الذي أنشأكم من طين، ثم تعهدكم برعايته في مراحل خلقكم بعد ذلك، كما قال-تبارك وتعالى-: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ. ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً، فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً، فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ، فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ. ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ.وفي ذكر خلق الإنسان من طين، دليل على قدرة الله وعظمته، لأنه- سبحانه - هو الذي حول هذا الطين إلى بشر سوى مفكر، يختار الخير فيهتدى ويختار الشر فيردى، كما أن فيه تذكيرا له بأصله حتى لا يستكبر أو يطغى، وحتى يوقن بأن من خلقه من هذا الأصل قادر على أن يعيده إليه.قال تعالى: مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى.قال أبو السعود: {وتخصيص خلقهم بالذكر من بين سائر دلائل صحة البعث، مع أن ما ذكر من خلق السموات والأرض من أوضحها وأظهرها. لما أن محل النزاع بعثهم، فدلالة بدء خلقهم على ذلك أظهر، وهم بشئون أنفسهم أعرف، والتعامي عن الحجة البينة أقبح} .وقال الجمل: {وإنما نسب هذا الخلق إلى المخاطبين لا إلى آدم- عليه السلام- وهو المخلوق منه حقيقة. لتوضيح منهاج القياس، والمبالغة في إزاحة الاشتباه والالتباس، مع ما فيه من تحقيق الحق، والتنبيه على حكمة خفية هي أن كل فرد من أفراد البشر له حظ من إنشائه- عليه السلام- منه. حيث لم تكن فطرته البديعة مقصورة على نفسه، بل كانت أنموذجا منطويا على فطرة سائر آحاد البشر انطواء إجماليا، فكان خلقه- عليه السلام- من الطين خلقا لكل أحد من فروعه} .ثم قال-تبارك وتعالى- ثُمَّ قَضى أَجَلًا، وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ. الأجل في اللغة عبارة عن الوقت المضروب لانقضاء الأمد، وأجل الإنسان هو الوقت المضروب لانتهاء عمره. والمعنى: أنه سبحانه- قدر لعباده أجلين: أجلا تنتهي عنده حياتهم بعد أن عاشوا زمنا معينا، وأجلا آخر يمتد من وقت موتهم إلى أن يبعثهم الله من قبورهم عند انتهاء عمر الدنيا ليحاسبهم على أعمالهم، هذا هو الرأى الأول في معنى الأجلين.وقيل: المراد من الأجل الأول آجال الماضين من الخلق، ومن الثاني آجال الباقين منهم.وقيل المراد من الأول النوم ومن الثاني الموت. وقيل: المراد من الأول ما مضى من عمر الإنسان ومن الثاني ما بقي منه.والذي نرجحه هو الرأى الأول لأسباب منها.1- أن من تتبع ذكر الأجل المسمى في القرآن في سياق الكلام عن الناس يراه قد ورد في عمر الإنسان الذي ينتهى بالموت، ومن ذلك قوله تعالى وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ .وقوله-تبارك وتعالى-: يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ .2- أن الآية الكريمة مسوقة لإثبات وحدانية الله ولتقرير أن البعث حق، فالمناسب أن يكون المراد بالأجل الثاني هو انتهاء عمر الدنيا وبعث الناس من قبورهم.ولذا قال أبو السعود في تضعيفه للآراء المخالفة للرأى الأول: «ومن هاهنا تبين أن ما قيل من أن الأجل الأول هو النوم والثاني هو الموت، أو أن الأول أجل الماضين والثاني أجل الباقين، أو أن الأول مقدار ما مضى من عمر كل أحد والثاني مقدار ما بقي منه مما لا وجه له أصلا، لما رأيت من أن مساق النظم الكريم استبعاد امترائهم في البعث الذي عبر عن وقته بالأجل المسمى. فحيث أريد به أحد ما ذكر من الأمور الثلاثة ففي أى شيء تمترون؟» .3- أن الرأى الأول هو الرأى المأثور عن بعض الصحابة، وبه قال جمهور المفسرين، وقد عزاه ابن كثير في تفسيره إلى عشرة من التابعين وعطفت الجملة الكريمة بثم، للإشارة إلى أطوار خلق الإنسان المختلفة، فهو في أصله من سلالة من طين، ثم يصيره الله-تبارك وتعالى- نطفة، فعلقة، فمضغة، فعظاما، ثم يكونه- سبحانه - وتعالى خلقا آخر. فتبارك الله أحسن الخالقين» .ووصف الأجل الثاني بأنه {مسمى عنده} ، لأن وقت قيام الساعة من الأمور التي لا يعلمها إلا الله قال-تبارك وتعالى-: يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها، قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ، ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ .وجاء قوله تعالى وَأَجَلٌ مُسَمًّى مقدما على {عنده} لأنه مبتدأ، والذي سوغ الابتداء به مع كونه نكرة تخصصه بالوصف فقارب المعرفة لذلك، فهو كقوله-تبارك وتعالى- وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ.ومعنى {عنده} أى: في علمه الذي لا يعلمه أحد سواه، فهي عندية تشريف وخصوصية.ثم ختمت الآية الكريمة بتوبيخ الشاكين في البعث والحساب فقال-تبارك وتعالى-:ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ. الامتراء: هو التردد الذي ينتهى إلى محاجة ومجادلة وقد ينتهى إلى شك ثم إلى إنكار. مأخوذ من مرى الضرع إذا مسحه للدر ووجه المناسبة في استعماله في الشك، أن الشك سبب لاستخراج العلم الذي هو كاللبن الخالص من بين فرث ودم.والمعنى: ثم إنكم بعد كل هذه الأدلة الدالة على وحدانية الله، وعلى أن يوم القيامة حق، تشكون في ذلك، وتجادلون المؤمنين فيما تشكون فيه «بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير» .وجاء العطف بثم لبيان التفاوت الكبير بين الحقائق الثابتة الناصعة، وبين ما سولته لهم أنفسهم من المجادلة فيها.قال الآلوسى: «والمراد استبعاد امترائهم في وقوع البعث وتحققه في نفسه مع مشاهدتهم في أنفسهم من الشواهد ما يقع مادة ذلك بالكلية فإن من قدر على إفاضة الحياة على مادة غير مستعدة لشيء من ذلك، كان أوضح اقتدارا على إقامته على مادة قد استعدت له وقارنته مدة» .
تفسير ابن كثير : شرح الآية 2 من سورة الأنعام
وقوله : { هو الذي خلقكم من طين } يعني : أباهم آدم الذي هو أصلهم ومنه خرجوا ، فانتشروا في المشارق والمغارب .
وقوله : { ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده } قال سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : { ثم قضى أجلا } يعني : الموت { وأجل مسمى عنده } يعني : الآخرة .
وهكذا روي عن مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والحسن وقتادة والضحاك وزيد بن أسلم وعطية والسدي ومقاتل بن حيان ، وغيرهم .
وقول الحسن - في رواية عنه : { ثم قضى أجلا } قال : ما بين أن يخلق إلى أن يموت { وأجل مسمى عنده } ما بين أن يموت إلى أن يبعث - هو يرجع إلى ما تقدم ، وهو تقدير الأجل الخاص ، وهو عمر كل إنسان ، وتقدير الأجل العام ، وهو عمر الدنيا بكمالها ثم انتهائها وانقضائها وزوالها ، [ وانتقالها ] والمصير إلى الدار الآخرة .
وعن ابن عباس ومجاهد : { ثم قضى أجلا } يعني : مدة الدنيا { وأجل مسمى عنده } يعني : عمر الإنسان إلى حين موته ، وكأنه مأخوذ من قوله تعالى بعد هذا : { وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم [ يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ثم إليه مرجعكم ] } الآية [ الأنعام : 60 ] .
وقال عطية ، عن ابن عباس { ثم قضى أجلا } يعني : النوم ، يقبض فيه الروح ، ثم يرجع إلى صاحبه عند اليقظة { وأجل مسمى عنده } يعني : أجل موت الإنسان ، وهذا قول غريب .
ومعنى قوله : { عنده } أي: لا يعلمه إلا هو ، كقوله تعالى : { إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو } [ الأعراف : 187 ] ، وكقوله { يسألونك عن الساعة أيان مرساها فيم أنت من ذكراها إلى ربك منتهاها } [ النازعات : 42 - 44 ] .
وقوله : { ثم أنتم تمترون } قال السدي وغيره : يعني تشكون في أمر الساعة .
تفسير الطبري : معنى الآية 2 من سورة الأنعام
القول في تأويل قوله : هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍقال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " هو الذي خلقكم من طين " ، أن الله الذي خلق السماوات والأرض, وأظلم ليلهما وأنَار نهارهما, ثم كفر به مع إنعامه عليهم الكافرون, ( 10 ) وعدلوا به من لا ينفعهم ولا يضرُّهم . هو الذي خلقكم، أيها الناس، من طين. وإنما يعني بذلك تعالى ذكره: أنَّ الناس وَلدُ مَنْ خلقه من طين, فأخرج ذلك مخرج الخطاب لهم, إذ كانوا وَلَده .* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .* ذكر من قال ذلك:13049- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: " هو الذي خلقكم من طين " ، بدءُ الخلق، خلقَ الله آدم من طين .13050 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " هو الذي خلقكم من طين " ، قال: هو آدم .13051- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: أمّا " خلقكم من طين "، فآدم .13052 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو تميلة, عن عبيد بن سليمان, عن الضحاك بن مزاحم قال: خلق آدم من طين, وخلق الناس من سُلالةٍ من ماءٍ مَهين .13053 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " خلقكم من طين " ، قال: خلق آدم من طين, ثم خلقنا من آدم حين أخذَنا من ظهره .* * *القول في تأويل قوله : ثُمَّ قَضَى أَجَلا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُقال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.فقال بعضهم: معنى قوله: " ثم قضى أجلا " ، ثم قضى لكم، أيها الناس،" أجلا ". وذلك ما بين أن يُخْلق إلى أن يموت =" وأجل مسمى عنده "، وذلك ما بين أن يموت إلى أن يبعث .* ذكر من قال ذلك:13054- حدثنا ابن وكيع وهناد بن السري قالا حدثنا وكيع قال، حدثنا أبي, عن أبي بكر الهذلي, عن الحسن في قوله: " قضى أجلا " ، قال: ما بين أن يخلق إلى أن يموت =" وأجل مسمى عنده " ، قال: ما بين أن يموت إلى أن يبعث . ( 11 )13055 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: " ثم قضى أجلا وأجلٌ مسمى عِنده " ، كان يقول: أجل حياتك إلى أن تموت، وأجل موتك إلى أن تُبْعث. فأنت بين أجَلين من الله تعالى ذكره .13056 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو تميلة, عن عبيد بن سليمان, عن الضحاك بن مزاحم: " قضى أجلا وأجل مسمى عنده " ، قال: قضى أجل الموت, وكل نفسٍ أجلها الموت . قال: ولن يؤخر الله نفسًا إذا جاء أجلها =" وأجل مسمى عنده " ، يعني: أجل الساعة، ذهاب الدنيا، والإفضاءُ إلى الله .* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: ثم قضى الدنيا، وعنده الآخرة .* ذكر من قال ذلك:13057 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن آدم, عن سفيان, عن أبي حصين, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس قوله: " أجلا " ، قال: الدنيا =" وأجل مسمى عنده " ، الآخرة .13058 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو عاصم, عن زكريا بن إسحاق, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " قضى أجلا " ، قال: الآخرة عنده =" وأجل مسمى " ، الدنيا .13059- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " أجلا " ، قال: الآخرة عنده =" وأجل مسمًّى " ، قال: الدنيا .13060- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " أجلا " ، قال: الآخرة عنده =" وأجل مسمى " ، قال: الدنيا .13061- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة والحسن: " ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده " ، قالا قضى أجل الدنيا، من حين خلقك إلى أن تموت =" وأجل مسمى عنده "، يوم القيامة .13062 - حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع, عن إسرائيل, عن جابر, عن مجاهد وعكرمة: " ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده " ، قال: قَضَى أجل الدنيا =" وأجل مسمى عنده " ، قال: هو أجل البعث .13063- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن إسرائيل, عن جابر, عن مجاهد وعكرمة: " ثم قضى أجلا " ، قال: الموت =" وأجل مسمى عنده "، الآخرة .13064- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة والحسن في قوله: " قضى أجلا وأجل مسمى عنده "، قالا قضى أجل الدنيا، منذ يوم خلقت إلى أن تموت =" وأجل مسمى عنده "، يوم القيامة .13065- حدثنا ابن وكيع وابن حميد قالا حدثنا جرير, عن منصور, عن مجاهد: " قضى أجلا " ، قال: أجل الدنيا =" وأجل مسمى عنده "، قال: البعث .13066- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: " ثم قضى أجلا وأجلٌ مسمى عنده " ، يعني: أجل الموت =" والأجل المسمى "، أجلُ الساعة والوقوفِ عند الله .13067 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " قضى أجلا " ، قال: أمّا " قضى أجلا "، فأجل الموت =" وأجل مسمى عنده " ، يوم القيامة .* * *وقال آخرون في ذلك بما:-13068 - حدثني به محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس في قوله: " ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده " ، قال: أمّا قوله: " قضى أجلا " ، فهو النومُ، تُقْبض فيه الروح، ثم ترجع إلى صاحبها حين اليقظة =" وأجل مسمى عنده " ، هو أجل موت الإنسان .* * *وقال آخرون بما:-13069 - حدثني به يونس قال، أخبرنا ابن وهب في قوله: " هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده ثم أنتم تمترون " ، قال: خلق آدم من طين, ثم خلقنا من آدم, أخذنا من ظهره, ثم أخذ الأجل والمِيثاق في أجلٍ واحد مسمًّى في هذه الحياة الدنيا .* * *قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب، قولُ من قال: معناه: ثم قضى أجلَ الحياة الدنيا =" وأجلٌ مسمى عنده " ، وهو أجل البَعْث عنده .وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب, لأنه تعالى ذكره نبَّه خلقَه على موضع حُجَّته عليهم من أنفسهم فقال لهم: أيها الناس, إن الذي يعدِلُ به كفارُكم الآلهةَ والأندادَ ، هو الذي خلقكم فابتدأكم وأنشأكم من طين, فجعلكم صورًا أجساًما أحياءً، بعد إذ كنتم طينًا جمادًا, ثم قضى آجال حياتكم لفنائكم ومماتكم, ليعيدكم ترابًا وطينًا كالذي كنتم قبل أن ينشئكم ويخلقكم = وأجل مسمى عندَه لإعادتكم أحياءً وأجسامًا كالذي كنتم قبل مماتكم . ( 12 ) وذلك نظير قوله: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ، [ سورة البقرة: 28 ].* * *القول في تأويل قوله : ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ ( 2 )قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ثم أنتم تَشكُّون في قدرة من قَدَر على خلق السماوات والأرض, وإظلام الليل وإنارة النهار, وخلقكم من طين حتى صيَّركم بالهيئة التي أنتم بها = على إنشائه إياكم من بعد مماتكم وفنائكم, ( 13 ) وإيجاده إيّاكم بعد عدمكم .* * *و " المرية " في كلام العرب، هي الشك. وقد بيّنت ذلك بشواهده في غير هذا الموضع فيما مضى قبل، بما أغنى عن إعادته. ( 14 )* * *وقد:-13070 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: " ثم أنتم تمترون " ، قال: الشك . قال: وقرأ قول الله: فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ [ سورة هود: 17 ] ، قال: في شكٍّ منه.13071 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " ثم أنتم تمترون " ، بمثله .--
الهوامش :( 10 ) في المطبوعة: " فكفر به " ، أما المخطوطة ، ففيها الذي أثبته إلا أنه كتب" ثمكفر به " ووصل" ثم " بقوله: " كفر " ، وهذا من عجب الكتابة ولطائف النساخ.( 11 ) الأثر: 13054 -" وكيع " هو" وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي ".وأبوه: " الجراح بن مليح الرؤاسي " ، مضيا في مواضع مختلفة.و" أبو بكر الهذلي " مختلف في اسمه قيل هو: " سلمى بن عبد الله بن سلمى " ، وقيل: " روح بن عبد الله ". ومضى برقم: 597 ، 8376 ، وهو ضعيف.( 12 ) انظر تفسير" الأجل " فيما سلف 5: 7/6 : 43 ، 76/8 : 548.= وتفسير" مسمى " فيما سلف 6: 43.( 13 ) في المطبوعة: " وعلى إنشائه " بزيادة الواو ، وهي مفسدة وهي خطأ صرف ، لم يفهم سياق أبي جعفر ، فإن قوله: " على إنشائه إياكم " متعلق بقوله: " ثم أنتم تشكون في قدرة من قدر . . . " ، أي: تشكون في قدرة من فعل ذلك ، على إنشائه إياكم.( 14 ) انظر تفسير" الامتراء " فيما سلف 3: 190 ، 191/6 : 472.
تفسير آيات من القرآن الكريم
- تفسير: فبأي آلاء ربكما تكذبان
- تفسير: والليل إذا يغشى
- تفسير: وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا
- تفسير: إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون
- تفسير: وإلى السماء كيف رفعت
- تفسير: إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين
- تفسير: وإن كانوا ليقولون
- تفسير: إن الذين لا يؤمنون بالآخرة زينا لهم أعمالهم فهم يعمهون
- تفسير: فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون
- تفسير: أؤلقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر
تحميل سورة الأنعام mp3 :
سورة الأنعام mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الأنعام
ماهر المعيقلي
سعد الغامدي
عبد الباسط
أحمد العجمي
المنشاوي
الحصري
مشاري العفاسي
ناصر القطامي
فارس عباد
ياسر الدوسري
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب