تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما ..

  1. تفسير السعدي
  2. تفسير البغوي
  3. التفسير الوسيط
  4. تفسير ابن كثير
  5. تفسير الطبري
الفسير الوسيط | التفسير الوسيط للقرآن الكريم للطنطاوي | تأليف شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي (المتوفى: 1431هـ) : ويعتبر هذا التفسير من التفاسير الحديثة و القيمة لطلاب العلم و الباحثين في تفسير القرآن العظيم بأسلوب منهجي سهل و عبارة مفهومة, تفسير الآية 44 من سورةآل عمران - التفسير الوسيط .
  
   

﴿ ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۚ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ﴾
[ سورة آل عمران: 44]

معنى و تفسير الآية 44 من سورة آل عمران : ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما .


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

تفسير السعدي : ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما


، ولما أخبر الله نبيه بما أخبر به عن مريم، وكيف تنقلت بها الأحوال التي قيضها الله لها، وكان هذا من الأمور الغيبية التي لا تعلم إلا بالوحي.
قال ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم أي: عندهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم لما ذهبت بها أمها إلى من لهم الأمر على بيت المقدس، فتشاحوا وتخاصموا أيهم يكفل مريم، واقترعوا عليها بأن ألقوا أقلامهم في النهر، فأيهم لم يجر قلمه مع الماء فله كفالتها، فوقع ذلك لزكريا نبيهم وأفضلهم، فلما أَخْبَرتَهُم يا محمد بهذه الأخبار التي لا علم لك ولا لقومك بها دل على أنك صادق وأنك رسول الله حقا، فوجب عليهم الانقياد لك وامتثال أوامرك، كما قال تعالى: وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر الآيات.

تفسير البغوي : مضمون الآية 44 من سورة آل عمران


قوله تعالى : ( ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك ) يقول لمحمد صلى الله عليه وسلم ( ذلك ) الذي ذكرت من حديث زكريا ويحيى ومريم وعيسى ( من أنباء الغيب ) أي من أخبار الغيب ( نوحيه إليك ) رد الكناية إلى ذلك فلذلك ذكره ( وما كنت ) يا محمد ( لديهم إذ يلقون أقلامهم ) سهامهم في الماء للاقتراع ( أيهم يكفل مريم ) يحضنها ويربيها ( وما كنت لديهم إذ يختصمون ) في كفالتها .

التفسير الوسيط : ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما


ثم بين- سبحانه - أن ما جاء به القرآن في شأن مريم- بل وفي كل شأن من الشئون- هو الحق الذي لا يحوم حوله باطل، وهو من أنباء الغيب التي لا يعلمها أحد سواه فقال- تعالى:ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ.
واسم الإشارة ذلِكَ يعود إلى ما تقدم الحديث عنه من قصة امرأة عمران وقصة زكريا وغير ذلك من الأخبار البديعة.
والأنباء: جمع نبأ، وهو الخبر العظيم الشأن.
والغيب: مصدر غاب، وهو الأمر المغيب المستور الذي لا يعلم إلا من قبل الله-تبارك وتعالى-.
ونوحيه: من الإيحاء وهو إلقاء المعنى إلى الغير على وجه خفى، ويكون بمعنى إرسال الملك إلى الأنبياء وبمعنى الإلهام.
أى: ذلك القصص الحكيم الذي قصصناه عليك يا محمد، فيما يتعلق بما قالته امرأة عمران وما قاله زكريا، وما قالته الملائكة لمريم وفيما يتعلق بغير ذلك من شئون ذلك القصص الحكيم هو من أنباء الغيب التي لا يعلمها أحد سوى الله- عز وجل - وقد أخبرناك بها لتكون دليلا على صدقك فيما تبلغه عن ربك ولتكون عبرة وذكرى لقوم يعقلون.
وقوله ذلِكَ مبتدأ وخبره قوله-تبارك وتعالى- مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ والجملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب.
وقوله نُوحِيهِ إِلَيْكَ جملة مستقلة مبينة للأولى.
والضمير في نُوحِيهِ يعود إلى الغيب أى الأمر والشأن أنا نوحي إليك الغيب ونعلمك به، ونظهرك على قصص من تقدمك مع عدم مدارستك لأهل العلم والأخبار.
ولذا قال-تبارك وتعالى- وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ والأقلام جمع قلم وهي التي كانوا يكتبون بها التوراة، وقيل المراد بها السهام.
أى وما كنت- يا محمد- لديهم أى عندهم معاينا لفعلهم وما جرى من أمرهم في شأن مريم، إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ التي جعلوا عليها علامات يعرف بها من يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون فيما بينهم بسببها تنافسا في كفالتها.
وقد سبق أن ذكرنا ما قاله صاحب الكشاف من أن مريم بعد أن ولدتها أمها خرجت بها إلى بيت المقدس فوضعتها عند الأحبار وقالت لهم: دونكم هذه النذيرة!! فقالوا: هذه ابنة إمامنا عمران- وكان في حياته يؤمهم في الصلاة، فقال لهم زكريا: ادفعوها إلى فأنا أحق بها منكم فإن خالتها عندي- فقالوا لا حتى نقترع عليها فانطلقوا إلى نهر فألقوا فيه أقلامهم فارتفع قلم زكريا فوق الماء ورسبت أقلامهم، فتولى كفالتها زكريا- عليه السّلام- .
فالضمير في قوله لَدَيْهِمْ يعود على المتنازعين في كفالة مريم لأن السياق قد دل عليهم.
والمقصود من هذه الجملة الكريمة «وما كنت لديهم إذ يلقون إلخ تحقيق كون الإخبار بما ذكر إنما هو عن وحى من الله-تبارك وتعالى- لنبيه صلّى الله عليه وسلّم لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لم يكن معاصرا لهؤلاء الذين تحدث القرآن عنهم.
ولم يقرأ أخبارهم في كتاب من الكتب، ومع ذلك فقد أخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم أهل الكتاب وغيرهم بالحق الذي لا يستطيعون تكذيبه إلا على سبيل الحسد والجحود، فثبت أن القرآن من عند الله-تبارك وتعالى- وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً.

تفسير ابن كثير : شرح الآية 44 من سورة آل عمران


ثم قال تعالى لرسوله [ عليه أفضل الصلوات والسلام ] بعدما أطلعه على جلية الأمر : ( ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك ) أي : نقصه عليك ( وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون ) أي : ما كنت عندهم يا محمد فتخبرهم عنهم معاينة عما جرى ، بل أطلعك الله على ذلك كأنك كنت حاضرا وشاهدا لما كان من أمرهم حين اقترعوا في شأن مريم أيهم يكفلها ، وذلك لرغبتهم في الأجر .قال ابن جرير : حدثنا القاسم ، حدثنا الحسين ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن القاسم بن أبي بزة ، أنه أخبره عن عكرمة - وأبي بكر ، عن عكرمة - قال : ثم خرجت بها - يعني أم مريم بمريم - تحملها في خرقها إلى بني الكاهن بن هارون أخي موسى ، عليهما السلام - قال : وهم يومئذ يلون في بيت المقدس ما يلي الحجبة من الكعبة - فقالت لهم : دونكم هذه النذيرة فإني حررتها وهي ابنتي ، ولا تدخل الكنيسة حائض ، وأنا لا أردها إلى بيتي ؟ فقالوا هذه ابنة إمامنا - وكان عمران يؤمهم في الصلاة - وصاحب قرباننا ، فقال زكريا : ادفعوها إلي : فإن خالتها تحتي . فقالوا : لا تطيب أنفسنا ، هي ابنة إمامنا فذلك حين اقترعوا بأقلامهم عليها التي يكتبون بها التوراة ، فقرعهم زكريا ، فكفلهاوقد ذكر عكرمة أيضا ، والسدي ، وقتادة ، والربيع بن أنس ، وغير واحد - دخل حديث بعضهم في بعض - أنهم دخلوا إلى نهر الأردن واقترعوا هنالك على أن يلقوا أقلامهم [ فيه ] فأيهم ثبت في جرية الماء فهو كافلها ، فألقوا أقلامهم فاحتملها الماء إلا قلم زكريا ثبت . ويقال : إنه ذهب صعدا يشق جرية الماء ، وكان مع ذلك كبيرهم وسيدهم ، وعالمهم وإمامهم ونبيهم صلوات الله وسلامه عليه سائر النبيين والمرسلين .

تفسير الطبري : معنى الآية 44 من سورة آل عمران


القول في تأويل قوله : ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَقال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله ذلك: الأخبارَ التي أخبرَ بها عبادَه عن امرأة عمران وابنتها مريم، وزكريا وابنه يحيى، وسائر ما قصَّ في الآيات من قوله: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا ، ثم جمعَ جميعَ ذلك تعالى ذكره بقوله: " ذلك "، فقال: هذه الأنباء من " أنباء الغيب "، أي: من أخبار الغيب.
ويعني ب " الغيب "، أنها من خفيّ أخبار القوم التي لم تطَّلع أنت، يا محمد، عليها ولا قومك، ولم يعلمها إلا قليلٌ من أحبار أهل الكتابين ورهبانهم.
ثم أخبر تعالى ذكره نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم أنه أوحى ذلك إليه، حجةً على نبوته، وتحقيقًا لصدقه، وقطعًا منه به عذرَ منكري رسالته من كفار أهل الكتابين، الذين يعلمون أنّ محمدًا لم يصل إلى علم هذه الأنباء مع خفائها، ولم يدرك معرفتها مع خُمولها عند أهلها، إلا بإعلام الله ذلك إياه.
إذ كان معلومًا عندهم أنّ محمدًا صلى الله عليه وسلم أميٌّ لا يكتب فيقرأ الكتب، فيصل إلى علم ذلك من قِبَل الكتب، ولا صاحبَ أهل الكتُب فيأخذ علمه من قِبَلهم.
* * *وأما " الغيْب " فمصدر من قول القائل: " غاب فلان عن كذا فهو يَغيب عنه غيْبًا وَغيبةً".
(92)* * *وأما قوله: " نُوحيه إليك "، فإن تأويله: نُنَزِّله إليك.
* * *وأصل " الإيحاء "، إلقاء الموحِي إلى الموحَى إليه.
وذلك قد يكون بكتاب وإشارة وإيماء، وبإلهام، وبرسالة، كما قال جل ثناؤه: وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ [سورة النحل: 68]، بمعنى: ألقى ذلك إليها فألهمها، وكما قال: وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ [سورة المائدة: 111]، بمعنى: ألقيت إليهم علمَ ذلك إلهامًا، وكما قال الراجز: (93)* أَوْحَى لَهَا القَرَارَ فاسْتَقَرَّتِ * (94)بمعنى ألقى إليها ذلك أمرًا، وكما قال جل ثناؤه: فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا [سورة مريم: 11]، بمعنى: فألقى ذلك إليهم إيماء.
(95) والأصل فيه ما وصفتُ، من إلقاء ذلك إليهم.
وقد يكون إلقاؤه ذلك إليهم إيماءً، ويكون بكتاب.
ومن ذلك قوله: (96) وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ [سورة الأنعام: 121]، يلقون إليهم ذلك وسوسةً، وقوله: وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ [سورة الأنعام: 19]، (97) ألقى إلي بمجيء جبريل عليه السلام به إليّ من عند الله عز وجل.
وأما " الوحْي"، فهو الواقع من الموحِي إلى الموحَى إليه، ولذلك سمت العرب الخط والكتاب " وحيًا "، لأنه واقع فيما كُتِب ثابتٌ فيه، كما قال كعب بن زهير:أَتَى العُجْمَ والآفَاقَ مِنْهُ قَصَائِدٌبَقِينَ بَقَاءَ الوَحْيِ فِي الحَجَرِ الأصَمّ (98)يعني به: الكتابَ الثابت في الحجر.
وقد يقال في الكتاب خاصةً، إذا كتبه الكاتب: " وحَى " بغير ألف، ومنه قول رؤبة:كَأَنَّهُ بَعْدَ رِيَاحِ تَدْهَمُهْوَمُرْثَعِنَّاتِ الدُّجُونِ تَثِمُهْإنْجِيلُ أَحْبَارٍ وَحَى مُنَمْنِمُهْ (99)* * *القول في تأويل قوله : وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَقال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " وما كنت لديهم "، وما كنت، يا محمد، عندهم فتعلم ما نعلِّمكه من أخبارهم التي لم تشهدها، ولكنك إنما تعلم ذلك فتدركُ معرفته، بتعريفناكَهُ.
* * *ومعنى قوله: " لديهم "، عندهم.
* * *ومعنى قوله: " إذ يلقون "، حينَ يلقون أقلامهم.
* * *وأما " أقلامهم "، فسهامهم التي استهم بها المتسهمون من بني إسرائيل على كفالة مريم، على ما قد بينا قبل في قوله: وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا .
(100)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:7052 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا هشام بن عمرو، عن سعيد، عن قتادة في قوله: " وما كنت لديهم "، يعني محمدًا صلى الله عليه وسلم.
7053 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى،عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " يلقون أقلامهم "، زكريا وأصحابه، استهموا بأقلامهم على مريم حين دخلتْ عليهم.
7054 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
7055 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون "، كانت مريم ابنة إمامهم وسيّدهم، فتشاحّ عليها بنو إسرائيل، فاقترعوا فيها بسهامهم أيُّهم يكفلها، فقَرَعهم زكريا، وكان زوجَ أختها،" فكفَّلها زكريا "، يقول: ضمها إليه.
(101)7056 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: " يلقون أقلامهم "، قال: تساهموا على مريم أيُّهم يكفلها، فقرَعهم زكريا.
7057 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم "، وإنّ مريم لما وضعت في المسجد، اقترع عليها أهلُ المصلَّى وهم يكتبون الوَحْى، فاقترعوا بأقلامهم أيُّهم يكفُلها، فقال الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وسلم: " وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لدَيهم إذْ يختصمون ".
7058 - حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ، قال، أخبرنا عبيد قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: " إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم "، اقترعوا بأقلامهم أيُّهم يكفل مريم، فقرَعهم زكريا.
7059 - حدثنا محمد بن سنان قال، حدثنا أبو بكر الحنفي، عن عباد، عن الحسن في قوله: " وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم "، قال: حيث اقترعوا على مريم، وكان غَيبًا عن محمد صلى الله عليه وسلم حين أخبرَه الله.
* * *وإنما قيل: " أيهم يكفل مريم "، لأن إلقاء المستهمين أقلامَهم على مريم، إنما كان لينظروا أيهم أولى بكفالتها وأحقّ.
ففي قوله عز وجل: " إذ يلقون أقلامهم "، دلالة على محذوف من الكلام، وهو: " لينظروا أيهم يكفل، وليتبيَّنوا ذلك ويعلموه ".
* * *فإن ظن ظانّ أنّ الواجب في" أيهم " النصبُ، إذ كان ذلك معناه، فقد ظن خطأ.
وذلك أن " النظر " و " التبين " و " العلم " مع " أيّ" يقتضي استفهامًا واستخبارًا، وحظ " أىّ" في الاستخبار، الابتداءُ وبطولُ عمل المسألة والاستخبار عنه.
وذلك أن معنى قول القائل: " لأنظُرَنّ أيهم قام "، لأستخبرنَ الناس: أيهم قام، وكذلك قولهم: " لأعلمن ".
* * *وقد دللنا فيما مضى قبل أن معنى " يكفل "، يضمُّ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
(102)* * *القول في تأويل قوله : وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (44)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وما كنتَ، يا محمد، عند قوم مريم، إذ يختصمون فيها أيُّهم أحقّ بها وأولى.
وذلك من الله عز وجل، وإن كان خطابًا لنبيه صلى الله عليه وسلم، فتوبيخٌ منه عز وجل للمكذبين به من أهل الكتابين.
يقول: كيف يشكّ أهل الكفر بك منهم وأنت تنبئهم هذه الأنباءَ ولم تشهدْها، ولم تكن معهم يوم فعلوا هذه الأمورَ، ولست ممن قرأ الكتب فعَلِم نبأهم، ولا جالَس أهلها فسمع خبَرَهم؟كما:-7060 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: " وما كنت لديهم إذ يختصمون "، أي ما كنت معهم إذ يختصمون فيها.
يخبره بخفيّ ما كتموا منه من العلم عندهم، لتحقيق نبوته والحجة عليهم لما يأتيهم به مما أخفوا منه.
(103)-----------------------الهوامش :(92) انظر تفسير"الغيب" فيما سلف 1: 236 ، 237.
(93) هو العجاج.
(94) ديوانه 5 ، واللسان"وَحَى" ، وسيأتي في التفسير 4: 142 (بولاق) ، وغيرها.
ورواية ديوانه ، وإحدى روايتي اللسان"وحى" ثلاثيًا ، وقال: "أراد أوحى" ، إلا أن من لغة هذا الراجز إسقاط الهمزة مع الحرف" ، وانظر ما سيأتي في تفسير سورة مريم (16: 41 بولاق).
والبيت من رجز للعجاج يذكر فيه ربه ويثني عليه بآلائه ، أوله:الحَمْدُ لِلِه الَّذِي اسْتَقَّلتِبِإِذْنِه السَّماءُ, وَاطْمأَنَّتِبِإذْنِهِ الأَرْضُ وما تَعَتَّتِوَحَى لَهَا القرارَ فَاسْتَقَرَّتِوَشدَّهَا بِالرَّاسِيَاتِ الثَّبتِرَبُّ البِلادِ والعِبَادِ القُنَّتِ(95) في المخطوطة والمطبوعة: "فألقى ذلك إليهم أيضًا" ، وهو خطأ بين ، والصواب ما أثبته ، وانظر ما سلف قريبًا في بيان قوله تعالى: "رمزًا" ، ص: 388 ، وما بعدها.
