تفسير الشوكاني تفسير الصفحة 122 من المصحف



فتح القدير - صفحة القرآن رقم 122

121

قوله: 84- "وما لنا لا نؤمن بالله" كلام مستأنف، والاستفهام للاستبعاد "ولنا" متعلق بمحذوف، و "لا نؤمن" في محل نصب في الحال، والتقدير: أي شيء حصل لنا حال كوننا لا نؤمن بالله وبما جاءنا من الحق؟ والمعنى: أنهم استبعدوا انتفاء الإيمان منهم مع وجود المقتضى له، وهو الطمع في إنعام الله، فالاستفهام والنفي متوجهان إلى القيد والمقيد جميعاً كقوله تعالى: "ما لكم لا ترجون لله وقاراً"، والواو في "ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين" للحال أيضاً بتقدير مبتدأ: أي أي شيء حصل لنا غير مؤمنين ونحن نطمع في الدخول مع الصالحين؟ فالحال الأولى والثانية صاحبهما الضمير في "لنا" وعاملهما الفعل المقدر: أي حصل، ويجوز أن تكون الحال الثانية من الضمير في "نؤمن" والتقدير: وما لنا نجمع بين ترك الإيمان وبين الطمع في صحبة الصالحين.
قوله: 85- "فأثابهم الله بما قالوا" إلخ أثابهم على هذا القول مخلصين له معتقدين لمضمونه.
قوله: 86- "والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم" التكذيب بالآيات كفر فهو من باب عطف الخاص على العام. والجحيم: النار الشديدة الإيقاد، ويقال جحم فلان النار: إذا شدد إيقادها، ويقال أيضاً لعين الأسد: جحمة لشدة اتقادها. قال الشاعر: والحرب لا تبقى لجاحمها التحيل والمزاح وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: "ولتجدن أقربهم مودة" الآية قال: هم الوفد الذين جاءوا مع جعفر وأصحابه من أرض الحبشة. وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما خلا يهودي بمسلم إلا هم بقتله" وفي لفظ: "إلا حدث نفسه بقتله". قال ابن كثير: وهو غريب جداً. وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء قال: ما ذكر الله به النصارى من خير فإنما يراد به النجاشي وأصحابه. وأخرج أبو الشيخ عنه قال: هم ناس من الحبشة آمنوا إذا جاءتهم مهاجرة المؤمنين فذلك لهم. وأخرج النسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال: نزلت هذه الآية في النجاشي وأصحابه "وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع". وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية والواحدي من طريق ابن شهاب قال: أخبرني سعيد بن المسيب وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعروة بن الزبير قالوا: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري وكتب معه كتاباً إلى النجاشي، فقدم على النجاشي فقرأ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم دعا جعفر بن أبي طالب والمهاجرين معه، وأرسل النجاشي إلى الرهبان والقسيسين فجمعهم، ثم أمر جعفر بن أبي طالب أن يقرأ عليهم القرآن، فقرأ عليهم سورة مريم، فآمنوا بالقرآن وفاضت أعينهم من الدمع، وهم الذين أنزل الله فيهم "ولتجدن أقربهم مودة" إلى قوله: "من الشاهدين". وأخرج عبد بن حميد ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن سعيد بن جبير في الآية قال: هم رسل النجاشي بإسلامه وإسلام قومه، كانوا سبعين رجلاً يختارهم من قومه الخير فالخير في الفقه والسن، وفي لفظ: بعث من خيار أصحابه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثين رجلاً، فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلوا عليه فقرأ عليهم سورة يس، فبكوا حين سمعوا القرآن وعرفوا أنه الحق، فأنزل الله فيهم: "ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً" الآية ونزلت هذه الآية فيهم أيضاً: "الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون" إلى قوله: "أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا". وأخرج عبد بن حميد والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس نحوه بدون ذكر العدد. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال: بعث النجاشي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم اثني عشر رجلاً سبعة قسيسين وخمسة رهباناً ينظرون إليه ويسألونه فلما لقوه فقرأ عليهم ما أنزل الله بكوا وآمنوا، فأنزل الله فيهم: "وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول" الآية، والروايات في هذا الباب كثيرة، وهذا المقدار يكفي، فليس المراد إلا بيان سبب نزول الآية. وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله: "قسيسين" قال: هم علماؤهم. وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال: القسيسون عبادهم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه من طرق عن ابن عباس في قوله: "فاكتبنا مع الشاهدين" قال: أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
الطيبات: هي المستلذات مما أحله الله لعباده، نهى الذين آمنوا عن أن يحرموا على أنفسهم شيئاً منها، إما لظنهم أن في ذلك طاعة لله وتقرباً إليه، وأنه من الزهد في الدنيا لرفع النفس عن شهواتها، أو لقصد أن يحرموا على أنفسهم شيئاً مما أحله لهم كما يقع من كثير من العوام من قولهم: حرام علي وحرمته على نفسي ونحو ذلك من الألفاظ التي تدخل تحت هذا النهي القرآني. قال ابن جرير الطبري: لا يجوز لأحد من المسلمين تحريم شيء مما أحل الله لعباده المؤمنين على نفسه من طيبات المطاعم والملابس والمناكح، ولذلك رد النبي صلى الله عليه وسلم التبتل على عثمان بن مظعون. فثبت أنه لا فضل في ترك شيء مما أحله الله لعباده، وأن الفضل والبر إنما هو في فعل ما ندب الله عباده إليه، وعمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنه لأمته، واتبعه على منهاجه الأئمة الراشدون، إذ كان خير الهدي هدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. فإذا كان ذلك كذلك تبين خطأ من آثر لباس الشعر والصوف على لباس القطن والكتان إذا قدر على لباس ذلك من حله، وآثر أكل الخشن من الطعام وترك اللحم وغيره حذراً من عارض الحاجة إلى النساء. قال: فإن ظن ظان أن الفضل في غير الذي قلنا لما في لباس الخشن وأكله من المشقة على النفس وصرف ما فضل بينهما من القيمة إلى أهل الحاجة. فقد ظن خطأ، وذلك أن الأولى بالإنسان صلاح نفسه وعونه لها على طاعة ربها، ولا شيء أضر للجسم من المطاعم الردية، لأنها مفسدة لعقله ومضعفة لأدواته التي جعلها الله سبباً إلى طاعته. قوله: "ولا تعتدوا" أي لا تعتدوا على الله بتحريم طيبات ما أحل الله لكم، أو لا تعتدوا فتحلوا ما حرم الله عليكم: أي تترخصوا فتحللوا حراماً كما نهيتم عن التشديد على أنفسكم بتحريم الحلال. وقد ذهب جمهور العلماء إلى أن من حرم على نفسه شيئاً مما أحل الله له فلا يحرم عليه ولا يلزمه كفارة. وقال أبو حنيفة وأحمد ومن تابعهما: إن من حرم شيئاً صار محرماً عليه، وإذا تناوله لزمته الكفارة، وهو خلاف ما في هذه الآية وخلاف ما دلت عليه الأحاديث الصحيحة، ولعله يأتي في سورة التحريم ما هو أبسط من هذا إن شاء الله. وقوله: "إن الله لا يحب المعتدين" تعليل لما قبله، وظاهره إنه تحريم كل اعتداء: أي مجاوزة لما شرعه الله في كل أمر من الأمور.
88- "وكلوا مما رزقكم الله" حال كونه "حلالاً طيباً" أي غير محرم ولا مستقذر، أو أكلاً حلالاً طيباً، أو كلوا حلالاً طيباً مما رزقكم الله، ثم وصاهم الله سبحانه بالتقوى فقال: "واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون". وقد أخرج الترمذي وحسنه وابن جرير وابن أبي حاتم وابن عدي في الكامل والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس: أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني إذا أكلت اللحم انتشرت للنساء وأخذتني شهوة، وإني حرمت علي اللحم، فنزلت: "يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم" وقد روي من وجه آخر مرسلاً، وروي موقوفاً على ابن عباس. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عنه في الآية قال:" نزلت في رهط من الصحابة قالوا: نقطع مذاكيرنا ونترك شهوات الدنيا ونسيح في الأرض كما يفعل الرهبان فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إليهم فذكر لهم ذلك فقالوا: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ولكني أصوم وأفطر وأصلي وأنام وأنكح النساء، فمن أخذ بسنتي فهو مني، ومن لم يأخذ بسنتي فليس مني". وقد ثبت نحو هذا في الصحيحين وغيرهما من دون ذكر أن ذلك سبب نزول الآية. وأخرج عبد بن حميد وأبو داود في المراسيل وابن جرير عن أبي مالك أن هؤلاء الرهط: هم عثمان بن مظعون وأصحابه، وفي الباب روايات كثيرة بهذا المعنى، وكثير منها مصرح بأن ذلك سبب نزول الآية. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم "أن عبد الله بن رواحة ضافه ضيف من أهله وهو عند النبي صلى الله عليه وسلم ثم رجع إلى أهله، فوجدهم لم يطعموا ضيفهم انتظاراً له، فقال لامرأته: حبست ضيفي من أجلي هو حرام علي، فقالت امرأته: هو حرام علي فقال الضيف: هو حرام علي، فلما رأى ذلك وضع يده وقال: كلوا بسم الله، ثم ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أصبت فأنزل الله: "يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم"" وهذا أثر منقطع، ولكن في صحيح البخاري في قصة الصديق مع أضيافه ما هو شبيه بهذا. وأخرج ابن أبي حاتم عن مسروق قال: كنا عند عبد الله فجيء بضرع، فتنحى رجل، فقال له عبد الله: ادن، فقال: إني حرمت أن آكله، فقال عبد الله: ادن فاطعم وكفر عن يمينك، وتلا هذه الآية. وأخرجه أيضاً الحاكم في مستدركه، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
قد تقدم تفسير اللغو، والخلاف فيه، في سورة البقرة، و 89- "في أيمانكم" صلة "يؤاخذكم"، قيل و "في" بمعنى من والأيمان جمع يمين. وفي الآية دليل على أن أيمان اللغو لا يؤاخذ الله الحالف بها ولا تجب بها الكفارة. وقد ذهب الجمهور من الصحابة ومن بعدهم إلى أنها قول الرجل: لا والله وبلى والله في كلامه غير معتقد لليمين، وبه فسر الصحابة الآية وهم أعرف بمعاني القرآن. قال الشافعي: وذلك عند اللجاج والغضب والعجلة. قوله: "ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان" قرئ بتشديد "عقدتم" وبتخفيفه، وقرئ " عقدتم ". والعقد على ضربين: حسي كعقد الحبل، وحكمي كعقد البيع، واليمين والعهد. قال الشاعر: قوم إذا عقدوا عقداً لجارهم شدوا العناج وشدوا فوقه الكربا فاليمين المعقدة من عقد القلب ليفعلن أو لا يفعلن في المستقبل: أي ولكن يؤاخذكم بأيمانكم المعقدة الموثقة بالقصد والنية إذا حنثتم فيها. وأما اليمين الغموس: فهي يمين مكر وخديعة وكذب قد باء الحالف بإثمها، وليست بمعقودة ولا كفارة فيها كما ذهب إليه الجمهور، وقال الشافعي: هي يمين معقودة لأنها مكتسبة بالقلب معقودة بخبر مقرونة باسم الله، والراجح الأول وجميع الأحاديث الواردة في تكفير اليمين متوجهة إلى المعقودة ولا يدل شيء منها على الغموس، بل ما ورد في الغموس إلا الوعيد والترهيب، وإنها من الكبائر، بل من أكبر الكبائر، وفيها نزل قوله تعالى: "إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً" الآية. قوله: "فكفارته" الكفارة: هي مأخوذة من التكفير وهو التستير، وكذلك الكفر هو الستر، والكافر هو الساتر، لأنها تستر الذنب وتغطيه، والضمير في كفارته راجع إلى ما في قوله: "بما عقدتم". " إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم " المراد بالوسط هنا المتوسط بين طرفي الإسراف والتقتير، وليس المراد به الأعلى كما في غير هذا الموضع: أي أطعموهم من المتوسط مما تعتادون إطعام أهليكم منه، ولا يجب عليكم أن تطعموهم من أعلاه، ولا يجوز لكم أن تطعموهم من أدناه، وظاهره أنه يجزئ إطعام عشرة حتى يشبعوا. وقد روي عن علي بن أبي طالب أنه قال: لا يجزئ إطعام العشرة غداء دون عشاء حتى يغديهم ويعشيهم. قال أبو عمر: هو قول أئمة الفتوى بالأمصار. وقال الحسن البصري وابن سيرين: يكفيه أن يطعم عشرة مساكين أكلة واحدة خبزاً وسمناً أو خبزاً ولحماً. وقال عمر بن الخطاب وعائشة ومجاهد والشعبي وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وميمون بن مهران وأبو مالك والضحاك والحكم ومكحول وأبو قلابة ومقاتل: يدفع إلى كل واحد من العشرة نصف صاع من بر أو تمر. وروي ذلك عن علي. وقال أبو حنيفة نصف صاع بر وصاع مما عداه. وقد أخرج ابن ماجه وابن مردويه عن ابن عباس قال: كفر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصاع من تمر وكفر الناس به، ومن لم يجد فنصف صاع من بر، وفي إسناده عمر بن عبد الله بن يعلى الثقفي وهو مجمع على ضعفه. وقال الدارقطني: متروك. قوله: "أو كسوتهم" عطف على إطعام. قرئ بضم الكاف وكسرها وهما لغتان مثل أسوة وإسوة. وقرأ سعيد بن جبير ومحمد بن السميفع اليماني أو كأسوتهم: يعني كأسوة أهليكم والكسوة في الرجال تصدق على ما يكسو البدن ولو كان ثوباً واحداً، وهكذا في كسوة النساء، وقيل الكسوة للنساء درع وخمار، وقيل المراد بالكسوة ما تجزئ به الصلاة. قوله: "أو تحرير رقبة" أي إعتاق مملوك، والتحرير: الإخراج من الرق، وتستعمل التحرير في فك الأسير وإعفاء المجهود يعمل عن عمله وترك إنزال الضرر به، ومنه قول الفرزدق: أبني غدانة أنني حررتــــكم فوهبتكم لعطية بن جعال أي حررتكم من الهجاء الذي كان سيضع منكم ويضر بأحسابكم. ولأهل العلم أبحاث في الرقبة التي تجزئ في الكفارة، وظاهر هذه الآية أنها تجزئ كل رقبة على أي صفة كانت. وذهب جماعة منهم الشافعي إلى اشتراط الإيمان فيها قياساً على كفارة القتل "فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام" أي فمن لم يجد شيئاً من الأمور المذكورة فكفارته صيام ثلاثة أيام، وقرئ متتابعات حكي ذلك عن ابن مسعود وأبي، فتكون هذه القراءة مقيدة لمطلق الصوم. وبه قال أبو حنيفة والثوري وهو أحد قولي الشافعي. وقال مالك والشافعي في قوله الآخر: يجزئ التفريق "ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم" أي ذلك المذكور كفارة أيمانكم إذا حلفتم وحنثتم، ثم أمرهم بحفظ الأيمان وعدم المسارعة إليها أو إلى الحنث بها، والإشارة بقوله: "كذلك" إلى مصدر الفعل المذكور بعده، أي مثل ذلك البيان "يبين الله لكم" وقد تكرر هذا في مواضع من الكتاب العزيز "لعلكم تشكرون" ما أنعم به عليكم من بيان شرائعه وإيضاح أحكامه. وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: لما نزلت: "يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم" في القوم الذين كانوا حرموا على أنفسهم النساء واللحم قالوا: يا رسول الله كيف نصنع بأيماننا التي حلفنا عليها؟ فأنزل الله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم". وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير في اللغو قال: هو الرجل يحلف على الحلال. وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال: هما الرجلان يتبايعان، يقول أحدهما: والله لا أبيعك بكذا، ويقول الآخر: والله لا أشتريه بكذا. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن النخعي قال: اللغو أن يصل كلامه بالحلف: والله لتأكلن والله لتشربن ونحو هذا لا يريد به يميناً ولا يتعمد حلفاً، فهو لغو اليمين ليس عليه كفارة، وقد تقدم الكلام في البقرة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد "ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان" قال: بما تعبدتم. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة نحوه. وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقيم كفارة اليمين مداً من حنطة، وفي إسناده النضر بن زرارة بن عبد الكريم الذهلي الكوفي. قال أبو حاتم: مجهول، وذكره ابن حبان في الثقات. وقد تقدم حديث ابن عباس وتضعيفه. وأخرج ابن مردويه عن أسماء بنت أبي بكر قالت: كنا نعطي في كفارة اليمين بالمد الذي نقتات به. وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عمر بن الخطاب قال: إني أحلف لا أعطي أقواماً، ثم يبدو لي فأعطيهم، فأطعم عشرة مساكين كل مسكين صاعاً من شعير أو صاعاً من تمر أو نصف صاع من قمح. وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن علي بن أبي طالب قال: في كفارة اليمين إطعام عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع من حنطة. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس مثله. وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طرق قال: في كفارة اليمين مد من حنطة لكل مسكين. وأخرج هؤلاء إلا ابن أبي حاتم عن زيد بن ثابت مثله. وأخرج هؤلاء أيضاً عن ابن عمر مثله. وأخرج ابن المنذر عن أبي هريرة مثله. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب قال: تغديهم وتعشيهم إن شئت خبزاً ولحماً أو خبزاً وزيتاً أو خبزاً وسمناً أو خبزاً تمراً. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "من أوسط ما تطعمون أهليكم" قال: من عسركم ويسركم. وأخرج ابن ماجه عنه قال: الرجل يقوت أهله قوتاً فيه سعة وكان الرجل يقوت أهله قوتاً فيه شدة، فنزلت: "من أوسط ما تطعمون أهليكم". وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عنه نحو ذلك. وأخرج الطبراني وابن مردويه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "أو كسوتهم" قال: عباءة لكل مسكين، قال ابن كثير: حديث غريب. وأخرج ابن مردويه "عن حذيفة قال: قلت يا رسول الله "أو كسوتهم" ما هو؟ قال: عباءة عباءة". وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: عباءة لكل مسكين أو شملة. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر قال: الكسوة ثوب أو إزار. وأخرج ابن جرير والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال: في كفارة اليمين هو بالخيار في هؤلاء الثلاثة الأول فالأول فإن لم يجد من ذلك شيئاً فصيام ثلاثة أيام متتابعات. وأخرج ابن مردويه عنه نحوه.