شرح حديث
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
في هذا الحديثِ يَرْوي عُقبةُ بنُ عامِرٍ رضِيَ اللهُ عنه: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "مَن كذَبَ علَيَّ ما لمْ أَقُلْ"، أي: افْتَرَى واخْتَلَقَ ما لم يَقُلْه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "فلْيَتبوَّأْ بَيتًا مِن جهنَّمَ" أي: إنَّ لِلكاذِبِ المُتعمِّدِ والقاصدِ ذلك على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الآخِرةِ مَجْلِسًا وبَيتًا في النَّارِ؛ جَزاءً له على كَذِبِه عليه، وهذا وَعيدٌ شَديدٌ يُفِيدُ أنَّ ذلك مِن أكبَرِ الكبائرِ، وذلك لا يُحْمَلُ على الخُلودِ في النَّارِ إلَّا لِمَن اسْتَحَلَّ ذلك؛ لأنَّ المُوحِّدَ يُجازَى على عَمَلِه، أو يُعْفَى عنه، وإنْ أُدْخِلَ النَّارَ فإنَّه لا يُخَلَّدُ فيها، بلْ يُعَذَّبُ على قَدْرِ عَمَلِه، ثمَّ يُدْخِلُه اللهُ الجنَّةَ برَحْمتِهِ.
قال عُقْبةُ رضِيَ اللهُ عنه: "وسمِعْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّمَ يقولُ: رَجُلانِ مِن أُمَّتي"، والمعنى: أنَّهما صِنفانِ، أوْ مِن صِفةٍ تَغلِبُ في كلِّ واحدٍ منهما، "يَقومُ أحَدُهما اللَّيلَ" بالصَّلاةِ والذِّكرِ، "يُعالِجُ نَفْسَه إلى الطُّهورِ"، أي: يَحمِلُ نَفْسَه ويُجبِرُها على التَّطهُّرِ والوُضوءِ في اللَّيلِ، "وعليه عُقْدةٌ"، والمَقصودُ بالعُقْدَةِ: العَقْدُ القلْبيُّ النَّاتجُ عن وَسوسةِ الشَّيطانِ لِلإنسانِ والمُؤثِّرِ على جَوارِحِه؛ فالمعنى: أنَّه يُوَسْوِسُ لِلمؤمِنِ إذا أراد القِيامَ مِن اللَّيلِ؛ بأنَّه بقِيَت مِن اللَّيلِ بَقيَّةٌ طَويلةٌ، "فيَتوضَّأُ؛ فإذا وَضَّأَ يَدَيْهِ، انْحَلَّتْ عُقدةٌ" وخَرَجَت آثارُ الشَّيطانِ التي عَقَدَها على يَدِهِ، "وإذا وَضَّأَ وَجْهَه، انْحَلَّتْ عُقدةٌ، وإذا مسَحَ رأْسَهُ، انْحَلَّتْ عُقدةٌ، وإذا وضَّأَ رِجْلَيْهِ، انْحَلَّتْ عُقدةٌ" فتَنحَلُّ كلُّ عُقَدِ الشَّيطانِ مع إتمامِ الوُضوءِ، "فيقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ للَّذين وراءَ الحِجابِ" وهم الملائكةُ الكِرامُ: "انْظُروا إلى عَبْدِي هذا يُعالِجُ نَفْسَه، يَسْأَلُني، ما سَأَلَني عَبْدي فهو له"، أي: كلُّ ما يَطلُبُه العبْدُ في دُعائِه فإنَّ اللهَ يَسْتَجِيبُه ويُعْطِيهِ للعبْدِ؛ تَكرُّمًا وتَفضُّلًا عليه.
وفي الحديثِ: تَعظيمُ الكذِبِ عليه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأنَّه فاحشةٌ عَظيمةٌ ومُوبِقةٌ كَبيرةٌ.
وفيه: بَيانُ فضْلِ قِيامِ اللَّيلِ مع الوُضوءِ.
وفيه: مُجاهَدةُ النَّفْسِ على قِيامِ اللَّيلِ؛ لأنَّ النَّفْسَ البَشريَّةَ بطَبيعتِها أمَّارةٌ بالسُّوءِ تَمِيلُ إلى كلِّ شَرٍّ ومُنكَرٍ، فمَن أطاعَها فيما تَدْعو إليه قادَتْه إلى الهَلاكِ والعَطَبِ .
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم