تفسير الطبري تفسير الصفحة 201 من المصحف

 تفسير الطبري - صفحة القرآن رقم 201
202
200
 الآية : 87
القول في تأويل قوله تعالى: {رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَىَ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ }.
يقول تعالى ذكره: رضي هؤلاء المنافقون الذين إذا قيل لهم: آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله, استأذنك أهل الغنى منهم في التخلف عن الغزو والخروج معك لقتال أعداء الله من المشركين, أن يكونوا في منازلهم كالنساء اللواتي ليس عليهنّ فرض الجهاد, فهن قعود في منازلهنّ وبيوتهنّ. وَطُبِعَ على قُلُوبِهِمْ يقول: وختم الله على قلوب هؤلاء المنافقين, فهم لا يفقهون عن الله مواعظه فيتعظون بها. وقد بيّنا معنى الطبع وكيف الختم على القلوب فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
13335ـ حدثني المثنى, قال: حدثنا عبد الله بن صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: رَضُوا بأنْ يَكُونُوا مَعَ الخوَالِفِ قال: والخوالف: هنّ النساء.
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: رَضُوا بأنْ يَكُونُوا مَعَ الخوَالِفِ يعني: النساء.
13336ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا حبوية أبو يزيد, عن يعقوب القمي, عن حفص بن حميد, عن شمر بن عطية: رَضُوا بأنْ يَكُونُوا مَعَ الخَوَالِفِ قال: النساء.
13337ـ قال: حدثنا المحاربيّ, عن جويبر, عن الضحاك: مع الخوالف قال: مع النساء.
13338ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: رَضُوا بأنْ يَكُونُوا مَعَ الخَوَالِفِ أي مع النساء.
13339ـ حدثنا محمد بن عبد الأعلى, قال: حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة والحسن: رَضُوا بأنْ يَكُونُوا مَعَ الخَوَالِفِ قالا: النساء.
13340ـ حدثني المثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد, مثله.
13341ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: رَضُوا بأنْ يَكُونُوا مَعَ الخَوَالِفِ قال: مع النساء.
الآية : 88
القول في تأويل قوله تعالى: {لَـَكِنِ الرّسُولُ وَالّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُوْلَـَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَـَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }.
يقول تعالى ذكره: لم يجاهد هؤلاء المنافقون الذين اقتصصت قصصهم المشركين, لكن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم والذين صدّقوا الله ورسوله معه هم الذين جاهدوا المشركين بأموالهم وأنفسهم, فأنفقوا في جهادهم أموالهم وأتعبوا في قتالهم أنفسهم وبذلوها. وأولَئِكَ يقول: وللرسول وللذين آمنوا معه الذين جاهدوا بأموالهم وأنفسهم الخيرات, وهي خيرات الاَخرة, وذلك نساؤها وجناتها ونعيمها, واحدتها: خَيْرة, كما قال الشاعر:
وَلَقَدْ طَعَنْتُ مَجَامعَ الرّبلاَتِرَبلاتِ هِنْدٍ خَيْرَةِ الملَكاتِ
والخيرة من كلّ شيء: الفاضلة. وأُولَئكَ هُمُ المُفْلحُونَ يقول: وأولئك هم المخلدون في الجنات الباقون فيها الفائزون بها.
الآية : 89
القول في تأويل قوله تعالى: {أَعَدّ اللّهُ لَهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }.
يقول تعالى ذكره: أعدّ الله لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم وللذين آمنوا معه جنات, وهي البساتين تجري من تحت أشجارها الأنهار. خالدينَ فيهَا يقول: لابثين فيها, لا يموتون فيها, ولا يظعنون عنها. ذلكَ الفَوْزُ العَظِيمُ يقول: ذلك النجاء العظيم والحظّ الجزيل.
الآية : 90
القول في تأويل قوله تعالى: {وَجَآءَ الْمُعَذّرُونَ مِنَ الأعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الّذِينَ كَذَبُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }.
يقول تعالى ذكره: وَجاءَ رسول الله صلى الله عليه وسلم المُعَذّرُونَ مِنَ الأعْرَابِ ليُؤْذَنَ لَهُمْ في التخلف. وَقَعَدَ عن المجيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والجهاد معه الّذِينَ كَذّبُوا اللّهَ وَرَسُولَهُ وقالوا الكذب, واعتذروا بالباطل منهم. يقول تعالى ذكره: سيصيب الذين جحدوا توحيد الله ونبوّة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم منهم عذاب أليم.
فإن قال قائل: فكيف قيل: وَجَاءَ المُعَذّرُونَ وقد علمت أن المعذّر في كلام العرب إنما هو الذي يُعَذّر في الأمر, فلا يبالغ فيه ولا يُحكمه, وليست هذه صفة هؤلاء, وإنما صفتهم أنهم كانوا قد اجتهدوا في طلب ما ينهضون به مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عدوّهم, وحرصوا على ذلك, فلم يجدوا إليه سبيل, فهم بأن يوصفوا بأنهم قد أعذروا أولى وأحقّ منهم بأن يوصفوا بأنهم عذروا. إذا وصفوا بذلك.
فالصواب في ذلك من القراءة ما قرأه ابن عباس, وذلك ما:
13342ـ حدثنا المثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا ابن أبي حماد, قال: حدثنا بشر بن عمار, عن أبي روق عن الضحاك, قال: كان ابن عباس يقرأ: وّجاء المُعْذِرُونَ مخففة, ويقول: هم أهل العذر.
مع موافقة مجاهد إياه وغيره عليه؟ قيل: إن معنى ذلك على غير ما ذهبت إليه, وإن معناه: وجاء المعتذرون من الأعراب ولكن التاء لما جاورت الذال أدغمت فيها, فصُيرتا ذالاً مشددة لتقارب مخرج إحداهما من الأخرى, كما قيل: يَذّكّرون في يتذكرون, ويذّكر في يتذكر. وخرجت العين من المعذرين إلى الفتح, لأن حركة التاء من المعتذرين وهي الفتحة نقلت إليها فحركت بما كانت به محركة, والعرب قد توجه في معنى الاعتذار إلى الإعذار, فتقول: قد اعتذر فلان في كذا, يعني: أعذر, ومن ذلك قول لبيد:
إلى الحَوْلِ ثُمّ اسْمُ السّلامِ عَلَيْكُماوَمَنْ يَبْكِ حَوْلاً كامِلاً فقدِ اعْتَذَرْ
فقال: فقد اعتذر, بمعنى: فقد أعذر.
على أن أهل التأويل, قد اختلفوا في صفة هؤلاء القوم الذين وصفهم الله بأنهم جاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم معذّرين, فقال بعضهم: كانوا كابين في اعتذارهم, فلم يعذرهم الله. ذكر من قال ذلك:
13343ـ حدثني أبو عبيدة عبد الوارث بن عبد الصمد, قال: ثني أبي, عن الحسين, قال: كان قتادة يقرأ: وجَاءَ المُعَذّرُونَ مِنَ الأعْرَابِ قال: اعتذروا بالكتب.
13344ـ حدثني الحرث, قال: حدثنا عبد العزيز, قال: حدثنا يحيى بن زكريا, عن ابن جريج, عن مجاهد: وجَاءَ المُعَذّرُونَ مِنَ الأعْرَابِ قال نفر من بني غفار جاءوا فاعتذروا, فلم يعذرهم الله.
فقد أخبر من ذكرنا من هؤلاء أن هؤلاء القوم إنما كانوا أهل اعتذار بالباطل لا بالحقّ. فغير جائز أن يوصفوا بالإعذار إلا أن يوصفوا بأنهم أعذروا في الاعتذار بالباطل. فأما بالحقّ على ما قاله من حكينا قوله من هؤلاء, فغير جائز أن يوصفوا به. وقد كان بعضهم يقول: إنما جاءوا معذرين غير جادّين, يعرضون ما لا يريدون فعله. فمن وجهه إلى هذا التأويل فلا كلفة في ذلك, غير أني لا أعلم أحدا من أهل العلم بتأويل القرآن وجّه تأويله إلى ذلك, فأستحبّ القول به.
وبعد, فإن الذي عليه من القراءة قرّاء الأمصار التشديد في الذال, أعني من قوله: المُعَذّرُونَ ففي ذلك دليل على صحة تأويل من تأوّله بمعنى الاعتذار لأن القوم الذين وصفوا بذلك لم يكلفوا أمرا عذروا فيه, وإنما كانوا فرقتين إما مجتهد طائع وإما منافق فاسق لأمر الله مخالف, فليس في الفريقين موصوف بالتعذير في الشخوص مع رسول الله صلى الله عليه وسلم, وإنما هو معذر مبالغ, أو معتذر. فإذا كان ذلك كذلك, وكانت الحجة من القرّاء مجمعة على تشديد الذال من «المذرين», علم أن معناه ما وصفناه من التأويل. وقد ذكر عن مجاهد في ذلك موافقة ابن عباس.
13345ـ حدثني المثنى, قال: أخبرنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الله بن الزبير, عن ابن عيينة, عن حميد, قال: قرأ مجاهد: «وَجاءَ المُعْذِرُونَ» مخففة, وقال: هم أهل العلم العذر.
13346ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق, قال: كان المعذرون.
الآية : 91، 92
القول في تأويل قوله تعالى:
{لّيْسَ عَلَى الضّعَفَآءِ وَلاَ عَلَىَ الْمَرْضَىَ وَلاَ عَلَى الّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ للّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رّحِيمٌ }.
يقول تعالى ذكره: ليس على أهل الزمانة وأهل العجز عن السفر والغزو, ولا على المرضى, ولا على من لا يجد نفقة يتبلغ بها إلى مغزاه حرج, وهو الإثم يقول: ليس عليهم إثم إذا نصحوا الله ولرسوله في مغيبهم عن الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. ما عَلى المُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ يقول: ليس على من أحسن فنصح الله ورسوله في تخلفه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جهاد معه لعذر يعذر به طريق يتطرّق عليه فيعاقب من قبله. وَاللّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ يقول: والله ساتر على ذنوب المحسنين, يتغمدها بعوفه لهم عنها, رحيم بهم أن يعاقبهم عليها.
وذُكر أن هذه الآية نزلت في عائذ بن عمرو المزني. وقال بعضهم: في عبد الله بن مغفل. ذكر من قال نزلت في عائذ بن عمرو:
13347ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: لَيْسَ على الضّعَفَاءِ ولاَ على المَرْضى وَلا على الّذِينَ لاَ يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إذَا نَصَحُوا لِلّهِ ورَسُولِهِ نزلت في عائذ بن عمرو.
ذكر من قال نزلت في ابن مغفل:
13348ـ حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: لَيْسَ على الضّعَفاءِ وَلا على المَرْضَى... إلى قوله: حَزَنا أنْ لا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الناس أن ينبعثوا غازين معه, فجاءته عصابة من أصحابه فيهم عبد الله بن مغفل المزني, فقالوا: يا رسول الله احملنا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَاللّهُ ما أجِدُ ما أحْمِلكُمْ عَلَيْهِ» فتولوا ولهم بكاء, وعزّ عليهم أن يجلسوا عن الجهاد ولا يجدون نفقة ولا مَحملاً. فلما رأى الله حرصهم على محبته ومحبة رسوله, أنزل عذرهم في كتابه, فقال: لَيْسَ على الضّعَفاءِ وَلا على المَرْض ولا على الذين لا يجدون ما ينقفون حرج.
القول تعالى ذكره ولا سبيل أيضا على النفر الذين إذا ما جاءوك لتحملهم يسألونك الحُمْلان ليبلغوا إلى مغزاهم لجهاد أعداء الله معك يا محمد, قلت لهم: لا أجد حمولة أحملكم عليها تَوَلّوْا يقول: أدبروا عنك, وأعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدّمْعِ حَزَنا وهم يبكون من حزن على أنهم لا يجدون ما ينفقون ويتحملون به للجهاد في سبيل الله.
وذكر بعضهم أن هذه الآية نزلت في نفر من مُزينة. ذكر من قال ذلك:
13349ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: وَلا على الّذِينَ إذَا ما أتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أجدُ ما أحْمِلكُمْ عَلَيْهِ قال: هم من مُزَينة.
حدثني المثنى, قال: أخبرنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الله, عن ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: وَلا على الّذِينَ إذَا ما أتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قال: هم بنو مقرّن من مزينة.
حدثني المثنى, قال: حدثنا سويد, قال: أخبرنا ابن المبارك, عن ابن جريج, قراءة عن مجاهد في قوله: وَلا على الّذِينَ إذَا ما أتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ... إلى قوله: حزَنَا أن لا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ قال: هم بنو مقرن من مزينة.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن نمير, عن ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: وَلا على الّذِينَ إذَا ما أتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قال: هم بنو مُقَرّن من مزينة.
13350ـ قال: حدثنا أبي, عن أبي جعفر, عن الربيع بن أنس, عن أبي العالية, عن عروة, عن ابن مغفل المزني, وكان أحد النفر الذين أنزلت فيهم: وَلا على الّذِينَ إذَا أتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ... الآية.
13351ـ حدثني المثنى, قال: أخبرنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الله بن الزبير, عن ابن عيينة, عن ابن جريج عن مجاهد, في قوله: تَوَلّوْا وأعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدّمْعِ حَزَنا قال: منهم ابن مُقَرّن. وقال سفيان: قال الناس: منهم عِرْباض بن سارية.
وقال آخرون: بل نزلت في عِرْباض بن سارية. ذكر من قال ذلك:
13352ـ حدثنا محمد بن المثنى, قال: حدثنا أبو عاصم, عن ثور بن يزيد, عن خالد بن مَعْدان, عن عبد الرحمن بن عمرو والسّلَمِي, وحُجْر بن حُجْر الكَلاعي, قالا: دخلنا على عِرْباض بن سارية, وهو الذي أنزل فيه: وَلا على الّذِينَ إذَا أتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ... الآية.
حدثني المثنى, قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن, قال: حدثنا الوليد, قال: حدثنا ثور, عن خالد, عن عبد الرحمن بن عمرو, وحجر بن حجر بنحوه.
وقال آخرون: بل نزلت في نفر سبعة من قبائل شتى. ذكر من قال ذلك:
13353ـ حدثني الحرث, قال: حدثنا عبد العزيز, قال: حدثنا أبو معشر, عن محمد بن كعب وغيره, قال جاء ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحملونه, فقال: «لا أجِدُ ما أحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ» فأنزل الله: وَلا على الّذِينَ إذَا ما أتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ... الآية, قال: هم سبعة نفر من بني عمرو بن عوف سالم بن عمير, ومن بنى واقف: حِرْميّ بن عمرو, ومن بني مازن بن النجار: عبد الرحمن بن كعب, يكنى أبا ليلى, ومن بني المُعلّى: سَلْمان بن صخر, ومن بني حارثة: عبد الرحمن بن يزيد أبو عبلة, وهو الذي تصدّق بعرضه فقبله الله منه, ومن بني سَلِمة: عمرو بن غنمة, وعبد الله بن عمرو المزني.
13354ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق, قوله: وَلا على الّذِينَ إذَا ما أتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ إلى قوله: حَزَنا وهم البكاءون كانوا سبعة, والله أعلم.
الآية : 93
القول في تأويل قوله تعالى: {إِنّمَا السّبِيلُ عَلَى الّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَآءُ رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللّهُ عَلَىَ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }.
يقول تعالى ذكره: ما السبيل بالعقوبة على أهل العُذر يا محمد, ولكنها على الذين يستأذنوك في التخلف خلافك وترك الجهاد معك وهم أهل غنى وقوّة وطاقة للجهاد والغزو, نفاقا وشكّا في وعد الله ووعيده. رَضُوا بأنْ يَكُونُوا مَعَ الخَوَالِفِ يقول: رضوا بأن يجلسوا بعدك مع النساء وهنّ الخوالف خلفَ الرجال في البيوت, ويتركوا الغزو معك. وَطَبَعَ اللّهُ على قُلُوبِهمْ يقول: وختم الله على قلوبهم بما كسبوا من الذنوب. فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ سوء عاقبتهم بتخلفهم عنك وتركهم الجهاد معك وما عليهم من قبيح الثناء في الدنيا وعظيم البلاء في الاَخرة