تفسير الشوكاني تفسير الصفحة 184 من المصحف



فتح القدير - صفحة القرآن رقم 184

183

والإشارة بقوله: 53- "ذلك" إلى العقاب الذي أنزله الله بهم، وهو مبتدأ وخبره ما بعده، والجملة جارية مجرى التعليل لما حل بهم من عذاب الله. والمعنى: أن ذلك العقاب بسبب أن عادة الله في عباده عدم تغيير نعمه التي ينعم بها عليهم "حتى يغيروا ما بأنفسهم" من الأحوال والأخلاق بكفران نعم الله وغمط إحسانه وإهمال أوامره ونواهيه، وذلك كما كان من آل فرعون ومن قبلهم ومن قريش ومن يماثلهم من المشركين، فإن الله فتح لهم أبواب الخيرات في الدنيا ومن عليهم بإرسال الرسل وإنزال الكتب، فقابلوا هذه النعم بالكفر فاستحقوا تغيير النعم كما غيروا ما كان يجب عليهم سلوكه، والعمل به من شكرها وقبولها، وجملة "وأن الله سميع عليم" معطوفة على "بأن الله لم يك مغيراً نعمة" داخلة معها في التعليل: أي ذلك بسبب أن الله لم يك مغيراً إلخ، وبسبب أن الله سميع عليم يسمع ما يقولونه ويعلم ما يفعلونه. وقرئ بكسر الهمزة على الاستئناف.
ثم كرر ما تقدم، فقال: 54- "كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم" لقصد التأكيد مع زيادة أنه كالبيان للأخذ بالذنوب بأنه كان بالإغراق، وقيل: إن الأول باعتبار ما فعله آل فرعون ومن شبه بهم، والثاني باعتبار ما فعل بهم، وقيل: المراد بالأول كفرهم بالله، وبالثاني تكذيبهم الأنبياء، وقيل غير ذلك مما لا يخلو عن تعسف، والكلام في "أهلكناهم بذنوبهم" كالكلام المتقدم في "فأخذهم الله بذنوبهم"، "وأغرقنا آل فرعون" معطوف على أهلكناهم عطف الخاص على العام لفظاعته وكونه من أشد أنواع الإهلاك، ثم حكم على الطائفتين من آل فرعون والذين من قبلهم، ومن كفار قريش بالظلم لأنفسهم، بما تسببوا به لعذاب الله من الكفر بالله وآياته ورسله وبالظلم لغيرهم، كما كان يجري منهم في معاملاتهم للناس بأنواع الظلم. وقد أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله: "ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة" قال: الذين قتلهم الله ببدر من المشركين. وأخرج ابن جرير عن الحسن قال: قال رجل يا رسول الله إني رأيت بظهر أبي جهل مثل الشوك قال: ذلك ضرب الملائكة. وهذا مرسل. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: "وأدبارهم" قال: وأستاههم، ولكن الله كريم يكني. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله: " ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " قال: نعمة الله: محمد صلى الله عليه وسلم أنعم الله به على قريش فكفروا فنقله الله إلى الأنصار.
قوله: 55- "إن شر الدواب" أي شر ما يدب على وجه الأرض "عند الله" أي في حكمه "الذين كفروا" أي المصرون على الكفر المتمادون في الضلال، ولهذا قال: "فهم لا يؤمنون" أي إن هذا شأنهم لا يؤمنون أبداً، ولا يرجعون عن الغواية أصلاً، وجعلهم شر الدواب لا شر الناس إيماء إلى انسلاخهم عن الإنسانية ودخولهم في جنس غير الناس من أنواع الحيوان لعدم تعقلهم لما فيه رشادهم.
قوله: 56- "الذين عاهدت منهم" بدل من الذين كفروا أو عطف بيان أو في محل نصب على الذم. والمعنى: أن هؤلاء الكافرين الذين هم شر الدواب عند الله هم هؤلاء الذين عاهدت منهم: أي أخذت منهم عهدهم "ثم" هم "ينقضون عهدهم" الذي عاهدتم "في كل مرة" من مرات المعاهدة "و" الحال أنـ " وهم لا يتقون " النقض ولا يخافون عاقبته ولا يتجنبون أسبابه، وقيل إن من في قوله: "منهم" للتبعيض، ومفعول عاهدت محذوف: أي الذين عاهدتهم، وهم بعض أولئك الكفرة: يعني الأشراف منهم، وعطف المستقبل وهو ثم ينقضون على الماضي، وهو عاهدت للدلالة على استمرار النقض منهم، وهؤلاء هم قريظة عاهدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يعينوا الكفار فلم يفوا بذلك كما سيأتي.
ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشدة والغلظة عليهم، فقال: "فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم" أي فإما تصادفنهم في ثقاف وتلقاهم في حالة تقدر عليهم فيها وتتمكن من غلبهم "فشرد بهم من خلفهم" أي ففرق بقتلهم والتنكيل بهم من خلفهم من المحاربين لك من أهل الشرك حتى يهابوا جانبك ويكفوا عن حربك مخافة أن ينزل بهم ما نزل بهؤلاء. والثقاف في أصل اللغة: ما يشد به القناة أو نحوها ومنه قول النابغة: تدعو قعيباً وقد غص الحديد بها غص الثقاف على ضم الأنابيب يقال: ثقفته: وجدته، وفلان ثقف: سريع الوجود لما يحاوله، والتشريد: التفريق مع الاضطراب. وقال أبو عبيدة: "شرد بهم" سمع بهم. وقال الزجاج: افعل بهم فعلاً من القتل تفرق به من خلفهم، يقال: شردت بني فلان: قلعتهم عن مواضعهم وطردتهم عنها حتى فارقوها. قال الشاعر: أطوف في الأباطح كل يوم مخافة أن يشردني حكيم ومنه شرد البعير: إذا فارق صاحبه، وروي عن ابن مسعود أنه قرأ: (فشرذ بهم) بالذال المعجمة. قال قطرب: التشريذ بالذال المعجمة هو التنكيل، وبالمهملة هو التفريق. وقال المهدي: الذال المعجمة لا وجه لها إلا أن تكون بدلاً من الدال المهملة لتقاربهما. قال: ولا يعرف فشرذ في اللغة، وقرئ "من خلفهم" بكسر الميم والفاء.
قوله: 58- "وإما تخافن من قوم خيانة" أي غشاً ونقضاً للعهد من القوم المعاهدين "فانبذ إليهم" أي فاطرح إليهم العهد الذي بينك وبينهم "على سواء" على طريق مستوية. والمعنى: أنه يخبرهم إخباراً ظاهراً مكشوفاً بالنقض ولا يناجزهم الحرب بغتة، وقيل معنى "على سواء" على وجه يستوي في العلم بالنقض أقصاهم وأدناهم، أو تستوي أنت وهم فيه، قال الكسائي: السواء العدل، وقد يكون بمعنى الوسط، ومنه قوله: "في سواء الجحيم"، ومنه قول حسان: يا ويح أنصار النبي ورهطه بعد المغيب في سواء الملحد ومن الأول قول الشاعر: فاضرب وجوه الغدر الأعداء حتى يجيبوك إلى سواء وقيل معنى: "فانبذ إليهم على سواء" على جهر لا على سر والظاهر أن هذه الآية عامة في كل معاهد يخاف من وقوع النقض منه. قال ابن عطية: والذي يظهر من ألفاظ القرآن أن أمر بني قريظة انقضى عند قوله: "فشرد بهم من خلفهم" ثم ابتدأ تبارك وتعالى في هذه الآية يأمره بما يصنعه في المستقبل مع من يخاف منه خيانة، وجملة "إن الله لا يحب الخائنين" تعليل لما قبلها، يحتمل أن تكون تحذيراً لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن المناجزة قبل أن ينبذ إليهم على سواء، ويحتمل أن تكون عائدة إلى القوم الذين تخاف منهم الخيانة.
قوله: 59- "ولا تحسبن" قرأ ابن عامر ويزيد وحفص بالياء التحتية، وقرأ الباقون بالمثناة من فوق. فعلى القراءة الأولى يكون الذين كفروا فاعل الحسبان، ويكون مفعوله الأول محذوفاً: أي لا يحسبن الذين كفروا أنفسهم، ومفعوله الثاني سبقوا ومعناه: فاتوا وأفلتوا من أن يظفر بهم. وعلى القراءة الثانية يكون الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومفعوله الأول الذين كفروا، والثاني سبقوا، وقرئ " ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون " وقرئ يحسبن بكسر الياء، وجملة "إنهم لا يعجزون" تعليل لما قبلها، أي إنهم لا يفوتون ولا يجدون طالبهم عاجزاً عن إدراكهم. وقرأ ابن عامر أنهم بفتح الهمزة، والباقون بكسرها، وكلا القراءتين مفيدة لكون الجملة تعليلية، وقيل: المراد بهذه الآية من أفلت من وقعة بدر من المشركين. والمعنى: أنهم وإن أفلتوا من هذه الوقعة ونجوا فإنهم لا يعجزون، بل هم واقعون في عذاب الله في الدنيا أو في الآخرة. وقد زعم جماعة من النحويين منهم أبو حاتم أن قراءة من قرأ يحسبن بالتحتية لحن، لا تحل القراءة بها لأنه لم يأت ليحسبن بمفعول، وهو يحتاج إلى مفعولين. قال النحاس: وهذا تحامل شديد، ومعنى هذه القراءة: ولا يحسبن من خلفهم الذين كفروا سبقوا، فيكون الضمير يعود على ما قتدم إلا أن القراءة بالتاء أبين. وقال المهدوي: يجوز على هذه القراءة أن يكون الذين كفروا فاعلاً، والمفعول الأول محذوف. والمعنى: ولا يحسبن الذين كفروا أنفسهم سبقوا. قال مكي: ويجوز أن يضمر مع سبقوا أن فتسد مسد المفعولين، والتقدير: ولا يحسبن الذين كفروا أن سبقوا، فهو مثل "أحسب الناس أن يتركوا" في سد أن مسد المفعولين.
ثم أمر سبحانه بإعداد القوة للأعداء، والقوة كل ما يتقوى به في الحرب، ومن ذلك السلاح والقسي. وقد ثبت في صحيح مسلم وغيره من حديث عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ألا إن القوة الرمي، قالها ثلاث مرات". وقيل هي الحصون، والمصير إلى التفسير الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم متعين. قوله: 60- "ومن رباط الخيل". قرأ الحسن وعمرو بن دينار وأبو حيوة (ومن ربط الخيل) بضم الراء والباء ككتب: جمع كتاب. قال أبو حاتم: الرباط من الخيل الخمس فما فوقها، وهي الخيل التي ترتبط بإزار العدو، ومنه قول الشاعر: أمر الإله بربطها لعدوه في الحرب إن الله خير موفق قال في الكشاف: والرباط اسم للخيل التي تربط في سبيل الله، ويجوز أن يسمى بالرباط الذي هو بمعنى المرابطة، ويجوز أن يكون جمع ربيط كفصيل وفصال انتهى. ومن فسر القوة بكل ما يتقوى به في الحرب جعل عطف الخيل من عطف الخاص على العام، وجملة "ترهبون به عدو الله وعدوكم" في محل نصب على الحال والترهيب والتخويف، والضمير في به عائد إلى ما في ما استطعتم أو إلى المصدر المفهوم من وأعدوا وهو الإعداد. والمراد بعدو الله وعدوهم هم المشركون من أهل مكة وغيرهم من مشركي العرب. قوله: "وآخرين من دونهم" معطوف على عدو الله وعدوكم، ومعنى من دونهم: من غيرهم، قيل هم اليهود، وقيل فارس والروم، وقيل الجن، ورجحه ابن جرير. وقيل المراد بالآخرين من غيرهم كل من لا تعرف عداوته قاله السهيلي. وقيل هم بنو قريظة خاصة، وقيل غير ذلك، والأولى الوقف في تعيينهم لقوله: "لا تعلمونهم الله يعلمهم". قوله: "وما تنفقوا من شيء في سبيل الله" أي في الجهاد وإن كان يسيراً حقاً "يوف إليكم" جزاؤه في الآخرة، فالحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة كما قررناه سابقاً "وأنتم لا تظلمون" في شيء من هذه النفقة التي تنفقونها في سبيل الله: أي من ثوابها بل يصير ذلك إليكم وافياً وافراً كاملاً: "وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً" "أني لا أضيع عمل عامل منكم". وقد أخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال: نزلت "إن شر الدواب عند الله" الآية في ستة رهط من اليهود فيهم ابن تابوت. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: "الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم" قال: قريظة يوم الخندق مالأوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أعداءه. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "فشرد بهم من خلفهم" قال: نكل بهم من بعدهم. وأخرج ابن جرير عنه في الآية قال: نكل بهم من وراءهم. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير في الآية قال: أنذر بهم. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة قال: عظ بهم من سواهم من الناس. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال: أخفهم بهم. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: "لعلهم يذكرون" يقولون: لعلهم يحذرون أن ينكثوا فيصنع بهم مثل ذلك. وأخرج أبو الشيخ عن ابن شهاب قال: دخل جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: قد وضعت السلاح وما زلنا في طلب القوم فاخرج فإن الله قد أذن لك في قريظة، وأنزل فيهم "وإما تخافن من قوم خيانة" الآية. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: "إنهم لا يعجزون" قال: لا يفوتونا. وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة" قال: الرمي والسيوف والسلاح. وأخرج ابن إسحاق وابن أبي حاتم عن عباد بن عبد الله بن الزبير في قوله: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة" قال: أمرهم بإعداد الخيل. وأخرج أبو الشيخ والبيهقي في الشعب عن عكرمة في الآية قال: القوة ذكور الخيل، والرباط الإناث. وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد مثله. وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب في الآية قال: القوة الفرس إلى السهم فما دونه. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة قال: القوة الحصون، و "من رباط الخيل" قال: الإناث. وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: "ترهبون به عدو الله وعدوكم" قال: تخزون به عدو الله وعدوكم. وقد ورد في استحباب الرمي وما فيه من الأجر أحاديث كثيرة. وكذلك ورد في استحباب اتخاذ الخيل وإعدادها وكثرة ثواب صاحبها أحاديث لا يتسع المقام لبسطها. وقد أفرد ذلك جماعة من العلماء بمصنفات.
الجنوح: الميل، يقال: جنح الرجل إلى الرجل: مال إليه، ومنه قيل للأضالع جوانح لأنها مالت إلى الحنوة، وجنحت الإبل: إذا مالت أعناقها في السير، ومنه قول ذي الرمة: إذا مات فوق الرحل أحييت روحه بذكراك والعيس المراسيل جنح ومثله قول عنترة: جوانح قد أيقن أن قبيله إذا ما التقى الجمعان أول غالب يعني الطير، والسلم: الصلح. قرأ الأعمش وأبو بكر وابن محيصن والمفضل بكسر السين، وقرأ الباقون بفتحها. وقرأ العقيلي "فاجنح" بضم النون، وقرأ الباقون بفتحها. والأولى لغة قيس، والثانية لغة تميم. قال ابن جني: ولغة قيس هي القياس، والسلم تؤنث كما تؤنث الحرب، أو هي مؤولة بالخصلة، أو الفعلة. وقد اختلف أهل العلم هل هذه الآية منسوخة أم محكمة؟ فقيل: هي منسوخة بقوله: "فاقتلوا المشركين" وقيل: ليست بمنسوخة، لأن المراد بها قبول الجزية، وقد قبلها منهم الصحابة فمن بعدهم، فتكون خاصة بأهل الكتاب، وقيل: إن المشركين إن دعوا إلى الصلح جاز أن يجابوا إليه، وتمسك المانعون من مصالحة المشركين بقوله تعالى: " فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ". وقيدوا عدم الجواز بما إذا كان المسلمون في عزة وقوة لا إذا لم يكونوا كذلك، فهو جائز كما وقع منه صلى الله عليه وسلم من مهادنة قريش، وما زالت الخلفاء والصحابة على ذلك، وكلام أهل العلم في هذه المسألة معروف مقرر في مواطنه "وتوكل على الله" في جنوحك للسلم ولا تخف من مكرمهم، فـ "إنه" سبحانه "هو السميع" لما يقولون "العليم" بما يفعلون.