﴿ ۞ لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾
[ النساء: 114]

سورة : النساء - An-Nisā’  - الجزء : ( 5 )  -  الصفحة: ( 97 )

There is no good in most of their secret talks save (in) him who orders Sadaqah (charity in Allah's Cause), or Ma'ruf (Islamic Monotheism and all the good and righteous deeds which Allah has ordained), or conciliation between mankind, and he who does this, seeking the good Pleasure of Allah, We shall give him a great reward.


نجواهم : ما يتناجى به النّاس و يتحدّثون

لا نفع في كثير من كلام الناس سرّاً فيما بينهم، إلا إذا كان حديثًا داعيًا إلى بذل المعروف من الصدقة، أو الكلمة الطيبة، أو التوفيق بين الناس، ومن يفعل تلك الأمور طلبًا لرضا الله تعالى راجيًا ثوابه، فسوف نؤتيه ثوابًا جزيلا واسعًا.

لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف - تفسير السعدي

أي: لا خير في كثير مما يتناجى به الناس ويتخاطبون، وإذا لم يكن فيه خير، فإما لا فائدة فيه كفضول الكلام المباح، وإما شر ومضرة محضة كالكلام المحرم بجميع أنواعه.
ثم استثنى تعالى فقال: { إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ ْ} من مال أو علم أو أي نفع كان، بل لعله يدخل فيه العبادات القاصرة كالتسبيح والتحميد ونحوه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة" الحديث.
{ أَوْ مَعْرُوفٍ ْ} وهو الإحسان والطاعة وكل ما عرف في الشرع والعقل حسنه، وإذا أطلق الأمر بالمعروف من غير أن يقرن بالنهي عن المنكر دخل فيه النهي عن المنكر، وذلك لأن ترك المنهيات من المعروف، وأيضا لا يتم فعل الخير إلا بترك الشر.
وأما عند الاقتران فيفسر المعروف بفعل المأمور، والمنكر بترك المنهي.
{ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ْ} والإصلاح لا يكون إلا بين متنازعين متخاصمين، والنزاع والخصام والتغاضب يوجب من الشر والفرقة ما لا يمكن حصره، فلذلك حث الشارع على الإصلاح بين الناس في الدماء والأموال والأعراض، بل وفي الأديان كما قال تعالى: { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ْ} وقال تعالى: { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ْ} الآية.
وقال تعالى: { وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ْ} والساعي في الإصلاح بين الناس أفضل من القانت بالصلاة والصيام والصدقة، والمصلح لا بد أن يصلح الله سعيه وعمله.
كما أن الساعي في الإفساد لا يصلح الله عمله ولا يتم له مقصوده كما قال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ ْ}.
فهذه الأشياء حيثما فعلت فهي خير، كما دل على ذلك الاستثناء.
ولكن كمال الأجر وتمامه بحسب النية والإخلاص، ولهذا قال: { وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ْ} فلهذا ينبغي للعبد أن يقصد وجه الله تعالى ويخلص العمل لله في كل وقت وفي كل جزء من أجزاء الخير، ليحصل له بذلك الأجر العظيم، وليتعود الإخلاص فيكون من المخلصين، وليتم له الأجر، سواء تم مقصوده أم لا، لأن النية حصلت واقترن بها ما يمكن من العمل.

تفسير الآية 114 - سورة النساء

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

لا خير في كثير من نجواهم إلا : الآية رقم 114 من سورة النساء

 سورة النساء الآية رقم 114

لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف - مكتوبة

الآية 114 من سورة النساء بالرسم العثماني


﴿ ۞ لَّا خَيۡرَ فِي كَثِيرٖ مِّن نَّجۡوَىٰهُمۡ إِلَّا مَنۡ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوۡ مَعۡرُوفٍ أَوۡ إِصۡلَٰحِۭ بَيۡنَ ٱلنَّاسِۚ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ ٱبۡتِغَآءَ مَرۡضَاتِ ٱللَّهِ فَسَوۡفَ نُؤۡتِيهِ أَجۡرًا عَظِيمٗا  ﴾ [ النساء: 114]


﴿ لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما ﴾ [ النساء: 114]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة النساء An-Nisā’ الآية رقم 114 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 114 من النساء صوت mp3


تدبر الآية: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف

استثمر مجالسَك الخاصَّةَ في العمل الصالح، والقول المفيد الناصح، واجعل لدينك ما تعمله في إسرارك وإعلانك.
ما أكثرَ كلامَ المجالس الذي تفوح منه رائحةُ الإثم، ويُزري به الفُضول! كلُّ ذلك شرٌّ لا خيرَ فيه، فانتَقِ من الكلام أطيبَه، وإلى الله أقربَه.
مَن ظنَّ أن الأمر بالمعروف وَقفٌ على الدعاة والخطباء، وأربابِ القنوات والهيئات، فقد حجَّرَ من الخير واسعًا.
إرادة الرِّياء في العمل الصالح إماتةٌ لروح العمل، وحُبوطٌ للأجر، فمَن أخلصَ لله نيَّته في سرِّه وعلنه فقد استحقَّ الثواب العظيم.

وقوله-تبارك وتعالى-: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ.
إشارة إلى ما جبل عليه كثير من الناس من إخفاء الأقوال أو الأعمال التي فيها شر ومضرة، ومن إعلان الأقوال أو الأفعال التي من ورائها خير ومنفعة.
وقوله نَجْواهُمْ أى:مما يتناجى به الناس ويتكلمون فيه.
والنجوى: اسم مصدر بمعنى المسارة.
يقال: نجوته نجوا ونجوى وناجيته مناجاة.
أى: ساررته بكلام على انفراد.
وأصله: أن تعلو بمن تناجيه بسر معين في نجوة من الأرض.
أى في مكان مرتفع منفصل بارتفاعه عما حوله.
وقيل: أصله من النجاة، لأن الإسرار بالشيء فيه معاونة على النجاة.
وتطلق النجوى على القوم المتناجين كما في قوله-تبارك وتعالى- نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوى.
والضمير في قوله مِنْ نَجْواهُمْ يعود إلى الناس جميعا، ويدخل فيه أولئك الذين كانوا يختانون أنفسهم ومن على شاكلتهم دخولا أوليا.
والمعروف- كما يقول الآلوسى- هو كل ما عرفه الشرع واستحسنه، فيشمل جميع أنواع البر كقرض وإغاثة ملهوف وإرشاد ضال إلى غير ذلك.
ويراد به هنا ما عدا الصدقة وما عدا ما أشير إليه بقوله-تبارك وتعالى- أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ .
والمعنى: لا خير في كثير من الكلام الذي يتناجى فيه الناس، ويتحدثون به سرا، إلا في نجوى من أمر غيره سرا بصدقة يزكى بها ماله، وينفع بها المحتاج إليها، أو من أمر غيره بالإكثار من أعمال البر، أو القيام بالإصلاح بين الناس المتخاصمين لكي يعودوا إلى ما كانوا عليه من الألفة والإخاء والصفاء.
قال الجمل: وقوله إِلَّا مَنْ أَمَرَ.
في هذا الاستثناء قولان:أحدهما: متصل والثاني: أنه منقطع.
وهما مبنيان على أن النجوى يجوز أن يراد بها المصدر كالدعوى فتكون بمعنى التناجي أى التحدث.
وأن يراد بها القوم المتناجون إطلاقا للمصدر على الواقع منه مجازا.
فعلى الأول يكون منقطعا، لأن من أمر ليس مناجاة، فكأنه قيل: لكن من أمر بصدقة ففي نجواه الخير وإن جعلنا النجوى بمعنى المتناجين كان متصلا.
وقوله إِلَّا مَنْ أَمَرَ.
إما منصوب على الاستثناء المنقطع إن جعلته منقطعا في لغة الحجازيين.
أو على أصل الاستثناء إن جعلته متصلا.
وإما مجرور على البدل من كثير، أو من نجواهم، أو صفة لأحدهما .
فأنت ترى أن الآية الكريمة قد أخرجت من التناجي المذموم ثلاث خصال هي جماع الخير، وذلك لأن الصدقة التي يخرجها الإنسان تكون سببا في تزكية ماله، وحسن ثوابه، ونشر المحبة والمودة بين الناس.
والتعبير بقوله إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ يفيد الدعوة إليها، والحث على بذلها سرا ما دامت المصلحة تقتضي ذلك.
أما المعروف وهو النوع الثاني من التناجي المحمود فهو- كما يقول القرطبي لفظ يعم كل أعمال البر.
ففي الحديث الشريف {كل معروف صدقة وإن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق} وقال على بن أبى طالب: {لا يزهدنك في المعروف كفر من كفره، فقد يشكر الشاكر بأضعاف جحود الجاحد} .
وقال الماوردي: ينبغي لمن يقدر على إسداء المعروف أن يعجله حذار فواته، ويبادر به خيفة عجزه، وليعلم أنه من فرض زمانه، وغنائم إمكانه، ولا يهمله ثقة بالقدرة عليه، فكم من واثق بالقدرة ففاتت فأعقبت ندما.
وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لكل شيء ثمرة وثمرة المعروف السراح- أى التعجيل- ومن شرط المعروف ترك الامتنان به، وترك الإعجاب بفعله.
لما فيهما من إسقاط الشكر، وإحباط الأجر.
قال بعض الشعراء:زاد معروفك عندي عظما ...
أنه عندك مستور حقيرتتناساه كأن لم تأته ...
وهو عند الناس مشهور خطيروالأمة التي يفشو فيها قول المعروف وفعله، تسودها السعادة، وتظلها المحبة والمودة والرحمة.
وأما الإصلاح بين الناس فهو فريضة اجتماعية يقوم بها من صفت نفوسهم وقويت عزائمهم، ورسخ إيمانهم.
وقد حض القرآن على الإصلاح بين الناس سواء أكانوا جماعات أم أفرادا لأن التخاصم والتنازع يؤدى إلى انتشار العداوات والمفاسد بين الناس.
قال-تبارك وتعالى-: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ.
وقد ساق الإمام ابن كثير جملة من الأحاديث التي تحض على الإصلاح بين الناس ومن ذلك ما رواه ابن مردويه عن محمد بن يزيد بن حنيش قال: دخلنا على سفيان الثوري نعوده.
فدخل علينا سعيد بن حسان فقال له الثوري الحديث الذي كنت حدثتنيه عن أم صالح أردده على.
فقال: حدثتني أم صالح عن صفية بنت شيبة عن أم حبيبة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلام ابن آدم كله عليه لا له.
إلا ذكر الله-تبارك وتعالى- أو أمر بمعروف أو نهى عن منكر» .
فقال سفيان: أو ما سمعت الله في كتابه يقول: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ.
فهو هذا بعينه.
وروى الجماعة- سوى ابن ماجة- عن أم كلثوم بنت عقبة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمى خيرا أو يقول خيرا» .
وقالت: لم أسمعه يرخص في شيء مما يقوله الناس إلا في ثلاث: في الحرب.
والإصلاح بين الناس.
وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها} .
وروى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي عن أبى الدرداء قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى.
يا رسول الله!! قال إصلاح ذات البين» .
قال: «وفساد ذات البين هي الحالقة» .
ففي هذه الأحاديث الشريفة دعوة قوية إلى الإصلاح بين الناس حتى يعيشوا في أمان واطمئنان.
وبذلك نرى أن هذه الأمور الثلاثة التي أخرجها الله- تعالى من التناجي المذموم هي جماع الخير الإنسانى والاجتماعى.
وقد أشار الإمام الرازي إلى ذلك بقوله: هذه الآية وإن نزلت في مناجاة بعض قوم ذلك السارق مع بعض إلا أنها في المعنى عامة.
والمراد: لا خير فيما يتناجى فيه الناس ويخوضون فيه من الحديث إلا ما كان من أعمال الخير ثم إنه-تبارك وتعالى- ذكر من أعمال الخير ثلاثة أنواع:الأمر بالصدقة.
والأمر بالمعروف.
والإصلاح بين الناس.
وإنما ذكر الله-تبارك وتعالى- هذه الأقسام الثلاثة، لأن عمل الخير إما أن يكون بإيصال المنفعة أو بدفع المضرة.
أما إيصال الخير: فإما أن يكون من الخيرات الجسمانية وهو إعطاء المال.
وإليه الإشارة بقوله: إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ.
وإما أن يكون من الخيرات الروحانية وهو عبارة عن تكميل القوة النظرية بالعلوم، أو تكميل القوة العملية بالأفعال الحسنة.
ومجموعهما عبارة عن الأمر بالمعروف.
وإليه الإشارة بقوله أَوْ مَعْرُوفٍ وأما إزالة الضرر فإليها الإشارة أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ فثبت أن مجامع الخيرات مذكورة في هذه الآية .
ثم بين- سبحانه - حسن عاقبة من يقوم بفعل هذه الفضائل فقال: وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً.
أى: ومن يفعل ذلك المذكور من الصدقة والمعروف والإصلاح بين الناس، قاصدا بفعله رضا الله وحسن مثوبته، فسوف نؤتيه أجرا عظيما لا يعرف مقداره إلا الله-تبارك وتعالى-.
وقال- سبحانه - ومن يفعل ذلك ولم يقل ومن يأمر بذلك كما جاء في صدر الآية.
لأن المقصود الترغيب في هذا الفعل الحسن، لأن الأمر بالخير إذا دخل في زمرة الخيرين كان الفاعل أحرى بالدخول في زمرتهم.
وفي تقييد الفعل بكونه ابتغاء مرضاة الله، تحريض على إخلاص النية، لأن الأعمال بالنيات، وإذا صاحب الرياء الأعمال أبطلها ومحق بركتها.
والتعبير بسوف هنا لتأكيد الوقوع في المستقبل.
أى.
فسوف نؤتيه أجرا لا يحيط به نطاق الوصف، ولن نبخسه شيئا من حقه حتى ولو كان هذا الشيء بالغا النهاية في الصغر.
قوله تعالى : لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيماأراد ما تفاوض به قوم بني أبيرق من التدبير ، وذكروه للنبي صلى الله عليه وسلم .
والنجوى : السر بين الاثنين ، تقول : ناجيت فلانا مناجاة ونجاء وهم ينتجون ويتناجون .
ونجوت فلانا أنجوه نجوا ، أي ناجيته ، فنجوى مشتقة من نجوت الشيء أنجوه ، أي خلصته وأفردته ، والنجوة من الأرض المرتفع لانفراده بارتفاعه عما حوله ، قال الشاعر :فمن بنجوته كمن بعقوته والمستكين كمن يمشي بقرواحفالنجوى المسارة ، مصدر ، وقد تسمى به الجماعة ، كما يقال : قوم عدل ورضا .
قال الله تعالى : وإذ هم نجوى فعلى الأول يكون الأمر أمر استثناء من غير الجنس .
وهو الاستثناء المنقطع .
وقد تقدم ، وتكون " من " في موضع رفع ، أي : لكن من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ودعا إليه ففي نجواه خير .
ويجوز أن تكون " من " في موضع خفض ويكون التقدير : لا خير في كثير من نجواهم إلا نجوى من أمر بصدقة ثم حذف .
وعلى الثاني وهو أن يكون النجوى اسما للجماعة المنفردين ، فتكون " من " في موضع خفض على البدل ، أي لا خير في كثير من نجواهم إلا فيمن أمر بصدقة .
أو تكون في موضع نصب على قول من قال : ما مررت بأحد إلا زيدا .
وقال بعض المفسرين منهم الزجاج : النجوى كلام الجماعة المنفردة أو الاثنين كان ذلك سرا أو جهرا ، وفيه بعد .
والله أعلم .
والمعروف لفظ يعم أعمال البر كلها .
وقال مقاتل : المعروف هنا الفرض ، والأول أصح .
وقال صلى الله عليه وسلم : كل معروف صدقة وإن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق .
وقال صلى الله عليه وسلم : المعروف كاسمه وأول من يدخل الجنة يوم القيامة المعروف وأهله .
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : لا يزهدنك في المعروف كفر من كفره ، فقد يشكر الشاكر بأضعاف جحود الكافر .
وقال الحطيئة :من يفعل الخير لا يعدم جوازيه لا يذهب العرف بين الله والناسوأنشد الرياشي :يد المعروف غنم حيث كانت تحملها كفور أو شكورففي شكر الشكور لها جزاء وعند الله ما كفر الكفوروقال الماوردي : " فينبغي لمن يقدر على إسداء المعروف أن يعجله حذار فواته ، ويبادر به خيفة عجزه ، وليعلم أنه من فرص زمانه ، وغنائم إمكانه ، ولا يهمله ثقة بالقدرة عليه ، فكم من واثق بالقدرة فاتت فأعقبت ندما ، ومعول على مكنة زالت فأورثت خجلا ، كما قال الشاعر :ما زلت أسمع كم من واثق خجل حتى ابتليت فكنت الواثق الخجلاولو فطن لنوائب دهره ، وتحفظ من عواقب أمره لكانت مغانمه مذخورة ، ومغارمه مجبورة ، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من فتح عليه باب من الخير فلينتهزه فإنه لا يدري متى يغلق عنه .
وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : لكل شيء ثمرة وثمرة المعروف السراح .
وقيل لأنوشروان : ما أعظم المصائب عندكم ؟ قال : أن تقدر على المعروف فلا تصطنعه حتى يفوت .
وقال عبد الحميد : من أخر الفرصة عن وقتها فليكن على ثقة من فوتها .
وقال بعض الشعراء :إذا هبت رياحك فاغتنمها فإن لكل خافقة سكونولا تغفل عن الإحسان فيها فما تدري السكون متى يكونوكتب بعض ذوي الحرمات إلى وال قصر في رعاية حرمته :أعلى الصراط تريد رعية حرمتي أم في الحساب تمن بالإنعامللنفع في الدنيا أريدك ، فانتبه لحوائجي من رقدة النواموقال العباس رضي الله عنه : لا يتم المعروف إلا بثلاث خصال : تعجيله وتصغيره وستره ، فإذا عجلته هنأته ، وإذا صغرته عظمته ، وإذا سترته أتممته .
وقال بعض الشعراء :زاد معروفك عندي عظما أنه عندك مستور حقيرتتناساه كأن لم تأته وهو عند الناس مشهور خطيرومن شرط المعروف ترك الامتنان به ، وترك الإعجاب بفعله ، لما فيهما من إسقاط الشكر وإحباط الأجر .
وقد تقدم في " البقرة " بيانه .
قوله تعالى : أو إصلاح بين الناس عام في الدماء والأموال والأعراض ، وفي كل شيء يقع التداعي والاختلاف فيه بين المسلمين ، وفي كل كلام يراد به وجه الله تعالى .
وفي الخبر : ( كلام ابن آدم كله عليه لا له إلا ما كان من أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو ذكر لله تعالى ) .
فأما من طلب الرياء والترؤس فلا ينال الثواب .
وكتب عمر إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه : رد الخصوم حتى يصطلحوا ، فإن فصل القضاء يورث بينهم الضغائن .
وسيأتي في " المجادلة " ما يحرم من المناجاة وما يجوز إن شاء الله تعالى .
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال ، : من أصلح بين اثنين أعطاه الله بكل كلمة عتق رقبة .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي أيوب : ألا أدلك على صدقة يحبها الله ورسوله ، تصلح بين أناس إذا تفاسدوا ، وتقرب بينهم إذا تباعدوا .
وقال الأوزاعي : ما خطوة أحب إلى الله عز وجل من خطوة في إصلاح ذات البين ، ومن أصلح بين اثنين كتب الله له براءة من النار .
وقال محمد بن المنكدر : تنازع رجلان في ناحية المسجد فملت إليهما ، فلم أزل بهما حتى اصطلحا ؛ فقال أبو هريرة وهو يراني : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من أصلح بين اثنين استوجب ثواب شهيد .
ذكر هذه الأخبار أبو مطيع مكحول بن المفضل النسفي في كتاب اللؤلئيات له ، وجدته بخط المصنف في وريقة ولم ينبه على موضعها رضي الله عنه .
و " ابتغاء " نصب على المفعول من أجله .


شرح المفردات و معاني الكلمات : خير , كثير , نجواهم , أمر , بصدقة , معروف , إصلاح , الناس , يفعل , ابتغاء , مرضات , الله , نؤتيه , أجرا , عظيما ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم

  1. وإبراهيم الذي وفى
  2. يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا
  3. فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم
  4. فويل للمصلين
  5. أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نـزلا بما كانوا يعملون
  6. يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون
  7. يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم
  8. لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب
  9. أو لم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل
  10. وكل صغير وكبير مستطر

تحميل سورة النساء mp3 :

سورة النساء mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة النساء

سورة النساء بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة النساء بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة النساء بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة النساء بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة النساء بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة النساء بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة النساء بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة النساء بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة النساء بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة النساء بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, March 28, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب