تفسير الطبري تفسير الصفحة 227 من المصحف

 تفسير الطبري - صفحة القرآن رقم 227
228
226
 الآية : 46
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {قَالَ يَنُوحُ إِنّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِـي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنّيَ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ }.
يقول الله تعالـى ذكره: قال الله يا نوح إن الذي غرّقته فأهلكته الذي تذكر أنه من أهلك لـيس من أهلك.
واختلف أهل التأويـل فـي معنى قوله: لَـيْسَ مِنْ أهْلِكَ فقال بعضهم: معناه: لـيس من ولدك هو من غيرك. وقالوا: كان ذلك من حِنْث. ذكر من قال ذلك:
14125ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم, قال: حدثنا هشيـم, عن عوف, عن الـحسن, فـي قوله: إنّهُ لَـيْسَ مِنْ أهْلِكَ قال: لـم يكن ابنه.
14126ـ حدثنا أبو كريب وابن وكيع, قالا: حدثنا يحيى بن يـمان, عن شريك, عن جابر, عن أبـي جعفر: وَنادَى نُوحٌ ابْنَهُ قال: ابن امرأته.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن عُلَـية, عن أصحاب ابن أبـي عَروبة فـيهم الـحسن, قال: لا والله ما هو بـابنه.
قال: حدثنا أبـي, عن إسرائيـل, عن جابر, عن أبـي جعفر: وَنادَى نُوحٌ ابْنَهُ قال: هذه بلغة طيّ لـم يكن ابنه, كان ابن امرأته.
14127ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عمرو بن عون, قال: حدثنا هشيـم, عن عوف, ومنصور, عن الـحسن فـي قوله: إنّهُ لَـيْسَ مِنْ أهْلِكَ قال: لـم يكن ابنه. وكان يقرؤها: «إنّهُ عَمِلَ غيرَ صَالِـحٍ».
14128ـ حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قتادة قال: كنت عند الـحسن فقال: نادي نوح ابنه: لعمر الله ما هو ابنه قال: قلت يا أبـا سعيد يقول: وَنادَى نُوحٌ ابْنَهُ وتقول: لـيس بـابنه؟ قال: أفرأيت قوله: إنّهُ لَـيْسَ مِنْ أهْلِكَ؟ قال: قلت إنه لـيس من أهلك الذين وعدتك أن أنـجيهَم معك, ولا يختلف أهل الكتاب أنه ابنه. قال: إن أهل الكتاب يَكْذِبون.
14129ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قال: سمعت الـحسن يقرأ هذه الآية: «إنّهُ لَـيْسَ مِنْ أهْلِكَ إنّهُ عَمِلَ غَيْرَ صَالِـحٍ» فقال عند ذلك: والله ما كان ابنه ثم قرأ هذه الآية: فخانَتاهُما قال سعيد: فذكرت ذلك لقتال, قال: ما كان ينبغي له أن يحلف.
14130ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: فَلا تَسأَلْنِ ما لَـيْسَ لَكَ بِهِ عِلْـمٌ قال: تبـين لنوح أنه لـيس بـابنه.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: فَلا تَسأَلْنِ ما لَـيْسَ لَكَ بِهِ عِلْـمٌ قال: بـين الله لنوح أنه لـيس بـابنه.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الله, عن ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد مثله.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد, مثله.
قال ابن جريج فـي قوله: وَنادَى نُوحٌ ابْنَهُ قال: ناداه وهو يحسبه أنه ابنه وكان وُلِد علـى فراشه.
14131ـ حدثنـي الـحرث, قال: حدثنا عبد العزيز, قال: حدثنا إسرائيـل, عن ثور, عن أبـي جعفر: إنّهُ لَـيْسَ مِنْ أهْلِكَ قال: لو كان من أهله لنـجا.
14132ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا سفـيان, عن عمرو, وسمع عبـيد بن عمير يقول: نرى أن ما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم«الوَلَدُ للْفِرَاشِ», من أجل ابن نوح.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن عُلَـية, عن ابن عون, عن الـحسن, قال: لا والله ما هو بـابنه.
وقال آخرون: معنى ذلك: لَـيْسَ مِنْ أهْلِكَ الذين وعدتك أن أُنـجيهم. ذكر من قال ذلك:
14133ـ حدثنا أبو كريب وابن وكيع, قالا: حدثنا ابن يـمان, عن سفـيان, عن أبـي عامر, عن الضحاك, عن ابن عبـاس, فـي قوله: وَنادَى نُوحٌ ابْنَهُ قال: هو ابنه.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبو أسامة, عن سفـيان, قال: حدثنا أبو عامر, عن الضحاك, قال: قال ابن عبـاس: هو ابنه, ما بغت امرأة نبـيّ قطّ.
حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا الثوريّ, عن أبـي عامر الهمدانـيّ, عن الضحاك بن مزاحم, عن ابن عبـاس, قال: ما بغت امرأة نبـيّ قطّ, قال: وقوله: إنّهُ لَـيْسَ مِنْ أهْلِكَ الذين وعدتك أن أنـجيهَم معك.
14134ـ حدثنا الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قتادة وغيره, عن عكرمة, عن ابن عبـاس, قال: هو ابنه, غيرَ أنه خالفه فـي العمل والنـية. قال عكرمة فـي بعض الـحروف: إنه عمل عملاً غير صالـح, والـخيانة تكون علـى غير بـاب.
14135ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قال: كان عكرمة يقول: كان ابنه, ولكن كان مخالفـا له فـي النـية والعمل, فمن ثم قـيـل له: إنّهُ لَـيْسَ مِنْ أهْلِكَ.
14136ـ حدثنا الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا الثوري وابن عيـينة, عن موسى بن أبـي عائشة عن سلـيـمان بن قَتّة, قال: سمعت ابن عبـاس يُسأل وهو إلـى جنب الكعبة عن قول الله تعالـى: فخانَتاهُمَا قال: أَمَا إنه لـم يكن بـالزنا, ولكن كانت هذه تـخبر الناس أنه مـجنون, وكانت هذه تدلّ علـى الأضياف. ثم قرأ: إنّهُ عَمَلٌ غيرُ صَالِـحٍ.
قال ابن عيـينة: وأخبرنـي عمار الدّهْنِـيّ أنه سأل سعيد بن جبـير, عن ذلك فقال: كان ابن نوح, إن الله لا يكذب. قال: وَنادَى نُوحٌ ابْنَهُ قال: وقال بعض العلـماء: ما فجرت امرأة نبـيَ قط.
14137ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن عيـينة, عن عمار الدهنـي, عن سعيد بن جبـير, قال: قال الله وهو الصادق, وهو ابنه: وَنادَى نُوحٌ ابْنَهُ.
حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن يـمان, عن سعيد, عن موسى بن أبـي عائشة, عن عبد الله بن شداد عن ابن عبـاس, قال: ما بغت امرأة نبـيّ قطّ.
14138ـ حدثنا يعقوب بن إبراهيـم, قال: حدثنا هشيـم, قال: سألت أبـا بشر, عن قوله: إنّهُ لَـيْسَ مِنْ أهْلِكَ قال: لـيس من أهل دينك, ولـيس مـمن وعدتك أن أنـجيهَم. قال يعقوب: قال هشيـم: كان عامة ما كان يحدثنا أبو بشر عن سعيد بن جبـير.
14139ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا مـحمد بن عبـيد, عن يعقوب بن قـيس, قال: أتـى سعيدَ بن جبـير رجل فقال: يا أبـا عبد الله, الذي ذكر الله فـي كتابه ابن نوح أبنه هو؟ قال: نعم, والله إن نبـيّ الله أمره أن يركب معه فـي السفـينة فعصى, فقال: سآوِي إلـى جَبَلٍ يَعْصِمُنِـي مِنَ الـمَاءِ قالَ يا نُوحُ إنّهُ لَـيسَ مِنْ أهْلِكَ إنّهُ عَمَلٌ غيرُ صَالِـحٍ لـمعصية نبـيّ الله.
حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرنـي أبو صخر, عن أبـي معاوية البَجَلِـي, عن سعيد بن جبـير أنه جاء إلـيه رجل فسأله فقال: أرأيتك ابن نوح: أبنه؟ فسبح طويلاً ثم قال: لا إله إلا الله, يحدّث الله مـحمدا: وَنادَى نُوحٌ ابْنَهُ وتقول لـيس منه ولكن خالفه فـي العمل, فلـيس منه من لـم يؤمن.
14140ـ حدثنـي يعقوب وابن وكيع, قالا: حدثنا ابن عُلَـية, عن أبـي هارون الغَنَوي, عن عكرمة, فـي قوله: وَنادَى نُوحٌ ابْنَهُ قال: أشهد أنه ابنه, قال الله: وَنادَى نُوحٌ ابْنَهُ.
14141ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن إسرائيـل, عن جابر, عن مـجاهد وعكرمة قالا: هو ابنه.
14142ـ حدثنـي فَضَالة بن الفضل الكوفـي, قال: قال بَزِيع: سأل رجل الضحاك عن ابن نوح فقال: ألا تعجبون إلـى هذا الأحمق يسألنـي عن ابن نوح؟ وهو ابن نوح, كما قال الله: قال نوح لابنه.
14143ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا يحيى بن واضح, قال: حدثنا عبـيد, عن الضحاك أنه قرأ: وَنادَى نُوحٌ ابْنَهُ. وقوله: لَـيْسَ مِنْ أهْلِكَ قال: يقول: لـيس هو من أهلك. قال: يقول: لـيس هو من أهل ولايتك, ولا مـمن وعدتك أن أنـجيَ من أهلك. إنّهُ عَمَلٌ غيرُ صَالِـحٍ قال: يقول: كان عمله فـي شرك.
14144ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبو معاوية, عن جويبر, عن الضحاك, قال: هو والله ابنه لصلبه.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عمرو بن عون, قال: أخبرنا هشيـم, عن جويبر, عن الضحاك, فـي قوله: لَـيْسَ مِنْ أهْلِكَ قال: لـيس من أهل دينك, ولا مـمن وعدتك أن أنـجيه, وكان ابنه لصلبه.
14145ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عبد الله بن صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: قالَ يا نُوحُ إنّهُ لَـيْسَ مِنْ أهْلِكَ يقول: لـيس مـمن وعدناه النـجاة.
حُدثت عن الـحسينِ بن الفرج, قال: سمعت أبـا معاذ, قال: حدثنا عبـيد بن سلـيـمان, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: إنّهُ لَـيْسَ مِنْ أهْلِكَ يقول: لـيس من أهل ولايتك, ولا مـمن وعدتك أن أنـجيَ من أهلك. إنّهُ عَمَلٌ غيرُ صَالِـحٍ يقول: كان عمله فـي شرك.
14146ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا خالد بن حيان, عن جعفر بن بِرْقان, عن ميـمون, وثابت بن الـحجاج قالا: هو ابنه وُلد علـى فراشه.
وأولـى القولـين فـي ذلك بـالصواب قول من قال: تأويـل ذلك: إنه لـيس من أهلك الذين وعدتك أن أنـجَيهم, لأنه كان لدينك مخالفـا وبـي كافرا. وكان ابنه لأن الله تعالـى ذكره قد أخبر نبـيه مـحمدا صلى الله عليه وسلم أنه ابنه, فقال: وَنادَى نُوحٌ ابْنَهُ وغير جائز أن يخبر أنه ابنه فـيكون بخلاف ما أخبر. ولـيس فـي قوله: إنّهُ لَـيْسَ مِنْ أهْلِكَ دلالة علـى أنه لـيس بـابنه, إذ كان قوله: لَـيْسَ مِنْ أهْلِكَ مـحتـملاً من الـمعنى ما ذكرنا, ومـحتـملاً أنه لـيس من أهل دينك, ثم يحذف «الدين» فـيقال: إنه لـيس من أهلك, كما قـيـل: وَاسأَلِ القَرْيَةَ التـي كُنّا فِـيها.
وأما قوله: إنّهُ عَمَلٌ غيرُ صَالِـحٍ فإن القرّاء اختلفت فـي قراءته, فقرأته عامة قرّاء الأمصار: إنّهُ عَمَلٌ غيرُ صَالِـحٍ بتنوين عمل ورفع غير.
واختلف الذي قرءوا ذلك كذلك فـي تأويـله, فقال بعضهم: معناه: إن مسألتك إياي هذه عملٌ غيرُ صالـح. ذكر من قال ذلك:
14147ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا جرير, عن مغيرة, عن إبراهيـم: إنّهُ عَمَلٌ غيرُ صَالِـحٍ قال: إن مسألتك إياي هذه عمل غير صالـح.
14148ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: إنّهُ عَمَلٌ غيرُ صَالِـحٍ أي سوء فَلا تَسأَلْنِ ما لَـيْسَ لَكَ بِهِ عِلْـمٌ.
14149ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عبد الله, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: إنّهُ عَمَلٌ غيرُ صَالِـحٍ يقول: سؤالك عما لـيس لك به علـم.
14150ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن حمزة الزيات, عن الأعمش, عن مـجاهد, قوله: إنّهُ عَمَلٌ غيرُ صَالِـحٍ قال: سؤالك إياي عمل غير صالـح فَلا تَسأَلْنِ ما لَـيْسَ لَكَ بِهِ عِلْـمٌ.
وقال آخرون: بل معناه: إن الذي ذكرت أنه ابنك فسألتنـي أن أنـجيَه عمل غير صالـح, أي أنه لغير رِشْدة. وقالوا: الهاء فـي قوله: «إنّهُ» عائدة علـى الابن. ذكر من قال ذلك:
14151ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن نـمير, عن ابن أبـي عَرُوبة, عن قتادة, عن الـحسن أنه قرأ: عَمَلٌ غيرُ صَالِـحٍ قال: ما هو والله بـابنه.
ورُوي عن جماعة من السلف أنهم قرأوا ذلك: «إنّهُ عَمِلَ غيرَ صَالِـحٍ» علـى وجه الـخبر عن الفعل الـماضي, وغير منصوبة. ومـمن رُوي عنه أنه قرأ ذلك كذلك ابن عبـاس.
14152ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن عيـينة عن موسى بن أبـي عائشة عن سلـيـمان بن قَتّة, عن ابن عبـاس أنه قرأ: «عَمِلَ غَيْرَ صَالِـحٍ».
ووجهوا تأويـل ذلك إلـى ما.
14153ـ حدثنا به ابن وكيع, قال: حدثنا غُنْدر, عن ابن أبـي عَروبة عن قتادة, عن عكرمة, عن ابن عبـاس: إنّهُ عَمَلٌ غيرُ صَالِـحٍ قال: كان مخالفـا له فـي النـية والعمل.
ولا نعلـم هذه القراءة قرأ بها أحد من قراء الأمصار إلا بعض الـمتأخرين. واعتل فـي ذلك بخبر رُوِي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قرأ ذلك كذلك غير صحيح السند, وذلك حديث رُوي عن شَهْر بن حَوْشَب, فمرة يقول عن أمّ سلـمة, ومرّ يقول عن أسماء بنت يزيد, ولا نعلـم لبنت يزيد ولا نعلـم لشَهْرٍ سماعا يصحّ عن أمّ سلـمة.
والصواب من القراءة فـي ذلك عندنا ما علـيه قرّاء الأمصار, وذلك رفع «عمل» بـالتنوين, ورفع «غير», يعنـي: إن سؤالك إياي ما تسألنـيه فـي ابنك الـمخالف دينك الـموالـي أهل الشرك بـي من النـجاة من الهلاك, وقد مضت إجابتـي إياك فـي دعائك: لا تَذَرْ علـى الأرْضِ مِنَ الكافِرِينَ دَيّارا ما قد مضى من غير استثناء أحد منهم عملٌ غير صالـح, لأنه مسألة منك إلـيّ أن لا أفعل ما قد تقدم منـي القول بأنـي أفعله فـي إجابتـي مسألتك إياي فعله, فذلك هو العمل غير الصالـح. وقوله: فَلا تَسأَلْنِ ما لَـيْسَ لَكَ بِهِ عِلْـمٌ نهي من الله تعالـى ذَكّره نبـيه نوحا أن يسأله عن أسبـاب أفعاله التـي قد طوى علـمها عنه وعن غيره من البشر. يقول له تعالـى ذكره: إنـي يا نوح قد أخبرتك عن سؤالك سبب إهلاكي ابنك الذي أهكلته, فلا تسألن بعدها عما قد طَوَيت علـمه عنك من أسبـاب أفعالـي, ولـيس لك به علـم إنـي أعظك أن تكون من الـجاهلـين فـي مسألتك إياي عن ذلك.
وكان ابن زيد يقول فـي قوله: إنّـي أعِظُكَ أنْ تَكُونَ من الـجاهِلِـينَ ما:
14154ـ حدثنـي به يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: إنّـي أعِظُكَ أنْ تَكُونَ مِنَ الـجاهِلِـينَ أن تبلغ الـجهالة بك أن لا أَفِـيَ لك بوعد وعدتك حتـى تسألنـي ما لـيس لك به علـم وَإلاّ تَغْفِرْ لـي وَتَرْحَمِنـي أكُنْ مِنَ الـخاسِرِينَ.
واختلفت القرّاء فـي قراءة قوله: فَلا تَسألَنِ ما لَـيْسَ لَكَ بِهِ علْـمٌ فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار فَلا تَسألْنِ ما لَـيْسَ لَكَ بِه علْـمٌ بكسر النون وتـخفـيفها, ونَـحَوْا بكسرها إلـى الدلالة علـى الـياء التـي هي كناية اسم الله فَلا تَسألْنِ. وقرأ ذلك بعض الـمكيـين وبعض أهل الشام: «فَلا تَسألَنّ» بتشديد النون وفتـحها, بـمعنى: فلا تسألنّ يا نوح ما لـيس لك به علـم.
والصواب من القراءة فـي ذلك عندنا تـخفـيف النون وكسرها, لأن ذلك هو الفصيح من كلام العرب الـمستعمل بـينهم.
الآية : 47
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {قَالَ رَبّ إِنّيَ أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِيَ أَكُن مّنَ الْخَاسِرِينَ }.
يقول تعالـى ذكره مخبرا نبـيه مـحمدا صلى الله عليه وسلم عن إنابة نوح علـيه السلام بـالتوبة إلـيه من زلته فـي مسألته التـي سألها ربه فـي ابنه قَالَ رَبّ إنّـي أعُوذُ بِكَ أي أستـجير بك أن أتكلف مسألتك, ما لَـيسَ لِـي بهِ عِلْـم مـما قد استأثرت بعلـمه وطويت علـمه عن خـلقك, فـاغفر لـي زلتـي فـي مسألتـي إياك ما سألتك فـي ابنـي, وإن أنت لـم تغفرها لـي وترحمنـي فتنقذنـي من غضبك أكُنْ منَ الـخاسرينَ يقول: من الذين غَبنَوا أنفسهم حظوظها وهلكوا.
الآية : 48
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {قِيلَ يَنُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مّنّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَىَ أُمَمٍ مّمّن مّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتّعُهُمْ ثُمّ يَمَسّهُمْ مّنّا عَذَابٌ أَلِيمٌ }.
يقول تعالـى ذكره: يا نُوحُ اهْبطْ من الفلك إلـى الأرض بسَلامٍ منّا يقول: بأمن منا أنت ومن معك من إهلاكنا, وَبَرَكاتٍ عَلَـيْكَ يقول: وبركات علـيك, وَعلـى أُمَـمٍ مـمّنْ مَعَكَ يقول: وعلـى قرون تـجيء من ذرّية من معك من ولدك, فهؤلاء الـمؤمنون من ذرّية نوح الذين سبقت لهم من الله السعادة وبـارك علـيهم قبل أن يخـلقهم فـي بطون أمهاتهم وأصلاب آبـائهم. ثم أخبر تعالـى ذكره نوحا عما هو فـاعل بأهل الشّقاء من ذريته, فقال له: وَأُمَـمٌ يقول: وقرون وجماعة, سَنُـمَتّعُهُمْ فـي الـحياة فـي الدنـيا يقول: نرزقهم فـيها ما يتـمتعون به إلـى أن يبلغوا آجالهم. ثُمّ يَـمُسّهُمْ مِنّا عَذَابٌ ألِـيـمٌ يقول: ثم نذيقهم إذا وردوا علـينا عذابـا مؤلـما موجعا.
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
14155ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي عن موسى بن عبـيدة, عن مـحمد بن كعب القرظي: قِـيـلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنّا وَبَرَكاتٍ عَلَـيْكَ وَعلـى أُمَـمٍ مِـمّنْ مَعَكَ.... إلـى آخر الآية, قال: دخـل فـي ذلك السلام كل مؤمن ومؤمنة إلـى يوم القـيامة ودخـل فـي ذلك العذاب والـمتاع كل كافر وكافرة إلـى يوم القـيامة.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبو داود الـحَفَرِي, عن سفـيان, عن موسى بن عبـيدة, عن مـحمد بن كعب القرظي: قِـيـلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنّا وَبَرَكاتٍ عَلَـيْكَ وَعلـى أُمَـمٍ مِـمّنْ مَعَكَ قال: دخـل فـي السلام كل مؤمن ومؤمنة, وفـي الشرك كل كافر وكافرة.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا سويد, قال: أخبرنا ابن الـمبـارك قراءة عن ابن جريج: وَعَلـى أُمَـمٍ مِـمّنْ مَعَكَ يعنـي مـمن لـم يولد, قد قضي البركات لـمن سبق له فـي علـم الله وقضائه السعادة. وأُمَـمٌ سَنُـمَتّعُهمُ من سبق له فـي علـم الله وقضائه الشقاوة.
14156ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج بنـحوه, إلا أنه قال: وأُمَـمٌ سَنُـمَتّعُهُمْ متاعَ الـحياة الدنـيا, مـمن قد سبق له فـي علـم الله وقضائه الشقاوة. قال: ولـم يهلك الولدان يوم غرق نوح بذنب آبـائهم كالطير والسبـاع, ولكن جاء أجلهم مع الغرق.
14157ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد فـي قوله: اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنّا وَبَرَكاتٍ عَلَـيْكَ وَعلـى أُمَـمٍ مِـمّنْ مَعَكَ وأُمَـمٌ سَنُـمَتّعُهُمْ قال: هبطوا والله عنهم راض, هبطوا بسلام من الله, كانوا أهل رحمة من أهل ذلك الدهر. ثم أخرج منهم نسلاً بعد ذلك أمـما, منهم من رحم, ومنهم من عذّب. وقرأ: وَعلـى أُمَـمٍ مِـمّنْ مَعَكَ وأُمَـمٌ سَنُـمَتّعُهُمْ وذلك إنـما افترقت الأمـم من تلك العصابة التـي خرجت من ذلك الـماء وسلـمت.
14158ـ حُدثت عن الـحسين بن الفرج, قال: سمعت أبـا معاذ, قال: حدثنا عبـيد بن سلـيـمان, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنّا وَبَرَكاتٍ عَلَـيْكَ وَعلـى أُمَـمٍ مِـمّنْ مَعَكَ.... الآية, يقول: بركات علـيك وعلـى أمـمـم مـمن معك لـم يولدوا, أوجب الله لهم البركات لـما سبق لهم فـي علـم الله من السعادة. وَأُمَـمٌ سَنُـمَتّعُهُمْ يعنـي: متاع الـحياة الدنـيا. ثُمّ يَـمَسّهُمْ مِنّا عَذَابٌ ألـيـمٌ لـما سبق لهم فـي علـم الله من الشقاوة.
14159ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا الـحجاج بن الـمنهال, قال: حدثنا حماد, عن حميد, عن الـحسن: أنه كان إذا قرأ سورة هود, فأتـى علـى: يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنّا وَبَرَكاتٍ عَلَـيْكَ حتـى ختـم الآية, قال الـحسن: فأنـجى الله نوحا والذين آمنوا, وهلك الـمتـمتعون حتـى ذكر الأنبـياء, كل ذلك يقول: أنـجاه الله وهلك الـمتـمتعون.
14160ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: سَنُـمَتّعُهُمْ ثُمّ يَـمُسّهُمْ مِنّا عَذَابٌ ألِـيـمٌ قال: بعد الرحمة.
14161ـ حدثنا العبـاس بن الولـيد, قال: أخبرنـي أبـي, قال: أخبرنا عبد الله بن شَوْذَب, قال: سمعت داود بن أبـي هند يحدّث عن الـحسن أنه أتـى علـى هذه الآية: اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنّا وَبَرَكاتٍ عَلَـيْكَ وَعلـى أُمَـمٍ مِـمّنْ مَعَكَ وأُمَـمٌ سَنُـمَتّعُهُمْ ثُمّ يَـمَسّهُمْ مِنّا عَذَابٌ ألِـيـمٌ قال: فكان ذلك حين بعث الله عادا, فأرسل إلـيهم هودا, فصدّقه مصدقون وكذّبه مكذبون حتـى جاء أمر الله فلـما جاء أمر الله نَـجّى الله هودا والذين آمنوا معه, وأهلك الله الـمتـمتعين, ثم بعث الله ثمود, فبعث إلـيهم صالـحا, فصدّقه مصدّقون وكذّبه مكذبون, حتـى جاء أمر الله فلـما جاء أمر الله نَـجّى الله صالـحا والذين آمنوا معه وأهلك الله الـمتـمتعين, ثم استقرأ الأنبـياء نبـيّا نبـيّا علـى نـحوٍ من هذا.
الآية : 49
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {تِلْكَ مِنْ أَنْبَآءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَآ إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَآ أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـَذَا فَاصْبِرْ إِنّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتّقِينَ }.
يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: هذه القصة التـي أنبأتك بها من قصة نوح وخبره وخبر قومه منْ أنْبـاءِ الغَيْبِ يقول: هي من أخبـار الغيب التـي لـم تشهدها فتعلـمها, نُوحيها إلَـيْكَ يقول: نوحيها إلـيك نـحن فنعرفكها, ما كُنْتَ تَعْلَـمُها أنْتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا الوحي الذي نوحيه إلـيك, فـاصبر علـى القـيام بأمر الله وتبلـيغ رسالته وما تلقـىَ من مشركي قومك, كما صبر نوح. إنّ العاقِبَةَ للْـمُتّقِـينَ يقول: إن الـخير من عواقب الأمور لـمن اتقـى الله فأدّى فرائضه واجتنب معاصيه فهم الفـائزون بـما يؤملون من النعيـم فـي الاَخرة والظفر فـي الدنـيا بـالطّلِبة, كما كانت عاقبة نوح إذ صبر لأمر الله أن نـجاه من الهلكة مع من آمن به وأعطاه فـي الاَخرة ما أعطاه من الكرامة, وغرق الـمكذّبـين به فأهلكهم جميعهم.
وبنـحو الذي قلنا فـي تأويـل ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
14162ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: تِلْكَ مِنْ أنْبـاءِ الغَيْبِ نُوحِيها إلَـيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَـمُها أنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا القرآن, وما كان علـم مـحمد صلى الله عليه وسلم وقومه ما صنع نوح وقومه, لولا ما بـين الله فـي كتابه.
الآية : 50
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَإِلَىَ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَقَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُمْ مّنْ إِلَـَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاّ مُفْتَرُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: وأرسلنا إلـى قوم عاد أخاهم هودا, فقال لهم: يا قوم اعبدوا الله وحده لا شريك له دون ما تعبدون من دونه من الاَلهة والأوثان. ما لَكُمْ مِنْ إلهٍ غيرُهُ يقول: لـيس لكم معبود يستـحقّ العبـادة علـيكم غيره, فأخـلصوا له العبـادة وأفردوه بـالألوهة. إنْ أنْتُـمْ إلاّ مُفْتَرُونَ يقول: ما أنتـم فـي إشراككم معه الاَلهة والأوثان إلا أهل فرية مكذّبون, تـختلقون البـاطل, لأنه لا إله سواه.
الآية : 51
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {يَقَوْمِ لآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاّ عَلَى الّذِي فَطَرَنِيَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }.
يقول تعالـى ذكره مخبرا عن قـيـل هود لقومه: يا قوم لا أسألكم علـى ما أدعوكم إلـيه من إخلاص العبـادة لله وخـلع الأوثان والبراءة منها جزاء وثوابـا. إنْ أجْرِيَ إلاّ علـى الّذِي فَطَرَنِـي يقول: إن ثوابـي وجزائي علـى نصيحتـي لكم, ودعائكم إلـى الله, إلا علـى الذي خـلقنـي. أفَلا تَعْقِلُونَ يقول: أفلا تعقلون أنـي لو كنت أبتغي بدعايتكم إلـى الله غير النصيحة لكم وطلب الـحظّ لكم فـي الدنـيا والاَخرة لالتـمست منكم علـى ذلك بعض أعراض الدنـيا وطلبت منكم الأجر والثواب؟
14163ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: إنْ أجْرِيَ إلاّ علـى الّذِي فَطَرَنِـي أي خـلقنـي.
الآية : 52
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَيَقَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبّكُمْ ثُمّ تُوبُوَاْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السّمَآءَ عَلَيْكُمْ مّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوّةً إِلَىَ قُوّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلّوْاْ مُجْرِمِينَ }.
يقول تعالـى ذكره مخبرا عن قـيـل هود لقومه: وَيا قَوْم اسْتَغْفِرُوا رَبّكُمْ يقول: آمنوا به حتـى يغفر لكم ذنوبكم. والاستغفـار: هو الإيـمان بـالله فـي هذا الـموضع, لأن هودا صلى الله عليه وسلم إنـما دعا قومه إلـى توحيد الله لـيغفر لهم ذنوبهم, كما قال نوح لقومه: اعْبُدُوا اللّهَ واتّقُوهُ وأطِيعُونِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبكُمْ وَيُوَخّرْكُمْ إلـى أجَلٍ مُسَمّى. وقوله: ثُمّ تُوبُوا إلَـيْهِ يقول: ثم توبوا إلـى الله من سالف ذنوبكم وعبـادتكم غيره بعد الإيـمان به. يُرْسلِ السّماءَ عَلَـيْكُمْ مِدْرَارا يقول: فإنكم إن آمنتـم بـالله وتبتـم من كفركم به, أرسل قَطْرَ السماء علـيكم يُدِرّ لكم الغيث فـي وقت حاجتكم إلـيه, وتـحيا بلادكم من الـجدب والقحط.
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
14164ـ حدثنـي علـيّ بن داود, قال: حدثنا عبد الله بن صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: مِدْرَارا يقول: يتبع بعضها بعضا.
14165ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد فـي قوله: يُرْسِلِ السّماءَ عَلَـيْكُمْ مِدْرَارا قال: يدرّ ذلك علـيهم قطرا ومطرا.
وأما قوله: وَيَزِدْكُمْ قُوّةً إلـى قُوّتِكُمْ فإن مـجاهدا كان يقول فـي ذلك ما:
14166ـ حدثنـي به مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قول الله: وَيَزِدْكُمْ قُوّةً إلـى قُوّتِكُمْ قال: شدة إلـى شدّتِكمْ.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد وإسحاق, قال: حدثنا عبد الله, عن ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين: قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, قال: قال مـجاهد, فذكر مثله.
14167ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد فـي قوله: وَيَزِدْكُمْ قُوّةً إلـى قُوّتِكُمْ قال: جعل لهم قوّة, فلو أنهم أطاعوه, زادهم قوّة إلـى قوّتهم. وذكر لنا أنه إنـما قـيـل لهم: وَيَزِدْكُمْ قُوّةً إلـى قُوّتِكُمْ قال: إنه قد كان انقطع النسل عنهم سنـين, فقال هود لهم: إن آمنتـم بـالله أحيا الله بلادكم ورزقكم الـمال والولد, لأن ذلك من القوّة.
وقوله: وَلا تَتَوَلّوْا مُـجْرِمِينَ يقول: ولا تدبروا عما أدعوكم إلـيه من توحيد الله, والبراءة من الأوثان والأصنام مـجرمين, يعنـي كافرين بـالله.
الآية : 53
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {قَالُواْ يَهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِيَ آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ }.
يقول تعالـى ذكره: قال قوم هود لهود: يا هود ما أتـيتنا ببـيان ولا برهان علـى ما تقول, فنسلـم لك, ونقرّ بأنك صادق فـيـما تدعونا إلـيه من توحيد الله والإقرار بنبوّتك. وَما نَـحْنَ بِتارِكِي آلِهَتِنا يقول: وما نـحن بتاركي آلهتنا يعنـي لقولك: أو من أجل قولك. وَما نَـحْنُ لَكَ بِـمُؤْمِنِـينَ يقول: قالوا: وما نـحن لك بـما تدّعي من النبوّة والرسالة من الله إلـينا بـمصدّقـين