1. التفسير الميسر
  2. تفسير الجلالين
  3. تفسير السعدي
  4. تفسير البغوي
  5. التفسير الوسيط
تفسير القرآن | باقة من أهم تفاسير القرآن الكريم المختصرة و الموجزة التي تعطي الوصف الشامل لمعنى الآيات الكريمات : سبعة تفاسير معتبرة لكل آية من كتاب الله تعالى , [ يوسف: 100] .

  
   

﴿ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا ۖ وَقَالَ يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ۖ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ۚ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾
[ سورة يوسف: 100]

القول في تفسير قوله تعالى : ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال ياأبت هذا تأويل رؤياي ..


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

التفسير الميسر : ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال


وأجْلَسَ أباه وأمه على سرير ملكه بجانبه؛ إكرامًا لهما، وحيَّاه أبواه وإخوته الأحد عشر بالسجود له تحية وتكريمًا، لا عبادة وخضوعًا، وكان ذلك جائزًا في شريعتهم، وقد حَرُم في شريعتنا؛ سدًا لذريعة الشرك بالله. وقال يوسف لأبيه: هذا السجود هو تفسير رؤياي التي قصصتها عليك من قبل في صغري، قد جعلها ربي صدقًا، وقد تفضَّل عليَّ حين أخرجني من السجن، وجاء بكم إليَّ من البادية، من بعد أن أفسد الشيطان رابطة الأخوة بيني وبين إخوتي. إن ربي لطيف التدبير لما يشاء، إنه هو العليم بمصالح عباده، الحكيم في أقواله وأفعاله.

المختصر في التفسير : شرح المعنى باختصار


وأجلس أبويه على السرير الذي يجلس عليه، وحيّاه أبواه وإخوته الأحد عشر بالسجود وكان سجود تشريف لا عبادة، تحقيقًا لأمر الله كما في الرؤيا، لذا قال يوسف عليه السلام لأبيه: هذه التحية بالسجود لي منكم هي تأويل رؤياي التي رأيتها من قبل وقصصتها عليك، قد صَيَّرها ربي حقًّا بوقوعها، وقد أحسن إليّ ربي حين أخرجني من السجن، وحين جاء بكم من البادية من بعد أن أفسد الشيطان بيني وبين إخوتي، إن ربي لطيف في تدبيره لما يشاء، إنه هو العليم بأحوال عباده، الحكيم في تدبيره.

تفسير الجلالين : معنى و تأويل الآية 100


«ورفع أبويه» أحلهما معه «على العرش» السرير «وخروا» أي أبواه وإخوته «له سجدا» سجود انحناء لا وضع جبهة وكان تحيتهم في ذلك الزمان «وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا وقد أحسن بي» إليَّ «إذ أخرجني من السجن» لم يقل من الحب تكرما لئلا تخجل إخوته «وجاء بكم من البدو» البادية «من بعد أن نزغ» أفسد «الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم» بخلقه «الحكيم» في صنعه وأقام عنده أبوه أربعا وعشرين سنة أو سبع عشرة سنة وكانت مدة فراقه ثماني عشرة أو أربعين أو ثمانين سنة وحضره الموت فوصى يوسف أن يحمله ويدفنه عند أبيه فمضى بنفسه ودفنه ثمة، ثم عاد إلى مصر وأقام بعده ثلاثا وعشرين سنة ولما تم أمره وعلم أنه لا يدوم تاقت نفسه إلى الملك الدائم فقال.

تفسير السعدي : ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال


{ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ }- أي: على سرير الملك، ومجلس العزيز، { وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا }- أي: أبوه، وأمه وإخوته، سجودا على وجه التعظيم والتبجيل والإكرام، { وَقَالَ } لما رأى هذه الحال، ورأى سجودهم له: { يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ } حين رأي أحد عشر كوكبا والشمس والقمر له ساجدين، فهذا وقوعها الذي آلت إليه ووصلت { قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا } فلم يجعلها أضغاث أحلام.{ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي } إحسانا جسيما { إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ } وهذا من لطفه وحسن خطابه عليه السلام، حيث ذكر حاله في السجن، ولم يذكر حاله في الجب، لتمام عفوه عن إخوته، وأنه لا يذكر ذلك الذنب، وأن إتيانكم من البادية من إحسان الله إلي.فلم يقل: جاء بكم من الجوع والنصب، ولا قال: "أحسن بكم" بل قال { أَحْسَنَ بِي } جعل الإحسان عائدا إليه، فتبارك من يختص برحمته من يشاء من عباده، ويهب لهم من لدنه رحمة إنه هو الوهاب.
{ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي } فلم يقل "نزغ الشيطان إخوتي" بل كأن الذنب والجهل، صدر من الطرفين، فالحمد لله الذي أخزى الشيطان ودحره، وجمعنا بعد تلك الفرقة الشاقة.{ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ } يوصل بره وإحسانه إلى العبد من حيث لا يشعر، ويوصله إلى المنازل الرفيعة من أمور يكرهها، { إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ } الذي يعلم ظواهر الأمور وبواطنها، وسرائر العباد وضمائرهم، { الْحَكِيمُ } في وضعه الأشياء مواضعها، وسوقه الأمور إلى أوقاتها المقدرة لها.

تفسير البغوي : مضمون الآية 100 من سورة يوسف


( ورفع أبويه على العرش ) أي : على السرير : أجلسهما .
والرفع : هو النقل إلى العلو .
( وخروا له سجدا ) يعني : يعقوب وخالته وإخوته .
وكانت تحية الناس يومئذ السجود ، ولم يرد بالسجود وضع الجباه على الأرض ، وإنما هو الانحناء والتواضع .
وقيل: وضعوا الجباه على الأرض وكان ذلك على طريق التحية والتعظيم ، لا على طريق العبادة .
وكان ذلك جائزا في الأمم السالفة فنسخ في هذه الشريعة .
وروي عن ابن عباس أنه قال : معناه : خروا لله عز وجل سجدا بين يدي يوسف .
والأول أصح .
( وقال ) يوسف عند ذلك : ( يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا ) وهو قوله : " إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين " .
( وقد أحسن بي ) [ ربي ، أي ] : أنعم علي ( إذ أخرجني من السجن ) ولم يقل من الجب مع كونه أشد بلاء من السجن ، استعمالا للكرم ، لكيلا يخجل إخوته بعدما قال لهم : " لا تثريب عليكم اليوم " ، ولأن نعمة الله عليه في إخراجه من السجن أعظم ، لأنه بعد الخروج من الجب صار إلى العبودية والرق ، وبعد الخروج من السجن صار إلى الملك ، ولأن وقوعه في البئر كان لحسد إخوته ، وفي السجن مكافأة من الله تعالى لزلة كانت منه .
( وجاء بكم من البدو ) والبدو بسيط من الأرض يسكنه أهل المواشي بماشيتهم ، وكانوا أهل بادية ومواش ، يقال : بدا يبدو إذا صار إلى البادية .
( من بعد أن نزغ ) أفسد ( الشيطان بيني وبين إخوتي ) بالحسد .
( إن ربي لطيف ) أي : ذو لطف ( لما يشاء ) وقيل: معناه بمن يشاء .
وحقيقة اللطيف : الذي يوصل الإحسان إلى غيره بالرفق ( إنه هو العليم الحكيم ) .
قال أهل التاريخ : أقام يعقوب بمصر عند يوسف أربعا وعشرين سنة في أغبط حال وأهنإ عيش ، ثم مات بمصر فلما حضرته الوفاة أوصى إلى ابنه يوسف أن يحمل جسده حتى يدفنه عند أبيه إسحاق ، ففعل يوسف ذلك ، ومضى به حتى دفنه بالشام ، ثم انصرف إلى مصر .
قال سعيد بن جبير : نقل يعقوب عليه السلام في تابوت من ساج إلى بيت المقدس فوافق ذلك اليوم الذي مات فيه العيص فدفنا في قبر واحد ، وكانا ولدا في بطن واحد ، وكان عمرهما مائة وسبعا وأربعين سنة .
فلما جمع الله تعالى ليوسف شمله على أن نعيم الدنيا لا يدوم سأل الله تعالى حسن العاقبة ، فقال :

التفسير الوسيط : ويستفاد من هذه الآية


والمراد بالعرش في قوله وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ السرير الذي يجلس عليه.
أى: وأجلس يوسف أبويه معه على السرير الذي يجلس عليه، تكريما لهما، وإعلاء من شأنهما.
وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً أى: وخر يعقوب وأسرته ساجدين من أجل يوسف، وكان ذلك جائزا في شريعتهم على أنه لون من التحية، وليس المقصود به السجود الشرعي لأنه لا يكون إلا لله-تبارك وتعالى-.
«وقال» يوسف متحدثا بنعمة الله يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا....أى: وقال يوسف لأبيه: هذا السجود الذي سجدتموه لي الآن، هو تفسير رؤياي التي رأيتها في صغرى.
فقد جعل ربي هذه الرؤيا حقا، وأرانى تأويلها وتفسيرها بعد أن مضى عليها الزمن الطويل.
قالوا: وكان بين الرؤيا وبين ظهور تأويلها أربعون سنة.
والمراد بهذه الرؤيا ما أشار إليه القرآن في مطلع هذه السورة في قوله يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ.
ثم قال يوسف لأبيه أيضا: وَقَدْ أَحْسَنَ بِي ربي- عز وجل - إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ بعد أن مكثت بين جدرانه بضع سنين.
وعدى فعل الإحسان بالباء مع أن الأصل فيه أن يتعدى بإلى، لتضمنه معنى اللطف ولم يذكر نعمة إخراجه من الجب، حتى لا يجرح شعور إخوته الذين سبق أن قال لهم:لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ.
وقوله وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ معطوف على ما قبله تعدادا لنعم الله-تبارك وتعالى- أى: وقد أحسن بي ربي حيث أخرجنى من السجن، وأحسن بي أيضا حيث يسر لكم أموركم، وجمعنى بكم في مصر، بعد أن كنتم مقيمين في البادية في أرض كنعان بفلسطين.
وقوله مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي أى جمعنى بكم من بعد أن أفسد الشيطان بيني وبين إخوتى، حيث حملهم على أن يلقوا بي في الجب.
وأصل نَزَغَ من النزغ بمعنى النخس والدفع.
يقال: نزغ الراكب دابته إذا نخسها ودفعها لتسرع في سيرها.
وأسند النزغ إلى الشيطان، لأنه هو الموسوس به، والدافع إليه، ولأن في ذلك سترا على إخوته وتأدبا معهم.
وقوله إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ تذييل قصد به الثناء على الله-تبارك وتعالى- بما هو أهله.
أى: إن ربي وخالقي، لطيف التدبير لما يشاء تدبيره من أمور عباده، رفيق بهم في جميع شئونهم من حيث لا يعلمون.
إنه- سبحانه - هو العليم بأحوال خلقه علما تاما، الحكيم في جميع أقواله وأفعاله.

ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال: تفسير ابن كثير


وقوله : { ورفع أبويه على العرش } قال ابن عباس ، ومجاهد ، وغير واحد : يعني السرير ، أي: أجلسهما معه على سريره .
{ وخروا له سجدا } أي: سجد له أبواه وإخوته الباقون ، وكانوا أحد عشر رجلا { وقال ياأبت هذا تأويل رؤياي من قبل } أي: التي كان قصها على أبيه { إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين } [ يوسف : 4 ]
وقد كان هذا سائغا في شرائعهم إذا سلموا على الكبير يسجدون له ، ولم يزل هذا جائزا من لدن آدم إلى شريعة عيسى - عليه السلام - فحرم هذا في هذه الملة ، وجعل السجود مختصا بجناب الرب سبحانه وتعالى .
هذا مضمون قول قتادة وغيره .
وفي الحديث أن معاذا قدم الشام ، فوجدهم يسجدون لأساقفتهم ، فلما رجع سجد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " ما هذا يا معاذ ؟ " فقال : إني رأيتهم يسجدون لأساقفتهم ، وأنت أحق أن يسجد لك يا رسول الله . فقال : " لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد ، لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها "
وفي حديث آخر : أن سلمان لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض طرق المدينة ، وكان سلمان حديث عهد بالإسلام ، فسجد للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : " لا تسجد لي يا سلمان ، واسجد للحي الذي لا يموت " .
والغرض أن هذا كان جائزا في شريعتهم; ولهذا خروا له سجدا ، فعندها قال يوسف : { ياأبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا } أي: هذا ما آل إليه الأمر ، فإن التأويل يطلق على ما يصير إليه الأمر ، كما قال تعالى : { هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله } [ الأعراف : 53 ] أي: يوم القيامة يأتيهم ما وعدوا من خير وشر .
وقوله : { قد جعلها ربي حقا } أي: صحيحة صدقا ، يذكر نعم الله عليه { وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو } أي: البادية .
قال ابن جريج وغيره : كانوا أهل بادية وماشية . وقال : كانوا يسكنون بالعربات من أرض فلسطين ، من غور الشام . قال : وبعض يقول : كانوا بالأولاج من ناحية شعب أسفل من حسمى ، وكانوا أصحاب بادية وشاء وإبل .
{ من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي } [ ثم قال ] { إن ربي لطيف لما يشاء } أي: إذا أراد أمرا قيض له أسبابا ويسره وقدره ، { إنه هو العليم } بمصالح عباده } الحكيم } في أفعاله وأقواله ، وقضائه وقدره ، وما يختاره ويريده .
قال أبو عثمان النهدي ، عن سليمان كان بين رؤيا يوسف وتأويلها أربعون سنة .
قال عبد الله بن شداد : وإليها ينتهي أقصى الرؤيا . رواه ابن جرير .
وقال أيضا : حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا عبد الوهاب الثقفي ، حدثنا هشام ، عن الحسن قال : كان منذ فارق يوسف يعقوب إلى أن التقيا ، ثمانون سنة ، لم يفارق فيها الحزن قلبه ، ودموعه تجري على خديه ، وما على وجه الأرض عبد أحب إلى الله من يعقوب .
وقال هشيم ، عن يونس ، عن الحسن : ثلاث وثمانون سنة .
وقال مبارك بن فضالة ، عن الحسن : ألقي يوسف في الجب وهو ابن سبع عشرة سنة ، فغاب عن أبيه ثمانين سنة ، وعاش بعد ذلك ثلاثا وعشرين سنة ، فمات وله عشرون ومائة سنة .
وقال قتادة : كان بينهما خمس وثلاثون سنة .
وقال محمد بن إسحاق : ذكر - والله أعلم - أن غيبة يوسف عن يعقوب كانت ثماني عشرة سنة ، قال : وأهل الكتاب يزعمون أنها كانت أربعين سنة أو نحوها ، وأن يعقوب - عليه السلام - بقي مع يوسف بعد أن قدم عليه مصر سبع عشرة سنة ، ثم قبضه الله إليه .
وقال أبو إسحاق السبيعي ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله بن مسعود قال : دخل بنو إسرائيل مصر ، وهم ثلاثة وستون إنسانا ، وخرجوا منها وهم ستمائة ألف وسبعون ألفا .
وقال أبو إسحاق ، عن مسروق : دخلوا وهم ثلاثمائة وتسعون من بين رجل وامرأة . والله أعلم .
وقال موسى بن عبيدة ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن عبد الله بن شداد : اجتمع آل يعقوب إلى يوسف بمصر . وهم ستة وثمانون إنسانا ، صغيرهم وكبيرهم ، وذكرهم وأنثاهم ، وخرجوا منها وهم ستمائة ألف ونيف .

تفسير القرطبي : معنى الآية 100 من سورة يوسف


قوله تعالى : ورفع أبويه على العرش قال قتادة : يريد السرير ، وقد تقدمت محامله ; وقد يعبر بالعرش عن الملك والملك نفسه ; ومنه قول النابغة الذبياني :عروش تفانوا بعد عز وأمنةوقد تقدم .
قوله تعالى : وخروا له سجدا فيه ثلاث مسائل :الأولى : قوله تعالى : وخروا له سجدا الهاء في " خروا له " قيل : إنها تعود على الله تعالى ; المعنى : وخروا شكرا لله سجدا ; ويوسف كالقبلة لتحقيق رؤياه ، وروي عن الحسن ; قال النقاش : وهذا خطأ ; والهاء راجعة إلى يوسف لقوله تعالى في أول السورة : رأيتهم لي ساجدين .
وكان تحيتهم أن يسجد الوضيع للشريف ، والصغير للكبير ; سجد يعقوب وخالته وإخوته ليوسف - عليه السلام - فاقشعر جلده وقال : هذا تأويل رؤياي من قبل وكان بين رؤيا يوسف وبين تأويلها اثنتان وعشرون سنة .
وقال سلمان الفارسي وعبد الله بن شداد : أربعون سنة ; قال عبد الله بن شداد : وذلك آخر ما تبطئ الرؤيا .
وقال قتادة : خمس وثلاثون سنة .
وقال السدي وسعيد بن جبير وعكرمة : ست وثلاثون سنة .
وقال الحسن وجسر بن فرقد وفضيل بن عياض : ثمانون سنة .
وقال وهب بن منبه : ألقي يوسف في الجب وهو ابن سبع عشرة سنة ، وغاب عن أبيه ثمانين سنة ، وعاش بعد أن التقى بأبيه ثلاثا وعشرين سنة ، ومات وهو ابن مائة وعشرين سنة .
وفي التوراة مائة وست وعشرون سنة .
وولد ليوسف من امرأة العزيز إفراثيم ومنشا ورحمة امرأة أيوب .
وبين يوسف وموسى أربعمائة سنة .
وقيل : إن يعقوب بقي عند يوسف عشرين سنة ، ثم توفي - صلى الله عليه وسلم - .
وقيل : أقام عنده ثماني عشرة سنة .
وقال بعض المحدثين : بضعا وأربعين سنة ; وكان بين يعقوب ويوسف ثلاث وثلاثون سنة حتى جمعهم الله .
وقال ابن إسحاق : ثماني عشرة سنة ، والله أعلم .
الثانية : قال سعيد بن جبير عن قتادة عن الحسن : في قوله : وخروا له سجدا - قال : لم يكن سجودا ، لكنه سنة كانت فيهم ، يومئون برءوسهم إيماء ، كذلك كانت تحيتهم .
وقال الثوري والضحاك وغيرهما : كان سجودا كالسجود المعهود عندنا ، وهو كان تحيتهم .
وقيل : كان انحناء كالركوع ، ولم يكن خرورا على الأرض ، وهكذا كان سلامهم بالتكفي والانحناء ، وقد نسخ الله ذلك كله في شرعنا ، وجعل الكلام بدلا عن الانحناء .
وأجمع المفسرون أن ذلك السجود على أي وجه كان فإنما كان تحية لا عبادة ; قال قتادة : هذه كانت تحية الملوك عندهم ; وأعطى الله هذه الأمة السلام تحية أهل الجنة .
قلت : هذا الانحناء والتكفي الذي نسخ عنا قد صار عادة بالديار المصرية ، وعند العجم ، وكذلك قيام بعضهم إلى بعض ; حتى إن أحدهم إذا لم يقم له وجد في نفسه كأنه لا يؤبه به ، وأنه لا قدر له ; وكذلك إذا التقوا انحنى بعضهم لبعض ، عادة مستمرة ، ووراثة مستقرة لا سيما عند التقاء الأمراء والرؤساء نكبوا عن السنن ، وأعرضوا عن السنن .
وروى أنس بن مالك قال : قلنا يا رسول الله أينحني بعضنا إلى بعض إذا التقينا ؟ قال : لا ; قلنا : أفيعتنق بعضنا بعضا ؟ قال لا .
قلنا : أفيصافح بعضنا بعضا ؟ قال نعم .
خرجه أبو عمر في " التمهيد " فإن قيل : فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قوموا إلى سيدكم وخيركم - يعني سعد بن معاذ - قلنا : ذلك مخصوص بسعد لما تقتضيه الحال المعينة ; وقد قيل : إنما كان قيامهم لينزلوه عن الحمار ; وأيضا فإنه يجوز للرجل الكبير إذا لم يؤثر ذلك في نفسه ، فإن أثر فيه وأعجب به ورأى لنفسه حظا لم يجز عونه على ذلك ; لقوله - صلى الله عليه وسلم - : من سره أن يتمثل له الناس قياما فليتبوأ مقعده من النار .
وجاء عن الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - أنه لم يكن وجه أكرم عليهم من وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما كانوا يقومون له إذا رأوه ، لما يعرفون من كراهته لذلك .
الثالثة : فإن قيل : فما تقول في الإشارة بالإصبع ؟ قيل له : ذلك جائز إذا بعد عنك ، لتعين له به وقت السلام ، فإن كان دانيا فلا ; وقد قيل بالمنع في القرب والبعد ; لما جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : من تشبه بغيرنا فليس منا .
وقال : لا تسلموا تسليم اليهود والنصارى فإن تسليم اليهود بالأكف والنصارى بالإشارة .
وإذا سلم فإنه لا ينحني ، ولا أن يقبل مع السلام يده ، ولأن الانحناء على معنى التواضع لا ينبغي إلا لله .
وأما تقبيل اليد فإنه من فعل الأعاجم ، ولا يتبعون على أفعالهم التي أحدثوها تعظيما منهم لكبرائهم ; قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا تقوموا عند رأسي كما تقوم الأعاجم عند رءوس أكاسرتها فهذا مثله .
ولا بأس بالمصافحة ; فقد صافح النبي - صلى الله عليه وسلم - جعفر بن أبي طالب حين قدم من الحبشة ، وأمر بها ، وندب إليها ، وقال : تصافحوا يذهب الغل وروى غالب التمار عن الشعبي أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا إذا التقوا تصافحوا ، وإذا قدموا من سفر تعانقوا ; فإن قيل : فقد كره مالك المصافحة ؟ قلنا : روى ابن وهب عن مالك أنه كره المصافحة والمعانقة ، وذهب إلى هذا سحنون وغيره من أصحابنا ; وقد روي عن مالك خلاف ذلك من جواز المصافحة ، وهو الذي يدل عليه معنى ما في الموطأ ; وعلى جواز المصافحة جماعة العلماء من السلف والخلف .
قال ابن العربي : إنما كره مالك المصافحة لأنه لم يرها أمرا عاما في الدين ، ولا منقولا نقل السلام ; ولو كانت منه لاستوى معهقلت : قد جاء في المصافحة حديث يدل على الترغيب فيها ، والدأب عليها والمحافظة ; وهو ما رواه البراء بن عازب قال : لقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذ بيدي فقلت : يا رسول الله ! إن كنت لأحسب أن المصافحة للأعاجم ؟ فقال : نحن أحق بالمصافحة منهم ما من مسلمين يلتقيان فيأخذ أحدهما بيد صاحبه مودة بينهما ونصيحة إلا ألقيت ذنوبهما بينهما .
قوله تعالى : وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن ولم يقل من الجب استعمالا للكرم ; لئلا يذكر إخوته صنيعهم بعد عفوه عنهم بقوله : لا تثريب عليكم .
قلت : وهذا هو الأصل عند مشايخ الصوفية : ذكر الجفا في وقت الصفا جفا ، وهو قول صحيح دل عليه الكتاب .
وقيل : لأن في دخوله السجن كان باختياره بقوله : رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وكان في الجب بإرادة الله تعالى له .
وقيل : لأنه كان في السجن مع اللصوص والعصاة ، وفي الجب مع الله تعالى ; وأيضا فإن المنة في النجاة من السجن كانت أكبر ، لأنه دخله بسبب أمر هم به ; وأيضا دخله باختياره إذ قال : رب السجن أحب إلي فكان الكرب فيه أكثر ; وقال فيه أيضا : اذكرني عند ربك فعوقب فيه .
وجاء بكم من البدو يروى أن مسكن يعقوب كان بأرض كنعان ، وكانوا أهل مواش وبرية ; وقيل : كان يعقوب تحول إلى بادية وسكنها ، وأن الله لم يبعث نبيا من أهل البادية .
وقيل : إنه كان خرج إلى بدا ، وهو موضع ; وإياه عنى جميل بقوله :وأنت التي حببت شغبا إلى بدا إلي وأوطاني بلاد سواهماوليعقوب بهذا الموضع مسجد تحت جبل .
يقال : بدا القوم بدوا إذا أتوا بدا ، كما يقال : غاروا غورا أي أتوا الغور ; والمعنى : وجاء بكم من مكان بدا ; ذكره القشيري ، وحكاه الماوردي عن الضحاك عن ابن عباس .
من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي بإيقاع الحسد ; قاله ابن عباس .
وقيل : أفسد ما بيني وبين إخوتي ; أحال ذنبهم على الشيطان تكرما منه .
إن ربي لطيف لما يشاء أي رفيق بعباده .
وقال الخطابي : اللطيف هو البر بعباده الذي يلطف بهم من حيث لا يعلمون ، ويسبب لهم مصالحهم من حيث لا يحتسبون ; كقوله : الله لطيف بعباده يرزق من يشاء .
وقيل : اللطيف العالم بدقائق الأمور ; والمراد هنا الإكرام والرفق .
قال قتادة ، لطف بيوسف بإخراجه من السجن ، وجاءه بأهله من البدو ، ونزع عن قلبه نزغ الشيطان .
ويروى أن يعقوب لما قدم بأهله وولده وشارف أرض مصر وبلغ ذلك يوسف استأذن فرعون - واسمه الريان - أن يأذن له في تلقي أبيه يعقوب ; وأخبره بقدومه فأذن له ، وأمر الملأ من أصحابه بالركوب معه ; فخرج يوسف والملك معه في أربعة آلاف من الأمراء مع كل أمير خلق الله أعلم بهم ; وركب أهل مصر معهم يتلقون يعقوب ، فكان يعقوب يمشي متكئا على يد يهوذا ; فنظر يعقوب إلى الخيل والناس والعساكر فقال : يا يهوذا ! هذا فرعون مصر ؟ قال : لا ، بل هذا ابنك يوسف ; فلما دنا كل واحد منهما من صاحبه ذهب يوسف ليبدأه بالسلام فمنع من ذلك ، وكان يعقوب أحق بذلك منه وأفضل ; فابتدأ يعقوب بالسلام فقال : السلام عليك يا مذهب الأحزان ، وبكى وبكى معه يوسف ; فبكى يعقوب فرحا ، وبكى يوسف لما رأى بأبيه من الحزن ; قال ابن عباس : فالبكاء أربعة ، بكاء من الخوف ، وبكاء من الجزع ، وبكاء من الفرح ، وبكاء رياء .
ثم قال يعقوب : الحمد لله الذي أقر عيني بعد الهموم والأحزان ، ودخل ، مصر في اثنين وثمانين من أهل بيته ; فلم يخرجوا من مصر حتى بلغوا ستمائة ألف ونيف ألف ; وقطعوا البحر مع موسى - عليه السلام - ; رواه عكرمة عن ابن عباس .
وحكى ابن مسعود أنهم دخلوا مصر وهم ثلاثة وتسعون إنسانا ما بين رجل وامرأة ، وخرجوا مع موسى وهم ستمائة ألف وسبعون ألفا .
وقال الربيع بن خيثم : دخلوها وهم اثنان وسبعون ألفا ، وخرجوا مع موسى وهم ستمائة ألف .
وقال وهب بن منبه : دخل يعقوب وولده مصر وهم تسعون إنسانا ما بين رجل وامرأة وصغير ، وخرجوا منها مع موسى فرارا من فرعون ، وهم ستمائة ألف وخمسمائة وبضع وسبعون رجلا مقاتلين ، سوى الذرية .
والهرمى والزمنى ; وكانت الذرية ألف ألف ومائتي ألف سوى المقاتلة ، وقال أهل التواريخ : أقام يعقوب بمصر أربعا وعشرين سنة في أغبط حال ونعمة ، ومات بمصر ، وأوصى إلى ابنه يوسف أن يحمل جسده حتى يدفنه عند أبيه إسحاق بالشام ففعل ، ثم انصرف إلى مصر .
قال سعيد بن جبير : نقل يعقوب - صلى الله عليه وسلم - في تابوت من ساج إلى بيت المقدس ، ووافق ذلك يوم مات عيصو ، فدفنا في قبر واحد ; فمن ثم تنقل اليهود موتاهم إلى بيت المقدس ، من فعل ذلك منهم ; وولد يعقوب وعيصو في بطن واحد ، ودفنا في قبر واحد وكان عمرهما جميعا مائة وسبعا وأربعين سنة .

﴿ ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال ياأبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نـزغ الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم ﴾ [ يوسف: 100]

سورة : يوسف - الأية : ( 100 )  - الجزء : ( 13 )  -  الصفحة: ( 247 )

English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينـزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم
  2. تفسير: ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله
  3. تفسير: ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم
  4. تفسير: أولئك الذين خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون
  5. تفسير: ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله إنه لا يحب الكافرين
  6. تفسير: يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها
  7. تفسير: وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم
  8. تفسير: إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون
  9. تفسير: وبست الجبال بسا
  10. تفسير: ياأيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون

تحميل سورة يوسف mp3 :

سورة يوسف mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة يوسف

سورة يوسف بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة يوسف بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة يوسف بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة يوسف بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة يوسف بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة يوسف بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة يوسف بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة يوسف بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة يوسف بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة يوسف بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب