تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس ..

  1. تفسير السعدي
  2. تفسير البغوي
  3. التفسير الوسيط
  4. تفسير ابن كثير
  5. تفسير الطبري
الفسير الوسيط | التفسير الوسيط للقرآن الكريم للطنطاوي | تأليف شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي (المتوفى: 1431هـ) : ويعتبر هذا التفسير من التفاسير الحديثة و القيمة لطلاب العلم و الباحثين في تفسير القرآن العظيم بأسلوب منهجي سهل و عبارة مفهومة, تفسير الآية 60 من سورةالإسراء - التفسير الوسيط .
  
   

﴿ وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ ۚ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ۚ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا﴾
[ سورة الإسراء: 60]

معنى و تفسير الآية 60 من سورة الإسراء : وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس .


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

تفسير السعدي : وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس


وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ علما وقدرة فليس لهم ملجأ يلجأون إليه ولا ملاذ يلوذون به عنه، وهذا كاف لمن له عقل في الانكفاف عما يكرهه الله الذي أحاط بالناس.
وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً أكثر المفسرين على أنها ليلة الإسراء.
وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ التي ذكرت فِي الْقُرْآنِ وهي شجرة الزقوم التي تنبت في أصل الجحيم.
والمعنى إذا كان هذان الأمران قد صارا فتنة للناس حتى استلج الكفار بكفرهم وازداد شرهم وبعض من كان إيمانه ضعيفا رجع عنه بسبب أن ما أخبرهم به من الأمور التي كانت ليلة الإسراء ومن الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى كان خارقا للعادة.
والإخبار بوجود شجرة تنبت في أصل الجحيم أيضا من الخوارق فهذا الذي أوجب لهم التكذيب.
فكيف لو شاهدوا الآيات العظيمة والخوارق الجسيمة؟"أليس ذلك أولى أن يزداد بسببه شرهم؟! فلذلك رحمهم الله وصرفها عنهم، ومن هنا تعلم أن عدم التصريح في الكتاب والسنة بذكر الأمور العظيمة التي حدثت في الأزمنة المتأخرة أولى وأحسن لأن الأمور التي لم يشاهد الناس لها نظيرا ربما لا تقبلها عقولهم لو أخبروا بها قبل وقوعها، فيكون ذلك ريبا في قلوب بعض المؤمنين ومانعا يمنع من لم يدخل الإسلام ومنفرا عنه.
بل ذكر الله ألفاظا عامة تتناول جميع ما يكون.
وَنُخَوِّفُهُمْ بالآيات فَمَا يَزِيدُهُمْ التخويف إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا وهذا أبلغ ما يكون في التملي بالشر ومحبته وبغض الخير وعدم الانقياد له.

تفسير البغوي : مضمون الآية 60 من سورة الإسراء


قوله عز وجل : ( وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس ) أي : هم في قبضته لا يقدرون على الخروج عن مشيئته فهو حافظك ومانعك منهم فلا تهبهم وامض إلى ما أمرك به من تبليغ الرسالة كما قال : " والله يعصمك من الناس " ( المائدة - 67 )( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ( فالأكثرون على أن المراد منه ما رأى النبي صلى الله عليه وسلم [ ليلة المعراج من العجائب والآيات .
قال ابن عباس : هي رؤيا عين أريها النبي صلى الله عليه وسلم
] وهو قول سعيد بن جبير والحسن ومسروق وقتادة ومجاهد وعكرمة وابن جريج والأكثرين والعرب تقول : رأيت بعيني رؤية ورؤيا فلما ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس أنكر بعضهم ذلك وكذبوا فكان فتنة للناس .
وقال قوم : [ أسري بروحه دون بدنه .
وقال بعضهم : كان له معراجان : معراج رؤية بالعين ومعراج رؤيا بالقلب .
وقال قوم
] .
أراد بهذه الرؤيا ما رأى صلى الله عليه وسلم عام الحديبية أنه دخل مكة هو وأصحابه فعجل السير إلى مكة قبل الأجل فصده المشركون فرجع إلى المدينة وكان رجوعه في ذلك العام بعدما أخبر أنه يدخلها فتنة لبعضهم حتى دخلها في العام المقبل فأنزل الله تعالى : " لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق " ( الفتح - 27 ) .
( والشجرة الملعونة في القرآن ( يعني شجرة الزقوم ، مجازه : والشجرة الملعونة المذكورة في القرآن والعرب تقول لكل طعام كريه : طعام ملعون .
وقيل: [ معناه الملعون ] آكلها ونصب الشجرة عطفا على الرؤيا أي : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك والشجرة الملعونة إلا فتنة للناس فكانت الفتنة في الرؤيا ما ذكرنا .
والفتنة في الشجرة الملعونة من وجهين ، أحدهما : أن أبا جهل قال : إن ابن أبي كبشة يوعدكم بنار تحرق الحجارة ثم يزعم أنه ينبت فيها شجرة وتعلمون أن النار تحرق الشجرة .
والثاني أن عبد الله بن الزبعرى قال : إن محمدا يخوفنا بالزقوم ولا نعرف الزقوم إلا الزبد والتمر وقال أبو جهل : يا جارية تعالي فزقمينا فأتت بالتمر والزبد فقال : يا قوم [ تزقموا ] فإن هذا ما يخوفكم به محمد فوصفها الله تعالى في الصافات .
وقيل: الشجرة الملعونة هي : التي تلتوي على الشجر فتجففه يعني الكشوث .
( ونخوفهم فما يزيدهم ( التخويف ( إلا طغيانا كبيرا ) أي : تمردا وعتوا عظيما .

التفسير الوسيط : وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس


ثم ذكر- سبحانه - ما يزيد النبي صلى الله عليه وسلم ثباتا على ثباته، ويقينا على يقينه، وما يدل على شمول علمه-تبارك وتعالى- ونفاذ قدرته، وبليغ حكمته فقال: وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ....أى: واذكر- أيها الرسول الكريم- وقت أن قلنا لك على لسان وحينا.
إن ربك- عز وجل - قد أحاط بالناس علما وقدرة.
فهم في قبضته، وتحت تصرفه، وقد عصمك منهم، فامض في طريقك.
وبلغ رسالة ربك، دون أن تخشى من كفار مكة أو من غيرهم، عدوانا على حياتك، فقد عصمك- سبحانه - منهم.
وفي هذه الجملة ما فيها من التسلية للنبي صلى الله عليه وسلم، ومن التبشير له ولأصحابه، بأن العاقبة ستكون لهم، ومن الحض لهم على المضي في طريقهم دون أن يخشوا أحدا إلا الله.
والمراد بالرؤيا في قوله-تبارك وتعالى-: وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ:ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم وعاينه بعينيه من عجائب، ليلة الإسراء والمعراج.
أى: وما جعلنا ما رأيته وعاينته ليلة إسرائنا بك من غرائب، إلا فتنة للناس.
ليتميز قوى الإيمان من ضعيفه، وسليم القلب من مريضه.
وأطلق- سبحانه - على ما أراه لنبيه ليلة الإسراء لفظ الرؤيا مع أنه كان يقظة «لأن هذا اللفظ يطلق حقيقة على رؤيا المنام، وعلى رؤية اليقظة ليلا فإنه قد يقال لرؤية العين رؤيا، كما في قول الشاعر يصف صائدا: وكبر للرؤيا وهش فؤاده.. أى: وسر لرؤيته للصيد الذي سيصيده.
أو أطلق عليه لفظ الرؤيا على سبيل التشبيه بالرؤيا المنامية، نظرا لما رآه في تلك الليلة من عجائب سماوية وأرضية، أو أطلق عليه ذلك بسبب أن ما رآه قد كان ليلا.
وقد كان في سرعته كأنه رؤيا منامية.
وكان ما رآه صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة فتنة للناس، لأنه لما قص عليهم ما رآه، ارتد بعضهم عن الإسلام، وتردد البعض الآخر في قبوله، وضاقت عقولهم عن تصديقه، زاعمة أنه لا يمكن أن يذهب صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم يعرج إلى السموات العلا.. ثم يعود إلى مكة، كل ذلك في ليلة واحدة.
وبعضهم يرى أن المراد بالرؤيا هنا: ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم من أنه سيدخل مكة هو وأصحابه..وبعضهم يرى أن المراد بها هنا: ما أراه الله-تبارك وتعالى- لنبيه في منامه، من مصارع المشركين قبل غزوة بدر فقد قال صلى الله عليه وسلم قبل بدء المعركة: والله لكأنى أنظر إلى مصارع القوم.
ثم أومأ إلى الأرض وقال: هذا مصرع فلان.
وهذا مصرع فلان.
والذي نرجحه هو الرأى الأول، لأنه هو الظاهر من معنى الآية الكريمة، ولأنه على الرأيين الثاني والثالث يترجح أن الآية مدنية، لأن غزوة بدر وفتح مكة كانا بعد الهجرة، والتحقيق أن هذه الآية مكية.
قال القرطبي ما ملخصه: قوله-تبارك وتعالى-: وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ.. لما بين أن إنزال آيات القرآن تتضمن التخويف، ضم إليه ذكر آية الإسراء، وهي المذكورة في صدر السورة.
وفي البخاري والترمذي عن ابن عباس في قوله-تبارك وتعالى-:وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ قال: هي رؤيا عين أريها النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسرى به إلى بيت المقدس ...
وكانت الفتنة ارتداد قوم كانوا أسلموا حين أخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم أنه أسرى به.
وقيل: كانت رؤيا نوم.
وهذه الآية تقضى بفساده، وذلك أن رؤيا المنام لا فتنة فيها، وما كان أحد لينكرها.
وعن ابن عباس قال: الرؤيا التي في هذه الآية، رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يدخل مكة في سنة الحديبية- فرده المشركون عن دخولها في تلك السنة-، فافتتن بعض المسلمين لذلك، فنزلت هذه الآية.. وفي هذا التأويل ضعف.
لأن السورة مكية، وتلك الرؤيا كانت بالمدينة ...
»وقوله- سبحانه -: وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ معطوف على الرؤيا.
أى: وما جعلنا الرؤيا التي أريناك والشجرة الملعونة في القرآن إلا فتنة للناس.
والمراد بالشجرة الملعونة هنا: شجرة الزقوم، المذكورة في قوله-تبارك وتعالى-: أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ.
إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ.
إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ، طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ .
والمراد بلعنها: لعن الآكلين منها وهم المشركون، أو هي ملعونة لأنها تخرج في أصل الجحيم.
أو هي ملعونة لأن طعامها مؤذ وضار، والعرب تقول لكل طعام ضار: إنه ملعون.
قال الآلوسى: وروى في جعلها فتنة لهم: أنه لما نزل في شأنها في سورة الصافات وغيرها ما نزل، قال أبو جهل وغيره: هذا محمد يتوعدكم بنار تحرق الحجارة، ثم يقول ينبت فيها الشجر.
وما نعرف الزقوم إلا بالتمر والزبد، ثم أمر جارية له فأحضرت تمرا وزبدا، وقال لأصحابه: تزقموا.
وافتتن بهذه الآية أيضا بعض الضعفاء، ولقد ضلوا في ذلك ضلالا بعيدا ...
.
وقوله-تبارك وتعالى-: وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً تذييل قصد به بيان ما جبل عليه هؤلاء المشركون من جحود، وقسوة قلب ...
أى: ونخوف هؤلاء المشركين بعذاب الدنيا، وبعذاب الآخرة وبشجرة الزقوم التي طلعها كأنه رءوس الشياطين ...
فما يزيدهم هذا التخويف والتهديد إلا طغيانا متجاوزا في ضخامته وكبره كل حد، وكل عقل سليم.
وعبر- سبحانه - بصيغة المضارع الدالة على الاستقبال، مع أن تخويفهم وازدياد طغيانهم قد وقعا، للإشعار بالتجدد والاستمرار.
وبذلك نرى الآيات الكريمة قد ساقت من سنن الله-تبارك وتعالى- في خلقه، ومن فضله على هذه الأمة، ومن تبشيره وإنذاره، ووعده ووعيده، ما يزيد المؤمنين إيمانا على إيمانهم، وما يصرف الطاغين عن طغيانهم لو كانوا يعقلون.
ثم ساق- سبحانه - جانبا من قصة آدم وإبليس، لزيادة التسلية للرسول صلى الله عليه وسلم وللإشعار بأن الحسد والغرور، كما منعا إبليس من السجود لآدم، فقد منعا مشركي مكة من الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال-تبارك وتعالى-:

تفسير ابن كثير : شرح الآية 60 من سورة الإسراء


يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم محرضا له على إبلاغ رسالته ومخبرا له بأنه قد عصمه من الناس فإنه القادر عليهم وهم في قبضته وتحت قهره وغلبتهقال مجاهد وعروة بن الزبير والحسن وقتادة وغيرهم في قوله : ( وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس ) أي عصمك منهموقوله : ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) قال البخاري حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان عن عمرو عن عكرمة عن ابن عباس ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) قال هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به ( والشجرة الملعونة في القرآن ) شجرة الزقوم .وكذا رواه أحمد وعبد الرزاق وغيرهما ، عن سفيان بن عيينة به ، وكذا رواه العوفي عن ابن عباس وهكذا فسر ذلك بليلة الإسراء مجاهد وسعيد بن جبير والحسن ومسروق وإبراهيم وقتادة وعبد الرحمن بن زيد وغير واحد وقد تقدمت أحاديث الإسراء في أول السورة مستقصاة ولله الحمد والمنة وتقدم أن ناسا رجعوا عن دينهم بعدما كانوا على الحق لأنه لم تحمل قلوبهم وعقولهم ذلك فكذبوا بما لم يحيطوا بعلمه وجعل الله ذلك ثباتا ويقينا لآخرين ولهذا قال : ( إلا فتنة ) أي اختبارا وامتحانا وأما الشجرة الملعونة فهي شجرة الزقوم كما أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى الجنة والنار ورأى شجرة الزقوم فكذبوا بذلك حتى قال أبو جهل لعنه الله [ بقوله هاتوا لنا تمرا وزبدا وجعل يأكل هذا بهذا ويقول تزقموا فلا نعلم الزقوم غير هذاحكى ذلك ابن عباس ومسروق وأبو مالك والحسن البصري وغير واحد وكل من قال إنها ليلة الإسراء فسره كذلك بشجرة الزقوموقد قيل المراد بالشجرة الملعونة بنو أمية وهو غريب ضعيفقال ابن جرير حدثت عن محمد بن الحسن بن زبالة حدثنا عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد حدثني أبي عن جدي قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني فلان ينزون على منبره نزو القرود فساءه ذلك فما استجمع ضاحكا حتى مات قال وأنزل الله في ذلك ) وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) الآية .وهذا السند ضعيف جدا فإن محمد بن الحسن بن زبالة متروك وشيخه أيضا ضعيف بالكلية ولهذا اختار ابن جرير أن المراد بذلك ليلة الإسراء وأن الشجرة الملعونة هي شجرة الزقوم ، قال لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك أي في الرؤيا والشجرةوقوله : ( ونخوفهم ) أي الكفار بالوعيد والعذاب والنكال ( فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا ) أي تماديا فيما هم فيه من الكفر والضلال وذلك من خذلان الله لهم

تفسير الطبري : معنى الآية 60 من سورة الإسراء


وهذا حضّ من الله تعالى ذكره نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم، على تبليغ رسالته، وإعلام منه أنه قد تقدّم منه إليه القول بأنه سيمنعه، من كلّ من بغاه سوءا وهلاكا، يقول جلّ ثناؤه: واذكر يا محمد إذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس قدرة، فهم في قبضته لا يقدرون على الخروج من مشيئته، ونحن مانعوك منهم، فلا تتهيَّب منهم أحدا، وامض لما أمرناك به من تبليغ رسالتنا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا عبد الصمد، قال: ثنا شعبة، عن أبي رجاء، قال: سمعت الحسن يقول: أحاط بالناس، عصمك من الناس.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا أبو بكر الهذلي، عن الحسن ( وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ ) قال: يقول : أحطت لك بالعرب أن لا يقتلوك، فعرف أنه لا يُقتل.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحرث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (أحاطَ بالنَّاسِ) قال: فهم في قبضته.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو سفيان، عن معمر، عن الزهري، عن عروة بن الزبير قوله (أحاطَ بالنَّاسِ) قال: منعك من الناس.
قال معمر، قال قتادة ، مثله.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قوله ( وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ ) قال : منعك من الناس.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ ) أي منعك من الناس حتى تبلِّغ رسالة ربك.
وقوله ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) اختلف أهل التأويل في ذلك، فقال بعضهم:هو رؤيا عين، وهي ما رأى النبيّ صلى الله عليه وسلم لما أُسري به من مكة إلى بيت المقدس.
* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كريب، قال: ثنا مالك بن إسماعيل، قال: ثنا ابن عيينة، عن عمرو ، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) قال: هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أُسري به، وليست برؤيا منام.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس، سُئِل عن قوله ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) قال: هي رؤيا عين رآها النبيّ صلى الله عليه وسلم ليلة أُسري به.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس، بنحوه.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، قال: ثنا عمرو، عن فرات القزاز، عن سعيد بن جبير ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) قال : كان ذلك ليلة أُسري به إلى بيت المقدس، فرأى ما رأى فكذّبه المشركون حين أخبرهم.
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) قال: أُسري به عشاء إلى بيت المقدس، فصلى فيه، وأراه الله ما أراه من الآيات، ثم أصبح بمكة، فأخبرهم أنه أُسري به إلى بيت المقدس، فقالوا له: يا محمد ما شأنك، أمسيت فيه ، ثم أصبحت فينا تخبرنا أنك أتيت بيت المقدس، فعجبوا من ذلك حتى ارتدّ بعضهم عن الإسلام.
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا هوذة، قال: ثنا عوف، عن الحسن، في قوله ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) قال: قال كفار أهل مكة: أليس من كذب ابن أبي كبشة أنه يزعم أنه سار مسيرة شهرين في ليلة.
حدثني أبو حصين، قال: ثنا عبثر، قال: ثنا حصين، عن أبي مالك في هذه الآية ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) قال : مسيره إلى بيت المقدس.
حدثني أبو السائب ويعقوب، قالا ثنا ابن إدريس، عن الحسن بن عبد الله، عن أبي الضحى، عن مسروق في قوله ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) قال: حين أُسري به.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) قال: ليلة أُسري به.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) قال: الرؤيا التي أريناك في بيت المقدس حين أُسري به، فكانت تلك فتنة الكافر.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) يقول: الله أراه من الآيات والعبر في مسيره إلى بيت المقدس.
ذُكر لنا أن ناسا ارتدّوا بعد إسلامهم حين حدثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمسيره، أنكروا ذلك وكذّبوا له، وعجبوا منه، وقالوا: تحدّثنا أنك سرت مسيرة شهرين في ليلة واحدة.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) قال: هو ما أُري في بيت المقدس ليلة أُسري به.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ ) قال: أراه الله من الآيات في طريق بيت المقدس حين أُسري به، نزلت فريضة الصلاة ليلة أُسري به قبل أن يهاجر بسنة وتسع سنين (1) من العشر التي مكثها بمكة، ثم رجع من ليلته، فقالت قريش: تعشى فينا وأصبح فينا، ثم زعم أنه جاء الشام في ليلة ثم رجع، وايم الله إن الحدأة لتجيئها شهرين: شهرا مقبلة، وشهرا مُدبرة.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) قال: هذا حين أُسري به إلى بيت المقدس، افتتن فيها ناس، فقالوا: يذهب إلى بيت المقدس ويرجع في ليلة: وقال: " لَمَّا أتانِي جَبْرَائِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ بالبُرَاقِ لِيَحْمِلَنِي عَلَيْها صَرَّتْ بأذُنَيْها، وَانْقَبَض بَعْضُها إلى بَعْضٍ، فَنَظَرَ إِلَيْها جَبْرَائِيلُ، فقالَ: وَالَّذِي بَعَثَنِي بالحَقّ مِنْ عِنْدِهِ ما رَكبَكَ أحَدٌ مِنْ وَلَدِ آدَمَ خَيْرٌ مِنْهُ، قالَ: فَصرَّتْ بأُذُنَيْها وَارْفَضَّتْ عَرَقا حتى سالَ ما تَحْتَها، وكانَ مُنْتَهَى خَطْوُها عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفها " فلما أتاهم بذلك، قالوا: ما كان محمد لينتهي حتى يأتي بكذبة تخرج من أقطارها ، فأتوا أبا بكر رضي الله عنه فقالوا: هذا صاحبك يقول كذا وكذا، فقال: وقد قال ذلك؟ قالوا: نعم، فقال: إن كان قد قال ذلك فقد صدق، فقالوا: تصدّقه إن قال ذهب إلى بيت المقدس ورجع في ليلة؟ فقال أبو بكر: إي، نزع الله عقولكم، أصدّقه بخبر السماء، والسماء أبعد من بيت المقدس، ولا أصدّقه بخبر بيت المقدس؟ قالوا للنبيّ صلى الله عليه وسلم: إنا قد جئنا بيت المقدس فصفه لنا، فلما قالوا ذلك، رفعه الله تبارك وتعالى ومثله بين عينيه، فجعل يقول: هو كذا، وفيه كذا، فقال بعضهم: وأبيكم إن أخطأ منه حرفا، فقالوا: هذا رجل ساحر.
حُدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) يعني ليلة أُسري به إلى بيت المقدس، ثم رجع من ليلته، فكانت فتنة لهم.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال.
ثنا عيسى؛ وحدثني الحرث، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله (الرُّؤْيَا التي أرَيْنَاكَ) قال: حين أُسري بمحمد صلى الله عليه وسلم.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، بنحوه.
وقال آخرون: هي رؤياه التي رأى أنه يدخل مكة.
* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) قال: يقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُري أنه دخل مكة هو وأصحابه، وهو يومئذ بالمدينة، فعجَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم السير إلى مكة قبل الأجل، فردّه المشركون، فقالت أناس: قد ردّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان حدثنا أنه سيدخلها، فكانت رجعته فتنتهم.
وقال آخرون ممن قال: هي رؤيا منام: إنما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في منامه قوما يعلون منبره.
* ذكر من قال ذلك: حدثت عن محمد بن الحسن بن زبالة، قال: ثنا عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد، قال: ثني أبي، عن جدّي، قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني فلان ينزون على منبره نزو القردة، فساءه ذلك، فما استجمع ضاحكا (2) حتى مات، قال: وأنزل الله عزّ وجلّ في ذلك ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ).
.
.
.
الآية.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: عنى به رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى من الآيات والعبر في طريقه إلى بيت المقدس، وبيت المقدس ليلة أُسري به، وقد ذكرنا بعض ذلك في أوّل هذه السورة.
وإنما قُلنا ذلك أولى بالصواب، لإجماع الحجة من أهل التأويل على أن هذه الآية إنما نزلت في ذلك، وإياه عنى الله عّز وجلّ بها، فإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام: وما جعلنا رؤياك التي أريناك ليلة أسرينا بك من مكة إلى بيت المقدس، إلا فتنة للناس: يقول: إلا بلاء للناس الذين ارتدّوا عن الإسلام، لمَّا أُخبروا بالرؤيا التي رآها، عليه الصلاة والسلام وللمشركين من أهل مكة الذين ازدادوا بسماعهم ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم تماديا في غيهم، وكفرا إلى كفرهم.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (إِلا فِتْنَةً للنَّاسِ) (3) .
وأما قوله ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) فإن أهل التأويل اختلفوا فيها، فقال بعضهم: هي شجرة الزَّقُّوم.
* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كريب، قال: ثنا مالك بن إسماعيل، قال: ثنا أبو عبيدة، عن عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) قال: شجرة الزَّقُّوم.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) قال: هي شجرة الزقوم، قال أبو جهل: أيخوّفني ابن أبي كبشة بشجرة الزَّقوم، ثم دعا بتمر وزُبد، فجعل يقول: زقمني، فأنزل الله تعالى طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ وأنزل ( وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلا طُغْيَانًا كَبِيرًا ).
حدثني أبو السائب ويعقوب، قالا ثنا ابن إدريس، عن الحسن بن عبيد الله، عن أبي الضحى، عن مسروق ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) قال: شجرة الزقوم.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن الحسن بن عبيد الله، عن أبي الضحى، عن مسروق، مثله.
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) فإن قريشا كانوا يأكلون التمر والزبد، ويقولون: تزقموا هذا الزقوم.
قال أبو رجاء: فحدثني عبد القدّوس، عن الحسن، قال: فوصفها الله لهم في الصافات.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا هوذة، قال: ثنا عوف، عن الحسن، قال: قال أبو جهل وكفار أهل مكة: أليس من كذب ابن أبي كَبشة أنه يوعدكم بنار تحترق فيها الحجارة، ويزعم أنه ينبت فيها شجرة ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) قال: هي شجرة الزَّقوم.
حدثني عبد الله بن أحمد بن يونس، قال: ثنا عبثر، قال: ثنا حصين، عن أبي مالك في هذه الآية ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) قال: شجرة الزقوم.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا هشيم، عن حصين، عن أبي مالك، قال في قوله ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) قال: هي شجرة الزقوم.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا عبد الله بن المبارك، عن رجل يقال له بدر، عن عكرمة، قال: شجرة الزقوم.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا إسرائيل، عن فرات القزّار، قال: سُئل سعيد بن جبير عن الشجرة الملعونة، قال: شجرة الزقوم.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا هشيم، عن عبد الملك العَزْرميّ، عن سعيد بن جبير (وَالشَّجَرَةَ المَلْعُونَةَ) قال: شجرة الزقوم.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، بمثله.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثني الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) قال: الزقوم.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج ، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن أبي المَحجل، عن أبي معشر، عن إبراهيم، أنه كان يحلف ما يستثني، أن الشجرة الملعونة: شجرة الزقوم.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا إسرائيل، عن فُرات القزاز، قال: سألت سعيد بن جبير، عن الشجرة الملعونة في القرآن، قال: شجرة الزَّقوم.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو، عن عكرمة عن ابن عباس، قال: هي الزقوم.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلا طُغْيَانًا كَبِيرًا ) وهي شجرة الزقوم، خوّف الله بها عباده، فافتتنوا بذلك، حتى قال قائلهم أبو جهل بن هشام: زعم صاحبكم هذا أن في النار شجرة، والنار تأكل الشجر، وإنا والله ما نعلم الزقوم إلا التمر والزبد، فتزقموا، فأنزل الله تبارك وتعالى حين عجبوا أن يكون في النار شجرة إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ ، إني خلقتها من النار، وعذّبت بها من شئت من عبادي.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) قال: الزقوم؛ وذلك أن المشركين قالوا: يخبرنا هذا أن في النار شجرة، والنار تأكل الشجر حتى لا تدع منه شيئا، وذلك فتنة.
حُدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) قال: شجرة الزقوم.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال : قال ابن زيد، في قوله ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) الزقوم التي سألوا الله أن يملأ بيوتهم منها، وقال: هي الصَّرفَان بالزبد تتزقمه، والصرفان: صنف من التمر، قال: وقال أبو جهل: هي الصرفان بالزبد، وافتتنوا بها.
