تفسير الشنقيطي تفسير الصفحة 183 من المصحف


تفسير أضواء البيان - صفحة القرآن رقم 183  {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ أَعْمَـٰلَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ ٱلْيَوْمَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَآءَتِ ٱلْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِىۤءٌ مِّنْكُمْ إِنِّيۤ أَرَىٰ مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيۤ أَخَافُ ٱللَّهَ وَٱللَّهُ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ * إِذْ يَقُولُ ٱلْمُنَـٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَـٰؤُلاۤءِ دِينُهُمْ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ يَتَوَفَّى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَـٰرَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ * ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّـٰمٍ لِّلْعَبِيدِ * كَدَأْبِ ءَالِ فِرْعَوْنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ بِآيَـٰتِ ٱللَّهِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِىٌّ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ * ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * كَدَأْبِ ءَالِ فِرْعَوْنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بآيَـٰتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَـٰهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَآ ءَالَ فِرْعَونَ وَكُلٌّ كَانُواْ ظَـٰلِمِينَ * إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ * ٱلَّذِينَ عَـٰهَدْتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ * فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِى ٱلْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ * وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَٱنبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَآءٍ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلخَـٰئِنِينَ * وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُوۤاْ إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ * وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا ٱسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ ٱلْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَءَاخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَىْءٍ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ * وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَٱجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ * وَإِن يُرِيدُوۤاْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ ٱللَّهُ هُوَ ٱلَّذِىۤ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِٱلْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِى ٱلاٌّرْضِ جَمِيعاً مَّآ أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}
قوله تعالى: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ أَعْمَـٰلَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ ٱلْيَوْمَ مِنَ ٱلنَّاسِ} {إِنِّي بَرِىۤءٌ مِّنْكُمْ}.
ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أن الشيطان غر الكفار، وخدعهم، وقال لهم: لا غالب لكم وأنا جار لكم.
وذكر المفسرون: أنه تمثل لهم في صورة «سراقة بن مالك بن جعشم» سيد بني مدلج بن بكر بن كنانة، وقال لهم ما ذكر الله عنه، وأنه مجيرهم من بني كنانة، وكانت بينهم عداوة، {فَلَمَّا تَرَآءَتِ ٱلْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ}، عندما رأى الملائكة وقال لهم: {إِنِّي بَرِىۤءٌ مِّنْكُمْ إِنِّيۤ أَرَىٰ مَا لاَ تَرَوْنَ}،فكان حاصل أمره أنه غرهم، وخدعهم حتى أوردهم الهلاك، ثم تبرأ منهم.
وهذه هي عادة الشيطان مع الإنسان كما بينه تعالى في آيات كثيرة، كقوله: {كَمَثَلِ ٱلشَّيْطَـٰنِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَـٰنِ ٱكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّى بَرِىۤءٌ مِّنكَ} . وقوله:
{وَقَالَ ٱلشَّيْطَـٰنُ لَمَّا قُضِىَ ٱلاٌّمْرُ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ ٱلْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ} ، إلى قوله: {إِنِّى كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ} . وكقوله: {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ ٱلشَّيْطَـٰنُ إِلاَّ غُرُور} ، وقد قال حسان بن ثابت رضي الله عنه: سرنا وساروا إلى بدر لحينهم لو يعلمون يقين الأمر ما ساروا
دلاهم بغرور ثم أسلمهم إن الخبيث لمن ولاه غرار