تفسير الشوكاني تفسير الصفحة 532 من المصحف



فتح القدير - صفحة القرآن رقم 532

531

17- "رب المشرقين ورب المغربين" قرأ الجمهور رب بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف: أي هو رب المشرقين والمغربين، وقيل مبتدأ وخبره "مرج البحرين" وما بينهما اعتراض، والأول أولى، والمراد بالمشرقين مشرقا الشتاء والصيف، وبالمغربين مغرباهما.
18- "فبأي آلاء ربكما تكذبان" فإن في ذلك من النعم ما لا يحصى ولا يتيسر لمن أنصف من نفسه تكذيب فرد من أفراده.
19- "مرج البحرين يلتقيان" المرج التخلية والإرسال، يقال: مرجت الدابة: إذا أرسلتها، وأصله الإهمال كما تمرج الدابة في المرعى، والمعنى: أنه أرسل كل واحد منهما.
يلتقيان: أي يتجاوران لا فضل بينهما في مرأى العين. ومع ذلك فلم يختلطا، ولهذا قال: 20- "بينهما برزخ" أي حاجز يحجز بينهما "لا يبغيان" أي لا يبغي أحدهما على الآخر بأن يدخل فيه ويختلط به. قال الحسن وقتادة: هما بحر فارس والروم. وقال ابن جريح: هما البحر المالح والأنهار العذبة، وقيل بحر المشرق والمغرب، وقيل بحر اللؤلؤ والمرجان، وقيل بحر السماء وبحر الأرض. قال سعيد بن جبير: يلتقيان في كل عام، وقيل يلتقى طرفاهما. وقوله: "يلتقيان" في محل نصب على الحال من البحرين. وجملة "بينهما برزخ" يجوز أن تكون مستأنفة، وأن تكون حالاً.
21- "فبأي آلاء ربكما تكذبان" فإن هذه الآية وأمثالها لا يتيسر تكذيبها بحال.
22- "يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان". قرأ الجمهور "يخرج" بفتح الياء وضم الراء مبنياً للفاعل، وقرأ نافع وأبو عمرو بضم الياء وفتح الراء مبنياً للمفعول، واللؤلؤ: الدر، والمرجان: الخرز الأحمر المعروف. وقال الفراء: اللؤلؤ العظام، والمرجان ما صغر. قال الواحدي: وهو قول جميع أهل اللغة. وقال مقاتل والسدي ومجاهد: اللؤلؤ صغاره، والمرجان كباره، وقال: "يخرج منهما" وإنما يخرج ذلك من المالح لا من الع1ب لأنه إذا خرج من أحدهما فقد خرج منهما، كذا قال الزجاج وغيره. وقال أبو علي الفارسي: هو من باب حذف المضاف: أي من أحدهما كقوله: "على رجل من القريتين عظيم". وقال الأخفش: زعم قول أنه يخرج اللؤلؤ من العذب، وقيل هما بحران يخرج من أحدهما اللؤلؤ، ومن الآخر المرجان، وقيل هما بحر السساء وبحر الأرض، فإذا وقع ماء السماء في صدف البحر انعقد لؤلؤاً فصار خاجاً منهما.
23- "فبأي آلاء ربكما تكذبان" فإن في ذلك من الآيات ما لا يستطيع أحد تكذيبه ولا يقدر على إنكاره.
24- "وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام" المراد بالجوار: السفن الجارية في البحر، والمنشآت: المرفوعات التي رفع بعض خشبها على بعض وركب حتى ارتفعت وطالت حتى صارت في البحر كالأعلام وهي الجبال، والعلم: الجبل الطويل. وقال قتادة: المنشآت المخلوقات للجري. وقال الأخفش: المنشاآت المجريات، وقد مضى بيان الكلام في هذا في سورة الشورى. قرأ الجمهور "الجوار" بكسر الراء وحذف الياء لالتقاء الساكنين، وقرأ ابن مسعود والحسن وأبو عمرو في رواية عنه برفع الراء تناسياً للحذف، وقرأ يعقوب بإثبات الياء، وقرأ الجمهور "المنشآت" بفتح الشين، وقرأ حمزة وأبو بكر في رواية عنه بكسر الشين.
25- "فبأي آلاء ربكما تكذبان" فإن ذلك من الوضوح والظهور بحيث لا يمكن تكذيبه ولا إنكاره. وقد أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله: "الشمس والقمر بحسبان" قال: بحسبان ومنازل يرسلان. وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم عنه "والأرض وضعها للأنام" قال: للناس. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً قال: للخلق. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال: كل شيء فيه روح. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً "والنخل ذات الأكمام" قال: أوعية الطلع. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله: "والحب ذو العصف" قال: التبن "والريحان" قال خضرة الزرع. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال: "العصف" ورق الزرع إذا يبس "والريحان" ما أنبتت الأرض من الريحان الذي يشم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً قال: "العصف" الزرع أول ما يخرج بقلاً "والريحان" حين يتوي على سوقه ولم يسنبل. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال: كل ريحان في القرآن فهو رزق. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً قال: كل ريحان في القرآن فهو رزق. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً "فبأي آلاء ربكما تكذبان" قال: يعني بأي نعمة الله. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال: يعني الجن والإنس. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عنه أيضاً "من مارج من نار" قال: من لهب النار. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال: خالص النار. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله: "رب المشرقين ورب المغربين" قال: للشمس مطلع في الشتاء، ومغرب في الشتاء، ومطلع في الصيف، ومغرب في الصيف غير مطلعها في الشتاء وغير مغربها في الشتاء. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في الآية قال: مشرق الفجر ومشرق الشفق، ومغرب الشمس ومغرب الشفق. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله: "مرج البحرين يلتقيان" قال: أرسل البحرين "بينهما برزخ" قال: حاجز "لا يبغيان" لا يختلطان. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال: بحر السماء وبحر الأرض، وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً "بينهما برزخ لا يبغيان" قال: بينهما من البعد ما لا ينبغي كل واحد منهما على صاحبه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله: "يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان" قال: إذا مطرت السماء فتحت الأصداف في البحر أفواهها فما وقع فيها من قطر السماء فهو اللؤلؤ. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن علي بن أبي طالب قال: المرجان عظام اللؤلؤ. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: اللؤلؤ: ما عظم منه، والمرجان: اللؤلؤ الصغار. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني عن ابن مسعود قال: المرجان الخرز الأحمر.
قوله: 26- "كل من عليها فان" أي كل من على الأرض من الحيوانات هلك، وغلب العقلاء على غيرهم فعبر عن الجميع بلفظ من، وقيل أراد من عليها من الجن والإنس.
27- "ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام" الوجه عبارة عن ذاته سبحانه ووجوده، وقد تقدم في سورة البقرة بيان معنى هذا، وقيل: معنى "يبقى وجه ربك" تبقى حجته التي يتقرب بها إليه، والجلال: العظمة والكبرياء واستحقاق صفات المدح، يقال جل الشيء: أي عظم، وأجللته: أي أعظمته، وهو اسم من جل. ومعنى ذو الإكرام: أنه يكرم عن كل شيء لا يليق به، وقيل إنه ذو الإكرام لأوليائه، والخطاب في قوله ربك للنبي صلى الله عليه وسلم أو لكل من يصلح له. قرأ الجمهور "ذو الجلال" على أنه صفة لوجه، وقرأ أبي وابن مسعود: ذي الجلال على أنه صفة لرب.
28- "فبأي آلاء ربكما تكذبان" وجه النعمة في فناء الخلق أن الموت سبب النقلة إلى دار الجزاء والثواب. وقال مقاتل: وجه النعمة في فناء الخلق التسوية بينهم في الموت، ومع الموت تستوي الأقدام.
29- "يسأله من في السموات والأرض" أي يسألونه جميعاً لأنهم محتاجون إليه لا يستغني عنه أحد منهم. قال أبو صالح: يسأله أهل السموات المغفرة ولا يسألونه الرزق، وأهل الأرض يسألونه الأمرين جميعاً. وقال مقاتل: يسأله أهل الأرض الرزق والمغفرة وتسأل لهم الملائكة أيضاً الرزق والمغفرة، وكذا قال ابن جريح. وقيل يسألونه الرحمة. قال قتادة: لا يستغني عنه أهل السماء ولا أهل الأرض. والحاصل أنه يسأله كل مخلوق من مخلوقاته بلسان المقال أو لسان الحال ما يطلبونه من خيري الدارين أو من خيري إحداهما "كل يوم هو في شأن" انتصاب كل بالاستقرار الذي تضمنه الخبر، والتقدير: استقر سبحانه في شأن كل وقت من الأوقات، واليوم عبارة عن الوقت، والشأن هو الأمر، ومن جملة شؤونه سبحانه إعطاء أهل السموات والأرض ما يطلبونه منه على اختلاف حاجاتهم وتباين أغراضهم. قال المفسرون:من شأنه أنه يحيي ويميت، ويرزق ويفقر، ويعز ويذل ويمرض ويشفي، ويعطي ويمنع، ويغفر ويعاقب إلى غير ذلك مما لا يحصى. وقيل المراد باليوم المذكور هو يوم الدنيا ويوم الآخرة. قال ابن بحر: الدهر كله يومان: أحدهما مدة أيام الدنيا، والآخر يوم القيامة. وقيل المراد كل يوم من أيام الدنيا.
30- "فبأي آلاء ربكما تكذبان" فإن اختلاف شؤونه سبحانه في تدبير عباده نعمة لا يمكن جحدها. ولا يتيسر لمكذب تكذيبها.
31- " سنفرغ لكم أيها الثقلان " هذا وعيد شديد من الله سبحانه للجن والإنس. قال الزجاج والكسائي وابن الأعرابي وأبو علي الفارسي: إن الفراغ هاهنا ليس هو الفراغ من شغل، ولكن تأويله القصد: أي سنقصد لحسابكم. قال الواحدي حاكياً عن المفسرين: إن هذا تهديد منه سبحانه لعباده، ومن هذا قول القائل لمن يريد تهديده: إذن أتفرغ لك أي أقصد قصدك، وفرغ يجيء بمعنى قصد، وأنشد ابن الأنباري قول الشاعر: الآن وقد فرغت إلى نمير فهذا حين كنت له عذاباً يريد وقد قصدت، وأنشد النحاس قول الشاعر: فرغت إلى العبد المقيد في الحجل أي قصدت وقيل: إن الله سبحانه وعد على التقوى وأوعد على المعصية، ثم قال: سنفرغ لكم مما وعدناكم ونوصل كلا إلى ما وعدناه، وبه قال الحسن ومقاتل وابن زيد، ويكون الكلام على طريق التمثيل. قرأ الجمهور "سنفرغ" بالنون وضم الراء، وقرأ حمزة والكسائي بالتحتية مفتوحة مع ضم الراء: أي سيفرغ الله. وقرأ الأعرج بالنون مع فتح الراء. قال الكسائي: هي لغة تميم، وقرأ عيسى الثقفي بكسر النونو وفتح الراء، وقرأ الأعمش وإبراهيم بضم الياء وفتح الراء على البناء للمفعول، وسمي الجن والإنس ثقلين لعظم شأنهما بالنسبة إلى غيرهما من حيوانات الأرض، وقيل سموا بذلك لأنهم ثقل على الأرض أحياء وأمواتاً كما في قوله: "وأخرجت الأرض أثقالها" وقال جعفر الصادق: سميا ثقلين لأنهما مثقلان بالذنوب، وجمع في قوله لكم ثم قال أية الثقلان لأنهما فريقان، وكل فريق جمع. قرأ الجمهور " أيها الثقلان " بفتح الهاء، وقرأ أهل الشام بضمها.
32- "فبأي آلاء ربكما تكذبان" فإن من جملتها ما في هذا التهديد من النعم، فمن ذلك أنه ينزجر به المسيء عن إساءته، ويزداد به المحسن إحساناً فيكون ذلك سبباً للفوز بنعيم الدار الآخرة الذي هو النعيم في الحقيقة.
33- "يا معشر الجن والإنس" قدم الجن هنا لكون خلق أبيهم متقدما على خلق آدم، ولوجود جنسهم قبل جنس الإنس "إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض" أي إن قدرتم أن تخرجوا من جوانب السموات والأرض ونواحيهما هرباً من قضاء الله وقدره "فانفذوا" منها وخلصوا أنفسكم، يقال نفذ الشيء من الشيء: إذا خلص منه كما يخلص السهم "لا تنفذون إلا بسلطان" أي لا تقدرون على النفظ إلا بقوة وقهر ولا قوة لكم على ذلك ولا قدرة، والسلطان: القوة التي يتسلط بها صاحبها على الأمر، والأمر بالنفوذ: أمر تعجيز. قال الضحاك: بينما الناس في أسواقهم إذ انفتحت السماء ونزلت الملائكة فهرب الجن والإنس فتحدق بهم الملائكة، فذلك قوله: "لا تنفذون إلا بسلطان". قال ابن المبارك: إن ذلك يكون في الآخرة. وقال الضحاك أيضاً: معنى الآية: إن استطعتم أن تهربوا من الموتب فاهربوا. وقيل إن استطعتم أن تعلموا ما في السموات والأرض فاعلموه ولن تعلموه إلا بسلطان: أي ببينة من الله. وقال تادة: معناها لا تنفذوا إلا بملك وليس لكم ملك. وقيل الباء بمعنى إلى: أي لا تنفذون إلا إلى سلطان.
34- "فبأي آلاء ربكما تكذبان" ومن جملتها هذه النعمة الحاصلة بالتحذير والتهديد، فإنها تزيد المحسن إحساناً، وتكف المسيء عن إساءته، مع أن من حذركم وأنذركم قادر على الإيقاع بكم من دون مهلة.
35- "يرسل عليكما شواظ من نار" قرأ الجمهور "يرسل" بالتحتية مبنياً للمفعول، وقرأ زيد بن علي بالنون ونصب شواظ والشواظ: اللهب الذي لا دخان معه. وقال مجاهد: الشواظ اللهب الأخضر المتقطع من النار. وقال الضحاك: هو الدخال الذي يخرج من اللهب ليس بدخان الحطب. وقال الأخفش وأبو عمرو: هو النار والدخان جميعا. قرأ الجمهور " شواظ " بضم الشين، وقرأ ابن كثير بكسرها وهما لغتان، وقرأ الجمهور "ونحاس" بالرفع عطفاً على شواظ، وقرأ ابن كثير وابن محيصن ومجاهد وأبو عمرو بخفضه عطفاً على نار، وقرأ الجمهور " نحاس " بضم النون، وقرأ مجاهد وعكرمة وحميد وأبو العالية بكسرها. وقرأ مسلم بن جندب والحسن ونحس والنحاس: الصفر المذاب يصب على رؤوسهم، قاله مجاهد وقتادة وغيرهما. وقال سعيد بن جبير: هو الدخان الذي لا لهب له، وبه قال الخليل. وقال الضحاك: هو دردي الزيت المغلي. وقال الكسائي: هو النار التي لها ريح شديدة. وقيل هو المهل "فلا تنتصران" أي لا تقدران على الامتناع من عذاب الله.
36- "فبأي آلاء ربكما تكذبان" فإن من جملتها هذا الوعيد الذي يكون به الانزجار عن الشر والرغوب في الخير.
37- "فإذا انشقت السماء" أي انصدعت بنزول الملائكة يوم القيامة "فكانت وردة كالدهان" أي كوردة حمراء. قال سعيد بن جبير وقتادة: المعنى فكانت حمراء. وقيل فكانت كلون الفرس الورد، وهو الأبيض الذي يضرب إلى الحمرة أو الصفرة. قال الفراء وأبو عبيدة: تصير السماء كالأديم لشدة حر النار. وقال الفراء أيضاً: شبه تلون السماء بتلون الورد من الخيل. وشبه الورد في ألوانها بالدهن واختلاف ألوانه، والدهان جمع دهن، وقيل المعنتى تصير السماء في حمرة الورد، وجريان الدهن: أي تذوب مع الانشقاق حتى تصير حمراء من حرارة نار جهنم، وتصير مثل الدهن لذوبانها، وقيل الدهان الجلد الأحمر. وقال الحسن كالدهان: أي كصبيب الدهن، فإنك إذا صببته ترى فيه ألواناً. وقال زيد بن أسلم: إنها تصير كعصير الزيت. قال الزجاج: إنها اليوم خضراء وسيكون لها لون أحمر. قال الماوردي: وزعم المتقدمون أن أصل لون السماء الحمرة، وأنها لكثرة الحوائل وبعد المسافة ترى بهذا اللون الأزرق.
38- "فبأي آلاء ربكما تكذبان" فإن من حملتها ما في هذا التهديد والتخويف من حسن العاقبة بالإقبال على الخير والإعراض عن الشر.
36- "فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان" أي يوم تنشق السماء لا يسأل أحد من الإنس ولا من الجن عن ذنبه، لأنهم يعرفون بسيماهم عند خروجهم من قبورهم، والجمع بين هذه الآية وبين مثل قوله: "فوربك لنسألنهم أجمعين" أن ما هنا يكون في موقف والسؤال في موقف آخر من مواقف القيامة: وقيل إنهم لا يسألون هنا سؤال استفهام عن ذنوبهم، لأن الله سبحانه قد أحصى الأعمال وحفظها على العباد، ولكن يسألون سؤال توبيخ وتقريع، ومثل هذه الآية قوله: "ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون" قال أبو العالية: المعنى لا يسأل غير المجرم عن ذنب المجرم. وقيل إن عدم السؤال هو عند البعث، والسؤال هو في موقف الحساب.
40- "فبأي آلاء ربكما تكذبان" فإن من جملتها هذا الوعيد الشديد لكثرة ما يترتب عليه من الفوائد.