الآية 5 من سورة يوسف مكتوبة بالتشكيل

﴿ قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾
[ يوسف: 5]

سورة : يوسف - Yusuf  - الجزء : ( 12 )  -  الصفحة: ( 236 )

He (the father) said: "O my son! Relate not your vision to your brothers, lest they arrange a plot against you. Verily! Shaitan (Satan) is to man an open enemy!


قال يعقوب لابنه يوسف: يا بني لا تذكر لإخوتك هذه الرؤيا فيحسدوك، ويعادوك، ويحتالوا في إهلاكك، إن الشيطان للإنسان عدو ظاهر العداوة.

قال يابني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان - تفسير السعدي

ولما بان تعبيرها ليوسف، قال له أبوه: { يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ْ}- أي: حسدا من عند أنفسهم، أن تكون أنت الرئيس الشريف عليهم.{ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ ْ} لا يفتر عنه ليلا ولا نهارا، ولا سرا ولا جهارا، فالبعد عن الأسباب التي يتسلط بها على العبد أولى، فامتثل يوسف أمر أبيه، ولم يخبر إخوته بذلك، بل كتمها عنهم.

تفسير الآية 5 - سورة يوسف

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

قال يابني لا تقصص رؤياك على إخوتك : الآية رقم 5 من سورة يوسف

 سورة يوسف الآية رقم 5

قال يابني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان - مكتوبة

الآية 5 من سورة يوسف بالرسم العثماني


﴿ قَالَ يَٰبُنَيَّ لَا تَقۡصُصۡ رُءۡيَاكَ عَلَىٰٓ إِخۡوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيۡدًاۖ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ لِلۡإِنسَٰنِ عَدُوّٞ مُّبِينٞ  ﴾ [ يوسف: 5]


﴿ قال يابني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين ﴾ [ يوسف: 5]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة يوسف Yusuf الآية رقم 5 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 5 من يوسف صوت mp3


تدبر الآية: قال يابني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان

لا تَقصُص رؤياك الحسنةَ إلا على ناصحٍ لك، محسنٍ تأويلَ ما رأيت، ولا تحدِّث بها حاسدًا أو معاديًا أو جاهلًا، ولو كان قريبًا.
في النفسِ البشرية حبُّ الاستئثار بالمنافع، ومعاداةُ من فاتته للذي نالها؛ لذا فبعضُ النِّعم تحتاجُ إلى أن تُحاطَ بسياج من الكِتمان حتى يُظهرها الله، خوفًا عليها من صِيالة العُداة والحُساد.
الوالدُ الصالحُ هو مَن يسعى إلى قطعِ أسباب العداوة بين أولاده، ومنعِ ما يؤجِّجُ الصراعَ بينهم.
إن الشيطانَ ليُشعل فتيلَ العداوات، ويُذكي نيرانَ الخلافات، فمَن وجد بينه وبين أخيه شيئًا فليعلم أن الشيطان قد قدَح على الزِّناد؛ ألا فلنحفَظ أخوَّتنا ولنستعِذ بالله من شرِّه.

ثم حكى- سبحانه - بعد ذلك ما قاله يعقوب لابنه يوسف بعد أن قص عليه رؤياه فقال: قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً، إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ.
وقوله يا بُنَيَّ تصغير ابن.
والتصغير هنا سببه صغر سنه مع الشفقة عليه، والتلطيف معه.
وقوله رُؤْياكَ من الرؤيا التي هي مصدر رأى العلمية الدالة على ما وقع للإنسان في نومه، أما رأى البصرية فيقال في مصدرها الرؤية.
وقوله «فيكيدوا لك..» من الكيد وهو الاحتيال الخفى بقصد الإضرار والفعل كاد يتعدى بنفسه، فيقال: كاده يكيده كيدا، إذا احتال لإهلاكه.
ولتضمنه معنى احتال عدى باللام.
والمعنى: قال يعقوب لابنه يوسف- عليهما السلام- بشفقة ورحمة، بعد أن سمع منه ما رآه في منامه: «يا بنى» لا تخبر إخوتك بما رأيته في منامك فإنك إن أخبرتهم بذلك احتالوا لإهلاكك احتيالا خفيا، لا قدرة لك على مقاومته أو دفعه..وإنما قال له ذلك، لأن هذه الرؤيا تدل على أن الله-تبارك وتعالى- سيعطى يوسف من فضله عطاء عظيما.
ويهبه منصبا جليلا، ومن شأن صاحب النعمة أن يكون محسودا من كثير من الناس، فخاف يعقوب من حسد إخوة يوسف له، إذا ما قص عليهم رؤياه، ومن عدوانهم عليه.
والتنوين في قوله «كيدا» للتعظيم والتهويل، زيادة في تحذيره من قص الرؤيا عليهم.
وجملة «إن الشيطان للإنسان عدو مبين» واقعة موقع التعليل للنهى عن قص الرؤيا على إخوته، وفيها إشارة إلى أن الشيطان هو الذي يغريهم بالكيد له إذا ما قص عليهم ما رآه، وهو بذلك لا يثير في نفسه الكراهة لإخوته.
أى: لا تخبر إخوتك بما رأيته في منامك، فيحتالوا للإضرار بك حسدا منهم لك، وهذا الحسد يغرسه الشيطان في نفوس الناس، لتتولد بينهم العداوة والبغضاء، فيفرح هو بذلك، إذ كل قبيح يقوله أو يفعله الناس يفرح له الشيطان.
هذا، وقد أخذ العلماء من هذه الآية أحكاما منها:أنه يجوز للإنسان في بعض الأوقات أن يخفى بعض النعم التي أنعم الله بها عليه، خشية حسد الحاسدين، أو عدوان المعتدين.
وأن الرؤيا الصادقة حالة يكرم الله بها بعض عباده الذين زكت نفوسهم فيكشف لهم عما يريد أن يطلعهم عليه قبل وقوعه.
ومن الأحاديث التي وردت في فضل الرؤيا الصالحة ما رواه البخاري عن عائشة- رضى الله عنها- أنها قالت: «أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحى الرؤيا الصادقة، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح..» .
وفي حديث آخر: «الرؤيا الصالحة من الرجل الصالح، جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة» .
وفي حديث ثالث: «لم يبق من النبوة إلا المبشرات، وهي الرؤيا الصالحة للرجل الصالح، يراها أو ترى له» .
كذلك أخذ جمهور العلماء من هذه الآية أن إخوة يوسف لم يكونوا أنبياء.
قال الآلوسى عند تفسيره لهذه الآية ما ملخصه: «والظاهر أن القوم- أى إخوة يوسف- كانوا بحيث يمكن أن يكون للشيطان عليهم سبيل، ويؤيد هذا أنهم لم يكونوا أنبياء .
وهذا ما عليه الأكثرون سلفا وخلفا.
أما السلف فإنه لم ينقل عن أحد من الصحابة أو التابعين أنه قال بنبوتهم.
وأما الخلف فكثير منهم نفى عنهم أن يكونوا أنبياء، وعلى رأى من قال بذلك الإمام ابن تيمية، في مؤلف له خاص بهذه المسألة، وقد قال فيه:الذي يدل عليه القرآن واللغة والاعتبار، أن إخوة يوسف ليسوا بأنبياء، وليس في القرآن ولا في السنة ما يشير إلى أنهم كانوا أنبياء ...
» .
قوله تعالى : قال يابني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين فيه إحدى عشرة مسألة : الأولى : فيكيدوا لك كيدا أي يحتالوا في هلاكك ; لأن تأويلها ظاهر ; فربما يحملهم الشيطان على قصدك بسوء حينئذ .
واللام في لك تأكيد .
كقوله : إن كنتم للرؤيا تعبرون .
الثانية : الرؤيا حالة شريفة ، ومنزلة رفيعة ، قال - صلى الله عليه وسلم - : لم يبق بعدي من المبشرات إلا الرؤيا الصالحة الصادقة يراها الرجل الصالح أو ترى له .
وقال : أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا .
وحكم - صلى الله عليه وسلم - بأنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة ، وروي من سبعين جزءا من النبوة .
وروي من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - جزءا من أربعين جزءا من النبوة .
ومن حديث ابن عمر جزء من تسعة وأربعين جزءا .
ومن حديث العباس جزء من خمسين جزءا من النبوة .
ومن حديث أنس من ستة وعشرين .
وعن عبادة بن الصامت من أربعة وأربعين من النبوة .
والصحيح منها حديث الستة والأربعين ، ويتلوه في الصحة حديث السبعين ; ولم يخرج مسلم في صحيحه غير هذين الحديثين ، أما سائرها فمن أحاديث الشيوخ ; قاله ابن بطال .
قال أبو عبد الله المازري : والأكثر والأصح عند أهل الحديث من ستة وأربعين .
قال الطبري : والصواب أن يقال إن عامة هذه الأحاديث أو أكثرها صحاح ، ولكل حديث منها مخرج معقول ; فأما قوله : إنها جزء من سبعين جزءا من النبوة فإن ذلك قول عام في كل رؤيا صالحة صادقة ، ولكل مسلم رآها في منامه على أي أحواله كان ; وأما قوله : إنها من أربعين أو ستة وأربعين فإنه يريد بذلك من كان صاحبها بالحال التي ذكرت عن الصديق - رضي الله عنه - أنه كان بها ; فمن كان من أهل إسباغ الوضوء في السبرات ، والصبر في الله على المكروهات ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، فرؤياه الصالحة - إن شاء الله - جزء من أربعين جزءا من النبوة ، ومن كانت حاله في ذاته بين ذلك فرؤياه الصادقة بين جزأين ما بين الأربعين إلى الستين لا تنقص عن سبعين ، وتزيد على الأربعين وإلى هذا المعنى أشار أبو عمر بن عبد البر فقال : اختلاف الآثار في هذا الباب في عدد أجزاء الرؤيا ليس ذلك عندي اختلافا متضادا متدافعا - والله أعلم - لأنه يحتمل أن تكون الرؤيا الصالحة من بعض من يراها على حسب ما يكون من صدق الحديث ، وأداء الأمانة ، والدين المتين ، وحسن اليقين ; فعلى قدر اختلاف الناس فيما وصفنا تكون الرؤيا منهم على الأجزاء المختلفة العدد فمن خلصت نيته في عبادة ربه ويقينه وصدق حديثه كانت رؤياه أصدق وإلى النبوة أقرب كما أن الأنبياء يتفاضلون ، قال الله تعالى : ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض .
قلت : فهذا التأويل يجمع شتات الأحاديث ، وهو أولى من تفسير بعضها دون بعض وطرحه ; ذكره أبو سعيد الأسفاقسي عن بعض أهل العلم قال : معنى قوله : جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة ، فإن الله تعالى أوحى إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - في النبوة ثلاثة وعشرين عاما - فيما رواه عكرمة وعمرو بن دينار عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - فإذا نسبنا ستة أشهر من ثلاثة وعشرين عاما وجدنا ذلك جزءا من ستة وأربعين جزءا ; وإلى هذا القول أشار المازري في كتابه " المعلم " واختاره القونوي في تفسيره من سورة [ يونس ] عند قوله تعالى : لهم البشرى في الحياة الدنيا .
وهو فاسد من وجهين : أحدهما : ما رواه أبو سلمة عن ابن عباس وعائشة بأن مدة الوحي كانت عشرين سنة ، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث على رأس أربعين ، فأقام بمكة عشر سنين ; وهو قول عروة والشعبي وابن شهاب والحسن وعطاء الخراساني وسعيد بن المسيب على اختلاف عنه ، وهي رواية ربيعة وأبي غالب عن أنس ، وإذا ثبت هذا الحديث بطل ذلك التأويل - الثاني : أن سائر الأحاديث في الأجزاء المختلفة تبقى بغير معنى .
الثالثة : إنما كانت الرؤيا جزءا من النبوة ; لأن فيها ما يعجز ويمتنع كالطيران ، وقلب الأعيان ، والاطلاع على شيء من علم الغيب ; كما قال - عليه السلام - : إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصادقة في النوم ... الحديث .
وعلى الجملة فإن الرؤيا الصادقة من الله ، وإنها من النبوة ; قال - صلى الله عليه وسلم - : الرؤيا من الله والحلم من الشيطان وأن التصديق بها حق ، ولها التأويل الحسن ، وربما أغنى بعضها عن التأويل ، وفيها من بديع الله ولطفه ما يزيد المؤمن في إيمانه ; ولا خلاف في هذا بين أهل الدين والحق من أهل الرأي والأثر ، ولا ينكر الرؤيا إلا أهل الإلحاد وشرذمة من المعتزلة .
الرابعة : إن قيل : إذا كانت الرؤيا الصادقة جزءا من النبوة فكيف يكون الكافر والكاذب والمخلط أهلا لها ؟ وقد وقعت من بعض الكفار وغيرهم ممن لا يرضى دينه منامات صحيحة صادقة ; كمنام رؤيا الملك الذي رأى سبع بقرات ، ومنام الفتيين في السجن ; ورؤيا بختنصر التي فسرها دانيال في ذهاب ملكه ، ورؤيا كسرى في ظهور النبي صلى الله عليه وسلم ، ومنام عاتكة عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أمره وهي كافرة ، وقد ترجم البخاري " باب رؤيا أهل السجن " : فالجواب أن الكافر والفاجر والفاسق والكاذب وإن صدقت رؤياهم في بعض الأوقات لا تكون من الوحي ولا من النبوة ; إذ ليس كل من صدق في حديث عن غيب يكون خبره ذلك نبوة ; وقد تقدم في [ الأنعام ] أن الكاهن وغيره قد يخبر بكلمة الحق فيصدق ، لكن ذلك على الندور والقلة ، فكذلك رؤيا هؤلاء ; قال المهلب : إنما ترجم البخاري بهذا لجواز أن تكون رؤيا أهل الشرك رؤيا صادقة ، كما كانت رؤيا الفتيين صادقة ، إلا أنه لا يجوز أن تضاف إلى النبوة إضافة رؤيا المؤمن إليها ، إذ ليس كل ما يصح له تأويل من الرؤيا حقيقة يكون جزءا من النبوة .
الخامسة : الرؤيا المضافة إلى الله تعالى هي التي خلصت من الأضغاث والأوهام ، وكان تأويلها موافقا لما في اللوح المحفوظ ، والتي هي من خبر الأضغاث هي الحلم ، وهي المضافة إلى الشيطان ، وإنما سميت ضغثا ; لأن فيها أشياء متضادة ; قال معناه المهلب .
وقد قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرؤيا أقساما تغني عن قول كل قائل ; روى عوف بن مالك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : الرؤيا ثلاثة منها أهاويل الشيطان ليحزن ابن آدم ، ومنها ما يهتم به في يقظته فيراه في منامه ، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة .
قال : قلت : سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ! سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
السادسة : قوله تعالى : قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك الآية .
الرؤيا مصدر رأى في المنام ، رؤيا على وزن فعلى كالسقيا والبشرى ; وألفه للتأنيث ولذلك لم ينصرف .
وقد اختلف العلماء في حقيقة الرؤيا ; فقيل : هي إدراك في أجزاء لم تحلها آفة ، كالنوم المستغرق وغيره ; ولهذا أكثر ما تكون الرؤيا في آخر الليل لقلة غلبة النوم ; فيخلق الله تعالى للرائي علما ناشئا ، ويخلق له الذي يراه على ما يراه ليصح الإدراك ، قال ابن العربي : ولا يرى في المنام إلا ما يصح إدراكه في اليقظة ، ولذلك لا يرى في المنام شخصا قائما قاعدا بحال ، وإنما يرى الجائزات المعتادات .
وقيل : إن لله ملكا يعرض المرئيات على المحل المدرك من النائم ، فيمثل له صورا محسوسة ; فتارة تكون تلك الصور أمثلة موافقة لما يقع في الوجود ، وتارة تكون لمعان معقولة غير محسوسة ، وفي الحالتين تكون مبشرة أو منذرة ; قال - صلى الله عليه وسلم - في صحيح مسلم وغيره : رأيت سوداء ثائرة الرأس تخرج من المدينة إلى مهيعة فأولتها الحمى .
ورأيت سيفي قد انقطع صدره وبقرا تنحر فأولتهما رجل من أهل بيتي يقتل والبقر نفر من أصحابي يقتلون .
ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينة فأولتها المدينة .
ورأيت في يدي سوارين فأولتهما كذابين يخرجان بعدي .
إلى غير ذلك مما ضربت له الأمثال ; ومنها ما يظهر معناه أولا فأولا ، ومنها ما لا يظهر إلا بعد التفكر ; وقد رأى النائم في زمن يوسف - عليه السلام - بقرا فأولها يوسف السنين ، ورأى أحد عشر كوكبا والشمس والقمر فأولها بإخوته وأبويه .
السابعة : إن قيل : إن يوسف - عليه السلام - كان صغيرا وقت رؤياه ، والصغير لا حكم لفعله ، فكيف تكون له رؤيا لها حكم حتى يقول له أبوه : لا تقصص رؤياك على إخوتك ؟ فالجواب : أن الرؤيا إدراك حقيقة على ما قدمناه ، فتكون من الصغير كما يكون منه الإدراك الحقيقي في اليقظة ، وإذا أخبر عما رأى صدق ، فكذلك إذا أخبر عما يرى في المنام ; وقد أخبر الله سبحانه عن رؤياه وأنها وجدت كما رأى فلا اعتراض ; روي أن يوسف - عليه السلام - كان ابن اثنتي عشرة سنة .
الثامنة : هذه الآية أصل في ألا تقص الرؤيا على غير شفيق ولا ناصح ، ولا على من لا يحسن التأويل فيها ; روى أبو رزين العقيلي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : الرؤيا جزء من أربعين جزءا من النبوة .
والرؤيا معلقة برجل طائر ما لم يحدث بها صاحبها فإذا حدث بها وقعت فلا تحدثوا بها إلا عاقلا أو محبا أو ناصحا أخرجه الترمذي وقال فيه : حديث حسن صحيح ; وأبو رزين اسمه لقيط بن عامر .
وقيل لمالك : أيعبر الرؤيا كل أحد ؟ فقال : أبالنبوة يلعب ؟ وقال مالك : لا يعبر الرؤيا إلا من يحسنها ، فإن رأى خيرا أخبر به ، وإن رأى مكروها فليقل خيرا أو ليصمت ; قيل : فهل يعبرها على الخير وهي عنده على المكروه لقول من قال إنها على ما تأولت عليه ؟ فقال : لا ! ثم قال ، : الرؤيا جزء من النبوة فلا يتلاعب بالنبوة .
التاسعة : وفي هذه الآية دليل على أن مباحا أن يحذر المسلم أخاه المسلم ممن يخافه عليه ، ولا يكون داخلا في معنى الغيبة ; لأن يعقوب - عليه السلام - قد حذر يوسف أن يقص رؤياه على إخوته فيكيدوا له كيدا ، وفيها أيضا ما يدل على جواز ترك إظهار النعمة عند من تخشى غائلته حسدا وكيدا ; وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : استعينوا على إنجاح حوائجكم بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود .
وفيها أيضا دليل واضح على معرفة يعقوب - عليه السلام - بتأويل الرؤيا ; فإنه علم من تأويلها أنه سيظهر عليهم ، ولم يبال بذلك من نفسه ; فإن الرجل يود أن يكون ولده خيرا منه ، والأخ لا يود ذلك لأخيه .
ويدل أيضا على أن يعقوب - عليه السلام - كان أحس من بنيه حسد يوسف وبغضه ; فنهاه عن قصص الرؤيا عليهم خوف أن تغل بذلك صدورهم ، فيعملوا الحيلة في هلاكه ; ومن هذا ومن فعلهم بيوسف يدل على أنهم كانوا غير أنبياء في ذلك الوقت ، ووقع في كتاب الطبري لابن زيد أنهم كانوا أنبياء ، وهذا يرده القطع بعصمة الأنبياء عن الحسد الدنيوي ، وعن عقوق الآباء ، وتعريض مؤمن للهلاك ، والتآمر في قتله ، ولا التفات لقول من قال إنهم كانوا أنبياء ، ولا يستحيل في العقل زلة نبي ، إلا أن هذه الزلة قد جمعت أنواعا من الكبائر ، وقد أجمع المسلمون على عصمتهم منها ، وإنما اختلفوا في الصغائر على ما تقدم ويأتي .
العاشرة : روى البخاري عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : لم يبق من النبوة إلا المبشرات قالوا : وما المبشرات ؟ قال : الرؤيا الصالحة وهذا الحديث بظاهره يدل على أن الرؤيا بشرى على الإطلاق وليس كذلك ; فإن الرؤيا الصادقة قد تكون منذرة من قبل الله - تعالى - لا تسر رائيها ، وإنما يريها الله تعالى المؤمن رفقا به ورحمة ، ليستعد لنزول البلاء قبل وقوعه ; فإن أدرك تأولها بنفسه ، وإلا سأل عنها من له أهلية ذلك .
وقد رأى الشافعي - رضي الله عنه - وهو بمصر رؤيا لأحمد بن حنبل تدل على محنته فكتب إليه بذلك ليستعد لذلك ، وقد تقدم في [ يونس ] في تفسير قوله تعالى : لهم البشرى في الحياة الدنيا أنها الرؤيا الصالحة .
وهذا وحديث البخاري مخرجه على الأغلب ، والله أعلم .
الحادية عشرة : روى البخاري عن أبي سلمة قال : لقد كنت أرى الرؤيا فتمرضني حتى سمعت أبا قتادة يقول : وأنا كنت لأرى الرؤيا فتمرضني حتى سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : الرؤيا الحسنة من الله فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث به إلا من يحب ، وإذا رأى ما يكره فليتعوذ بالله من شرها وليتفل ثلاث مرات ولا يحدث بها أحدا فإنها لن تضره .
قال علماؤنا : فجعل الله الاستعاذة منها مما يرفع أذاها ; ألا ترى قول أبي قتادة : إني كنت لأرى الرؤيا هي أثقل علي من الجبل ، فلما سمعت بهذا الحديث كنت لا أعدها شيئا .
وزاد مسلم من رواية جابر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها فليبصق عن يساره ثلاثا وليتعوذ بالله من الشيطان ثلاثا وليتحول عن جنبه الذي كان عليه .
وفي حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصل .
قال علماؤنا : وهذا كله ليس بمتعارض ; وإنما هذا الأمر بالتحول ، والصلاة زيادة ، فعلى الرائي أن يفعل الجميع ، والقيام إلى الصلاة يشمل الجميع ; لأنه إذا صلى تضمن فعله للصلاة جميع تلك الأمور ; لأنه إذا قام إلى الصلاة تحول عن جنبه ، وإذا تمضمض تفل وبصق ، وإذا قام إلى الصلاة تعوذ ودعا وتضرع لله تعالى في أن يكفيه شرها في حال هي أقرب الأحوال إلى الإجابة ; وذلك السحر من الليل .


شرح المفردات و معاني الكلمات : قال , بني , تقصص , رؤياك , إخوتك , فيكيدوا , كيدا , الشيطان , للإنسان , عدو , مبين ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم

  1. وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون
  2. ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور
  3. حم
  4. الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا
  5. إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر
  6. وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا
  7. فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا
  8. ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نـزعناها منه إنه ليئوس كفور
  9. فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى
  10. ما على الرسول إلا البلاغ والله يعلم ما تبدون وما تكتمون

تحميل سورة يوسف mp3 :

سورة يوسف mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة يوسف

سورة يوسف بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة يوسف بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة يوسف بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة يوسف بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة يوسف بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة يوسف بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة يوسف بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة يوسف بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة يوسف بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة يوسف بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 21, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب