سورة النساء | للقراءة من المصحف بخط كبير واضح
استماع mp3 | الجلالين&الميسر | تفسير الشوكاني |
إعراب الصفحة | تفسير ابن كثير | تفسير القرطبي |
التفسير المختصر | تفسير الطبري | تفسير السعدي |
تفسير القرطبي الجامع لأحكام القرآن تفسير الصفحة 103 من المصحف
الآيتان: 155 - 156 {فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا، وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيم}
قوله تعالى: "فبما نقضهم ميثاقهم" "فبما نقضهم" خفض بالباء و"ما" زائدة مؤكدة كقوله: "فبما رحمة من الله" [آل عمران: 159] وقد تقدم؛ والباء متعلقة بمحذوف، التقدير: فبنقضهم ميثاقهم لعناهم؛ عن قتادة وغيره. وحذف هذا لعلم السامع. وقال أبو الحسن علي بن حمزة الكسائي: هو متعلق بما قبله؛ والمعنى فأخذتهم الصاعقة بظلمهم إلى قوله: "فبما نقضهم ميثاقهم" قال: ففسر ظلمهم الذي أخذتهم الصاعقة من أجله بما بعده من نقضهم الميثاق وقتلهم الأنبياء وسائر ما بين من الأشياء التي ظلموا فيها أنفسهم. وأنكر ذلك الطبري وغيره؛ لأن الذين أخذتهم الصاعقة كانوا على عهد موسى، والذين قتلوا الأنبياء ورموا مريم بالبهتان كانوا بعد موسى بزمان، فلم تأخذ الصاعقة الذين أخذتهم برميهم مريم بالبهتان. قال المهدوي وغيره: وهذا لا يلزم؛ لأنه يجوز أن يخبر عنهم والمراد آباؤهم؛ على ما تقدم في "البقرة". قال الزجاج: المعنى فبنقضهم ميثاقهم حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم؛ لأن هذه القصة ممتدة إلى قوله: "فبظلم من الذين هادوا حرمنا" [النساء: 160]. ونقضهم الميثاق أنه أخذ عليهم أن يبينوا صفة النبي صلى الله عليه وسلم. وقيل: المعنى فبنقضهم ميثاقهم وفعلهم كذا وفعلهم كذا طبع الله على قلوبهم. وقيل: المعنى فبنقضهم لا يؤمنون إلا قليلا؛ والفاء مقحمة. و"كفرهم" عطف، وكذا و"قتلهم". والمراد "بآيات الله" كتبهم التي حرفوها. و"غلف" جمع غلاف؛ أي قلوبنا أوعية للعلم فلا حاجة بنا إلى علم سوى ما عندنا. وقيل: هو جمع أغلف وهو المغطى بالغلاف؛ أي قلوبنا في أغطية فلا نفقه ما تقول؛ وهو كقوله: "قلوبنا في أكنة" [فصلت: 5] وقد تقدم هذا في "البقرة" وغرضهم بهذا درء حجة الرسل. والطبع الختم؛ وقد تقدم في "البقرة". "بكفرهم" أي جزاء لهم على كفرهم؛ كما قال: "بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون" [البقرة: 88] أي إلا إيمانا قليلا أي ببعض الأنبياء، وذلك غير نافع لهم. ثم كرر "وبكفرهم" ليخبر أنهم كفروا كفرا بعد كفر. وقيل: المعنى "وبكفرهم" بالمسيح؛ فحذف لدلالة ما بعده عليه، والعامل في "بكفرهم" هو العامل في "بنقضهم" لأنه معطوف عليه، ولا يجوز أن يكون العامل فيه "طبع". والبهتان العظيم رميها بيوسف النجار وكان من الصالحين منهم. والبهتان الكذب المفرط الذي يتعجب منه وقد تقدم. والله سبحانه وتعالى أعلم.
الآيتان: 157 - 158 {وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا، بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيم}
قوله تعالى: "وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم" كسرت "إن" لأنها مبتدأة بعد القول وفتحها لغة. وقد تقدم في "آل عمران" اشتقاق لفظ المسيح. "رسول الله" بدل، وإن شئت على معنى أعني. "وما قتلوه وما صلبوه" رد لقولهم. "ولكن شبه لهم" أي ألقي شبهه على غيره كما تقدم في "آل عمران". وقيل: لم يكونوا يعرفون شخصه وقتلوا الذي قتلوه وهم شاكون فيه؛ كما قال تعالى: "وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه" والإخبار قيل: إنه عن جميعهم. وقيل: إنه لم يختلف فيه إلا عوامهم؛ ومعنى اختلافهم قول بعضهم إنه إله، وبعضهم هو ابن الله. قاله الحسن: وقيل اختلافهم أن عوامهم قالوا قتلنا عيسى. وقال من عاين رفعه إلى السماء: ما قتلناه. وقيل: اختلافهم أن النسطورية من النصارى قالوا: صلب عيسى من جهة ناسوته لا من جهة لاهوته. وقالت الملكانية: وقع الصلب والقتل على المسيح بكماله ناسوته ولا هوته. وقيل: اختلافهم هو أنهم قالوا: إن كان هذا صاحبنا فأين عيسى ؟ ! وإن كان هذا عيسى فأين صاحبنا ؟ ! وقيل: اختلافهم هو أن اليهود قالوا: نحن قتلناه؛ لأن يهوذا رأس اليهود هو الذي سعى في قتله. وقالت طائفة من النصارى: بل قتلناه نحن. وقالت طائفة منهم: بل رفعه الله إلى السماء ونحن ننظر إليه. "ما لهم به من علم" من زائدة؛ وتم الكلام. ثم قال عز وجل: "إلا اتباع الظن" استثناء ليس من الأول في موضع نصب، ويجوز أن يكون في موضع رفع على البدل؛ أي ما لهم به من علم إلا اتباع الظن. وأنشد سيبويه:
وبلدة ليس بها أنيس إلا اليعافير وإلا العيس
قوله تعالى: "وما قتلوه يقينا" قال ابن عباس والسدي: المعنى ما قتلوا ظنهم يقينا؛ كقولك: قتلته علما إذا علمته علما تاما؛ فالهاء عائدة على الظن. قال أبو عبيد: ولو كان المعنى وما قتلوا عيسى يقينا لقال: وما قتلوه فقط. وقيل: المعنى وما قتلوا الذي شبه لهم أنه عيسى يقينا؛ فالوقف على هذا على "يقينا". وقيل: المعنى وما قتلوا عيسى، والوقف على "وما قتلوه" و"يقينا" نعت لمصدر محذوف، وفيه تقديران: أحدهما: أي قالوا هذا قولا يقينا، أو قال الله هذا قولا يقينا. والقول الآخر: أن يكون المعنى وما علموه علما يقينا. النحاس: إن قدرت المعنى بل رفعه الله إليه يقينا فهو خطأ؛ لأنه لا يعمل ما بعد "بل" فيما قبلها لضعفها. وأجاز ابن الأنباري الوقف على "وما قتلوه" على أن ينصب "يقينا" بفعل مضمر هو جواب القسم، تقديره: ولقد صدقتم يقينا أي صدقا يقينا. "بل رفعه الله إليه" ابتداء كلام مستأنف؛ أي إلى السماء، والله تعالى متعال عن المكان؛ وقد تقدم كيفية رفعه في "آل عمران". "وكان الله عزيزا" أي قويا بالنقمة من اليهود فسلط عليهم بطرس بن استيسانوس الرومي فقتل منهم مقتلة عظيمة. "حكيما" حكم عليهم باللعنة والغضب.
الآية: 159 {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيد}
قوله تعالى: "وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته" قال ابن عباس والحسن ومجاهد وعكرمة: المعنى ليؤمنن بالمسيح "قبل موته" أي الكتابي؛ فالهاء الأولى عائدة على عيسى، والثانية على الكتابي؛ وذلك أنه ليس أحد من أهل الكتاب اليهود والنصارى إلا ويؤمن بعيسى عليه السلام إذا عاين الملك، ولكنه إيمان لا ينفع؛ لأنه إيمان عند اليأس وحين التلبس بحالة الموت؛ فاليهودي يقر في ذلك الوقت بأنه رسول الله، والنصراني يقر بأنه كان رسول الله. وروي أن الحجاج سأل شهر بن حوشب عن هذه الآية فقال: إني لأوتى بالأسير من اليهود والنصارى فآمر بضرب عنقه، وأنظر إليه في ذلك الوقت فلا أرى منه الإيمان؛ فقال له شهر بن حوشب: إنه حين عاين أمر الآخرة يقر بأن عيسى عبدالله ورسوله فيؤمن به ولا ينفعه؛ فقال له الحجاج: من أين أخذت هذا ؟ قال: أخذته من محمد بن الحنفية؛ فقال له الحجاج: أخذت من عين صافية. وروي عن مجاهد أنه قال: ما من أحد من أهل الكتاب إلا يؤمن بعيسى قبل موته؛ فقيل له: إن غرق أو احترق أو أكله السبع يؤمن بعيسى ؟ فقال: نعم ! وقيل: إن الهاءين جميعا لعيسى عليه السلام؛ والمعنى ليؤمنن به من كان حيا حين نزوله يوم القيامة؛ قال قتادة وابن زيد وغيرهما واختاره الطبري. وروى يزيد بن زريع عن رجل عن الحسن في قوله تعالى: "وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته" قال: قبل موت عيسى؛ والله إنه لحي عند الله الآن؛ ولكن إذا نزل آمنوا به أجمعون؛ ونحوه عن الضحاك وسعيد. بن جبير. وقيل: "ليؤمنن به" أي بمحمد عليه السلام وإن لم يجر له ذكر؛ لأن هذه الأقاصيص أنزلت عليه والمقصود الإيمان به، والإيمان بعيسى يتضمن الإيمان بمحمد عليه الصلاة والسلام أيضا؛ إذ لا يجوز أن يفرق بينهم. وقيل: "ليؤمنن به" أي بالله تعالى قبل أن يموت ولا ينفعه الإيمان عند المعاينة. والتأويلان الأولان أظهر. وروى الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لينزلن ابن مريم حكما عدلا فليقتلن الدجال وليقتلن الخنزير وليكسرن الصليب وتكون السجدة واحدة لله رب العالمين)، ثم قال أبو هريرة: واقرؤوا إن شئتم "وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته" قال أبو هريرة: قبل موت عيسى؛ يعيدها ثلاث مرات. وتقدير الآية عند سيبويه: وإن من أهل الكتاب أحد إلا ليؤمنن به. وتقدير الكوفيين: وإن من أهل الكتاب إلا من ليؤمنن به، وفيه قبح، لأن فيه حذف الموصول، والصلة بعض الموصول فكأنه حذف بعض الاسم.
قوله تعالى: "ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا" أي بتكذيب من كذبه وتصديق من صدقه.
الآيتان: 160 - 161 {فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا، وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليم}
قوله تعالى: "فبظلم من الذين هادوا" قال الزجاج: هذا بدل من "فبما نقضهم". والطيبات ما نصه في قوله تعالى: "وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر" [الأنعام: 146]. وقدم الظلم على التحريم إذ هو الغرض الذي قصد إلى الإخبار عنه بأنه سبب التحريم. "وبصدهم عن سبيل الله كثيرا" أي وبصدهم أنفسهم وغيرهم عن أتباع محمد صلى الله عليه وسلم. "وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل" كله تفسير للظلم الذي تعاطوه، وكذلك ما قبله من نقضهم الميثاق وما بعده؛ وقد مضى في "آل عمران" أن اختلاف العلماء في سبب التحريم على ثلاثة أقوال هذا أحدها.
قال ابن العربي: لا خلاف في مذهب مالك أن الكفار مخاطبون، وقد بين الله في هذه الآية أنهم قد نهوا عن الربا وأكل الأموال بالباطل؛ فإن كان ذلك خبرا عما نزل على محمد في القرآن وأنهم دخلوا في الخطاب فبها ونعمت، وإن كان خبرا عما أنزل الله على موسى في التوراة، وأنهم بدلوا وحرفوا وعصوا وخالفوا فهل يجوز لنا معاملتهم والقوم قد أفسدوا أموالهم في دينهم أم لا؟ فظنت طائفة أن معاملتهم لا تجوز؛ وذلك لما في أموالهم من هذا الفساد. والصحيح جواز معاملتهم مع رباهم واقتحام ما حرم الله سبحانه عليهم؛ فقد قام الليل القاطع على ذلك قرآنا وسنة؛ قال الله تعالى: "وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم" [المائدة:5] وهذا نص؛ وقد عامل النبي صلى الله عليه وسلم اليهود ومات ودرعه مرهونة عند يهودي في شعير أخذه لعياله. والحاسم لداء الشك والخلاف اتفاق الأمة على جواز التجارة مع أهل الحرب؛ وقد سافر النبي صلى الله عليه وسلم إليهم تاجرا، وذلك من سفره أمر قاطع على جواز السفر إليهم والتجارة معهم. فإن قيل: كان ذلك قبل النبوة؛ قلنا: إنه لم يتدنس قبل النبوة بحرام - ثبت ذلك تواترا - ولا اعتذر عنه إذ بعث، ولا منع منه إذ نبئ، ولا قطعه أحد من الصحابة في حياته، ولا أحد من المسلمين بعد وفاته؛ فقد كانوا يسافرون في فك الأسرى وذلك واجب، وفي الصلح كما أرسل عثمان وغيره؛ وقد يجب وقد يكون ندبا؛ فأما السفر إليهم لمجرد التجارة فمباح.
الآية: 162 {كن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم أجرا عظيم}
قوله تعالى: "لكن الراسخون في العلم منهم" استثنى مؤمني أهل الكتاب؛ وذلك أن اليهود أنكروا وقالوا: إن هذه الأشياء كانت حراما في الأصل وأنت تحلها ولم تكن حرمت بظلمنا؛ فنزل "لكن الراسخون في العلم" والراسخ هو المبالغ في علم الكتاب الثابت فيه، والرسوخ الثبوت؛ وقد تقدم في "آل عمران" والمراد عبدالله بن سلام وكعب الأحبار ونظراؤهما. "والمؤمنون" أي من المهاجرين والأنصار، أصحاب محمد عليه السلام. "والمقيمين الصلاة" وقرأ الحسن ومالك بن دينار وجماعة: "والمقيمون" على العطف، وكذا هو في حرف عبدالله، وأما حرف أبي فهو فيه "والمقيمين" كما في المصاحف. واختلف في نصبه على أقوال ستة؛ أصحها قول سيبويه بأنه نصب على المدح؛ أي وأعني المقيمين؛ قال سيبويه: هذا باب ما ينتصب على التعظيم؛ ومن ذلك "والمقيمين الصلاة" وأنشد:
وكل قوم أطاعوا أمر سيدهم إلا نميرا أطاعت أمر غاويها
ويروى (أمر مرشدهم).
الظاعنين ولما يظعنوا أحدا والقائلون لمن دار نخليها
وأنشد:
لا يبعدن قومي الذين هم سم العداة وآفة الجزر
النازلين بكل معترك والطيبون معاقد الأزر
قال النحاس: وهذا أصح ما قيل في "المقيمين". وقال الكسائي: "والمقيمين" معطوف على "ما". قال النحاس قال الأخفش: وهذا بعيد؛ لأن المعنى يكون ويؤمنون بالمقيمين. وحكى محمد بن جرير أنه قيل له: إن المقيمين ههنا الملائكة عليهم السلام؛ لدوامهم على الصلاة والتسبيح والاستغفار، واختار هذا القول، وحكى أن النصب على المدح بعيد؛ لأن المدح إنما يأتي بعد تمام الخبر، وخبر الراسخين في "أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما" فلا ينتصب "المقيمين" على المدح. قال النحاس: ومذهب سيبويه في قوله: "والمؤتون" رفع بالابتداء. وقال غيره: هو مرفوع على إضمار مبتدأ؛ أي هم المؤتون الزكاة. وقيل: "والمقيمين" عطف على الكاف التي في "قبلك". أي من قبلك ومن قبل المقيمين. وقيل: "المقيمين" عطف على الكاف التي في "إليك". وقيل: هو عطف على الهاء والميم، أي منهم ومن المقيمين؛ وهذه الأجوبة الثلاثة لا تجوز؛ لأن فيها عطف مظهر على مضمر مخفوض. والجواب السادس: ما روي أن عائشة رضي الله عنها سئلت عن هذه الآية وعن قوله: "إن هذان لساحران" [طه: 63] ، وقوله: "والصابئون" في "المائدة: 69] ، فقالت للسائل: يا ابن أخي الكتاب أخطؤوا. وقال أبان بن عثمان: كان الكاتب يملى عليه فيكتب فكتب "لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون" ثم قال له: ما أكتب ؟ فقيل له: اكتب "والمقيمين الصلاة" فمن ثم وقع هذا. قال القشيري: وهذا المسلك باطل؛ لأن الذين جمعوا الكتاب كانوا قدوة في اللغة، فلا يظن بهم أنهم يدرجون في القرآن ما لم ينزل. وأصح هذه الأقوال قول سيبويه وهو قول الخليل، وقول الكسائي هو اختيار القفال والطبري، والله أعلم.
تفسير القرطبي - صفحة القرآن رقم 103
103- تفسير الصفحة رقم103 من المصحفالآيتان: 155 - 156 {فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا، وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيم}
قوله تعالى: "فبما نقضهم ميثاقهم" "فبما نقضهم" خفض بالباء و"ما" زائدة مؤكدة كقوله: "فبما رحمة من الله" [آل عمران: 159] وقد تقدم؛ والباء متعلقة بمحذوف، التقدير: فبنقضهم ميثاقهم لعناهم؛ عن قتادة وغيره. وحذف هذا لعلم السامع. وقال أبو الحسن علي بن حمزة الكسائي: هو متعلق بما قبله؛ والمعنى فأخذتهم الصاعقة بظلمهم إلى قوله: "فبما نقضهم ميثاقهم" قال: ففسر ظلمهم الذي أخذتهم الصاعقة من أجله بما بعده من نقضهم الميثاق وقتلهم الأنبياء وسائر ما بين من الأشياء التي ظلموا فيها أنفسهم. وأنكر ذلك الطبري وغيره؛ لأن الذين أخذتهم الصاعقة كانوا على عهد موسى، والذين قتلوا الأنبياء ورموا مريم بالبهتان كانوا بعد موسى بزمان، فلم تأخذ الصاعقة الذين أخذتهم برميهم مريم بالبهتان. قال المهدوي وغيره: وهذا لا يلزم؛ لأنه يجوز أن يخبر عنهم والمراد آباؤهم؛ على ما تقدم في "البقرة". قال الزجاج: المعنى فبنقضهم ميثاقهم حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم؛ لأن هذه القصة ممتدة إلى قوله: "فبظلم من الذين هادوا حرمنا" [النساء: 160]. ونقضهم الميثاق أنه أخذ عليهم أن يبينوا صفة النبي صلى الله عليه وسلم. وقيل: المعنى فبنقضهم ميثاقهم وفعلهم كذا وفعلهم كذا طبع الله على قلوبهم. وقيل: المعنى فبنقضهم لا يؤمنون إلا قليلا؛ والفاء مقحمة. و"كفرهم" عطف، وكذا و"قتلهم". والمراد "بآيات الله" كتبهم التي حرفوها. و"غلف" جمع غلاف؛ أي قلوبنا أوعية للعلم فلا حاجة بنا إلى علم سوى ما عندنا. وقيل: هو جمع أغلف وهو المغطى بالغلاف؛ أي قلوبنا في أغطية فلا نفقه ما تقول؛ وهو كقوله: "قلوبنا في أكنة" [فصلت: 5] وقد تقدم هذا في "البقرة" وغرضهم بهذا درء حجة الرسل. والطبع الختم؛ وقد تقدم في "البقرة". "بكفرهم" أي جزاء لهم على كفرهم؛ كما قال: "بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون" [البقرة: 88] أي إلا إيمانا قليلا أي ببعض الأنبياء، وذلك غير نافع لهم. ثم كرر "وبكفرهم" ليخبر أنهم كفروا كفرا بعد كفر. وقيل: المعنى "وبكفرهم" بالمسيح؛ فحذف لدلالة ما بعده عليه، والعامل في "بكفرهم" هو العامل في "بنقضهم" لأنه معطوف عليه، ولا يجوز أن يكون العامل فيه "طبع". والبهتان العظيم رميها بيوسف النجار وكان من الصالحين منهم. والبهتان الكذب المفرط الذي يتعجب منه وقد تقدم. والله سبحانه وتعالى أعلم.
الآيتان: 157 - 158 {وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا، بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيم}
قوله تعالى: "وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم" كسرت "إن" لأنها مبتدأة بعد القول وفتحها لغة. وقد تقدم في "آل عمران" اشتقاق لفظ المسيح. "رسول الله" بدل، وإن شئت على معنى أعني. "وما قتلوه وما صلبوه" رد لقولهم. "ولكن شبه لهم" أي ألقي شبهه على غيره كما تقدم في "آل عمران". وقيل: لم يكونوا يعرفون شخصه وقتلوا الذي قتلوه وهم شاكون فيه؛ كما قال تعالى: "وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه" والإخبار قيل: إنه عن جميعهم. وقيل: إنه لم يختلف فيه إلا عوامهم؛ ومعنى اختلافهم قول بعضهم إنه إله، وبعضهم هو ابن الله. قاله الحسن: وقيل اختلافهم أن عوامهم قالوا قتلنا عيسى. وقال من عاين رفعه إلى السماء: ما قتلناه. وقيل: اختلافهم أن النسطورية من النصارى قالوا: صلب عيسى من جهة ناسوته لا من جهة لاهوته. وقالت الملكانية: وقع الصلب والقتل على المسيح بكماله ناسوته ولا هوته. وقيل: اختلافهم هو أنهم قالوا: إن كان هذا صاحبنا فأين عيسى ؟ ! وإن كان هذا عيسى فأين صاحبنا ؟ ! وقيل: اختلافهم هو أن اليهود قالوا: نحن قتلناه؛ لأن يهوذا رأس اليهود هو الذي سعى في قتله. وقالت طائفة من النصارى: بل قتلناه نحن. وقالت طائفة منهم: بل رفعه الله إلى السماء ونحن ننظر إليه. "ما لهم به من علم" من زائدة؛ وتم الكلام. ثم قال عز وجل: "إلا اتباع الظن" استثناء ليس من الأول في موضع نصب، ويجوز أن يكون في موضع رفع على البدل؛ أي ما لهم به من علم إلا اتباع الظن. وأنشد سيبويه:
وبلدة ليس بها أنيس إلا اليعافير وإلا العيس
قوله تعالى: "وما قتلوه يقينا" قال ابن عباس والسدي: المعنى ما قتلوا ظنهم يقينا؛ كقولك: قتلته علما إذا علمته علما تاما؛ فالهاء عائدة على الظن. قال أبو عبيد: ولو كان المعنى وما قتلوا عيسى يقينا لقال: وما قتلوه فقط. وقيل: المعنى وما قتلوا الذي شبه لهم أنه عيسى يقينا؛ فالوقف على هذا على "يقينا". وقيل: المعنى وما قتلوا عيسى، والوقف على "وما قتلوه" و"يقينا" نعت لمصدر محذوف، وفيه تقديران: أحدهما: أي قالوا هذا قولا يقينا، أو قال الله هذا قولا يقينا. والقول الآخر: أن يكون المعنى وما علموه علما يقينا. النحاس: إن قدرت المعنى بل رفعه الله إليه يقينا فهو خطأ؛ لأنه لا يعمل ما بعد "بل" فيما قبلها لضعفها. وأجاز ابن الأنباري الوقف على "وما قتلوه" على أن ينصب "يقينا" بفعل مضمر هو جواب القسم، تقديره: ولقد صدقتم يقينا أي صدقا يقينا. "بل رفعه الله إليه" ابتداء كلام مستأنف؛ أي إلى السماء، والله تعالى متعال عن المكان؛ وقد تقدم كيفية رفعه في "آل عمران". "وكان الله عزيزا" أي قويا بالنقمة من اليهود فسلط عليهم بطرس بن استيسانوس الرومي فقتل منهم مقتلة عظيمة. "حكيما" حكم عليهم باللعنة والغضب.
الآية: 159 {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيد}
قوله تعالى: "وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته" قال ابن عباس والحسن ومجاهد وعكرمة: المعنى ليؤمنن بالمسيح "قبل موته" أي الكتابي؛ فالهاء الأولى عائدة على عيسى، والثانية على الكتابي؛ وذلك أنه ليس أحد من أهل الكتاب اليهود والنصارى إلا ويؤمن بعيسى عليه السلام إذا عاين الملك، ولكنه إيمان لا ينفع؛ لأنه إيمان عند اليأس وحين التلبس بحالة الموت؛ فاليهودي يقر في ذلك الوقت بأنه رسول الله، والنصراني يقر بأنه كان رسول الله. وروي أن الحجاج سأل شهر بن حوشب عن هذه الآية فقال: إني لأوتى بالأسير من اليهود والنصارى فآمر بضرب عنقه، وأنظر إليه في ذلك الوقت فلا أرى منه الإيمان؛ فقال له شهر بن حوشب: إنه حين عاين أمر الآخرة يقر بأن عيسى عبدالله ورسوله فيؤمن به ولا ينفعه؛ فقال له الحجاج: من أين أخذت هذا ؟ قال: أخذته من محمد بن الحنفية؛ فقال له الحجاج: أخذت من عين صافية. وروي عن مجاهد أنه قال: ما من أحد من أهل الكتاب إلا يؤمن بعيسى قبل موته؛ فقيل له: إن غرق أو احترق أو أكله السبع يؤمن بعيسى ؟ فقال: نعم ! وقيل: إن الهاءين جميعا لعيسى عليه السلام؛ والمعنى ليؤمنن به من كان حيا حين نزوله يوم القيامة؛ قال قتادة وابن زيد وغيرهما واختاره الطبري. وروى يزيد بن زريع عن رجل عن الحسن في قوله تعالى: "وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته" قال: قبل موت عيسى؛ والله إنه لحي عند الله الآن؛ ولكن إذا نزل آمنوا به أجمعون؛ ونحوه عن الضحاك وسعيد. بن جبير. وقيل: "ليؤمنن به" أي بمحمد عليه السلام وإن لم يجر له ذكر؛ لأن هذه الأقاصيص أنزلت عليه والمقصود الإيمان به، والإيمان بعيسى يتضمن الإيمان بمحمد عليه الصلاة والسلام أيضا؛ إذ لا يجوز أن يفرق بينهم. وقيل: "ليؤمنن به" أي بالله تعالى قبل أن يموت ولا ينفعه الإيمان عند المعاينة. والتأويلان الأولان أظهر. وروى الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لينزلن ابن مريم حكما عدلا فليقتلن الدجال وليقتلن الخنزير وليكسرن الصليب وتكون السجدة واحدة لله رب العالمين)، ثم قال أبو هريرة: واقرؤوا إن شئتم "وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته" قال أبو هريرة: قبل موت عيسى؛ يعيدها ثلاث مرات. وتقدير الآية عند سيبويه: وإن من أهل الكتاب أحد إلا ليؤمنن به. وتقدير الكوفيين: وإن من أهل الكتاب إلا من ليؤمنن به، وفيه قبح، لأن فيه حذف الموصول، والصلة بعض الموصول فكأنه حذف بعض الاسم.
قوله تعالى: "ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا" أي بتكذيب من كذبه وتصديق من صدقه.
الآيتان: 160 - 161 {فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا، وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليم}
قوله تعالى: "فبظلم من الذين هادوا" قال الزجاج: هذا بدل من "فبما نقضهم". والطيبات ما نصه في قوله تعالى: "وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر" [الأنعام: 146]. وقدم الظلم على التحريم إذ هو الغرض الذي قصد إلى الإخبار عنه بأنه سبب التحريم. "وبصدهم عن سبيل الله كثيرا" أي وبصدهم أنفسهم وغيرهم عن أتباع محمد صلى الله عليه وسلم. "وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل" كله تفسير للظلم الذي تعاطوه، وكذلك ما قبله من نقضهم الميثاق وما بعده؛ وقد مضى في "آل عمران" أن اختلاف العلماء في سبب التحريم على ثلاثة أقوال هذا أحدها.
قال ابن العربي: لا خلاف في مذهب مالك أن الكفار مخاطبون، وقد بين الله في هذه الآية أنهم قد نهوا عن الربا وأكل الأموال بالباطل؛ فإن كان ذلك خبرا عما نزل على محمد في القرآن وأنهم دخلوا في الخطاب فبها ونعمت، وإن كان خبرا عما أنزل الله على موسى في التوراة، وأنهم بدلوا وحرفوا وعصوا وخالفوا فهل يجوز لنا معاملتهم والقوم قد أفسدوا أموالهم في دينهم أم لا؟ فظنت طائفة أن معاملتهم لا تجوز؛ وذلك لما في أموالهم من هذا الفساد. والصحيح جواز معاملتهم مع رباهم واقتحام ما حرم الله سبحانه عليهم؛ فقد قام الليل القاطع على ذلك قرآنا وسنة؛ قال الله تعالى: "وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم" [المائدة:5] وهذا نص؛ وقد عامل النبي صلى الله عليه وسلم اليهود ومات ودرعه مرهونة عند يهودي في شعير أخذه لعياله. والحاسم لداء الشك والخلاف اتفاق الأمة على جواز التجارة مع أهل الحرب؛ وقد سافر النبي صلى الله عليه وسلم إليهم تاجرا، وذلك من سفره أمر قاطع على جواز السفر إليهم والتجارة معهم. فإن قيل: كان ذلك قبل النبوة؛ قلنا: إنه لم يتدنس قبل النبوة بحرام - ثبت ذلك تواترا - ولا اعتذر عنه إذ بعث، ولا منع منه إذ نبئ، ولا قطعه أحد من الصحابة في حياته، ولا أحد من المسلمين بعد وفاته؛ فقد كانوا يسافرون في فك الأسرى وذلك واجب، وفي الصلح كما أرسل عثمان وغيره؛ وقد يجب وقد يكون ندبا؛ فأما السفر إليهم لمجرد التجارة فمباح.
الآية: 162 {كن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم أجرا عظيم}
قوله تعالى: "لكن الراسخون في العلم منهم" استثنى مؤمني أهل الكتاب؛ وذلك أن اليهود أنكروا وقالوا: إن هذه الأشياء كانت حراما في الأصل وأنت تحلها ولم تكن حرمت بظلمنا؛ فنزل "لكن الراسخون في العلم" والراسخ هو المبالغ في علم الكتاب الثابت فيه، والرسوخ الثبوت؛ وقد تقدم في "آل عمران" والمراد عبدالله بن سلام وكعب الأحبار ونظراؤهما. "والمؤمنون" أي من المهاجرين والأنصار، أصحاب محمد عليه السلام. "والمقيمين الصلاة" وقرأ الحسن ومالك بن دينار وجماعة: "والمقيمون" على العطف، وكذا هو في حرف عبدالله، وأما حرف أبي فهو فيه "والمقيمين" كما في المصاحف. واختلف في نصبه على أقوال ستة؛ أصحها قول سيبويه بأنه نصب على المدح؛ أي وأعني المقيمين؛ قال سيبويه: هذا باب ما ينتصب على التعظيم؛ ومن ذلك "والمقيمين الصلاة" وأنشد:
وكل قوم أطاعوا أمر سيدهم إلا نميرا أطاعت أمر غاويها
ويروى (أمر مرشدهم).
الظاعنين ولما يظعنوا أحدا والقائلون لمن دار نخليها
وأنشد:
لا يبعدن قومي الذين هم سم العداة وآفة الجزر
النازلين بكل معترك والطيبون معاقد الأزر
قال النحاس: وهذا أصح ما قيل في "المقيمين". وقال الكسائي: "والمقيمين" معطوف على "ما". قال النحاس قال الأخفش: وهذا بعيد؛ لأن المعنى يكون ويؤمنون بالمقيمين. وحكى محمد بن جرير أنه قيل له: إن المقيمين ههنا الملائكة عليهم السلام؛ لدوامهم على الصلاة والتسبيح والاستغفار، واختار هذا القول، وحكى أن النصب على المدح بعيد؛ لأن المدح إنما يأتي بعد تمام الخبر، وخبر الراسخين في "أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما" فلا ينتصب "المقيمين" على المدح. قال النحاس: ومذهب سيبويه في قوله: "والمؤتون" رفع بالابتداء. وقال غيره: هو مرفوع على إضمار مبتدأ؛ أي هم المؤتون الزكاة. وقيل: "والمقيمين" عطف على الكاف التي في "قبلك". أي من قبلك ومن قبل المقيمين. وقيل: "المقيمين" عطف على الكاف التي في "إليك". وقيل: هو عطف على الهاء والميم، أي منهم ومن المقيمين؛ وهذه الأجوبة الثلاثة لا تجوز؛ لأن فيها عطف مظهر على مضمر مخفوض. والجواب السادس: ما روي أن عائشة رضي الله عنها سئلت عن هذه الآية وعن قوله: "إن هذان لساحران" [طه: 63] ، وقوله: "والصابئون" في "المائدة: 69] ، فقالت للسائل: يا ابن أخي الكتاب أخطؤوا. وقال أبان بن عثمان: كان الكاتب يملى عليه فيكتب فكتب "لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون" ثم قال له: ما أكتب ؟ فقيل له: اكتب "والمقيمين الصلاة" فمن ثم وقع هذا. قال القشيري: وهذا المسلك باطل؛ لأن الذين جمعوا الكتاب كانوا قدوة في اللغة، فلا يظن بهم أنهم يدرجون في القرآن ما لم ينزل. وأصح هذه الأقوال قول سيبويه وهو قول الخليل، وقول الكسائي هو اختيار القفال والطبري، والله أعلم.
الصفحة رقم 103 من المصحف تحميل و استماع mp3