تفسير ابن كثير تفسير الصفحة 121 من المصحف



تفسير ابن كثير - صفحة القرآن رقم 121

121 : تفسير الصفحة رقم 121 من القرآن الكريم

** قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً وَاللّهُ هُوَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ * قُلْ يَـَأَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقّ وَلاَ تَتّبِعُوَاْ أَهْوَآءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلّواْ كَثِيراً وَضَلّواْ عَن سَوَآءِ السّبِيلِ
يقول تعالى منكراً على من عبد غيره من الأصنام والأنداد والأوثان, ومبيناً له أنها لا تستحق شيئاً من الإلهية, فقال تعالى: {قل} أي يا محمد لهؤلاء العابدين غير الله من سائر فرق بني آدم ودخل في ذلك النصارى وغيرهم {أتعبدون من دون الله ما لايملك لكم ضرا ولا نفع} أي لا يقدر على دفع ضر عنكم ولا إيصال نفع إليكم, {والله هو السميع العليم} أي السميع لأقوال عباده, العليم بكل شيء, فلم عدلتم عنه إلى عبادة جماد لا يسمع ولا يبصر ولا يعلم شيئا ولا يملك ضراً ولا نفعاً لغيره ولا لنفسه ؟ ثم قال {قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق} أي لا تجاوزوا الحد في اتباع الحق ولا تطروا من أمرتم بتعظيمه فتبالغوا فيه حتى تخرجوه عن حيز النبوة إلى مقام الإلهية, كما صنعتم في المسيح وهو نبي من الأنبياء فجعلتموه إلهاً من دون الله, وما ذاك إلا لاقتدائكم بشيوخكم, شيوخ الضلال الذين هم سلفكم ممن ضل قديماً, {وأضلوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل} أي وخرجوا عن طريق الاستقامة والاعتدال إلى طريق الغواية والضلال.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا أحمد بن عبد الرحمن, حدثنا عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه, عن الربيع بن أنس, قال: وقد كان قائم قام عليهم فأخذ بالكتاب والسنة زماناً, فأتاه الشيطان فقال: إنما تركت أثراً أو أمراً قد عمل قبلك, فلا تحمد عليه, ولكن ابتدع أمراً من قبل نفسك, وادع إليه وأجبر الناس عليه, ففعل ثم ادّكرَ بعد فعله زماناً, فأراد أن يتوب منه, فخلع سلطانه وملكه, وأراد أن يتعبد, فلبث في عبادته أياماً, فأتي فقيل له: لو أنك تبت من خطيئة عملتها فيما بينك وبين ربك عسى أن يتاب عليك, ولكن ضل فلان وفلان وفلان في سبيلك حتى فارقوا الدنيا وهم على الضلالة, فكيف لك بهداهم فلا توبة لك أبداً, ففيه سمعنا وفي أشباهه هذه الاَية {يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل}

** لُعِنَ الّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِيَ إِسْرَائِيلَ عَلَىَ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وّكَانُواْ يَعْتَدُونَ * كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ * تَرَىَ كَثِيراً مّنْهُمْ يَتَوَلّوْنَ الّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنّبِيّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتّخَذُوهُمْ أَوْلِيَآءَ وَلَـَكِنّ كَثِيراً مّنْهُمْ فَاسِقُونَ
يخبر تعالى أنه لعن الكافرين من بني إسرائيل من دهر طويل فيما أنزله على داود نبيه عليه السلام, وعلى لسان عيسى ابن مريم, بسبب عصيانهم لله واعتدائهم على خلقه قال العوفي, عن ابن عباس: لعنوا في التوراة والإنجيل وفي الزبور وفي الفرقان, ثم بين حالهم فيما كانوا يعتمدونه في زمانهم, فقال تعالى {كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون} أي كان لا ينهى أحد منهم أحداً عن ارتكاب المآثم والمحارم, ثم ذمهم على ذلك ليحذر أن يرتكب مثل الذي ارتكبوه, فقال: {لبئس ما كانوا يفعلون}, وقال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا يزيد. حدثنا شريك بن عبد الله عن علي بن بذيمة, عن أبي عبيدة, عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي, نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا: فجالسوهم في مجالسهم » قال يزيد: وأحسبه قال: «وأسواقهم, وواكلوهم وشاربوهم, فضرب الله قلوب بعضهم ببعض, ولعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم, {ذلك بما عصوا وكان يعتدون} وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئاً, فجلس فقال «لا والذي نفسي بيده حتى تأطروهم على الحق أطراً».
وقال أبو داود: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي, حدثنا يونس بن راشد عن علي بن بذيمة, عن أبي عبيدة, عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع, فإنه لا يحل لك, ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده, فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ـ ثم قال ـ: {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم} إلى قوله {فاسقون} ـ ثم قال ـ: كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر, ولتأخذن على يد الظالم, ولتأطرنه على الحق أطراً, أو تقصرنه على الحق قصراً», وكذا رواه الترمذي وابن ماجه من طريق علي بن بذيمة به, وقال الترمذي: حسن غريب, ثم رواه هو وابن ماجه عن بندار, عن ابن مهدي, عن سفيان, عن علي بن بذيمة, عن أبي عبيدة مرسلاً.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج, وهارون بن إسحاق الهمداني, قالا: حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن العلاء بن المسيب, عن عبد الله بن عمرو بن مرة, عن سالم الأفطس, عن ابن أبي عبيدة, عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الرجل من بني إسرائيل كان إذا رأى أخاه على الذنب نهاه عنه تعذيراً, فإذا كان من الغد لم يمنعه ما رأى منه, أن يكون أكيله وخليطه وشريكه» وفي حديث هارون «وشريبه», ثم اتفقا في المتن «فلما رأى الله ذلك منهم ضرب قلوب بعضهم على بعض, ولعنهم على لسان نبيهم داود وعيسى ابن مريم, ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون» ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «والذي نفسي بيده, لتأمرن بالمعروف, ولتنهون عن المنكر, ولتأخذن على يد المسيء, ولتأطرنه على الحق أطراً, أو ليضربن الله قلوب بعضكم على بعض, أو ليلعنكم كما لعنكم» والسياق لأبي سعيد, كذا قال في رواية هذا الحديث, وقد رواه أبو داود أيضاً عن خلف بن هشام, عن أبي شهاب الخياط, عن العلاء بن المسيب, عن عمرو بن مرة, عن سالم وهو ابن عجلان الأفطس, عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود, عن أبيه, عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه, ثم قال أبو داود: كذا رواه خالد عن العلاء, عن عمرو بن مرة به, ورواه المحاربي عن العلاء بن المسيب, عن عبد الله بن عمرو بن مرة, عن سالم الأفطس, عن أبي عبيدة عن عبد الله, قال شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي: وقد رواه خالد بن عبد الله الواسطي عن العلاء بن المسيب,عن عمرو بن مرة, عن أبي موسى.
والأحاديث في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كثيرة جداً, ولنذكر منها ما يناسب هذا المقام, قد تقدم حديث جابر عند قوله {لولا ينهاهم الربانيون والأحبار} وسيأتي عند قوله {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} حديث أبي بكر الصديق وأبي ثعلبة الخشني, فقال الإمام أحمد: حدثنا سليمان الهاشمي, أنبأنا إسماعيل بن جعفر, أخبرني عمرو بن أبي عمرو عن عبد الله بن عبد الرحمن الأشهلي, عن حذيفة بن اليمان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «والذي نفسي بيده, لتأمرن بالمعروف, ولتنهون عن المنكر, أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً من عنده, ثم لتدعنه فلا يستجيب لكم», ورواه الترمذي عن علي بن حجر عن إسماعيل بن جعفر به, وقال: هذا حديث حسن. وقال أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة, حدثنا معاوية بن هشام عن هشام بن سعد, عن عمرو بن عثمان, عن عاصم بن عمر بن عثمان, عن عروة, عن عائشة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «مروا بالمعروف, وانهوا عن المنكر, قبل أن تدعوا فلا يستجاب لكم» تفرد به, وعاصم هذا مجهول.
وفي الصحيح من طريق الأعمش عن إسماعيل بن رجاء عن أبيه, عن أبي سعيد, وعن قيس بن مسلم, عن طارق بن شهاب, عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده, فإن لم يستطع فبلسانه, فإن لم يستطع فبقلبه, وذلك أضعف الإيمان» رواه مسلم. وقال الإمام أحمد: حدثنا ابن نمير, حدثنا سيف هو ابن أبي سليمان, سمعت عدي بن عدي الكندي يحدث عن مجاهد قال: حدثني مولى لنا أنه سمع جدي يعني عدي بن عميرة رضي الله عنه, يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول «إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكرونه, فإذا فعلوا ذلك, عذب الله الخاصة والعامة», ثم رواه أحمد عن أحمد بن الحجاج, عن عبد الله بن المبارك, عن سيف بن أبي سليمان, عن عيسى بن عدي الكندي, حدثني مولى لنا أنه سمع جدي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول, فذكره, هكذا رواه الإمام أحمد من هذين الوجهين.
قال أبو داود: حدثنا أبو العلاء, حدثنا أبو بكر, حدثنا المغيرة بن زياد الموصلي عن عدي بن عدي, عن العرس يعني ابن عميرة, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها, ـ وقال مرة فأنكرها ـ كان كمن غاب عنها, ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها» تفرد به أبو داود, ثم رواه عن أحمد بن يونس, عن ابن شهاب, عن مغيرة بن زياد, عن عدي بن عدي مرسلاً. وقال أبو داود: حدثنا سليمان بن حرب وحفص بن عمر, قالا: حدثنا شعبة وهذا لفظه, عن عمرو بن مرة, عن أبي البحتري قال: أخبرني من سمع النبي صلى الله عليه وسلم, وقال سليمان, حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «لن يهلك الناس حتى يعذروا أو يعذروا من أنفسهم». وقال ابن ماجه: حدثنا عمران بن موسى, حدثنا حماد بن زيد, حدثنا علي بن زيد بن جدعان, عن أبي نضرة, عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام خطيباً, فكان فيما قال «ألا لا يمنعن رجلاً هيبة الناس أن يقول الحق إذا علمه». قال: فبكى أبو سعيد, وقال: قد والله رأينا أشياء فهبنا.
وفي حديث إسرائيل عن عطية عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر»و رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه, وقال الترمذي: حسن غريب من هذا الوجه. وقال ابن ماجه: حدثنا راشد بن سعيد الرملي, حدثنا الوليد بن مسلم, حدثنا حماد بن سلمة عن أبي غالب, عن أبي أمامة: قال: عرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجل عند الجمرة الأولى, فقال: يا رسول الله, أي الجهاد أفضل ؟ فسكت عنه, فلما رمى الجمرة الثانية سأله فسكت عنه, فلما رمى جمرة العقبة ووضع رجله في الغرز ليركب قال «أين السائل ؟» قال: أنا يا رسول الله. قال «كلمة حق تقال عند ذي سلطان جائر» تفرد به. وقال ابن ماجه: حدثنا أبو كريب, حدثنا عبد الله بن نمير وأبو معاوية عن الأعمش, عن عمرو بن مرة, عن أبي البحتري عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحقر أحدكم نفسه» قالوا يا رسول الله: كيف يحقر أحدنا نفسه ؟ قال «يرى أمر الله فيه مقال ثم لا يقول فيه, فيقول الله له يوم القيامة: ما منعك أن تقول في كذا وكذا وكذا ؟ فيقول: خشية الناس, فيقول: فإياي كنت أحق أن تخشى» تفرد به, وقال أيضاً: حدثنا علي بن محمد, حدثنا محمد بن فضيل, حدثنا يحيى بن سعيد, حدثنا عبد الله بن عبدالرحمن أبو طوالة, حدثنا نهار العبدي أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله يسأل العبد يوم القيامة حتى يقول: ما منعك إذا رأيت المنكر أن تنكره ؟ فإذا لقن الله عبداً حجته قال: يا رب رجوتك وفرقت الناس» تفرد به أيضاً ابن ماجه, وإسناده لا بأس به.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عمرو بن عاصم عن حماد بن سلمة, عن علي بن زيد, عن الحسن, عن جندب, عن حذيفة, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «لا ينبغي لمسلم أن يذل نفسه» قيل: وكيف يذل نفسه ؟ قال «يتعرض من البلاء لما لا يطيق», وكذا رواه الترمذي وابن ماجه جميعاً عن محمد بن بشار, عن عمرو بن عاصم به, وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب. وقال ابن ماجه: حدثنا العباس بن الوليد الدمشقي, حدثنا زيد بن يحيى بن عبيد الخزاعي, حدثنا الهيثم بن حميد, حدثنا أبو معبد حفص بن غيلان الرعيني عن مكحول, عن أنس بن مالك قال: قيل: يا رسول الله, متى يترك الأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر ؟ قال «إذا ظهر فيكم ما ظهر في الأمم قبلكم» قلنا يا رسول الله وما ظهر في الأمم قبلنا ؟ قال «الملك في صغاركم والفاحشة في كباركم والعلم في رذالكم» قال زيد: تفسير معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم والعلم في رذالكم إذا كان العلم في الفساق, تفرد به ابن ماجة, وسيأتي في حديث أبي ثعلبة عند قوله {لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} شاهد لهذا, إن شاء الله تعالى وبه الثقة.
وقوله تعالى: {ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفرو} قال مجاهد: يعني بذلك المنافقين. وقوله {لبئس ما قدمت لهم أنفسهم} يعني بذلك موالاتهم للكافرين, وتركهم موالاة المؤمنين التي أعقبتهم نفاقاً في قلوبهم, وأسخطت الله عليهم سخطاً مستمراً إلى يوم معادهم, ولهذا قال {أن سخط الله عليهم} وفسر بذلك ما ذمهم به, ثم أخبر عنهم أنهم {وفي العذاب هم خالدون} يعني يوم القيامة. قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا هشام بن عمار, حدثنا مسلم بن علي عن الأعمش بإسناد ذكره, قال «يا معشر المسلمين, إياكم والزنا, فإن فيه ست خصال: ثلاثاً في الدنيا, وثلاثاً في الاَخرة, فأما التي في الدنيا فإنه يذهب البهاء, ويورث الفقر, وينقص العمر, وأما التي في الاَخرة فإنه يوجب سخط الرب, وسوء الحساب, والخلود في النار», ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون} هكذا ذكره ابن أبي حاتم.
وقد رواه ابن مردويه من طريق هشام بن عمار عن مسلمة, عن الأعمش, عن شقيق, عن حذيفة, عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره, وساقه أيضاً من طريق سعيد بن غفير عن مسلمة, عن أبي عبد الرحمن الكوفي, عن الأعمش, عن شقيق, عن حذيفة, عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر مثله, وهذا حديث ضعيف على كل حال, والله أعلم.
وقوله تعالى: {ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء} أي لو آمنوا حق الإيمان بالله والرسول والقرآن لما ارتكبوا ما ارتكبوه من موالاة الكافرين في الباطن, ومعاداة المؤمنين بالله والنبي وما أنزل إليه, {ولكن كثيراً منهم فاسقون} أي خارجون عن طاعة الله ورسوله, مخالفون لاَيات وحيه وتنزيله.