﴿ وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾
[ البقرة: 195]

سورة : البقرة - Al-Baqarah  - الجزء : ( 2 )  -  الصفحة: ( 30 )

And spend in the Cause of Allah (i.e. Jihad of all kinds, etc.) and do not throw yourselves into destruction (by not spending your wealth in the Cause of Allah), and do good. Truly, Allah loves Al-Muhsinun (the good-doers).


التّهلُكة : الهلاك بترك الجهاد و الإنفاق فيه

واستمروا-أيها المؤمنون- في إنفاق الأموال لنصرة دين الله تعالى، والجهاد في سبيله، ولا توقعوا أنفسكم في المهالك بترك الجهاد في سبيل الله، وعدم الإنفاق فيه، وأحسنوا في الانفاق والطاعة، واجعلوا عملكم كله خالصًا لوجه الله تعالى. إن الله يحب أهل الإخلاص والإحسان.

وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله - تفسير السعدي

يأمر تعالى عباده بالنفقة في سبيله, وهو إخراج الأموال في الطرق الموصلة إلى الله، وهي كل طرق الخير, من صدقة على مسكين, أو قريب, أو إنفاق على من تجب مؤنته.وأعظم ذلك وأول ما دخل في ذلك الإنفاق في الجهاد في سبيل الله، فإن النفقة فيه جهاد بالمال, وهو فرض كالجهاد بالبدن، وفيها من المصالح العظيمة, الإعانة على تقوية المسلمين, وعلى توهية الشرك وأهله, وعلى إقامة دين الله وإعزازه، فالجهاد في سبيل الله لا يقوم إلا على ساق النفقة، فالنفقة له كالروح, لا يمكن وجوده بدونها، وفي ترك الإنفاق في سبيل الله, إبطال للجهاد, وتسليط للأعداء, وشدة تكالبهم، فيكون قوله تعالى: ( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) كالتعليل لذلك، والإلقاء باليد إلى التهلكة يرجع إلى أمرين: ترك ما أمر به العبد, إذا كان تركه موجبا أو مقاربا لهلاك البدن أو الروح، وفعل ما هو سبب موصل إلى تلف النفس أو الروح, فيدخل تحت ذلك أمور كثيرة، فمن ذلك, ترك الجهاد في سبيل الله, أو النفقة فيه, الموجب لتسلط الأعداء، ومن ذلك تغرير الإنسان بنفسه في مقاتلة أو سفر مخوف, أو محل مسبعة أو حيات, أو يصعد شجرا أو بنيانا خطرا, أو يدخل تحت شيء فيه خطر ونحو ذلك، فهذا ونحوه, ممن ألقى بيده إلى التهلكة.ومن الإلقاء باليد إلى التهلكة الإقامة على معاصي الله, واليأس من التوبة، ومنها ترك ما أمر الله به من الفرائض, التي في تركها هلاك للروح والدين.ولما كانت النفقة في سبيل الله نوعا من أنواع الإحسان, أمر بالإحسان عموما فقال: ( وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) وهذا يشمل جميع أنواع الإحسان, لأنه لم يقيده بشيء دون شيء، فيدخل فيه الإحسان بالمال كما تقدم.ويدخل فيه الإحسان بالجاه, بالشفاعات ونحو ذلك، ويدخل في ذلك, الإحسان بالأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر, وتعليم العلم النافع، ويدخل في ذلك قضاء حوائج الناس, من تفريج كرباتهم وإزالة شداتهم, وعيادة مرضاهم, وتشييع جنائزهم, وإرشاد ضالهم, وإعانة من يعمل عملا والعمل لمن لا يحسن العمل ونحو ذلك, مما هو من الإحسان الذي أمر الله به، ويدخل في الإحسان أيضا, الإحسان في عبادة الله تعالى, وهو كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم: « أن تعبد الله كأنك تراه, فإن لم تكن تراه, فإنه يراك »فمن اتصف بهذه الصفات, كان من الذين قال الله فيهم: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وكان الله معه يسدده ويرشده ويعينه على كل أموره.ولما فرغ تعالى من [ ذكر ] أحكام الصيام فالجهاد, ذكر أحكام الحج فقال:

تفسير الآية 195 - سورة البقرة

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم : الآية رقم 195 من سورة البقرة

 سورة البقرة الآية رقم 195

وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله - مكتوبة

الآية 195 من سورة البقرة بالرسم العثماني


﴿ وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا تُلۡقُواْ بِأَيۡدِيكُمۡ إِلَى ٱلتَّهۡلُكَةِ وَأَحۡسِنُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ  ﴾ [ البقرة: 195]


﴿ وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين ﴾ [ البقرة: 195]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة البقرة Al-Baqarah الآية رقم 195 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 195 من البقرة صوت mp3


تدبر الآية: وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله

الإمساك عن الإنفاق في سبيل الله تعالى تَهلُكةٌ للنفس بالشحِّ، وتهلُكةٌ للجماعة بالعجز والضعف، وإغراءٌ للعدوِّ بالتسلُّط.
كتب الله الإحسانَ في كلِّ شيءٍ حتى في الإنفاق وفي القتال؛ لتكونَ الأمَّة المسلمة أمَّةَ الإحسان التامِّ، على مدار العصور، وتعاقُب الدهور.

ثم أمر الله-تبارك وتعالى- المؤمنين ببذل المال من أجل إعلاء كلمته، ونصرة دينه، فقال:وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ.
قال الإمام الرازي: الإنفاق هو صرف المال إلى وجوه المصالح فلذلك لا يقال في المضيع:إنه منفق.
فإذا قيد الإنفاق بذكر سبيل الله، فالمراد به طريق الدين، لأن السبيل هو الطريق، وسبيل الله هو دينه، فكل ما أمر الله به في دينه من الإنفاق فهو داخل في الآية سواء أكان إنفاقا في حج أو في صلة رحم أو غير ذلك، إلا أن الأقرب في هذه الآية- وقد تقدم ذكر الجهاد- أنه يراد به الإنفاق في الجهاد، وقوله فِي سَبِيلِ اللَّهِ كالتنبيه على العلة في وجوب هذا الإنفاق، وذلك لأن المال مال الله فيجب إنفاقه في سبيله، ولأن المؤمن إذا سمع ذكر الله اهتز ونشط فيسهل عليه إنفاق المال .
وتُلْقُوا من الإلقاء وهو طرح الشيء من اليد.
قال الجمل: والباء في قوله: بِأَيْدِيكُمْ تحتمل وجهين:أحدهما: أنها زائدة في المفعول به لأن ألقى يتعدى بنفسه، قال-تبارك وتعالى-: فَأَلْقى عَصاهُ.
والثاني: أن يضمن ألقى معنى فعل يتعدى بالباء فيتعدى تعديته فيكون المفعول به في الحقيقة هو المجرور بالباء تقديره، ولا تفضوا بأيديكم إلى التهلكة كقوله: أفضيت بجنبي إلى الأرض أى: طرحته على الأرض» .
والمراد بالأيدى: الأنفس، من باب ذكر الجزء وإرادة الكل، لأن أكثر ظهور أفعال النفس تكون عن طريق اليد.
والتهلكة: الهلاك والموت.
أو كل شيء تصير عاقبته إليه.
مصدر هلك يهلك هلكا وهلاكا وتهلكة.
والجملة الكريمة معطوفة على جملة وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ.. ألخ، لأنهم لما أمروا بقتال عدوهم، وكان أوفر منهم عدة وعددا، كلفهم بالاستعداد له عن طريق إنفاق الكثير من أموالهم في سبيل إعلاء كلمة الله لأن هذا الإنفاق من أقوى الوسائل التي توصل إلى النصر.
والمعنى: عليكم، أيها المؤمنون- أن تقاتلوا في سبيل الله من قاتلكم، وأن تنفقوا من أجل إعلاء كلمة الله أموالكم، ولا تلقوا أنفسكم فيما فيه هلاككم في دين أو دنيا، بسبب ترككم الجهاد وبخلكم عن الإنفاق فيه مع القدرة على ذلك.
ويشهد لهذا المعنى ما أخرجه الترمذي وغيره عن أبى عمران قال: كنا بمدينة الروم القسطنطينية- فأخرجوا إلينا صفا عظيما من الروم.
فخرج إليهم من المسلمين مثلهم فحمل وبعد هذا الحديث المحكم عن القتال في سبيل الله، وبيان أحكامه بالنسبة للأشهر الحرم وللبيت الحرام، ساق القرآن في بضع آيات جملة من الأحكام والآداب التي تتعلق بفريضة الحج، إذ القتال جهاد لحماية الأمة الإسلامية من الخارج، والحج جهاد لتهذيب النفس وحماية الأمة من الداخل عن طريق تجميع أبنائها على اختلاف ديارهم في مكان واحد ليشهدوا منافع لهم، وليتعاونوا على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان.
استمع إلى سورة البقرة وهي تحدثك عن بعض أحكام الحج وآدابه فتقول:
قوله تعالى : وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنينفيه ثلاث مسائل :الأولى : روى البخاري عن حذيفة : وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة قال : نزلت في النفقة ، وروى يزيد بن أبي حبيب عن أسلم أبي عمران قال : غزونا القسطنطينية ، وعلى الجماعة عبد الرحمن بن الوليد والروم ملصقو ظهورهم بحائط المدينة ، فحمل رجل على العدو ، فقال الناس : مه مه ! لا إله إلا الله ، يلقي بيديه إلى التهلكة ! فقال أبو أيوب : سبحان الله ! أنزلت هذه الآية فينا معاشر الأنصار لما نصر الله نبيه وأظهر دينه ، قلنا : هلم نقيم في أموالنا ونصلحها ، فأنزل الله عز وجل : وأنفقوا في سبيل الله الآية ، والإلقاء باليد إلى التهلكة أن نقيم في أموالنا ونصلحها وندع الجهاد ، فلم يزل أبو أيوب مجاهدا في سبيل الله حتى دفن بالقسطنطينية ، فقبره هناك ، فأخبرنا أبو أيوب أن الإلقاء باليد إلى التهلكة هو ترك الجهاد في سبيل الله ، وأن الآية نزلت في ذلك .
وروي مثله عن حذيفة والحسن وقتادة ومجاهد والضحاك .
قلت : وروى الترمذي عن يزيد بن أبي حبيب عن أسلم أبي عمران هذا الخبر بمعناه فقال : " كنا بمدينة الروم ، فأخرجوا إلينا صفا عظيما من الروم ، فخرج إليهم من المسلمين مثلهم أو أكثر ، وعلى أهل مصر عقبة بن عامر ، وعلى الجماعة فضالة بن عبيد ، فحمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم ، فصاح الناس وقالوا : سبحان الله يلقي بيديه إلى التهلكة ، فقام أبو أيوب الأنصاري فقال : يا أيها الناس ، إنكم تتأولون هذه الآية هذا التأويل ، وإنما أنزلت هذه الآية فينا معاشر الأنصار لما أعز الله الإسلام وكثر ناصروه ، فقال بعضنا لبعض سرا دون رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أموالنا قد ضاعت ، وإن الله قد أعز الإسلام وكثر ناصروه ، فلو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع منها ، فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم يرد عليه ما قلنا : وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة .
فكانت التهلكة الإقامة على الأموال وإصلاحها وتركنا الغزو ، فما زال أبو أيوب شاخصا في سبيل الله حتى دفن بأرض الروم .
قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب صحيح .
وقال حذيفة بن اليمان وابن عباس وعكرمة وعطاء ومجاهد وجمهور الناس : المعنى لا تلقوا بأيديكم بأن تتركوا النفقة في سبيل الله وتخافوا العيلة ، فيقول الرجل : ليس عندي ما أنفقه ، وإلى هذا المعنى ذهب البخاري إذ لم يذكر غيره ، والله أعلم .
قال ابن عباس : أنفق في سبيل الله ، وإن لم يكن لك إلا سهم أو مشقص ، ولا يقولن أحدكم : لا أجد شيئا ، ونحوه عن السدي : أنفق ولو عقالا ، ولا تلقي بيدك إلى التهلكة فتقول : ليس عندي شيء ، وقول ثالث قاله ابن عباس ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أمر الناس بالخروج إلى الجهاد قام إليه أناس من الأعراب حاضرين بالمدينة فقالوا : بماذا نتجهز ! فوالله ما لنا زاد ولا يطعمنا أحد ، فنزل قوله تعالى : وأنفقوا في سبيل الله يعني تصدقوا يا أهل الميسرة في سبيل الله ، يعني في طاعة الله .
ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة يعني ولا تمسكوا بأيديكم عن الصدقة فتهلكوا ، وهكذا قال مقاتل ، ومعنى ابن عباس : ولا تمسكوا عن الصدقة فتهلكوا ، أي لا تمسكوا عن النفقة على الضعفاء ، فإنهم إذا تخلفوا عنكم غلبكم العدو فتهلكوا ، وقول رابع - قيل للبراء بن عازب في هذه الآية : أهو الرجل يحمل على الكتيبة ؟ فقال لا ، ولكنه الرجل يصيب الذنب فيلقي بيديه ويقول : قد بالغت في المعاصي ولا فائدة في التوبة ، فييأس من الله فينهمك بعد ذلك في المعاصي ، فالهلاك : اليأس من الله ، وقال عبيدة السلماني .
وقال زيد بن أسلم : المعنى لا تسافروا في الجهاد بغير زاد ، وقد كان فعل ذلك قوم فأداهم ذلك إلى الانقطاع في الطريق ، أو يكون عالة على الناس ، فهذه خمسة أقوال .
سبيل الله هنا : الجهاد ، واللفظ يتناول بعد جميع سبله ، والباء في بأيديكم زائدة ، التقدير تلقوا أيديكم ، ونظيره : ألم يعلم بأن الله يرى .
وقال المبرد : بأيديكم أي بأنفسكم ، فعبر بالبعض عن الكل ، كقوله : فبما كسبت أيديكم ، بما قدمت يداك ، وقيل : هذا ضرب مثل ، تقول : فلان ألقى بيده في أمر كذا إذا استسلم ; لأن المستسلم في القتال يلقي سلاحه بيديه ، فكذلك فعل كل عاجز في أي فعل كان ، ومنه قول عبد المطلب : [ والله إن إلقاءنا بأيدينا للموت لعجز ] وقال قوم : التقدير لا تلقوا أنفسكم بأيديكم ، كما تقول : لا تفسد حالك برأيك .
التهلكة بضم اللام مصدر من هلك يهلك هلاكا وهلكا وتهلكة ، أي لا تأخذوا فيما يهلككم ، قاله الزجاج وغيره .
أي إن لم تنفقوا عصيتم الله وهلكتم ، وقيل : إن معنى الآية لا تمسكوا أموالكم فيرثها منكم غيركم ، فتهلكوا بحرمان منفعة أموالكم ، ومعنى آخر : ولا تمسكوا فيذهب عنكم الخلف في الدنيا والثواب في الآخرة .
ويقال : ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة يعني لا تنفقوا من حرام فيرد عليكم فتهلكوا ، ونحوه عن عكرمة قال : ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة قال : ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون وقال الطبري : قوله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة عام في جميع ما ذكر لدخوله فيه ، إذ اللفظ يحتمله .
الثانية : اختلف العلماء في اقتحام الرجل في الحرب وحمله على العدو وحده ، فقال القاسم ابن مخيمرة والقاسم بن محمد وعبد الملك من علمائنا : لا بأس أن يحمل الرجل وحده على الجيش العظيم إذا كان فيه قوة ، وكان لله بنية خالصة ، فإن لم تكن فيه قوة فذلك من التهلكة ، وقيل : إذا طلب الشهادة وخلصت النية فليحمل ; لأن مقصوده واحد منهم ، وذلك بين في قوله تعالى : ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله ، وقال ابن خويز منداد : فأما أن يحمل الرجل على مائة أو على جملة العسكر أو جماعة اللصوص والمحاربين والخوارج فلذلك حالتان : إن علم وغلب على ظنه أن سيقتل من حمل عليه وينجو فحسن ، وكذلك لو علم وغلب على ظنه أن يقتل ولكن سينكى نكاية أو سيبلى أو يؤثر أثرا ينتفع به المسلمون فجائز أيضا ، وقد بلغني أن عسكر المسلمين لما لقي الفرس نفرت خيل المسلمين من الفيلة ، فعمد رجل منهم فصنع فيلا من طين وأنس به فرسه حتى ألفه ، فلما أصبح لم ينفر فرسه من الفيل فحمل على الفيل الذي كان يقدمها فقيل له : إنه قاتلك ، فقال : لا ضير أن أقتل ويفتح للمسلمين .
وكذلك يوم اليمامة لما تحصنت بنو حنيفة بالحديقة ، قال رجل من المسلمين : ضعوني في الحجفة وألقوني إليهم ، ففعلوا وقاتلهم وحده وفتح الباب .
قلت : ومن هذا ما روي أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أرأيت إن قتلت في سبيل الله صابرا محتسبا ؟ قال : فلك الجنة ، فانغمس في العدو حتى قتل .
وفي صحيح مسلم عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش ، فلما رهقوه قال : من يردهم عنا وله الجنة أو هو رفيقي في الجنة فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل ، ثم رهقوه أيضا فقال : من يردهم عنا وله الجنة أو هو رفيقي في الجنة ، فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل .
فلم يزل كذلك حتى قتل السبعة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما أنصفنا أصحابنا .
هكذا الرواية ( أنصفنا ) بسكون الفاء ( أصحابنا ) بفتح الباء ، أي لم ندلهم للقتال حتى قتلوا .
وروي بفتح الفاء ورفع الباء ، ووجهها أنها ترجع لمن فر عنه من أصحابه ، والله أعلم ، وقال محمد بن الحسن : لو حمل رجل واحد على ألف رجل من المشركين وهو وحده ، لم يكن بذلك بأس إذا كان يطمع في نجاة أو نكاية في العدو ، فإن لم يكن كذلك فهو مكروه ; لأنه عرض نفسه للتلف في غير منفعة للمسلمين ، فإن كان قصده تجرئة المسلمين عليهم حتى يصنعوا مثل صنيعه فلا يبعد جوازه ; ولأن فيه منفعة للمسلمين على بعض الوجوه ، وإن كان قصده إرهاب العدو وليعلم صلابة المسلمين في الدين فلا يبعد جوازه ، وإذا كان فيه نفع للمسلمين فتلفت نفسه لإعزاز دين الله وتوهين الكفر فهو المقام الشريف الذي مدح الله به المؤمنين في قوله : إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم الآية ، إلى غيرها من آيات المدح التي مدح الله بها من بذل نفسه ، وعلى ذلك ينبغي أن يكون حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أنه متى رجا نفعا في الدين فبذل نفسه فيه حتى قتل كان في أعلى درجات الشهداء ، قال الله تعالى : وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور .
وقد روى عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل تكلم بكلمة حق عند سلطان جائر فقتله ، وسيأتي القول في هذا في [ آل عمران ] إن شاء تعالى .
الثالثة : قوله تعالى : وأحسنوا أي في الإنفاق في الطاعة ، وأحسنوا الظن بالله في إخلافه عليكم ، وقيل : أحسنوا في أعمالكم بامتثال الطاعات ، روي ذلك عن بعض الصحابة .


شرح المفردات و معاني الكلمات : وأنفقوا , سبيل , الله , تلقوا , بأيديكم , التهلكة , أحسنوا , الله , يحب , المحسنين , سبيل+الله , ولا+تلقوا+بأيديكم+إلى+التهلكة , الله+يحب+المحسنين , ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم

  1. فتبسم ضاحكا من قولها وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي
  2. بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين
  3. وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن
  4. ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم
  5. واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات
  6. وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر
  7. إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديرا
  8. وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير
  9. طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين
  10. ألم تر أن الله خلق السموات والأرض بالحق إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد

تحميل سورة البقرة mp3 :

سورة البقرة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة البقرة

سورة البقرة بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة البقرة بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة البقرة بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة البقرة بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة البقرة بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة البقرة بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة البقرة بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة البقرة بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة البقرة بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة البقرة بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 21, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب