تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه ..

  1. تفسير السعدي
  2. تفسير البغوي
  3. التفسير الوسيط
  4. تفسير ابن كثير
  5. تفسير الطبري
الفسير الوسيط | التفسير الوسيط للقرآن الكريم للطنطاوي | تأليف شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي (المتوفى: 1431هـ) : ويعتبر هذا التفسير من التفاسير الحديثة و القيمة لطلاب العلم و الباحثين في تفسير القرآن العظيم بأسلوب منهجي سهل و عبارة مفهومة, تفسير الآية 83 من سورةيونس - التفسير الوسيط .
  
   

﴿ فَمَا آمَنَ لِمُوسَىٰ إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَىٰ خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ ۚ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ﴾
[ سورة يونس: 83]

معنى و تفسير الآية 83 من سورة يونس : فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه .


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

تفسير السعدي : فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه


فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ أي: شباب من بني إسرائيل، صبروا على الخوف، لما ثبت في قلوبهم الإيمان.
عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ عن دينهم وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ أي: له القهر والغلبة فيها، فحقيق بهم أن يخافوا من بطشته.
و خصوصًا إِنَّهُ كان لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ أي: المتجاوزين للحد، في البغي والعدوان.
والحكمة -والله أعلم- بكونه ما آمن لموسى إلا ذرية من قومه، أن الذرية والشباب، أقبل للحق، وأسرع له انقيادًا، بخلاف الشيوخ ونحوهم، ممن تربى على الكفر فإنهم -بسبب ما مكث في قلوبهم من العقائد الفاسدة- أبعد من الحق من غيرهم.

تفسير البغوي : مضمون الآية 83 من سورة يونس


( فما آمن لموسى ) لم يصدق موسى مع ما آتاهم به من الآيات ، ( إلا ذرية من قومه ) اختلفوا في الهاء التي في " قومه " ، قيل: هي راجعة إلى موسى ، وأراد بهم مؤمني بني إسرائيل الذين كانوا بمصر وخرجوا معه .
قال مجاهد : كانوا أولاد الذين أرسل إليهم موسى من بني إسرائيل ، هلك الآباء وبقي الأبناء .
وقال الآخرون : الهاء راجعة إلى فرعون .
روى عطية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : هم ناس يسير من قوم فرعون آمنوا ، منهم امرأة فرعون ، ومؤمن آل فرعون ، وخازن فرعون ، وامرأة خازنه ، وماشطته ، وعن ابن عباس رواية أخرى : أنهم كانوا سبعين ألف بيت من القبط من آل فرعون ، وأمهاتهم من بني إسرائيل فجعل الرجل يتبع أمه وأخواله .
وقيل: هم قوم نجوا من قتل فرعون ، وذلك أن فرعون لما أمر بقتل أبناء بني إسرائيل كانت المرأة من بني إسرائيل إذا ولدت ابنا وهبته لقبطية خوفا من القتل ، فنشئوا عند القبط ، وأسلموا في اليوم الذي غلبت السحرة .
قال الفراء : سموا ذرية ؛ لأن آباءهم كانوا من القبط وأمهاتهم من بني إسرائيل ، كما يقال لأولاد أهل فارس الذين سقطوا إلى اليمن : الأبناء ، لأن أمهاتهم من غير جنس آبائهم .
( على خوف من فرعون وملئهم ) قيل: أراد بفرعون آل فرعون ، أي : على خوف من آل فرعون وملئهم ، كما قال : " واسأل القرية " ( يوسف - 82 ) أي : أهل القرية .
وقيل: إنما قال : " وملئهم " وفرعون واحد ؛ لأن الملك إذا ذكر يفهم منه هو وأصحابه ، كما يقال : قدم الخليفة ؛ يراد هو ومن معه .
وقيل: أراد ملأ الذرية ، فإن ملأهم كانوا من قوم فرعون .
( أن يفتنهم ) أي : يصرفهم عن دينهم ولم يقل يفتنوهم لأنه أخبر عن فرعون وكان قومه على مثل ما كان عليه فرعون ، ( وإن فرعون لعال ) لمتكبر ، ( في الأرض وإنه لمن المسرفين ) المجاوزين الحد ، لأنه كان عبدا فادعى الربوبية .

التفسير الوسيط : فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه


قال الجمل: «قوله- سبحانه - فَما آمَنَ لِمُوسى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ ...
لما ذكر الله-تبارك وتعالى- ما أتى به موسى- عليه السلام- من المعجزات العظيمة الباهرة، أخبر- سبحانه - أنه مع مشاهدة هذه المعجزات، ما آمن لموسى إلا ذرية من قومه.
وإنما ذكر الله هذا تسلية لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم لأنه كان كثير الاهتمام بإيمان قومه، وكان يغتم بسبب إعراضهم عن الإيمان به، واستمرارهم على الكفر والتكذيب، فبين الله له أن له أسوة بالأنبياء- عليهم الصلاة والسلام-.
لأن ما جاء به موسى من المعجزات، كان أمرا عظيما.
ومع ذلك فما آمن له إلا ذرية من قومه» .
والآية الكريمة معطوفة على كلام محذوف يدل عليه السياق، والتقدير: لقد أتى موسى- عليه السلام- بالمعجزات التي تشهد بصدقه، والتي على رأسها، أن ألقى عصاه فإذا هي تبتلع ما فعله السحرة، ومع كل تلك البراهين الدالة على صدقه، فما آمن به إلا ذرية من قومه.
والمراد بالذرية هنا: العدد القليل من الشباب، الذين آمنوا بموسى، بعد أن تخلف عن الإيمان آباؤهم وأغنياؤهم.
قال الآلوسى: قوله إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ أى: إلا أولاد بعض بنى إسرائيل حيث دعا- عليه السلام- الآباء فلم يجيبوه خوفا من فرعون، وأجابته طائفة من شبابهم فالمراد من الذرية: الشبان لا الأطفال .
والضمير في قوله مِنْ قَوْمِهِ يعود لموسى- عليه السلام-، وعليه يكون المعنى:فما آمن لموسى- عليه السلام- في دعوته إلى وحدانية الله، إلا عدد قليل من شباب قومه بنى إسرائيل، الذين كانوا يعيشون في مصر، والذين كان فرعون يسومهم سوء العذاب، أما آباؤهم وأصحاب الجاه فيهم، فقد انحازوا إلى فرعون طمعا في عطائه، وخوفا من بطشه بهم.
ويرى بعض المفسرين أن الضمير في قوله مِنْ قَوْمِهِ يعود إلى فرعون لا إلى موسى.
فيكون المعنى: فما آمن لموسى إلا عدد قليل من شباب قوم فرعون.
قال ابن كثير ما ملخصه مرجحا هذا الرأى: «يخبر الله-تبارك وتعالى- أنه لم يؤمن بموسى- عليه السلام- مع ما جاء به من الآيات والحجج، إلا قليل من قوم فرعون، من الذرية- وهم الشباب-، على وجل وخوف منه ومن ملئه.
قال العوفى عن ابن عباس: «إن الذرية التي آمنت لموسى من قوم فرعون منهم:امرأته، ومؤمن آل فرعون، وخازنه، وامرأة خازنه» .
ثم قال: واختار ابن جرير قول مجاهد في الذرية، أنها من بنى إسرائيل، لا من قوم فرعون.
لعود الضمير على أقرب مذكور.
وفي هذا نظر، لأن من المعروف أن بنى إسرائيل كلهم آمنوا بموسى.
واستبشروا به، فقد كانوا يعرفون نعته وصفته والبشارة به.
وإذا تقرر هذا فكيف يكون المراد إلا ذرية من قوم موسى وهم بنو إسرائيل؟» .
والذي نراه أن ما اختاره ابن جرير من عودة الضمير إلى موسى- عليه السلام- أرجح، لأن هناك نوع خفاء في إطلاق كلمة الذرية على من آمن من قوم فرعون، ومنهم زوجته، وامرأة خازنه.
ولأنه لا دليل على أن بنى إسرائيل كلهم قد آمنوا بموسى، بل الحق أن منهم من آمن به ومنهم من كفر به، كقارون والسامري وغيرهما.
ولأن رجوع الضمير إلى موسى- عليه السلام- هو الظاهر المتبادر من الآية، لأنه أقرب مذكور، وليس هناك ما يدعو إلى صرف الآية الكريمة عن هذا الظاهر.
ورحم الله ابن جرير فقد قال في ترجيحه لما ذهب إليه من عودة الضمير إلى موسى- عليه السلام- ما ملخصه:وأولى هذه الأقوال عندي بتأويل الآية، القول الذي ذكرته عن مجاهد وهو أن الذرية في هذا الموضع، أريد بها ذرية من أرسل إليه موسى من بنى إسرائيل، وإنما قلت هذا القول أولى بالصواب، لأنه لم يجر في هذه الآية ذكر لغير موسى، فلأن تكون الهاء في قوله مِنْ قَوْمِهِ من ذكر موسى لقربها من ذكره أولى من أن تكون من ذكر فرعون، لبعد ذكره منها.
ولأن في قوله عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ الدليل الواضح على أن الهاء في قوله إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ من ذكر موسى لا من ذكر فرعون، لأنها لو كانت من ذكر فرعون لكان الكلام على خوف منه، ولم يكن على خوف من فرعون..» .
وقوله: عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ ...
حال من كلمة ذُرِّيَّةٌ، وعَلى هنا بمعنى مع.
والضمير في قوله مَلَائِهِمْ يعود إلى ملأ الذرية، وهم كبار بنى إسرائيل الذين لاذوا بفرعون طمعا في عطائه أو خوفا من عقابه ولم يتبعوا موسى- عليه السلام-.
والمعنى: فما آمن لموسى الا عدد قليل من شباب قومه، والحال أن إيمانهم كان مع خوف من فرعون ومن أشراف قومهم أن يفتنوهم عن دينهم، أى: أن يعذبوهم ليحملوهم على ترك اتباع موسى- عليه السلام.
والضمير في يَفْتِنَهُمْ يعود إلى فرعون خاصة، لأنه هو الآمر بالتعذيب ولأن الملأ إنما كانوا يأتمرون بأمره، وينتهون عن نهيه، فهم كالآلة في يده يصرفها كيف يشاء.
وجملة أَنْ يَفْتِنَهُمْ في تأويل مصدر، بدل اشتمال من فرعون، أى: على خوف من فرعون فتنته.
وقوله: وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ اعتراض تذييلى مؤكد لمضمون ما قبله، ومقرر لطغيان فرعون وعتوه.
أى: وإن فرعون المتكبر متجبر في أرض مصر كلها، وإنه لمن المسرفين المتجاوزين لكل حد في الظلم والبغي وادعاء ما ليس له.
والمتجبرون والمسرفون يحتاجون في مقاومتهم إلى إيمان عميق، واعتماد على الله وثيق، وثبات يزيل المخاوف ويطمئن القلوب إلى حسن العاقبة، ولذا قال موسى لأتباعه المؤمنين:يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ.

تفسير ابن كثير : شرح الآية 83 من سورة يونس


يخبر تعالى أنه لم يؤمن بموسى ، عليه السلام ، مع ما جاء به من الآيات البينات والحجج القاطعات والبراهين الساطعات ، إلا قليل من قوم فرعون ، من الذرية - وهم الشباب - على وجل وخوف منه ومن ملئه ، أن يردوهم إلى ما كانوا عليه من الكفر ؛ لأن فرعون كان جبارا عنيدا مسرفا في التمرد والعتو ، وكانت له سطوة ومهابة ، تخاف رعيته منه خوفا شديدا .قال العوفي : عن ابن عباس : ( فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم ) قال : فإن الذرية التي آمنت لموسى ، من أناس غير بني إسرائيل ، من قوم فرعون يسير ، منهم : امرأة فرعون ، ومؤمن آل فرعون ، وخازن فرعون ، وامرأة خازنه .وروى علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : ( فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه ) يقول : بني إسرائيل .وعن ابن عباس ، والضحاك ، وقتادة ( الذرية ) : القليل .وقال مجاهد في قوله : ( إلا ذرية من قومه ) يقول : بني إسرائيل . قال : هم أولاد الذين أرسل إليهم موسى ، من طول الزمان ، ومات آباؤهم .واختار ابن جرير قول مجاهد في الذرية : أنها من بني إسرائيل لا من قوم فرعون ، لعود الضمير على أقرب المذكورين .وفي هذا نظر ؛ لأنه أراد بالذرية الأحداث والشباب وأنهم من بني إسرائيل ، فالمعروف أن بني إسرائيل كلهم آمنوا بموسى ، عليه السلام ، واستبشروا به ، وقد كانوا يعرفون نعته وصفته والبشارة به من كتبهم المتقدمة ، وأن الله تعالى سينقذهم به من أسر فرعون ويظهرهم عليه ؛ ولهذا لما بلغ هذا فرعون حذر كل الحذر فلم يجد عنه شيئا . ولما جاء موسى آذاهم فرعون أشد الأذى ، و ( قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون ) [ الأعراف : 129 ] . وإذا تقرر هذا فكيف يكون المراد إلا ذرية من قوم موسى ، وهم بنو إسرائيل ؟ .( على خوف من فرعون وملئهم ) أي : وأشراف قومهم أن يفتنهم ، ولم يكن في بني إسرائيل من يخاف منه أن يفتن عن الإيمان سوى قارون ، فإنه كان من قوم موسى ، فبغى عليهم ؛ لكنه كان طاويا إلى فرعون ، متصلا به ، متعلقا بحباله ومن قال : إن الضمير في قوله : ( وملئهم ) عائد إلى فرعون ، وعظم الملك من أجل اتباعه أو بحذف " آل " فرعون ، وإقامة المضاف إليه مقامه - فقد أبعد ، وإن كان ابن جرير قد حكاهما عن بعض النحاة . ومما يدل على أنه لم يكن في بني إسرائيل إلا مؤمن قوله تعالى :

تفسير الطبري : معنى الآية 83 من سورة يونس


القول في تأويل قوله تعالى : فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ (83)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فلم يؤمن لموسى ، مع ما أتاهم به من الحجج والأدلّة (إلا ذرية من قومه ) خائفين من فرعون وملئهم.
ثم اختلف أهل التأويل في معنى الذرية في هذا الموضع.
فقال بعضهم: الذرية في هذا الموضع: القليل.
*ذكر من قال ذلك:17774- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (فما آمن لموسى إلا ذرّية من قومه) ، قال، كان ابن عباس يقول: " الذرية ": القليل.
17775- حدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد قال، سمعت الضحاك يقول في قوله تعالى: (فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه) ، " الذرية "، القليل، كما قال الله تعالى: كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ [سورة الأنعام: 133]* * *وقال آخرون: معنى ذلك: فما آمن لموسى إلا ذرية من أرسل إليه موسى من بني إسرائيل لطول الزمان، لأن الآباء ماتوا وبقي الأبناء، فقيل لهم " ذرية "، لأنهم كانوا ذرية من هلك ممن أرسل إليهم موسى عليه السلام.
(12)*ذكر من قال ذلك:17776- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد في قوله تعالى: (فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه) ، قال: أولاد الذين أرسل إليهم من طول الزمان ، ومات آباؤهم.
17777- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ،17778- وحدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، بنحوه.
17779- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: (فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه) ، قال: أولاد الذين أرسل إليهم موسى ، من طول الزمان ومات آباؤهم.
17780- حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا سفيان، عن الأعمش: (فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم) ، قال: أبناء أولئك الذين أرسل إليهم ، فطال عليهم الزمان وماتت آباؤهم.
* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: فما آمن لموسى إلا ذرية من قوم فرعون.
*ذكر من قال ذلك:17781- حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم) ، قال: كانت الذرية التي آمنت لموسى من أناس غير بني إسرائيل ، من قوم فرعون يسير، منهم : امرأة فرعون، ومؤمن آل فرعون، وخازن فرعون، وامرأة خازنه.
* * *وقد روي عن ابن عباس خبرٌ يدل على خلاف هذا القول، وذلك ما:-17782- حدثني به المثنى قال ، حدثنا أبو صالح قال ، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: (ذرية من قومه) ، يقول: بني إسرائيل.
* * *، فهذا الخبر ، ينبئ عن أنه كان يرى أن " الذرية " في هذا الموضع ، (13) هم بنو إسرائيل دون غيرهم من قوم فرعون.
* * *قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال عندي بتأويل الآية، القولُ الذي ذكرته عن مجاهد، وهو أن " الذرية " ، في هذا الموضع أريد بها ذُرّية من أرسل إليه موسى من بني إسرائيل، فهلكوا قبل أن يقرُّوا بنبوته لطول الزمان، فأدركت ذريّتهم ، فآمن منهم من ذكر الله ، بموسى.
وإنما قلت : " هذا القولُ أولى بالصواب في ذلك " ، لأنه لم يجر في هذه الآية ذكرٌ لغير موسى، فَلأن تكون " الهاء " ، في قوله : " من قومه " ، من ذكر موسى لقربها من ذكره، أولى من أن تكون من ذكر فرعون ، لبعد ذكره منها، إذ لم يكن بخلاف ذلك دليلٌ ، من خبرٍ ولا نظرٍ.
وبعدُ، فإن في قوله: (على خوف من فرعون وملئهم)، الدليلُ الواضح على أن الهاء في قوله: (إلا ذرية من قومه)، من ذكر موسى، لا من ذكر فرعون، لأنها لو كانت من ذكر فرعون لكان الكلام ، " على خوف منه "، ولم يكن (على خوف من فرعون) .
* * *وأما قوله: (على خوف من فرعون) ، فإنه يعني على حال خوف ممن آمن من ذرية قوم موسى بموسى ، فتأويل الكلام: فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه ، من بني إسرائيل ، وهم خائفون من فرعون وملئهم أن يفتنوهم.
* * *وقد زعم بعض أهل العربية أنه إنما قيل: " فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه "، لأن الذين آمنوا به إنما كانت أمهاتهم من بني إسرائيل، وآباؤهم من القبط، فقيل لهم " الذرية " ، من أجل ذلك، كما قيل لأبناء الفرس الذين أمهاتهم من العرب وآباؤهم من العجم: " أبناء ".
(14) .
والمعروف من معنى " الذرية " في كلام العرب: أنها أعقاب من نسبت إليه من قبل الرجال والنساء، كما قال جل ثناؤه: ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ ، [سورة الإسراء: 3] ، وكما قال: وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ ثم قال بعد: وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ ، [سورة الأنعام: 84، 85] ، فجعل من كان من قبل الرجال والنساء من ذرية إبراهيم.
* * *وأما قوله: (وملئهم)، فإن " الملأ ": الأشراف.
(15) وتأويل الكلام: على خوف من فرعون ومن أشرافهم.
* * *واختلف أهل العربية فيمن عُني بالهاء والميم اللتين في قوله: (وملئهم) ، فقال بعض نحويي البصرة: عُني بها الذرية.
وكأنّه وجَّه الكلام إلى: ( فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه، على خوف من فرعون) وملأ الذرِّية من بني إسرائيل.
* * *وقال بعض نحويي أهل الكوفة: (16)عني بهما فرعون.
قال: وإنما جاز ذلك وفرعون واحد، لأن الملك إذا ذكر بخوفٍ أو سفر أو قدوم من سفر ، (17) ذهب الوهم إليه وإلى من معه.
وقال: ألا ترى أنك تقول: " قدم الخليفة فكثر الناس "، تريد ، بمن معه ، " وقدم فغلت الأسعار " ، لأنك تنوي بقدومه قدوم من معه.
(18)* * *قال: وقد يكون أن تريد أن ب " فرعون " آل فرعون، وتحذف " الآل " ، (19) فيجوز، كما قال: وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ ، [سورة يوسف: 82] ، يريد أهل القرية، والله أعلم.
قال: ومثله قوله: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ، [سورة الطلاق: 1].
(20)* * *قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال: " الهاء والميم " عائدتان على " الذرية ".
ووجَّه معنى الكلام إلى أنه : على خوف من فرعون، وملأ الذرية ، لأنه كان في ذرية القرن الذين أرسل إليهم موسى من كان أبوه قبطيًا وأمه إسرائيلية.
فمن كان كذلك منهم، كان مع فرعون على موسى.
* * *وقوله: (أن يفتنهم) ، يقول: كان إيمان من آمن من ذرية قوم موسى على خوف من فرعون ، " أن يفتنهم " بالعذاب، فيصدّهم عن دينهم، ويحملهم على الرجوع عن إيمانهم والكفر بالله.
(21)وقال: (أن يفتنهم) ، فوحَّد ولم يقل: " أن يفتنوهم "، لدليل الخبر عن فرعون بذلك : أن قومه كانوا على مثل ما كان عليه ، لما قد تقدم من قوله: (على خوف من فرعون وملئهم).
* * *وقوله: (وإن فرعون لعال في الأرض) ، يقول تعالى ذكره: وإن فرعون لجبّارٌ مستكبر على الله في أرضه ، " وإنه لمن المسرفين "، وإنه لمن المتجاوزين الحقّ إلى الباطل، (22) وذلك كفره بالله وتركه الإيمان به ، وجحودُه وحدانية الله ، وادّعاؤه لنفسه الألوهة ، وسفكه الدماء بغير حِلِّها.
-----------------------الهوامش :(12) انظر تفسير " الذرية " فيما سلف 12 : 127 ، 128 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
وانظر تفسير بمعنى " القليل " في معاني القرآن للفراء 1 : 476 .
(13) في المطبوعة : " ينبئ عنه " ، وأثبت ما في المخطوطة .
(14) هو الفراء في معاني القرآن 1 : 476 .
(15) انظر تفسير " الملأ " فيما سلف ص : 155 تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
(16) في المطبوعة : " نحويي الكوفة " ، وأثبت ما في المخطوطة " .
(17) في المطبوعة : "الخوف" ، والصواب من معاني القرآن للفراء .
أما المخطوطة فقد أسقط ناسخها وكتب : "لأن الملك ، وقال : ألا ترى" .
(18) في المطبوعة " : لأنا ننوي بقدومه .
.
.
" ، وفي المخطوطة : " لأنا ننوي بقدومه وقدوم من معه " ، وهو خطأ ، وأثبت ما في معاني القرآن للفراء .
(19) في المطبوعة ، " وبحذف " ، وفي المخطوطة : " فتحذف آل فرعون " ، وهو خطأ ، صوابه من معاني القرآن .
(20) هذا الذي مضى نص مقالة الفراء في معاني القرآن 1 : 476 ، 477 .
(21) انظر تفسير " الفتنة " فيما سلف من فهارس اللغة ( فتن ) .
(22) انظر تفسير " الإسراف " فيما سلف ص : 37 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .

فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم وإن فرعون لعال في الأرض وإنه لمن المسرفين

سورة : يونس - الأية : ( 83 )  - الجزء : ( 11 )  -  الصفحة: ( 218 ) - عدد الأيات : ( 109 )

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: قالوا لئن لم تنته يالوط لتكونن من المخرجين
  2. تفسير: إن لكم فيه لما تخيرون
  3. تفسير: إني لكم رسول أمين
  4. تفسير: إن الذين يحادون الله ورسوله كبتوا كما كبت الذين من قبلهم وقد أنـزلنا آيات بينات
  5. تفسير: كذلك وزوجناهم بحور عين
  6. تفسير: ثم نكسوا على رءوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون
  7. تفسير: وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد
  8. تفسير: قالوا اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله بل أنتم قوم تفتنون
  9. تفسير: ولا يحض على طعام المسكين
  10. تفسير: وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون

تحميل سورة يونس mp3 :

سورة يونس mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة يونس

سورة يونس بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة يونس بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة يونس بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة يونس بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة يونس بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة يونس بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة يونس بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة يونس بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة يونس بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة يونس بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب