تفسير الشنقيطي تفسير الصفحة 85 من المصحف


تفسير أضواء البيان - صفحة القرآن رقم 85

 {إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَـٰعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ شَهِيداً }
، وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَـٰعِفْهَا لم يبيّن في هذه الآية الكريمة أقل ما تضاعف به الحسنة ، ولا أكثره ولكنه بيّن في موضع آخر أن أقل ما تضاعف به عشر أمثالها ، وهو قوله : {مَن جَاء بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَ} .
وبيّن في موضع آخر أن المضاعفة ربما بلغت سبعمائة ضعف إلى ما شاء اللَّه ، وهو قوله : {مَّثَلُ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوٰلَهُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ} ، كما تقدم .
{يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ ٱلرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّىٰ بِهِمُ ٱلاٌّرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثاً }
، يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ ٱلرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّىٰ بِهِمُ ٱلاٌّرْضُ على القراءات الثلاث معناه أنهم يتمنون أن يستووا بالأرض ، فيكونوا ترابًا مثلها على أظهر الأقوال ، ويوضح هذا المعنى قوله تعالىٰ : {يَوْمَ يَنظُرُ ٱلْمَرْء مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ ٱلْكَافِرُ ٱلْكَافِرُ يَـٰلَيْتَنِى كُنتُ تُرٰب} .
{وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيث} ، بيّن في موضع آخر أن عدم الكتم المذكور هنا ، إنما هو باعتبار إخبار أيديهم وأرجلهم بكل ما عملوا عند الختم على أفواههم إذا أنكروا شركهم ومعاصيهم وهو قوله تعالىٰ : {ٱلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوٰهِهِمْ وَتُكَلّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} ، فلا يتنافى قوله : {وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيث} ، مع قوله عنهم : {وَٱللَّهِ رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} ، وقوله عنهم أيضًا : {مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوء} ، وقوله عنهم : {بَل لَّمْ نَكُنْ نَّدْعُواْ مِن قَبْلُ شَيْئ} ، للبيان الذي ذكرنا والعلم عند اللَّه تعالىٰ .
{يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنتُمْ سُكَـٰرَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِى سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُواْ وَإِنْ كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّن ٱلْغَآئِطِ أَوْ لَـٰمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَٱمْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً }
، يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنتُمْ سُكَـٰرَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ بيّن تعالىٰ في هذه الآية زوال السكر بأنه هو أن يثوب للسكران عقله ، حتى يعلم معنى الكلام الذي يصدر منه بقوله : {حَتَّىٰ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ} .