سورة غافر | للقراءة من المصحف بخط كبير واضح
استماع mp3 | الجلالين&الميسر | تفسير الشوكاني |
إعراب الصفحة | تفسير ابن كثير | تفسير القرطبي |
التفسير المختصر | تفسير الطبري | تفسير السعدي |
تفسير السعدي تفسير الصفحة 469 من المصحف
( مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ ) أي: قريب ولا صاحب، ( وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ ) لأن الشفعاء لا يشفعون في الظالم نفسه بالشرك، ولو قدرت شفاعتهم، فالله تعالى لا يرضى شفاعتهم، فلا يقبلها.
( يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعْيُنِ ) وهو النظر الذي يخفيه العبد من جليسه ومقارنه، وهو نظر المسارقة، ( وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ) مما لم يبينه العبد لغيره، فالله تعالى يعلم ذلك الخفي، فغيره من الأمور الظاهرة من باب أولى وأحرى.
( وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ ) لأن قوله حق، وحكمه الشرعي حق، وحكمه الجزائي حق وهو المحيط علمًا وكتابة وحفظا بجميع الأشياء، وهو المنزه عن الظلم والنقص وسائر العيوب، وهو الذي يقضي قضاءه القدري، الذي إذا شاء شيئًا كان وما لم يشأ لم يكن، وهو الذي يقضي بين عباده المؤمنين والكافرين في الدنيا، ويفصل بينهم بفتح ينصر به أولياءه وأحبابه.
( وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ) وهذا شامل لكل ما عبد من دون الله ( لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ ) لعجزهم وعدم إرادتهم للخير واستطاعتهم لفعله. ( إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ ) لجميع الأصوات، باختلاف اللغات، على تفنن الحاجات. ( الْبَصِيرُ ) بما كان وما يكون، وما نبصر وما لا نبصر، وما يعلم العباد وما لا يعلمون.
قال في أول هاتين الآيتين ( وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ ) ثم وصفها بهذه الأوصاف المقتضية للاستعداد لذلك اليوم العظيم، لاشتمالها على الترغيب والترهيب.
( إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) فلم تغن قوتهم عند قوة اللّه شيئًا، بل من أعظم الأمم قوة، قوم عاد الذين قالوا: مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أرسل اللّه إليهم ريحا أضعفت قواهم، ودمرتهم كل تدمير.
ثم ذكر نموذجا من أحوال المكذبين بالرسل وهو فرعون وجنوده فقال:
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ ( 23 - 46 ) إلى آخر القصة.
أي: ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا ) إلى جنس هؤلاء المكذبين ( مُوسَى ) ابن عمران، ( بِآيَاتِنَا ) العظيمة، الدالة دلالة قطعية، على حقية ما أرسل به، وبطلان ما عليه من أرسل إليهم من الشرك وما يتبعه. ( وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ ) أي: حجة بينة، تتسلط على القلوب فتذعن لها، كالحية والعصا ونحوهما من الآيات البينات، التي أيد الله بها موسى، ومكنه مما دعا إليه من الحق.
والمبعوث إليهم فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وزيره وَقَارُونَ الذي كان من قوم موسى، فبغى عليهم بماله، وكلهم ردوا عليه أشد الرد فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ
فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا وأيده الله بالمعجزات الباهرة، الموجبة لتمام الإذعان، لم يقابلوها بذلك، ولم يكفهم مجرد الترك والإعراض، بل ولا إنكارها ومعارضتها بباطلهم، بل وصلت بهم الحال الشنيعة إلى أن قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ حيث كادوا هذه المكيدة، وزعموا أنهم إذا قتلوا أبناءهم، لم يقووا، وبقوا في رقهم وتحت عبوديتهم.
فما كيدهم إلا في ضلال، حيث لم يتم لهم ما قصدوا، بل أصابهم ضد ما قصدوا، أهلكهم الله وأبادهم عن آخرهم.
وتدبر هذه النكتة التي يكثر مرورها بكتاب الله تعالى: إذا كان السياق في قصة معينة أو على شيء معين، وأراد الله أن يحكم على ذلك المعين بحكم، لا يختص به ذكر الحكم، وعلقه على الوصف العام ليكون أعم، وتندرج فيه الصورة التي سيق الكلام لأجلها، وليندفع الإيهام باختصاص الحكم بذلك المعين.
فلهذا لم يقل ( وما كيدهم إلا في ضلال ) . بل قال: وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ .
الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ( 17 ) .
( الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ) في الدنيا، من خير وشر، قليل وكثير. ( لا ظُلْمَ الْيَوْمَ ) على أحد، بزيادة في سيئاته، أو نقص من حسناته. ( إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) أي: لا تستبطئوا ذلك اليوم فإنه آت، وكل آت قريب. وهو أيضا سريع المحاسبة لعباده يوم القيامة، لإحاطة علمه وكمال قدرته. وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ ( 18 ) يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ( 19 ) وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ( 20 ) .
يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ( وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ ) أي: يوم القيامة التي قد أزفت وقربت، وآن الوصول إلى أهوالها وقلاقلها وزلازلها، ( إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ ) أي: قد ارتفعت وبقيت أفئدتهم هواء، ووصلت القلوب من الروع والكرب إلى الحناجر، شاخصة أبصارهم. ( كَاظِمِينَ ) لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا وكاظمين على ما في قلوبهم من الروع الشديد والمزعجات الهائلة. ( مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ ) أي: قريب ولا صاحب، ( وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ ) لأن الشفعاء لا يشفعون في الظالم نفسه بالشرك، ولو قدرت شفاعتهم، فالله تعالى لا يرضى شفاعتهم، فلا يقبلها.
( يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعْيُنِ ) وهو النظر الذي يخفيه العبد من جليسه ومقارنه، وهو نظر المسارقة، ( وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ) مما لم يبينه العبد لغيره، فالله تعالى يعلم ذلك الخفي، فغيره من الأمور الظاهرة من باب أولى وأحرى.
( وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ ) لأن قوله حق، وحكمه الشرعي حق، وحكمه الجزائي حق وهو المحيط علمًا وكتابة وحفظا بجميع الأشياء، وهو المنزه عن الظلم والنقص وسائر العيوب، وهو الذي يقضي قضاءه القدري، الذي إذا شاء شيئًا كان وما لم يشأ لم يكن، وهو الذي يقضي بين عباده المؤمنين والكافرين في الدنيا، ويفصل بينهم بفتح ينصر به أولياءه وأحبابه.
( وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ) وهذا شامل لكل ما عبد من دون الله ( لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ ) لعجزهم وعدم إرادتهم للخير واستطاعتهم لفعله. ( إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ ) لجميع الأصوات، باختلاف اللغات، على تفنن الحاجات. ( الْبَصِيرُ ) بما كان وما يكون، وما نبصر وما لا نبصر، وما يعلم العباد وما لا يعلمون.
قال في أول هاتين الآيتين ( وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ ) ثم وصفها بهذه الأوصاف المقتضية للاستعداد لذلك اليوم العظيم، لاشتمالها على الترغيب والترهيب.
أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ ( 21 ) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ ( 22 ) .
يقول تعالى: ( أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرْضِ ) أي: بقلوبهم وأبدانهم سير نظر واعتبار، وتفكر في الآثار، ( فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ ) من المكذبين، فسيجدونها شر العواقب، عاقبة الهلاك والدمار والخزي والفضيحة، وقد كانوا أشد قوة من هؤلاء في الْعَدَد والْعُدَد وكبر الأجسام. ( و ) أشد ( آثارا في الأرض ) من البناء والغرس، وقوة الآثار تدل على قوة المؤثر فيها وعلى تمنعه بها. ( فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ ) بعقوبته بذنوبهم حين أصروا واستمروا عليها. ( إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) فلم تغن قوتهم عند قوة اللّه شيئًا، بل من أعظم الأمم قوة، قوم عاد الذين قالوا: مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أرسل اللّه إليهم ريحا أضعفت قواهم، ودمرتهم كل تدمير.
ثم ذكر نموذجا من أحوال المكذبين بالرسل وهو فرعون وجنوده فقال:
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ ( 23 - 46 ) إلى آخر القصة.
أي: ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا ) إلى جنس هؤلاء المكذبين ( مُوسَى ) ابن عمران، ( بِآيَاتِنَا ) العظيمة، الدالة دلالة قطعية، على حقية ما أرسل به، وبطلان ما عليه من أرسل إليهم من الشرك وما يتبعه. ( وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ ) أي: حجة بينة، تتسلط على القلوب فتذعن لها، كالحية والعصا ونحوهما من الآيات البينات، التي أيد الله بها موسى، ومكنه مما دعا إليه من الحق.
والمبعوث إليهم فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وزيره وَقَارُونَ الذي كان من قوم موسى، فبغى عليهم بماله، وكلهم ردوا عليه أشد الرد فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ
فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا وأيده الله بالمعجزات الباهرة، الموجبة لتمام الإذعان، لم يقابلوها بذلك، ولم يكفهم مجرد الترك والإعراض، بل ولا إنكارها ومعارضتها بباطلهم، بل وصلت بهم الحال الشنيعة إلى أن قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ حيث كادوا هذه المكيدة، وزعموا أنهم إذا قتلوا أبناءهم، لم يقووا، وبقوا في رقهم وتحت عبوديتهم.
فما كيدهم إلا في ضلال، حيث لم يتم لهم ما قصدوا، بل أصابهم ضد ما قصدوا، أهلكهم الله وأبادهم عن آخرهم.
وتدبر هذه النكتة التي يكثر مرورها بكتاب الله تعالى: إذا كان السياق في قصة معينة أو على شيء معين، وأراد الله أن يحكم على ذلك المعين بحكم، لا يختص به ذكر الحكم، وعلقه على الوصف العام ليكون أعم، وتندرج فيه الصورة التي سيق الكلام لأجلها، وليندفع الإيهام باختصاص الحكم بذلك المعين.
فلهذا لم يقل ( وما كيدهم إلا في ضلال ) . بل قال: وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ .
الصفحة رقم 469 من المصحف تحميل و استماع mp3