تفسير الشوكاني تفسير الصفحة 417 من المصحف



فتح القدير - صفحة القرآن رقم 417

416

21- "ولنذيقنهم من العذاب الأدنى" وهو عذاب الدنيا. قال الحسن وأبو العالية والضحاك والنخعي: هو مصائب الدنيا وأسقامها، وقيل الحدود، وقيل القتل بالسيف يوم بدر، وقيل سنين الجوع بمكة، وقيل عذاب القبر، ولا مانع من الحمل على الجميع "دون العذاب الأكبر" وهو عذاب الآخرة "لعلهم يرجعون" مما هم فيه من الشرك والمعاصي بسبب ما ينزل بهم من العذاب إلى الإيمان والطاعة ويتوبون عما كانوا فيه. وفي هذا التعليل دليل على ضعف قول من قال: إن العذاب الأدنى هو عذاب القبر.
22- "ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها" أي لا أحد أظلم منه لكونه سمع من آيات الله ما يوجب الإقبال على الإيمان والطاعة، فجعل الإعراض مكان ذلك، والمجيء بثم للدلالة على استبعاد ذلك، وأنه مما ينبغي أن لا يكون "إنا من المجرمين منتقمون" أي من أهل الإجرام على العموم فيدخل فيه من أعرض عن آيات الله دخولاً أولياً. وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "إنا نسيناكم" قال: تركناكم. وأخرج البيهقي في الشعب عنه قال: نزلت هذه الآية في شأن الصلوات الخمس "إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجداً" أي أتوها "وسبحوا" أي صلوا بأمر ربهم "وهم لا يستكبرون" عن إتيان الصلاة في الجماعات. وأخرج الترمذي وصححه وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة عن أنس بن مالك أن هذه الآية "تتجافى جنوبهم عن المضاجع" نزلت في انتظار الصلاة التي تدعى العتمة. وأخرج البخاري في تاريخه وابن مردويه عنه قال: نزلت في صلاة العشاء. وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم ابن مردويه عنه أيضاً في الآية قال: كانوا لا ينامون حتى يصلوا العشاء. وأخرج ابن أبي شيبة عنه قال: كنا نجتنب الفرش قبل صلاة العشاء. وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن مردويه عنه أيضاً قال: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم راقداً قط قبل العشاء، ولا متحدثاً بعدها، فإن هذه الآية نزلت في ذلك "تتجافى جنوبهم عن المضاجع". وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تتجافى جنوبهم عن المضاجع" قال: هم الذين لا ينامون قبل العشاء فأثنى عليهم. فلما ذكر ذلك جعل الرجل يعتزل فراشه مخافة أن تغلبه عينه فوقتها قبل أن ينام الصغير ويكسل الكبير. وأخرج ابن مردويه عن بالا قال: كنا نجلس في المسجد وناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون بعد المغرب العشاء تتجافى جنوبهم عن المضاجع. وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن عدي وابن مردويه عن أنس نحوه. وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود ومحمد بن نصر وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن أنس في قوله: "تتجافى جنوبهم عن المضاجع" قال: كانوا ينتظرون ما بين المغرب والعشاء يصلون. وأخرج أحمد وابن جرير وابن مردويه عن معاذ بن جبل: "عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "تتجافى جنوبهم" قال: قيام العبد من الليل". وأخرج أحمد والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجه وابن نصر في كتاب الصلاة وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر حديثاً وأرشد فيه إلى أنواع من الطاعات وقال فيه " وصلاة الرجل في جوف الليل، ثم قرأ " تتجافى جنوبهم عن المضاجع "". وأخرج ابن مردويه عن أنس في الآية قال: كان لا تمر عليهم ليلة إلا أخذوا منها. وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد من طريق أبي عبد الله الجدلي عن عبادة بن الصامت عن كعب قال "إذا حشر الناس نادى مناد: هذا يوم الفصل أين الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع" الحديث. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية يقول: تتجافى لذكر الله كلما استيقظوا ذكروا الله، إما في الصلاة، وإما في القيام أو قعود، أو على جنوبهم لا يزالون يذكرون الله. وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير ومحمد بن نصر وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن ابن عباس قال: كان عرش الله على الماء فاتخذ جنة لنفسه، ثم اتخذ دونها أخرى، ثم أطبقهما بلؤلؤة واحدة، ثم قال: "ومن دونهما جنتان" لم يعلم الخلق ما فيهما. وهي التي قال الله: "فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين" تأتيهم منها كل يوم تحفة. وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال: إنه لمكتوب في التوراة: لقد أعد الله للذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ما لم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر ولا يعلم ملك مقرب ولا نبي مرسل، وإنه لفي القرآن "فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين". وأخرج البخاري مسلم وغيرهما عن أبي هريرة "عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. قال أبو هريرة: واقرأوا إن شئتم "فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين"". وفي الباب أحاديث عن جماعة من الصحابة، وهي معروفة فلا نطول بذكرها. وأخرج أبو الفرج الأصبهاني في كتاب الأغاني والواحدي وابن عدي وابن مردويه والخطيب وابن عساكر من طرق عن ابن عباس قال: قال الوليد بن عقبة لعلي بن أبي طالب: أنا أحد منك سناناً، وأنشط منك لساناً، وأملأ للكتيبة منك، فقال له علي: اسكت فإنما أنت فاسق، فنزلت "أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون" يعني بالمؤمن علياً، وبالفاسق الوليد بن عقبة بن أبي معيط. وأخرج ابن مردويه والخطيب وابن عساكر عنه في الآية نحوه. وروي نحو هذا عن عطاء بن يسار والسدي عبد الرحمن بن أبي ليلى. وأخرج الفريابي وابن منيع وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود في قوله: "ولنذيقنهم من العذاب الأدنى" قال: يوم بدر "دون العذاب الأكبر" قال: يوم القيامة "لعلهم يرجعون" قال: لعل من بقي منهم أن يتوب فيرجع. وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن مسعود في الآية قال: العذاب الأدنى سنون أصابتهم "لعلهم يرجعون" قال: يتوبون. وأخرج مسلم وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند وأبو عوانة في صحيحه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن أبي بن كعب في قوله: "ولنذيقنهم من العذاب الأدنى" قال: مصائب الدنيا والروم والبطشة والدخان. وأخرج ابن جرير عنه قال: يوم بدر. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس "من العذاب الأدنى" قال: الحدود "لعلهم يرجعون" قال: يتوبون. وأخرج ابن منيع وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه. قال السيوطي بسند ضعيف عن معاذ بن جبل: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ثلاث من فعلهن فقد أجرم: من عقد لواء في غير حق، أو عق والديه، أو مشى مع ظالم لينصره فقد أجرم" يقول الله: "إنا من المجرمين منتقمون". قال ابن كثير بعد إخراجه: هذا حديث غريب.
قوله: 23- "ولقد آتينا موسى الكتاب" أي التوراة "فلا تكن" يا محمد "في مرية" أي شك وريبة "من لقائه" قال الواحدي: قال المفسرون: وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيلقى موسى قبل أن يموت، ثم لقيه في السماء أو في بيت المقدس حين أسري به. وهذا قول مجاهد والكلبي والسدي. وقيل: فلا تكن في شك من لقاء موسى في القيامة وستلقاه فيها. وقيل فلا تكن في شك من لقاء موسى للكتاب قاله الزجاج: وقال الحسن: إن معناه: ولقد آتينا موسى الكتاب فكذ وأوذي، فلا تكن في شك من أنه سليقاك ما لقيه من التكذيب والأذى فيكون الضمير في لقائه على هذا عائداً على محذوف، والمعنى: من لقاء ما لاقى موسى. قال النحاس: وهذا قول غريب. وقيل في الكلام تقدير وتأخير، والمعنى: قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم، فلا تكن في مرية من لقائه، فجاء معترضاً بين "ولقد آتينا موسى الكتاب" وبين "وجعلناه هدىً لبني إسرائيل" وقيل الضمير راجع إلى الكتاب الذي هو الفرقان كقوله: "وإنك لتلقى القرآن" والمعنى: إنا آتينا موسى مثل ما آتيناك من الكتاب، ولقيناه مثل ما لقيناك من الوحي فلا تكن في شك من أنك لقيت مثله ونظيره، وما أبعد هذا، ولعل الحامل لقائله عليه قوله: "وجعلناه هدىً لبني إسرائيل" فإن الضمير راجع إلى الكتاب، وقيل إن الضمير في لقائه عائد إلى الرجوع المفهوم من قوله: "ثم إلى ربكم ترجعون" أي لا تكن في مرية من لقاء الرجوع وهذا بعيد أيضاً. واختلف في الضمير في قوله وجعلناه فقيل هو راجع إلى الكتاب: أي جعلنا التوراة هدىً لبني إسرائيل، قاله الحسن وغيره. وقال قتادة: إنه راجع إلى موسى: أي وجعلنا موسى هدىً لبني إسرائيل.
24- "وجعلنا منهم أئمة" أي قادة يقتدون به في دينهم، وقرأ الكوفيون أئمة قال النحاس: وهو لحن عند جميع النحويين، لأنه جمع بين همزتين في كلمة واحدة، ومعنى "يهدون بأمرناً" أي يدعونهم إلى الهداية بما يلقونه إليه من أحكام التوراة ومواعظها بأمرنا: أي بأمرنا لهم بذلك، أو لأجل أمرنا. وقال قتادة: المراد بالأئمة الأنبياء منهم. وقيل العلماء "لما صبروا" قرأ الجمهور "لما" بفتح اللام وتشديد الميم: أي جعلناهم أئمة لصبرهم، واختار هذه القراءة أبو عبيد مستدلاً بقراءة ابن مسعود بما صبروا بالباء، وهذا الصبر هو صبرهم على مشاق التكليف والهداية للناس، وقيل صبروا عن الدنيا "وكانوا بآياتنا" التنزيلية "يوقنون" أي يصدقونها ويعلمون أنها حق وأنها من عند الله لمزيد تفكرهم وكثرة تدبرهم.
25- "إن ربك هو يفصل بينهم" أي يقضي بينهم ويحكم بين المؤمنين والكفار "يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون" وقيل يقضي بين الأنبياء وأممهم، حكاه النقاش.
26- " أولم يهد لهم " أي أو لم يبين لهم، والهمزة للإنكار، والفاعل ما دل عليه "كم أهلكنا من قبلهم من القرون" أي أو لم نبين لهم كثرة إهلاكنا من قبلهم. قال الفراء: كم في موضع رفع بيهد. وقال المبرد: إن الفاعل الهدى المدلول عليه بيهد: أي أو لم يهد لهم الهدى. وقال الزجاج: كم في موضع نصب بأهلكنا، قرأ الجمهور أو لم يهد بالتحتية، وقرأ السلمي وقتادة وأبو زيد عن يعقوب بالنون، وهذه القراءة واضحة. قال النحاس: والقراءة بالياء التحتية فيها إشكال لأنه يقال: الفعل لا يخلو من فاعل فأين الفاعل ليهد؟ ويجاب عنه بأن الفاعل هو ما قدمنا ذكره، والمراد بالقرون: عاد وثمود ونحوهم، وجملة "يمشون في مساكنهم" في محل نصب على الحال من ضمير لهم: أي والحال أنهم يمشون في مساكن المهلكين ويشاهدونها، وينظرون ما فيها من العبر، وآثار العذاب، ولا يعتبرون بذلك، وقيل يعود إلى المهلكين، والمعنى: أهلكناهم حال كونهم ماشين في مساكنهم، والأول أولى "إن في ذلك" المذكور "لآيات" عظيمات "أفلا يسمعون" بها ويتعظون بها.
27- " أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز " أي أو لم يعلموا بسوقنا الماء إلى الأرض التي لا تنبت إلا بسوق الماء إليها، وقيل هي اليابسة، وأصله من الجرز وهو القطع: أي التي قطع نباتها لعدم الماء، ولا يقال للتي لا تنبت أصلاً كالسباخ جرز لقوله: "فنخرج به زرعاً" قيل هي أرض اليمن، وقيل أرض عدن. وقال الضحاك: هي الأرض العطشى. وقال الفراء: هي الأرض التي لا نبات فيها. وقال الأصمعي: هي الأرض التي لا تنبت شيئاً. قال المبرد: يبعد أن تكون الأرض بعينها لدخول الألف واللام، وقيل هي مشتقة من قولهم رجل جروز: إذا كان لا يبقي شيئاً إلا أكله، ومنه قول الراجز: خب جروز وإذا جاع بكى ويأكل التمر ولا يلقي النوى وكذلك ناقة جروز: إذا كانت تأكل كل شيء تجده. وقال مجاهد: إنها أرض النيل، لأن الماء إنما يأتيها في كل عام "فنخرج به": أي بالماء "زرعاً تأكل منه أنعامهم" أي من الزرع كالتبن والورق ونحوهما مما لا يأكله الناس "وأنفسهم" أي يأكلون الحبوب الخارجة في الزرع مما يقتاتونه، وجملة "تأكل منه أنعامهم" في محل نصب على الحال "أفلا يبصرون" هذه النعم ويشكرون المنعم ويوحدونه لكونه المنفرد بإيجاد ذلك.
28- "ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين" القائلون هم الكفار على العموم، أو كفار مكة على الخصوص: أي متى الفتح الذي تعدونا به، يعنون بالفتح القضاء والفصل بين العباد، وهو يوم البعث الذي يقضي الله فيه بين عباده، قاله مجاهد وغيره. وقال الفراء والقتيبي: هو فتح مكة. قال قتادة: قال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم للكفار: إن لنا يوماً ننعم فيه ونستريح ويحكم الله بيننا وبينكم: يعنون يوم القيامة، فقال الكفار: متى هذا الفتح؟ وقال السدي: هو يوم بدر، لأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقولون للكفار: إن الله ناصرنا ومظهرنا عليكم، ومتى في قوله: "متى هذا الفتح" في موضع رفع، أو في موضع نصب على الظرفية.
ثم أمر الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم أن يجيب عليهم فقال: 29- "قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون" وفي هذا دليل على أن يوم الفتح هو يوم القيامة، لأن يوم الفتح مكة ويوم بدر هما مما ينفع فيه الإيمان، وقد أسلم أهل مكة يوم الفتح وقبل ذلك منهم النبي صلى الله عليه وسلم، ومعنى "ولا هم ينظرون" لا يمهلون ولا يؤخرون، ويوم في يوم الفتح منصوب على الظرفية، وأجاز الفراء الرفع.
30- "فأعرض عنهم" أي عن سفههم وتكذيبهم ولا تجبهم إلا بما أمرت به "وانتظر إنهم منتظرون" أي وانتظر يوم الفتح، وهو يوم القيامة، أو يوم إهلاكهم بالقتل إنهم منتظرون بك حوادث الزمان من موت أو قتل أو غلبة كقوله: "فتربصوا إنا معكم متربصون" ويجوز أن يراد إنهم منتظرون لإهلاكهم، والآية منسوخة بآية السيف، وقيل غير منسوخة، إذ قد يقع الإعراض مع الأمر بالقتال. وقرأ ابن السميفع إنهم منتظرون بفتح الظاء مبنياً للمفعول، ورويت هذه القراءة عن مجاهد وابن محيصن. قال الفراء: لا يصح هذا إلا بإضمار: أي إنهم منتظر بهم. قال أبو حاتم: الصحيح الكسر: أي انتظر عذابهم إنهم منتظرون هلاكك. وقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما من حديث ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "رأيت ليلة أسري بي موسى بن عمران رجلاً طويلاً جعداً كأنه من رجال شنوءة، ورأيت عيسى ابن مريم مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض سبط الرأس، ورأيت مالكاً خازن جهنم والدجال في آيات أراهن الله إياه" قال "فلا تكن في مرية من لقائه" فكان قتادة يفسرها أن النبي صلى الله عليه وسلم قد لقي موسى "وجعلناه هدىً لبني إسرائيل" قال: جعل الله موسى هدىً لبني إسرائيل. وأخرج الطبراني وابن مردويه والضياء في المختارة بسند قال السيوطي: صحيح عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم "فلا تكن في مرية من لقائه" قال من لقاء موسى، قيل أو لقي موسى؟ قال نعم، ألا ترى إلى قوله: "واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا". وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: " أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز " قال: الجرز التي لا تمطر إلا مطراً لا يغني عنها شيئاً إلا ما يأتيها من السيول. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله: "إلى الأرض الجرز" قال: أرض اليمن. قال القرطبي في تفسيره: والإسناد عن ابن عباس صحيح لا مطعن فيه. وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس في قوله: "ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين" قال: يوم بدر فتح النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينفع الذين كفروا إيمانهم بعد الموت.