(96) في المخطوطة: "وذلك قوله" ، والصواب ما في المطبوعة.
(97) قوله: "لأنذركم به ومن بلغ" ، ليس في المخطوطة.
(98) ديوانه: 64 ، من قصيدة مضى منها بيت فيما سلف 1: 106 ، وهي قصيدة جيدة ، يرد فيها ما قاله فيه مزرد ، أخو الشماخ ، حين ذكر كعب الحطيئة في شعره وقدمه وقدم نفسه ، فغضب مزرد وهجاه ، فقال يفخر بأبيه ثم بنفسه ، بعد البيت السالف في الجزء الأول في التفسير:فَإِنْ تَسْأَلِ الأَقْوَامَ عَنِّي, فَإِنَّنِيأَنَا ابْنُ أبِي سُلْمَى عَلَى رَغْمِ مَنْ رَغِمْأنَا ابنُ الَّذِي قَدْ عَاشَ تِسْعِينَ حِجَّةًفَلَمْ يَخْزَ يَوْمًا في مَعَدٍّ وَلَمْ يُلَمْوَأَكْرَمَهُ الأكْفَاءُ فِي كُلِّ مَعْشَرٍكِرَامٍ, فَإِنْ كَذَّبْتَني, فَاسْأَلِ الأُمَمْأَتَى العُجْمَ.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
(99) ديوانه: 149 ، من رجز طويل بارع غريب المعاني والوجوه ، يذكر فيه مآثر أبي العباس السفاح ، وهو غريب الكلام ، ولكنه حسن المعاني إذا فتشته ، فأقرأه وتأمله.
وهذه الأبيات في مطلع الرجز ، والضمير عائد فيها على ربع دارس طال قدمه ، وعفته الرياح.
وقوله: "تدهمه" تغشاه كما يغشى المغير جيشًا فيبيده.
وارثعن المطر (بتشديد النون): كثر وثبت ودام.
فهو مرثعن.
ووثم المطر الأرض يثمها وثمًا: ضربها فأثر فيها ، كما يثم الفرس الأرض بحوافره: أي يدقها ، إلا أن هذا أخفى وأكثر إلحاحًا.
ونمنم الكتاب: رقشه وزخرفه وأدق حظه: وقارب بين حروفه الدقاق ، وتلك هي النمنمة.
(100) انظر ما سلف ص: 345-352.
(101) قوله: "وكان زوج أختها" ، يعني زوج أخت أم مريم ، لا زوج أخت مريم ، وكأن الخبر لما اختصر ، سقط منه ذكر أم مريم ، وبقي باقي الخبر على حاله ، وقد بينت ذلك فيما سلف ص: 349 ، تعليق: 4.
(102) انظر ما سلف في هذا الجزء: 348.
(103) الأثر: 7060- سيرة ابن هشام 2: 229 ، وهو من بقية الآثار التي كان آخرها رقم: 6911.

ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون

سورة : آل عمران - الأية : ( 44 )  - الجزء : ( 3 )  -  الصفحة: ( 55 ) - عدد الأيات : ( 200 )

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم
  2. تفسير: وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون
  3. تفسير: وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه أن اضرب بعصاك الحجر
  4. تفسير: قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو
  5. تفسير: سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار
  6. تفسير: فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى
  7. تفسير: كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق
  8. تفسير: درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رحيما
  9. تفسير: لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما
  10. تفسير: إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا

تحميل سورة آل عمران mp3 :

سورة آل عمران mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة آل عمران

سورة آل عمران بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة آل عمران بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة آل عمران بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة آل عمران بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة آل عمران بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة آل عمران بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة آل عمران بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة آل عمران بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة آل عمران بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة آل عمران بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

مريم ,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب