تفسير الشوكاني تفسير الصفحة 103 من المصحف



فتح القدير - صفحة القرآن رقم 103

102

قوله 155- "فبما نقضهم ميثاقهم" ما مزيدة للتوكيد، أو نكرة، ونقضهم بدل منها، والباء متعلقة بمحذوف، والتقدير: فبنقضهم ميثاقهم لعناهم. وقال الكسائي: هو متعلق بما قبله والمعنى: فأخذتهم الصاعقة بظلمهم إلى قوله "فبما نقضهم ميثاقهم" قال: ففسر ظلمهم الذي أخذتهم الصاعقة بسببه بما بعده من نقضهم ميثاقهم وقتلهم الأنبياء وما بعده. وأنكر ذلك ابن جرير الطبري وغيره، لأن الذين أخذتهم الصاعقة كانوا على عهد موسى، والذين قتلوا الأنبياء ورموا مريم بالبهتان كانوا بعد موسى بزمان، فلم تأخذ الصاعقة الذين أخذتهم برمتهم بالبهتان. قال المهدوي وغيره: وهذا لا يلزم لأنه يجوز أن يخبر عنهم، والمراد آباؤهم، وقال الزجاج: المعنى فبنقضهم ميثاقهم حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم، لأن هذه القصة ممتدة إلى قوله "فبظلم من الذين هادوا حرمنا" ونقضهم الميثاق أنه أخذ عليهم أن يبينوا صفة النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل المعنى: فبنقضهم ميثاقهم وفعلهم كذا طبع الله على قلوبهم، وقيل المعنى: فبنقضهم لا يؤمنون إلا قليلاً، والفاء في قوله "فلا يؤمنون" مقحمة. قوله "وكفرهم بآيات الله" معطوف على ما قبله، وكذا قوله "وقتلهم"، والمراد بآيات الله كتبهم التي حرفوها، والمراد بالأنبياء الذين قتلوهم يحيى وزكرياء. وغلف جمع أغلف وهو المغطى بالغلاف: أي قلوبنا في أغطية فلا تفقه ما تقول. وقيل: إن غلف جمع غلاف، والمعنى: أن قلوبهم أوعية للعلم فلا حاجة لهم إلى علم غير ما قد حوته قلوبهم وهو كقولهم "قلوبنا في أكنة" وغرضهم بهذا رد حجة الرسل. قوله "بل طبع الله عليها بكفرهم" هذه الجملة اعتراضية: أي ليس عدم قبولهم للحق بسبب كونها غلفاً بحسب مقصدهم الذي يريدونه، بل بحسب الطبع من الله عليها. والطبع: الختم، وقد تقدم إيضاح معناه في البقرة، وقوله "فلا يؤمنون إلا قليلاً" أي: هي مطبوع عليها من الله بسبب كفرهم فلا يؤمنون إلا إيماناً قليلاً، أو إلا قليلاً منهم كعبد الله بن سلام ومن أسلم معه منهم.
وقوله 156- "وبكفرهم" معطوف على قولهم، وإعادة الجار لوقوع الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه، وهذا التكرير لإفادة أنهم كفروا كفراً بعد كفر، وقيل: إن المراد بهذا الكفر كفرهم بالمسيح، فحذف لدلالة ما بعد عليه. قوله "وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً" هو رميها بيوسف النجار، وكان من الصالحين. والبهتان: الكذب المفرط الذي يتعجب منه.
قوله 157- "وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله" معطوف على ما قبله، وهو من جملة جناياتهم وذنوبهم لأنهم كذبوا بأنهم قتلوه وافتخروا بقتله وذكروه بالرسالة استهزاءً، لأنهم ينكرونها ولا يعترفون بأنه نبي، وما ادعوه من أنهم قتلوه قد اشتمل على بيان صفته وإيضاح حقيقته الإنجيل، وما فيه هو من تحريف النصارى: أبعدهم الله، فقد كذبوا وصدق الله القائل في كتابه العزيز "وما قتلوه وما صلبوه" والجملة حالية: أي قالوا ذلك والحال أنهم ما قتلوه وما صلبوه "ولكن شبه لهم" أي: ألقي شبهه على غيره، وقيل: لم يكونوا يعرفون شخصه وقتلوا الذي قتلوه وهم شاكون فيه "وإن الذين اختلفوا فيه" أي: في شأن عيسى، فقال بعضهم قتلناه، وقال من عاين رفعه إلى السماء ما قتلناه، وقيل: إن الاختلاف بينهم، هو أن النسطورية من النصارى قالوا: صلب عيسى من جهة ناسوته لا من جهة لاهوته، وقالت الملكانية: وقع القتل والصلب على المسيح بكماله ناسوته ولاهوته، ولهم من جنس هذا الاختلاف كلام طويل لا أصل له، ولهذا قال الله "وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه" أي: في تردد لا يخرج إلى حيز الصحة، ولا إلى حيز البطلان في اعتقادهم، بل هم مترددون مرتابون في شكهم يعمهون، وفي جهلهم يتحيرون، و"ما لهم به من علم إلا اتباع الظن" من زائدة لتوكيد نفي العلم، والاستثناء منقطع: أي لكنهم يتبعون الظن، وقيل: هو بدل بما قبله. والأول أولى. لا يقال إن اتباع الظن ينافي الشك الذي أخبر الله عنهم بأنهم فيه، لأن المراد هنا بالشك التردد كما قدمنا، والظن نوع منه، وليس المراد به هنا ترجح أحد الجانبين. قوله "وما قتلوه يقيناً" أي: قتلاً يقيناً على أنه صفة مصدر محذوف، أو متيقنين على أنه حال، وهذا على أن الضمير في قتلوه لعيسى، وقيل: إنه يعود إلى الظن، والمعنى: ما قتلوا ظنهم يقيناً كقولك قتلته علماً إذا علمته علماً تاماً. قال أبو عبيدة: ولو كان المعنى وما قتلوه عيسى يقيناً لقال وما قتلوه فقط، وقيل المعنى: وما قتلوه الذي شبه لهم، وقيل المعنى: بل رفعه الله إليه يقيناً، وهو خطأ، لأنه لا يعمل ما بعد بل فيما قبلها. وأجاز ابن الأنباري نصب يقيناً بفعل مضمر هو جواب قسم، ويكون "بل رفعه الله إليه" كلاماً مستأنفاً ولا وجه لهذه الأقوال، والضمائر قبل قتلوه وبعده لعيسى، وذكر اليقين هنا لقصد التهكم بهم لإشعاره بعلمهم في الجملة.
قوله 158- "بل رفعه الله إليه" رد عليهم وإثبات لما هو الصحيح، وقد تقدم ذكر رفعه عليه السلام في آل عمران.
قوله 159- "وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته" المراد بأهل الكتاب اليهود والنصارى، والمعنى: وما من أهل الكتاب أحد إلا والله ليؤمنن به قبل موته، والضمير في به راجع إلى عيسى، والضمير في موته راجع إلى ما دل عليه الكلام، وهو لفظ أحد المقدر أو الكتابي المدلول عليه بأهل الكتاب، وفيه دليل على أنه لا يموت يهودي أو نصراني إلا وقد آمن بالمسيح، وقيل: كلا الضميرين لعيسى، والمعنى: أنه لا يموت عيسى حتى يؤمن به كل كتابي في عصره، وقيل: الضمير الأول لله، وقيل: إلى محمد، وقد اختار كون الضميرين لعيسى ابن جرير، وقال به جماعة من السلف وهو الظاهر، والمراد الإيمان به عند نزوله في آخر الزمان كما وردت بذلك الأحاديث المتواترة "ويوم القيامة يكون" عيسى على أهل الكتاب "شهيداً" يشهد على اليهود بالتكذيب له، وعلى النصارى بالغلو فيه حتى قالوا هو ابن الله. وقد أخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال: جاء ناس من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن موسى جاء بالألواح من عند الله فأتنا بالألواح من عند الله حتى نصدقك، فأنزل الله "يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتاباً من السماء" إلى "وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً". وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في الآية قال: إن اليهود والنصارى قالوا لمحمد صلى الله عليه وسلم: لن نبايعك على ما تدعونا إليه حتى تأتينا بكتاب من عند الله إلى فلان أنك رسول الله وإلى فلان أنك رسول الله، فأنزل الله "يسألك أهل الكتاب" الآية. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله "أرنا الله جهرة" قال: إنهم إذا رأوه فقد رأوه، وإنما قالوا جهرة أرنا الله قال: هو مقدم ومؤخر. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله "ورفعنا فوقهم الطور" قال: جبل كانوا في أصله فرفعه الله فجعله فوقهم كأنه ظلة، فقال: لتأخذن أمري أو لأرمينكم به، فقالوا: نأخذه فأمسكه الله عنهم. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله "وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً" قال: رموها بالزنا. وأخرج سعيد بن منصور والنسائي وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال: لما أراد الله أن يرفع عيسى إلى السماء خرج إلى أصحابه وفي البيت اثنا عشر رجلاً من الحواريين، فخرج عليهم من عين في البيت ورأسه يقطر ماء فقال: إن منكم من يكفر بي اثنتي عشرة مرة بعد أن آمن بي، ثم قال: أيكم يلقى عليه شبهي فيقتل مكاني ويكون معي في درجتي؟ فقام شاب من أحدثهم سناً فقال له: اجلس، ثم أعاد عليهم، فقال الشاب فقال: اجلس، ثم أعاد عليهم، فقام الشاب فقال: أنا، فقال: أنت ذاك فألقي عليه شبه عيسى، ورفع عيسى في روزنة في البيت إلى السماء، قال: وجاء الطلب من اليهود فأخذوا الشبه فقتلوه ثم صلبوه، فكفر به بعضهم اثنتي عشرة مرة بعد أن آمن به وافترقوا ثلاث فرق، فقالت طائفة: كان الله فينا ما شاء ثم صعد إلى السماء، فهؤلاء اليعوقبية، وقالت فرقة: كان فينا ابن الله ما شاء ثم رفعه الله إليه، وهؤلاء النسطورية. وقالت فرقة: كان فينا عبد الله ورسوله وهؤلاء المسلمون فتظاهرت الكافرتان على المسلمة فقتلوها، فلم يزل الإسلام طامساً حتى بعث الله محمداً، فأنزل الله عليه "فآمنت طائفة من بني إسرائيل" يعني: الطائفة التي آمنت في زمن عيسى "وكفرت طائفة" يعني: التي كفرت في زمن عيسى "فأيدنا الذين آمنوا" في زمن عيسى بإظهار محمد دينهم على دين الكافرين. قال ابن كثير بعد أن ساقه بهذا اللفظ عن ابن أبي حاتم قال: حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فذكره. وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس وصدق ابن كثير، فهؤلاء كلهم من رجال الصحيح. وأخرجه النسائي من حديث أبي كريب عن أبي معاوية بنحوه. وقد رويت قصته عليه السلام من طرق بألفاظ مختلفة، وساقها عبد بن حميد وابن جرير عن وهب بن منبه على صفة قريبة مما في الإنجيل، وكذلك ساقها ابن المنذر عنه. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله "وما قتلوه يقيناً" قال: لم يقتلوا ظنهم يقيناً. وأخرج ابن المنذر عن مجاهد مثله. وأخرج ابن جرير عن ابن جويبر والسدي مثله أيضاً. وأخرج الفريابي وعبد بن حميد والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " قال: خروج عيسى ابن مريم. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طرق عنه في الآية قال: قبل موت عيسى. وأخرجا عنه أيضاً قال: قبل موت اليهودي. وأخرج ابن جرير عنه قال: إنه سيدرك أناس من أهل الكتاب عيسى حين يبعث سيؤمنون به. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عنه قال: "ليس يهودي يموت أبداً حتى يؤمن بعيسى، قيل لابن عباس أرأيت إن خر من فوق بيت؟ قال: يتكلم به في الهواء، فقيل: أرأيت إن ضرب عنق أحدهم؟ قال: يتلجلج به لسانه". وقد روي نحو هذا عنه من طرق، وقال به جماعة من التابعين، وذهب كثير من التابعين فمن بعدهم إلى أن المراد قبل موت عيسى كما روي عن ابن عباس قبل هذا، وقيده كثير منهم بأنه يؤمن به من أدركه عند نزوله إلى الأرض. وقد تواترت الأحاديث بنزول عيسى حسبما أوضحنا ذلك في مؤلف مستقل يتضمن ذكر ما ورد في المنتظر والدجال والمسيح.
الباء في قوله 160- "فبظلم" للسببية، والتنكير والتنوين للتعظيم: أي فبسبب ظلم عظيم حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم، لا بسبب شيء آخر كما زعموا أنها كانت محرمة على من قبلهم. وقال الزجاج: هذا بدل من قوله "فبما نقضهم". والطيبات المذكورة هي ما نصه الله سبحانه "وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر" الآية. "وبصدهم" أنفسهم وغيرهم "عن سبيل الله" وهو اتباع محمد صلى الله عليه وسلم وتحريفهم وقتلهم الأنبياء وما صد منهم من الذنوب المعروفة. وقوله "كثيراً" مفعول للفعل المذكور: أي بصدهم ناساً كثيراً، أو صفة مصدر محذوف: أي صداً كثيراً.
161- "وأخذهم الربا وقد نهوا عنه" أي: معاملتهم فيما بينهم بالربا وأكلهم له وهو محرم عليهم "وأكلهم أموال الناس بالباطل" كالرشوة والسحت الذي كانوا يأخذونه.
قوله 162- "لكن الراسخون في العلم منهم" استدراك من قوله "وأعتدنا للكافرين منهم عذاباً أليماً" أو "من الذين هادوا" وذلك أن اليهود أنكروا وقالوا: إن هذه الأشياء كانت حراماً في الأصل وأنت تحلها، فنزل "لكن الراسخون" والراسخ: هو المبالغ في علم الكتاب الثابت فيه، والرسوخ: الثبوت. وقد تقدم الكلام عليه في آل عمران. والمراد عبد الله بن سلام وكعب الأحبار ونحوهما. والراسخون مبتدأ، ويؤمنون خبره، والمؤمنون معطوف على الراسخون. والمراد بالمؤمنين إما من آمن من أهل الكتاب أو من المهاجرين والأنصار أو من الجميع. قوله "والمقيمين الصلاة" قرأ الحسن ومالك بن دينار وجماعة " والمقيمين الصلاة " على العطف على ما قبله، وكذا هو في مصحف ابن مسعود، واختلف في وجه نصبه على قراءة الجمهور على أقوال: الأول قول سيبويه أنه نصب على المدح: أي أعني المقيمين. قال سيبويه: هذا باب ما ينتصب على التعظيم، ومن ذلك "والمقيمين الصلاة" وأنشد: وكل قوم أطاعوا أمر سيدهم إلا نميراً أطاعت أمر غاويها الطـاعنين ولمـا يطعنـوا أحـدا والقائلـون لمـن دار نخيـلهــا وأنشد: لا يبعدن قومي الذين هم سم العداة وآفة الجزر النـازلـين بكــل مـعــترك والطيبـون معاقد الأزر قال النحاس: وهذا أصح ما قيل في المقيمين. وقال الكسائي والخليل: هو معطوف على قوله "بما أنزل إليك" قال الأخفش: وهذا بعيد لأن المعنى يكون هكذا: ويؤمنون بالمقيمين. ووجهه محمد بن يزيد المبرد بأن المقيمين هنا هم الملائكة، فيكون المعنى: يؤمنون بما أنزل إليك وبما أنزل من قبلك وبالملائكة واختار هذا. وحكي أن النصب على المدح بعيد، لأن المدح إنما يأتي بعد تمام الخبر، وخبر الراسخون هو قوله "أولئك سنؤتيهم أجراً عظيماً" وقيل: إن المقيمين معطوف على الضمير في قوله "منهم" وفيه أنه عطف على مضمر بدون إعادة الخافض وحكي عن عائشة أنها سئلت عن المقيمين في هذه الآية وعن قوله تعالى "إن هذان لساحران" وعن قوله "والصابئون" في المائدة؟ فقالت:يا ابن أخي الكتاب أخطأوا. أخرجه عنها أبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر. وقال أبان بن عثمان كان الكاتب يملي علي فيكتب فكتب "لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون" ثم قال: ما أكتب؟ فقيل له: أكتب "والمقيمين الصلاة" فمن ثم وقع هذا. أخرجه عنه عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر. قال القشيري: وهذا باطل لأن الذين جمعوا الكتاب كانوا قدوة في اللغة فلا يظن بهم ذلك. ويجاب عن القشيري بأنه قد روي عن عثمان بن عفان أنه لما فرغ من المصحف وأتي به إليه قال: أرى فيه شيئاً من لحن ستقيمه العرب بألسنتها. أخرجه عنه ابن أبي داود من طرق. وقد رجح قول سيبويه كثير من أئمة النحو والتفسير، ورجح قول الخليل والكسائي ابن جرير الطبري والقفال، وعلى قول سيبويه تكون الجملة معترضة بين المبتدأ والخر على قول من قال: إن خبر الراسخون هو قوله "أولئك سنؤتيهم" أو بين المعطوف والمعطوف عليه إن جعلنا خبر الراسخون هو يؤمنون، وجعلنا قوله "والمؤتون الزكاة" عطفاً على المؤمنون لا على قول سيبويه أن المؤتون الزكاة مرفوع على الابتداء أو على تقدير مبتدأ محذوف: أي هم المؤتون الزكاة. قوله "والمؤمنون بالله واليوم الآخر" هم مؤمنو أهل الكتاب وصفوا أولاً بالرسوخ في العلم ثم بالإيمان بكتب الله وأنهم يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويؤمنون بالله واليوم الآخر، وقيل: المراد بهم المؤمنون من المهاجرين والأنصار كما سلف وأنهم جامعون بين هذه الأوصاف، والإشارة بقوله "أولئك سنؤتيهم أجراً عظيماً" إلى الراسخون وما عطف عليه.