سورة المدثر | للقراءة من المصحف بخط كبير واضح
استماع mp3 | الجلالين&الميسر | تفسير الشوكاني |
إعراب الصفحة | تفسير ابن كثير | تفسير القرطبي |
التفسير المختصر | تفسير الطبري | تفسير السعدي |
تفسير السعدي تفسير الصفحة 576 من المصحف
( فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ) لأنه قدر أمرا ليس في طوره، وتسور على ما لا يناله هو و [ لا ] أمثاله، ( ثُمَّ نَظَرَ ) ما يقول، ( ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ) في وجهه، وظاهره نفرة عن الحق وبغضا له، ( ثُمَّ أَدْبَرَ ) أي: تولى ( وَاسْتَكْبَرَ ) نتيجة سعيه الفكري والعملي والقولي أن قال:
( إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلا قَوْلُ الْبَشَرِ ) أي: ما هذا كلام الله، بل كلام البشر، وليس أيضا كلام البشر الأخيار، بل كلام الفجار منهم والأشرار، من كل كاذب سحار.
فتبا له، ما أبعده من الصواب، وأحراه بالخسارة والتباب!!
كيف يدور في الأذهان، أو يتصوره ضمير كل إنسان، أن يكون أعلى الكلام وأعظمه، كلام الرب العظيم، الماجد الكريم، يشبه كلام المخلوقين الفقراء الناقصين؟!
أم كيف يتجرأ هذا الكاذب العنيد، على وصفه كلام المبدئ المعيد .
فما حقه إلا العذاب الشديد والنكال، ولهذا قال تعالى:
( سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ ) أي: لا تبقي من الشدة، ولا على المعذب شيئا إلا وبلغته.
( لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ ) أي: تلوحهم [ وتصليهم ] في عذابها، وتقلقهم بشدة حرها وقرها.
( عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ ) من الملائكة، خزنة لها، غلاظ شداد، لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون.
( وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلا مَلائِكَةً ) وذلك لشدتهم وقوتهم. ( وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا ) يحتمل أن المراد: إلا لعذابهم وعقابهم في الآخرة، ولزيادة نكالهم فيها، والعذاب يسمى فتنة، [ كما قال تعالى: يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ] ويحتمل أن المراد: أنا ما أخبرناكم بعدتهم، إلا لنعلم من يصدق ومن يكذب، ويدل على هذا ما ذكر بعده في قوله: ( لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا ) فإن أهل الكتاب، إذا وافق ما عندهم وطابقه، ازداد يقينهم بالحق، والمؤمنون كلما أنزل الله آية، فآمنوا بها وصدقوا، ازداد إيمانهم، ( وَلا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ ) أي: ليزول عنهم الريب والشك، وهذه مقاصد جليلة، يعتني بها أولو الألباب، وهي السعي في اليقين، وزيادة الإيمان في كل وقت، وكل مسألة من مسائل الدين، ودفع الشكوك والأوهام التي تعرض في مقابلة الحق، فجعل ما أنزله الله على رسوله محصلا لهذه الفوائد الجليلة، ومميزا للكاذبين من الصادقين، ولهذا قال: ( وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ) أي: شك وشبهة ونفاق. ( وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلا ) وهذا على وجه الحيرة والشك، والكفر منهم بآيات الله، وهذا وذاك من هداية الله لمن يهديه، وإضلاله لمن يضل ولهذا قال:
( كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ) فمن هداه الله، جعل ما أنزله الله على رسوله رحمة في حقه، وزيادة في إيمانه ودينه، ومن أضله، جعل ما أنزله على رسوله زيادة شقاء عليه وحيرة، وظلمة في حقه، والواجب أن يتلقى ما أخبر الله به ورسوله بالتسليم، فإنه لا يعلم جنود ربك من الملائكة وغيرهم ( إلا هُوَ ) فإذا كنتم جاهلين بجنوده، وأخبركم بها العليم الخبير، فعليكم أن تصدقوا خبره، من غير شك ولا ارتياب، ( وَمَا هِيَ إِلا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ ) أي: وما هذه الموعظة والتذكار مقصودا به العبث واللعب، وإنما المقصود به أن يتذكر [ به ] البشر ما ينفعهم فيفعلونه، وما يضرهم فيتركونه.
( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ) من أعمال السوء وأفعال الشر ( رَهِينَةٌ ) بها موثقة بسعيها، قد ألزم عنقها، وغل في رقبتها، واستوجبت به العذاب، ( إِلا أَصْحَابَ الْيَمِينِ ) فإنهم لم يرتهنوا، بل أطلقوا وفرحوا ( فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ )
أي: في جنات قد حصل لهم بها جميع مطلوباتهم، وتمت لهم الراحة والطمأنينة، حتى أقبلوا يتساءلون، فأفضت بهم المحادثة، أن سألوا عن المجرمين، أي: حال وصلوا إليها، وهل وجدوا ما وعدهم الله تعالى؟ فقال بعضهم لبعض: « هل أنتم مطلعون عليهم » فاطلعوا عليهم في وسط الجحيم يعذبون، فقالوا لهم: ( مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ) أي: أي شيء أدخلكم فيها؟ وبأي: ذنب استحققتموها؟ فـ ( قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ) فلا إخلاص للمعبود، [ ولا إحسان ] ولا نفع للخلق المحتاجين.
( وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ ) أي: نخوض بالباطل، ونجادل به الحق، ( وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ ) هذا آثار الخوض بالباطل، [ وهو ] التكذيب بالحق، ومن أحق الحق، يوم الدين، الذي هو محل الجزاء على الأعمال، وظهور ملك الله وحكمه العدل لسائر الخلق.
فاستمرينا على هذا المذهب الفاسد ( حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ ) أي: الموت، فلما ماتوا على الكفر تعذرت حينئذ عليهم الحيل، وانسد في وجوههم باب الأمل.
إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ ( 18 ) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ( 19 ) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ( 20 ) ثُمَّ نَظَرَ ( 21 ) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ( 22 ) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ ( 23 ) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ يُؤْثَرُ ( 24 ) إِنْ هَذَا إِلا قَوْلُ الْبَشَرِ ( 25 ) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ ( 26 ) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ ( 27 ) لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ ( 28 ) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ ( 29 ) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ ( 30 ) وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلا مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ وَمَا هِيَ إِلا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ ( 31 ) .
( إِنَّهُ فَكَّرَ ) [ أي: ] في نفسه ( وَقَدَّرَ ) ما فكر فيه، ليقول قولا يبطل به القرآن. ( فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ) لأنه قدر أمرا ليس في طوره، وتسور على ما لا يناله هو و [ لا ] أمثاله، ( ثُمَّ نَظَرَ ) ما يقول، ( ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ) في وجهه، وظاهره نفرة عن الحق وبغضا له، ( ثُمَّ أَدْبَرَ ) أي: تولى ( وَاسْتَكْبَرَ ) نتيجة سعيه الفكري والعملي والقولي أن قال:
( إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلا قَوْلُ الْبَشَرِ ) أي: ما هذا كلام الله، بل كلام البشر، وليس أيضا كلام البشر الأخيار، بل كلام الفجار منهم والأشرار، من كل كاذب سحار.
فتبا له، ما أبعده من الصواب، وأحراه بالخسارة والتباب!!
كيف يدور في الأذهان، أو يتصوره ضمير كل إنسان، أن يكون أعلى الكلام وأعظمه، كلام الرب العظيم، الماجد الكريم، يشبه كلام المخلوقين الفقراء الناقصين؟!
أم كيف يتجرأ هذا الكاذب العنيد، على وصفه كلام المبدئ المعيد .
فما حقه إلا العذاب الشديد والنكال، ولهذا قال تعالى:
( سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ ) أي: لا تبقي من الشدة، ولا على المعذب شيئا إلا وبلغته.
( لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ ) أي: تلوحهم [ وتصليهم ] في عذابها، وتقلقهم بشدة حرها وقرها.
( عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ ) من الملائكة، خزنة لها، غلاظ شداد، لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون.
( وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلا مَلائِكَةً ) وذلك لشدتهم وقوتهم. ( وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا ) يحتمل أن المراد: إلا لعذابهم وعقابهم في الآخرة، ولزيادة نكالهم فيها، والعذاب يسمى فتنة، [ كما قال تعالى: يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ] ويحتمل أن المراد: أنا ما أخبرناكم بعدتهم، إلا لنعلم من يصدق ومن يكذب، ويدل على هذا ما ذكر بعده في قوله: ( لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا ) فإن أهل الكتاب، إذا وافق ما عندهم وطابقه، ازداد يقينهم بالحق، والمؤمنون كلما أنزل الله آية، فآمنوا بها وصدقوا، ازداد إيمانهم، ( وَلا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ ) أي: ليزول عنهم الريب والشك، وهذه مقاصد جليلة، يعتني بها أولو الألباب، وهي السعي في اليقين، وزيادة الإيمان في كل وقت، وكل مسألة من مسائل الدين، ودفع الشكوك والأوهام التي تعرض في مقابلة الحق، فجعل ما أنزله الله على رسوله محصلا لهذه الفوائد الجليلة، ومميزا للكاذبين من الصادقين، ولهذا قال: ( وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ) أي: شك وشبهة ونفاق. ( وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلا ) وهذا على وجه الحيرة والشك، والكفر منهم بآيات الله، وهذا وذاك من هداية الله لمن يهديه، وإضلاله لمن يضل ولهذا قال:
( كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ) فمن هداه الله، جعل ما أنزله الله على رسوله رحمة في حقه، وزيادة في إيمانه ودينه، ومن أضله، جعل ما أنزله على رسوله زيادة شقاء عليه وحيرة، وظلمة في حقه، والواجب أن يتلقى ما أخبر الله به ورسوله بالتسليم، فإنه لا يعلم جنود ربك من الملائكة وغيرهم ( إلا هُوَ ) فإذا كنتم جاهلين بجنوده، وأخبركم بها العليم الخبير، فعليكم أن تصدقوا خبره، من غير شك ولا ارتياب، ( وَمَا هِيَ إِلا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ ) أي: وما هذه الموعظة والتذكار مقصودا به العبث واللعب، وإنما المقصود به أن يتذكر [ به ] البشر ما ينفعهم فيفعلونه، وما يضرهم فيتركونه.
كَلا وَالْقَمَرِ ( 32 ) وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ ( 33 ) وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ ( 34 ) إِنَّهَا لإِحْدَى الْكُبَرِ ( 35 ) نَذِيرًا لِلْبَشَرِ ( 36 ) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ ( 37 ) كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ( 38 ) إِلا أَصْحَابَ الْيَمِينِ ( 39 ) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ ( 40 ) عَنِ الْمُجْرِمِينَ ( 41 ) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ( 42 ) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ( 43 ) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ( 44 ) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ ( 45 ) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ ( 46 ) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ ( 47 ) .
( كَلا ) هنا بمعنى: حقا، أو بمعنى ( ألا ) الاستفتاحية، فأقسم تعالى بالقمر، وبالليل وقت إدباره، والنهار وقت إسفاره، لاشتمال المذكورات على آيات الله العظيمة، الدالة على كمال قدرة الله وحكمته، وسعة سطانه، وعموم رحمته، وإحاطة علمه، والمقسم عليه قوله: ( إِنَّهَا ) أي النار ( لإحْدَى الْكُبَرِ ) أي: لإحدى العظائم الطامة والأمور الهامة، فإذا أعلمناكم بها، وكنتم على بصيرة من أمرها، فمن شاء منكم أن يتقدم، فيعمل بما يقربه من ربه، ويدنيه من رضاه، ويزلفه من دار كرامته، أو يتأخر [ عما خلق له و ] عما يحبه الله [ ويرضاه ] ، فيعمل بالمعاصي، ويتقرب إلى نار جهنم، كما قال تعالى: وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ الآية. ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ) من أعمال السوء وأفعال الشر ( رَهِينَةٌ ) بها موثقة بسعيها، قد ألزم عنقها، وغل في رقبتها، واستوجبت به العذاب، ( إِلا أَصْحَابَ الْيَمِينِ ) فإنهم لم يرتهنوا، بل أطلقوا وفرحوا ( فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ )
أي: في جنات قد حصل لهم بها جميع مطلوباتهم، وتمت لهم الراحة والطمأنينة، حتى أقبلوا يتساءلون، فأفضت بهم المحادثة، أن سألوا عن المجرمين، أي: حال وصلوا إليها، وهل وجدوا ما وعدهم الله تعالى؟ فقال بعضهم لبعض: « هل أنتم مطلعون عليهم » فاطلعوا عليهم في وسط الجحيم يعذبون، فقالوا لهم: ( مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ) أي: أي شيء أدخلكم فيها؟ وبأي: ذنب استحققتموها؟ فـ ( قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ) فلا إخلاص للمعبود، [ ولا إحسان ] ولا نفع للخلق المحتاجين.
( وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ ) أي: نخوض بالباطل، ونجادل به الحق، ( وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ ) هذا آثار الخوض بالباطل، [ وهو ] التكذيب بالحق، ومن أحق الحق، يوم الدين، الذي هو محل الجزاء على الأعمال، وظهور ملك الله وحكمه العدل لسائر الخلق.
فاستمرينا على هذا المذهب الفاسد ( حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ ) أي: الموت، فلما ماتوا على الكفر تعذرت حينئذ عليهم الحيل، وانسد في وجوههم باب الأمل.
الصفحة رقم 576 من المصحف تحميل و استماع mp3