تفسير الشنقيطي تفسير الصفحة 142 من المصحف


تفسير أضواء البيان - صفحة القرآن رقم 142

 {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِىٍّ عَدُوّاً شَيَـٰطِينَ ٱلإِنْسِ وَٱلْجِنِّ يُوحِى بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ ٱلْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ * وَلِتَصْغَىۤ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلاٌّخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ * أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْتَغِى حَكَماً وَهُوَ ٱلَّذِىۤ أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ ٱلْكِتَـٰبَ مُفَصَّلاً وَٱلَّذِينَ ءَاتَيْنَـٰهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِٱلْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ * وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَـٰتِهِ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ * وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِى ٱلاٌّرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ * إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ * فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ إِن كُنتُم بِآيَـٰتِهِ مُؤْمِنِينَ}
قوله تعالى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِىٍّ عَدُوّاً شَيَـٰطِينَ ٱلإِنْسِ وَٱلْجِنِّ} .
ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أنه جعل لكل نبي عدواً، وبين هنا أن أعداء الأنبياء هم شياطين الإنس والجن، وصرح في موضع آخر أن أعداء الأنبياء من المجرمين، وهو قوله {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِىٍّ عَدُوّاً مِّنَ ٱلْمُجْرِمِينَ} فدل ذلك على أن المراد بالمجرمين شياطين الإنس والجن وذكر في هذه الآية أن من الإنس شياطين، وصرح بذلك في قوله {وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَىٰ شَيَـٰطِينِهِمْ قَالُوۤاْ إِنَّا مَعَكُمْ} . وقد جاء الخبر بذلك مرفوعاً من حديث أبي ذر عند الإمام أحمد وغيره والعرب تسمي كل متمرد شيطاناً سواء كان من الجن أو من الإنس كما ذكرنا أو من غيرهما، وفي الحديث «الكَلب الأَسْوَد شَيْطَان»: وقوله، شياطين بدل من قوله: {عَدُوّ}، أو مفعول أول {جَعَلْنَ}، والثاني {عَدُوّ} أي جعلنا شياطين الإنس والجن عدواً.
قوله تعالى: {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِى ٱلاٌّرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ} . ذكر في هذه الآية الكريمة أن إطاعة أكثر أهل الأرض وضلال، وبين في مواضع أخر أن أكثر أهل الأرض غير مؤمنين، وأن ذلك واقع في الأمم الماضية كقوله {وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ} ، وقوله {وَمَآ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} ، وقوله {وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ ٱلاٌّوَّلِينَ} ، وقوله {إِنَّ فِي ذَلِكَ لأَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ} إلى غير من الآيات.