وقال آخرون: هي الكشوث (4) .
* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كريب، قال: ثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن مولى بني هاشم حدثه، أن عبد الله بن الحارث بن نوفل، أرسله إلى ابن عباس، يسأله عن الشجرة الملعونة في القرآن؟ قال: هي هذه الشجرة التي تلوي على الشجرة، وتجعل في الماء، يعني الكشوثي.
وأولى القولين في ذلك بالصواب عندنا قول من قال: عنى بها شجرة الزقوم، لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك، ونصبت الشجرة الملعونة عطفا بها على الرؤيا.
فتأويل الكلام إذن: وما جعلنا الرؤيا التي أريناك، والشجرة الملعونة في القرآن إلا فتنة للناس، فكانت فتنتهم في الرؤيا ما ذكرت من ارتداد من ارتدّ، وتمادِي أهل الشرك في شركهم، حين أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أراه الله في مسيره إلى بيت المقدس ليلة أُسري به، وكانت فتنهم في الشجرة الملعونة ما ذكرنا من قول أبي جهل والمشركين معه: يخبرنا محمد أن في النار شجرة نابتة، والنار تأكل الشجر فكيف تنبت فيها؟وقوله ( وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلا طُغْيَانًا كَبِيرًا ) يقول: ونخوّف هؤلاء المشركين بما نتوعدهم من العقوبات والنكال، فما يزيدهم تخويفنا إلا طغيانا كبيرا، يقول: إلا تماديا وغيا كبيرا في كفرهم وذلك أنهم لما خُوّفوا بالنار التي طعامهم فيها الزقوم دعوا بالتمر والزبد، وقالوا: تزقموا من هذا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك؛ وقد تقدّم ذكر بعض من قال ذلك ، ونذكر بعض من بقي.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين ، قال: ثني حجاج، قال قال ابن جريج (وَالشَّجَرَةَ المَلْعُونَةَ) قال: طلعها كأنه رءوس الشياطين، والشياطين ملعونون.
قال ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) لما ذكرها زادهم افتتانا وطغيانا، قال الله تبارك وتعالى، ( وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلا طُغْيَانًا كَبِيرًا ).
--------------------الهوامش :(1) لعله: ولتسع سنين: أي ولمضي تسع.
.
.
إلخ.
(2) معناه: لم يره الناس بعدها ضاحكا ضحكا تاما حتى مات.
(3) ‌اختصر المتن اكتفاء بما سبق قريبا.
(4) الكشوث، والكشوثا: نبت يتعلق بالأغصان، ولا عرق له في الأرض.
وهي لفظة سوادية (انظر اللسان والتاج).

وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا

سورة : الإسراء - الأية : ( 60 )  - الجزء : ( 15 )  -  الصفحة: ( 288 ) - عدد الأيات : ( 111 )

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: قال هل يسمعونكم إذ تدعون
  2. تفسير: وياقوم اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب
  3. تفسير: لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل
  4. تفسير: ويستنبئونك أحق هو قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين
  5. تفسير: فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان
  6. تفسير: ياأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون
  7. تفسير: وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون
  8. تفسير: وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم فيما
  9. تفسير: واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين
  10. تفسير: واصطنعتك لنفسي

تحميل سورة الإسراء mp3 :

سورة الإسراء mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الإسراء

سورة الإسراء بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة الإسراء بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة الإسراء بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة الإسراء بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة الإسراء بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة الإسراء بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة الإسراء بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة الإسراء بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة الإسراء بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة الإسراء بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب