تفسير الطبري تفسير الصفحة 200 من المصحف

 تفسير الطبري - صفحة القرآن رقم 200
201
199
 الآية : 80
القول في تأويل قوله تعالى: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ادع الله لهؤلاء المنافقين الذين وصف صفاتهم في هذه الاَيات بالمغفرة, أو لا تدع لهم بها. وهذا كلام خرج مخرج الأمر, وتأويله الخبر, ومعناه: إن استغفرت لهم يا محمد أو لم تستغفر لهم, فلن يغفر الله لهم. وقوله: إنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ يقول: إن تسأل لهم أن تستر عليهم ذنوبهم بالعفو منه لهم عنها وترك فضيحتهم بها, فلن يستر الله عليهم, ولن يعفو لهم عنها ولكنه يفضحهم بها على رءوس الأشهاد يوم القيامة. ذلكَ بأنّهُمْ كَفَرُوا باللّهِ وَرَسُولِهِ يقول جلّ ثناؤه. هذا الفعل من الله بهم, وهو ترك عفوه لهم عن ذنوبهم, من أجل أنهم جحدوا توحيد الله ورسالة رسوله. وَاللّهُ لا يَهْدِي القَوْمَ الفاسِقِينَ يقول: والله لا يوفق للإيمان به وبرسوله من آثر الكفر به والخروج عن طاعته على الإيمان به وبرسوله.
ويُروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه حين نزلت هذه الآية, قال: «لأَزِيدَنّ فِي الاِسْتِغْفار لَهُمْ على سَبْعِينَ مَرّةٍ» رجاء منه أن يغفر الله لهم, فنزلت سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ.
13306ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عبدة بن سليمان, عن هشام بن عروة, عن أبيه, أن عبد الله بن أبيّ ابن سلول, قال لأصحابه: لولا أنكم تنفقون على محمد وأصحابه لانفضوا من حوله. وهو القائل: لَئِنْ رَجَعْنا إلى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنّ الأعَزّ مِنْها الأذَلّ, فأنزل الله: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «لأَزِيدَنّ على السّبْعِينَ» فأنزل الله: سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ اسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ فأبى الله تبارك وتعالى أن يغفر لهم.
13307ـ حدثنا ابن حميد وابن وكيع, قالا: حدثنا جرير, عن مغيرة, عن شباك, عن الشعبي, قال: دعا عبد الله بن عبد الله بن أبيّ ابن سلولَ النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى جنازة أبيه, فقال له النبيّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أنْتَ؟» قال: حباب بن عبد الله بن أبيّ. فقال له النبيّ صلى الله عليه وسلم: «بَلْ أنْتَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أُبَيّ ابْنَ سَلُولَ, إنّ الحُبابَ هُوَ الشّيْطانُ». ثم قال النبيّ عليه الصلاة والسلام: «إنّهُ قَدْ قِيلَ لي اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ, إنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ, فأنا أسْتَغْفِرُ لَهُمْ سَبْعِينَ وَسَبْعِينَ وَسَبْعِينَ» وألبسه النبيّ صلى الله عليه وسلم قميصه وهو عَرِقٌ.
13308ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: إنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرّةً, فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «سأزِيدُ على سَبْعِينَ اسْتِغْفارَةً» فأنزل الله في السورة التي يذكر فيها المنافقون: لَنْ يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ عزما.
حدثني المثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.
قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الله, عن ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, بنحوه.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد, نحوه.
قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا هشيم, قال: أخبرنا مغيرة, عن الشعبيّ, قال: لما ثقل عبد الله بن أبيّ, انطلق ابنه إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم, فقال له: إن أبي قد احتضر, فأحبّ أن تشهده وتصلي عليه فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «ما اسْمُكَ؟» قال: الحباب بن عبد الله, قال: «بَلْ أنْتَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أُبيّ, إنّ الحبُابَ اسْمُ شَيْطانٍ». قال: فانطلق معه حتى شهده وألبسه قميصه وهو عَرِقٌ, وصلى عليه, فقيل له: أتصلي عليه وهو منافق؟ فقال: «إنّ اللّهَ قالَ إنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ وَلأسْتَغْفِرَنّ لَهُ سَبْعِينَ وسَبْعِين». قال هشيم: وأشكّ في الثالثة.
13309ـ حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ... إلى قوله: القَوْمَ الفاسِقِينَ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآية: «أسْمَعُ رَبّي قَدْ رَخّصَ لِي فِيهِمْ, فَوَاللّهِ لأَسْتَغْفِرَنّ أكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرّةً, فَلَعَلّ اللّهُ أنْ يَغْفِرَ لَهُمْ» فقال الله من شدّة غضبه عليهم: سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ اسْتَغْفِرْتَ لَهُمْ أمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ الله لَهُمْ إنّ اللّهَ لا يَهْدِي القَوْمَ الفاسِقِينَ.
13310ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرّةً فَلَنْ يَغْفِرَ الله لَهُمْ فقال نبيّ الله: «قَدْ خَيّرَنِي رَبّي فَلأَزِيدَنّهُمْ على سَبْعِينَ» فأنزل الله سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ اسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ... الآية,
حدثنا محمد بن عبد الأعلى, قال: حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة, قال: لما نزلت: إنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «لأَزِيدَنّ على سَبْعِينَ» فقال الله: سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ اسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ.
الآية : 81
القول في تأويل قوله تعالى: {فَرِحَ الْمُخَلّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ وَكَرِهُوَاْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرّ قُلْ نَارُ جَهَنّمَ أَشَدّ حَرّاً لّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ }.
يقول تعالى ذكره: فرح الذين خلفهم الله عن الغزو مع رسوله والمؤمنين به وجهاد أعدائه بمقعدهم خِلافَ رَسُولِ اللّهِ يقول: بجلوسهم في منازلهم خلاف رسول الله, يقول: على الخلاف لرسول الله في جلوسه ومقعده. وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم بالنفر إلى جهاد أعداء الله, فخالفوا أمره وجلسوا في منازلهم. وقوله: خِلاف مصدر من قول القائل: خالف فلان فلانا فهو يخالفه خلافا فلذلك جاء مصدره على تقدير فعال, كما يقال: قاتله فهو يقاتله قتالاً, ولو كان مصدرا من خلَفه, لكانت القراءة: «بمقعدهم خلف رسول الله», لأن مصدر خلفه خلفٌ, لا خِلاف, ولكنه على ما بينت من أنه مصدر خالف, فقرىء: خِلافَ رَسُولِ الله وهي القراءة التي عليها قراءة الأمصار, وهي الصواب عندنا. وقد تأوّل بعضهم ذلك, بمعنى: بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم, واستشهد على ذلك بقول الشاعر:
عَقَبَ الرّبِيعُ خِلافَهُمْ فَكأنمَابَسَطَ الشّوَاطِبُ بَيْنَهُنّ حَصِيرَا
وذلك قريب لمعنى ما قلنا, لأنهم قعدوا بعده على الخلاف له.
وقوله: وكَرِهُوا أنْ يُجاهِدُوا بأمُوَالِهِمْ وأنْفُسِهمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يقول تعالى ذكره: وكره هؤلاء المخلفون أن يغزوا الكفار بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله يعني: في دين الله الذي شرعه لعباده لينصروه, ميلاً إلى الدّعَة والخَفْض, وإيثارا للراحة على التعب والمشقة, وشُحّا بالمال أن ينفقوه في طاعة الله. وَقالُوا لا تَنْفِرُوا في الحَرّ وذلك أن النبيّ صلى الله عليه وسلم استنفرهم إلى هذه الغزوة, وهي غزوة تبوك في حرّ شديد, فقال المنافقون بعضهم لبعض: لا تنفروا في الحرّ فقال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل لهم يا محمد نار جهنم التي أعدّها الله لمن خالف أمره وعصى رسوله, أشدّ حرّا من هذا الحرّ الذي تتواصون بينكم أن لا تنفروا فيه. يقول: الذي هو أشدّ حرّا أحرى أن يحذر ويتقي من الذي هو أقلهما أذى. لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ يقول: لو كان هؤلاء المنافقون يفقهون عن الله وعظه ويتدبرون آي كتابه, ولكنهم لا يفقهون عن الله, فهم يحذرون من الحرّ أقله مكروها وأخفه أذى, ويوافقون أشدّه مكروها وأعظمه على من يصلاه بلاء.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
13311ـ حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: فَرِحَ المُخَلّفُونَ بِمَقْعَدِهمْ خلافَ رَسُولِ اللّهِ... إلى قوله: يَفْقَهُونَ, وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الناس أن ينبعثوا معه, وذلك في الصيف, فقال رجال: يا رسول الله, الحرّ شديد ولا نستطيع الخروج, فلا تنفر في الحرّ فقال الله: قلْ نارُ جَهَنّمَ أشَدّ حَرّاالحرث, قال: حدثنا عبد اقال: حدثنا أبو معشر, عن محمد بن كعب القرظي وغيره, قالوا: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في حرّ شديد إلى تبوك, فقال رجل من بني سلمة: لا تنفروا في الحرّ فأنزل الله: قُلْ نارُ جَهَنّمَ... الآية.
13312ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق, قال: ذكر قول بعضهم لبعض, حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجهاد, وأجمع السير إلى تبوك على شدّة الحرّ وجدب البلاد, يقول الله جلّ ثناؤه: وَقَالُوا لاَ تَنْفِرُوا فِي الحرّ قُلْ نارُ جَهَنّمَ أشَدّ حَرّا.
الآية : 82
القول في تأويل قوله تعالى: {فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيراً جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ }.
يقول تعالى ذكره: فرح هؤلاء المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله, فليضحكوا فرحين قليلاً في هذه الدنيا الفانية بمقعدهم خلاف رسول الله ولهوهم عن طاعة ربهم, فإنهم سيبكون طويلاً في جهنم مكان ضحكهم القليل في الدنيا جَزَاءً يقول: ثوابا منالهم على معصيتهم بتركهم النفر إذ استنفروا إلى عدوّهم وقعودهم في منازلهم خلاف رسول الله. بِمَا كانُوا يَكْسِبُونَ يقول: بِما كانوا يجترحون من الذنوب.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
13313ـ حدثني أبو السائب, قال: حدثنا أبو معاوية, عن إسماعيل, عن أبي رزين: فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيرا قال: يقول الله تبارك وتعالى: الدنيا قليل, فليضحكوا فيها ما شاءوا, فإذا صاروا إلى الاَخرة بكوا بكاءً لا ينقطع, فذلك الكثير.
13314ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن يمان, عن منصور, عن أبي رزين, عن الربيع بن خثيم: فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً قال: في الدنيا, وَلْيَبْكُوا كَثِيرا قال: في الاَخرة.
13315ـ حدثنا محمد بن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن ويحيى, قالا: حدثنا سفيان, عن إسماعيل بن سميع, عن أبي رزين, في قوله: فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيرا قال: في الاَخرة.
13316ـ حدثنا محمد بن المثنى, قال: حدثنا محمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن منصو, عن أبي رزين, أنه قال في هذه الآية: فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيرا قال: ليضحكوا في الدنيا قليلاً, وليبكوا في النار كثيرا, وقال في هذه الآية: وَإذا لا تُمَتّعُونَ إلاّ قَلِيلاً قال: أجلهم أحد هذين الحديثين رفعه إلى ربيع بن خثيم.
13317ـ حدثنا محمد بن عبد الأعلى, قال: حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن الحسن: فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً قال: ليضحكوا قليلاً في الدنيا, وَلْيَبْكُوا كَثِيرا في الاَخرة في نار جهنم, جَزَاءً بِمَا كانُوا يَكْسِبُونَ.
13318ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً: أي في الدنيا, وَلْيَبْكُوا كَثِيرا: أي في النار. ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم, قال: «وَالّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ تَعْلَمُونَ ما أعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرا» ذُكر لنا أنه نودي عند ذلك, أو قيل له: لا تُقْنِط عبادي
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبي, عن سفيان, عن منصور, عن أبي رزين, عن الربيع بن خثيم فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً قال: في الدنيا, وَلْيَبْكُوا كَثِيرا قال: في الاَخرة.
قال: حدثنا أبو معاوية, عن إسماعيل بن سميع, عن أبي رزين: فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً قال: في الدنيا فإذا صاروا إلى الاَخرة بكوا بكاءً لا ينقطع, فذلك الكثير.
13319ـ حدثنا عليّ بن داود, قال: حدثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيرا قال: هم المنافقون والكفار الذين اتخذوا دينهم هزوا ولَعبا يقول الله تبارك وتعالى: فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً في الدنيا, وَلْيَبْكُوا كَثِيرا في النار.
13320ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: فَلْيَضْحَكُوا في الدنيا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا يوم القيامة كَثِيرا. وقال: إنّ الّذِينَ أجْرَمُوا كانُوا مِنَ الّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ حتى بلغ: هَلْ ثُوّبَ الكُفّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ.
الآية : 83
القول في تأويل قوله تعالى: {فَإِن رّجَعَكَ اللّهُ إِلَىَ طَآئِفَةٍ مّنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَداً وَلَن تُقَاتِلُواْ مَعِيَ عَدُوّاً إِنّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوّلَ مَرّةٍ فَاقْعُدُواْ مَعَ الْخَالِفِينَ }.
يقول جلّ ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فإن ردّك الله يا محمد إلى طائفة من هؤلاء المنافقين من غزوتك هذه, فاستأذنوك للخروج معك في أخرى غيرها, فقل لهم: لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أبَدا وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعيَ عَدُوّا إنّكُمْ رَضِيُتمْ بالقُعُودِ أوّلَ مَرّةٍ وذلك عند خروج النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى تبوك فاقْعُدُوا مَعَ الخالِفِينَ يقول: فاقعدوا مع الذين قعدوا من المنافقين خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم, لأنكم منهم, فاقتدوا بهديهم واعملوا مثل الذي عملوا من معصية الله, فإن الله قد سخط عليكم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
13321ـ حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قال: قال رجل: يا رسول الله, الحرّ شديد ولا نستطيع الخروج, فلا تنفر في الحرّ وذلك في غزوة تبوك, فقال الله: قُلْ نارُ جَهَنّمَ أشَدّ حَرّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ فأمره الله بالخروج, فتخلف عنه رجال, فأدركتهم نفوسهم, فقالوا: والله ما صنعنا شيئا فانطلق منهم ثلاثة, فلحقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما أتوه تابوا ثم رجعوا إلى المدينة, فأنزل الله: فَإنْ رَجَعَكَ اللّهُ إلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ... إلى قوله: وَلا تَقُمْ على قَبْرِهِ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هَلَكَ الّذِينَ تَخَلّفُوا» فأنْزَلَ اللّهُ عُذْرَهُمْ لَما تابُوا, فقال: لَقَدْ تابَ اللّهُ على النّبِيّ والمُهاجِرِينَ والأنْصَارِ... إلى قوله: إنّ اللّهَ هُوَ التّوّابُ الرّحِيمُ. وقال: إنّه بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ.
13322ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: فإنْ رَجَعَكَ اللّهُ إلى طائِفَةٍ منْهُمْ... إلى قوله: فاقْعُدُوا مَعَ الخالفينَ: أي مع النساء. ذُكر لنا أنهم كانوا اثني عشر رجلاً من المنافقين, فقيل فيهم ما قيل.
13323ـ حدثني المثنى, قال: حدثنا عبد الله بن صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس: فاقْعُدُوا مَعَ الخالِفِينَ والخالفون: الرجال.
قال أبو جعفر: والصواب من التأويل في قوله الخالِفِينَ ما قال ابن عباس. فأما ما قال قتادة من أن ذلك النساء, فقول لا معنى له لأن العرب لا تجمع النساء إذا لم يكن معهنّ رجال بالياء والنون, ولا بالواو والنون. ولو كان معنيا بذلك النساء, لقيل: «فاقعدوا مع الخوالف», أو «مع الخالفات», ولكن معناه ما قلنا من أنه أريد به: فاقعدوا مع مرضى الرجال وأهل زمانتهم والضعفاء منهم والنساء. وإذا اجتمع الرجال والنساء في الخبر, فإن العرب تغلّب الذكور على الإناث, ولذلك قيل: فاقْعُدُوا مَعَ الخالِفِينَ والمعنى ما ذكرنا. ولو وجّه معنى ذلك إلى: فاقعدوا مع أهل الفساد, من قولهم: خلف الرجال عن أهله يخلف خلوفا, إذا فسد, ومن قولهم: هو خلف سوء كان مذهبا. وأصله إذا أريد به هذا المعنى من قولهم خَلَف اللبن يخَلُف خلوفا إذا خَبُث من طول وضعه في السقاء حتى يفسد, ومن قولهم: خَلَف فَمُ الصائم: إذا تغيرت ريحه.
الآية : 84
القول في تأويل قوله تعالى: {وَلاَ تُصَلّ عَلَىَ أَحَدٍ مّنْهُم مّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ }.
يقول جلّ ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ولا تصلّ يا محمد على أحد مات من هؤلاء المنافقين الذين تخلفوا عن الخروج معك أبدا. وَلا تَقُمْ على قَبْرِهِ يقول: ولا تتولّ دفنه وتقبره من قول القائل: قام فلان بأمر فلان: إذا كفاه أمره. إنّهُمْ كَفَرُوا باللّهِ يقول إنهم جحدوا توحيد الله ورسالة رسوله, وماتوا وهم خارجون من الإسلام مفارقون أمر الله ونهيه. وقد ذكر أن هذه الآية نزلت حين صلى النبيّ صلى الله عليه وسلم على عبد الله بن أبيّ. ذكر من قال ذلك:
13324ـ حدثنا محمد بن المثنى وسفيان بن وكيع, وسوّار بن عبد الله, قالوا: حدثنا يحيى بن سعيد, عن عبيد الله قال: أخبرني نافع, عن ابن عمر, قال: جاء ابن عبد الله بن أبيّ ابن سلولَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مات أبوه, فقال: أعطني قميصك حتى أكفنه فيه, وصلّ عليه واستغفر له فأعطاه قميصه, وقال: «إذَا فَرَغْتُمْ فَآذِنُونِي» فلما أراد أن يصلي عليه, جذبه عمر وقال: أليس قد نهاك الله أن تصلي على المنافقين؟ فقال: «بَلْ خَيّرَنِي وقالَ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أوْ لا تَسْتَغْفرْ لَهُمْ» قال: فصلي عليه. قال: فأنزل الله تبارك وتعالى: وَلا تُصَلّ على أحَدٍ منْهُمْ ماتَ أبَدا وَلا تَقُمْ على قَبْرِهِ قال: فترك الصلاة عليهم.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبو أسامة, عن عبيد الله, عن ابن عمر, قال: لما توفي عبد الله بن أبيّ ابن سلول, جاء ابنه عبد الله إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم, فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه فأعطاه. ثم سأله أن يصلي عليه. فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه, فأخذ بثوب النبيّ صلى الله عليه وسلم, فقال ابنَ سلول أتصلي عليه وقد نهاك الله أن تصلي عليه؟ فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «إنّمَا خَيّرَنِي رَبّي, فقالَ: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ وسأزِيدُ على سَبْعِينَ». فقال: إنه منافق فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم, فأنزل الله: وَلا تُصَلّ على أحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أبَدا وَلا تَقُمْ على قَبْرِهِ.
13325ـ حدثنا سوار بن عبد الله العنبريّ, قال: حدثنا يحيى بن سعيد, عن مجالد, قال: ثني عامر, عن جابر بن عبد الله, أن رأس المنافقين مات بالمدينة, فأوصى أن يصلّى عليه النبيّ صلى الله عليه وسلم وأن يكفن في قميصه. فكفنه في قميصه, وصلى عليه, وقام على قبره, فأنزل الله تبارك وتعالى: وَلا تُصَلّ على أحَدٍ منْهُمْ ماتَ أبَدا وَلا تَقُمْ على قَبْرِهِ.
13326ـ حدثني أحمد بن إسحاق, قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا سلمة, عن يزيد الرّقاشيّ, عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يصلي علي عبد الله بن أبيّ ابن سلول, فأخذ جبريل عليه السلام بثوبه فقال: وَلا تُصَلّ على أحَدٍ منْهُمْ ماتَ أبَدا وَلا تَقُمْ على قَبْرِهِ.
13327ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن عيينة, عن عمرو, عن جابر, قال: جاء النبيّ صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبيّ وقد أدخل حفرته, فأخرجه, فوضعه على ركبتيه وألبسه قميصه وتفل عليه من ريقه, والله أعلم.
13328ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلمة, عن محمد بن إسحاق, عن الزهريّ, عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود, عن عبد الله بن عباس, قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: لما توفي عبد الله بن أبيّ ابن سلول, دُعي رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة عليه, فقام إليه فلما وقف عليه يريد الصلاة, تحوّلت حتى قمت في صدره, فقلت: يا رسول الله, أتصلي على عدوّ الله عبد الله بن أبيّ القائل يوم كذا كذا وكذا, أعدّد أيامه, ورسول الله عليه الصلاة والسلام يتبسمّ. حتى إذا أكثرت عليه, قال: «اخّرْ عَنّيِ يا عُمَرُ إنّي خُيّرْتُ فاخْتَرْتُ, وَقَدْ قِيلَ لي اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللّهُ لهم فلو أني أعلم أنين إن زدت على السبعين غفر له لزدت» قال ثم صلى عليه ومشى معه فقام على حتى نزلت هانان الاَيتان أحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أبَدا فما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده على منافق, ولا قام على قبره حتى قبضه الله.
13329ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلمة, عن محمد بن إسحاق, عن عاصم بن عمر بن قتادة, قال: لما مات عبد الله بن أبيّ, أتي ابنه عبد الله بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم, فسأله قميصه, فأعطاه, فكفّن فيه أباه.
حدثنا المثنى, قال: حدثنا أبو صالح, قال: ثني الليث, قال: ثني عقيل, عن ابن شهاب, قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة, عن عبد الله بن عباس, عن عمر بن الخطاب, قال: لما مات عبد الله بن أبيّ, فذكر مثل حديث ابن حميد, عن سلمة.
13330ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَلا تُصَلّ على أحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أبَدا, وَلا تَقُمْ على قَبْرِهِ... الآية, قال: بعث عبد الله بن أبيّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مريض ليأتيه, فنهاه عن ذلك عمر, فأتاه نبيّ الله صلى الله عليه وسلم فلما دخل عليه قال نبيّ الله صلى الله عليه وسلم: «أهْلَكَكَ حُبّ اليَهُودِ». قال: فقال: يا نبيّ الله إني لم أبعث إليك لتؤنبني, ولكن بعثت إليك لتستغفر لي وسأله قميصه أن يكفن فيه, فأعطاه إياه, فاستغفر له رسول الله صلى الله عليه وسلم فمات, فكفن في قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم, ونفث في جلده ودلاّه في قبره. فأنزل الله تبارك وتعالى: وَلا تُصَلّ على أحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أبَدا... الآية. قال: ذكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كلم في ذلك, فقال: «وَما يُغْنِي عَنْهُ قَمِيصِي مِنَ اللّهِ أوْ رَبّي وَصَلاتي عَلَيْهِ؟ وإنّي لاَءَرْجُو أنْ يُسْلِمَ بِهِ ألْفٌ مِنْ قَوْمِهِ».
13331ـ حدثنا محمد بن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, قال: أرسل عبد الله بن أبيّ ابن سلول وهو مريض إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فلما دخل عليه, قال له النبيّ صلى الله عليه وسلم: «أهْلَكَكَ حُبّ يَهُودَ». قال: يا رسول الله, إنما أرسلت إليك لتستغفر لي ولم أرسل إليك لتؤنبني. ثم سأله عبد الله أن يعطيه قميصه أن يكفن فيه, فأعطاه إياه وصلى عليه, وقام على قبره, فأنزل الله تعالى ذكره: وَلا تُصَلّ على أحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أبَدا, وَلا تَقُمْ على قَبْرِهِ.
الآية : 85
القول في تأويل قوله تعالى: {وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلاَدُهُمْ إِنّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُعَذّبَهُمْ بِهَا فِي الدّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ }.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ولا تعجبك يا محمد أموال هؤلاء المنافقين وأولادهم فتصلي على أحدهم إذا مات وتقوم على قبره من أجل كثرة ماله وولده, فإني إنما أعطيته ما أعطيته من ذلك لأعذّبه بها في الدنيا بالغموم والهموم, بما ألزمه فيها من المؤن والنفقات والزكوات وبما ينوبه فيها من الرزايا والمصيبات. وَتَزْهَقَ أنْفُسُهُمْ يقول: وليموت فتخرج نفسه من جسده, فيفارق ما أعطيته من المال والولد, فيكون ذَلك حسرة عليه عند موته ووبالاً عليه حينئذ ووبالاً عليه في الاَخرة بموته, جاحدا توحيد الله ونبوّة نبينه محمد صلى الله عليه وسلم.
13332ـ حدثني المثنى, قال: حدثنا سويد بن نصر, قال: أخبرنا ابن المبارك, عن سفيان, عن السديّ: وَتَزْهَقُ أنْفُسُهُمْ في الحياة الدنيا.
الآية : 86
القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ الطّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُنْ مّعَ الْقَاعِدِينَ }.
يقول تعالى ذكره: وإذا أنزل عليك يا محمد سورة من القرآن, بأن يقال لهؤلاء المنافقين: آمِنُوا باللّهِ يقول: صدّقوا بالله وَجاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ يقول: اغزوا المشركين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم, اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطّوْلِ مِنْهُمْ يقول: استأذنك ذوو الغنى والمال منهم في التخلف عنك والقعود في أهله وَقالُوا ذَرْنا يقول: وقالوا لك: دعنا نكن ممن يقعد في منزله مع ضعفاء الناس ومرضاهم ومن لا يقدر على الخروج معك في السفر.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
13333ـ حدثنا عليّ بن داود, قال: حدثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطّوْلِ قال: يعني أهل الغنى.
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: أُولُوا الطّوْلِ مِنْهُمْ يعني: الأغنياء.
13334ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق: وَإذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أنْ آمِنُوا باللّهِ وَجاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطّوْلِ مِنْهُمْ كان منهم عبد الله بن أبيّ والجد بن قيس, فنعى الله ذلك عليهم