سورة الحاقة | للقراءة من المصحف بخط كبير واضح
استماع mp3 | الجلالين&الميسر | تفسير الشوكاني |
إعراب الصفحة | تفسير ابن كثير | تفسير القرطبي |
التفسير المختصر | تفسير الطبري | تفسير السعدي |
تفسير القرطبي الجامع لأحكام القرآن تفسير الصفحة 567 من المصحف
الآية: 9 {وجاء فرعون ومن قبله والمؤتفكات بالخاطئة}
قوله تعالى: "وجاء فرعون ومن قبله" قرأ أبو عمرو والكسائي "ومن قبله" بكسر القاف وفتح الباء؛ أي ومن معه وتبعه من جنوده. واختاره أبو عبيد وأبو حاتم اعتبارا بقراءة عبدالله وأبي "ومن معه". وقرأ أبو موسى الأشعري "ومن تلقاءه". الباقون "قبله" بفتح القاف وسكون الباء؛ أي ومن تقدمه من القرون الخالية والأمم الماضية. "والمؤتفكات" أي أهل قرى لوط. وقراءة العامة بالألف. وقرأ الحسن والجحدري "والمؤتفكة" على التوحيد. قال قتادة: إنما سميت قرى قوم لوط "مؤتفكات" لأنها ائتفكت بهم، أي انقلبت. وذكر الطبري عن محمد بن كعب القرظي قال: خمس قريات: صبعة وصعرة وعمرة ودوما وسدوم؛ وهي القرية العظمى. "بالخاطئة" أي بالفعلة الخاطئة وهي المعصية والكفر. وقال مجاهد: بالخطايا التي كانوا يفعلونها. وقال الجرجاني: أي بالخطأ العظيم؛ فالخاطئة مصدر.
الآية: 10 {فعصوا رسول ربهم فأخذهم أخذة رابية}
قوله تعالى: "فعصوا رسول ربهم" قال الكلبي: هو موسى. وقيل: هو لوط لأنه أقرب. وقيل: عنى موسى ولوطا عليهما السلام؛ كما قال تعالى: "فقولا إنا رسول رب العالمين" [الشعراء: 16]. وقيل: "رسول" بمعنى رسالة. وقد يعبر عن الرسالة بالرسول؛ قال الشاعر:
لقد كذب الواشون ما بحت عندهم بسر ولا أرسلتهم برسول
"فأخذهم أخذة رابية" أي عالية زائدة على الأخذات وعلى عذاب الأمم. ومنه الربا إذا أخذ في الذهب والفضة أكثر مما أعطى. يقال: ربا الشيء يربو أي زاد وتضاعف. وقال مجاهد: شديدة. كأنه أراد زائدة في الشدة.
الآية: 11 - 12 {إنا لما طغا الماء حملناكم في الجارية، لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية}
قوله تعالى: "إنا لما طغى الماء" أي ارتفع وعلا. وقال علي رضي الله عنه: طغى على خزانه من الملائكة غضبا لربه فلم يقدروا على حبسه. قال قتادة: زاد على كل شيء خمسة عشر ذراعا. وقال ابن عباس: طغى الماء زمن نوح على خزانه فكثر عليهم فلم يدروا كم خرج. وليس من الماء قطرة تنزل قبله ولا بعده إلا بكيل معلوم غير ذلك اليوم. وقد مضى هذا مرفوعا أول السورة. والمقصود من قصص هذه الأمم وذكر ما حل بهم من العذاب: زجر هذه الأمة عن الاقتداء بهم في معصية الرسول. ثم من عليهم بأن جعلهم ذرية من نجا من الغرق بقوله: "حملناكم" أي حملنا آباءكم وأنتم في أصلابهم. "في الجارية" أي في السفن الجارية. والمحمول في الجارية نوح وأولاده، وكل من على وجه الأرض من نسل أولئك.
قوله تعالى: "لنجعلها لكم تذكرة" يعني سفينة نوح عليه الصلاة والسلام. جعلها الله تذكرة وعظة لهذه الأمة حتى أدركها أوائلهم؛ في قول قتادة. قال ابن جريج: كانت ألواحها على الجودي. والمعنى: أبقيت لكم تلك الخشبات حتى تذكروا ما حل بقوم نوح، وإنجاء الله آباءكم؛ وكم من سفينة هلكت وصارت ترابا ولم يبق منها شيء. وقيل: لنجعل تلك الفعلة من إغراق قوم نوح وإنجاء من آمن معه موعظة لكم؛ ولهذا قال الله تعالى: "وتعيها أذن واعية" أي تحفظها وتسمعها أذن حافظة لما جاء من عند الله. والسفينة لا توصف بهذا. قال الزجاج: ويقال وعيت كذا أي حفظته في نفسي، أعيه وعيا. ووعيت العلم، ووعيت ما قلت؛ كله بمعنى. وأوعيت المتاع في الوعاء. قال الزجاج: يقال لكل ما حفظته في غير نفسك: "أوعيته" بالألف، ولما حفظته في نفسك "وعيته" بغير ألف. وقرأ طلحة وحميد والأعرج "وتعيها" بإسكان العين؛ تشبيها بقول: "أرنا" [البقرة: 128]. واختلف فيها عن عاصم وابن كثير. الباقون بكسر العين؛ ونظير قوله تعالى: "وتعيها أذن واعية"، "إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب" [ق: 37]. وقال قتادة: الأذن الواعية أذن عقلت عن الله تعالى، وانتفعت بما سمعت من كتاب الله عز وجل. وروى مكحول أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عند نزول هذه الآية: (سألت ربي أن يجعلها أذن علي). قال مكحول: فكان علي رضي الله عنه يقول ما سمعت من رسول صلي الله عليه وسلم شيئا قط فنسيته إلا وحفظته. ذكره الماوردي. وعن الحسن نحوه ذكره الثعلبي قال: لما نزلت "وتعيها أذن واعية" قال النبي صلى الله عليه وسلم: (سألت ربي أن يجعلها أذنك يا علي) قال علي: فوالله ما نسيت شيئا بعد، وما كان لي أن أنسى. وقال أبو برزة الأسلمي قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي: (يا علي إن الله أمرني أن أدنيك ولا أقصيك وأن أعلمك وأن تعي وحقٌّ على الله أن تَعِيَ).
الآية: 13 {فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة}
قال ابن عباس: هي النفخة الأولى لقيام الساعة، فلم يبق أحد إلا مات. وجاز تذكير "نفخ" لأن تأنيث النفخة غير حقيقي. وقيل: إن هذه النفخة هي الأخيرة. وقال: "نفخة واحدة" أي لا تثنى. قال الأخفش: ووقع الفعل على النفخة إذ لم يكن قبلها اسم مرفوع فقيل: نفخة. ويجوز "نفخة" نصبا على المصدر. وبها قرأ أبو السمال. أو يقال: اقتصر على الإخبار عن الفعل كما تقول: ضرب ضربا. وقال الزجاج: "في الصور" يقوم مقام ما لم يسم فاعله.
الآية: 14 {وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة}
قوله تعالى: "وحملت الأرض والجبال" قراءة العامة بتخفيف الميم؛ أي رفعت من أماكنها. "فدكتا" أي فتتا وكسرتا. "دكة واحدة" لا يجوز في "دكة" إلا النصب لارتفاع الضمير في "دكتا". وقال الفراء: لم يقل فدككن لأنه جعل الجبال كلها كالجملة الواحدة، والأرض كالجملة الواحدة. ومثله: "أن السموات والأرض كانتا رتقا" [الأنبياء: 30] ولم يقل كن. وهذا الدك كالزلزلة؛ كما قال تعالى: "إذا زلزلت الأرض زلزالها" [الزلزلة: 1]. وقيل: "دكتا" أي بسطتا بسطة واحدة؛ ومنه أندك سنام البعير إذا انفرش في ظهره. وقد مضى في سورة "الأعراف" القول فيه. وقرأ عبدالحميد عن ابن عامر "وحملت الأرض والجبال" بالتشديد على إسناد الفعل إلى المفعول الثاني. كانه في الأصل وحملت قدرتنا أو ملكا من ملائكتنا الأرض والجبال؛ ثم أسند الفعل إلى المفعول الثاني فبني له. ولو جيء بالمفعول الأول لأسند الفعل إليه؛ فكأنه قال: وحملت قدرتنا الأرض. وقد يجوز بناؤه للثاني على وجه القلب فيقال: حُمِّلَت الأرضُ الملَك؛ كقولك: أُلبِس زيدٌ الجبة، وأُلبِست الجبةُ زيداً.
الآية: 15 - 17 {فيومئذ وقعت الواقعة، وانشقت السماء فهي يومئذ واهية، والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية}
قوله تعالى: "فيومئذ وقعت الواقعة" أي قامت القيامة. "وانشقت السماء" أي أنصدعت وتفطرت. وقيل: تنشق لنزول ما فيها من الملائكة؛ دليله قوله تعالى: "ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا" [الفرقان: 25] وقد تقدم. "فهي يومئذ واهية" أي ضعيفة. يقال: وهي البناء يهي وهيا فهو واه إذا ضعف جدا. ويقال: كلام واه؛ أي ضعيف. فقيل: إنها تصير بعد صلابتها بمنزلة الصوف في الوهي ويكون ذلك لنزول الملائكة كما ذكرنا. وقيل: لهول يوم القيامة. وقيل: "واهية" أي متخرقة؛ قال ابن شجرة. مأخوذ من قولهم: وهى السقاء إذا تخرق. ومن أمثالهم:
خل سبيل من وهى سقاؤه ومن أهريق بالفلاة ماؤه
أي من كان ضعيف العقل لا يحفظ نفسه. "والملك" يعني الملائكة؛ اسم للجنس. "على أرجائها" أي على أطرافها حين تنشق؛ لأن السماء مكانهم؛ عن ابن عباس. الماوردي: ولعله قول مجاهد وقتادة. وحكاه الثعلبي عن الضحاك، قال: على أطرافها مما لم ينشق منها. يريد أن السماء مكان الملائكة فإذا انشقت صاروا في أطرافها. وقال سعيد بن جبير: المعنى والملك على حافات الدنيا؛ أي ينزلون إلى الأرض ويحرسون أطرافها. وقيل: إذا صارت السماء قطعا تقف الملائكة على تلك القطع التي ليست متشققة في أنفسها. وقيل: إن الناس إذا رأوا جهنم هالتهم؛ فيندوا كما تند الإبل، فلا يأتون قطرا من أقطار الأرض إلا رأوا ملائكة فيرجعون من حيث جاؤوا. وقيل: "على أرجائها" ينتظرون ما يؤمرون به في أهل النار من السوق إليها، وفي أهل الجنة من التحية والكرامة. وهذا كله راجع إلى معنى قول ابن جبير. ويدل عليه: "ونزل الملائكة تنزيلا" [الفرقان: 25] وقوله تعالى: "يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض" [الرحمن: 33] على ما بيناه هناك. والأرجاء النواحي والأقطار بلغة هذيل، واحدها رجا مقصور، وتثنيته رجوان؛ مثل عصا وعصوان. قال الشاعر:
فلا يرمى بي الرجوان أني أقل القوم من يغني مكاني
ويقال ذلك لحرف البئر والقبر.
قوله تعالى: "ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية" قال ابن عباس: ثمانية صفوف من الملائكة لا يعلم عددهم إلا الله. وقال ابن زيد: هم ثمانية أملاك. وعن الحسن: الله أعلم كم هم، ثمانية أم ثمانية آلاف. وعن النبي صلى الله عليه وسلم (أن حملة العرش اليوم أربعة فإذا كان يوم القيامة أيدهم الله تعالى بأربعة آخرين فكانوا ثمانية). ذكره الثعلبي. وخرجه الماوردي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يحمله اليوم أربعة وهم يوم القيامة ثمانية). وقال العباس بن عبدالملك: هم ثمانية أملاك على صورة الأوعال. ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم. وفي الحديث (إن لكل ملك منهم أربعة أوجه وجه رجل ووجه أسد ووجه ثور ووجه نسر وكل وجه منها يسأل الله الرزق لذلك الجنس). ولما أنشد بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم قول أمية بن أبي الصلت:
رجل وثور تحت رجل يمينه والنسر للأخرى وليث مرصد
والشمس تطلع كل آخر ليلة حمراء يصبح لونها يتورد
ليست بطالعة لهم في رسلها إلا معذبة وإلا تجلد
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (صدق). وفي الخبر (أن فوق السماء السابعة ثمانية أو عال بين أظلافهن وركبهن مثل ما بين سماء إلى سماء وفوق ظهورهن العرش). ذكره القشيري وخرجه الترمذي من حديث العباس ابن عبدالمطلب. وقد مضى في سورة "البقرة" بكماله. وذكر نحوه الثعلبي ولفظه. وفي حديث مرفوع (أن حملة العرش ثمانية أملاك على صورة الأوعال ما بين أظلافها إلى ركبها مسيرة سبعين عاما للطائر المسرع). وفي تفسير الكلبي: ثمانية أجزاء من تسعة أجزاء من الملائكة. وعنه: ثمانية أجزاء من عشرة أجزاء من الملائكة. ثم ذكر عدة الملائكة بما يطول ذكره. حكى الأول عنه الثعلبي والثاني القشيري. وقال الماوردي عن ابن عباس: ثمانية أجزاء من تسعة وهم الكروبيون. والمعنى ينزل بالعرش. ثم إضافة العرش إلى الله تعالى كإضافة البيت، وليس البيت للسكنى، فكذلك العرش. ومعنى: "فوقهم" أي فوق رؤوسهم. قال السدي: العرش تحمله الملائكة الحملة فوقهم ولا يحمل حملة العرش إلا الله. وقيل: "فوقهم" أي إن حملة العرش فوق الملائكة الذين في السماء على أرجائها. وقيل: "فوقهم" أي فوق أهل القيامة.
الآية: 18 {يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية}
قوله تعالى: "يومئذ تعرضون" أي، على الله؛ دليله: "وعرضوا على ربك صفا" وليس ذلك عرضا يعلم به ما لم يكن عالما به، بل معناه الحساب وتقرير الأعمال عليهم للمجازاة. وروى الحسن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات فأما عرضتان فجدال ومعاذير وأما الثالثة فعند ذلك تطير الصحف في الأيدي فآخذ بيمينه وآخذ بشماله). خرجه الترمذي قال: ولا يصح من قبل أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة. "لا تخفى منكم خافية" أي هو عالم بكل شي من أعمالكم. "فخافية" على هذا بمعنى خفية، كانوا يخفونها من أعمالهم؛ قاله ابن شجرة. وقيل: لا يخفى عليه إنسان؛ أي لا يبقى إنسان لا يحاسب. وقال عبدالله بن عمرو بن العاص: لا يخفى المؤمن من الكافر ولا البر من الفاجر. وقيل: لا تستتر منكم عورة؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يحشر الناس حفاة عراة). وقرأ الكوفيون إلا عاصما "لا يخفى" بالياء؛ لأن تأنيث الخافية غير حقيقي؛ نحو قوله تعالى: "وأخذ الذين ظلموا الصيحة" [هود: 67] واختاره أبو عبيد؛ لأنه قد حال بين الفعل وبين الاسم المؤنث الجار والمجرور. الباقون بالتاء. واختاره أبو حاتم لتأنيث الخافية.
الآية: 19 - 27 {فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرؤوا كتابيه، إني ظننت أني ملاق حسابيه، فهو في عيشة راضية، في جنة عالية، قطوفها دانية، كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية، وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه، ولم أدر ما حسابيه، يا ليتها كانت القاضية}
قوله تعالى: "فأما من أوتي كتابه بيمينه" إعطاء الكتاب باليمين دليل على النجاة. وقال ابن عباس: أول من يعطى كتابه بيمينه من هذه الأمة عمر بن الخطاب، وله شعاع كشعاع الشمس. قيل له: فأين أبو بكر؟ فقال هيهات هيهات! زفته الملائكة إلى الجنة. ذكره الثعلبي. وقد ذكرناه مرفوعا من حديث زيد بن ثابت بلفظه ومعناه في كتاب "التذكرة". والحمد لله. "فيقول هاؤم اقرؤوا كتابيه" أي يقول ذلك ثقة بالإسلام وسرورا بنجاته؛ لأن اليمين عند العرب من دلائل الفرح، والشمال من دلائل الغم. قال الشاعر:
أبيني أفي يمنى يديك جعلتني فأفرح أم صيرتني في شمالك
ومعنى: "هاؤم" تعالوا؛ قاله ابن زيد. وقال مقاتل: هلم. وقيل: أي خذوا؛ ومنه الخبر في الربا (إلا هاء وهاء) أي يقول كل واحد لصاحبه: خذ. قال ابن السكيت والكسائي: العرب تقول هاء يا رجل اقرأ، وللاثنين هاؤما يا رجلان، وهاؤم يا رجال، وللمرة هاء (بكسر الهمزة) وهاؤما وهاؤمن. والأصل هاكم فأبدلت الهمزة من الكاف؛ قال القتيبي. وقيل: إن "هاؤم" كلمة وضعت لإجابة الداعي عند النشاط والفرح. روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ناداه أعرابي بصوت عال فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم "هاؤم" يطول صوته. "وكتابيه" منصوب بـ "هاؤم" عند الكوفيين. وعند البصريين بـ "اقرؤوا" لأنه أقرب العاملين. والأصل "كتابي" فأدخلت الهاء لتبين فتحة الياء، وكان الهاء للوقف، وكذلك في أخواته: "حسابيه"، وماليه، وسلطانيه" وفي القارعة "ماهيه". وقراءة العامة بالهاء فيهن في الوقف والوصل معا؛ لأنهن وقعن في المصحف بالهاء فلا تترك. واختار أبو عبيد أن يتعمد الوقف عليها ليوافق اللغة في إلحاق الهاء في السكت ويوافق الخط. وقرأ ابن محيصن ومجاهد وحميد ويعقوب بحذف الهاء في الوصل وإثباتها في الوقف فيهن جمع. ووافقهم حمزة في "ماليه وسلطانيه"، و"ماهيه" في القارعة. وجملة هذه الحروف سبعة. واختار أبو حاتم قراءة يعقوب ومن معه إتباعا للغة. ومن قرأهن في الوصل بالهاء فهو على نية الوقف.
قوله تعالى: "إني ظننت" أي أيقنت وعلمت، عن ابن عباس وغيره. وقيل: أي إني ظننت أن يؤاخذني الله بسيئاتي عذبني فقد تفضل علي بعفوه ولم يؤاخذني بها. قال الضحاك: كل ظن في القرآن من المؤمن فهو يقين. ومن الكافر فهو شك. وقال مجاهد: ظن الآخرة يقين، وظن الدنيا شك. وقال الحسن في هذ الآية: إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل وإن المنافق أساء الظن بربه فأساء العمل. "أني ملاق حسابي" أي في الآخرة ولم أنكر البعث؛ يعني أنه ما نجا إلا بخوفه من يوم الحساب، لأنه تيقن أن الله يحاسبه فعمل للآخرة. "فهو في عيشة راضية" أي في عيش يرضاه لا مكروه فيه. وقال أبو عبيدة والفراء: "راضية" أي مرضية؛ كقولك: ماء دافق؛ أي مدفوق. وقيل: ذات رضا؛ أي يرضى بها صاحبها. مثل لابن وتامر؛ أي صاحب اللبن والتمر. وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنهم يعيشون فلا يموتون أبدا ويصحون فلا يمرضون أبدا وينعمون فلا يرون بؤسا أبدا ويشبون فلا يهرمون أبدا). "في جنة عالية" أي عظيمة في النفوس. "قطوفها دانية" أي قريبة التناول، يتناولها القائم والقاعد والمضطجع على ما يأتي بيانه في سورة "الإنسان". والقطوف جمع قطف (بكسر القاف) وهو ما يقطف من الثمار. والقطف (بالفتح) المصدر. والقطاف (بالفتح والكسر) وقت القطف. "كلوا واشربوا" أي يقال لهم ذلك. "هنيئا" لا تكدير فيه ولا تنغيص. "بما أسلفتم" قدمتم من الأعمال الصالحة. "في الأيام الخالية" أي في الدنيا. وقال: "كلوا" بعد قوله: "فهو في عيشة راضية" لقوله: "فأما من أوتي" و"من" يتضمن معنى الجمع.
وذكر الضحاك أن هذه الآية نزلت في أبي سلمة عبدالله بن عبد الأسد المخزومي؛ وقاله مقاتل. والآية التي تليها في أخيه الأسود بن عبد الأسد؛ في قول ابن عباس والضحاك أيضا؛ قال الثعلبي. ويكون هذا الرجل وأخوه سبب نزول هذه الآيات. ويعم المعنى جميع أهل الشقاوة وأهل السعادة؛ يدل عليه قوله تعالى: "كلوا وأشربوا". وقد قيل: إن المراد بذلك كل من كان متبوعا في الخير والشر. فإذا كان الرجل رأسا في الخير، يدعو إليه ويأمر به ويكثر تبعه عليه، دعي باسمه واسم أبيه فيتقدم حتى إذا دنا أخرج له كتاب أبيض بخط أبيض، في باطنه السيئات وفي ظاهره الحسنات فيبدأ بالسيئات فيقرأها فيشفق ويصفر وجهه ويتغير لونه فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه "هذه سيئاتك وقد غفرت لك" فيفرح عند ذلك فرحا شديدا، ثم يقلب كتابه فيقرأ حسناته فلا يزداد إلا فرحا؛ حتى إذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه "هذه حسناتك قد ضوعفت لك" فيبيض وجهه ويؤتى بتاج فيوضع على رأسه، ويكسى حلتين، ويحلى كل مفصل منه ويطول ستين ذراعا وهي قامة آدم عليه السلام؛ ويقال له: انطلق إلى أصحابك فأخبرهم وبشرهم أن لكل إنسان منهم مثل هذا. فإذا أدبر قال: هاؤم اقرؤوا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه. قال الله تعالى: "فهو في عيشة راضية" أي مرضية قد رضيها "في جنة عالية" في السماء "قطوفها" ثمارها وعناقيدها. "دانية" أدنيت منهم. فيقول لأصحابه: هل تعرفوني؟ فيقولون: قد غمرتك كرامة، من أنت؟ فيقول: أنا فلان بن فلان أبشر كل رجل منكم بمثل هذا. "كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية" أي قدمتم في أيام الدنيا. وإذا كان الرجل رأسا في الشر، يدعو إليه ويأمر به فيكثر تبعه عليه، نودي باسمه واسم أبيه فيتقدم إلى حسابه، فيخرج له كتاب أسود بخط أسود في باطنه الحسنات وفي ظاهره السيئات، فيبدأ بالحسنات فيقرأها ويظن أنه سينجو، فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه "هذه حسناتك وقد ردت عليك" فيسود وجهه ويعلوه الحزن ويقنط من الخير، ثم يقلب كتابه فيقرأ سيئاته فلا يزداد إلا حزنا، ولا يزداد وجهه إلا سوادا، فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه "هذه سيئاتك وقد ضوعفت عليك" أي يضاعف عليه العذاب. ليس المعنى أنه يزاد عليه ما لم يعمل - قال - فيعظم للنار وتزرق عيناه ويسود وجهه، ويكسى سرابيل القطران ويقال له: انطلق إلى أصحابك وأخبرهم أن لكل إنسان منهم مثل هذا؛ ينطلق وهو يقول: "يا ليتني لم أوت كتابيه. ولم أدر ما حسابيه. يا ليتها كانت القاضية" يتمنى الموت.
الآية: 28 - 34 {ما أغنى عني ماليه، هلك عني سلطانيه، خذوه فغلوه، ثم الجحيم صلوه، ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه، إنه كان لا يؤمن بالله العظيم، ولا يحض على طعام المسكين}
قوله تعالى: "هلك عني سلطانيه" تفسير ابن عباس: هلكت عنه حجتي. وهو قول مجاهد وعكرمة والسدي والضحاك. وقال ابن زيد: يعني سلطانيه في الدنيا الذي هو الملك. وكان هذا الرجل مطاعا في أصحابه؛ قال الله تعالى "خذوه فغلوه" قيل: يبتدره مائة ألف ملك ثم تجمع يده إلى عنقه وهو قوله عز وجل: "فغلوه" أي شدوه بالأغلال "ثم الجحيم صلوه" أي اجعلوه يصلى الجحيم "ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا" الله أعلم بأي ذراع، قاله الحسن. وقال ابن عباس: سبعون ذراعا بذراع الملك. وقال نوف: كل ذراع سبعون باعا، وكل باع أبعد ما بينك وبين مكة. وكان في رحبة الكوفة. وقال مقاتل: لو أن حلقة منها وضعت على ذروة جبل لذاب كما يذوب الرصاص. وقال كعب: إن حلقة من السلسلة التي قال الله تعالى ذرعها سبعون ذراعا - أن حلقة منها - مثل جميع حديد الدنيا. "فاسلكوه" قال سفيان: بلغنا أنها تدخل في دبره حتى تخرج من فيه. وقاله مقاتل. والمعنى ثم أسلكوا فيه سلسلة. وقيل: تدخل عنقه فيها ثم يجربها. وجاء في الخبر: أنها تدخل من دبره وتخرج من منخريه. وفي خبر آخر: تدخل من فيه وتخرج من دبره، فينادي أصحابه هل تعرفوني؟ فيقولون لا، ولكن قد نرى ما بك من الخزي فمن أنت؟ فينادي أصحابه أنا فلان بن فلان، لكل إنسان منكم مثل هذا.
قلت: وهذا التفسير أصح ما قيل في هذه الآية، يدل عليه قوله تعالى: "يوم ندعو كل أناس بإمامهم" [الإسراء: 71]. وفي الباب حديث أبي هريرة بمعناه خرجه الترمذي. وقد ذكرناه في سورة "الإسراء" فتأمله هناك. "إنه كان لا يؤمن بالله العظيم، ولا يحض على طعام المسكين" أي على الإطعام، كما يوضع العطاء موضع الإعطاء. قال الشاعر:
أكفرا بعد رد الموت عني وبعد عطائك المائة الرتاعا
أراد بعد إعطائك. فبين أنه عذب على ترك الإطعام وعلى الأم بالبخل، كما عذب بسبب الكفر. والحض: التحريض والحث. وأصل "طعام" أن يكون منصوبا بالمصدر المقدر. والطعام عبارة عن العين، وأضيف للمسكين للملابسة التي بينهما. ومن أعمل الطعام كما يعمل الإطعام فموضع المسكين نصب. والتقدير على إطعام المطعم المسكين؛ فحذف الفاعل وأضيف المصدر إلى المفعول.
تفسير القرطبي - صفحة القرآن رقم 567
567- تفسير الصفحة رقم567 من المصحفالآية: 9 {وجاء فرعون ومن قبله والمؤتفكات بالخاطئة}
قوله تعالى: "وجاء فرعون ومن قبله" قرأ أبو عمرو والكسائي "ومن قبله" بكسر القاف وفتح الباء؛ أي ومن معه وتبعه من جنوده. واختاره أبو عبيد وأبو حاتم اعتبارا بقراءة عبدالله وأبي "ومن معه". وقرأ أبو موسى الأشعري "ومن تلقاءه". الباقون "قبله" بفتح القاف وسكون الباء؛ أي ومن تقدمه من القرون الخالية والأمم الماضية. "والمؤتفكات" أي أهل قرى لوط. وقراءة العامة بالألف. وقرأ الحسن والجحدري "والمؤتفكة" على التوحيد. قال قتادة: إنما سميت قرى قوم لوط "مؤتفكات" لأنها ائتفكت بهم، أي انقلبت. وذكر الطبري عن محمد بن كعب القرظي قال: خمس قريات: صبعة وصعرة وعمرة ودوما وسدوم؛ وهي القرية العظمى. "بالخاطئة" أي بالفعلة الخاطئة وهي المعصية والكفر. وقال مجاهد: بالخطايا التي كانوا يفعلونها. وقال الجرجاني: أي بالخطأ العظيم؛ فالخاطئة مصدر.
الآية: 10 {فعصوا رسول ربهم فأخذهم أخذة رابية}
قوله تعالى: "فعصوا رسول ربهم" قال الكلبي: هو موسى. وقيل: هو لوط لأنه أقرب. وقيل: عنى موسى ولوطا عليهما السلام؛ كما قال تعالى: "فقولا إنا رسول رب العالمين" [الشعراء: 16]. وقيل: "رسول" بمعنى رسالة. وقد يعبر عن الرسالة بالرسول؛ قال الشاعر:
لقد كذب الواشون ما بحت عندهم بسر ولا أرسلتهم برسول
"فأخذهم أخذة رابية" أي عالية زائدة على الأخذات وعلى عذاب الأمم. ومنه الربا إذا أخذ في الذهب والفضة أكثر مما أعطى. يقال: ربا الشيء يربو أي زاد وتضاعف. وقال مجاهد: شديدة. كأنه أراد زائدة في الشدة.
الآية: 11 - 12 {إنا لما طغا الماء حملناكم في الجارية، لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية}
قوله تعالى: "إنا لما طغى الماء" أي ارتفع وعلا. وقال علي رضي الله عنه: طغى على خزانه من الملائكة غضبا لربه فلم يقدروا على حبسه. قال قتادة: زاد على كل شيء خمسة عشر ذراعا. وقال ابن عباس: طغى الماء زمن نوح على خزانه فكثر عليهم فلم يدروا كم خرج. وليس من الماء قطرة تنزل قبله ولا بعده إلا بكيل معلوم غير ذلك اليوم. وقد مضى هذا مرفوعا أول السورة. والمقصود من قصص هذه الأمم وذكر ما حل بهم من العذاب: زجر هذه الأمة عن الاقتداء بهم في معصية الرسول. ثم من عليهم بأن جعلهم ذرية من نجا من الغرق بقوله: "حملناكم" أي حملنا آباءكم وأنتم في أصلابهم. "في الجارية" أي في السفن الجارية. والمحمول في الجارية نوح وأولاده، وكل من على وجه الأرض من نسل أولئك.
قوله تعالى: "لنجعلها لكم تذكرة" يعني سفينة نوح عليه الصلاة والسلام. جعلها الله تذكرة وعظة لهذه الأمة حتى أدركها أوائلهم؛ في قول قتادة. قال ابن جريج: كانت ألواحها على الجودي. والمعنى: أبقيت لكم تلك الخشبات حتى تذكروا ما حل بقوم نوح، وإنجاء الله آباءكم؛ وكم من سفينة هلكت وصارت ترابا ولم يبق منها شيء. وقيل: لنجعل تلك الفعلة من إغراق قوم نوح وإنجاء من آمن معه موعظة لكم؛ ولهذا قال الله تعالى: "وتعيها أذن واعية" أي تحفظها وتسمعها أذن حافظة لما جاء من عند الله. والسفينة لا توصف بهذا. قال الزجاج: ويقال وعيت كذا أي حفظته في نفسي، أعيه وعيا. ووعيت العلم، ووعيت ما قلت؛ كله بمعنى. وأوعيت المتاع في الوعاء. قال الزجاج: يقال لكل ما حفظته في غير نفسك: "أوعيته" بالألف، ولما حفظته في نفسك "وعيته" بغير ألف. وقرأ طلحة وحميد والأعرج "وتعيها" بإسكان العين؛ تشبيها بقول: "أرنا" [البقرة: 128]. واختلف فيها عن عاصم وابن كثير. الباقون بكسر العين؛ ونظير قوله تعالى: "وتعيها أذن واعية"، "إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب" [ق: 37]. وقال قتادة: الأذن الواعية أذن عقلت عن الله تعالى، وانتفعت بما سمعت من كتاب الله عز وجل. وروى مكحول أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عند نزول هذه الآية: (سألت ربي أن يجعلها أذن علي). قال مكحول: فكان علي رضي الله عنه يقول ما سمعت من رسول صلي الله عليه وسلم شيئا قط فنسيته إلا وحفظته. ذكره الماوردي. وعن الحسن نحوه ذكره الثعلبي قال: لما نزلت "وتعيها أذن واعية" قال النبي صلى الله عليه وسلم: (سألت ربي أن يجعلها أذنك يا علي) قال علي: فوالله ما نسيت شيئا بعد، وما كان لي أن أنسى. وقال أبو برزة الأسلمي قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي: (يا علي إن الله أمرني أن أدنيك ولا أقصيك وأن أعلمك وأن تعي وحقٌّ على الله أن تَعِيَ).
الآية: 13 {فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة}
قال ابن عباس: هي النفخة الأولى لقيام الساعة، فلم يبق أحد إلا مات. وجاز تذكير "نفخ" لأن تأنيث النفخة غير حقيقي. وقيل: إن هذه النفخة هي الأخيرة. وقال: "نفخة واحدة" أي لا تثنى. قال الأخفش: ووقع الفعل على النفخة إذ لم يكن قبلها اسم مرفوع فقيل: نفخة. ويجوز "نفخة" نصبا على المصدر. وبها قرأ أبو السمال. أو يقال: اقتصر على الإخبار عن الفعل كما تقول: ضرب ضربا. وقال الزجاج: "في الصور" يقوم مقام ما لم يسم فاعله.
الآية: 14 {وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة}
قوله تعالى: "وحملت الأرض والجبال" قراءة العامة بتخفيف الميم؛ أي رفعت من أماكنها. "فدكتا" أي فتتا وكسرتا. "دكة واحدة" لا يجوز في "دكة" إلا النصب لارتفاع الضمير في "دكتا". وقال الفراء: لم يقل فدككن لأنه جعل الجبال كلها كالجملة الواحدة، والأرض كالجملة الواحدة. ومثله: "أن السموات والأرض كانتا رتقا" [الأنبياء: 30] ولم يقل كن. وهذا الدك كالزلزلة؛ كما قال تعالى: "إذا زلزلت الأرض زلزالها" [الزلزلة: 1]. وقيل: "دكتا" أي بسطتا بسطة واحدة؛ ومنه أندك سنام البعير إذا انفرش في ظهره. وقد مضى في سورة "الأعراف" القول فيه. وقرأ عبدالحميد عن ابن عامر "وحملت الأرض والجبال" بالتشديد على إسناد الفعل إلى المفعول الثاني. كانه في الأصل وحملت قدرتنا أو ملكا من ملائكتنا الأرض والجبال؛ ثم أسند الفعل إلى المفعول الثاني فبني له. ولو جيء بالمفعول الأول لأسند الفعل إليه؛ فكأنه قال: وحملت قدرتنا الأرض. وقد يجوز بناؤه للثاني على وجه القلب فيقال: حُمِّلَت الأرضُ الملَك؛ كقولك: أُلبِس زيدٌ الجبة، وأُلبِست الجبةُ زيداً.
الآية: 15 - 17 {فيومئذ وقعت الواقعة، وانشقت السماء فهي يومئذ واهية، والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية}
قوله تعالى: "فيومئذ وقعت الواقعة" أي قامت القيامة. "وانشقت السماء" أي أنصدعت وتفطرت. وقيل: تنشق لنزول ما فيها من الملائكة؛ دليله قوله تعالى: "ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا" [الفرقان: 25] وقد تقدم. "فهي يومئذ واهية" أي ضعيفة. يقال: وهي البناء يهي وهيا فهو واه إذا ضعف جدا. ويقال: كلام واه؛ أي ضعيف. فقيل: إنها تصير بعد صلابتها بمنزلة الصوف في الوهي ويكون ذلك لنزول الملائكة كما ذكرنا. وقيل: لهول يوم القيامة. وقيل: "واهية" أي متخرقة؛ قال ابن شجرة. مأخوذ من قولهم: وهى السقاء إذا تخرق. ومن أمثالهم:
خل سبيل من وهى سقاؤه ومن أهريق بالفلاة ماؤه
أي من كان ضعيف العقل لا يحفظ نفسه. "والملك" يعني الملائكة؛ اسم للجنس. "على أرجائها" أي على أطرافها حين تنشق؛ لأن السماء مكانهم؛ عن ابن عباس. الماوردي: ولعله قول مجاهد وقتادة. وحكاه الثعلبي عن الضحاك، قال: على أطرافها مما لم ينشق منها. يريد أن السماء مكان الملائكة فإذا انشقت صاروا في أطرافها. وقال سعيد بن جبير: المعنى والملك على حافات الدنيا؛ أي ينزلون إلى الأرض ويحرسون أطرافها. وقيل: إذا صارت السماء قطعا تقف الملائكة على تلك القطع التي ليست متشققة في أنفسها. وقيل: إن الناس إذا رأوا جهنم هالتهم؛ فيندوا كما تند الإبل، فلا يأتون قطرا من أقطار الأرض إلا رأوا ملائكة فيرجعون من حيث جاؤوا. وقيل: "على أرجائها" ينتظرون ما يؤمرون به في أهل النار من السوق إليها، وفي أهل الجنة من التحية والكرامة. وهذا كله راجع إلى معنى قول ابن جبير. ويدل عليه: "ونزل الملائكة تنزيلا" [الفرقان: 25] وقوله تعالى: "يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض" [الرحمن: 33] على ما بيناه هناك. والأرجاء النواحي والأقطار بلغة هذيل، واحدها رجا مقصور، وتثنيته رجوان؛ مثل عصا وعصوان. قال الشاعر:
فلا يرمى بي الرجوان أني أقل القوم من يغني مكاني
ويقال ذلك لحرف البئر والقبر.
قوله تعالى: "ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية" قال ابن عباس: ثمانية صفوف من الملائكة لا يعلم عددهم إلا الله. وقال ابن زيد: هم ثمانية أملاك. وعن الحسن: الله أعلم كم هم، ثمانية أم ثمانية آلاف. وعن النبي صلى الله عليه وسلم (أن حملة العرش اليوم أربعة فإذا كان يوم القيامة أيدهم الله تعالى بأربعة آخرين فكانوا ثمانية). ذكره الثعلبي. وخرجه الماوردي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يحمله اليوم أربعة وهم يوم القيامة ثمانية). وقال العباس بن عبدالملك: هم ثمانية أملاك على صورة الأوعال. ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم. وفي الحديث (إن لكل ملك منهم أربعة أوجه وجه رجل ووجه أسد ووجه ثور ووجه نسر وكل وجه منها يسأل الله الرزق لذلك الجنس). ولما أنشد بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم قول أمية بن أبي الصلت:
رجل وثور تحت رجل يمينه والنسر للأخرى وليث مرصد
والشمس تطلع كل آخر ليلة حمراء يصبح لونها يتورد
ليست بطالعة لهم في رسلها إلا معذبة وإلا تجلد
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (صدق). وفي الخبر (أن فوق السماء السابعة ثمانية أو عال بين أظلافهن وركبهن مثل ما بين سماء إلى سماء وفوق ظهورهن العرش). ذكره القشيري وخرجه الترمذي من حديث العباس ابن عبدالمطلب. وقد مضى في سورة "البقرة" بكماله. وذكر نحوه الثعلبي ولفظه. وفي حديث مرفوع (أن حملة العرش ثمانية أملاك على صورة الأوعال ما بين أظلافها إلى ركبها مسيرة سبعين عاما للطائر المسرع). وفي تفسير الكلبي: ثمانية أجزاء من تسعة أجزاء من الملائكة. وعنه: ثمانية أجزاء من عشرة أجزاء من الملائكة. ثم ذكر عدة الملائكة بما يطول ذكره. حكى الأول عنه الثعلبي والثاني القشيري. وقال الماوردي عن ابن عباس: ثمانية أجزاء من تسعة وهم الكروبيون. والمعنى ينزل بالعرش. ثم إضافة العرش إلى الله تعالى كإضافة البيت، وليس البيت للسكنى، فكذلك العرش. ومعنى: "فوقهم" أي فوق رؤوسهم. قال السدي: العرش تحمله الملائكة الحملة فوقهم ولا يحمل حملة العرش إلا الله. وقيل: "فوقهم" أي إن حملة العرش فوق الملائكة الذين في السماء على أرجائها. وقيل: "فوقهم" أي فوق أهل القيامة.
الآية: 18 {يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية}
قوله تعالى: "يومئذ تعرضون" أي، على الله؛ دليله: "وعرضوا على ربك صفا" وليس ذلك عرضا يعلم به ما لم يكن عالما به، بل معناه الحساب وتقرير الأعمال عليهم للمجازاة. وروى الحسن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات فأما عرضتان فجدال ومعاذير وأما الثالثة فعند ذلك تطير الصحف في الأيدي فآخذ بيمينه وآخذ بشماله). خرجه الترمذي قال: ولا يصح من قبل أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة. "لا تخفى منكم خافية" أي هو عالم بكل شي من أعمالكم. "فخافية" على هذا بمعنى خفية، كانوا يخفونها من أعمالهم؛ قاله ابن شجرة. وقيل: لا يخفى عليه إنسان؛ أي لا يبقى إنسان لا يحاسب. وقال عبدالله بن عمرو بن العاص: لا يخفى المؤمن من الكافر ولا البر من الفاجر. وقيل: لا تستتر منكم عورة؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يحشر الناس حفاة عراة). وقرأ الكوفيون إلا عاصما "لا يخفى" بالياء؛ لأن تأنيث الخافية غير حقيقي؛ نحو قوله تعالى: "وأخذ الذين ظلموا الصيحة" [هود: 67] واختاره أبو عبيد؛ لأنه قد حال بين الفعل وبين الاسم المؤنث الجار والمجرور. الباقون بالتاء. واختاره أبو حاتم لتأنيث الخافية.
الآية: 19 - 27 {فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرؤوا كتابيه، إني ظننت أني ملاق حسابيه، فهو في عيشة راضية، في جنة عالية، قطوفها دانية، كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية، وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه، ولم أدر ما حسابيه، يا ليتها كانت القاضية}
قوله تعالى: "فأما من أوتي كتابه بيمينه" إعطاء الكتاب باليمين دليل على النجاة. وقال ابن عباس: أول من يعطى كتابه بيمينه من هذه الأمة عمر بن الخطاب، وله شعاع كشعاع الشمس. قيل له: فأين أبو بكر؟ فقال هيهات هيهات! زفته الملائكة إلى الجنة. ذكره الثعلبي. وقد ذكرناه مرفوعا من حديث زيد بن ثابت بلفظه ومعناه في كتاب "التذكرة". والحمد لله. "فيقول هاؤم اقرؤوا كتابيه" أي يقول ذلك ثقة بالإسلام وسرورا بنجاته؛ لأن اليمين عند العرب من دلائل الفرح، والشمال من دلائل الغم. قال الشاعر:
أبيني أفي يمنى يديك جعلتني فأفرح أم صيرتني في شمالك
ومعنى: "هاؤم" تعالوا؛ قاله ابن زيد. وقال مقاتل: هلم. وقيل: أي خذوا؛ ومنه الخبر في الربا (إلا هاء وهاء) أي يقول كل واحد لصاحبه: خذ. قال ابن السكيت والكسائي: العرب تقول هاء يا رجل اقرأ، وللاثنين هاؤما يا رجلان، وهاؤم يا رجال، وللمرة هاء (بكسر الهمزة) وهاؤما وهاؤمن. والأصل هاكم فأبدلت الهمزة من الكاف؛ قال القتيبي. وقيل: إن "هاؤم" كلمة وضعت لإجابة الداعي عند النشاط والفرح. روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ناداه أعرابي بصوت عال فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم "هاؤم" يطول صوته. "وكتابيه" منصوب بـ "هاؤم" عند الكوفيين. وعند البصريين بـ "اقرؤوا" لأنه أقرب العاملين. والأصل "كتابي" فأدخلت الهاء لتبين فتحة الياء، وكان الهاء للوقف، وكذلك في أخواته: "حسابيه"، وماليه، وسلطانيه" وفي القارعة "ماهيه". وقراءة العامة بالهاء فيهن في الوقف والوصل معا؛ لأنهن وقعن في المصحف بالهاء فلا تترك. واختار أبو عبيد أن يتعمد الوقف عليها ليوافق اللغة في إلحاق الهاء في السكت ويوافق الخط. وقرأ ابن محيصن ومجاهد وحميد ويعقوب بحذف الهاء في الوصل وإثباتها في الوقف فيهن جمع. ووافقهم حمزة في "ماليه وسلطانيه"، و"ماهيه" في القارعة. وجملة هذه الحروف سبعة. واختار أبو حاتم قراءة يعقوب ومن معه إتباعا للغة. ومن قرأهن في الوصل بالهاء فهو على نية الوقف.
قوله تعالى: "إني ظننت" أي أيقنت وعلمت، عن ابن عباس وغيره. وقيل: أي إني ظننت أن يؤاخذني الله بسيئاتي عذبني فقد تفضل علي بعفوه ولم يؤاخذني بها. قال الضحاك: كل ظن في القرآن من المؤمن فهو يقين. ومن الكافر فهو شك. وقال مجاهد: ظن الآخرة يقين، وظن الدنيا شك. وقال الحسن في هذ الآية: إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل وإن المنافق أساء الظن بربه فأساء العمل. "أني ملاق حسابي" أي في الآخرة ولم أنكر البعث؛ يعني أنه ما نجا إلا بخوفه من يوم الحساب، لأنه تيقن أن الله يحاسبه فعمل للآخرة. "فهو في عيشة راضية" أي في عيش يرضاه لا مكروه فيه. وقال أبو عبيدة والفراء: "راضية" أي مرضية؛ كقولك: ماء دافق؛ أي مدفوق. وقيل: ذات رضا؛ أي يرضى بها صاحبها. مثل لابن وتامر؛ أي صاحب اللبن والتمر. وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنهم يعيشون فلا يموتون أبدا ويصحون فلا يمرضون أبدا وينعمون فلا يرون بؤسا أبدا ويشبون فلا يهرمون أبدا). "في جنة عالية" أي عظيمة في النفوس. "قطوفها دانية" أي قريبة التناول، يتناولها القائم والقاعد والمضطجع على ما يأتي بيانه في سورة "الإنسان". والقطوف جمع قطف (بكسر القاف) وهو ما يقطف من الثمار. والقطف (بالفتح) المصدر. والقطاف (بالفتح والكسر) وقت القطف. "كلوا واشربوا" أي يقال لهم ذلك. "هنيئا" لا تكدير فيه ولا تنغيص. "بما أسلفتم" قدمتم من الأعمال الصالحة. "في الأيام الخالية" أي في الدنيا. وقال: "كلوا" بعد قوله: "فهو في عيشة راضية" لقوله: "فأما من أوتي" و"من" يتضمن معنى الجمع.
وذكر الضحاك أن هذه الآية نزلت في أبي سلمة عبدالله بن عبد الأسد المخزومي؛ وقاله مقاتل. والآية التي تليها في أخيه الأسود بن عبد الأسد؛ في قول ابن عباس والضحاك أيضا؛ قال الثعلبي. ويكون هذا الرجل وأخوه سبب نزول هذه الآيات. ويعم المعنى جميع أهل الشقاوة وأهل السعادة؛ يدل عليه قوله تعالى: "كلوا وأشربوا". وقد قيل: إن المراد بذلك كل من كان متبوعا في الخير والشر. فإذا كان الرجل رأسا في الخير، يدعو إليه ويأمر به ويكثر تبعه عليه، دعي باسمه واسم أبيه فيتقدم حتى إذا دنا أخرج له كتاب أبيض بخط أبيض، في باطنه السيئات وفي ظاهره الحسنات فيبدأ بالسيئات فيقرأها فيشفق ويصفر وجهه ويتغير لونه فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه "هذه سيئاتك وقد غفرت لك" فيفرح عند ذلك فرحا شديدا، ثم يقلب كتابه فيقرأ حسناته فلا يزداد إلا فرحا؛ حتى إذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه "هذه حسناتك قد ضوعفت لك" فيبيض وجهه ويؤتى بتاج فيوضع على رأسه، ويكسى حلتين، ويحلى كل مفصل منه ويطول ستين ذراعا وهي قامة آدم عليه السلام؛ ويقال له: انطلق إلى أصحابك فأخبرهم وبشرهم أن لكل إنسان منهم مثل هذا. فإذا أدبر قال: هاؤم اقرؤوا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه. قال الله تعالى: "فهو في عيشة راضية" أي مرضية قد رضيها "في جنة عالية" في السماء "قطوفها" ثمارها وعناقيدها. "دانية" أدنيت منهم. فيقول لأصحابه: هل تعرفوني؟ فيقولون: قد غمرتك كرامة، من أنت؟ فيقول: أنا فلان بن فلان أبشر كل رجل منكم بمثل هذا. "كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية" أي قدمتم في أيام الدنيا. وإذا كان الرجل رأسا في الشر، يدعو إليه ويأمر به فيكثر تبعه عليه، نودي باسمه واسم أبيه فيتقدم إلى حسابه، فيخرج له كتاب أسود بخط أسود في باطنه الحسنات وفي ظاهره السيئات، فيبدأ بالحسنات فيقرأها ويظن أنه سينجو، فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه "هذه حسناتك وقد ردت عليك" فيسود وجهه ويعلوه الحزن ويقنط من الخير، ثم يقلب كتابه فيقرأ سيئاته فلا يزداد إلا حزنا، ولا يزداد وجهه إلا سوادا، فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه "هذه سيئاتك وقد ضوعفت عليك" أي يضاعف عليه العذاب. ليس المعنى أنه يزاد عليه ما لم يعمل - قال - فيعظم للنار وتزرق عيناه ويسود وجهه، ويكسى سرابيل القطران ويقال له: انطلق إلى أصحابك وأخبرهم أن لكل إنسان منهم مثل هذا؛ ينطلق وهو يقول: "يا ليتني لم أوت كتابيه. ولم أدر ما حسابيه. يا ليتها كانت القاضية" يتمنى الموت.
الآية: 28 - 34 {ما أغنى عني ماليه، هلك عني سلطانيه، خذوه فغلوه، ثم الجحيم صلوه، ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه، إنه كان لا يؤمن بالله العظيم، ولا يحض على طعام المسكين}
قوله تعالى: "هلك عني سلطانيه" تفسير ابن عباس: هلكت عنه حجتي. وهو قول مجاهد وعكرمة والسدي والضحاك. وقال ابن زيد: يعني سلطانيه في الدنيا الذي هو الملك. وكان هذا الرجل مطاعا في أصحابه؛ قال الله تعالى "خذوه فغلوه" قيل: يبتدره مائة ألف ملك ثم تجمع يده إلى عنقه وهو قوله عز وجل: "فغلوه" أي شدوه بالأغلال "ثم الجحيم صلوه" أي اجعلوه يصلى الجحيم "ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا" الله أعلم بأي ذراع، قاله الحسن. وقال ابن عباس: سبعون ذراعا بذراع الملك. وقال نوف: كل ذراع سبعون باعا، وكل باع أبعد ما بينك وبين مكة. وكان في رحبة الكوفة. وقال مقاتل: لو أن حلقة منها وضعت على ذروة جبل لذاب كما يذوب الرصاص. وقال كعب: إن حلقة من السلسلة التي قال الله تعالى ذرعها سبعون ذراعا - أن حلقة منها - مثل جميع حديد الدنيا. "فاسلكوه" قال سفيان: بلغنا أنها تدخل في دبره حتى تخرج من فيه. وقاله مقاتل. والمعنى ثم أسلكوا فيه سلسلة. وقيل: تدخل عنقه فيها ثم يجربها. وجاء في الخبر: أنها تدخل من دبره وتخرج من منخريه. وفي خبر آخر: تدخل من فيه وتخرج من دبره، فينادي أصحابه هل تعرفوني؟ فيقولون لا، ولكن قد نرى ما بك من الخزي فمن أنت؟ فينادي أصحابه أنا فلان بن فلان، لكل إنسان منكم مثل هذا.
قلت: وهذا التفسير أصح ما قيل في هذه الآية، يدل عليه قوله تعالى: "يوم ندعو كل أناس بإمامهم" [الإسراء: 71]. وفي الباب حديث أبي هريرة بمعناه خرجه الترمذي. وقد ذكرناه في سورة "الإسراء" فتأمله هناك. "إنه كان لا يؤمن بالله العظيم، ولا يحض على طعام المسكين" أي على الإطعام، كما يوضع العطاء موضع الإعطاء. قال الشاعر:
أكفرا بعد رد الموت عني وبعد عطائك المائة الرتاعا
أراد بعد إعطائك. فبين أنه عذب على ترك الإطعام وعلى الأم بالبخل، كما عذب بسبب الكفر. والحض: التحريض والحث. وأصل "طعام" أن يكون منصوبا بالمصدر المقدر. والطعام عبارة عن العين، وأضيف للمسكين للملابسة التي بينهما. ومن أعمل الطعام كما يعمل الإطعام فموضع المسكين نصب. والتقدير على إطعام المطعم المسكين؛ فحذف الفاعل وأضيف المصدر إلى المفعول.
الصفحة رقم 567 من المصحف تحميل و استماع mp3